السلام عليكم و رحمة الله و بركاته تحية ط القدس في الشعر العربيبقلم : ياسر علي لم تحظَ مدينة من المدن في التاريخ العربي بما حظيت به مدينة القدس من اهتمام سياسي واستراتيجي وتاريخي وأدبي. وذلك نظراً لمكانة المدينة المقدسة على الصعيد الديني (يتوجه إليها أكثر من ثلث سكان المعمورة) والحضاري والثقافي والتاريخي و..و.. ولا يعني الحديث عن القدس هنا اختزال الصراع مع العدو الصهيوني على مدينة، مهما بلغت قدسيتها، ولا اختصار مساحة هذا الصراع، بقدر ما هو تكثيف له في رمز من الرموز النادرة في التاريخ والثقافة والسياسة والحضارة.. رمز نعني به كل الحدود والوجود، وكل ما بين البحر والنهر والبحيرة ومن رأس الناقورة في شمالها إلى أقصى زاوية في جنوبها عند قرية أم الرشرش، بما تضم هذه الحدود من مساجد وكنائس ومقدسات.. كما أن الحديث هنا ليس عن القدس ومكانتها وتأثيرها في الشعر العربي، فهي لم تحدث فنوناً جديدة (كالموشح في الأندلس) ولا أغراضاً جديدة (كالمديح والهجاء والفخر والاعتذار والنسيب..)، ولكنها أحدثت تطويراً مهماً وبارزاً في أحد أغراض الشعر، وهو شعر الحنين (الذي أبدعه شعراء الأندلس) الذي أثرته إثراء واضحاً فطعّمته ودمجته بشعر الاستنهاض. ولكن الحديث هنا هو كيف تناول العرب موضوع القدس في قصائدهم، وماذا شكلت بالنسبة لهم هذه المدينة في أغراض الشعر وكيف تطور تناولها في الشعر مع تطور الأحداث. بالإضافة إلى الدلالات والإشارات والإرث الذي تكتنزه القدس مما يعني زخماً للمعاني والتخيل الفني، وما تحمله من مكانة وأهمية في قلب ووجدان القارئ، مما يفتح الطريق أمام الكاتب إلى قلوب القراء، فإن الملاحظ، لفظياً، أن استخدام كلمة ((القدس)) يسْهُل على الشعراء لأكثر من سبب. منها أن الكلمة تستخدم بصيغتي المذكر والمؤنث، كما أن الجرس اللفظي – لمن يعرف تفعيلات بحور الشعر الخليلية- من أسهل وأفضل ما يحصل عليه شاعر (حركة سكون حركة سكون – /5/5). هذا بالإشارة – في رأيي المتواضع- إلى أن الاستخدام المباشر والصريح يضعف ولا يقوي الشعر، فلا نحبذ استخدام اللفظ مباشرة، بل الرمز له بما يدفع القارئ لاستِكْناه المعاني الكامنة في ثنايا الرموز. ودراستنا التالية حول تناول القدس في الشعر العربي تنقسم إلى أربعة أقسام، يتحدث القسم الأول عن دوافع الشعراء في قصائدهم المقدسية، والثانية عن القدس وتناولها في التقسيم الزمني وتطورها مع الأحداث قبل النكبة والنكسة وبعدهما، والثالثة عن كيفية تناول الشعراء للقدس في أغراض الشعر العربي كالحنين والغزل والاعتذار والبكاء على الأطلال، والأبعاد التاريخية. وفي القسم الرابع نتناول الحديث حول أنْسَنة المدينة المقدسة في الشعر العربي. أولاً: في الدوافع 1- الدافع الديني يتنوع التناول الشعري لمدينة القدس بتنوع الدوافع، وتظهر هذه الدوافع في الأسلوب والنهج واللغة التي تعبر عن القدس وقضيتها. حجارة القدس نيران وسجيل وفتية القدس أطيار أبابيل وساحة المسجد الأقصى تموج بهم ومنطق القدس آيات وتنزيل 2- الدافع القومي والوطني إلا انهم تناولوها في بعض المناسبات والقصائد القليلة كما في قصيدة سميح القاسم (زنبقة لمزهرية فيروز) وتعرف أيضاً بعنوان (من أين يا صغيرة؟) وقصيدة محمود درويش (تحت الشبابيك العتيقة) يتحدث فيها عن زيارته لها بعد رحيل أهلها، وهي قصيدة مليئة بإيحاءات الوقوف على الأطلال. وظهر أثر الفكر العروبي حين قرنها بالحلم المنشود في قصيدته (شهر آذار من سنة الانتفاضة) حيث يقول: وهذا نشيدي وهذا صعود الفتى العربي إلى الحلم، القدس. 3- الدافع الحضاري يبرز هذا البعد في العلاقة بين مسيحيي الشرق ومسلميه المستوحاة من العهدة العمرية بعيداً عن أحقاد الفرنجة الطامعين.. ويربط الشاعر حسن علي شهاب فلسطين بالديانتين فيقول: أيقونةٌ لشهيد حزنك.. قبلةٌ لمسيح رفضك يا أيها المسكون بالوجع المقدس دون أرضك شجر القيامة عالق بخطاك يتبع خيل ر ك ضك ويتابع: القبة الصفراء تاجك والكنيسة مهد روحك ومدار أرضك وردة حمراء تينع في جروحك …. ويظهر الأمر واضحاً أيضاً في مطلع قصيدة لإيليا أبو ماضي، وهو مسيحي مشرقي يقول عن القدس: مهبط الوحي مطلع الأنبياء كيف أمسيت مهبط الأرزاء في عيون الأنام عنكِ نبوٌّ ولم يكن في العيون لو لم تُسائي وفي قصيدة أخرى له يدعو أبو ماضي نفسه وأمته إلى حمل هم التحرير ويستحثها للعمل له دون تمييز بين ديانات، ويخاطب فيها اليهود بقوله: فلا تحسبوها لكم موطنا فلم تك يوماً لكم موطناً وليس الذي نبتغيه محالاً وليس الذي رمتم ممكناً وإما أبيتم فأوصيكم بأن تحملوا معكم الأكفنا فإنّا سنجعل من أرضها ل ن ا وطناً ولكم مدفناً ثانياً: التقسيم الزمني في تقسيمنا التالي لم نذهب إلى ذلك العصر، بل قسمنا الزمن إلى ثلاثة أقسام: قبل النكبة، بين النكبة والنكسة، بعد النكسة.. وهذا القسم الأخير يضم الكثير من التحولات، نظراً لما شهدته هذه الفترة من تطورات عسكرية أو عمليات سلام أو انتفاضات شعبية. ولعل الانتفاضتين الأولى والثانية، تستحقان الكثير من التفصيل والدراسة؛ خاصة وأن الثانية تحمل اسم ((انتفاضة الأقصى)) الذي انطلقت حجارتها الأولى منه.. 1- الشعر قبل النكبة: من المؤكد أن مدينة القدس حظيت بأكثر شعر المدائن قاطبة. نظراً لما كانت عليه من قيمة تاريخية ومحورية في الحروب والصراعات في المنطقة.. ومكانتها في الديانات السماوية. ولكنها لم تنل هذا الحيز منذ حطين إلا بعد النكبة والنكسة.
ففي النصف الأول من القرن العشرين، كان الاهتمام الأكبر موجهاً إلى الأناشيد الوطنية العامة مثل قصيدة (موطني) للشاعر إبراهيم طوقان، أو الجهادية المنبثقة من عمق ثورة القسام والثورة الكبرى عام 1936، كقصيدة (دعا الوطن الذبيح إلى الجهاد) للشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود.. ولئن كان الشعراء كغيرهم يستشعرون المؤامرة، فإنهم لم يكونوا يستطيعون أن يتصوروا حجمها أو حجم الخداع والتخاذل فيها.. فكما أنه من غير الممكن أن يتصور أحد الآن قبول مسلم بسقوط مكة المكرمة بأيدي اليهود، فقد كانت استحالة التصور هذه تنطبق على بيت المقدس!.. لذلك ندرت القصائد التي تتناول القدس خاصة وأن المستوطنات اليهودية كانت تُنشأ في الغالب على السواحل بعيداً عنها لعدة أسباب لا مجال لذكرها الآن.. بل إن الكثيرين استنكروا قصيدة للشاعر عبد الرحيم محمود اعتُبرت فيما بعد من إبداع حدس الشعراء حيث ألقاها بين يدي الأمير سعود بن عبد العزيز في 14-8-1935، أي قبل النكبة بـ13 عاماً وقبل النكسة وسقوط القدس بـ32 عاماً. ويقول فيها: يا ذا الأمير أمام عينك شاعر ضُمّت على الشكوى المريرة أضلعُهْ المسجد الأقصى، أجئت تزوره؟ أم جئت من قبل الضياع تودعُهْ؟ 