اتمنى ان ينتفع به كل من قرأه شكرا للجميع
التحميل من هنــــــا
اتمنى ان ينتفع به كل من قرأه شكرا للجميع
التحميل من هنــــــا
:educ4 0_smilies_13مجلس الشراكة
لتتمة الموضوع المرجوا التسجيل في المنتدى للحصول على تفاصيل اكثر
يناير 2022
دخل اتفاق الشراكة بين كل من المملكة المغربية و الاتحاد الأوربي حيز التنفيذ في 1 مارس 2001. و قد عمل الطرفان منذئذ على إنشاء أهم أجهزة الشراكة و هما مجلس الشراكة، و ينعقد على المستوى الوزاري، و لجنة الشراكة التي تضم الموظفين السامين.
ويعتبر مجلس الشراكة الجهاز الأول و الرئيس لإدارة اتفاق الشراكة، إذ ينعقد على المستوى الوزاري مرة كل سنة أو كلما دعت الضرورة إلى ذلك, و يعالج أهم القضايا المطروحة في إطار الاتفاق و كذا كل القضايا الثنائية أو الدولية ذات الاهتمام المشترك. و يتألف المجلس من ممثلين عن حكومة المملكة المغربية و آخرين عن كل من مجلس الاتحاد الأوربي و لجنة المجموعات الأوربية.
و حتى يتسنى للمجلس بلوغ الأهداف المسطرة في اتفاق الشراكة، خولت له صلاحيات من قبيل اتخاذ قرارات ذات صبغة إلزامية، و صياغة توصيات من أجل تفعيل أنجع لمقتضيات الاتفاق.
و قد انعقد مجلس الشراكة الأول بلوكسمبورغ في 9 أكتوبر 2000، و شكل ذلك مناسبة للمغرب لتقديم إعلان عرض فيه رؤيته الاستراتيجية التي ينوي من خلالها تطوير علاقاته مع الاتحاد الأوربي.
و قد ارتكز الإعلان الآنف الذكر على محورين رئيسين:
1- تفعيل إجراءات تنفيذ مقتضيات اتفاق الشراكة (الحوار السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي، منطقة التبادل الحر، إلخ﴾.
2- دعوة المغرب الاتحاد الأوربي إلى التفكير في خلق إطار جديد للتعاون بينهما، إطار يتجاوز الشراكة في صيغتها الراهنة.
و في السياق ذاته، تقدم المغرب بسلسلة من المقترحات الرامية إلى تقوية العلاقات مع مجموع دول الاتحاد. و قد انصبت هذه المقترحات على تحسين إطار الحوار السياسي، و توثيق أواصر التعاون الاقتصادي و التجاري و المالي و العلمي، و تمتين عرى الشراكة الاجتماعية و البشرية، و إيلاء عناية خاصة للتعاون في الحقل الثقافي.
و في 9 أكتوبر 2001، انعقد مجلس الشراكة الثاني بلوكسمبورغ. حيث ندد الطرفان، المغربي و الأوربي، الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة الأمريكية و أكدا على ضرورة استئناف الحوار بالشرق الأوسط بغية إيجاد حل للنزاع الدائر هناك. و قد تطرق الطرفان في إطار « الحوار السياسي » إلى ثلة من المواضيع كضرورة إنعاش التكامل المغاربي في إطار اتحاد المغرب العربي، و قضية الصحراء و مسلسل برشلونة. كما شكل الحوار بين الأوربي الإفريقي، و الوضع في العراق و كذا إنشاء منطقة للتبادل الحر بين كل من المغرب و تونس و مصر والأردن إحدى أهم محاور النقاش.
علاوة على ذلك، تبادل الطرفان وجهات النظر حول العلاقات السياسية والاقتصادية و المالية و الاجتماعية و الثقافية و كذا بخصوص تفعيل اتفاق الشراكة بينهما. كما عرض الطرفان لمختلف أوجه مسألة الهجرة. و في هذا السياق، تقدم المغرب بمشروع يرمي إلى تعزيز قدراته على مكافحة الهجرة السرية.
كما جدد المغرب رغبته في تحقيق وضع متقدم في علاقاته مع الاتحاد الأوربي، و ذلك استنادا إلى رؤية استراتيجية و مجددة تستشرف مستقبل الشراكة بينهما. تلكم الرؤية التي ستضمن التقارب المضطرد بين اقتصادي الطرفين و بين مجتمعيهما، اللذان يتقاسمان نفس قيم الديمقراطية و الحرية و حقوق الإنسان.
و قد سجل المغرب بارتياح دعم الاتحاد الأوربي و اهتمامه بإنشاء منطقة للتبادل الحر بين كل من المغرب و تونس و مصر و الأردن.
بعد ذلك، ضرب الطرفان موعدا ببروكسيل في شهر فبراير 2022 لعقد مجلس شراكة ثالث.
التبادل بين المغرب و الاتحاد الأوربي
– يصدر المغرب جل إنتاجه إلى أوربا وذلك بنسبة y.26 أما معظم وارداته فمن أوربا كذلك وذلك بنسبة i.26 ويأتي في المرتبة الثانية آسيا وبعد ذلك أمريكا .
– تشمل الصادرات و الواردات مجموعة من المواد كالمواد الغذائية و المواد الخام سواء الفلاحية أو المعدنية إضافة إلى المواد المستهلكة ونصف المصنعة و مواد التجهيز .
– تعتبر فرنسا أول دولة أوربية من حيث مداخيل المغاربة القاطنين بدول الاتحاد الأوربي (15.000 مليون درهم ) و يأتي بعدها إيطاليا (5000 مليون درهم ) ثم آسيا .
اتفاقية الشراكة بين المغرب و الاتحاد الأوربي
– شملت اتفاقية الشراكة المغربية مع دول الاتحاد الأوربي عدة مجالات : المجال السياسي و المجال الاقتصادي و المجال الاجتماعي و المجال الثقافي وذلك م أجل تطوير المبادلات التجارية وتقديم المساعدات الصحية وتحقيق التعاون الثقافي و العلمي و التربوي إضافة إلى تشجيع الاستثمارات بين الطرفين .
بعض جوانب التعاون في ايطار الشراكة بين المغرب و الاتحاد الأوربي
– ساهمت اللجنة الأوربية في تشجيع المقاولات المغربية من أجل تحسين قدرتها التنافسية وذلك من خلال تطبيق برنامج هادف ومركز .
– قام بنك الاستثمار الأوربي بتمويل عدة مشاريع بالمغرب كبناء الطريق السيار الرابط بيــــــن الدار البيضاء و الجديدة و تأهيل التجهيزات الهيدرو- فلاحية إضافة إلى تشييد محطة تحويل وصنع الإنتاج الكهرباء .
– شملت اتفاقية الشراكة في مجال الصيد البحري استعمال الأساليب التقليدية المسموح بها من أجل الحفاظ على الثروة السمكية واستغلال المعقلن لثروات السمكية
في أواسط عقد الثمانينات من القرن العشرين، طرح الملك الراحل الحسن الثاني على الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران، مسألة انضمام المغرب إلى بلدان السوق الأوروبية المشتركة، ولاسيما بعد دخول إسبانيا والبرتغال إلى المجموعة الاقتصادية الأوروبية في 1 كانون الثاني 1986، بوصفهما البلدين اللذين كانا ينافسان المغرب على صعيد المنتجات الزراعية. وعندما سئل العاهل المغربي إن كان جادا في طلب انضمام بلاده إلى عضوية المجموعة الاقتصادية الأوروبية،أجاب قائلاً:« من حقنا أن نحلم، ففي السياسة يبدأ كل شيء من خلال الحلم».
وهاهو الحلم يتحقق، عندما منح وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي خلال اجتماع مجلس الشراكة الذي عقد في لوكسمبورغ يوم الاثنين 13 أكتوبر الجاري المغرب صفة «الوضع المتقدم» التي تعطيه امتيازات العضوية كلها، باستثناء المشاركة في المؤسسات التمثيلية والتنفيذية.
ومنذ توقيع معاهدة روما في عام 1957 من قبل الدول الست المؤسسة للسوق الأوروبية المشتركة (ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، بلجيكا، هولندا، لوكسمبورغ)، التي نصت في أحد بنودها على ضرورة رفع وزيادة وتيرة التبادلات التجارية والعمل على تحسين العلاقات الاقتصادية عامة، مع دول البحر الأبيض المتوسط، عملت الدول الأوروبية المعنية على تطبيق هذا البند . فعقدت عدة اتفاقيات مع الدول المغاربية في النصف الثاني من عقد السبعينات . ومنذ العام 1963، بدأ المغرب مفاوضات مع بلدان السوق الأوروبية المشتركة على قاعدة البند رقم 238 من المعاهدة .
وتوجت هذه المفاوضات بعقد اتفاقية أسهمت في خلق شراكة بين السوق الأوروبية المشتركة، والمملكة المغربية في 31 آذار / مارس 1969، وفي 26 شباط 1996، وقع المغرب مع الاتحاد الأوروبي اتفاقا جديدا، يندرج ضمن سياق المجالات الثلاثة التي أقرتها الشراكة الأوروبية – المتوسطية في مؤتمر برشلونة 28 سبتمبر 1995، والتي تتمثل في إحداث منطقة تبادل حر تدريجياً إلى جانب التعاون المالي والتكنولوجي والاقتصادي بحلول سنة 2022. وقد سبقت عملية التوقيع مفاوضات شاقة بسبب تعقد الملفات، ولاسيما في مجالي الزراعة والصيد البحري .
وهدف الاتفاق المغربي – الأوروبي إلى فتح المجال تدريجياً لتحرير مبادلات السلع الزراعية بين الجانبين. فهو يندرج ضمن خطة الاتفاقيات السابقة لأنه يقضي بتحديد حصص الصادرات المغربية قبل دخولها السوق الأوروبية ضمن إعفاء جمركي على أساس احترام توقيت زمني وعامل سعر الدخول. لكنه يشير في الوقت عينه إلى آفاق تطور هذه المبادلات نحو مزيد من التحرير في هذا الإطار، سيكون الطرف المغربي مطالباً بمنح الإتحاد الأوروبي نظاماً خاصاً لصادراته الفلاحية.
لذا اتفق الطرفان على إعادة دراسة شروط توسيع تحرير مبادلات هذا القطاع في سنة 2000 . ويحتل القطاع الزراعي في المغرب دورا متميزا في النسيج الاقتصادي والاجتماعي إذ يساهم مابين (17-20%) من الناتج المحلي الإجمالي، كما يوفر العمل لأكثر من 6 ملايين من الأيدي العاملة في المغرب.
لقد أسرعت عالمية التجارة، وتحرير نظام العلاقات الدولية، من توعية أوروبا تدريجياً بعد التزامها الجديد في حوض البحر الأبيض المتوسط باعتباره عاملاً ضرورياً لاستقرارها الخاص، وفرصة لمد نفوذها في الوقت عينه. وقد أسهمت عدة متغيرات دولية وإقليمية كبيرة شكلت دافعاً قوياً لإقناع مجموعة دول الاتحاد بأن أوروبا لا يمكن لها أن تبني مستقبلها بتجاهل جنوب المتوسط. ومن هذه المتغيرات، حرب الخليج الثانية وإسقاطاتها المدمرة عربياً وعالمياً، لجهة هيمنة الولايات المتحدة الأميركية على منابع النفط، واستخدامها سلاح النفط لخنق أقرب منافسيها من التكتلات الاقتصادية العملاقة وهي أوروبا واليابان.
