التصنيفات
اسلاميات عامة

الفوائد العشرة لغض البصر

الفوائد العشرة لغض البصر

للشيخ ابن قيم الجوزية



لله در الشاعر إذ يقول :


كم من نظرة فتكت في قلب صاحبها *** فتك السهام بغير قوس ولا وترِ
يســـــر مــقلتـه مــــــاضر مهجتـــــه *** لا خير بســرور جـــاء بالضــرر
1) امتثال لأمر الله الذي هو غاية سعادة العبد في معاشه ومعاده، وليس للعبد في دنياه وآخرته أنفع من امتثال أوامر ربه تبارك وتعالى، وما سعد من سعد في الدنيا والآخرة إلا بامتثال أوامره، وما شقي من شقي في الدنيا والآخرة إلا بتضييع أوامره.

2) يمنع من وصول أثر السهم المسموم الذي لعل فيه هلاكه إلى قلبه.

3) أنه يورث القلب أنسا بالله وجمعية على الله، فإن إطلاق البصر يفرق القلب ويشتته، ويبعده من الله، وليس على العبد شيء أضر من إطلاق البصر فإنه يوقع الوحشة بين العبد وبين ربه.

4) يقوي القلب ويفرحه، كما أن إطلاق البصر يضعفه ويحزنه.

5) أنه يكسب القلب نورا كما أن إطلاقه يكسبه ظلمة، ولهذا ذكر الله آية النور عقيب الأمر بغض البصر، فقال : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم}، ثم قال أثر ذلك : { الله نور السماوات والأرض، مثل نوره كمشكاة فيها مصباح}، أي مثل نوره في قلب عبده المؤمن الذي امتثل أوامره واجتنب نواهيه، وإذا استنار القلب أقبلت وفود الخيرات إليه من كل جانب، كما أنه إذا أظلم أقبلت سحائب البلاء والشر عليه من كل مكان، فما شئت من بدعة وضلالة واتباع هوى، واجتناب هدى، وإعراض عن أسباب السعادة واشتغال بأسباب الشقاوة، فإن ذلك إنما يكشفه له النور الذي في القلب، فإذا فقد ذلك النور بقي صاحبه كالأعمى الذي يجوس في حنادس الظلام.

6) أنه يورث الفراسة الصادقة التي يميز بها بين المحق والمبطل، والصادق والكاذب، وكان شاه بن شجاع الكرماني يقول : من عمر ظاهره باتباع السنة وباطنه بدوام المراقبة، وغض بصره عن المحارم، وكف نفسه عن الشهوات، واعتاد أكل الحلال لم تخطئ له فراسة ؛ وكان شجاع هذا لا تخطئ له فراسة.

7) أنه يورث القلب ثباتا وشجاعة وقوة، ويجمع الله له بين سلطان البصيرة والحجة وسلطان القدرة والقور، كما في الأثر : " الذي يخالف هواه يفر الشيطان من ظله "، وضد هذا تجده في المتبع هواه من ذل النفس ووضاعتها ومهانتها وخستها وحقارتها، وما جعل الله سبحانه فيمن عصاه، كما قال الحسن : " إنهم وإن طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البراذين، فإن ذل المعصية لا يفارق رقابهم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه "، وقد جعل الله سبحانه العز قرين طاعته والذل قرين معصيته، فقال تعالى : { ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين}، وقال تعالى : { ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين}، والإيمان قول وعمل، ظاهر وباطن، وقال تعالى : { من كان يريد العزة فلله العزة جميعا، إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}، أي من كان يريد العزة فليطلبها بطاعة الله وذكره من الكلم الطيب والعمل الصالح، وفي دعاء القنوت : " إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت "، ومن أطاع الله فقد والاه فيما أطاعه، وله من العز سب طاعته، ومن عصاه فقد عاداه فيما عصاه فيه، وعليه من الذل بحسب معصيته.

8) أنه يسد على الشيطان مدخله من القلب، فإنه يدخل مع النظرة وينفذ معها إلى القلب أسرع من نفوذ الهواء في المكان الخالي، فيمثل له صورة المنظور غليه ويزينها، ويجعلها صنما يعكف عليه القلب، ثم يعده ويمنيه ويوقد على القلب نار الشهوة، ويلقي عليه حطب المعاصي التي لم يكن يتوصل إليها بدون تلك الصورة، فيصير القلب في اللهب، فمن ذلك تلد الأنفاس التي يجد فيها وهج النار، وتلك الزفرات والحرقات، فإن القلب قد أحاطت به النيران من كل جانب، فهو وسطها كالشاة في وسط التنور، ولهذا كانت عقوبة أصحاب الشهوات بالصور المحرمة : أن جعل لهم في البرزخ تنوراُ من نار، وأودعت أرواحهم فيه إلى حشر أجسادهم، أراها الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- في المنام في الحديث المتفق على صحته.

9) أنه يفرغ القلب للتفكر في مصالحه والاشتغال بها، وإطلاق البصر يشتت عليه ذلك ويحول بينه وبينها فتنفرط عليه أموره ويقع في اتباع هواه وفي الغفلة عن ذكر ربه، قال تعالى : {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا}، وإطلاق النظر يوجب هذه الأمور الثلاثة بحسبه.

10) أن بين العين والقلب منفذا أو طريقا يوجب اشتغال أحدهما بما يشغل به الآخر، يصلح بصلاحه ويفسد بفساده، فإذا فسد القلب فسد النظر، وإذا فسد النظر فسد القلب، وكذلك في جانب الصلاح، فإذا خربت العين وفسدت خرب القلب وفسد، وصار كالمزبلة التي هي محل النجاسات والقاذورات والأوساخ، فلا يصلح لسكنى معرفة الله ومحبته والإنابة إليه، والأنس به، والسرور بقربه، وإنما يسكن فيه أضداد ذلك.

من الداء والدواء




شكرا لك أخي ابو سليمان على الفائدة
وجعلنا الله من المؤمنين الذين يغضون أبصارهم




بارك الله فيك اخي يحيى على المرور




التصنيفات
اسلاميات عامة

الحروز العشرة للوقاية من السحر والحسد والعين.

الحروز العشرة للوقاية من السحر والحسد والعين. (من فرائد الامام ابن القيم رحمه الله).
قال الإمام الحافظ ابن قيم الجوزية رحمه الله بعد كلامٍ له سبق في الحسد والعين والسحر:

ويندفع شر الحاسد عن المحسود بعشرة أسباب أحدها:
السبب الأول: التعوذ بالله من شره

والتحصن به واللجأ إليه وهو المقصود بهذه السورة [سورة الفلق] والله تعالى سميع لاستعاذته، عليم بما يستعيذ منه. والسمع هنا المراد به: سمع الإجابة لا السمع العام، فهو مثل قوله: ( سمع الله لمن حمده ) وقول الخليل تعليمية: تعليمية إِنَّ رَبِّى لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ تعليمية [إبراهيم:39] ومرة يقرنه بالعلم، ومرة بالبصر لاقتضاء حال المستعيذ ذلك، فإنه يستعيذ به من عدو يعلم أن الله يراه ويعلم كيده وشره.
فأخبر الله تعالى هذا المستعيذ أنه سميع لاستعاذته، أي مجيب، عليم بكيد عدوه، يراه ويبصره لينبسط أمل المستعيذ، ويُقبل بقلبه على الدعاء.
وتأمل حكمة القرآن كيف جاء في الاستعاذة من الشيطان الذي نعلم وجوده ولا نراه بلفظ تعليمية السَّمِيعُ العلِيم تعليمية في الأعراف وحم والسجدة، وجاءت الاستعاذة من شر الإنس الذي يؤنسون ويرون بالأبصار بلفظ تعليمية السَّمِيعُ البَصِيرُ تعليمية في سورة حم المؤمن فقال: تعليمية إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِى آيَاتِ اللهِ بِغَيرِ سُلطَانٍ أَتَاهُم إِن فِى صُدُورِهِم إِلا كِبرٌ مَّاهُم بِبَالِغِيهِ فاستَعِذ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الَبصِيرُ تعليمية [غافر:56] لأن أفعال هؤلاء أفعال معاينة ترى بالبصر، وأما نزغ الشيطان فوساوس وخطرات يلقيها في القلب يتعلق بها العلم. فأمر بالاستعاذة بالسميع العليم فيها، وأمر بالاستعاذة بالسميع البصير في باب ما يرى بالبصر ويدرك بالرؤية. والله أعلم.
السبب الثاني: تقوى الله

وحفظه عند أمره ونهيه، فمن اتقى الله تولى حفظه ولم يكله إلى غيره، قال تعالى: تعليمية وَإنْ تَصبِرُوا وَتَتَّقُواْ لا يَضُرُّكُمْ كَيدُهُم شَيئاً تعليمية [آل عمران:120].
وقال النبي تعليمية لعبدالله بن عباس: { احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك }.
فمن حفظ الله حفظه الله، ووجده أمامه أينما توجه، ومن كان الله حافظه وأمامه فمن يخاف ومن يحذر؟!
السبب الثالث: الصبر على عدوه

وأن لا يقاتله ولا يشكوه، ولا يحدث نفسه بأذاه أصلاً، فما نُصر على حاسده وعدوه بمثل الصبر عليه والتوكل على الله، ولا يستطل تأخيره وبغيه، فإنه كلما بغى عليه كان بغيه جنداً وقوة للمبغي عليه المحسود يقاتل به الباغي نفسه وهو لا يشعر، فبغيه سهام يرميها من نفسه إلى نفسه، ولو رأى المبغي عليه ذلك لسره بغيه عليه، ولكن لضعف بصيرته لا يرى إلا صورة البغي دون آخره ومآله، وقد قال تعالى: تعليمية وَمَن عَاقَبَ بِمِثلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللهُ تعليمية [الحج:60]. فإذا كان الله قد ضمن له النصر مع أنه قد استوفى حقه أولاً، فكيف بمن لم يستوفِ شيئاً من حقه بل بغي عليه وهو صاب؟. وما من الذنوب ذنب أسرع عقوبة من البغي وقطيعة الرحم وقد سبقت سنة الله ( إنه لو بغى جبل على جبل جعل الباغي منهما دكّا ).
السبب الرابع: التوكل على الله