2- بين النكبة والنكسة: لقد كانت خيبة الأمل العربية كبيرة تجاه ما حدث في النكبة، وكان موقف الشعراء الشعبي هو عدم السكوت عما قام به الحكام من التخاذل الذي كان له الدور الكبير في النكبة خاصة في قضية الأسلحة الفاسدة.. ومن هذا الجو خرجت قصيدة عمر أبو ريشة الشهيرة (بعد النكبة) أو (نخوة المعتصم) أو (أمتي)، عام 1949، ونختار منها أبياتها الشهيرة التي تشير إلى ذلك التخاذل: أمتي هل لك بين الأمم منبر للسيف أو للقلم ألإسرئيل تعلو راية في حمى المهد وظل الحرم رب وامعتصماه انطلقت ملء أفواه البنات اليتّم لامست أسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم! لا يلام الذئب في عدوانه إن يك الراعي عدو الغنم كما أن هناك عدداً من الشعراء تناول موضوع القدس قبل سقوطها متخوفاً من التفريط بها، بل إن الشاعر زكي قنصل (وهو مسيحي مشرقي) تنبأ في سنة 1960 بأن هدف السلام (أي الهدنة التي كانت معقودة وقتئذ) الذي تسعى إليه قوى الهيمنة إنما هو للتفريط بالقدس فقال في قصيدة (خرافة السلام): هل لي إلى مهد السلام سبيل الليل داج والطريق طويل لهفي على القدس انطوت أعلامها وكبَتْ بأشبال النضال خيول إنّا شهدنا من رواية سلمكم فصلاً، فقزّز نفسَنا التمثيلُ القدس مسرحه، وأولاد الخنى أبطاله وعظاته التنكيل أما ضحاياه فشعب آمن أرضى الإله فغاله قابيل 3- بعد النكسة: بسقوط القدس أسيرة في يد العدو لم يكن المصاب هيناً، فأخذ الحزن من الناس كل مأخذ بعد كل تلك الآمال والشعارات (حَ نْحارب) التي غنت لها الشعوب العربية، فكان هول خيبة الأمل بقدر الأمل الذي بناه الإعلام في تلك الفترة. خيبة الأمل جعلت الشعراء (وهم من الناس) يقفون مشدوهين أمام هول المصيبة، فانبروا للبكاء مدة طويلة وأطلقوا عدداً لا يستهان به من الشعر البكائي وندب الحظ والهزيمة من نوع قصيدة نزار قباني: بكيت (التي سنعود إليها في مكان آخر من هذا المقال)، وقصيدة مصطفى الجزار التي يقول فيها: رباه فكَّ قيود القدس رباه فالقلب ينزف شوقاً في حناياه ما عاد نور الضحى في القدس فواحاً بين الورود وقد حلت بنا الآه يا قدس أبكي عليك اليوم وا أسفي على عزيز على قلبي تمناه أبكي عليك ودمعي سال كي يروي أرضَ القيود ونبْتُ الحزن لبّاه أبكي عليك بكاء الطفل إذ ماتت أمّ له فانبرت نيران شكواه وحين استفاق الناس والشعراء وبدأ التفكير في قضية سقوط القدس تفكيراً عقلانياً، بدأت الأسئلة من جديد عن الأسباب ، و تراجع الهيجان الأعمى لصالح التفكير العقلي. وأيضاً حين ترسخت القدس في الوجدان والقلب كرمز وقضية وفي الشعر كموضوع متجسد يبدع فيه الشعراء (كالمرأة والوطن وغيرهما)، عندها قام الشعراء بتصوير القدس في قصائدهم بعدة أشكال وطرق رمزية بعيدة نسبياً عن البكاء والندب.. فتعاملوا معها في كل أغراض الشعر، فمنهم من غازلها (الغزل والنسيب)، ومنهم من ود ّ عها (الفراق)، ومنهم من حن ّ إليها (الحنين والشوق)، ومنهم من وقف على أطلالها، ومنهم اعتذر منها (الاعتذار)، ومنهم من حلم باللقاء.. وهكذا أصبحت القدس كائناً حياً نابضاً يتم التعامل معه كإنسان، فتمت أنْسَنة المدينة (وهذا ما سنتناوله في ختام هذا المقال). ثالثاً: في أغراض وفنون الشعر ولا يخفى على إدراك القارئ أن أغراض الشعر هي: الفخر والمدح والهجاء والرثاء والاعتذار والحنين والوصف والحكمة والمثل.. وأن من عناصر الفنون الشعرية المعاني (في ابتكارها) والأخيلة (في سعتها) والألفاظ (في جزالتها) والأساليب (كحسن التخلص أو الوقوف على الأطلال) والأوزان والقوافي. غير أن بعض الملاحظات جديرة أن تر ِ د َ في هذا المقام ، ومنها أن كثيراً من هذه الأغراض والفنون والأساليب تتطور بمرور الزمن. فبعض الأغراض لا يعرف النقاد لها بداية، بل ظن ّ ها البعض أنها جاءت مع الشعر والبيئة وربما قبلهما. وإذا حاول الناقد إعادة هذه الأغراض إلى منابعها وأصولها مفترضاً أن الشعر بدأ مع الإنسان يستطيع أن يتوقع أن الفخر بدأ معه (نظراً لصلته بالذات)، وأن الوصف والحكمة نشآ من التأمل (لصلته بالبيئة والمحيط)، وأن الهجاء والرثاء مع بداية العلاقات الاجتماعية، وأن المدح مع بداية نشوء الأنظمة والطبقات القبلية. كل ما سبق كان توقُّعاً لنشوء هذه الفنون والأغراض، أما ما تم تحديد نشوئه فهو الاعتذار (على يد النابغة الذبياني) وشعر الحنين (على يد الأندلسيين)، وقد قيل الشعر في هذين الفن ّ يْن من قبل، ولكنهما لم يكونا غرضين وفنين مستقلين.. فأين القدس من هذه الأغراض؟ الحنين كالع ِ يس في البيداء يقتلها الظمى والماء فوق ظهورها محمول فالحنين هو شعر الغربة، وأول من بدأ به كان امرأ القيس: وقد طوفت في الآفاق حتى رضيت من السلامة بالإياب ولعل أشهر شعر الحنين كان شعر الصمة القشيري الأندلسي: بنفسي تلك الأرض ما أطيب الربى وما أحسن المصطاف والمتربعا! بكت عيني اليسرى فلما زجرتها عن الجهل، بعد الحلم، أسبلتا معا وأذكر أيــام الحمى ثم أنثني على كبدي من خشية أن تصدعا كانا خلقنــا للنوى وكأنـنا حرام على الأيام أن نتجمع! وإذا كان شعر الحنين لم يُعتمد كغرض شعري إلا في العصر الأندلسي، فإنه من الواضح أنه نام حتى جاء عصر شعراء المهجر، وانتفض بقوة من جديد بعد نكبة فلسطين. وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه إذا استُعيد تأريخ هذا الفن لا بد من ذكر القدس والنكبة فيه. وقد أججت القدس وفلسطين الحنين في نفوس الشعراء، فكان منها مناجاة القدس بعد سقوطها، والبكاء على فراقها كما في قصيدة (( بكيت )) لنزار قباني التي يربط فيها برباط القدس السماء بالأرض: بكيت حتى جفت الدموع صل ّ يت حتى ذابت الشموع ركعت حتى ملني الركوع سألت عن محمد فيك، وعن يسوع يا قدس يا مدينة تفوح أنبياء يا أقصر الدروب بين الأرض والسماء الاعتذار لا ي ُ لام الذئب ُ في عدوانه إن يك ُ الراعي عدو َّ الغنم وكما نلاحظ أن هذا الاعتذار لا يقصد منه الاعتذار بقدر ما يقصد منه هجاء الآخرين بسبب تقصيرهم تجاه من تستحق الاعتذار بعد التقدير والتبجيل ، تماماً كما في شعر أحمد مطر، الذي لا يلقي اللوم على الزعماء فقط، بل يدعو إلى الثورة عليهم في قصيدته ((عاش.. يسقط)): يا قدس معذرة ومثلي ليس يعتذر مالي يد فيما جرى، فالأمر ما أمروا وأنا ضعيف ليس لي أ ث ر.. وأنا بسيف الحرف أنتحر وأنا اللهيب.. وقادتي المطر فمتى سأستعر …. هزي إليك بجذع مؤتمر يسّاقطْ حولك الهذر: عاش اللهيب.. ويسقط المطر! رابعاً : أنسنة المدينة فالوقوف على الأطلال الذي يعتبر أسلوباً قديماً في الاستهلال ( كان يقال بمناسبة و ب غير مناسبة) ، تناوله معظم الشعراء في الحديث عن القدس، كالأغنية الشهيرة ((مرّيت بالشوارع))، وقصائد عديدة يضيق المجال عنها هنا، أشار إليها محمود درويش في قصيدته ((تحت الشبابيك العتيقة)) دلل فيها على تفريغ المدينة من أهلها: واقف تحت الشبابيك على الشارع واقفْ درجات السلم المهجور لا تعرف خطوي لا ولا الشباك عارفْ وعلى أنقاض إنسانيتي تعبر الشمس وأقدام العواصفْ الرابط يا قدس يا مدينة تفوح أنبياء يا أقصر الدروب بين الأرض والسماء ويقصد أن العمل لها والسعي لزيارتها يزيد ويوثق الروابط بين الإنسان وربه، لأنها طريق إلى مرضاته. ورأى بعض الشعراء فيها رابطاً تاريخياً ذات معان إسلامية حيث أن أهمية القدس تنبع من ليلة الإسراء، كما في: يا ليلة الإسراء يا درب من مروا إلى السماء قلوبنا إليك ترحل كل يوم وربط الشاعر أبو السعود إسلام بها تاريخ الصراع الإسلامي اليهودي منذ أوائله: تتراءى خيبر فوق سماء القدس من يفتح خيبر ثانية يرث الفردوس يا يوسف طال الصمت، انطق: والليل إذا يغشى.. الحب والقدس حين هوت مدينة القدس تراجع الحب وفي قلوب الدنيا استوطنت الحرب. وقد تناولها الشاعر خالد أبو العمرين في قصيدة مليئة بالأغراض والمقاصد والصور، نقتطف منها التعبير عن الغربة واليتم في بعده عنها: يا قدس يا حبي الكبير يا وجه أمي يا كتاباً من عبير كل الطيور تعود في ذيل النهار كل الوحوش تعود للأوكار إلا أنا يا قدس أخطأني القطار وتحدث الشاعر هارون هاشم رشيد مع القدس المرأة، بما