وأخيرا هناك التحديات الإقليمية التي تتمثل في مجموعة المخاطر والتهديدات الأمنية التي باتت تهدد الأمن الأوروبي، وهي في معظمها قادمة من الجنوب الذي يشمل جنوب وشرق المتوسط، وأهم تلك التحديات:
-تصاعد المد الأصولي الإسلامي في كل من مصر وتونس والجزائر، والمغرب وانفجار الأزمة الجزائرية، حيث إن نظرة الغرب للإسلام مازالت ترى أن الإسلام يعني الأصولية، وهذه الأخيرة تعني الإرهاب.
-استمرار تدفق المهاجرين غير الشرعيين من شمال إفريقيا إلى أوروبا، إذ تعتبر أوروبا أن النمو الديمغرافي المغاربي، وتزايد الهجرة غير الشرعية، وتصاعد الأصولية الإسلامية في البلدان المغاربية وفي العالم، وغياب سياسة أوروبية موحدة، وتضاربها تجاه بعض أزمات المنطقة، من أكبر التحديات التي تواجه دول الاتحاد الأوروبي في عقد التسعينات،وبداية القرن الواحد والعشرين.
إن منح المغرب صفة«الوضع المتقدم» من قبل الاتحاد الأوروبي تأتي أيضا متزامنة مع منح حلف الأطلسي بمبادرة من الرئيس بوش المغرب صفة مراقب من خارج بلدان الحلف. ويعتقد المحللون الغربيون أن منح المغرب هذه الصفة التفضيلية التي لم تحظ بها إسرائيل ولا حتى تركيا، ستنعكس على صعيد تعزيز التعاون الأمني، ومكافحة الهجرة غير الشرعية
الحمد لله وحده وبعد:
من الملاحظ أنه كلما نُشِرَ موضوع يبحث في سيرة الأمير عبد القادر الجزائري ـ سواءٌ لبيان أحداث جهاده وحروبه مع الجيوش الفرنسية ، أو للردِّ على الشبهات المثارة حوله ـ تبرز أسئلةٌ من بعض الإخوة القرّاء مضمونها : [لماذا الحديث دائمًا عن جهاد الأمير عبد القادر ومَنْ تَبِعَه من أهل الغرب الجزائري ولا يُتَحدَّث عن جهاد أحمد باي وأهل الشرق الجزائري؟ ولماذا رفضَ الأمير عبد القادر التحالف مع أحمد باي للقيام بثورة شاملة على جيوش الفرنسيين الغزاة؟ ولماذا قَبِل الأمير مهادنة الفرنسيين ريثما يقضوا على ثورة أحمد باي؟ ألم يكن من الأفضل أن يتحالف الأمير مع أحمد باي؟]
ويزيد بعض الإخوة سؤالاً آخر فيقول مستفهمًا ومتعجِّبًا : [لماذا يُقال عن الأمير إنه مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة مع أنه أقام دولته في بعض ولايات الغرب فقط؟!]
وبسبب تكرار هذا الأسئلة رأيتُ من المهم أن أبيّن للإخوة القرّاء حقيقةَ الأحداث في تلك الحِقبة ، وذلك جوابًا على أسئلتهم. فأقول بدايةً :
إنني أوصي نفسي وجميعَ الإخوة بعدم التشنج على ما ترسَّب واستقرَّ في أذهاننا من معلومات قد تكون خاطئة، وأن نبدأ بقراءة تاريخنا من مصادره الصحيحة، وأن يكون هدفُنا الوصولَ إلى الحق وأخذ الدروس والعِبر من تاريخنا وماضينا، وما أجمل ما صدَّر به الدكتور محمد العربي الزبيري كتابه (الثورة الجزائرية في عامها الأول) حيث قال : حكمةُ الكتاب"إنَّ الذي لا يدرس الماضي لا يمكن أن يفهم الحاضر، ومِنْ ثمَّ فهو لا يستطيع بناء المستقبل ، لأنّ عملية البناء والتشييد تعتمد، أساسًا، على الواقع المَعِيش".انتهى
وسأذكر الآن أجوبة مختصرة على وجه السرعة، ثم أنتقل إلى التفصيل والتوثيق بعون الله تعالى.
1ـ إن الشعب الجزائري جاهد العدو الفرنسي المعتدي في جميع أنحاء الجزائر من الشرق إلى الغرب، وسطَّر بجهاده أروع الدروس للمعتبرين والذاكرين.
2ـ إنّ أهل الشرق الجزائري (قسنطينة وما حولها) كانوا معجبين بجهاد إخوتهم في الوسط والغرب الجزائري، وكذلك كان أهل الغرب والوسط معجبين بجهاد إخوتهم في الشرق الجزائري.
3ـ إنّ جهاد الشعب الجزائري ليس محصورًا أو مقيَّدًا بشخص واحد ، وإنما هو جهاد أمَّةٍ بكمالها ، وبروز اسم الأمير عبد القادر الجزائري في مقدمة الحديث عن جهاد هذه الأمّة سببه أنه هو القائد الذي توحَّدت وتجمَّعت تحت إمرته معظم قبائل ومدن الجزائر فأدَّت إليه البيعة ، وهو بدوره بذل كل وسعه في قيادتها وصيانة كرامتها ، فأجبر الدولة الفرنسية على الاعتراف بالأمّة الجزائريّة وجعلها تخضع لإمارته وتبرم معه المعاهدات الرسمية الدولية!
4ـ إنّ أهل قسنطينة وما حولها كانوا يريدون أن يبايعوا الأمير عبد القادر وهو يريد ذلك ، ولكن الحاج أحمد باي هو الذي عارض ذلك.
5ـ إنّ أحمد باي لم يسعَ إلى التحالف مع الأمير ولم يعرضه عليه مطلقًا!!
6ـ إن الأمير عبد القادر هو الذي عرض على أحمد باي أن ينضم إليه ويتحالف معه وذلك أكثر من مرّة.
7ـ إن أحمد باي هو الذي كان يرفض في كل مرّة التحالف والاتحاد مع الأمير.
8ـ إنّ أحمد باي هو الذي هاجم خلفاء الأمير في المنطقة الشرقية وقاتلهم دون أن يتعرّضوا له!
9ـ الأمير عبد القادر لم يحارب أحمد باي ولم يتآمر عليه أبدًا.
10ـ الأمير أبرم معاهدة تافنة مع دولة فرنسا لأجل تقوية جيشه وتخفيف الضغط عن الشعب الجزائري، وليس لأجل السماح لفرنسا بالاستيلاء على قسنطينة!(ولم يكن يعلم أن فرنسا تخطط لذلك)
11ـ أحمد باي لم يعلن أي ثورة ولا يوجد في التاريخ الجزائري شيء اسمه ثورة أحمد باي!!
12ـ الأمير عبد القادر بويع أميرًا على الجزائر من قبل معظم الشعب الجزائري ، وامتدّت دولته ونفوذه لتشمل معظم التراب الجزائري في الغرب والوسط والجنوب والشرق. والمدن التي لم تكن تحت إمرته هي أربع مدن ساحلية، ومدينة قسنطينة وبعض نواحيها فقط.
13ـ جميع ما ذكر هو باتفاق المؤرّخين الجزائريين والأجانب المعتَبَرين، وهو مُثْبَت في جميع المراجع المشهورة والمعروفة والمتداولة بين الناس.
14ـ على الذين ينكرون كل ما ذكر أو بعضه أن يبينوا أدلّتهم ويذكروا مراجعهم ووثائقهم.
وبعد :
فإنّه من الضروري لكل من يريد أن يتحدث في التاريخ بصدقٍ وعن عِلم ، أن يطّلع على مصادره ومراجعه المتخصصة ، وأن يكون على دراية في كيفية قراءة التاريخ وفهمه ، ومن المهم جدًّا أن يكون القارئ للتاريخ والباحث فيه حياديًا وغير منحاز لفئة أو متعصبٍ لها. وقبل كل ذلك لا بدّ أن يكون غرضه صحيحًا ويرجو فيه الخير ، ويتقي الله فيما يكتبه وينشره.
لذلك فإنني في جوابي سأعتمد المعلومات التي صدرت عن مراجع حيادية في تاريخ الجزائر، وسأترك المعلومات الواردة في الكتب والمراجع التي قد يصنّفها البعض أنها منحازة أو غير منصفة.
والذي أعتقده ـ بعد بحث وقراءة في الكثير من الكتب التي أرَّخت للجزائر ـ أنّ كُتب الأستاذ الدكتور (أبو القاسم سعد الله) مُؤرِّخ الجزائر الكبير، هي من أفضل المراجع التي يمكن الاعتماد عليها في هذا الخصوص، وخاصّة أنّ كثيرًا من الكتّاب والمؤرِّخين الجزائريين الذين هم من مشارب متعددة ومدارس مختلفة، يوافقونه فيما ذهب إليه وأثبَتَه في هذا الخصوص.
وقبل أن أسرد كلام الدكتور أبي القاسم ، أجد من المهم أن أوضّح بعض الأشياء.
أولاً؛ عندما نريد أن نعقد مقارنةً بين شخص الأمير عبد القادر وشخص الحاج أحمد باي ، علينا أن نعرف حجم الشخصيتين التاريخي ، وذلك يكون بتعرّف الآثار التي تركها كل واحد منهما ، وبتتبع صدى اسم كل منهما عبر العصور والحقب.
مثال على ذلك : إذا حاولنا جمع المصادر التاريخية التي كَتَبَت أو تَرْجَمَت لكل من الأمير عبد القادر وأحمد باي نجد أنّ حجم المصادر والكتب التي تحدثت عن الأمير أكبر بكثير من تلك التي تحدثت عن الحاج أحمد باي.
وهذا سواء في المصادر العربية أو الأجنبية! يقول لويس لاتايّادفي كتابه (الأمير عبد القادر) : ((إنَّ المراجع ذات الصلة بعبد القادر (كتب، نشرات، مقالات، وثائق أرشيف ..الخ ..) تتجاوز الألف كثيرًا)).انتهى[ص 245]
وقد بحثت عن أحمد باي في المراجع الكبيرة التي تصدَّت لترجمة الأعلام في العالم العربي والإسلامي ولو لم يكونوا من المشاهير؛ مثل (الأعلام) لخير الدين الزركلي ، وغيره؛ فلم أجده في تراجمها!
وكذلك إذا نظرنا في الآثار التي تركها الأمير وتحدّث عنها الكتّاب نجد أنّها أكثر وأعمق وأبلغ من تلك التي تركها أحمد باي وتحدَّث عنها الكتّاب.
فمثلاً : إن دولة فرنسا المعتدية على الجزائر اضطرت لعقد معاهدات مع الأمير عبد القادر واعترفت بسيادته على الكثير من أقاليمها، في حين لم تعقد أي اتفاقية أو هدنة مع الحاج أحمد باي!
ولذلك لا عجب أن يستمر الحديث والكتابة والتأليف وعقد المؤتمرات بخصوص الأمير عبد القادر الجزائري في العالم كلّه، في حين نجد أنّ الحاج أحمد باي لا يحظى بذلك الاهتمام. وهذا لا يعني التقليل من جهود أحمد باي أو التهوين من شأنه ، وإنما هي مسألة الأقدار التي كتبها الله لكل واحد من بني آدم.
ثانيًا؛ عندما نريد أن نعالج مسألة تاريخية يجب أن تكون هذه المسألة وقعت أصلاً، لا أن نفترضها أو نتخيلها! وعندما نريد أن نحكم على مواقف بعض الأشخاص يجب أن نكون على يقين من الدوافع التي كانت لديهم ، لا أن نضع لهم دوافع من عندنا ونحكم على نيّاتهم رجمًا بالغيب!
ثالثًا؛ علينا أن نفرّق ـ ونحن نقرأ التاريخ القديم وقد جُمِعت أحداثه المتفرّقة ـ بين ما نراه الحل الأفضل ونتمنى لو أنه حدث ولكنه لم يحدث، وبين أن نحمّل تَبِعات عدم حدوثه لأشخاص لم يكونوا يعلمون الغيب، وفوجئوا بالأحداث!
