التصنيفات
القران الكريم

[مقال] الفرق بين علم القراءات وعلم التجويد والعلاقة بينهما ||||

تعليمية
تعليمية

[مقال] الفرق بين علم القراءات وعلم التجويد والعلاقة بينهما

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد:
فإن كثيرًا من الطلبة يُشكِل عليهم الفرقُ بين علم التجويد وعلم القراءات والعلاقةُ بينهما
وبيانًا لذلك؛ أحببتُ أن أكتب هذه المقال؛ عسى أن يكون فيه إزالةً لهذا الإشكال وتوضيحًا لحقيقة الأمر – إن شاء الله تعالى –
وقد جعلتُ المقال على عدة فصول:
الفصل الأول – تعريف بعلم التجويد
الفصل الثاني – تعريف بعلم القراءات
الفصل الثالث – بيان الفرق بين العلمين
الفصل الرابع – بيان العلاقة بين العلمين

أقول – مستعينًا بالله, سائلًا إياه التوفيق والسداد -:

علم التجويد:
حده: هو العلم الذي يُعرَف به النطق الصحيح للحروف العربية؛ وذلك بمعرفة مخارجها وصفاتها الذاتية والعرضية وما ينشأ عنها من أحكام.
موضوعه: الكلمات القرآنية من حيث إعطاء حروفِها حقَّها ومستحقَّها – كما مر – من غير تكلف ولا تعسف في النطق مما يخرج بها عن القواعد المجمع عليها.
ثمرته: صون اللسان عن اللحن في لفظ القرآن الكريم حال الأداء.
فضله: هو من أشرفِ العلوم؛ لتعلقه بكلام الله – تعالى -.
نسبته من العلوم: هو أحد العلوم الشرعية المتعلقة بالقرآن الكريم.
واضعه: قيل: أبو الأسود الدؤلي. وقيل: أبو عبيد القاسم بن سلام. وقيل: الخليل بن أحمد. وقيل غير هؤلاء من أئمة القراءة واللغة.
اسمه: علم التجويد.
استمداده: من تلاوة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.
حكم الشارع فيه(1): الوجوب الكفائيّ تعلُّمًا وتعليمًا, وقد يتعيَّن في بعض الحالات(2).
مسائله: قواعده, كقولنا: كل نون ساكنة وقع بعدها حرف من حروف الحلق – يجب إظهارها, وكل حرف مد وقع بعده ساكن أصلي وصلاً ووقفاً – يُمدّ مدًّا طويلاً, وهكذا.

علم القراءات
حَدُّه: هو عِلْمٌ يُعنى بكيفية أداء كلمات القرآن واختلافها معزوًّا إلى ناقله.
موضوعه: الكلمات القرآنية من حيث أحوالها الأدائية التي يُبحَثُ عنها فيه, مثل: المد, والقصر, والإظهار, والإدغام, ونحو ذلك.
ثَمَرَته: الصَّوْنُ عن الخطإ في القرآن, ومعرفةُ ما يَقرأ به كل واحد من الأئمة القراء, وتمييزُ ما يُقرَأ به وما لا يُقرَأ به, وغير ذلك من الفوائد.
فضله: هو من أشرف العلوم الشرعية؛ لِتَعَلُّقِه بكتاب الله – جل وعلا -.

نِسْبَتُه لغيره من العلوم: التباين.
واضعه: أئمة القراءة. وقيل: أبو عمر حفص بن عمر الدوري. وأول مَن دَوَّنَ فيه: أبو عُبَيْد القاسم بن سَلام.
اسمه: علم القراءات (جَمْع "قراءة". بمعنى: وجه مقروء به).
استمداده: من النقول الصحيحة المتواترة عن أئمة القراءة عن النبي – صلى الله عليه وسلم -.
حكم الشارع فيه: الوجوب الكفائي تعلُّمًا وتعليمًا.
مسائله: قواعده, كقولنا: كلُّ همزتَيْ قطعٍ تلاصقَتَا في كلمةٍ سَهَّلَ ثانيَتَهما الحجازيون.