هي سبيّة يبكي غيابها، فيقول: لعينيها.. مدينتي التي سُجِنت لمسجدها لأقصاها.. لحرمتها التي انتهكت لخطو محمد فيها لما حملت، وما حفظت وفوق جبينها المشجوج آي الله قد طُمِست وكثيرة هي قصائد الغزل المنظومة للقدس حتى أن القارئ لا يفرق بينها وبين الغزل العادي أحياناً، وذلك لفرط ما تَأَنْسنت هذه المدينة في وجدان الشعراء . ومن ألطف المعاني التي نُظمت قصيدة للشاعر عبد الناصر محمود النادي، الذي يلقي اللوم على جمالها الذي جعلها هدفاً للطامعين: لا القدس أنساها ولا تنساني أغصانها في القلب والأبدان ملأت فؤادي من مفاتنها التي ستظل طول العمر في الوجدان سحرت قلوب الطامعين فبدّلوا نوّار عينيها بشوك كيان والآن ماذا تقول القدس السليبة وكيف تستصرخ الأسيرة أهلها، ومن يصور مشاعر المرأة مثل المرأة، وهذا ما نظمته هالة صبحي إسماعيل في قصيدة (أنا القدس): أعيش على بقاياكم وتقتاتون من وجعي أداوي جرحكم بالملح أصرخ في ضمائركم ورغم الملح في جرحي ورغم المر في حلقي ورغم الآهة الكبرى صدى صوتي هو الباقي خاتمة ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟ —*— |
||
مقتطفات شعرية حديثة قصيدة للشاعر الكبير محمود درويش في القدس محمود درويش من ديوان لا تعتذر عمّا فعلت في القدس, أعني داخل السور القديم, ——-
أخي في القدس لا ترحل
بقلم شريفة السيد / ديوان ( الجرح العربي ) أخي في القدس لا ترحـل *** تَشَبَّثْ، أمسِـك الأرضَـا وكُنْ لـو قيَّـدوكَ مُـدًى *** تجـزُّ القيـدَ لا ترضَـى ونسرًا في سمـاء الحـق *** فـوق القهـر مُنقـضَّـا بـأسـنـانٍ مُـدَّبـبـةٍ *** تعـضُّ قلوبهـم عضَّـا وكُنْ فـي ظلمـة الأيـامِ *** ومضًـا عانـقَ الومضـا وخُضْ بحـرًا إذا زجُّـوك *** َفيـه واصـل الخـوضَـا وكُنْ سيلاً مـن النيـرانِ *** كمْ جـاء الـرَّدى فيضـا وبركـانًـا يُشتِّـتُـهُـمْ *** وينشُرُ فيهـم الفوضـى ترابُ الأرض صـاحَ الآنَ *** كيـف نبـدِّدُ العِـرضـا أخي في القدس لا ترحـلْ *** تشَّبثْ، أمسِـك الأرضـا ************* أخـي يـا ثـورةً أقـوى *** مـن الطوفـان والـنـارِ مـلأتَ قلوبهـم رُعـبـًا *** لأنَّـكَ فيـضُ إعـصـارِ جَسـورًا دون أسلـحـةٍ *** وعنـدكَ بعـضُ أحجـارِ وفي عينيـك شـيءٌ مـا *** يصيـحُ بكـلِّ إصــرارِ أنا للأرضِ، أرضـي لـي *** سيبـقـى فوقـهـا داري وطفلـي لسـتُ أبكـيـهِ *** سآخـذ منهمـو ثــاري ولوْ مِنْ حقدهـم قتلـوك َ *** غَــدرًا دون إنـــذار يناديـك الثـرَى أهــلاً *** وسهـلاً ابـنُ ثــوَّاري تشـبَّـثْ بـالـثـرى إنَّ *** الشهيـدَ نزيـلُ أبــرارِ فينطقُ كلُّ مَنْ في الأرضِ: *** حـرٌ وابــنُ أحــرارِ ************ أخـي يـا دمعـةً نزلـتْ *** علـى قلـبـي فهـزَّتـهُ ومرَّتْ في هـدوءِ النـور *** بالأقـصَـى فأبـكـتـهُ وللوطـن الكبيـر أتـتْ *** وبالأطـفـال أهـدتــهُ وراحـتْ عنـد بيـتِ اللهِ *** عـاجــزةً وحـيَّـتـهُ وعنـدَ رسولنـا وقفـتْ *** بحِـمْـلٍ ثــم ألقـتـهُ وعـادتْ تُشْهِـدُ الدنيـا *** علـى خُــزنٍ تبنَّـتـهُ **************** أخي لا تبتئـسْ واصمـدْ *** فأنـتَ ببسمـةٍ أَحــرَى جراحُكَ إذ غـدتْ كُبـرَى *** جراحي لمْ تكـن صُغـرَى وعينُ حَبيبِـكَ المذبـوحِ *** إنِّـي أحمـلُ البُـشـرَى سيمضِي القهـرُ خزيانًـا *** ولنْ يلقَـى لـه مَسْـرَى سيفنَـى قـوم إسرائيـل *** أنــت بضعفـهـم أدرَى أخي كَفكِفْ دموعَ اليـأْسِ *** عُـدْ للعُـشِّ مُنتـصـرا ومهمـا طـال بطشُهـمُ *** فلـنْ ألقـاكَ مُنكـسـرا إذا اغتيـل النهـارُ فَثِـقْ *** سيرجـع مـرَّةً أُخــرى يـؤذِّن فجـرَه الأقصَـى *** تحلِّـقُ حولَـه "العَـذرا" أخي في القدس لا ترحـلْ *** وصبرًا كيْ تـرَى صبـرا —————- من قصيدة للشاعر يوسف العظم-رحمه الله- ———
هذا خليل مطران(1871-1949)، في قصيدة "تحية للقدس الشريف" لا يجد إلا لغة التعميم في ذكره حبه لها:سلامٌ على القدس الشريف ومن به
على جامع الأضداد في إرث حبه
على البلد الطهر الذي تحت تربه قلوبٌ غدت حبّاتها بعض تربه ——-
أنت في القلب
مجيد البرغوثي
أنتِ في القلبِ فضميني كما
كنتِ في عهِـد الصِّبـا والوَنسِِ زادَني البُعـدُ حنينا .. مِثلما زادتِ الريـحُ لهيـبَ القبـسِِ جِئتُ مشياً قاصداً أرضَ الحمى ودِيـاراً .. تُفتـدَى بالأنفُـسِِ مـا رفعنـا شهدَانـا للسمـا كـي تظـلَّ الأرضُ للمختلـسِ ها هي الشمس تصب الحمَمَا والفضـا حولي قليـلُ النفَـسِ وأنا امشـي وأخفـي الألمَـا وأغنـِّي .. لِعيـونِ النَّرجِـسِِ لم أكـن أمشي وحيـداً إنمَـا واحـداً كنا .. كَصَفِّ الحَـرَسِ نهبِطُ الغـوْرَ ونرقى القِمَمَـا والمنايـا في المَـدى المُفترِسِِ وَحَّـدَ الشـوقُ أمانينا فمـَا أعظـمَ الشوقَ لبيتِ المَقـدِسِ! ——— أنــا والــــقـــدس للشّاعر : عمران الياسيني للـقـدسِ غنيـتُ أِشــــعـاري والـحــانــي وصنتُهــا عبـرَ أحـداقـــي ووجـدانـــي شــــــوقي يـــزيــدُ لها دوماً ويحرقُني فــأســـتـلذُّ بـأشـــــواقـي ونـيــرانـــي فـي البعدِ عنهــا همــومـي لا تفـارقُنـي ولا تـــزولُ مـــدى الأيـــامِ أحزانــــي وفــي التدانــي حياتـي كـلُهــا فـــَرَحٌ وياســــمــيـنٌ عـلـى فُــلٍّ وريـحـــــانِ حبيبتي هيَ في كلِ الظروفِ …. وكــم أحيا هواها أزاهيري ……. وأحيانـي بدونهــا مثـــلَ صحـــراءٍ أصيرُ أنــــا ولا تـــذوقُ لــذيــذَ النـــومِ أجفانــي ولا تـغـيــبُ ثـــوانٍ عـــن مخيّلَتـــي انىّ إتجهـتُ تظــلُ العمــرَ عنوانـــي معي تعيـشُ …. كنبضِ القلب أحملُها ومثــل دَمــيِّ الذي يسري بشــريـانـي كعاشــــــقينِ معاً نبقى … وتجمعُنا محبــةٌ حيــنَ ألقاهـــا… وتلـقـانـي وكـــلُ حــبٍ بهــذا الكــونِ أملكُــهُ إنْ لحظةً ضمَّ رأســي صدرُها الحاني دمعٌ على خدِ"أقصاها" ….. تُلملمُهُ كف" الكنيسةِ " ..أضناني وأبكاني! سألتُ عن ســـرّهِ …. فانداحَ ثانيةً كموجِ بؤسٍ … وآهاتٍ …. وحرمانِ فقلتُ: من ياترى يحنو … فيوقفُهُ من بين أهلي .. وأحبابي وإخواني؟ وهل هناكَ ضميرٌ ســـــوفَ يُنصفُنا أم الضمـائرُ لُفّـــتْ عبـــر أكفـــانِ؟ وهل بدنيا الورى ســــــيفٌ نُقدّرُهُ أم السيوفُ غدتْ أشلاءَ نســـــيانِ؟ فمن سيسمعُ صوتي.. من يرى صُوري وهل أنا بينَ طرشــــــانٍ وعميــانِ؟ ناديتُها بإسمها… جاءتْ مُلبيـــةً والوردُ في راحتيها الفُ بســـــتانِ وبــــسمةٌ من على فيهــا مُميّـــزةٌ كزهــرةِ اللوزِ فـي وجْناتِ نيسانِ! وعندمــا هــي نادتني ركضتُ لها والوجدُ يغلي بأعماقـــي كبركـــانِ فعانقني طويـــــــــــلاً وهي قائلةٌ ذقْ يــا حبيبـــي كطفل دفْ أحضانــــي أنتَ الوفيُّ … فلا ترحلْ كمن رحلوا ولا تُــسلِّمْ عصــــافيــري لغربـــانِ أنتَ الوفيُّ … فلا تبخل كمن بخلوا جُدْ بالنفيــسِ وكن من خير أعواني أنا هنا منذ بدءِ الخلقِ باقيــــــــــةٌ ما أهتزّ رمشـــــي لإعصارٍ وطوفانِ وما جبنتُ أمــامَ المعتدي أبــــــداً وما تأثرتُ من أغلالِ ســـــــجّاني وما تزحزح قلبي قيـد أُنــمــلَـــةٍ عن حقهِ….. أو تداعى مثل بنيـانِ أنا جذوري بهذي الأرضِ راســخةٌ وفي الســـــماء ســتبقى كلُ أغصاني لـــن أنحنــــي لمـلوكٍ أو جبابــرةٍ معــــي إلهٌ رحيـمٌ ما لــهُ ثــــانِ! للبيت ربٌّ وإنّ الله حافـظـــــــــهُ ولن يعمرفيه ظلمُ إنســـــــان!! أنا التي تحت أقدامي جحافلـُهـمْ ماتتْ… ولم أكترثْ يوماً بعـدوانِ ولستُ أطلبُ شهدَ النصرِ من أحـدٍ فكلهم – غيرَ ربي- رهنُ خذلانِ! كلُ السمومِ التي دُسـتْ بمائدتــي تكشفتْ … وتلاشتْ خطةُ الجاني كل السهامِ التي طارتْ الى كبـدي تكسرتْ فوق تصميمي وإيمانــي! قد خاب من ظنَ يوماً أنني حَمَلٌ وسوف تمضغني أنيابُ ذؤبـــــانِ أنا القويةُ… والتاريخُ يعرُفنــي وقوتي هبـةٌ مـن عـنـد رحمــنِ وسوف يرعى إلهُ الكون عافيتي كما رعى طيلةَ الازمانِ قرآني!!!! ****** جاشتْ عواطفُ قلبي من مقالتِها فأنكبَّ يلتُم كفيهـــا بــإمعـــانِ حتى الثرى تحتَ نعليها يُقبلُهُ بكل حبٍ .. وإخلاصٍ..