فمن يتوكل على الله فهو حسبه. والتوكل من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد ما لا يطيق من أذى الخلق وظلمهم وعدوانهم، وهو من أقوى الأسباب في ذلك، فإن الله حسبه أي كافيه، ومن كان الله كافيه وواقيه فلا مطمع فيه لعدوه، ولا يضره إلا أذى لابد منه كالحر والبرد والجوع والعطش.
وأما ما يضره بما يبلغ منه مراده فلا يكون أبداً. وفرق بين الأذى الذي هو في الظاهرإيذاء له وهو في الحقيقة إحسان إليه وإضرار بنفسه، وبين الضرر الذي يتشفى به منه. قال بعض السلف: جعل الله لكل عمل جزاء من جنسه، وجعل جزاء التوكل عليه نفس كفايته لعبده فقال: تعليمية وَمَن يَتَوَكَّل عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسبُهُ تعليمية [الطلاق:3]. ولم يقل نؤته كذا وكذا من الأجر كما قال في الأعمال، بل جعل نفسه سبحانه كافي عبده المتوكل عليه وحسبه وواقيه. فلو توكل العبد على الله حق توكله وكادته السماوات والأرض ومن فيهن لجعل له ربه مخرجاً من ذلك وكفاه ونصره. وقد ذكرنا حقيقة التوكل وفوائده وعظم منفعته وشدة حاجة العبد إليه في كتاب "الفتح القدسي" وذكرنا هناك فساد من جعله من المقامات المعلولة. وأنه من مقامات العوام، وأبطلنا قوله من وجوه كثيرة وبينا أنه من أجلّ مقامات العارفين، وأنه كلما علا مقام العبد كانت حاجته إلى التوكل أعظم وأشد، وأنه على قدر إيمان العبد يكون توكله، وإنما المقصود هنا ذكر الأسباب التي يندفع بها شر الحاسد والعائن والساحر والباغي.
السبب الخامس: فراغ القلب من الاشتغال به والفكر فيه

وأن يقصد أن يمحوه من باله كلما خطر له! فلا يلتفت إليه، ولا يخافه، ولا يملأ قلبه بالفِكْر فيه، وهذا من أنفع الأدوية وأقوى الأسباب المعينة على اندفاع شره، فإن هذا بمنزلة من يطلبه عدوه ليمسكه ويؤذيه، فإذا لم يتعرض له ولا يتماسك هو وإياه بل انعزل عنه لم يقدر عليه، فإذا تماسكاً وتعلق كل منهما بصاحبه حصل الشر. وهكذا الأرواح سواء. فإذا علق روحه وشبثها به، وروح الحاسد الباغي متعلقة به يقظة ومناماً لا يفتر عنه، وهو يتمنى أن يتماسك الروحان، ويتثبتا، فإذا تعلقت كل روح منهما بالأخرى، عدم القرار، ودام الشر حتى يهلك أحدهما. فإذا جبذ روحه منه، وصانها عن الفكر فيه والتعلق به، وأن لا يخطره بباله، فإذا خطر بباله بادر إلى محو ذلك الخاطر والاشتغال بما هو أنفع له وأولى به: بقي الحاسد الباغي يأكل بعضه بعضاً، فإن الحسد كالنار فإذا لم تجد ما تأكله أكل بعضها بعضاً، وهذا باب عظيم النفع لا يلقاه إلا أصحاب النفوس الشريفة والهمم العالية، [أما الغمر الذي يريد الانتقام والتشفي من عدوه فإنه بمعزل عنه، وشتان] بين الكيس الفطن وبينه، [ولا يمكن أحداً معرفة قدره] حتى يذوق حلاوته وطيبه ونعيمه، كأنه يرى من أعظم عذاب القلب والروح اشتغاله بعدوه وتعلق روحه به، ولا يرى شيئاً ألم لروحه من ذلك، ولا يصدق بهذا إلا النفوس المطمئنة الوادعة اللينة التي رضيت بوكالة الله لها، وعلمت أن نصره لها خير من انتصارها هي لنفسها، فوثقت بالله، وسكنت إليه، واطمأنت به، وعلمت أن ضمانه حق، ووعده صدق، وأنه لا أوفى بعهده من الله، ولا أصدق منه قيلاً، فعلمت أن نصره لها أقوى وأثبت وأدوم وأعظم فائدة من نصرها هي لنفسها أو نصر مخلوق مثلها لها. ولا يقوى على هذا إلا بـ:
السبب السادس: وهو الإقبال على الله والإخلاص له

وجعل محبته ورضاه والإنابة إليه في محل خواطر نفسه وأمانيها تدب فيها دبيب تلك الخواطر شيئاً فشيئاً حتى يقهرها ويغمرها ويذهبها بالكلية فتبقى خواطره وهواجسه وأمانيه كلها في محاب الرب، والتقرب إليه وتملقه وترضيه واستعطافه وذكره كما يذكر المحب التام المحبة محبوبة المحسن إليه الذي قد امتلأت جوانحه من حبه فلا يستطيع قلبه انصرافاً عن ذكره، ولا روحه انصرافاً عن محبته، فإذا صار كذلك فكيف يرضى لنفسه أن يجعل بيت أفكاره وقلبه معموراً بالفكر في حاسده والباغي عليه والطريق إلى الانتقام منه والتدبير عليه؟ هذا ما لا يتسع له إلا قلب خراب لم تسكن فيه محبة الله وإجلاله، وطلب مرضاته. بل إذا مسه طيف من ذلك واجتاز ببابه من خارج ناداه حرس قلبه: " إياك وحمى الملك! اذهب إلى بيوت الخانات التي كل من جاء حل فيها ونزل بها. ما لك ولبيت السلطان الذي أقام عليه اليزك، وأدار عليه الحرس، وأحاطه بالسور؟".
قال تعالى حكاية عن عدوه إبليس أنه قال: تعليمية فَبِعزَّتِكَ لأُغوِيَنَّهُم أَجمَعِينَ (82) إِلا عِبَادَكَ مِنهُمُ المُخلَصِينَ تعليمية [ص:83،82].
فقال تعالى: تعليمية إِنَّ عِبَادِى لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطَان تعليمية [الحجر:42].
وقال تعالى: تعليمية إِنَّهُ لَيسَ لَهُ سُلطَان عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِم يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّونَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشرِكُونَ تعليمية [النحل:99، 100].
وقال في حق الصديق يوسف عليه السلام: تعليمية كَذَلِكَ لِنَصرِفَ عَنهُ السُّوءَ وَالفَحشَاءَ إِنَّهُ مِن عِبَادِنَا المُخلَصِينَ تعليمية [يوسف:24].
فما أعظم سعادة من دخل هذا الحصن، وصار داخل اليزك! لقد آوى إلى حصن لا خوف على من تحصن به، ولا ضيعة على من آوى إليه، ولا مطمع للعدو في الدنو إليه منه: تعليمية ذَلِكَ فَضلُ اللهِ يُؤتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الفَضلِ العَظِيمِ تعليمية [الجمعة:4].
السبب السابع: تجريد التوبة إلى الله

من الذنوب التي سَلَّطت عليه أعداءه فإن الله تعالى يقول: تعليمية وَمَا أَصَابَتكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَت أَيدِيكُم تعليمية [الشورى:30]، وقال لخير الخلق، وهم أصحاب نبيه دونه تعليمية: تعليمية أَوَلَمَّا أَصَابَتكُم مُّصِيبَةٌ قَد أَصَبتُم مِّثلَيهَا قُلتُم أَنَّى هَذَا قُل هُوَ مِن عِندِ أَنفُسِكُم تعليمية [آل عمران:165].
فما سلط على العبد من يؤذيه إلا بذنب يعلمه أو لا يعلمه. وما لا يعلمه العبد من ذنوبه أضعاف ما يعلمه منها، وما ينساه مما عمله أضعاف ما يذكره. وفي الدعاء المشهور: ( اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم ). فما يحتاج العبد إلى الاستغفار منه مما لا يعلمه أضعاف أضعاف ما يعلمه، فما سُلط عليه مؤذ إلا بذنب.
ولقى بعضَ السلف رجل فأغلظ له، ونال منه، فقال له: قف حتى أدخل البيت ثم أخرج إليك، [فدخل]، فسجد لله وتضرع إليه وتاب وأناب إلى ربه ثم خرج إليه. فقال له: ما صنعت؟ فقال: تبت إلى الله من الذنب الذي سلطك به عليّ.
وسنذكر إن شاء الله تعالى أنه ليس في الوجود شر إلا الذنوب وموجباتها، فإذا عوفي العبد من الذنوب عوفي من موجباتها، فليس للعبد إذا بغي عليه وأُذيَ وتسلط عليه خصومه شيء أنفع له من التوبة النصوح.
وعلامة سعادته أن يعكس فكره ونظره على نفسه وذنوبه وعيوبه، فيشتغل بها وبإصلاحها وبالتوبة منها، فلا يبقى فيه فراغ لتدبر ما نزل به، بل يتولى هو التوبة وإصلاح عيوبه، والله يتولى نصرته وحفظه والدفع عنه ولابد، فما أسعده من عبد! وما أبركها من نازلة نزلت به! وما أحسن أثرها عليه! ولكن التوفيق والرشد بيد الله، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، فما كل أحد يوفق لهذا، لا معرفة به ولا إرادة له ولا قدرة عليه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
السبب الثامن: الصدقة والإحسان ما أمكنه

فإن لذلك تأثيراً عجيباً في دفع البلاء ودفع العين وشر الحاسد، ولو لم يكن في هذا إلا بتجارب الأمم قديماً وحديثاً لكفى به، فما تكاد العين والحسد والأذى يتسلط على محسن متصدق، وإن أصابه شيء من ذلك كان معاملاً فيه باللطف والمعونة والتأييد، وكانت له فيه العاقبة الحميدة. فالمحسن المتصدق في خفارة إحسانه وصدقته عليه من الله جُنة واقية، وحصن حصين. وبالجملة فالشكر حارس النعمة من كل ما يكون سبباً لزوالها.
ومن أقوى الأسباب حسد الحاسد والعائن، فإنه لا يفتر ولا يني ولا يبرد قلبه حتى تزول النعمة عن المحسود، فحينئذ يبرد أنينه وتنطفىء ناره – لا أطفأها الله – فما حرس العبد نعمة الله عليه بمثل شكرها، ولا عرَّضها للزوال بمثل العمل فيها بمعاصي الله، وهو كفران النعمة وهو باب إلى كفران المُنعم.
فالمحسن المتصدق يستخدم جنداً وعسكراً يقاتلون عنه وهو نائم على فراشه. فمن لم يكن له جند، ولا عسكر، وله عدو فإنه يوشك أن يظفر به عدوه؛ وإن تأخرت مدة الظفر؛ والله المستعان.
السبب التاسع: إطفاء نار الحسد والباغي والمؤذي بالإحسان إليه.

وهو من أصعب الأسباب على النفس وأشقها عليها ولا يوفق له إلا من عظم حظه من الله، وهو إطفاء نار الحاسد والباغي والمؤذي بالإحسان إليه. فكلما ازداد أذى وشراً وبغياً وحسداً ازددت إليه إحساناً، وله نصيحة، وعليه شفقةً، وما أظنك تُصدِّق بأن هذا يكون فضلاً عن أن تتعاطاه فاسمع الآن قوله عز وجل: تعليمية وَلا تَستَوِى الحَسَنَةُ وَلا السَّيِئَةُ ادفَع بِالَّتِى هِىَ أَحسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَينَكَ وَبَينَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيطَانِ نَزغٌ فَاستَعِذ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ تعليمية [فصلت:34-36].
وقال تعالى: تعليمية أُولَئِكَ يُؤتَونَ أَجرَهُم مَّرَّتَينِ بِمَا صَبَرُواْ وَيَدرَءُونَ بِالحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقنَاهُم يُنفِقُونَ تعليمية [القصص:54].
وتأمل حال النبي تعليمية الذي حكى عنه نبينا تعليمية أنه ضربه قومه حتى أدموه فجعل يسلت الدم عنه ويقول: { اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون }.
كيف جمع في هذه الكلمات الأربع مقامات من الإحسان قابل بها إساءتهم العظيمة إليه؟
أحدها: عفوه عنهم.