وقبل أن أَشْرَع في بيان الحالة التي كانت بين الحاج أحمد باي والأمير عبد القادر ، أجد من الضروري التعريف بشخصية الحاج أحمد باي وسيرةِ حياته .
عرّف الأستاذ الدكتور أبو القاسم سعد الله بشخصية أحمد باي وبيّن الأوضاع التي كانت تحيط به فقال : ((.. إن حياته غنية وخصبة وجديرة بالاعتبار.
ولِدَ قرابة سنة 1786م لأبيه محمد الشريف ابن الباي أحمد القليي ، الذي حكم قسنطينة نحوًا من خمسة عشر عامًا. وأمّه رقية ابنة الحاج ابن قانة ، رأس إحدى العائلات الصحراوية الكبيرة ، وشيخ من أبرز شيوخها (شيخ العرب). وتثقَّف أحمد بن محمد ثقافة عصره، فأخذ من العربية الأدبَ واللسان ، ومن التركية الحُكم والسلطان، وتربى مع لِدَاتِه أبناء الأُسر الجزائرية، واندمج في حياة المدينة والريف، وتمرَّن على الصيد والفروسية، ومارس الحكم وهو ابن 18سنة إذ عيَّنه أحد البايات قائدًا على قبائل العواسي، وكان إذا عزل من منصبه يذهب نحو الغرب (مليانة، العاصمة، البليدة، الخ.) بعيدًا عن المؤامرات حتى يصفو الجو ويأتي من يقرِّبه إليه. وعندما تولَّى حسين باشا الحكم سنة 1818م قرَّبه إليه واعتبره أحد المخلصين له وعيّنه نائبًا لباي قسنطينة عندئذ، وهو أحمد المملوك، ولم تأت سنة 1826م حتى أصبح هو باي الإقليم كله.
وتمكن أحمد بن محمد من أداء الحج قبل توليه وظيفة الباي.
ومع أنّ الحاج أحمد كان أقرب العناصر التركية في الجزائر إلى الشعب فإنّه ظلَّ وفيًا للخلافة والسلطان العثماني. فلم يفكر في إعلان الاستقلال وتوحيد البلاد تحت شعار الوطنية، أو على الأقل لم يستقل استقلالاً في درجة محمد علي والي مصر نحو السلطان. لقد كان الوحيد الذي يملك التجربة والنظام والقوة سنة 1830م. أمّا من ظهروا بعد هذا التاريخ فقد كان عليهم أن يبدؤوا من الصفر، أو كانوا لا يملكون إلا الطموح مثل بعض البايات الذين نافسوه…. وكان ما قام به من إجراءٍ نحو الأتراك الذين تآمروا عليه أثناء غيابه في الجزائر، كان إجراءً انتقاميًا لا سياسيًا.
وقد ظهر حزبان على الأقل في قسنطينة منذ 1830 : حزبٌ ينادي باستمرار النظام التركي العثماني ، تزعَّمه المتآمرون على الباي الغائب، ولا شك أنّ هؤلاء وعلى رأسهم حمود بن شاكر، كانوا يعتقدون أنّ الحاج أحمد ليس منهم وأنه وطني بالأمومة والعاطفة والتكوين ، وأنهم خافوا منه ليس على مصيرهم فقط ولكن على مصير النظام كاملاً، أي الولاء لاسطنبول. أمَّا الحزب الثاني فقد تزعّمه أعيان قسنطينة وعلى رأسهم الشيخ محمد بن الفكون، شيخ الإسلام، الذي كانت كلمته مستجابة، يُضاف إلى هذا أنّ الحاج ابن قانة خال الحاج أحمد، قد لعب دورًا في إقناع الأعيان المذكورين بجزائريّة الحاج أحمد وعروبته.
إنّ تاريخ عودة الحاج أحمد إلى قسنطينة وتخلّصه من الأتراك المتآمرين عليه بالقتل وغيره ، واعتماده على جيش جديد من الشعب واستيلائه من جديد على مقاليد السلطة، هذا تاريخ معروف عند الدارسين…
اعتمد الحاج أحمد إذن على العنصر الوطني أكثر من ذي قبل. فقد سقط النظام المركزي بالعاصمة الذي كان يمكن أن يمدَّه بالدعم العسكري، وبَعُدَت الشُقَّة بينه وبين الباب العالي، وكثر خصومه المنادون برأسه والساعون إلى منصبه. وهاهم الفرنسيون أيضًا يهاجمون عنابة وبجاية، ويبثون عيونهم ومناشيرهم، وهاهو باي تونس يتآمر عليه مع الفرنسيين. إذن لا مناص للحاج أحمد من الاعتماد على العنصر الوطني : جيشًا وإدارة ومالاً. فأمّا شيخ الإسلام فقد جلب إليه ولاء الحضر، وأمَّا زواجُه السياسي فقد جلب إليه ولاء القيّاد ورجال الصف : أهل الحرب والفروسية من أمثال أولاد مقران (مجانة) وأولاد ابن قانة (الزيبان)، وأولاد عز الدين (زواغة)، وأولاد عاشور (فرجيوة). كما أنّ ولاء ابن عيسى وأضرابه جلب إليه أهل زواوة الصغرى والكبرى بجيشهم القوي وصمودهم المثالي، وقد أعاد الحاج أحمد على ضوء ذلك تنظيم الإدارة والجيش والمالية والنواحي، ولقَّب نفسه بلقب الباشا، وأرسل إلى السلطان يُعلن له الولاء ويطلب التأييد المعنوي والمادي، وراسل أهل إقليم الوسط يطلب منهم البيعة له، ولكننا لا نعرف أنه طمح إلى طلب البيعة له من الإقليم الغربي. ومن أجل هذا التنظيم الجديد وتخلصه من المتآمرين عليه، اتُّهِم الحاج أحمد بالقسوة والطغيان وحب المال، كما اتهم بالجبن. ولكن تلك أحكام ما تزال في حاجة إلى تأكيد أو نفي لأنها أحكام صادرة عن أعدائه الفرنسيين وحزبهم من الجزائريين المعاصرين له.
وإذا كان الأمير (عبد القادر) قد اعتمد في إدارته على رجال الدين فإن الحاج أحمد قد اعتمد على رجال السيف. فالأسماء اللامعة في إدارة الأمير هي : البركاني والسعدي وابن التهامي وابن علال الخ. وكلهم من أهل العلم والدين والزوايا. أمّا الأسماء اللامعة في إدارة الحاج أحمد فهي : ابن عيسى وابن الحملاوي وابن قانة والمقراني الخ. وكلهم من رجال السيف والحرب. تلك إدارة الإقطاع الديني وهذه إدارة الإقطاع الاقتصادي. تلك إدارة المثقفين ، وهذه إدارة الحاكمين.
وكما كان للحاج أحمد أنصار وأصدقاء كان له أيضًا خصوم وأعداء.وقد كثر أعداؤه بالخصوص بعد فرض الغزو الفرنسي على مدينة الجزائر ، إذ تحرّك أصحاب النوايا الخاصة ، وطمع الطامعون في حكم قسنطينة بمساعدة العدو الفرنسي. ولم يكن يجمع هؤلاء الأعداء جامعٌ سوى السخط على الحاج أحمد والإطاحة به ، ولم يقدِّروا أنَّ المستفيد من تناحرهم هو عدوّ الجميع.
وهؤلاء الأعداء هم: 1ـ فرحات بن سعيد، 2ـ إبراهيم الكريتلي، 3ـ ومحمد الصغير بن نعمون، 4ـوأحمد الشريف الريغي، 5ـ وعبد الرحمن سلطان تقرت، وغيرهم. يضاف إلى ذلك عداوة الفرنسيين الذين ناصبوه العداء من أوّل وهلة وعينوا له 6ـ اللقيط يوسف بايًا منافسًا له في عنّابة، 7ـ كما أنّ باي تونس كان عدوًا له يكيد له مع السلطان ومع رعيته، ويتحالف عليه مع الفرنسيين.
ومما لا شك فيه أن الأمير عبد القادر كان أيضًا من خصوم الحاج أحمد ، ولكنه لم يحاربه في الميدان أو يكيد له مع الفرنسيين ، وإنما بدأ يهتم بقسنطينة بعد توقيع معاهدة التافنة ، وأخذ يسعى بالمراسلة ونحوها إلى الاعتراف به سلطانًا وأميرًا للمؤمنين على الجزائر العثمانية كلها)).انتهى[(الحركة الوطنية الجزائرية) لسعد الله من ص140 إلى 145 باختصار]
إذن : هذه نُبذة سريعة من حياة الحاج أحمد باي ، وإذا أخذنا الجانب المتعلق بالعلاقة بينه وبين الأمير ، فإننا نجد أنّ الأستاذ أبا القاسم قد وصف العلاقة بينهما بالخصومة! فقال:"والأمير من خصوم الحاج أحمد"؛ في حين نجده قد وصف الآخرين بأنهم أعداء للحاج أحمد ؛ والذي أراه أنّ الأستاذ أبا القاسم قد تعمّد ذلك ولم يستعمل لفظ العداء وإنما عَدَلَ إلى لفظ الخصومة وزاده توضيحًا فقال :"ولكنه لم يحاربه في الميدان أو يكيد له مع الفرنسيين" والفرق واضح بين قولنا فلان عدو فلان ، وبين قولنا فلان خصم فلان. لأنّ الخصومة هي خلاف في الرأي وليس معها عداوة.
وإذا رجعنا إلى العبارة الأولى لسعد الله نجده قال : (وكما كان للحاج أحمد أنصار وأصدقاء كان له أيضًا خصوم وأعداء) . فجعل كلمة الخصوم في مقابلة الأنصار ، وكلمة الأعداء في مقابلة الأصدقاء.
ومع ذلك فإنّ كلام الأستاذ سعد الله ـ على إنصافه واحتياطه ـ بحاجة إلى توضيح من كان يخاصم الآخر؟ هل الأمير هو الذي خاصم أم أحمد باي هو المخاصم؟ وفي النقول التي سأعرضها عليكم من كتب الأستاذ سعد الله ، نجد دون أدنى شك أنَّ الحاج أحمد باي هو المخاصم .
وأستطيع القول إنّ الأمير لم يكن يحمل أي عداء أو كره لأحمد باي ، بدليل أنّنا إذا رجعنا إلى كتاب (تحفة الزائر في مآثر الأمير عبد القادر وأخبار الجزائر) نجد أنّ الكاتب عندما يتحدّث عن أحمد باي لا يصفه بأي وصف يشعر بوجود أي بغضاء أو حتى خصومة. ومؤلّف هذا الكتاب هو محمد باشا الابن الأكبر للأمير، وبدأ بكتابته في حياة الأمير ، فلو كان هناك أي عداوة أو خصومة لظهرت في كلامه لكننا لا نجد أثرًا لذلك.
وكذلك إذا رجعنا إلى كتاب (نخبة ما تسر به النواظر) وهو من تأليف الأخ الأصغر للأمير، السيد أحمد بن محيي الدين الحسني ، لا نجد أي كلمة أو عبارة تشعر بوجود عداوة بين الأمير وأحمد باي. بل على العكس، نجده لا يذكره باسمه فحسب بل يضيف إليه لقب الحاج فيقول الحاج أحمد باي! وفي هذا دليل على احترام الرجل.
والذي وجدته في كلام شقيق الأمير أنه عندما تحدَّث على سقوط قسنطينة في أيدي الفرنسيين ذكر أخطاء أحمد باي التي تسببت في سقوط تلك المدينة العظيمة، دون التعرض لشخص الرجل أو التشهير به.