مما سبق نَعْرف الفرقَ بين علمَي التجويد والقراءات, ولكن هذا لا يعني أن علم القراءات منفصل عن علم التجويد؛ بل إن علماء القراءات ينقلون هذه الروايات ويعلمونها طلابَهم على وفق الكيفية المجوَّدة المروية عن النبي – صلى الله عليه وسلم -؛ ولكن جُلُّ اهتمامهم هو الاعتناء بهذه الروايات ونقلها وضبطها – وإن كانت تُروى مجوَّدةً -.
ومما سبق يمكن القول بأن علمَي التجويد والقراءات يشتركان فيما يلي:
1- أن كليهما يرتبط بألفاظ القرآن من جهة يختلف فيها عن الآخر.
2- أن القراءات القرآنية المعزوَّة إلى ناقليها لا يمكن قراءتها منفكةً عن الكيفية المجوَّدة التي أُنزِل القرآن بها, بمعنى أن الأوجه المنقولة نُقِلَتْ مجوَّدةً.
3- أن علم التجويد يُعَدُّ جزءًا من علم القراءات على اعتبار أن علم القراءات – على ما تقدم – ينقسم إلى قسمين: الأصول, والفرش؛ وأن علم التجويد في كثير من مباحثه يُعتبر من الأصول التي بحثَها القُرَّاء.
ويتضح أيضًا أن علمي القراءات والتجويد يختلفان في أمرين:
الأمر الاول – من حيث الموضوع؛ فإن علم التجويد لا يُعنى باختلاف الرواة وعزو الروايات لناقليها بقدر غايته بتحقيق الألفاظ وتجويدها وتحسينها, وهو مما لا خلاف في أكثرِه بين القراء؛ فإن القراء عمومًا متفقون على موضوعات مخارج الحروف والصفات, والقضايا الكلية للمد والقصر, وأحكام النون الساكنة والتنوين, والميم الساكنة, وغيرها.
الأمر الثاني – من حيث المنهج؛ فإن منهج كتب القراءات هو المنهج النقلي, فإن كتب القراءات كتب رواية, بخلاف كتب التجويد؛ فلا تعتني بالرواية؛ ولكنها كتب دراسة تعتمد على درجة مقدرة القارئ في ملاحظة أصوات اللغة وتحليلها ووصفها حال إفرادها او تركيبها.

وإلى هنا ينتهي ما أردتُ بيانَه.
والحمد لله رب العالمين, وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مصادر البحث:
1- {مقدمات في علم القراءات} لأحمد خالد شكري وزميليه, دار عمار – الأردن, الطبعة الأولى, سنة 1443 هـ.
2- {هداية القاري إلى تجويد كلام الباري} لعبد الفتاح السيد عجمي المرصفي, مكتبة طيبة – المدينة النبوية, الطبعة الثانية.
3- {التمهيد في علم التجويد} لأبي الخير محمد بن محمد بن محمد بن الجزري, تحقيق غانم قدوري الحمد, مؤسسة الرسالة – بيروت, الطبعة الأولى, سنة 1421 هـ
4- {الإضاءة في بيان أصول القراءة} لعلي بن محمد الضَّبَّاع, المكتبة الأزهرية للتراث – القاهرة, الطبعة الأولى, سنة 1420 هـ.
5- {شرح المقدمة الجزرية} لأيمن رشدي سويد, أشرطة سمعية.
6- {النشر في القراءات العشر} لأبي الخير محمد بن محمد بن محمد الجزري, أشرف على تصحيحه ومراجعته علي بن محمد الضباع, دار الكتب العلمية – بيروت (مصوَّرة عن طبعة المطبعة التجارية الكبرى).
7- {الإتقان في تجويد القرآن} لعبد الله بن صالح العبيد, دار العاصمة للنشر والتوزيع – الرياض, الطبعة الاولى, سنة 1443 هـ.
8- {شرح المقدمة الجزرية} لعبد الرافع بن رضوان بن علي الشرقاوي, أشرطة سمعية.

________________________
(1) هذا الكلام هو فيما يخُصُّ تعلُّمَ وتعليمَ عِلْمِ التجويد
وأما حكم العَمَل بالتجويد فهو أمرٌ آخر
وقد سبق أن بيَّنتُ حكمَ العمل بالتجويد في موضوعين آخرين, ونقلتُ كلام عدد من الأئمة المحققين في القول بوجوبه.
(2) أي: قد يتعين على بعض الناس تعلُّمُ هذا العلم أو بعضِ أبوابه – مِن باب: {ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب}.

منقول لتعم للفائدة والاجر

تعليمية تعليمية




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.