والثاني: استغفاره لهم.
والثالث: اعتذاره عنهم بأنهم لا يعلمون.
والرابع: استعطافه لهم بإضافتهم إليه، فقال: { اغفر لقومي } كما يقول الرجل لمن يشفع عنده فيمن يتصل به: هذا ولدي، هذا غلامي، هذا صاحبي، فهيه لي.
واسمع الآن ما الذي يسهل هذا على النفس ويطيبه إليها وينعمها به:
اعلم أن لك ذنوباً بينك وبين الله، تخاف عواقبها وترجوه أن يعفو عنها ويغفرها لك ويهبها لك. ومع هذا لا يقتصر على مجرد العفو والمسامحة حتى ينعم عليك ويكرمك، ويجلب لك من المنافع والإحسان فوق ما تؤمله.
فإذا كنت ترجو هذا من ربك وتحب أن يقابل به إساءتك، فما أولاك وأجدرك أن تعامل به خلقه، وتقابل به إساءتهم ليعاملك الله تلك المعاملة، فإن الجزاء من جنس العمل، فكما تعمل مع الناس في إساءتهم في حقك، يفعل الله معك في ذنوبك وإساءتك جزاء وفاقاً، فانتقم بعد ذلك أو اعف، وأحسن أو اترك، فكما تدين تدان وكما تفعل مع عباده يفعل معك.
فمن تصور هذا المعنى وشغل به فكره هان عليه الإحسان إلى من أساء إليه.
وهذا مع ما يحصل له بذلك من نصر الله ومعيته الخاصة كما قال النبي تعليمية للذي شكى إليه قرابته، وأنه يحسن إليهم وهم يسيئون إليه فقال: { لا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك }.
هذا مع ما يتعجله من ثناء الناس عليه، ويصيرون كلهم معه على خصمه، فإن كل من سمع أنه محسن إلى ذلك الغير، وهو مسيء إليه، وجد قلبه ودعاءه وهمته مع المحسن على المسيء، وذلك أمر فطري فطر الله عليه عباده.
فهو بهذا الإحسان قد استخدم عسكراً لا يعرفهم ولا يعرفونه، ولا يريدون منه إقطاعاً ولا خبزاً. هذا مع أنه لابد له مع عدوه وحاسده من إحدى حالتين:
إما أن يملكه بإحسانه فيستعبده، وينقاد له، ويذل له ويبقى [من أحب] الناس إليه.
وإما أن يفتت كبده، ويقطع دابره، إن أقام على إساءته إليه، فإنه يذيقه بإحسانه أضعاف ما ينال منه بانتقامه. ومن جرب هذا عرفه حق المعرفة، والله هو الموفق المعين، بيده الخير كله لا إله غيره، وهو المسئول أن يستعملنا وإخواننا في ذلك بمنه وكرمه.
وفي الجملة ففي هذا المقام من الفوائد ما يزيد على مائة منفعة للعبد، في عاجله وآجله، سنذكرها في موضع آخر إن شاء الله تعالى.
السبب العاشر: تجريد التوحيد

وهو الجامع لذلك كله، وعليه مدار هذه الأسباب. وهو تجريد التوحيد، والترحل بالفكر في الأسباب إلى المسبب العزيز الحكيم، والعلم بأن هذه الآلات بمنزلة حركات الرياح، وهي بيد محركها، وفاطرها وبارئها، ولا تضر ولا تنفع إلا بإذنه، فهو الذي يحسن عبده بها وهو الذي يصرفها عنه وحده، لا أحد سواه. قال تعالى: تعليمية وَإِن يَمسَسكَ اللهُ بِضُرٍ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِن يُرِدكَ بِخَيرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضلِهِ تعليمية [يونس:107].
وقال النبي تعليمية لعبدالله بن عباس رضي الله عنهما: { واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء كتبه الله عليك }.
فإذا جرد العبد التوحيد فقد خرج من قلبه خوف ما سواه، وكان عدوه أهون عليه من أن يخافه مع الله، بل يفرد الله بالمخافة، وقد أمنه منه، وخرج من قلبه اهتمامه به واشتغاله به وفكره فيه، وتجرد لله محبة وخشية وإنابة وتوكلاً واشتغالاً به عن غيره، فيرى أن إعماله فكره في أمر عدوه وخوفه منه واشتغاله به من نقص توحيده، وإلا فلو جرد توحيده لكان له فيه شغل شاغل. والله يتولى حفظه، والدفع عنه، فإن الله يدافع عن الذين آمنوا، فإن كان مؤمناً، فالله يدافع عنه ولابد، وبحسب إيمانه يكون دفاع الله عنه، فإن كمل إيمانه كان دفع الله عنه أتم دفع، وإن مزج مزج له، وإن كان مرة ومرة فالله له مرة ومرة، كما قال بعض السلف: ( من أقبل على الله بكليته أقبل الله عليه جملة، ومن أعرض عن الله بكليته أعرض الله عنه جملة، ومن كان مرة ومرة فالله مرة ومرة ).
فالتوحيد حصن الله الأعظم الذي من دخله كان من الآمنين، قال بعض السلف: ( من خاف الله خافه كل شيء، ومن لم يخف الله أخافه من كل شيء ).
فهذه عشرة أسباب يندفع بها شر الحاسد والعائن والساحر، وليس له أنفع من التوجه إلى الله، وإقباله عليه، وتوكله عليه، وثقته به، وأن لا يخاف معه غيره، بل يكون خوفه منه وحده، ولا يرجو سواء بل يرجوه وحده، فلا يعلق قلبه بغيره، ولا يستغيث بسواه، ولا يرجو إلا إياه، ومتى علق قلبه بغيره، ورجاه وخافه وُكِلَ إليه وخُذل من جهته؛ فمن خاف شيئاً غير الله سُلط عليه، ومن رجا شيئاً سوى الله خذل من جهته وحرم خيره. هذه سنة الله في خلقه، ولن تجد لسنة الله تبديلاً.




بارك الله فيك أخي أبو جمانة على الموضوع الرائع والقيم….
جزيت خير الجزاء…
رزقكم الله الصحة والعافية…بالتوفيق




اللهم أاامين.
و اياك بارك الله فيك.




بارك الله فيك




و فيك بارك الله.




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة general تعليمية
بارك الله فيك أخي أبو جمانة على الموضوع الرائع والقيم….
جزيت خير الجزاء…
رزقكم الله الصحة والعافية…بالتوفيق

و فيك بارك الله.
اللهم أاامين.




بارك الله فيك
وجزاك خيرا
وجعله فى ميزان الحسنات
تحياتى وتقديرى




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

منظومة في نواقض الإسلام العشرة

إليكم منظومة في نواقض الإسلام التي إشتهرت عن علماء الشريعة الإسلامية

للشيخ زيد بن محمد بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى

نواقض الإسلام جاءت عشرة ***** في ديننا السمح أتت مقررة

الأول الشرك الصريح المظلم****** فاحذره تغنم وانتبه يا مسلم

والثاني من يبغي وسيطا يرتجى****** فذاك شرك واضح ياذا الحجا

والثالث الراضي بكفر المشرك****** ومن تولى مذهبا له حكي

والرابع المغرور تابع الهوى****** القائل الشرع وقانون سوا

أو ربما القانون قال أحسن****** فذاك زنديق خبيث أرعن

والخامس المبغض شرع المرسل ****** ولو به يعمل ليس بالولي

لله ربي من إليه الملتج ****** ا ومن سواه عاجز في النص جا

والسادس المؤذي لحزب الله ****** فذاك ناقض لدين الله

يقول كاذبا بهذا للعب****** ثم نخوض ليزول النصب

والسابع السحر ومنه الصرف****** وحكمه كفر كذاك العطف من به يرضى فساء ما اشترى- لا صرف ولا عطف كلاها افترا

والثامن النصر لمشرك على****** من كان مسلما بنص انجلى

والتاسع اعتقادي ذي الجهل الغبي ****** بصحة الخروج عن شرع النبي

والعاشر الإعراض عن دين سما ****** أتى من الله قويما محكما




السلام عليكم ورحمة الله

جزاك الله خير الجزاء منظومة قيمة نسال الله ان ينفعنا وايكم بها

شكرا لك




جزاك الله خيرا و جعله في ميزان حسناتك




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نانو تعليمية
السلام عليكم ورحمة الله

جزاك الله خير الجزاء منظومة قيمة نسال الله ان ينفعنا وايكم بها

شكرا لك


و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

و أنتِ من أهل الخير و الجزاء أخية..

نسأل الله الإخلاص في القول و العمل..

أسعدني مروركِ..




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رنين تعليمية
جزاك الله خيرا و جعله في ميزان حسناتك

و جزاكِ بمثله أخيتي..

بوركتِ على المرور العطر..




بارك الله فيك اخيتي سارة الأثرية




جزاكم الله خير الجزاء ونفع بكم




التصنيفات
الفقه واصوله

أحكام الخُلع في الإسلام يحتوي على مسائل حسن العشرة بين الزوجين ، و للشيخ تقي الد

تعليمية تعليمية

أحكام الخُلع في الإسلام يحتوي على مسائل حسن العشرة بين الزوجين ، و …. للشيخ تقي الدين الهلالي [كتاب مصور pdf]

أحكام الخلع في الإسلام
يحتوي على مسائل حسن العشرة بين الزوجين ، و النشوز ، و بعث الحكمين ، و الخلع ، مع براهينها من الكتاب و السنة و أقوال الأئمة

تأليف الشيخ تقي الدين الهلالي
– رحمه الله-

حمل الكتاب

منقول لتعم للفائدة والاجر

تعليمية تعليمية




التصنيفات
السنة الثانية متوسط

بحث عن العشرة المبشرين بالجنة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبو عبيدة بن الجراح [رضي الله عنه]
روي عن أنس [رضي الله عنه] أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال عن أبي عبيدة بن الجراح:((إنه أمين هذه الأمة)). الأمين هنا هو الثقة والأمانة صفة لكل صحابة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] , وإن كان لكل صاحب من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] سمة اختصه بها رسول الله [صلى الله عليه وسلم] , فقد وصف عثمان بن عفان [رضي الله عنه] بالحياء وعلياً [رضي الله عنه] بالقضاء وقال عن أبي بكر:((لو كنت متخذاً خليلاً لكان أبا بكر)). إنه أول من لقب بأمير الأمراء. يلتقي نسبه مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في فهر"اسم أحد جدوده" كان إسلام أبي عبيدة في بداية الإسلام حين دعاه أبو بكر إلى دين الله ثم هاجر إلى الحبشة واشتاق إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ,فعاد مسرعاً ليسعد بصحبته ثم هاجر إلى المدينة وآخى النبي [صلى الله عليه وسلم] بينه وبين سعد بن معاذ .