والأمر الذي اتفق عليه المؤلِّفان هو الإشادة بأهل قسنطينة وبعلمائها ، والإعجاب ببسالة وشجاعة المجاهدين من أهل قسنطينة ، والتأسف على سقوط المدينة بأيدي الفرنسيين . فأورد محمد باشا ابن الأمير نصَّ الجواب الذي أرسله أعيان قسنطينة ردًّا على طلب الفرنسيين ـ المحاصرين لقسنطينة ـ تسليم المدينة ، ونَصُّه : ((من الأمّة المحافظة على شرفها وبلدها إلى العسكر الفرنساوي المعتدي على حقوق غيره : قد وصلتنا رسالتكم وفهمنا ما ذكرتموه فيها ، نعم إنّ مركزنا أمسى في خطر عظيم، ولكنْ استيلاؤكم على قسنطينة المحمية بالأبطال العربية الذين لا يهابون الموت ، موقوفٌ على قتل آخر واحد منهم. واعلموا أنَّ الموت عندنا تحت أسوار بلدتنا أحسن من حياتنا تحت سلطة فرنسا)).انتهى
ثمّ تحدَّث عن الهجوم الفرنسي على قسنطينة وكيف استطاع أهلها الأبطال المدافعون عنها أن يقتلوا 1ـالحاكم الفرنسي الجنرال دومريمون، 2ـ والجنرال بريكو، 3ـ والكمندان كومب، 4ـ والقائد فمبه دمبريني، 5ـ وجرحوا القائد الشهير لامورسيير جرحًا بليغًا أعجزه عن القيام ، 6ـ ووقع الألوف من العسكر الفرنسي قتلى وصرعى في أسوأ معارك الفرنسيين مع الجزائريين.
وأمّا السيد أحمد بن محيي الدين الأخ الأصغر للأمير، فعندما تحدَّث عن هجوم الفرنسيين على قسنطينة فإنه ذكر تفاصيل دقيقة لمِا حدث، ثمّ بيَّن أنَّ الذي كان له الفضل في حثِّ أهالي قسنطينة على الدفاع عن أنفسهم وحريمهم وأولادهم ويحرِّضهم على الجهاد والذب عن البلاد إنما هو شيخ البلدة وقائدها ابن البجاوي وليس الحاج أحمد باي، إلى أن مات ابن البجاوي في المحاصرة الثانية واستولت فرنسا على المدينة، وأحمد باي متربصٌ خارجها ينظر ما يؤول إليه أمرها!!
إذن من أين جاء الحديث عن الخصومة أو التنافر بين الأمير والحاج أحمد باي؟
الذي وجدته أنّ هذا الكلام لم يكن له وجود قديمًا وإنما الذي أشاعه وروَّج له هو الدكتور عبد الجليل التميمي التونسي! وتَبِعَةُ ذلك تقع عليه ، ووِزْرُ ذلك يلحق به ، وعند الله تلتقي الخصوم!
فالقارئ لأبحاث التميمي الخاصة بالتاريخ الجزائري يجد أنّ الرجل يبغض الأمير عبد القادر الجزائري بغضًا شديدًا ، وينسب إليه الأباطيل ، ويصوّره في أبشع صورة ، معتمدًا على خياله ومكنونات نفسه!! وقضية الخصومة بين الأمير وأحمد باي إنما هي نموذج من أعماله المسيئة للأمير ولتاريخ الجزائر.
وما يتقوّى به من عرض ما يسميه بالوثائق! لا يقوم به أي دليل علمي. فإنّ تلك الوثائق المزعومة في معظمها تفتقر إلى توثيق ثبوتها أولاً قبل النظر فيها، وقد ثبت بطلان معظمها ، ولكن الدكتور التميمي الذي يفتخر بأستاذه الفرنسي "روبار منتران" ويعتمد منهج المدرسة الفرنسية في معالجة التاريخ ، يأبى القبول بذلك ، ويكتفي بأي ورقة تُلقى إليه من الأرشيفات وفيها اسم الأمير حتى يعتمدها ويبني عليها!!
وأعجب من ذلك أنه حتى إذا تجاوزنا هذا الخلل العلمي الفظيع (وهو مسألة التحقق من الوثائق) ونظرنا في تلك الوثائق فإننا لن نجد المعاني التي استنتجها التميمي وبنى عليها أبحاثه! بل سنجد بكل وضوح أنّ الرجل لا يقرأ ما كُتب في تلك الوثائق وإنما يقرأ ما في ذهنه فحسب!!
الخطير في المسألة أنّ الدكتور التميمي الحائز للوسامِ الثقافي الفرنسي!!! Chevalier de l’Ordre des Arts et des Lettres من وزير الثقافة الفرنسي(J. Lang)سنة 1984م ـ قام بخلق فتنة فظيعة بين أبناء القطر الجزائري ، وراح يشككهم برجالاتهم : برفعه من يحب وخفضه من يبغض! وقَلَبَ حقائق تاريخ النضال الجزائري ، وقد تصدى له بعض علماء الجزائر وردّوا عليه ، ولكن ما كُتب قد كُتب ، وما قيل قد قيل!!
ومن الأمثلة التي تظهر بوضوح تحامل التميمي على الأمير إلى درجة أنه لم يعد يميز ما يقرأ : أنه في بحثه الذي قدّمه عن الأمير عبد القادر في المؤتمر الدولي الثاني لتاريخ بلاد الشام (1978) ـ أوردَ كلامًا على لسان الأمير زعم أنه في رسالة وجهها الأمير من (إمبواز) إلى صاحبه (محمد البوحميدي) "يشرح له فيها عن مدى إعجابه بالفرنسيين لشدة إكرامهم له واحترامهم له إلى درجة لم يكن يتصورها!!" واستنتج بعدها التميمي أن الأمير قد انقلبت مشاعره تجاه فرنسا وأنه أصبح بعد وصوله إليها معجبًا بها وبحضارتها …الخ
والمضحك المبكي في الموضوع أنّ هذه الرسالة كما أرّخ لها التميمي أرسلها الأمير من إمبواز!!!والمعروف أنّ الأمير كان سجينًا هناك هو وأمّه وإخوته وعائلاتهم، وكانوا يعيشون ظروفًا صعبة وأوضاعًا سيئة تسببت في موت بعض أولاد الأمير وبعض أقاربه وأصحابه!!! فكيف تقبّل التميمي أن يكتب الأمير رسالة يُثني فيها على الحكومة الفرنسية التي غدرت به وزجَّت به في السجن خمس سنين؟!!
ولكن المضحك فعلاً أنّ الرسالة موجهة إلى البوحميدي!!
والصغير قبل الكبير ـ فضلاً عن المؤرخين وأهل العلم ـ يعلم أنّ البوحميدي لقي حتفه على يد سلطان المغرب عبد الرحمن بن هشام الذي غدر به وقتله سنة 1847م مع أنه كان في مهمة سفارة بين الأمير والسلطان ، وذلك قبل وصول الأمير إلى أمبواز!!!
أرأيتم إلى هذا التحقيق الفريد من نوعه الذي قام به الدكتور التميمي!! الأميرُ السجين يشكر السجَّان الفرنسي ويثني عليه! والأمير يُراسل صديقه الميت ليخبره أنه مسرورٌ في سجنه فرحٌ بموت أطفاله وأقاربه ، والرسالة تصل إلى قبر البوحميدي فيقرؤها ثم يرقد في قبره مطمئنًّا ، ويبعث بنسخة من الرسالة إلى التميمي!!
إنّ الذين يقبلون مثل هذا الكلام الذي هو أشبه بالهذيان ، عليهم ألاّ يتوقعوا أن يقبله أهل العلم وأهل الفطنة ، وقبل ذلك أصحاب السرائر الطيبة والسويَّة ، وعليهم أن يعلموا أنّ التاريخ لن يذكرهم إلاّ بسيئ أعمالهم .
لا أريد الإطالة الآن في الحديث عن الآثار السيئة لكتابات د. التميمي في التاريخ الجزائري ، ولكن الذي أريد التنبيه عليه هو عدم الركون إلى كتاباته وعدم الاعتماد على آرائه وقراءته الخاصة!
والآن سأشرع بعرض كلام الأستاذ الدكتور سعد الله :
1ـ يقول د.أبو القاسم سعد الله : ((وكان على رأس الإقليم سنة الاحتلال الحاج أحمد بن محمد الشريف ، وتحته عدد من الشيوخ والآغوات والقيّاد ، يحكمون باسمه الأجزاء الأخرى من الإقليم . ورغم حضوره لنزول قوات الغزو بسيدي فرج ومشاركته في معركة اسطاويلي وغيرها ، إلاّ أنه عاد إلى إقليمه عندما تأكّد من سقوط نظام حسين باشا ورأى ضعف وانهيار قيادة الآغا إبراهيم . وللمرء أن يتساءل : لماذا فضل الحاج أحمد الرجوع إلى قسنطينة ولم يحاول انقلابًا في العاصمة ، خصوصًا وهو جزائري المولد والأم والعاطفة ، وهو أيضًا يعرف مدى سخط الناس عن (تتريك) النظام القائم؟ هل أن صداقته مع حسين باشا منعته من ذلك؟ هل أن الحزب الوطني كان يعتبره (تركيًا) أيضًا؟)).انتهى[(الحركة الوطنية الجزائرية)الجزء الأول ص140]
2ـ وقال ص141 : ((ورغم أن الحاج أحمد كان أقرب العناصر التركية في الجزائر إلى الشعب فإنه ظلَّ وفيًا للخلافة والسلطان العثماني)).انتهى
3ـ وأثناء حديثه عن بداية ضعف أحمد باي قال د.سعد الله : ((..وهكذا لم تأت سنة 1837م حتى كانت قوة الحاج أحمد في الحقيقة قد اعتراها الضعف والوهن، وأضرّت بها الفرقة والطمع وقِصَرُ النظر عند البعض ، واشتغال الباي نفسه بإطفاء حرائق بيته قبل الاشتغال بالتحضير ومواجهة العدو. كما أنَّ الرجل قد حكم حوالي اثني عشر سنة واستَنْفَدَ كل طاقاته الإدارية والعسكرية ، وكاد يصبح سجين عاصمته لا يخرج منها إلاّ خائفًا يترقّب ، فقد عزل نفسه قبل أن تعزله الحملة الفرنسية . وكان بعيدًا كل البعد عمّا نسميه اليوم بالقاعدة الشعبية ، لا يختلط بها ولا يشاورها ولا يعيّن الرجال منها ، ولا يستثيرها بعاطفة جديدة كالجهاد والوطنية([1]) . كان يكرر شعارات قديمة أكل عليها الدهر ، وهو أنه رعيّة من رعايا السلطان العثماني ، وهي دعوة تنفع في القرن السادس عشر ، ولكنها لم تعد تجدي نفعًا سنة 1837م . لقد ملَّ كثيرٌ من الناس ظلمَ الأتراك (العثمانيين) وجمودهم على حالة واحدة ، ونظرتهم الارستقراطية ـ الدكتاتورية ، وابتزازهم للمال دون تقديم بديله من علم وفكر وتقنيات ، مع أنهم في قرارة قلوبهم يعرفون أنهم يشتركون معهم في الدين ، ولو لم يبق من هذا الدين المشترك إلا القشور . وهكذا فإن الحاج أحمد في نظرنا قد سقط قبل 1837 ، أسقطه الجزائريون لا الفرنسيون …. أسقطه الجزائريون لأنه لم يقدم لهم بديلاً عن النظام القديم .. فها هي عاصمة الجزائر لم تعد كما كانت في عهد حسين باشا ، وها هي الناحية الغربية والوسطى أصبحت تحكمها معاهدة التافنةوظهر على مسرحها بطلٌ جديد كلّ الجدّة في شخصه وفي أفكاره وفي تنظيماته ، بطلٌ ليس كأبطال الأمس الذين كانوا يُغيرون على سفن القرصنة الأوربيّة فيصبحون بعدها ريّاسًا ودايات وباشوات، إنه بطلٌ كأبطال اليوم يَرْجعُ إلى الشعب ويحسّ بنبضاته ، ويتقمّص آماله ، ويحتكم إلى القرآن والسنة وآثار السلف ، وينفتح على الحضارة والعلم والعقل ، ويستمد طموحه من الشرف والجهاد والوطنية. ولذلك شهدت سنة 1837 طلوع نجم وأفول نجم ، أحدهما يمثّل المستقبل والثاني يمثل الماضي . ولقد صدق (فاليه) عندما حذّر حكومته من الخطر الذي يمثله عبد القادر ولا يمثله الحاج أحمد، عندما كتب من الجزائر إلى وزيره للحربية يقول له:إنَّ الباي ليس له سوى قوة غير دائمة، وهو ليس باعثًا للقومية العربية، كالأمير عبد القادر، "وهي القومية التي ستقلب أوضاعنا ظهرًا على عقب، وتجعلنا نرى مؤسساتنا مهددة بهذه القوة الجديدة مستقبلاً، بل وتجعلنا نعبر البحر من جديد عندما تتطور وتتقدم نحو الحضارة")).انتهى[ص156ـ 157]