وتحنانِ وراحَ يقذفُ من أحشائه حمماً بوجهِ كل أخٍ ! في ثوبِ خوّانِ! ويزدري أسداً يختالُ منتفخاً وأصلُهُ فأرةٌ من صُلْبِ فئــــــرانِ!! حبيبتي القــــــــــــــــــدسُ! ! أهواها وأعشـــــــــــــــــــقُ ها بقدر نار الجوى في قلبِ هيمانِ وإنني مدمنٌ حتى النخاعِ أنــا وكم يزيدُ بحبِ القدسِ إدماني معي تعيشُ كنبضِ القلبِ أحملُها ومثل دميِّ الذي يسري بشرياني فلن أقولَ أنا يوماً لها وطنـــــي بل سوف أهتفُ : إنّ القدسَ أَوطاني!!!!! ————- في القدس
تميم البرغوثي مررنا على دار الحبيب فردنا **** في القدس بائع خضرة من جورجيا *** وتلفَّت التاريخ لي متبسما *** يا كاتب التاريخ مهلاً *** في القدس أعمدة الرخام الداكناتُ كأن تعريق الرخام دخان *** في القدس مدرسة لمملوك أتى مما وراء النهر *** في القدس رائحة تركز بابلا والهند في دكان عطار بخان الزيت *** ———- قالوا تحب القدس الشاعر : عيسى عدوي مالـي أكفكـف دمعتـي فتـعـودُ *** وتضجُ في صدري الحزينِ رعـودُ يا أيها الكرسِـيُّ أنـت مصيبتـي *** عجباً إلى الأحتـاف كيـف تقـودُ قالوا تحبُ القدسَ قلتُ هي الهـوى *** منهـا ابتـدآ ولحضنهـا سيعـود قالوا أتحلـمُ بالربيـعِ مـع النـدى *** مـا للحيـاضِ إذا هُجِـرْن وُرود —————- القدسُ موعدنا ————— القدس في ذاكرتي المصدر: شعر /حسن يوسف كمال – البحرين القدس في ذاكرتي على بالي دوماً.. في خلدي.. أصحو.. تاريخكِ.. قدساهُ.. لن أقبلَ أيقونة وطنٍ وسأبقى أنشدُ موّالي: —————- اعبُرْ إلى الأَقصى.. على جَسدي شعر/ هــلال الفــارع هذا هوَ الشَّوْطُ الأَخيرُ وَيَنْتَهي الأَلََمُ المُصَفَّدُ في حَنايانا إلى الأَبَدِ وَسَيَنْطَفي فينا السُّؤالُ المُرُّ عَنْ إِطلالَةِ المَدَدِ لا تَنْتَظِرْ أَحَدًا…. فليسَ هُناكَ مِنْ أَحَدِ كُلُّ المَلايينِ التي تَرْنُو إِليكَ اليومَ لم تَبْرَأْ منَ الرَّمَدِ كُلُّ الملايينِ التي تُجْريكَ في أَحلامِها مَوثوقَةٌ، والحبْلُ مِنْ مَسَدِ نَشْوى بِسَكْرَتِها… فَما تَدري بِذِلَّتِها، ولا بِمَرارَةِ الزَّرَدِ لا تَنْتَظِرْ…. كُلُّ الملايينِ التي ضاقَتْ على أَصفارِها خَرَجَتْ….. ولم تَعُدِ!! *** هذا هوَ الزَّحْفُ الأَخيرُ، فلا تَقِفْ لا وَقْتَ لِلضُّمُدِ اِلْعَقْ جِراحَكَ، وامْضِ في دَرْبِ المَنايا ساخِرًا بِجِراحِكَ الجُدُدِ ما زِلْتَ وَحدَكَ تَمْتَطي قَدَمَيْنِ طُرِّزَتا بِرائِحَةِ التُّرابِ وَنَكْهَةِ الجَلَدِ ما زِلْتَ وَحدَكَ لا تَقِفْ، لم يَبْقَ إلاَّ وَثْبَةٌ، فاعبُرْ إلى الأَقصى على جَسَدي واسْرِجْ يَدَيْكَ، فَإِنَّهُ الحَجَرُ الأَخيرُ ونَنْتَهي: حِضْنَيْنِ مُشْتَعِلَيْنِ فَوْقَ بَيادِرِ البَلَدِ!! *** هذا هوَ الجُرحُ الأَخيرُ وَيَنْتَهي النَّزفُ المُبَرْمَجُ في عُروقِكَ كُلِّها مِنْ سالِفِ الأَمَدِ واكْتُبْ كما يحلو لكَ التَّاريخُ في عَصْرِ الحِجارَةِ لا تَسَلْ عَنْ أُمَّةِ البَدَدِ لا تَلْتَفِتْ … لنْ يُنْجِدوكَ، وَكَيْفَ تُرْجَى نَجْدَةٌ، مِنْ خائِبِ العُدَدِ؟! لا تَلْتَفِتْ… كانَتْ هُنالِكَ أُمَّةٌ فَقَدَتْ خُصُوبَتَها… وَلَمْ تَكَدِ حَتَّى غَدَتْ أَمَةً تَعيشُ بِثَدْيِها شَمْطاءَ لم تُولَدْ… وَلَمْ تَلِدِ لا تَلتَفِتْ… طُوبَى لِمَعرَكَةِ الدِّماءِ تَسُلُّ مِنْ أَنيابِ عُتْمَتِنا ضِياءَ غَدِ طُوبَى لِمعرَكَةِ الدِّماءِ ….. وإنّني أَخشى على هذي الدِّماءِ الزَاكياتِ مِنَ التِّجارَةِ …. يومَ بَعدِ غَدِ!!! ———– شجر مقدسي المصدر: موقع مؤسسة فلسطين للثقافة: شعر: طلعت سقيرق هنا شجرٌ مقدسيٌ فسلمْ —————-
يا أرض الأقصى ما نسينا
للشاعر الكبير " عبد الرحمن أبو شندي " يا أرض الأقصى ما انسينا=يا مسرى الهادي نبينا *** *** *** *** *** *** *** —————– اقتحام القدس
الشاعر : عمر أبو ريشة صـاح يـا عبد فرف الطيب —– واستعر الكأس وضج المضجع ———- إلى القدس
الشاعر : هارون هاشم رشيد أجلْ إنّي من القدس وفيها قد نما غرسي ———- رسالة من المسجد الأقصى الشاعر : عبد الغني التميمي – 1 – لم يَزَلْ مِفتاحُ بيتيَ في يدي لم أزَلْْ أحضُنُ ذكرى بلدي ما عرفتُ اليأسَ – يا جلاّدُ – يوماً هذه آلاتُك اشْحَذْها…وهذا جِلْدي لم تَزَلْ روحيَ تحيا أملاً وسياطُ القهرِ تشوي جَسدَي مُذْ عرفتُ اللهَ لَمْ أضعُفْ لمخلوقٍ ولا ارتَجي من غيرِ ربّي مَدَدي أيها القاتلُ يومي بُؤْ بِهِ أنتَ لا تقوى على قتلِ غدي – 2 – لم يَزَلْ لونُ دمي يحكي ليوم الرّوْعِ عَسْفَكْ لم يَزَلْ دمعيَ يروي لسكونِ الّليلِ خَوْفَكْ حَجَريْ يَكشِفُ للعالَمِ – يا مغرورُ – ضعفَكْ بَدَمي أسكنتُ رُعبَ الموتِ جوفَكْ بدمي أكسِرُ – يا جزّارُ – سيفَكْ – 3 – لا تُخوّفْني بِما يحشُدُ أربابُ الهوى لا تُخوّفني بأسطولٍ مِنَ الوَهْمِ هوى بدمي أُسقِطُ من أصنامِهِمْ ما يُسمّى بموازينِ القُوى – 4 – فَتحَ المنفى ذراعَيْهِ إلينا واحتوانا وتشتّتْنا فريقَيْنِ وألغَتْ هذه الأرضُ خُطانا ففريقٌ فاقِدُ العِزّةِ في موطِنِهِ وفريقٌ فاقِدُ الذّاتِ زماناً ومكاناً كان يوماً – ذلك اليومُ – رهيباً أُ مُّنا تندُبُ في الليلِ أبانا وأخانا وإذا نحنُ – مَعَ الفجْرِ – يتامى كَفِراخِ الطّير زُغْباً، وإذا الجوعُ قِرانا ومضى عامٌ، وأعوامٌ، وها نحنُ ترانا مِثْلَما كنتَ ترانا – 5 – ذاتَ يومٍ سألوني عن طُموحاتي…وعُمري سألونيَ مع بعض المكر: ما نوعُ الهوايهْ ؟! اُترُكوني، ليس لي عُمْرٌ ولا عندي بِدايهْ قد أقمتُمْ من عِظامي فوقَ هذي الأرضِ أبراجاً عِظَاما هَرَماً شِيْدَ من الذُّلِّ الذي يُدعى سلاما! وسرقتُمْ مِن شبابي كلَّ أحلامي القُدامى أنا طفلٌ عمرُهُ ستونَ عاما فارفعوا عنّي الوِصايَهْ أَطعِموني لحمَ أعضائي فَقَدْ أُتخِمتُ من خُبْزِ الدّعايَهْ أنا من ستينَ عاما اطحَنُ الخُبزَ طعامَا أنا من ستينَ عاما ازرعُ الأرضَ خِيامَا لم تكُنْ أعينُكُمْ عمياءَ لكنْ تَتَعامَى ما فتِئْتُمْ تغرِسونَ اليأسَ وعداً يَتَنامَى في مدى ستينَ عامَا تتهاوى أسقُفُ العِزّةِ للأرضِ حُطامَا كلُّكُمْ كان شريكاً في هوى المأساةِ، هاما وترامى عندَ رِجْلَيْها غَرامَا لم تُبالوا أنّنا كُنّا، وما زِلْنا يَتَامى – 6 – أيُّها الغاصِبُ حقّي، أيها الهازِئُ منّي أنّني أحيا أسيرَ الوهمِ مغرورَ التمنّي أعطِنِي حقّي ودَعْني حقَّ عينِيْ حقَّ أُذْني، حقَّ خوفي حقَّ أَمْني أتُسَلّيكَ دمائي ودُموعي؟ أَوَ ما يكفيكَ ما يَفعلُ سَجّاني وسِجني؟ اعطِني حقّي ودَعْني، كيف أحيا ؟ ذاكَ شأني – 7 – أنا لا أطلُبُ من عُمْرِكَ تمديداً لِعُمْريْ أنا لا أطلُبُ مَنّاً، لا لنفسيَ أو لغيري أأنا في الأرضِ وحدي طلبي للحَقِّ إرهابٌ وتهديدٌ لعصري؟ أأنا المُلغَى من العالَمِ وحدي ؟! أأنا الممنوعُ من تحديد دوري ؟! – 8 – يبحثُ القومُ عنِ الهيكَلِ في أوجاعِنا يحفِرونَ المسجدَ الأقصى على أسماعِنا يستبيحونَ حِمانا ودِمانا يرسُمونَ الذُّلَّ تِمثالاً على أضلاعِنا هل رأيتُمْ مثلَ هذا القهرِ والإذلالِ في أوضاعِنا ؟! أيّها التاريخُ لا تكتُبْ لنا شيئاً فقدْ رَسَمَ الحالةَ هذا الكمُّ من أطماعِنا – 9 – يا رجالَ البوْرصةِ السّوداءِ في سوقِ السّلامْ سوقُكُمْ ذُلُّ على ذُلٍّ تُقامْ تطرحونَ القُدسَ للقِسْمَةِ، هَلْ سخِفَ الأمرُ إلى هذا المَقام ؟ أيُسامُ المسجدُ الأقصى بشيءٍ من نُفوذٍ العمِّ سامْ ؟ دَوَّلَتْنا دُوَلُ الذُّلِّ فصِرنْا سِلَعَاً في كلِّ تخفيضٍ نُسامْ يا رجالَ البورصَةِ السّوداءِ في سوقِ السّلامْ كُلّما ضاعَ مِنَ الأوطانِ رُبْعٌ يمتطي أكتافَكُمْ – منهم – وِسامْ فاوِضُوا حتى يشيبَ الليلُ، لَنْ تحصُدُوا غيرَ ثِمارِ اللؤْمِ من أيدي الِّلئامْ – 10 – غدَتِ الحربُ فِرارا وغدا النّطقُ بذكرِ الحربِ عارا حين صَارتْ قبلةُ الرأسِ لسفّاحِ فَخَارا سُحِبَ الجُنديِّ من عِزِّ المَغَاوِرْ من ثُغورِ المجدِ مغلولاً إلى خِزْيِ المعابِرْ قيلَ للجُنديِّ : لا تُطلِقْ رصاصاً طَأْطِئِ الرأسَ وحاوِرْ أَيُطيقُ الحُرُّ أنْ يَسقُطَ رأساً من ذُرا علياءِ ثائِرْ يعشَقُ الموتَ الى ذِلّةِ صاغِرْ قد غدَوْنا لدفاعِ المُعتدي أكياسَ رملٍ وحِزاماً من هَوانٍ وَسَواتِرْ جفَّ هذا الريقُ في أفواهِنا بُحَّتِ الأصواتُ منّا فارحمونا وارحموا هذي الحناجِرْ – 11 – اُعذُرونا إنْ صَرَخْنا إنّ في أعماقِنا الموتَ الزُّؤامْ لا أظُنُّ الصارخَ المذبوحَ – إنْ صاحَ – يُلامْ اُعذرونا إنْ فَتحْنا مرّةً أفواهَنَا أَنْتَنَتْ ألفاظُنا في الحَلْقِ من شَدِّ الِّلثامْ كِلْمَةُ المعروفِ شاخَتْ وهْيَ تحيا في الظّلامْ أهْوَ عَيبٌ أنْ نقولَ الحقَّ جَهْراً ؟ أَهْوَ خَرْقٌ للنّظامْ ؟ قبّحَ اللهُ لساناً يألَفُ الصّمْتَ الحرامْ ! – 12 – اُترُكونيْ من شِعارِ الأرضِ أوْ تلك الشّعاراتِ السخيفهْ أَترَوْني صرتُ عبداً لتضاريسِ بلادي والمناخاتِ اللطيفهْ ؟ خَلِّ عنّي أنا لا أعبُدُ في المواطنِ – كالغيرِ – شِتَاهُ أوْ خريفَهْ لا أرى فرقاً كبيراً بين معبودٍ حنيفهْ وإلهٍ وطنيٍّ يعبُدُ النّاسُ رغيفَهْ – 13 – يا أخي في اللهِ، هذا المسجدُ الأقصى جَريحْ في سُكونِ الّليلِ – لو تسمعُ – كالطّفلِ يصيحْ جُرحُهُ الغائِرُ لا تشبِهُهُ كلُّ الجروحْ إنّهُ جُرحٌ أليمٌ داخلَ القلْبِ يقيحْ إنّه جُرحُ بقايا أُمّةٍ كانَ فيها عِزّةٌ تسمو وروحْ – 14 – آهِ ما آلَمَ جُرْحَ الكِبرِياءْ ! آهِ ما أَوْجَعَ – في الأحشاءِ – مكتومَ البُكاءْ ! حينَما نُطعَنُ في عِزّتِنا حينَما نبكي كما تبكي النّساءْ نحنُ لا نَملكُ من نَخْوَتِنا غيرَ صرخاتٍ تُدّوي ونِداءْ – 15 – أرسَلَ الأقصى خِطاباً فيه لومٌ واشتِياقْ قالَ لي وَهْوَ يعاني مِنْ هَوانٍ لا يُطاقْ: حَدِّثِ الأمّةَ عنّي بَلِّغِ الأمّةَ أنّي عيلَ صبري بين أسرٍ واحتِراقْ هَتَكَ العُهْرُ اليهوديُّ خشوعي مِنْ رُواقٍ لرُواقْ أشعَلوا ساحاتيَ الأخرى فُجُورا وصفيراً ودَنَايا وسُفورا دنَّسوا رُكنيْ ومِحرابي الطَّهورا فأنا – اليومَ – أُعاني بل أُعاني منذُ دهرٍ أَلَمَ القهرِ أسيرا لَمْ يَزَلْ قيديَ مشدودَ الوَثاقْ أَوَ ما يَكفي نِفاقا ً؟ ضِقْتُ من هذا النّفاقْ أرسِلوا ليْ من صلاحِ الدّينِ خيلاً أرسِلوها من حِمى الشّامِ وَنَجْدٍ مِنْ سرايا جيشِ مِصرٍ، أوْ عَرانينِ العِراقْ تنشُرُ الهيبةَ للإسلامِ بالدّمِّ المُراقْ منذُ دهرٍ لم تزُرنيْ هذِهِ الخيل العتاق – 16 – قالَ ليْ الأقصى سلاماً بِلِّغِ الأمّةَ – يا عبدُ – سلامي من معاني سورةِ الإسراءِ قُدْسِيَّ الهِيامِ أَثَرىَّ الوَجْدِ سُنّيَّ العِناقِ لا سَلاماً خائنَ النّشأةِ عِبْرِيَّ المَذَاقِ – 17 – واسألِ الأمّةَ أوْ سَلْ بعضَها كيف للموتِ على الجَمرِ أُساقْ ؟ كيف أصبحتُ مكاناً أثريّاً بصُنوفِ الفِسقِ ضاق ؟ كيف قد بُدِّلَ طُهريْ مسرحاً للعُريِ يُغريْ بين ضَمٍّ واعتِناقِ والتصاقْ ؟! كدتُ أَنْضَمُّ إلى الحمراءِ من أندلُسٍ في نَعَايا العصرِ، في ذاك النّطاقْ يا بني الإسلام، ما حلَّ بكمْ ؟! هل نسيتُمْ أنّني بوّابةُ السّبْعِ الطّباقْ ؟ من هنا قد واصَلَ الرحلةَ في الكونِ البُراقْ – 18- كتَبَ الأقصى وفي رِجليه قيدُ وعلى أبوابِهِ – من بقايا عُبَّدِ الطّاغوتِ – جندُ: طالَ شوقي لصليلِ السّيفِ يشدو وصهيلِ الخيلِ وَسْطَ النّقْعِ تعدو هل صلاحُ الدّين – يوماً – في رجالِ القومِ يبدو؟ هل ستأتي في نساء القومِ خنساءٌ وهندُ ؟ أم تُراها عقِمَتْ أرحامُها اليومَ فلنْ يولدَ سعدُ ؟! ضاعتِ الأوطانُ هدراً عندما القومُ أضاعوا: "وأعدوا" – 19 – ربطَ القرآنُ بينَ البيتِ والأقصى رِباطاً أبَدِياً لم يكُنْ ذاك خِياراً أوْ قراراً عربيّا لم يكُنْ ذاك شِعاراً مُستعاراً أجنبيّاً كلُّ مَنْ فَرّقَ بين البيتِ والأقصى فَقَدْ كَذّبَ القرآنَ أو خانَ النبيّا – 20 – أرسَلَ الأقصى وفي عينَيْهِ دمعُ: ما دَهَى الأمّةَ لا عينٌ بها ترصُدُ الأحداثَ، أو يُرهَفُ سَمْعُ ؟ أعبيدُ العِجلِ حُرّاسي وفي أمّة الإسلام للإقدامِ وُسْعُ ؟ أم تَراني هِنتُ في أعينِهِمْ لا دميْ يُفدَى ولا فَجعِيَ فَجْعُ ؟ – 21 – كتَبَ الأقصى وفي المحراب نارُ ويلوكُ المِنبَرَ الرّمزَ لهيبٌ واستِعارُ: أَوَ هذا كلُّ ما في وُسْعِكمْ ؟ أَدِلاءٌ تجلُبونَ الماءَ فيها وجِرارُ ؟ أنا لا يَثأرُ ليْ الماءُ ولا ينتقمُ يُطفِئُ الثأرَ رصاصٌ ودمٌ وشظايا وضحايا ودمارُ لست سِجّاداً ولا مبنى، أنا في نُصوصِ الدين دينٌ وشعارُ وِفّروا الماءَ على أنفُسِكمْ إنّما يطفِئُ نارَ الحقدِ نارُ ما عدا ذلك لا أعرفُهُ إنّه في منطقِ التاريخِ عارٌ وَهْوَ جُبنٌ في اعتقادي وفِرارُ – 22- كَتبَ الأقصى حزيناً يشتكي وضعاً بئيسا: ضَجَّروا – من قَبْلُ – موسى كلُّهُمْ في الغدرِ إبليسٌ لعينُ طفلُهم ينهدُ في الغدرِ العجوزَ الدردبيسا صادروا كلَّ دروسِ العلمِ في ظِلّي فَمَنْ يُحيي الدّروسا ؟ سرقوا قرآنَ فجري ومَحَوْا أَوّلَّ صفّي مزّقَتْ آلاتُهُمْ بالحَفرِ جَوفي وأشاعوا أنَ موتيْ حَتْفُ أنفي هذه الأنفاقُ تحتي تَزرعُ أإذا أضحيتُ كالأطلالِ مهجوراً دَرِيسَا وإذا بُدّلتُ بالتكبيرِ بوقاً وطُقوسا أإذا أصبحَ محرابيْ وساحاتي كنيسا ؟! – 23 – فاستفيقوا لستُ أدعوكُمْ إلى خُطّةِ يأسي أوْ لترثونيْ دموعاً أو لتأسُوا ليْ جراحاتي وبُؤسيْ إنّني أصرُخُ و الهيكلُ يُبنَى فوقَ رأسي أيُرجَّى النصرُ من أمثالِكُمْ أم تُرى أنعَى لكم نفسيْ بنفسيْ – 24 – ثم قالَ المسجدُ الأقصى بحزمٍ واقتِضابْ: مَن – تُرى – المسؤولُ فيكُمْ ومتى يُرسِلُ الردَّ على هذا الخِطابْ ؟ قلتُ والآلامُ تَشوي أَضلُعيْ وخيالي شارِدٌ ليسَ معي أعبُرُ الماضيَ مطعوناً بِذُلِّ الواقِعِ ثم أَلوي سابحاً في أَدْمُعي: أيّها الأقصى، ومن ذا يدّعي أنّه المسؤولُ عمّا يَجْتَرِمْ إنّ مَنْ يجبُنُ عنْ "لا" رَهْبَةً فَهْوَ لا يقوَى على قولِ "نعَمْ" كلُّنا أصبَحَ في الجُبنِ كَمَنْ ما لهُ عينانِ في الرأسِ وَفَمْ ليس فينا قائِدٌ تَحمِلُهُ باتّجاهِ الحربِ ساقٌ أوْ قدمْ ساحةُ الحربِ التي تعرفُها أُوصِدَتْ أبوابُها من زَمَنٍ أصبحَ الإقدامُ من أولى التُّهَمْ أيّها الأقصى لك اللهُ فَكَمْ تطلُبُ النّجدةَ مكلوماً وكمْ ما تُنادي من بقايا جُثَثٍ جُلُّ من تدعو مِنْ النّاسِ رِمَمْ جُلُّهم أَسرى فروجٍ وبُطونٍ ولُقَمْ جُلُّ مَنْ ناديتَ لم يطرُقْهُ هَمْ غيرُ همِّ الذاتِ لا شيءَ أهَمْ عايَشَ الخوفَ من الخوفِ فَلَمْ يستَسِغْ للمَجْدِ و العِزّةِ طَعْمْ جُلُّنا أصبحَ من ذِلّتِهِ رقماً يَنْضَمُّ في الطّرحِ إلى جّنْبِ رَقَمْ جُلُّنا – يا أيها الأقصى – قَزَمْ قبلَ ان يعرِفَ ما الحربُ وما السِّلْمُ انهزمْ – 25 – أيها الأقصى، وقد جَلَّ المُصابْ صوتُكَ الصّارخُ أنّى يُستجابْ ؟ فجيوشُ القومِ ذابَتْ في أياديها الحِرابْ وشبابُ القومِ تلهو فَقَدَتْ روحَ الشّبابْ فتلفَّتْ في جهاتِ الأرضِ وانظُرْ هل ترى إلاّ سراباً في سرابْ ؟ هل ترى إلاّ ضَحَايا لافتِراسٍ، وذئابْ ؟ فاعتبِرْنا أمّةً ضائِعةً والْتَمِسْ في أمّةٍ أخرى الجَوابْ – 26- وأخيراً كتبَ الأقصى يقولْ: أفهِموني، كيف أَهوى قاتِلي ؟ كيف أُهديهِ دمي مع قُبَلي ؟ وأُحيّي سارقي بل أدّعي، أنّ ما يسرِقُ مني ليسَ ليْ لغةٌ للذل لا أفهمُها، فاطلُبوها في حُماةِ الهيكَلِ آهِ ما آلَمَ جُرْحَ الكِبرياءْ ؟ آهِ ما أَوْجَعَ – في الأحشاءِ – مكتومَ البُكاءْ! حينَما نُطْعَنُ في عِزّتِنا حينَما نبكي كما تبكي النّساءْ نحن لا نَمْلِكُ من نَخوتِنا غيرَ صَرْخاتٍ وَشَجْبٍ ونِداءْ يا أخي المسلمُ، هذا المسجدُ الأقصى الجريحْ في سكونِ الليلِ – لو تسمعُ – كالطّفلِ يصيحْ جُرْحُهُ الغائِرُ لا تُشبِهُهُ كلُّ الجروحُ إنّهُ جُرحٌ أليمٌ داخِلَ القلبِ يَقيحْ إنّهُ جُرْحُ بقايا أمّةٍ كانَ فيها عِزّةٌ تسمو ورُوحْ ——– القدس غضب
الشاعر : عبد الغني التميمي القدسُ غَضَبْ القدسُ لَهَبْ القدسُ القدسُ القدس غَضَبْ القدسُ القدسُ القدس لَهَبْ القدسُ على الكفّارِ دَمارْ تسحقُهُمْ سحقاً تقذِفهم خلفَ الأسوارْ القدسُ على الغازينَ مدينةُ نارْ وعزيمةُ شعبٍ لم يألَفْ إلا الإصرارْ * * * القدسُ تقولُ القدسُ تقولُ لا تسألْني عمّا يجري كيف القاتلُ يقتلُ فجري؟ فجري فجري كيف السارقُ يسرقُ بدري؟ بدري بدري القدسُ تُسَطّرُ تاريخاً سطراً سطراً تخطُب شرَرَاً شرَرَاَ * * * القدس تقولُ القدسُ تقول لو نقضُوني حجراً حَجَرا لو سرقوني قمراً قَمَرا سأظَلُّ لجيشِ الغاصِبِ مقبرةً ويموتُ طريداً مُنْتَحِرا * * * ستظَلُّ دموعُ اليُتْمِ تُعَطِّرُ مِنديلي سيظَلُّ دمُ الأطفالِ الزيتَ لقِنديلي وحجارتُهُمْ تبقى فَخري ترفعُ قَدْري ستظلُّ على الكفّارِ طيورَ أبابيلِ من جيلٍ تمضي إلى جيلِ من دِجلةَ تهدُرُ للنيلِ * * * هذي أرضي لا شيءَ لهم لا شيءَ لهم السارقُ سوف يُقامُ عليهِ الحدْ قُصّوا يدَهُ اليمنى وارموا تلك اليدْ لا شيءَ لهم لا شيءَ لهذا السرطان الممتدْ ليست هذي القطعانُ جموعاً من بشرٍ بل تلك غُدَدْ * * * القدسُ تقولُ تقولْ أين العربُ؟ عربٌ أنتم؟ لستم عربا لا رأساً تحيَوْنَ ولا ذَنَباً الجيشُ الغاصبُ في صَلَفٍ قتّلَ نَهَبا هدَمَ اغتصَبَا أرضُ الإسراءِ غدَتْ سَلَبا مَنْ منكم سلّ سلاحاً أو غَضِباً جُثثٌ أنتم مستورَدةٌ لستم مِنّي، لستم مِنّي أنتم غُرَبَا * * * القدسُ تقولُ تقولْ يا سارقَ شمعِ الدّارْ يا مُطفِئُ فيها الأنوارْ لا تقطُفْ فِيّ الأزهارْ لا تلمِسْ فِيّ الأحجارْ مائي سُمٌّ حجري لُغْمُ يا نَجَساً يا رجسةَ عارْ لن تملكَ في القدسِ طريقاً لن نظفر فيها بغبارٍ، أو ريحِ غبارْ يا ذَنَبَ استعمارٍ مرجومٍ يا نعلَ استعمارْ ——–
الشاعر " عبد الغني التميمي "
قصّة القدس
ليس للتين أو الزيتون نغضبْ
نحن للإسلام لا للأرض ننسبْ ليس للموز أو الليمون أو قمح الموانئْ نحن لسنا من عبيد الطقس ديدان الشواطئْ ما عشقنا في فلسطين ِصباها أو َصباها، أو رباها ما عشقناها عروساً في بهاها تتطيّبْ كفّها في ليلة الحنّاء تخضبْ ما عشقناها مناخاً، وفصولاً وجبالا وهضاباً وسهولا بل عشقناها دويّاً وصليلا وغبارا في سبيل الله يُسفى، وصهيلا وسطورا بل فصولا في كتاب المجد تكتبْ عبر أجنادين، أو حطين، أو غزة طولا وسرايا أمّة الكفر على صدر صليب الكفر تصلبْ (2) وعشقنا في فلسطين من الأهوال جيلا جعل التكبير والأحجار أقوى خطبة للعصر تخطبْ جيل أبطالٍ من الأطفال في الضفة يُنْجَبْ هكذا تبقى فلسطين ضميرا ، وكيانا في دمانا يتلهَّبْ هي في عمق هوانا درة من درر الإسلام تسلبْ ولهذا ليس للتين أو الزيتون نغضبْ (3) ألف كلا. ثم كلا ما عشقناها كيانا مستقلا جلّه يحكم بالتلمود مضمونا وشكلا وبقايا ما تبقى يرفع الراية تسليما وذلا (4) ألف كلا ما عشقناها شعارا أو قرارا بل عشقناها شبابا لذرى المجد تبارى ما عشقناها لفيفا من لصوصٍ تسرق الحب نهارا تخطف الخبزة من أيدي يتامانا اتِّجارا وتخلّيها خمورا ليهود ونصارى أيعيد الوطن المحتل يا قوم سكارى من سكارى (5) ألف كلا لا تقولوا قد تطرَّفت وجاوزت الإطارا هذه الأشعار ليست كلمات إنها أدخنة من فؤاد شبَّ نارا (6) أخبروني أين أوراق القضيهْ؟ أهي في تلك المباني والكراسي الذهبيهْ؟ أهي في مجلس محو الأمن في محو الهويهْ؟ أهي في أنياب ذئب أطلسي؟ أم ثوت في رأس حيَّهْ؟ ألف كلا إن بيت الداء في أنفسنا وهنا تكمن أسرار القضيَّة (7) ألف كلا . ثم كلا صرخة المسلم من نجد إلى تطوان غربا فبخارى. وسفوح الصين شرقا . فالمكلا ألف كلا ما أردناها كنيسا بل مصلى (8) ألف كلا ، ثم كلا كل حلٍّ ليس في القرآن والسنة لا نرضاه حلاّ (9) مزِّقونا وانثروا اللحم على كل طريقْ لا تبالوا ، حرقونا وارقصوا حول الحريقْ وزِّعونا في الصحاري ، أطعمونا للحوت كل هذا في نظام الغاب جائز غير أنا لن نبيع القدس أو أي مدينة هل يبيع المؤمن الصادق للأعداء دينه (10) ارحمونا من تفاهات حلول في المزاد ودروس من مساق الذلّ ُتقرأ وُتعاد ما رضينا، فقبول الظلم ظلم، والرضى بالعار عارْ قد نذرنا دمنا زيتا لقنديل الجهاد حلّنا يأتي عزيزا فوق صهوات الجيادْ ليس في الأكفان محمولا إلى "أرض المعاد" (11) جرِّدونا من رداء المجد من نبض الفضيلةْ أسعروا الحرب علينا بقوانين القبيلة لم نكن يوما على دين (غُزِيَّةْ) بل على أقدامنا تنهار دعوى الجاهليةْ عهدنا باق إلى آخر مسجدْ لن نبيع القدس يوما ما بقي فينا موحِّدْ (12) ثم ماذا قيل عن هذي القضيةْ قال حكام ، وقوّادٌ كبار وجنودْ أرضكم أرض ككلِّ الأرض في هذا الوجود لا تزيدوا وجع الرأس علينا واتركوها لليهود هي لا تُنبت درا أو زبرجد ليست الأحجار فيها من عقيق لا ولا التربة عسجد قلت: ياقوم أقلوا إنها مسرى محمد إنها معراجه المفضي لأطباق السماء وبها صلى بكل الأنبياءْ هل رأيتم في رؤى الماضي، أو الدنيا الجديدة هل علمتم ، أو سمعتم، أو قرأتم في كتاب أو جريدةْ أنَّ عبدا مؤمنا يطرح للبيع (عقيدة) (13) هذه القدسُ مزيجٌ من صمود ومرارهْ لم تكن يوما لبيع أو إعارةْ هي للأمة (ميزان الحرارةْ) ناطق التاريخ في أحيائها يطلب ثارهْ كل شبر من ثراها فيه للتلمود غارة هذه القدس نسيج من سناء وطهارةْ ها هو الفاروق في أفيائها يرفو إزاره وصلاح الدين يمحو أثر الكفر الصليبيِّ وعارهْ ثم في غفوة قومي قبض الراية أطفال الحجارةْ (14) ثم ما ذا ؟ ولماذا؟ تسعة الأصفار تبقى أمة تلهو وتلعبْ أدمىً نحن؟ رجال من عجين نتقولب أم ظهورٌ ومطايا "كل من يرغب يركب"؟ سخر التاريخ منَّا دمنا يرخص كالماء ولا كالماء يشرب إن تكن تعجب من كثرتنا فالجبن أعجب قد يُخِيفُ الذئب من أنيابه مليار أرنب (15) ذات يوم سألوني : أنت من أي البلادِ؟ لاجئٌ أنت طريدٌ فيك شيءٌ غير عادي خِلْتُه كان سؤالا شقَّ كالسهم فؤادي إن أرضي كل أرض تعشق التكبير في صوت المنادي (16) قد تجاوزنا عصور البلقنةْ وتخطَّيْنا خطوط اللبننةْ لا تحاكمني إلى الأفغان أو للأفغنة وطنُ الإسلام أرضي وانتمائي للجموع المؤمنة وبلادي حدها شرقا وغربا أو شمالا وجنوبا مئذنة (17) سألوني ذات يوم عن بقايا ذكرياتي عن حياتي كيف كانت كيف مرت أمسياتي فتصفَّحْت كتابا معجميّاً هائل الحجم، كثير الصفحاتِ كل حرف فيه يحكي قصصا لجروح ونزوح وشتاتِ ذلك المعجم يحوي أدبا غير الذي تعرفه سمِّه أنت إذا شئت حياتي (18) آه ! واقدساه من ظلم قريبي وهو يكويني ، ومن كيد البعيدْ لا تلوميني على غمي وحزني لا تلوميني على بؤسي ووهني لا تظني غيْبتي من سوء ظنِّي أو قعودي عن لظى الحرب لجُبْني، أو لسِنِّي لا تلوميني فإني زرعوا قيدين في رجليَّ: قيد من حديدْ مدمنُ العضِّ ، وقيد من حدودْ (19) كلما جئت مطارا أو قطارا للعبورْ قدَّم القوم اعتذارا: أنت ممنوع المرور!! هذه أوراق إثباتي بأني عربي مولدي، أمي، أبي، عمي، أخي، جد أبي سحنتي، لوني، لساني، نسبي عشت في هذي البراري منذ عاش الدينصورْ وأكلْتُ الحنظل المرَّ ومنقوع القشورْ قذفوا الأوراق في وجهي ولفّوا طلبي وجهارا أقسموا لي : أن سرّ المنع أني عربي هذه التهمة مهما بلغت نصف الحقيقة نصفها الآخر يكمن في تلك "الوثيقة" كتب الكاتب فيها أنني من أهل "غزَّة" قرروا أن يشطبوها، كرهوها إنها تشبه في الأحرف "عِزَّة" (20) حرموني من صغاري ، من عيوني ، ويديَّا حرَّموا الحُبَّ عليَّ جرَّبوا كل سياط القهر فيَّ صادروا الحرف الذي أقوى على النطق به قلعوا الأضراس من فكِّي، وقصُّوا شفتيَّ حطَّموا كل عظامي وبعنْف مارَسوا الإرهاب في ذاك الحطامِ وتلا القاضي على الناس اتِّهامي: إنني شخص أصوليٌّ أجيد العربية ولدى نفسي بقايا من حميَّة أنني "مُعْدٍ" لكوني فيَّ "فيروس" القضيَّةْ (21) ثم ماذا ؟ ذات يوم أبصروا في شعر وجهي بعض آيات الصلاحْ هذه الشعرات عنوان الرجولةْ فتنادى علماء النفس والخبرة من كل البطاحْ درسوني وطنيا درسوني عربيا درسوني عالميا فإذا التقرير قد أوصى بنتف الشعر بحثا عن سلاح (22) ثم ماذا ؟ ذات يوم هدموا جدران بيتي ورموني في العراء تحت نهش البرد والظلمة في فصل الشتاء ليس شيء بين جلدي وصقيع الأرض أو نَدْف السماء رجفت أعضاء جسمي واستقر الموت في لحمي وعظمي فتنادوا لاكتشافي رصدوا كل خفايا حركاتي باهتمام فحصوا نبضات قلبي ودمائي بانتظامْ درسوني وطنيا درسوني عربيا درسوني عالميا وأداروا آلة التنقيب عن أسرار همي فأتى التقرير مختوما بتوقيعي وختمي: هو شخص دمويٌّ حركيٌّ قلبه يخطر في أعماقه "قلب النِّظام" (23) ثم ماذا ؟ ذات يوم وقف العالم يدعو لحقوق الكائناتِ كل إنسان هنا ، أو حيوان، أو نباتِ كل مخلوق له كل الحقوق هكذا النصّ صريحا جاء في كل اللغاتِ قلت للعالم : شكرا أعطني بعض حقوقي حق أرضي، وقراري، وحياتي فتداعى علماء الأرض والأحياء من كل الجهات درسوني عالميا فأتى التقرير لا مانع من إعطائه حق المماتِ (24) قال قوم لا تنادوا للفداء يغضب الساسة من هذا النداء يخجل الساسة من هذا النداء لغة الحرب تولَّت في الأساطير القديمة لهجات الحرب بادت كالسلالات الكريمة نحن في عصر سلام عربيٍّ قد نزعناه بوعي من تلافيف الهزيمة وعلى ذلك فالحرب أو التفكير في الحرب جريمة (25) كلما جُدِّد للذل احتفال، ودُعينا لنقيمه رقصتْ أضراسنا شوقا إلى تلك الوليمة هل نشأنا كسيوف العصر لا تعرف للعزّة قيمة (26) في بلادي آلة الحرب معاقة كل صاروخ ورشاش بها شدوا وَثاقه نحن لا نعشق ضرب الغاصب المحتل بل نهوى عناقهْ (27) آلة الحرب التي نملكها جاءت هدية قيل لا تعمل إلا عند حرب عالمية كتبوا تاريخ الاستعمال فيها بحروف أجنبية لا علينا نحن أهل اللغة الفصحى فلا نقرأ إلا العربية (28) كلما احتُلَّ من الأمَّة ثغر كلما مُزِّق قطر كلما أوغلت النكبة قلنا : ما علينا أخبروني أين ألقي غضبةً لله في العالم أينا؟ (29) كيف أمسيتِ بلادي ؟ كيف أصبحتِ بلادي؟ كيف أمسى البدر في جوّك مغلول الأيادي لا تلومي صارخا يصرخ في كل النوادي كيف يخفي نازف الدمع عيونه لا يلام الواله المكروب إن أبدى أنينه (30) قصة القدس التي تُروى حزينة قصة القدس دماء وجراح وكرامات طعينهْ ليست القدس شعارا عربيا كي نخونه لا ولا القدس يتامى ، وطحينا ومعونه إنها القدس وحسبي أنها أخت المدينةْ (31) بسط البغي لها كفّا من الغدر لعينه كفُّ جزار رهيب جعل الإرهاب دينه قبل أن يبسط للسِّلم يديه وقرونه مد للأغوار رجليه وللنفط عيونه (32) واقرؤا القرآن يا قومي لما لا تقرؤونه ؟ كم نبيٍّ وتقيٍّ دون حق يقتلونهْ كم عهود خفروها واتفاق يهدرونهْ لو هدمتم لهم الأقصى ودمّرتم حصونهْ وبنيتم لهم الهيكل أو ما يطلبونهْ ثم أهديتم فلسطين لهم دون مؤونةْ طالبوكم عبر أمريكا وأوروبا بإبداء المرونة هذه القصة.. لا سلم ولا ما يحزنونهْ (33) قصة القدس انتقام، صفقات ، ومجازرْ قصة القدس خيانات جيوشٍ وعروشٍ وكبائرْ واسكبوا الشمع على الفور بفيها يمنع التصريح و التلميح فيها ما خسرنا نحن قوم لا نبالي بالخسائرْ لم يزل في خطنا الأول للزحف إليها ألف رقَّاص وفاجر (34) قصة القدس طويلة مسرحيات، وأفلام، وأقلام قتيلة وكتاب من نزوح كتب الظلم فصوله وذروني أجمل القصة في هذا المقامْ قام قصاص ووعاظ وتجَّار كلامْ بشرونا بسلام، ونظام عالميّ لا يضام هكذا يزعم أقطاب النظام (35) يا لقومي منحة السلم عصا ، طبخة السلم حصى هل سنطهو من حصى السلم الطعام؟ يا بني قومي اسمعوها صرخة مني تدوي في الأنام عن قريب عن قريب تلد الأجواء إعصار السلام وعلينا وعليكم .. وعلى الدنيا السلام
———-
إلــه أورشليم
الشاعر : معين بسيسو لتنسني يميني لتنسني عيون حبيبتي لينسني أخي لينسني صديقي الوحيد لينسني الكرى على سرير سهاد مثلما السلاح في عنفوان المعركه ينسى يد المحارب ومثلما الناطور ينسى على كرومه الثعالب إذا نسيت أنّ بين ثديي أرضنا ببيت إله أورشليم وأنّ من قطوف دمنا يعتصر الشهد واللبن وخمرة السّنين لكي يعيش ويفرخ الوحوش وكي أشيد من الدموع جدار مبكى وكي أحيل خيمتي منديل للعويل على الذهاب بلا إياب *** لتنسني يميني لتنسني عيون شعبي المغرّده إذا نسيت أن أغرس الطريق لصدر بيّاراتنا وللكروم سيفا من الجحيم في عينيّ إله أورشليم ——- القدس
نزار قبّاني بكيت.. حتى انتهت الدموع صليت.. حتى ذابت الشموع ركعت.. حتى ملّني الركوع سألت عن محمد، فيكِ وعن يسوع يا قُدسُ، يا مدينة تفوح أنبياء يا أقصر الدروبِ بين الأرضِ والسماء يا قدسُ، يا منارةَ الشرائع يا طفلةً جميلةً محروقةَ الأصابع حزينةٌ عيناكِ، يا مدينةَ البتول يا واحةً ظليلةً مرَّ بها الرسول حزينةٌ حجارةُ الشوارع حزينةٌ مآذنُ الجوامع يا قُدس، يا جميلةً تلتفُّ بالسواد من يقرعُ الأجراسَ في كنيسةِ القيامة؟ صبيحةَ الآحاد.. من يحملُ الألعابَ للأولاد؟ في ليلةِ الميلاد.. يا قدسُ، يا مدينةَ الأحزان يا دمعةً كبيرةً تجولُ في الأجفان من يوقفُ العدوان؟ عليكِ، يا لؤلؤةَ الأديان من يغسل الدماءَ عن حجارةِ الجدران؟ من ينقذُ الإنجيل؟ من ينقذُ القرآن؟ من ينقذُ المسيحَ ممن قتلوا المسيح؟ من ينقذُ الإنسان؟ يا قدسُ.. يا مدينتي يا قدسُ.. يا حبيبتي غداً.. غداً.. سيزهر الليمون وتفرحُ السنابلُ الخضراءُ والزيتون وتضحكُ العيون.. وترجعُ الحمائمُ المهاجرة.. إلى السقوفِ الطاهره ويرجعُ الأطفالُ يلعبون ويلتقي الآباءُ والبنون على رباك الزاهرة.. يا بلدي.. يا بلد السلام والزيتون ———— قدساه يا أماه ………عودي \ الشاعر مصطفى الجزار