غزوة بدر

كانت بطولة أبي عبيدة بن الجراح يوم بدر حتى إن المشركين كانوا يبتعدون عنه في أرض المعركة إلا أن أحدهم وكان فارساً أصر على التصدي له فهجم عليه أبو عبيدة فقتله وكان هذا الفارس الذي قتله أبو عبيدة هو أباه .

القرآن يتلى فيه

رضي الله تعالى عن أبي عبيدة فقد أنزل الله سبحانه وتعالى فيه قرآناً يقول تعالى وهو أصدق القائلين:((لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون)) [ المجادلة : 22 ] .

موقعة أحد

يوم أحد لما عصى الرماة أمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] , وهجم المشركون على المسلمين فاستشهد من المسلمين مَن استشهد وكسرت رباعية النبي [صلى الله عليه وسلم] , وشج في وجهه وكان الدم يسيل على وجهه ودخلت حلقتان من المغفر في وجنته الشريفة قام أبو عبيدة ونزع الحلقتين اللتين دخلتا في وجنة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] , نزعهما عن النبي [صلى الله عليه وسلم] بفمه فسقطت ثنتاه .

غزوة ذات السلاسل

أرسله رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في مدد إلى عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل وقال لعمرو بن العاص [رضي الله عنه] :((إن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال لي"لا تختلفا" والله إنك إن عصيتني يا عمرو فإني أطيعك حباً في رسول الله [صلى الله عليه وسلم] )) فقال عمرو:((أنا الأمير أنت مدد لي)) فقال أبو عبيدة:((لك ما شئت)) .

أمين هذه الأمة

نزل وفد نجران المدينة فقابلهم أبو عبيدة ودعاهم إلى الإسلام فأبوا ولكنهم سألوا عن عيسى عليه السلام فنزلت الآية الجليلة:((إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون)) [ آل عمران : 59 ] . ولكنهم قالوا لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] :((إنا نعطيك الجزية وابعث معنا رجلاً أميناً)) فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] :((قم يا أبا عبيدة بن الجراح)) فلما قام قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] :((هذا أمين هذه الأمة)) "رواه البخاري" .

جهاده

اشترك في كل الغزوات مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حتى توفي [صلى الله عليه وسلم] , أما في يوم السقيفة فقد جمع شمل المسلمين على أبي بكر ولقد كان له موقف عظيم حين ولاه عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] لواء المسلمين في حصار دمشق فكتم الخبر عن خالد بن الوليد الذي كان يقود جيش المسلمين حتى انتهت المعركة فعلم خالد فجاءه متعجبًا منه وهو يقول له:((يغفر الله لك أتاك كتاب أمير المؤمنين بالولاية فلماذا لم تخبرني؟ وقد صليت خلفي وأنت القائد والأمير؟))فقال له أبو عبيدة:((لا عليك يا أخي ما كنت لأكسر عليك حربك فو الله إني ما أريد سلطان الدنيا فكل ذلك سيصير إلى زوال وإنما نحن إخوان بأمر الله عز وجل)) .

كان الفرسان من خيرة شباب المسلمين يفرحون ويسعون إلى أن يكونوا تحت قيادته في الحروب, فقد روي أن خالد بن سعيد ذهب إلى أبي بكر الصديق يطلب أن ينضم إلى جيش أبي عبيدة رافضاً أن يكون في جيش ابن عمه يزيد بن أبي سفيان .

أمير الشام

كانت أكبر جيوش الإسلام الجيش الذي تولاه أبو عبيدة بالشام عتاداً وعدداً وكان أهل الشام قد بهرتهم شخصيته وحلمه ورفقه وسعة صدره وحبه للإسلام. وحين قيادته للجيوش قام فيها خطيباً وبعد ما أثنى على الله وحمده قال لهم:((إنني مسلم من قريش والله لو أن فيكم من أحد يفضلني بتقوى إلا ووددت لو كنت في سلاخه"أي في جلده")) ولقد كان لصفاته التي أحبها أهل الشام أثر كبير في تسليم بعض مدن الشام له صلحاً بدون حرب .

فتحه اللاذقية

كانت اللاذقية بسوريا ببلاد الشام محصنة ولها باب عظيم لا يستطيع أحد اقتحامه فأمر أبو عبيدة بحفر حفائر عظيمة يستطيع الفارس المسلم المحارب أن يختفي داخلها وهو على فرسه وأظهر المسلمون أنهم عائدون إلى ديارهم وفي ظلام الليل تسلل المسلمون واستروا في تلك الحفائر وفي الصباح خرج أهالي اللاذقية وهم يظنون أن المسلمين قد انصرفوا عنهم, حين خرج أهالي اللاذقية فوجئوا بالمسلمين يصيحون بهم ويخرجون عليهم وبهذا فتحت اللاذقية .

اليرموك

قبل معركة اليرموك توجه أبو عبيدة ومعه يزيد بن أبي سفيان وبعض المسلمين إلى القائد الرومي ودعوه إلى الإسلام ودعا أيضاً الرسول الرومي الذي أرسله إليه وزير ملك الروم إلى الإسلام فأسلم .

فلسطين

وجاء دور فلسطين ـ بيت المقدس ـ وكان الحصار العظيم حتى طلب الأساقفة منه أن يصالحهم على أن يكتب الصلح أمير المؤمنين ويسلم إليه مفتاح المدينة . وحضر عمر [رضي الله عنه] , كما عرفنا في تاريخ عمر من قبل .

عمر وأبو عبيدة ومعاذ والمال

إنه كان من الفئة التي تحدث عنها القرآن فقال تعالى:((ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)) [ الحشر : 9 ] .

فقد ذهب عمر بن الخطاب يوماً إلى منزل أبي عبيدة فلم ير عنده إلا لبدا وصفحة وقربة ماء وهو أمير. فتعجب عمر وسأله:((أعندك طعام؟)) فأحضر أبو عبيدة له بعض كسرات من الخبز فلما عاد عمر إلى داره أخذ من بيت مال المسلمين أربعمائة دينار ووضعها في صرة وأرسلها مع غلامه إلى أبي عبيدة وطلب منه أن ينظر ماذا يفعل بها ويأتيه بالخبز . فجاءه الغلام بعد وقت قصير يخبره أنه قسَّم المبلغ وأرسله إلى عدد كبير من الناس المستحقين للمال .

ونفس هذا الموقف النبيل فعله أيضاً الصحابي الجليل معاذ بن جبل حين أرسل إليه عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] أربعمائة دينار مع غلام. فقام بإنفاقها جميعاً على من يستحقها من الناس . وقالت زوجت معاذ [رضي الله عنه] له:((إنك تنفق المال الذي أرسله لك أمير المؤمنين على المساكين ونحن أهل بيتك أيضاً مساكين فلم لم تعطينا بعضه؟)) فكان ما تبقى دينارين فأعطاهما لها.

هكذا كان الصحابة رضي الله عنهم وصلى الله على إمامهم وقدوتهم وأسوتهم محمد عليه الصلاة والسلام .

***رضي الله عن أبو عبيدة بن الجراح وعن صحابة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وعن التابعين***
————————————————————————————————————————————————————————————-
أبو بكر الصديق
أحد العشرة المبشرين بالجنة

ثاني اثنين اذ هما في الغار ، اذ يقول لصاحبه *)
(* لا تحزن ان الله معنا
قرآن كريم

هو عبد الله بن أبي قحافة، من قبيلة قريش، ولد بعد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بثلاث
سنيـن ، أمه أم الخير سلمى بنت صخر التيمية بنت عم أبيه ، كان يعمل بالتجارة ومـن
أغنياء مكـة المعروفين ، وكان أنسب قريشاً لقريش وأعلم قريـش بها وبما كان فيها من
خير وشـر وكان ذا خلق ومعروف يأتونه الرجال ويألفونـه اعتنـق الاسلام دون تردد فهو
أول من أسلم من الرجال الأحرار ثم أخذ يدعو لدين اللـه فاستجاب له عدد من قريش من
بينهم عثمـان بن عفـان ، والزبيـر بن العـوام ، وعبدالرحمـن بن عـوف ، والأرقـم
ابن أبي الأرقـم000

إسلامه

لقي أبو بكر -رضي الله عنه- رسول الله -صلى الله عليه و سلم- فقال 🙁 أحقّ ما تقول قريش يا محمد من تركِكَ آلهتنا ، وتسفيهك عقولنا وتكفيرك آباءَنا ؟!)000فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- 🙁 إني رسول الله يا أبا بكر ، ونبّيه بعثني لأبلغ رسالته ، وأدعوك الى الله بالحق ، فوالله إنه للحق أدعوك الى الله يا أبا بكر ، وحده لا شريك له ، ولا نعبد غيره ، و الموالاة على طاعته أهل طاعته )000وقرأ عليه القرآن فلم ينكر ، فأسلم وكفر بالأصنام وخلع الأنداد ، و أقرّ بحقّ الإسلام ورجع أبو بكر وهو مؤمن مُصَدّق000يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- 🙁 ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت له عنه كَبْوَة وتردد ونظر إلا أبا بكر ما عَتّم عنه حين ذكرته له وما تردد فيه )000

أول خطيب

عندما بلغ عدد المسلمين تسعة وثلاثين رجلاً ، ألح أبو بكر على الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الظهور فقال الرسول 🙁 يا أبا بكر إنّا قليل )000فلم يزل يلح حتى ظهر الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتفرّق المسلمون في نواحي المسجد ، وكل رجل معه ، وقام أبو بكر خطيباً ورسول الله جالس ، وكان أول خطيب دعا الى الله عزّ وجل والى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-000
وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين ، فضربوهم ضربا شديدا ، ووُطىءَ أبو بكر ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة ، فجعل يضربه بنعلين مخصوفين ، وأثّر على وجه أبي بكر حتى لا يعرف أنفه من وجهه ، وجاء بنو تيم تتعادى ، فأجلوا المشركين عن أبي بكر ، وحملوا أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه ولا يشكون في موته ، ورجعوا بيوتهم و قالوا 🙁 والله لئن مات أبو بكـر لنقتلـن عُتبة )000ورجعوا الى أبي بكر وأخذوا يكلمونـه حتى أجابهم فتكلم آخر النهار فقال 🙁 ما فعـل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ؟)000فنالوه بألسنتهم وقاموا000