4ـ ويتابع د. سعد الله فيقول: ((وذلك ما تحقق فعلاً سنة 1962 ، فقد نمت فكرة الأمير القومية حتى أصبحت عملاقًا ضخمًا، واعتنقت مبادئ الحضارة ، وأجبرت الفرنسيين فعلاً على عبور البحر من جديد! ولكن ما الفكرة الجديدة أو البديل الذي قدّمه الحاج أحمد للأجيال الجزائرية التي ولدت وتعاقبت بعد 1837؟
لقد كان الأولى بالحاج أحمد ، على الأقل بعد سقوطه ، أن ينضم تحت لواء الأمير ، أو يوصي من بقي له من أتباع بالانضواء تحت لوائه ، إذا كان هو لا يستطيع ذلك . ولكننا وجدناه قد أخذته العزّة بالإثم ، فاستمرّ على ركوب رأسه في عدم الخضوع لابن محيي الدين (كما كان يُسمّي هو الأمير) حتى سنة 1838. فها هو يخبر وزيره السابق، علي بن عيسى ، الذي عاونه على الدفاع عن قسنطينة ، يخبره أن الأمير قد وجّه الرسائل إلى أعيان قسنطينة يطلب منهم الدخول في طاعته بعد احتلالها من الفرنسيين ، وأن إحدى هذه الرسائل قد وصلته هو (الحاج أحمد) شخصيًا . ومما قاله لابن عيسى أنه لن يخضع للأمير لأنه لن يستطيع ، في نظره ، أن يصبح (أميرًا) بالفعل ولو وصل إلى السماء ، لماذا؟ لأن عبد القادر في نظر الحاج أحمد ليس من سلالةٍ تلد الأمراء! وقد وعد صاحبه بأنه إذا نشبت الحرب (وهو يتكلّم أثناء سنة الهدنة ـ معاهدة تافنة) فسيختار جانب الفرنسيين على جانب ابن محيي الدين!)).انتهى[ ص157ـ 158]
5ـ ويقول د. سعد الله: ((وفي الوقت الذي كان الحاج أحمد يطلب فيه المعونة من جيرانه من السلطان العثماني كان يرفض التعاون مع الأمير وخلفائه في الأوراس! . فقد عرفنا أنه اتصل سنة 1838م برسالة شخصية من الأمير ورسالتين أخريين لأصحابه الذين كانوا معه ، وهي جزء من حوالي مئتي رسالة كان الأمير قد وجهها إلى أعيان الناحية الشرقية يطلب منهم فيها التعاون وتوحيد الجهاد ضد العدو المشترك . ولكن الحاج أحمد رأى في ذلك حطًّا من قيمته (في موقف شبيه بموقف مصطفى بن إسماعيل آغا الدواير والزمالة) وتعهد لصديقه علي بن عيسى بأن لا يفعل ذلك مطلقًا . ولم يكتف الحاج أحمد برفض التعاون مع الأمير والوقوف على الحياد ، بل إنه حارب خلفاء الأمير في المنطقة)).انتهى[ ص224 ؛وانظر تتمة الكلام في الصفحة ذاتها!]
6ـ قال د.أبو القاسم : ((كان دفاع المدينة مسنودًا إلى القائد ابن عيسى الذي طالما حارب الفرنسيين في عنابة والذي أظهر حنكة ومقدرة فائقة أثناء الحملة الفرنسية الأولى على قسنطينة ، أمّا الحاج أحمد فقد كان يراقب سير المعركة مِنْ على ربوة خارج المدينة . ويُقال أنه كان متهيّئًا للهروب إذا نجحت الحملة ، وأنه لم يقم بأي دور في الدفاع عن المدينة ، معنويًا كان أو عسكريًا، كما يُقال أنه اصطحب معه عائلته وما هو عزيز عليه من مالٍ ومتاع قبل بدء القتال)).انتهى[ ص59]
7ـ وقال د.سعد الله في الحاشية (50) ص196 : ((يذكر أحد الفرنسيين أن الباي الحاج أحمد اعترف لهم بأنه قطع اثني عشر ألف رأس أثناء حكمه (طبعًا من الجزائريين!) ، انظر (مذكرات شانقرنييه) ، تعليق في هامش منها . ويقول عنه سيروكا في المجلة الإفريقية 1912 ،ص379 أنه كان يقتل الأتراك الذين تآمروا ضده خمسة خمسة أو ستة ستة حتى تخلص من جميعهم بطريقة سرية . وكان عددهم حوالي 1,200)).انتهى
8ـ وعند حديثه عن أسباب هزيمة فرنسة في قسنطينة قال د.سعد الله: ((.. وليست العبرة هنا بقائد معيّن ، فالحاج أحمد لم يلعب أي دور فعّال في هذا الجهاد ، وسواء كان حاضرًا أو غائبًا فإن روح المقاومة كانت متأجِّجة . ولا نعرف أن الحاج أحمد عندئذ قاد معركة بنفسه أو أطلق ضربة مدفع، أو حتى خطب في الناس خطبة تحميس أو تشجيع ، ومن ثمَّة فالمقاومة تبدو تلقائية منطلقة من رصيد أهل قسنطينة ، حضرًا وريفيين ، في حب الحرية والجهاد والوطنية)).انتهى[ص160]
9ـيقول د. أبو القاسم سعد الله : ((وسقطَ الحاج محمد بن البجاوي ، قائد الدار ، شهيدًا أثناء الدفاع عن المدينة، واختفى الحاج أحمد ووزيره علي بن عيسى ومعهما ما يستطيعان حمله من متاع!!)).انتهى[ص162]
10 ـ ويتابع د.أبو القاسم فيقول : ((لقد كشفت الحملة الثانية على قسنطينة إذن عن أمور :
أولها ؛ عناد المقاومة واستماتة الناس في الدفاع عن مدينتهم ورمزهم . ولم يبالوا بمدد السلطان ، ولا ببقاء الحاج أحمد أو انسحابه. فقد قاوموا العدو بحضور الباي وفي غيابه.
وثانيها ؛ أن مقاومة الحاج أحمد كانت معتمدة على لقبه وعلى بعض الحصون والأسوار والأحكام الإدارية وليس على القلوب والولاء والمبادئ ، ذلك أن خروجه من قسنطينة كان يعني نهايته ، ولو كان يقود مقاومة شعبية تعتمد على المواطنين لقادهم بعد سقوطه في الأرياف ولكوّن عاصمة جديدة أو حتى عاصمة متنقلة ، كما فعل الأمير بعد سقوط "مْعسكر" ، ولأصبح رمزًا لحركة جهاد شاملة لا تعرف مدينة ولا تؤمن بباي أو باشا أو سلطان ، ولكن بالدين والوطن والشرف)).انتهى[ص162]
11ـ قال د. أبو القاسم : ((وأما الحاج أحمد فقد كاد يختفي أثره بعد خروجه من قسنطينة سنة 1837م ، ولم يقم خلال عشر سنوات بقيها في جبال الأوراس والصحراء بأي عمل يهدد العدو أو بأية محاولة جادة في نصرة الأمير، أو بتنظيم المقاومة الوطنية في أسلوب جديد تحت قيادته، ولذلك قلنا إن جهود الحاج أحمد قد انتهت باستيلاء العدو على قسنطينة)).انتهى[الحركة الوطنية الجزائرية لأبي القاسم سعد الله ص210]
ـ وأمّا السؤال الثاني فهو : لماذا يُقال عن الأمير إنه مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة مع أنه أقام دولته في بعض ولايات الغرب فقط؟!
والعجيب في هذا السؤال كيف غاب عن الإخوة الذين يسألونه بَدَهيات التاريخ الجزائري الحديث!
ومع ذلك أقول في الجواب (مختَصِرًا من مجموعة من كتب التاريخ الجزائري القديمة والمعاصرة) :
بعد سقوط الحكم التركي في الجزائر ـ إبَّان الغزو الفرنسي ـ وخروج الداي حسين والباي حسن وعودتهم إلى اسطنبول صارت الجزائر دون حاكم يحكمها ، فالتفَّت القبائل حول السيد محيي الدين بن مصطفى الحسني المقيم في (القيطنة) وذلك لأنه سليل أشهر أُسر الأشراف الأدارسة في الجزائر (المغرب الأوسط) إضافةً إلى منزلته الرفيعة ومكانته العظيمة في نفوس الأهالي ، وذلك لوفور فضله وحسن خلقه ولسَعة علمه وشدة تديُّنه، فقادها في جهادها للعدو الفرنسي المعتدي ، ثمّ اتجهت الأنظار نحو ابنه الشاب عبد القادر فبايعه مجلسُ علماء مدينة (معسكر) في الثالث من رجب 1248هـ /1832م ، ثمّ بايعه الناس بيعةً عامّة في 13رمضان من السنة نفسها ، وكان ممن بايع القبائلُ الشرقية والأحياء الغربية ، ثمّ أجمعت الجهات الغربية والجنوبية على إمارته وبيعته .
فأقام الأمير عبد القادر الإمارة على الفضل والعدل والنظام وباشر الأعمال ، ورِكِب الأخطار ، وضَرَب النقود من الفضة والنحاس ، وأنشأ معامل الأسلحة واللِّباس ، وجعل مدينة (معسكر) حاضرة إمارته . ووضع للدولة الفتيّة دستورًا تضمّن مجموعة القوانين التي نظمت الدولة وقد طُبِع باسم (وشاح الكتائب وزينة الجندي المحمدي الغالب).
وعبّأ الأمير جيوشه بنظام كامل ، وعيّن رجال الدولة ، ورتّب مجلسًا للشورى من أحدَ عَشَر عضوًا ، ورئيسهم القاضي أحمد بن الهاشمي .
فلمّا رأت فرنسة ذلك وقيامه بأمر الدين والجهاد هابته وحسبت له حسابًا .
وفي 25رمضان 1249هـ /1834م عَقَدَ مع فرنسة معاهدة (دي ميشيل) اعترفت له فيها بمقاطعة وهران ما عدا المدينة وهران ومستغانم والجزائر ، وأن يستورد السلاح من أي جهة أراد وأن يُعيّن معتَمَدين (قناصل) في وهران ومستغانم والجزائر وغيرها . فعَظُمَ شأنهُ وقوي سلطانه وأصبح أمير الجزائر الشرعي .
وامتدّ سلطان الأمير على بعض البلاد التي لم تكن داخلة ضمن حدوده وقت معاهدة دي ميشيل مثل (المديّة)، و(مليانة) ورتّب فيها المسالح بالرغم من احتجاج الحاكم الفرنسي للجزائر.