رباه فك قيود القدس ربــــــــــــــــــاه فالقلب ينزف شوقا في حنـــاياه ********** رجس اليهود بأقصانا ومقدســـــــنا ذل وعار من الأوغاد نلـــــــــناه ********** " صديق " أنت الذي صدقت قدوتـنا "خطاب " أنت الذي قد نلت دعواه *********** يا قدسنا إنني آت إليك غـــــــــدا أبغي عدوي فيلقاني وألـــــقاه ———–
خليل مطران
سلامٌ على القدس الشريف ومن به على البلد الطهر الذي تحت تربـه ————
ترحيل فلسطينيي القدس على اجسادنا
شعر : لطفي الياسيني سبحان ربي خالق الاكوان ———–
ياقدس
الشاعر : عبد الرحمن العشماوي ما كلُّ مَنْ نطقوا الحروفَ أبانوا **** فلقد يَذوبُ بما يقولُ لسانُ
لغة الوفاءِ شريفةٌ كلماتُها **** فيها عن الحبِّ الأصيلِ بَيانُ يسمو بها صدقُ الشعور إلى الذُّرا **** ويزُفُّ عِطْرَ حروفها الوجدانُ لغةٌ تَرَقْرَقَ في النفوس جمالُها **** وتألَّقتْ بجلالها الأَذهانُ يجري بها شعري إليكم مثلما **** يجري إلى المتفضِّل العِرْفانُ لغةُ الوفاء، ومَنْ يجيد حروفَها **** إلا الخبير الحاذق الفنَّانُ؟ أرسلتُها شعراً يُحاط بموكبٍ **** من لهفتي، وتزفُّه الألحانُ ويزفُّه صدقُ الشعور وإِنَّما **** بالصدق يرفع نفسَه الإِنسانُ أرسلتُ شعري والسَّفينةُ لم تزلْ **** في البحر، حار بأمرها الرُّبَّانُ والقدس أرملةٌ يلفِّعها الأسى **** وتُميت بهجةَ قلبها الأحزانُ شلاَّلُ أَدْمُعِها على دفَقاته **** ثار البخار فغامت الأَجفانُ حسناءُ صبَّحها العدوُّ بمدفعٍ **** تَهوي على طلقاته الأركانُ أَدْمَى مَحاجرها الرَّصاص ولم تزلْ **** شمَّاءَ ضاق بصبرها العُدوانُ لْقَى إليها السَّامريُّ بعجله **** وبذاتِ أَنواطٍ زَهَا الشَّيْطَانُ نَسي المكابرُ أنَّ عِجْلَ ضلالِه **** سيذوب حين َتَمُّسه النيرانُ حسناءُ، داهمَها الشِّتاءُ، ودارُها **** مهدومةٌ، ورضيعُها عُريانُ وضَجيج غاراتِ العدوِّ يَزيدها **** فَزَعاً تَضَاعف عنده الَخَفقانُ بالأمسِ ودَّعها ابنُها وحَليلُها **** وابنُ اْختها وصديقُه حسَّانُ واليوم صبَّحتِ المدافعُ حَيَّها **** بلهيبها، فتفرَّق الجيرانُ باتت بلا زوجٍ ولا إِبنٍ ولا **** جارٍ يَصون جوارَها ويُصَانُ يا ويحَها مَلَكتْ كنوزاً جَمَّة **** وتَبيت يعصر قلبَها الِحرْمانُ تَستطعم الجارَ الفقيرَ عشاءَها **** ومتى سيُطعم غيرَه الُجوْعَانُ صارتْ محطَّمةَ الرَّجاء، وإنَّما **** برجائه يتقوَّت الإِنسانُ يا قدسُ يا حسناءُ طال فراقُنا **** وتلاعبتْ بقلوبنا الأَشجانُ من أين نأتي، والحواجزُ بيننا: **** ضَعْفٌ وفُرْقَةُ أُمَّةٍ وهَوانُ؟ من أين نأتي، والعدوُّ بخيله **** وبرَجْلهِ، متحفِّزٌ يَقْظَانُ؟ ويَدُ العُروبةِ رَجْفَةٌ ممدودةٌ **** للمعتدي وإشارةٌ وبَنانُ؟ ودُعاةُ كلِّ تقُّدمٍ قد أصبحوا **** متأخرين، ثيابُهم أَدْرَانُ متحدِّثون يُثَرْثِرُون أشدُّهم **** وعياً صريعٌ للهوى حَيْرانُ رفعوا شعارَ تقدُّمٍ، ودليلُهم **** لِينينُ أو مِيشيلُ أو كاهانُ ومن التقدُّم ما يكون تخلُّفاً **** لمَّا يكون شعارَه العصيانُ أين الذين تلثَّموا بوعودهم **** أين الذين تودَّدوا وأَلانوا؟ لما تزاحمت الحوائجُ أصبحوا **** كرؤى السَّراب تضمَّها القيعانُ كرؤى السَّرابِ، فما يؤمِّل تائهٌ **** منها، وماذا يطلب الظمآنُ؟ يا قدس، وانتفض الخليلُ وغَزَّةٌ **** والضِّفتان وتاقت الجولانُ وتلفَّت الأقصى، وفي نظراته **** أَلَمٌ وفي ساحاته غَلَيانُ يا قُدس، وانبهر النِّداءُ ولم يزلْ **** للجرح فيها جَذْوةٌ ودُخانُ يا قدس، وانكسرتْ على أهدابها **** نَظَراتُها وتراخت الأَجفانُ يا قُُدْسُ، وانحسر اللِّثام فلاحَ لي **** قمرٌ يدنِّس وجهَه استيطانُ ورأيتُ طوفانَ الأسى يجتاحُها **** ولقد يكون من الأسى الطوفانُ كادت تفارق مَنْ تحبُّ ويختفي **** عن ناظريها العطف والتَّحنانُ لولا نَسائمُ من عطاءِ أحبَّةٍ **** رسموا الوفاءَ ببذلهم وأعانوا سَعِدَتْ بما بذلوا، وفوقَ لسانها **** نَبَتَ الدُّعاءُ وأَوْرَقَ الشُّكرانُ لكأنني بالقدس تسأل نفسَها **** من أين هذا الهاطلُ الَهتَّانُ؟ من أين هذا البذلُ، ما هذا النَّدى **** يَهمي عليَّ، ومَنْ هُم الأَعوانُ؟ هذا سؤال القدس وهي جريحةٌ **** تشكو، فكيف نُجيب يا سَلْمانُ؟ ستقول، أو سأقول، ما هذا الندى **** إلاَّ عطاءٌ ساقه المَنَّانُ هذا النَّدى، بَذْلُ الذين قلوبُهم **** بوفائها وحنانها تَزْدَانُ أبناءُ هذي الأرض فيها أَشرقتْ **** حِقَبُ الزمان، وأُنزِل القرآنُ صنعوا وشاح المجد من إِيمانهم **** نعم الوشاحُ ونِعْمَتِ الأَلوانُ وتشرَّف التاريخ حين سَمَتْ به **** أخبارُهم، وتوالت الأَزمانُ في أرضنا للناس أكبرُ شاهدٍ **** دينٌ ودنيا، نعمةٌ وأَمانُ هي دوحةُ ضَمَّ الحجازُ جذورَها **** ومن الرياض امتدَّت الأَغصانُ الأصل مكةُ، والمهاجَرُ طَيْبةٌ **** والقدسُ رَوْضُ عَراقةٍ فَيْنَانُ شيمُ العروبة تلتقي بعقيدةٍ **** فيفيض منها البَذْلُ والإحسانُ للقدس عُمْقٌ في مشاعر أرضنا **** شهدتْ به الآكامُ والكُثْبانُ شهدت به آثارُ هاجرَ حينما **** أصغتْ لصوت رضيعها الوُديانُ شهدت به البطحاء وهي ترى الثرى **** يهتزُّ حتى سالت الُحْلجانُ ودعاءُ إبراهيمَ ينشر عطره **** في الخافقين، وقلبُه اطمئنان هذي الوشائج بين مهبط وحينا **** والمسجد الأقصى هي العنوانُ هو قِبلةٌ أُولى لأمتنا التي **** خُتمت بدين نبيِّها الأديانُ أوَ لَمْ يقل عبدالعزيز وقد رأى **** كيف الْتقى الأحبار والرُّهبانُ وأقام بلْفُورُ الهياكلَ كلَّها **** للغاصبين وزمجر البُركان وتنمَّر الباغي وفي أعماقه **** حقدٌ، له في صدره هَيجَانُ وتقاطرتْ من كلِّ صَوْبٍ أنْفُسٌ **** منها يفوح البَغْيُ والطغيانُ وفدوا إلى القدس الشريف، شعارهم **** طَرْدُ الأصيل لتخلوَ الأوطانُ وفد اليهود أمامهم أحقادهم **** ووراءهم تتحفَّرُ الصُّلبان أوَ لم يقل عبدالعزيز، وذهنُه **** متوقدٌ، ولرأيه رُجْحَانُ وحُسام توحيد الجزيرة لم يزلْ **** رَطْباً، يفوح بمسكه الميدانُ في حينها نَفضَ الغُبارَ وسجَّلَتْ **** عَزَماتِه الدَّهناءُ والصُّمَّانُ أوَ لم يَقُلْ، وهو الخبيرُ وإِنما **** بالخبرةِ العُظْمى يقوم كيانُُ: مُدُّوا يدَ البَذْلِ الصحيحةَ وادعموا **** شعبَ الإِباءَ فإنهم فُرْسَانُ شَعْبٌ، فلسطينُ العزيزةُ أَنبتتْ **** فيه الإباءَ فلم يُصبْه هَوانُ شَعْبٌ إذا ذُكر الفداءُ بَدا له **** عَزْمٌ ورأيٌ ثاقبٌ وسنانُ شعبٌ إذا اشتدَّتْ عليه مُصيبةٌ **** فالخاسرانِ اليأسُ والُخذلاُن لا تُخرجوهم من مَكامنِ أرضهم **** فخروجُهم من أرضهم خُسران هي حكمةٌ بدويَّة ما أدركتْ **** أَبعادَها في حينها الأَذهانُ يا قُدْسُ لا تَأْسَي ففي أجفاننا **** ظلُّ الحبيبِ، وفي القلوبِ جِنانُ مَنْ يخدم الحرمين يأَنَفُ أنْ يرى **** أقصاكِ في صَلَفِ اليَهودِ يُهانُ يا قُدسُ صبراً فانتصاركِ قادمٌ **** واللِّصُّ يا بَلَدَ الفداءِ جَبَانُ حَجَرُ الصغير رسالةٌ نُقِلَتْ على **** ثغر الشُّموخ فأصغت الأكوانُ ياقدسُ، وانبثق الضياء وغرَّدتْ **** أَطيارُها وتأنَّقَ البستانُ يا قدس، والتفتتْ إِليَّ وأقسمتْ **** وبربنا لا تحنَثُ الأَيمانُ واللّهِ لن يجتازَ بي بحرَ الأسى **** إلاَّ قلوبٌ زادُها القرآنُ حاولت جمع لا اقول كل بل بعضا
|
||