أم الخير

ولمّا خلت أم الخير ( والـدة أبي بكر ) به جعـل يقول 🙁 ما فعل رسول الله -صلـى اللـه عليه وسلم-؟)000قالت 🙁 والله ما لي علم بصاحبك )000قال 🙁 فاذهبي الى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه )000فخرجت حتى جاءت أم جميل ، فقالت 🙁 إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله ؟)000قالت 🙁 ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله وإن تحبي أن أمضي معك الى ابنك فعلت ؟)000قالت 🙁 نعم )000فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعا ، فدنت أم جميل وأعلنت بالصياح وقالت 🙁 إنّ قوما نالوا منك هذا لأهل فسق ؟! وإنّي لأرجو أن ينتقـم اللـه لك )000

قال 🙁 فما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ؟)000 قالت 🙁 هذه أمك تسمع ؟)000قال 🙁 فلا عين عليك منها )000قالت 🙁 سالم صالح )000قال 🙁 فأين هو ؟)000قالت 🙁 في دار الأرقم )000قال 🙁 فإن لله عليّ ألِيّة ألا أذوق طعاما أو شرابا أو آتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- )000فأمهَلَتا حتى إذا هدأت الرِّجْل وسكن الناس خرجتا به يتكىء عليهما حتى دخل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فانكب عليه يقبله وانكبّ عليه المسلمون ورقّ رسول الله فقال أبو بكر 🙁 بأبي أنت وأمي ليس بي إلاّ ما نال الفاسق من وجهي ، وهذه أمي بَرّة بوالديها ، وأنت مبارك فادعها الى الله ، وادع الله لها عسى أن يستنقذها بك من النار )000فدعا لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم دعاها الى الله عزّ وجل ، فأسلمت فأقاموا مع رسول الله في الدار شهراً ، وكان حمزة يوم ضُرِب أبو بكر قد أسلم000

جهاده بماله

أنفق أبوبكر معظم ماله في شراء من أسلم من العبيد ليحررهم من العبودية ويخلصهم من العذاب الذي كان يلحقه بهم ساداتهم من مشركي قريش ، فأعتق بلال بن رباح وستة آخرين من بينهم عامر بن فهيرة وأم عبيس
فنزل فيه قوله تعالى :"( وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى ")000

منزلته من الرسول

كان -رضي الله عنه- من أقرب الناس الى قلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأعظمهم منزلة عنده حتى قال فيه 🙁 ان من أمَنِّ الناس علي في صحبته وماله أبوبكر ، ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا ، ولكن أخوة الاسلام ومودته ، لا يبقين في المسجد باب إلا سُدّ إلا باب أبي بكر )000
كما أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأن أبا بكر أرحم الأمة للأمة ، وأنه أول من يدخل معه الجنة فقد قال له الرسول -صلى الله عليه وسلم- 🙁 أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي )000وأنه صاحبه على الحوض فقد قال له الرسول -صلى الله عليه وسلم- 🙁 أنت صاحبي على الحوض ، وصاحبي في الغار )000
كما أن أبو بكر الصديق هو والد أم المؤمنين عائشة لذا كان عظيـم الإفتخـار بقرابته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومصاهرته له وفي ذلك يقول 🙁 والذي نفسي بيـده لقرابة رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- أحبُّ إليّ من أن أصل قرابتي )000

الإسراء والمعراج

وحينما أسري برسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة الى بيت المقدس ذهب الناس الى أبي بكر فقالوا له 🙁 هل لك يا أبا بكر في صاحبك ، يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع الى مكة !)000فقال لهم أبو بكر 🙁 إنكم تكذبون عليه )000فقالوا 🙁 بلى ، ها هو ذاك في المسجد يحدث به الناس ) فقال أبو بكر 🙁 والله لئن كان قاله لقد صدق ، فما يعجّبكم من ذلك ! فوالله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من الله من السماء الى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه ! فهذا أبعد مما تعجبون منه )000

ثم أقبل حتى انتهى الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال 🙁 يا نبي الله ، أحدثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة ؟)000قال 🙁 نعم )000قال 🙁 يا نبي الله فاصفه لي ، فإني قد جئته )000فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- 🙁 فرفع لي حتى نظرت إليه)000فجعل الرسول الكريم يصفه لأبي بكر ويقول أبو بكر 🙁 صدقت ، أشهد أنك رسول الله )000حتى إذا انتهى قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر 🙁 وأنت يا أبا بكر الصديق )000فيومئذ سماه الصديق000

الصحبة

ولقد سجل له القرآن الكريم شرف الصحبة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أثناء الهجرة الى المدينةالمنورة
فقال تعالى :"( ثاني اثنين اذ هما في الغار ، اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا )"000
كان أبو بكر رجلا ذا مال ، فاستأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-في الهجرة فقال له الرسول 🙁 لا تعْجل لعل الله يجعل لك صاحباً )000فطمع بأن يكون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنما يعني نفسه حين قال له ذلك ، فابتاع راحلتين فاحتبسهما في داره يعلفهما إعدادا لذلك ، وفي يوم الهجرة ، أتى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بيت أبي بكر بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها ، فلما رآه أبو بكر قال 🙁 ما جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-هذه الساعة إلا لأمر حدث )000

فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره ، فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليس عند أبي بكر إلا أسماء وعائشة ، فقال الرسول 🙁 أخرج عني من عندك )000فقال أبو بكر 🙁 يا رسول الله ، إنما هما ابنتاي ، وما ذاك ؟ فداك أبي وأمي !)000فقال 🙁 إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة )000فقال أبو بكر 🙁 الصُّحبة يا رسول الله ؟)000قال 🙁 الصُّحبة )000تقول السيدة عائشة 🙁 فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ )000ثم قال أبو بكر 🙁 يا نبيّ الله إن هاتين راحلتان قد كنت أعددتهما لهذا )000فاستأجرا عبد الله بن أرْقَط ، وكان مشركاً يدلهما على الطريق ، فدفعا إليه راحلتيهما ، فكانت عنده يرعاهما لميعادهما000

أبواب الجنـة

‏عن أبا هريرة ‏قال :‏ ‏سمعت رسول الله ‏-صلى الله عليه وسلم- ‏‏يقول :(‏ ‏من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دعي من أبواب‏ ‏-يعني الجنة- يا عبد الله هذا خير ، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد ، دعي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام وباب الريان )000فقال أبو بكر ‏:( ‏ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة )000وقال 🙁 هل يدعى منها كلها أحد يا رسول الله )000قال 🙁 نعم ، وأرجو أن تكون منهم يا ‏‏أبا بكر )000

مناقبه وكراماته

مناقب أبو بكر -رضي الله عنه- كثيرة ومتعددة فمن مناقبه السبق الى أنواع الخيرات والعبادات حتى قال عمر بن الخطاب 🙁 ما سبقت أبا بكر الى خير إلاّ سبقني )000وكان أبو بكر الصديق يفهم إشارات الرسول -صلى الله عليه وسلم- التي تخفى على غيره كحديث 🙁 أن عبداً خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده ، فاختار ما عنده ) ، ففهم أنه عليه الصلاة والسلام ينعي نفسه ، ومن ذلك أيضا فتواه في حضرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وإقراره على ذلك000
وهو أول خليفة في الإسلام ، وأول من جمع المصحـف الشريـف ، وأول من أقام للناس حجّهـم في حياة رسـول اللـه -صلى اللـه عليـه وسلم- وبعده000وكان في الجاهلية قد حرم على نفسه شرب الخمر ، وفي الإسلام امتنع عن قول الشعر000كما أنه -رضي الله عنه- لم يفته أي مشهد مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-000وقد قال له الرسول -صلى اللـه عليه وسلم- 🙁 أنت عتيق الله من النار ) ، فسمّي عتيقاً000

وقد بلغ بلال بن رباح أن ناساً يفضلونه على أبي بكر فقال 🙁 كيف تفضِّلوني عليه ، وإنما أنا حسنة من حسناته !!)000

عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال : ‏كنت جالسا عند النبي ‏-‏صلى الله عليه وسلم- ‏‏إذ أقبل ‏‏أبو بكر‏ ‏آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته ، فقال النبي ‏-‏صلى الله عليه وسلم-:( ‏‏أما صاحبكم فقد ‏‏غامر ‏‏)000فسلم وقال 🙁 إني كان بيني وبين ‏‏ابن الخطاب ‏ ‏شيء ، فأسرعت إليه ثم ندمت ، فسألته أن يغفر لي ، فأبى علي فأقبلت إليك )000فقال 🙁 يغفر الله لك يا ‏أبا بكر ‏)000‏ثلاثا ، ثم إن ‏عمر ‏ندم ، فأتى منزل ‏أبي بكر ‏، ‏فسأل 🙁 أثم ‏أبو بكر ‏)000 فقالوا 🙁 لا )000فأتى إلى النبي ‏-‏صلى الله عليه وسلم- ‏‏فسلم ، فجعل وجه النبي‏ -‏صلى الله عليه وسلم- ‏‏يتمعر ، حتى أشفق ‏‏أبو بكر ،‏ ‏فجثا ‏‏على ركبتيه فقال 🙁 يا رسول الله ، والله أنا كنت أظلم مرتين )000فقال النبي ‏-‏صلى الله عليه وسلم-:( ‏إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت ، وقال ‏ أبو بكر‏ ‏صدق ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي )000مرتين فما أوذي بعدها000

خلافته

وفي أثناء مرض الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمره أن يصلي بالمسلمين ، وبعد وفاة الرسول الكريم بويع أبوبكر بالخلافة في سقيفة بني ساعدة ، وكان زاهدا فيها ولم يسع اليها ، اذ دخل عليه ذات يوم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فوجده يبكي ، فساله عن ذلك فقال له 🙁 يا عمر لا حاجة لي في امارتكم !!)000 فرد عليه عمر 🙁 أين المفر ؟ والله لا نقيلك ولا نستقيلك) 0000

جيش أسامة

وجَّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسامة بن زيد في سبعمائة الى الشام ، فلمّا نزل بـذي خُشُـب -واد على مسيرة ليلة من المدينة- قُبِض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وارتدّت العرب حول المدينة ، فاجتمع إليه أصحاب رسول الله فقالوا 🙁 يا أبا بكر رُدَّ هؤلاء ، تُوجِّه هؤلاء الى الروم وقد ارتدت العرب حول المدينة ؟!)000فقال 🙁 والذي لا إله إلا هو لو جرّت الكلاب بأرجل أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما رَدَدْت جيشاً وجَّهه رسول الله ولا حللت عقدَهُ رسول الله )000فوجّه أسامة فجعل لا يمر بقبيل يريدون الارتداد إلا قالوا 🙁 لولا أن لهؤلاء قوّة ما خرج مثل هؤلاء من عندهم ، ولكن ندعهم حتى يلقوا الروم )000فلقوا الروم فهزموهم وقتلوهم ورجعوا سالمين فثبتوا على الإسلام000