وفي معاهدة (تافنه) 30/5/1837م اعترفت له فرنسا بموجبها بجميع مقاطعة وهران ، وقسم كبير من مقاطعة الجزائر . فشَرَع الأمير بعد ذلك بتوجيه سلطته على تلك البلاد التي دخلت حديثًا تحت سلطانه وكانت الأطراف جميعًا راضية به ما عدا الخونة والمتَنَصِّرين!
نظَّم الأمير جيشَه وفق نُظُم الجيوش الحديثة ، وقسّمه إلى مشاة وفرسان ومدفعيّة ، كما اختصّ بنظام في اللباس والمأكل والرواتب والتعليم والترقية ، وأعدّ معامل السلاح ومخازن الذخيرة والمؤن ، ورمَّم القلاع ولم يغفل عن شيء مما يلزم لتأسيس الحكومات .
وفي 11رمضان 1255هـ /1839م نادى الأمير بالجهاد ، وقامت الحرب أربع سنين بعدها ثبت فيها الأمير الثبات الذي خلَّد له الذكر . وكان سبب استئناف القتال هو أن الفرنسيين نقضوا المعاهدة متعللين بتفسيرات لها .
وباختصار فإن المدن والنواحي التي بايعه أهلها وجاهدوا تحت إمرته هي:
سهل غريس ، معسكر ، تلمسان ، المدية ، مليانة ، محيط وهران ، وأرزيو ، ومستغانم ، برج حمزة (البويرة) الجلفة، وبلاد القبائل الكبرى (زواوة) ، شرشال ، تقادمت ,… سهول متيجة (لقد عيّن الأمير عبد القادر الحاج السعدي خليفة له في المنطقة الممتدة من سهل متيجة إلى ناحية الشرق لتشمل كل النواحي غير الخاضعة للحاج أحمد باي قسنطينة) ، الحجوط ، شرق وغرب الصحراء ، مجانة ، سطيف، والأغواط، عين ماضي، وبسكرة…،الخ
وبكلام جامع أقول لقد كانت دولة الأمير تشمل عشرة أقاليم هي :
1ـ إقليم الغرب أو تلمسان.
2ـ إقليم معسكر .
3ـ إقليم مليانة الذي يشمل شرشال وتنس.
4ـ إقليم المدية أو التيطري سابقًا.
5ـ الجلفة.
6ـ إقليم برج حمزة ؛البويرة (سباو الشرق) [الذي كان من قبل تحت نفوذ الحاج السعدي كممثل للأمير]
7ـ إقليم مجانة [الذي هدف الأمير من وراء إنشائه إلى إثبات شرعية نفوذه على إقليم قسنطينة القديم]
8ـ إقليم الأغواط والصحراء الغربية.
9ـ إقليم الزيبان والصحراء الشرقية (بسكرة).
10ـ إقليم الحضنة ؛ بوسعادة.
إنّ الذي يوحِّد كل تلك الأقاليم والمدن ويحصل على تأييدها وبيعتها وينشئ لها جيشًا ودواوين ومحاكم ومعامل أسلحة ويضرب لها نقودها الخاصة، ويعيّن لها خلفاء ونواب ، وقضاة ، ويقودها في جهادها ، ويجبر الحكومة الفرنسية على الاعتراف به وبسيطرته على كل تلك الأقاليم ، وتوقيع المعاهدات معه ، وتعيين سفراء بينها وبينه ، ويجري تبادل الرسائل بينه وبين الدول الأوربية كبريطانيا وإسبانيا وأمريكا وغيرها ، ثم بعد ذلك كله يبقى قدوةً لكل من تابع الجهاد بعده ، فيقتفون أثره ويجيِّشون المشاعر ويلهبون الحماس بذكر حروبه وأخبار انتصاراته على الفرنسيين ، ثم يبقى يتابع أخبار الجهاد في بلاده بعد أن أُبعد عنها مكرهًا ، ويحاول تحسين الأوضاع هناك من خلال السياسة الخارجية، ويدعم جهاد المجاهدين بكل ما أوتي من مال أو اتصالات أو صلات ، ويؤوي إليه كل مَنْ لجأ إليه من الجزائريين أو من قادة المجاهدين الذين حلَّ بهم مثل ما حلَّ به كالمقراني وابن شهرة وغيرهما…
إنَّ الذي يفعل كل ما ذكرنا لا شكّ أنه مؤسس دولة الجزائر ، وهذا ما قرَّره علماء الجزائر ومؤرِّخوها ، وشهدت به فرنسا الدولة المعادية للأمير، واعترف به كتَّاب ومؤرِّخو العالم العربي والغربي.
وأعتقد أن الفرق صار واضحًا الآن بين الأمير وبين الحاج أحمد باي! فأحمد باي كان واليًا على قسنطينة أيّام الحكم العثماني ، عيّنه داي الجزائر تعيينًا رسميًّا ، لم يكن لأهل قسنطينة أي رأي في ذلك ولا توجد بيعة، ونفوذه كان منحصرًا في ناحية قسنطينة فحسب!
أمّا الأمير عبد القادر فهو شاب لا علاقة له بالسلطة ولا بالحكم ولم يكن أحدٌ من آبائه بايًا أو واليًا ، ولم يُعيَّن من قِبل الداي أو السلطان، وإنما التفَّ حوله الناس طواعيةً وبايعوه في ساعة العسرة دون إجبار أو إكراه من أحد وإنما محبَّة له ، وقناعةً بقدرته على النهوض بالمسؤولية وقد كان ذلك ، فقاد الجهاد في معظم التراب الجزائري واستطاع بسط نفوذه عليه.
والحمد لله ربِّ العالمين
المقدمة :
طرح الإشكالية
يعتبر التفكير ميزة أساسية ينفرد بها الإنسان عن باقي الكائنات الأخرى ومن منطلق أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه فإنه يحتاج ولا شك إلى وسيلة إلى الاتصال والتواصل مع غيرك من الناس وللتعبير عن أفكاره وهذا ما يعرف في الفلسفة بالغة فإذا كنا أمام موقفين متعارضين أحد هما يرى أن العلاقة اللغة بالفكر انفصال والأخر يرى أنها علاقة اتصال فالمشكلة المطروحة هل العلاقة بين اللغة والفكر علاقة اتصال أم انفصال ؟
التحليل:
عرض الأطروحة الأولى
ترى هذه الأطروحة(الاتجاه الثنائي) أن العلاقة بين اللغة والفكر علاقة انفصال أي أنه لايوجد توازن بين لا يملكه الإنسان من أفكار وتصورات وما يملكه من ألفاظ وكلمات فالفكر أوسع من اللغة أنصار هذه الأطروحة أبو حيان التوحيدي الذي قال << ليس في قوة اللغة أن تملك المعاني >> ويبررون موقفهم بحجة واقعية إن الإنسان في الكثير من المرات تجول بخاطره أفكار لاكته يعجز عن التعبير عنها ومن الأمثلة التوضيحية أن الأم عندما تسمع بخبر نجاح ابنها تلجأ إلى الدموع للتعبير عن حالتها الفكرية والشعورية وهذا يدل على اللغة وعدم مواكبتها للفكر ومن أنصار هذه الأطروحة الفرنسي بركسون الذي قال << الفكر ذاتي وفردي واللغة موضوعية واجتماعية >>وبهذه المقارنة أن اللغة لايستطيع التعبير عن الفكر وهذا يثبت الانفصال بينهما . النقد
هذه الأطروحة تصف اللغة بالعجز وبأنها تعرقل الفكر لكن اللغة ساهمت على العصور في الحفاظ على الإبداع الإنساني ونقله إلى الأجيال المختلفة .
عرض الأطروحة الثانية
ترى هذه الأطروحة (الاتجاه الو احدي ) إن هناك علاقة اتصال بين اللغة والفكر مما يثبت وجود تناسب وتلازم بين ماتملكه من أفكار وما تملكه من ألفاظ وعبارات في عصرنا هذا حيث أثبتت التجارب التي قام بها هؤلاء أن هناك علاقة قوية بين النمو الفكري والنمو اللغوي وكل خلل يصيب أحداهما ينعكس سلبا على الأخر ومن أنصار هذه الأطروحة هاملتون الذي قال << الألفاظ حصون المعاني وقصد بذلك إن المعاني سريعة الظهور وسريعة الزوال وهي تشبه في ذلك شرارات النار ولايمكن الإمساك بالمعاني إلا بواسطة اللغة>>
النقد
هذه الأطروحة ربطت بين اللغة والفكر لاكن من الناحية الواقعية يشعر أكثر الناس بعدم المساواة بين قدرتهم على التفكير وقدرتهم على التعبير .
التركيب : الفصل في المشكلة
تعتبر مشكلة اللغة والفكر أحد المشكلات الفلسفية الكلاسيكية واليوم يحاول علماء اللسانيات الفصل في هذه المشكلة بحيث أكدت هذه الدراسات أن هناك ارتباط وثيق بين اللغة والفكر والدليل عصر الانحطاط في الأدب العربي مثلا شهد تخلفا في الفكر واللغة عكس عصر النهضة والإبداع ومن المقولات الفلسفية التي تترجم وتخلص هذه العلاقة قول دولا كروا << نحن لانفكر بصورة حسنة أو سيئة إلا لأن لغتنا مصنوعة صناعة حسنة أو سيئة >>
الخاتمة: حل الإشكالية
وخلاصة القول أن اللغة ظاهرة إنسانية إنها الحل الذي يفصل بين الإنسان والحيوان ولا يمكن أن نتحدث عن اللغة إلا إذا تحدثنا عن الفكر وكمحاولة للخروج من الإشكالية إشكالية العلاقة بين اللغة والفكر نقول أن الحجج والبراهين الاتجاه الو احدي كانت قوية ومقنعة ومنه نستنتج العلاقة بين العلاقة بين اللغة والفكر علاقة تفاعل وتكامل.
الطريقة: الجدلية
الدرس : الإدراك و الإحساس
الإشكال: هل الإدراك محطة لنشاط العقل أم هو تصور لنظام الأشياء ؟
يعد الإحساس تلك الظاهرة النفسية الأولية التي تتشابك فيها المؤثرات الخارجية مع الوظائف الحسية عن طريق استقبال هذه المؤثرات و تكيفها مع طبيعة الموقف , أما الإدراك فيعتبر نوعا من البناء الذهني و عملية إنشائية متشابكة يتدخل فيها الحاضر بمعطياته الحسية و الماضي بصوره و ذكرياته , و لهذا فقد اختلف الفلاسفة في تفسير عملية الإدراك فمنهم من أرجعه إلى العالم الخارجي و بنيته , و منهم من أرجعه إلى العقل و التساؤل الذي يطرح نفسه: هل الإدراك نشاط ذهني أم أنه استجابة كلية للمدركات الخارجية ؟ أو بعبارة أصح : هل الإدراك مجرد محصلة لنشاط العقل أم هو تصور لنظام الأشياء ؟.
يرى أنصار النظرية الذهنية و على رأسها "ديكارت , واركلي , ألان "فديكارت يميز بين الأفكار التي هي حسبه أحوال نفسية موجودة داخل الذات و بين الأشياء التي تعتبر امتداد لها يقول ديكارت: (العالم ليس ما أفكر فيه بل ما أحياه) , و هذه النظرية في أساسها قائمة على التميز بين الإحساس و الإدراك , فالإحساس مرتبط بالبدن لأن المحسوسات مجرد تعبيرات ذاتية قائمة فينا , أما الإدراك فهو مرتبط بالعقل و حسبه أن إدراك شيء ممتد إنما يكون بواسطة أحكام تصفى على الشيء و صفاته و كيفياته الحسية و منه يكون إدراك المكان عملا عقليا فلا يمكن أن يكون وليد الإحساس , و إنما نتيجة حكم نصدره عند تفسيره معطيات الحس بالمقارنة بي أبعادها الظاهرية و في هذا يقول ديكارت: (إنني حين أنظر من النافذة أشاهد رجالا يسيرون في الشارع مع أني في الواقع لا أرى بالعين المجردة سوى قبعات و معاطف متحركة , و لكن على الرغم من ذلك أحكم بأنهم أناس) , و هكذا يصل إلى نتيجة مفادها: (و إذن فأنا أدرك بمحض ما في ذهني من قوة الحكم ما كنت أحس بأني أراه بعيني) , و قد أكد واركلي (بأن تقدير مسافة الأشياء البعيدة جدا ليس إحساسا بل حكم مستند إلى التجربة) . مما جعله يرى بأن الأعمى لا يمكن أن يكون لديه أية فكرة عن المسافة البصرية إذا استعاد بصره فالشمس و النجوم و أقرب الأشياء و أبعدها تبدو له جميعا موجودة في عينه بل في فكره , و قد جاءت أعمال الجراح الإنجليزي شيزلند فيما بعد بحوالي عشرين سنة تثبت صحة رأي واركلي و هذا الأخير يرى بدوره أنه توجد علاقة بين الذات و الموضوع , و هكذا يصل إلى القول: (و جود الشيء قائم في إدراكي أنا له) , و على شاكلة هذا الطرح نجد الفيلسوف الفرنسي ألان حيث يرى أننا ندرك الأشياء كما تعطيه لنا حواسنا و يقدم مثالا على ذلك المكعب , فإننا لا نرى منه على الأكثر إلا تسعة أضلاع من بين أضلاعه الإثنى عشر و ثلاث سطوح من بين سطوحه الستة و رغم كل هذا فنحن ندركه مربعا و معنى هذا أن المكعب معقول و ليس محسوس .
رغم كل هذه الحجج و الأدلة إلا أن هذه النظرية لم تصمد للنقد ذلك أنه و كما يرى بعض الفلاسفة لم تكن هذه النظرية على صواب حين ميزت بين الإحساس و الإدراك و فصلت بين وظيفة كل منهما في المعرفة فإن كان الإحساس هو الجسر الذي يعبره العقل أثناء الإدراك فإن ذلك يعني بالضرورة أن للإحساس وظيفة يؤديها في عملية الإدراك , و بدونه يصبح الإدراك فعلا ذهنيا مستحيلا , بالإضافة إلى أن مغالاة هذه النظرية في دور التبرير الذهني يهمش و يستثني الحواس في تعرفنا على المكان أو الشيء المدرك .
على عكس الرأي السابق نجد المدرسة الحشطالنية التي ترفض التمييز بين الإحساس و الإدراك, كما ترفض أن يكون الإدراك مجموعة احساسات بل الإدراك من أول وهلة هو إدراك لمجموعات ذات صور و بنيات , فالإدراك في نظرها هو استجابة كلية للبيئة أو جواب لما تفرضه علينا , و بناء على هذا فإنه في عملية الإدراك لا تعطي المعطيات صورها الذهنية عن طريق الحكم العالي و إنما تدرك الموضوعات التي تبرز في مجال إدراكنا فتجعلنا ننتبه إليها دون غيرها , هاته الموضوعات البارزة تسمى أشكالا و صيغا و حسب النظرية فإن العالم الخارجي موجود على شكل منظم و في قوانين معينة لذلك فإنها ترى أننا ندرك صيغا و أشكالا لها خصائص هندسية (الشكل – البروز – الحجم …)و ذلك بناء على عوامل موضوعية منها :
أ/*عامل التقارب:التنبيهات الحسية المتقاربة في الزمان و المكان تبدو في مجال إدراكنا كوحدة مستقلة في الشكل 1(………)ندرك النقاط على شكل سلسلة , و في الشكل 2(.. .. ..)ندرك النقاط كصيغة مستقلة (منفردة , زوجية).
ب/*عامل التشابه:ندرك التنبيهات المتشابهة في اللون و الحجم و الشكل و الحركة كالأشياء و النقاط كصيغة مستقيمة مثل الشكل 3 (ــ ــ ــ . . .) الذي يفرض علينا أن ندرك النقاط كصيغة و الخطوط كصيغة أخرى .
ج/*عامل الإغلاق يلعب دورا هاما في السلوك و خاصة الغريزي منه و معناه أن الأشياء و الأشكال تميل إلى الاكتمال في إدراكنا مثلا الشكل 4 ( ) الدائرة تدرك كدائرة حين عندما يكون محيطها غير مكتمل و قد نتعرف على شخص ما ربما فقط عند رؤية بعض ملامحه .
هذه تعد أهم القوانين التي تنظم عملية الإدراك عند أصحاب النظرية الحشطالنية و هي في نظرهم لا تصدق على مجال البصر فقط بل تتعداه إلى كل المجالات الحسية الأخرى فالأصوات هي عبارة عن بنيات أو صيغ ندركها عن طريق السمع , و الدليل في ذلك هو أنه عندما نسمع أغنية ما ندرك كوحدة مألوفة من اللحن و الكلمات و الإيقاع أي كبنية متكاملة و لا ندركها كأجزاء مفصلة .
هذا الرأي هو الآخر لم يصمد للنقد ذلك أنه قلل من دور الذات العارفة في عملية الإدراك لبنية الشيء المدرك و هو أيضا من جهة أخرى تابع لبنية الذات المدركة .
إن العيب الذي تؤاخذ عليه النظريتان هو أنهما فصلتا بين الذات و العوامل الموضوعية (الخارجية) في عملية الإدراك و قد جاءت النظرية العضوية لتقف موقفا عضويا فهي ترى أن إدراك المكان هو نتيجة لتظافر جميع المؤثرات الحسية التي يستقبلها الفرد في لحظة ما سواء أصدرت عن الذات أو الموضوع و هم يعتمدون على مسلمتين فالأولى أن أي تغيير يحدث في الذات أو الموضوع يؤثر و يحدث فقدان التوازن بينهما فإدراك خصائص منظر ما من بعيد عند غلق إحدى العينين ينتج عنه غياب المساحة المقابلة لمجال إبصار العين المغلقة و بالمقابل فوضع ستار ما على نصف حائط يمنع رؤية ما يوجد خلف الستار فهناك علاقة تكامل و تطابق بين الذات و الموضوع (و كذلك الأحوال النفسية و السلوكات) , أما المسلمة الثانية فإنها كذلك تستجيب للمنبهات الحسية فإدراكنا للأشياء يتأثر بحسب قوتها (نستجيب لصوت السيارة أكثر من حديث الشخص , و يزعجنا نباح الكلب أكثر من قطعة موسيقية , و نطمئن لنباح الكلب إذا خفنا من السرقة).
و أخيرا و كحوصلة لما سبق فإنه في عملية الإدراك لا بد من توفر شرطين أساسيين هما الذات و الموضوع لما يحملانه من تطابق و أمل و بدون توفر الشرطين يصبح الإدراك عملا ناقصا إذا فإدراكنا المكان نتيجة لتحصيل عقلي بالإضافة إلى العوامل الموضوعية
المقدمة: (طرح الإشكالية )
الإنسان كائن إجتماعي بطبعة يتعامل مع غيره ووسيلته في ذلك اللغة, ولقد أصبح من الشائع لدى بعض الفلاسفة ان الألفاظ حصون المعاني لكن هناك من يعارض ذلك وهم أصحابالإتجاه الثنائي ولقد تقرر لدي رفض الأطروحة <الإتجاه الواحدي> والمشكلة المطروحة كيف نبطل ذلك؟
التحليل : محاولة حل الإشكالية
الجزء الأول
إن الأطروحة القائلة <الألفاظ حصون المعاني > أطروحة باطلة وذلك بوجود عدة مبررات تدفعنا إلى ذلك ومن الناحية الواقية كثيرا مايتراجع افنسان عن كتابة بعض الكلمات أو يتوقف عن الكلام والسبب في ذلك أن اللفاظ تخونه أي رغم وجود المعاني إلا أنه لايستطيع التعبير عنها وقد يعود السبب إلى عدم القدرة الألفاظ على إحتواء المعاني العميقة والمشاعر الدافئة والعواطف الجياشة لذلك قيل إذا كانت كلماتي من ثلج فكيف تتحتوي بداخلها النيران ومن الأمثلة التي توضح ذلك أن الأم عندما تسمع بخبر نجاح ولدها قد تلجأ إلى الدموع , وهذا يبرر عجز اللغة
الجزء الثاني
إن هذه الأطروحة لها مناصرين وعلى رأسهم جون لوك الذي قال << اللغة سلسلة من الكلمات تعبر عن كامل الفكر >> ولكن كلامه لايستقيم أمام النقد لأن الألفاظ محصلة ومحدودة بينما المعاني مبسوطة وممدودة وكما قال أبو حيان التحيدي << ليس في قوة اللفظ من أي لغة كان أن يملك ذلك المبسوط (المعاني ) ويحيط به >> وكذلك ترى الصوفيةيلجأون إلى حركات ورقصات لأن الألفاظ لم تستطع إخراج جميع مشاعرهم .
الجزء الثالث
إن الأطروحة القائلة الألفاظ حصون المعاني يمكن رفعها ( إبطالها) بطريقتين : شخصية وهذا ماحدث لي عندما إلتقيت بزميلي لم أره منذ مدة حيث تلعثم لساني ولم أستطع التعبير عن مشاعرالإشتياق نحوه , إن الألفاظ في هذه الحالة قتلت المعاني ونجد بركسون أبطل هذه الأطروحة وحجته أن اللغةمن طبيعة إجتماعية وموضوعية بينما الفكر ذاتي وفردي .
الخاتمة : حل الإشكالية
وخلاصة القول أن اللغة مجموعة من الإشارات والرموز تستعمل للإتصال والتواصل والفكر خاصية ينفرد بها الإنسان وقد تبين لنا أن هناك من يربط بين الفكر واللغة مما دفعنا إلى رفض هذه الأطروحة ونقدمسلماتها والرد على حججها وبالنظر ما سبق ذكره نصل إلى حل هذه الإشكالية
إن الطروحة القائلة < الألفاظ حصون المعاني >أطروحة باطلة ويجب رفضها .
الذاكرة محصلة لتفاعل العوامل المادية والنفسية والاجتماعية , هذا الأخير يساهم في استرجاع الذكريات كما قال هال فاكس << عندما أتذكر فإن الغير هم الذين يدفعونني إلى التذكر>> ولاكن بشرط سلامة الجملة العصبية <الدماغ> , فقد أكد الأطباء استحالة استرجاع الذكريات دون تدخل الدماغ دون إهمال العوامل النفسية هذا الحل التوفيقي لخصه < دولا كروا > في قوله << الذاكرة نشاط يقوم به الفكر ويمارسه الشخص >>
الخاتمة : حل الإشكالية
ومجمل القول أن الذاكرة قدرة تدل على الحفظ والاسترجاع ولكن الإشكالية لا ترتبط بمفهوم الذاكرة بل بالأساس الذي يبني عليه , فهناك من ربطها بشروط نفسية وكمخرج للمشكلة نستنتج أن :
الذاكرة محصلة لتفاعل العوامل المادية والاجتماعية والنفسية.