حروب الردة

بعد وفـاة الرسـول -صلى الله عليه وسلم- ارتدت العرب ومنعت الزكاة ، واختلـف رأي الصحابة في قتالهم مع تكلمهم بالتوحيـد ، قال عمر بن الخطاب 🙁 كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- 🙁 أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا منّي دماءَهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله )؟!)000فقال أبو بكر 🙁 الزكاة حقُّ المال )000وقال 🙁 والله لأقاتلن من فرّق الصلاة والزكاة ، والله لو منعوني عَنَاقاً كانوا يُؤدّونها الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم على منعها )000ونصب أبو بكر الصديق وجهه وقام وحده حاسراً مشمِّراً حتى رجع الكل الى رأيه ، ولم يمت حتى استقام الدين ، وانتهى أمر المرتدين000

جيوش العراق والشام

ولمّا فرغ أبو بكر -رضي الله عنه- من قتال المرتدين بعث أبا عبيدة الى الشام وخالد بن الوليد الى العراق ، وكان لا يعتمد في حروب الفتوحات على أحد ممن ارتدَّ من العرب ، فلم يدخل في الفتوح إلا من كان ثابتا على الإسلام000

استخلاف عمر

لمّا أراد أبو بكر أن يستخلف عمر بن الخطاب بعث إليه وقال 🙁 إني أدعوك إلى أمر متعب لمن وليه ،فاتق الله يا عمر بطاعته ، وأطعه بتقواه ، فإن المتقي آمن محفوظ ، ثم إن الأمر معروض لا يستوجبه إلا من عمل به ، فمن أمر بالحق وعمل بالباطل ، وأمر بالمعروف وعمل بالمنكر يوشك أن تنقطع أمنيتُهُ ، وأن يحبط عمله ، فإن أنت وليت عليهم أمرهم فإن استطعت أن تخفّ يدك من دمائهم ، وأن تصم بطنك من أموالهم ، وأن يخف لسانك عن أعراضهم ، فافعل ولا حول ولا قوة إلا بالله )000

وفاته

ولد أبو بكر في مكة عام ( 51 قبل الهجرة ) ومات بالمدينة بعد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بسنتين وثلاثة أشهر وبضع ليال سنة ( 13 هـ )000ولمّا كان اليوم الذي قُبض فيه أبو بكر رجّت المدينة بالبكاء ، ودهش الناس كيوم قُبض الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، وجاء علي بن أبي طالب باكيا مسرعا وهو يقول 🙁 اليوم انقطعت خلافة النبوة)000حتى وقف على البيت الذي فيه أبو بكر مسجّىً فقال 🙁 رحمك الله يا أبا بكر ، كنت أول القوم إسلاما ، وأكملهم إيمانا ، وأخوفهم لله ، وأشدهم يقينا ، وأعظمهم عناءً ، وأحوطهم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وأحدبهم على الإسلام ، وآمنهم على أصحابه ، وأحسنهم صُحْبة ، وأفضلهم مناقب ، وأكثرهم سوابق ، وأرفعهم درجة ، وأشبههم برسول الله -صلى الله عليه وسلم- به هدياً وخُلُقاً وسمتاً وفعلاً000
————————————— ———————————- ——————————————— ———————————————————- –
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الفاروق عمر بن الخطاب [رضي الله عنه]

لعمر بن الخطاب منزلة عظيمة ومكانة رفيعة أيضا في رفع صرح الإسلام . كان عمر الخليفة العادل [رضي الله عنه] يؤدي الحقوق إلى أصحابها , وكان زاهدا وعابدا ناسكا , قويا أمينا , هو بحق إمام المتقين .فعمر شخصية فريدة في نوعها فذة , عظمة في بساطة , يقين في قوة , قوة في عدل , ورحمة ورأفة بجميع المسلمين .

قوته وبطشه

كان عمر في الجاهلية تاجرا مشهورا من أشراف قريش , وكان سفيرا لقريش في الحرب والسلم , والغريب أنه كان من أشد الناس عداوة لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] , لدرجة أنه كان يعذب جارية بني مؤمل حتى اشتراها أبو بكر وأعتقها .

إسلامه رضي الله عنه

خرج عمر يسعى إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يبغي قتله , بعدما هاجر المسلمون إلى الحبشة ، فقابل صديق له ، فلما علم عمر قال له : (( ألا تذهب لقتل أختك وزوجها سعيد بن زيد فقد أسلما)) فأسرع إليهما والغضب يكاد يذهب بعقله ، فلما دخل عليها وكان عندها قوم يقرأون القرآن فاختبئوا منه رعبا وخوفا ، فضرب شقيقته وزوجها فلما رأى الدم يسيل من وجه شقيقته أخذته الرأفة بها فقال لها ((أريني الصحيفة التي كانت معك)) فرفضت فاطمة بنت الخطاب أن تعطيها له حتى يتوضأ ويغتسل ، فجعل فأعطته الصحيفة فتغير حال عمر حين قرأ القرآن .

بسم الله الرحمن الرحيم

(طـه (1) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى (2) إلا تذكرة لمن يخشى (3)) [ طــه : ا-3]

وأشرق نور الإيمان في قلب عمر حين قرأ القرآن ، فأسلم عمر وأعلن إسلامه ، وذهب إلى أبى جهل وأخبره أنه تبع دين محمد [صلى الله عليه وسلم] ، دين الحق ، وكان إسلام عمر بعد إسلام حمزة عم الرسول [صلى الله عليه وسلم] بثلاثة أيام . كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يدعو الله أن يعز ويؤيده بإسلام عمر ، وبإسلام حمزة وعمر أصبح المسلمون يجهرون بإسلامهم وصلاتهم .

هجرة عمر رضي الله عنه إلى المدينة

حين هاجر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى المدينة ومعه أبو بكر ، أخذت قريش تؤذي وتمنع من يخرج للهجرة من المسلمين ، ولكن عمر [رضي الله عنه] هاجر وهو متقلد سيفه ، وقد حمل قوسه وأسهمه في يده وذهب إلي الكعبة وطاف سبعا ثم صلى ركعتين عند المقام ودار يحول أشراف مكة واحدا واحدا ، وهم يومئذ أهل شرك ، وقال لهم : ((من أراد أن تثكله أمه (أي تفقده) وييتم ولده ، وترمل زوجته ، فليحقني وراء هذا الوادى فما تبعه أحد فليحقني وراء هذا الوادي)) فما تبعه أحد.

شهد الفاروق عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] كل الغزوات مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] . وحين حضرت أبو بكر [رضي الله عنه] الوفاة ، أوصى بالخلافة من بعده لعمر بن الخطاب [رضي الله عنه] . وكان عمر قد وضع دستور للناس كله عدل وصدق وأمان ، فها هو يقول للناس ((إن الله قد ابتلاكم بي وابتلاني بكم ، وأبقاني فيكم)) . وأخبر الناس أن سوف يحسن إلي من أحسن ، ويعاقب من يسيء ، وطلب منهم إذا رأوا فيه اعوجاجا أن يقوموه . فقال له أحدهم: ((والله لو رأينا فيك إعوجاجا لقومناك بسيوفنا)) . فلم يغضب عمر قائلا ((الحمد لله الذي جعل الأمر شوري بينكم وبيني)) .

خلافة عمر العادل الزاهد

لعمر بن الخطاب موقف غاية في الإنصاف والعدل . جاء أحد المصريين إلى الخليفة العادل عمر [رضي الله عنه] يشكو عمرو بن العاص وابنه الذي كان بينهما سباق بالخيل , فسبق المصري ابن عمرو بن العاص. فلما غضب ابن عمرو بن العاص قام بضرب المصري بالسوط وهو يقول له :((خذها وأنا ابن الأكرمين)). فذهب المصري إلى الخليفة العادل عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] لكي يشكو إليه ما فعله ابن عمرو بن العاص , فأرسل عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] إلي عمرو بن العاص وابنه ليحضرا إليه. . . فلما وصلا إليه وقدما عليه أعطى للمصري سوطا وطلب منه أن يضرب ابن عمرو بن العاص وهو يقول له : ((اضرب ابن الأكرمين, فأخذ المصري السوط وضرب ابن عمرو بن العاص)). وقال عمر قولته الشهيرة :((متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً)).

وجعل لكل فرد في الدولة راتباً يكفيه, كما كان يعفي من أهل الكتاب من لا يستطيع دفع الجزية, بينما كان يسير وهو في المدينة وثوبه به أكثر من عشرين رقعة.

لعمر قصة شهيرة مع أحد الرعية, وقف ذات يوم على المنبر ليخطب في الناس , فقال له أحدهم:((والله لا نستمع إليك وقد ميزت نفسك علينا يا أمير المؤمنين, فأعطيت لكل واحد منا جلباباً واحداً وأخذت لنفسك جلبابين)), فنادى عمر رضي الله عنه على ابنه عبد الله ليقول له :(( يا عبد الله, من صاحب الجلباب الثاني؟)) فيقول عبد الله:((إنه لي يا أمير المؤمنين, ولكنى تركته لك)) فأكمل عمر:((وانتم كما تعلمون أنني رجل طوال"طويل القامة" وكان الجلباب الأول قصيراً ,فأعطاني ولدي جلبابه فأطلت به جلبابي)) فيعتذر إليه الرجل وهو يقول له :((الآن نسمع لك يا أمير المؤمنين ونطيع)).

صفاته رضي الله عنه

كان عمر قوياً في الحق, رحيماً بالفقراء والمساكين, وكان ذا شخصية مهيبة, ورغم ذلك كان سريع البكاء والخشوع بين يدي ربه , وصاحب فراسة نادرة وعجيبة, فذات مرة حدث أنه كان يخطب خطبة الجمعة والناس يستمعون إليه إذ به ينادي بأعلى صوته:((يا سارية الجبل"أي الزم الجبل وأعط ظهرك إليه لكي تحذر عدوك من خلفك"ومن استرعى الذئب ظلم)).وعاد يكمل خطبته وصلى بالناس. وبعد الصلاة سأله علي [رضي الله عنه] :((سمعناك تنادي"يا سارية الجبل" ؟)). فقال عمر((أو سمعتني يا علي؟)), فقال علي بن أبي طالب ((وكل من في المسجد سمعك)),فقال عمر [رضي الله عنه] ((لقد رأيت كأن المشركين التفوا حول المسلمين وكادوا يهزمونهم, وهم يمرون بجبل, فلو اتجهوا إليه انتصروا على المشركين, وإن تركوه هلكوا وانهزموا, فصحت بهم "الجبل الجبل")). وبعد مرور شهر على تلك الخطبة جاءه البشير فقال لهم ((إنهم سمعوا في ذلك اليوم صوتاً يشبه صوت عمر بن الخطاب وهو يقول "يا سارية الجبل الجبل" واتجهنا إليه, وفتح الله علينا بالنصر)).