الدرس: اللغة و التواصل
الإشكال:إذا كانت اللغة تشكل عائقا للفكر فهل يجب رفضها ؟
يتبادل الناس الأفكار كما يتبادلون الأشياء ،ووسيلة هذا التبادل وطريقة هذا التواصل هي اللغة التي يعرفها الجرجاني (هي كل ما يعبر به قوم عن أغراضهم)فلا ينحصر الفكر في الكلام فقط.والفكر في جوهره نشاط عقلي يعتمد في أداء وظيفته على استخدام المعاني وما يقابلها في اللغة من رموز والتفكير كما يقول كوندايك (يرتد إلى فن إتقان الكلام) وهذا يعني أن اللغة والفكر مرتبطان أشد الارتباط غير أن بعض المفكرين والفلاسفة يشكون من تقصير اللغة وعجزها عن التعبير عن كامل أفكارنا وبعبارة أصح :هل نستطيع أن نفكر فيما نعجز عن قوله؟
يرى أصحاب الاتجاه الثنائي أن اللغة باعتبارها أداة عامة للتواصل بين الأفكار لا تخرج عن كونها ألفاظا عادية ساكنة تقف في وجه الفكر وتقيم له عقبة فاللغة كما يلاحظ جيسبيرسن(بمفرداتها وصيغتها الثابتة قد أجبرت الفكر على أن يسلك سبلا مطروقة حتى أنهم اضطروا إلى اقتفاء أثر الأولين وآل بهم الأمر إلى أن يكون تفكيرهم أشبه بتفكير من سبقهم)،وقد ذهب على شاكلة هذا الطرح برغسون ،حيث يرى بأن الفكر مستقل عن اللغة وأن اللغة تقيد الفكر وتستعبده ،كما يرى أيضا أنه لا يوجد تناسب بين ما نملكه من أفكار وما نملكه من ألفاظ ،فالألفاظ محدودة ،والأفكار غير محدودة فكيف يمكن للمحدود أن يستوعب اللامحدود يقول برغسون(إن كلماتي من جليد فكيف تحمل بداخلها النيران وإن المعاني تموت عند سجنها في القوالب اللغوية)؛وفي هذا يقول ( الألفاظ قبور المعاني)،ويرجع أصحاب هذا الموقف عدم التناسب إلى كون اللغة واحدة منذ القدم لم تتطور بينما الأفكار تتطور كل يوم ،بالإضافة إلى كل هذا فإن الفكر تتجاوز دلالة الألفاظ ؛ حيث أن اللفظ لا يعبر إلا عما اصطلح وتعارف عليه المجتمع كذلك أننا في حياتنا اليومية يستعصي علينا التعبير عن بعض المعاني (كما كان يحدث مع الصوفية الذين يرون صعوبة التعبير عن تجاربهم النفسية >من ذاق عرف<يطلبون منا أن نعاني تجربتهم لنذوق ما ذاقوا) وكذلك أن الفكر متصل والألفاظ منفصلة حيث تتدفق المعاني ككل متصل يجعل الألفاظ عاجزة على أن تسعه وقد جاء هذا في القرآن الكريم في بعض الآيات في قوله تعالى (ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله ) ،وقوله أيضا (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا) بالإضافة إلى كل هذا يمكن التعبير عن الألفاظ والمعاني دون استخدام اللغة مثل الرسم والموسيقى و إشارات الصم والبكم .
إن هذا القول بهذا الرأي لم يصمد للنقد ذلك أننا لا نستطيع أن نجزم باستغلال الفكر عن اللغة إذ كيف يمكن أن نتمثل في الذهن تصورات لا اسم لها ، ومهما ألح برغسون على عجز اللغة ومخاطرها فهو يطالب بإخضاع اللغة هذه إلى تعديلات عميقة وشاملة حتى تؤدي دورها يقول(إن اللغة يجب أن تكون على درجة من السيولة والمرونة مما يجعلها قادرة على متابعة الفكر الحي في سيولته وتدفقه المستمر) وكيف تتمايز الأفكار فيما بينها لولا اندراجها في قوالب لغوية .
إن هذا الموقف السلبي يوحي بأمرين :1-إن الفكر قد يوجد في صورة عالية عن الألفاظ .2-أن اللغة يجب ألا تستعبد الفكر الحر .
وعلى عكس الرأي الأول نجد من يقول بالتلاحم بين الفكر واللغة وبين المعاني والألفاظ فمعظم الفلاسفة اللغويين يؤكدون وجود وحدة بين اللغة والفكر وشبه هاملتون اللغة بورقة وجهها الفكر وظهرها الصوت ويشبه ماكس موليير ذلك التداخل بين اللغة والفكر بقطعة نقد الفكر وجهها واللغة ظهرها يقول (ليس ما ندعوه فكرا إلا وجها من وجهي قطعة النقد والوجه الآخر هو الصوت المسموع والقطعة شيء واحد غير قابل التجزئة فليس ثمة فكر ولا صوت ولكن كلمات). وقد شبهت اللغة بالقلم والفكر بالمداد أو الجسد والروح ،فالفكر واللغة شيء واحد ذلك أننا نفكر باللغة ونتكلم بالفكر وأن الكلام غير المنظم فكريا ليس لغة بل ثرثرة لا طائل منها ونجد دو لاكروا يقول (إن الفكر يصنع اللغة وهي تصنعه) ،ويقال أن ما ندركه جيدا نعبر عنه بوضوح كذلك يقول واطسن ( التفكير ضرب من الكلام الصامت ) ويؤكد ذلك كوندياك حيث يرى أن فن التفكير يرتد إلى فن إتقان الكلام ،إذا فلا تمييز بين الفكر واللغة ويقول هيغل (إن الرغبة في التفكير بدون كلمات محاولة عديمة الجدوى لأن الكلمة تعطي للفكر وجوده الأسمى ) ويقول ستالين (مهما كانت الأفكار التي تجئ إلى فكر الإنسان فإنها لا تستطيع أن تنشأ وتوجد إلا على أساس مادة اللغة) ،ويقول هاملتون (إن المعاني شبيهة بشرارة النار ما إن تومض فإنها سرعان ما تنطفئ ولا يمكن إظهارها وتثبيتها إلا بالألفاظ)؛إن هذا الرأي يقوم على أنه لا وجود لمعنى إلا إذا تمايز عن غيره من المعاني بإشارة تسمح للغير بإدراكها ،فعلم النفس المعاصر كشف على أن تكوين المعاني لدى الأطفال يتقدم مع تقدم اكتسابهم للغة وزيادة رصيدهم اللغوي وأن الطفل بتعلمه اللغة يتعلم التفكير ويسير في ارتقائه اللغوي وفقا لارتقاء فهمه وقد لوحظ أن فقدان اللغة يلازمه اختلال في المقومات الذهنية ،كذلك أن افتراض معان عصية عن الألفاظ وافتراض خيالي إذ لا يكون لهذه المعاني وجود واقعي ما لم تحددها الألفاظ كما أن الأفكار التي لا تضبط بكلمات سرعان ما تزول وتندحر وفي هذا يقول هاملتون (الألفاظ حصون المعانــــــي) .
هذا الرأي هو الآخر لم يصمد للنقد حيث أنه مهما وافقنا على وجود تطابق بين الأفكار والألفاظ فإنه يجب أن نعترف بوجود تفاوت بينهما إذ نجد في أنفسنا عدم التناسب بين قدرتنا على الفهم وقدرتنا على الأداء وهذا يعني أن الإنسان يفهم معاني اللغة أكثر مما يحسن ألفاظها >نفهم اللغة الأجنبية أكثر مما نتقن التكلم بها، ومع كل هذا فإننا نعترف بأنه كلما كانت لغتنا سليمة كنا أقدر للتعبير عن أفكارنا وفي هذا يقول كوندياك (نحن لا نفكر بصورة حسنة أو سيئة إلا لأن لغتنا مصنوعة صناعة حسنة أو سيئة) ،فبقدر ما تكون اللغة في أمة من الأمم متطورة بقدر ما تتاح الفرصة لهم لتملك زمام الحضارة الإنسانية والمعرفة العلميـــــــــة .
إن العيب الذي تؤاخذ عليه النظريتان هو أنهما جزأتا اللغة عن الفكر والفكر عن اللغة إلا أن هذين الأخيرين بمثابة الجسد للروح لا يمكن لأحدهما أن ينفصل عن الآخر ولا يمكن له أن يستمر في الوجود دون وجود الثاني كذلك أنه توجد علاقة بين الفكر واللغة على مستوى التأثير المتبادل ويمكن الاستدلال على ذلك حيث أن علم النفس الفيزيولوجي أثبت أن للدماغ البشري مراكز خاصة باللغة (مراكز :الكلام ، الرؤية ،السمع …) ؛وهناك مراكز خاصة بالعمليات العقلية كالتفكير والذاكرة والذكاء ,وإذا ما تعرض مركز من هذه المراكز لخلل بسبب صدمة مثل حالة معطوبي الحرب يكون له انعكاس على التفكــــــير .
وإذا أردنا الخروج بحوصلة فإن اللغة حقا لا تعبر إلا عن قليل من مضمون الفكر ،ولكن لا ينبغي رفضها لأن الفكر بأوسع معانيه بحاجة إليها فهي بالنسبة له أداة تنظيم وتوضيح ونمو والعجز الذي يصيب اللغة لا يجب أن يوحي برفضها كوسيلة للتواصل ،وإن التخلي عنها يعني إنكار الفكر وهذا ضرب من الحلم الكاذب.
ان شاء الله يستفيد منه الجميع
نترقب المزيد من المواضيع القيمة
تقبلي مروري
اختك هناء
اللغة والفكر
هل العلاقة بين الدال والمدلول علاقة ضرورية ام اعتباطية
البرهنة:
1-يؤكد أرنست كاسير هذا بقوله:" إن الأسماء الواردة في الكلام الإنساني لم توضع لتشير إلى أشياء بذاتها"،هذا القول يدل على أن الألفاظ وضعت لتدل على معان مجردة وأفكار لا يمكن قراءتها في الواقع المادي، بل إن الكلمة، أو الرمز، أو الإشارة لا تحمل في ذاتها أي معنى أو مضمون إلا إذا اتفق عليه أفراد المجتمع،فالإنسان هو من وضع الألفاظ قصد التعبير والتواصل، وهو نفس ما قصده عالم اللسانيات السويسري دوسوسيرDesausure حينما قال:"إن الرابطة الجامعة بين الدال والمدلول رابطة تحكمية".
2-كثيرا ما نجد الكلمة الواحدة تحمل دلالات متباينة، فأين الضرورة إذن بين اللفظ و المعنى!؟ فالفعل ضرب مثلا له ثلاث دلالات: فإذا قلنا:ضرب إسماعيل في الأرض، معنى هذا:أنه سافر، وإذا قلنا ضرب إسماعيل مثالا، معنى هذا:أنه قدم مثالا، وإذا قلنا: ضرب الأب ابنه العاق، معناه:عاقبه بالضرب.
استنتاج جزئي:إذن العلاقة بين الدال والمدلول علاقة اعتباطية.
نقـد: يبدو في هذا الطرح نوع من الموضوعية، فكلمة حرية،عدالة مثلا ليس لها ما يطابقها في الواقع المادي،لذا وجب الاتفاق والاصطلاح،لكن هذا لا ينفي وجود الكثير من الرموز والألفاظ تحاكي الطبيعة.
ج:التركيب والرأي المتجاوز:
وكتوفيق بين الأطروحتين ،مادام الإنسان يحيا في وسط مادي ومعنوي،معنى هذا أن الألفاظ منها ما هو محاكاة للطبيعة ،ومنها ما كان توافقا واصطلاحا بين بني البشر،ومنها ما يتجاوزهما معا، ولعل هذا ما قصدته الآية الكريمة:<وعلم آدم الأسماء كلها…>
الخاتمة:
وعصارة القول أن العلاقة بين الدال والمدلول علاقة ضرورية و اعتباطية،ضرورية لأنه فعلا هناك من الألفاظ ما هو محاكاة و مطابقة تامة لما هو في الطبيعة،و اعتباطية لأن الدراسات في مجال علم اللغة تؤكد أن الطبيعة عاجزة أن تستوعب كل الألفاظ لذا كان التوافق والاصطلاح ، وتبقى اللغة من المسائل الهامة التي أسالت حبر المفكرين و الفلاسفة،وقد توافينا الدراسات مستقبلا بما هو جديد،فقد يجد العلماء علاقة أخرى نجهلها الآن،