الزهد والتقشف والورع والنزاعة

في عام الرمادة, كان هذا العام هو عام المجاعة الشديدة, أمر عمر بذبح جزور وتوزيع لحمه على أهل المدينة, فأُبقيَ لأمير المؤمنين جزء طيب من لحمه وعند الغداء وضع أمامه, فقال:((بئس الوالي إن أكلت أنا أطيب ما فيها وتركت للناس عظامها)) وأمر فرفعت من أمامه وطلب الخبز والزيت.

في إحدى جولاته التفـتيشية التي كان يفاجئ بها الأسواق وجد أبلاً سمينة, فسأل لمن هذا؟ فقالوا:((إنها إبل عبد الله بن عمر)) فانتفض عمر بشدة وأرسل في طلب ابنه عبد الله .وسأله:((من أين لك بثمنها؟)) فقال عبد الله:((اشتريتها بمالي لأتاجر فيها)) فقال عمر:((ارجعها إلى بيت مال المسلمين, وخذ ما دفعته فيها فقط)) .

وعبد الله بن عمر [رضي الله عنهم] كان من الأتقياء الصالحين, وهو من رواة الأحاديث. وقد رفض عمر [رضي الله عنه] إلحاح أصحابه كي يوليه منصباً من مناصب الدولة, أو أن يرشحه للخلافة.

تواضعه رضي الله عنه

تذكرون حين وفد بعض التجار إلى المدينة ونصبوا خيامهم على مشارفها, فلما خرج عمر ومعه عبد الرحمن بن عوف ليتفقد أحوال القافلة وجلسا على مقربة من القافلة.وقال عمر لعبد الرحمن [رضي الله عنه] :((سنمضي هنا بقية الليل نحرس ضيوفنا)). ولكن سمع صوت بكاء طفل فقام ليتبع الصوت, وقال لأم الطفل:((اتقي الله يا هذه, وأحسني إلى طفلك)) فقالت له المرأة:((إني أفطمه, ولهذا يبكي)) فقال لها عمر:((كيف تفطمينه وهو صغير هكذا؟)) فقالت له المرأة:((لأن أمير المؤمنين لا يعطي الراتب للطفل الرضيع ويعطيه للفطيم فقط)) .

ويروى عن عبد الرحمن بن عوف أن أمير المؤمنين عمر في تلك الليلة حين صلى بالمسلمين الفجر لم يستطع الناس أن تتبين قراءته من شدة بكائه. . . وظل يردد:((كم قتلت من أولاد المسلمين يا عمر)). وأمر المنادي أن ينادي في الناس :((لا تعجلوا بفطام أطفالكم)) فقد أمر أمير المؤمنين لكل وليد براتب وكسوة وطعام .

عدله مع أهل الكتاب

ها هو عمر يسطر أكبر شهادة للإسلام أنه دين التسامح والإخاء والمودة والسلام والرحمة. حدث ذلك حين طلب أساقفة بيت المقدس تسليمها إلى أمير المؤمنين بنفسه, فحضر إليهم وكتب لهم أماناً على أنفسهم وأولادهم وأموالهم وجميع كنائسهم لا تهدم ولا تسكن. وحين أذن مؤذن للصلاة وكان عمر جالساً في كنيسة القيامة خرج مسرعاً ليصلي خارج الكنيسة في الأرض الفضاء أمامها, وقال للبطاركة:((لو صليت داخل الكنيسة لأخذها المسلمون من بعدي وقالوا "هنا صلى عمر")).

وكان العهد الذي سطره التاريخ لعمر منذ ألف وأربعمائة سنة ونيف يقول لأهل إيلياء:((هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين, أعطاهم الأمان)) .

عمر رضي الله عنه ونظام الحكم

كان عمر هو الذي أنشأ الحكومة وجعل لها الدواوين ونظم فيها الإدارة والقضاء وجعل فيها بيت المال, وهو الذي أشار بوضع علم النحو لحفظ اللغة العربية, كما أنه ألح على أبي بكر في جمع القرآن الكريم وبدأ أبو بكر بجمع القرآن الكريم, ولما توفى أكمل عمر حتى كان عهد عثمان [رضي الله عنه] , فكان المصحف الذي نعرفه الآن .

الخليفة العادل يعظ أحد الرعية

ولكن ما هي قصة الرجل الذي وعظه عمر بلطف وإنسانية ؟؟؟؟

كان هذا الرجل يشرب الخمر, ولما سأل عنه عمر فقيل له:((إنه لا يكاد يتركها)). فتألم عمر لذلك فكتب إلى الرجل يقول له((إني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو "غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير" [غافر: 3] )). فلما وصلت الرسالة إلى الرجل أخذ يردد هذه الآية حتى تاب الله عليه. فامتنع عن شرب الخمر, فلما بلغ خبره عمر قال للناس:((هكذا فاصنعوا إذا رأيتم أخاً لكم زل, فسددوا وادعوا الله أن يتوب عليه ولا تعينوا الشيطان عليه)) .

مصر وعروس النيل

ذهب أهل مصر إلى عمرو بن العاص بعدما فتح مصر في شهر بؤونة فأخبروه أن النيل لا يجري بالخير إلا إذا ألقوا فيه عروساً جميلة, إنسانة حية وتكون في أبهى زينة وأجمل ثياب وتتحلى بالحلي, وظلوا يلحون على عمرو بن العاص ثلاثة أشهر كاملة, فأرسل عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب يسأله في أمرهم هذا؟ فأرسل عمر بن الخطاب رسالة قال فيها:((من عبد الله عمر إلى نيل مصر, أما بعد فإن كنت تجري من قِبَلك فلا تجرِ, وإن كنت تجري من قِبَل الله تعالى, فنسأل الله العظيم أن يجريك)) وبعدما ألقيت فيه ورقة عمر, أجرى الله النيل ستة عشر ذراعاً .

عدل عمر وحكمته

في أحد الأيام أحضروا لعمر غلماناً قد سرقوا ناقة رجل, ورآهم عمر وأجسامهم ضئيلة وهزيلة, والبؤس باد عليهم, ووجوههم صفراء, فأحضر سيدهم وقال له:((لقد كدت أعاقبهم لولا علمي أنك تجيعهم, فلما جاعوا سرقوا, ولن أعاقبهم بل أعاقبك أنت, وعليك أن تقوم بدفع ثمنها إلى الرجل)) وقال للغلمان:((اذهبوا ولا تعودوا لمثل هذا مرة ثانية)) .

وفاة عمر رضي الله عنه

وهكذا ظل عمر يحكم بالعدل والإنصاف ويعيش تقشفاً زاهداً حتى كان ذات يوم يصلي بالناس فاختبأ له غلام مـجوسي"من عبدة النار" يسمى أبا لؤلؤة وطعن عمر بخنجر, ولما قبض عليه انتحر .

***رضي الله عن عمر بن الخطاب وعن صحابة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وعن التابعين***
————————————————————————————————————————————————————————————-
عثمان بن عفان
أحد العشرة المبشرين بالجنة

" ألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة "

حديث شريف

عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أميّة القرشي ، أحد العشرة المبشرين بالجنة
وأحد الستة الذي جعل عمر الأمر شورى بينهم ، وأحد الخمسة الذين أسلموا على
يد أبي بكر الصديق ، توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-وهو عنه راضٍ
صلى إلى القبلتيـن وهاجر الهجرتيـن وبمقتله كانت الفتنة الأولى في الإسلام

إسلامه

كان عثمان بن عفان -رضي الله عنه- غنياً شريفاً في الجاهلية ، وأسلم بعد البعثة بقليل ، فكان من السابقين إلى الإسلام ، فهو أول من هاجر إلى الحبشة مع زوجته رقيّة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الهجرة الأولى والثانية وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- 🙁 إنّهما لأوّل من هاجر إلى الله بعد لوطٍ )000( إن عثمان لأول من هاجر إلى الله بأهله بعد لوطٍ )000
وهو أوّل من شيّد المسجد ، وأوّل من خطَّ المفصَّل ، وأوّل من ختم القرآن في ركعة ، وكان أخوه من المهاجرين عبد الرحمن بن عوف ومن الأنصار أوس بن ثابت أخا حسّان000

قال عثمان 🙁 ان الله عز وجل بعث محمداً بالحق ، فكنتُ ممن استجاب لله ولرسوله ، وآمن بما بُعِثَ به محمدٌ ، ثم هاجرت الهجرتين وكنت صهْرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبايعتُ رسول الله فوالله ما عصيتُه ولا غَشَشْتُهُ حتى توفّاهُ الله عز وجل )000

الصّلابة

لمّا أسلم عثمان -رضي الله عنه- أخذه عمّه الحكم بن أبي العاص بن أميّة فأوثقه رباطاً ، وقال 🙁 أترغبُ عن ملّة آبائك إلى دين محدث ؟ والله لا أحلّك أبداً حتى تدعَ ما أنت عليه من هذا الدين )000فقال عثمان 🙁 والله لا أدَعُهُ أبداً ولا أفارقُهُ )000فلمّا رأى الحكم صلابتَه في دينه تركه000

ذي النورين

لقّب عثمان -رضي الله عنه- بذي النورين لتزوجه بنتيْ النبي -صلى الله عليه وسلم- رقيّة ثم أم كلثوم ، فقد زوّجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ابنته رقيّة ، فلّما ماتت زوّجه أختها أم كلثوم فلمّا ماتت تأسّف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على مصاهرته فقال 🙁 والذي نفسي بيده لو كان عندي ثالثة لزوّجنُكَها يا عثمان )000

سهم بَدْر

أثبت له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سهمَ البدريين وأجرَهم ، وكان غاب عنها لتمريضه زوجته رقيّة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-000فقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- 🙁 إن لك أجر رجلٍ ممن شهد بدراً وسهمه )000

الحديبية

بعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- عثمان بن عفان يوم الحديبية إلى أهل مكة ، لكونه أعزَّ بيتٍ بمكة ، واتفقت بيعة الرضوان في غيبته ، فضرب الرسول -صلى الله عليه وسلم- بشماله على يمينه وقال 🙁 هذه يدُ عثمان )000فقال الناس 🙁 هنيئاً لعثمان )000

جهاده بماله

قام عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بنفسه وماله في واجب النصرة ، كما اشترى بئر رومة بعشرين ألفاً وتصدّق بها ، وجعل دلوه فيها لدِلاِءِ المسلمين ، كما ابتاع توسعة المسجد النبوي بخمسة وعشرين ألفاً

كان الصحابة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزاةٍ ، فأصاب الناس جَهْدٌ حتى بدت الكآبة في وجوه المسلمين ، والفرح في وجوه المنافقين ، فلما رأى الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذلك قال 🙁 والله لا تغيب الشمس حتى يأتيكم الله برزقٍ )000فعلم عثمان أنّ الله ورسوله سيصدقان ، فاشترى أربعَ عشرة راحلةً بما عليها من الطعام ، فوجّه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- منها بتسعٍ ، فلما رأى ذلك النبي قال 🙁 ما هذا ؟)000
قالوا : أُهدي إليك من عثمان 0 فعُرِفَ الفرحُ في وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والكآبة في وجوه المنافقين ، فرفع النبي -صلى الله عليه وسلم- يديه حتى رُؤيَ بياضُ إبطيْه ، يدعو لعثمان دعاءً ما سُمِعَ دعا لأحد قبله ولا بعده 🙁 اللهم اعط عثمان ، اللهم افعل بعثمان )000

قالت السيدة عائشة -رضي الله عنها-: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليَّ فرأى لحماً فقال 🙁 من بعث بهذا ؟)000قلت : عثمان 0 فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رافعاً يديْهِ يدعو لعثمان

جيش العُسْرة

وجهّز عثمان بن عفان -رضي الله عنه- جيش العُسْرَة بتسعمائةٍ وخمسين بعيراً وخمسين فرساً ، واستغرق الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الدعاء له يومها ، ورفع يديه حتى أُريَ بياض إبطيه000فقد جاء عثمان إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بألف دينار حين جهّز جيش العسرة فنثرها في حجره ، فجعل -صلى الله عليه وسلم- يقلبها ويقول 🙁 ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم )000مرتين

الحياء

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- 🙁 أشد أمتي حياءً عثمان )000

قالت السيدة عائشة -رضي الله عنها- : استأذن أبو بكر على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو مضطجع على فراش ، عليه مِرْطٌ لي ، فأذن له وهو على حاله ، فقضى الله حاجته ، ثم انصرف ثم استأذن عمر فأذن له ، وهو على تلك الحال ، فقضى الله حاجته ، ثم انصرف ثم استأذن عثمان ، فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصلح عليه ثيابه وقال 🙁 اجمعي عليك ثيابك )000فأذن له ، فقضى الله حاجته ثم انصرف ، فقلت 🙁 يا رسول الله ، لم أركَ فزِعْتُ لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان !!)000
فقال 🙁 يا عائشة إن عثمان رجل حيي ، وإني خشيت إنْ أذنْتُ له على تلك الحال أن لا يُبَلّغ إليّ حاجته )000وفي رواية أخرى 🙁 ألا أستحي ممن تستحيي منه الملائكة )000

فضله

دخل رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- على ابنته وهي تغسل رأس عثمان فقال 🙁 يا بنيّة أحسني إلى أبي عبد الله فإنّه أشبهُ أصحابي بي خُلُقـاً )000وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:( مَنْ يُبغضُ عثمان أبغضه الله )000وقال 🙁 اللهم ارْضَ عن عثمان )000وقال 🙁 اللهم إن عثمان يترضّاك فارْضَ عنه )000

اختَصّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكتابة الوحي ، وقد نزل بسببه آيات من كتاب الله تعالى ، وأثنى عليه جميع الصحابة ، وبركاته وكراماته كثيرة ، وكان عثمان -رضي الله عنه- شديد المتابعة للسنة ، كثير القيام بالليل

قال عثمان -رضي الله عنه- 🙁 ما تغنيّتُ ولمّا تمنّيتُ ، ولا وضعتُ يدي اليمنى على فرجي منذ بايعتُ بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما مرّت بي جمعة إلا وإعتقُ فيها رقبة ، ولا زنيتُ في جاهلية ولا إسلام ، ولا سرقت )000

اللهم اشهد

عن الأحنف بن قيس قال : انطلقنا حجّاجاً فمروا بالمدينة ، فدخلنا المسجد ، فإذا علي بن أبي طالب والزبير وطلحة وسعد بن أبي وقاص 0 فلم يكن بأسرع من أن جاء عثمان عليه ملاءة صفراء قد منع بها رأسه فقال 🙁 أها هنا علي ؟)000قالوا : نعم 0 قال 🙁 أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال 🙁 من يبتاع مِرْبدَ بني فلان غفر الله له ؟)000فابتعته بعشرين ألفاً أو بخمسة وعشرين ألفاً ، فأتيت رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت 🙁 إني قد ابتعته )000 فقال 🙁 اجعله في مسجدنا وأجره لك ) ؟000قالوا : نعم

قال 🙁 أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال 🙁 من يبتاع بئر روْمة غفر الله له ) فابتعتها بكذا وكذا ، فأتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت 🙁 إني قد ابتعتها )000فقال 🙁 اجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك )؟000قالوا : نعم

قال 🙁 أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نظر في وجوه القوم يوم ( جيش العُسرة ) فقال 🙁 من يجهز هؤلاء غفر الله له )000فجهزتهم ما يفقدون خطاماً ولا عقالاً )؟000قالوا : نعم

قال 🙁 اللهم اشهد اللهم اشهد )000ثم انصرف

الخلافة

كان عثمان -رضي الله عنه- ثالث الخلفاء الراشدين ، فقد بايعه المسلمون بعد مقتل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- سنة 23 هـ ، فقد عيَّن عمر ستة للخلافة فجعلوا الأمر في ثلاثة ، ثم جعل الثلاثة أمرهم إلى عبد الرجمن بن عوف بعد أن عاهد الله لهم أن لا يألوا عن أفضلهم ، ثم أخذ العهد والميثاق أن يسمعوا ويطيعوا لمن عيّنه وولاه ، فجمع الناس ووعظهم وذكّرَهم ثم أخذ بيد عثمان وبايعه الناس على ذلك ، فلما تمت البيعة أخذ عثمان بن عفان حاجباً هو مولاه وكاتباً هو مروان بن الحكم

ومن خُطبته يوم استخلافه لبعض من أنكر استخلافه أنه قال 🙁 أمّا بعد ، فإنَّ الله بعث محمداً بالحق فكنت ممن استجاب لله ورسوله ، وهاجرت الهجرتين ، وبايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، والله ما غششْتُهُ ولا عصيتُه حتى توفاه الله ، ثم أبا بكر مثله ، ثم عمر كذلك ، ثم استُخْلفتُ ، أفليس لي من الحق مثلُ الذي لهم ؟!)000

الخير

انبسطت الأموال في زمنه حتى بيعت جارية بوزنها ، وفرس بمائة ألف ، ونخلة بألف درهم ، وحجّ بالناس عشر حجج متوالية000

الفتوح الإسلامية

وفتح الله في أيام خلافة عثمان -رضي الله عنه- الإسكندرية ثم سابور ثم إفريقية ثم قبرص ، ثم إصطخر الآخـرة وفارس الأولى ثم خـو وفارس الآخـرة ، ثم طبرستان ودُرُبجرْد وكرمان وسجستان ، ثم الأساورة في البحر ثم ساحل الأردن000

الفتنة

ويعود سبب الفتنة التي أدت إلى الخروج عليه وقتله أنه كان كَلِفاً بأقاربه وكانوا قرابة سوء ، وكان قد ولى على أهل مصر عبدالله بن سعد بن أبي السّرح فشكوه إليه ، فولى عليهم محمد بن أبي بكر الصديق باختيارهم له ، وكتب لهم العهد ، وخرج معهم مددٌ من المهاجرين والأنصار ينظرون فيما بينهم وبين ابن أبي السّرح ، فلمّا كانوا على ثلاثة أيام من المدينة ، إذ همّ بغلام عثمان على راحلته ومعه كتاب مفترى ، وعليه خاتم عثمان ، إلى ابن أبي السّرح يحرّضه ويحثّه على قتالهم إذا قدموا عليه ، فرجعوا به إلى عثمان فحلف لهم أنّه لم يأمُره ولم يعلم من أرسله ، وصدق -رضي الله عنه- فهو أجلّ قدراً وأنبل ذكراً وأروع وأرفع من أن يجري مثلُ ذلك على لسانه أو يده ، وقد قيل أن مروان هو الكاتب والمرسل !000

ولمّا حلف لهم عثمان -رضي الله عنه- طلبوا منه أن يسلمهم مروان فأبى عليهم ، فطلبوا منه أن يخلع نفسه فأبى ، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان قد قال له 🙁 عثمان ! أنه لعلّ الله أن يُلبسَكَ قميصاً فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه )000

الحصار

فاجتمع نفر من أهل مصر والكوفة والبصرة وساروا إليه ، فأغلق بابه دونهم ، فحاصروه عشرين أو أربعين يوماً ، وكان يُشرف عليهم في أثناء المدّة ، ويذكّرهم سوابقه في الإسلام ، والأحاديث النبوية المتضمّنة للثناء عليه والشهادة له بالجنة ، فيعترفون بها ولا ينكفّون عن قتاله !!000وكان يقول 🙁 إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عهد إليّ عهداً فأنا صابرٌ عليه )000( إنك ستبتلى بعدي فلا تقاتلن )000

وعن أبي سهلة مولى عثمان : قلت لعثمان يوماً 🙁 قاتل يا أمير المؤمنين )000قال 🙁 لا والله لا أقاتلُ ، قد وعدني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمراً فأنا صابر عليه )000

واشرف عثمان على الذين حاصروه فقال 🙁 يا قوم ! لا تقتلوني فإني والٍ وأخٌ مسلم ، فوالله إن أردتُ إلا الإصلاح ما استطعت ، أصبتُ أو أخطأتُ ، وإنكم إن تقتلوني لا تصلوا جميعاً أبداً ، ولا تغزوا جميعاً أبداً ولا يقسم فيؤكم بينكم )000فلما أبَوْا قال 🙁 اللهم احصهم عدداً ، واقتلهم بدداً ، ولا تبق منهم أحداً )000فقتل الله منهم مَنْ قتل في الفتنة ، وبعث يزيد إلى أهل المدينة عشرين ألفاً فأباحوا المدينة ثلاثاً يصنعون ما شاءوا لمداهنتهم000

مَقْتَله

وكان مع عثمان -رضي الله عنه- في الدار نحو ستمائة رجل ، فطلبوا منه الخروج للقتال ، فكره وقال 🙁 إنّما المراد نفسي وسأقي المسلمين بها )000فدخلوا عليه من دار أبي حَزْم الأنصاري فقتلوه ، و المصحف بين يديه فوقع شيء من دمـه عليه ، وكان ذلك صبيحـة عيد الأضحـى سنة 35 هـ في بيته بالمدينة

ومن حديث مسلم أبي سعيد مولى عثمان بن عفان : أن عثمان أعتق عشرين عبداً مملوكاً ، ودعا بسراويل فشدَّ بها عليه ، ولم يلبَسْها في جاهلية ولا إسلام وقال 🙁 إني رأيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البارحة في المنام ، ورأيت أبا بكر وعمر وأنهم قالوا لي : اصبر ، فإنك تفطر عندنا القابلة )000فدعا بمصحف فنشره بين يديه ، فقُتِلَ وهو بين يديه

كانت مدّة ولايته -رضي الله عنه وأرضاه- إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهراً وأربعة عشر يوماً ، واستشهد وله تسعون أو ثمان وثمانون سنة000
ودفِنَ -رضي الله عنه- بالبقيع ، وكان قتله أول فتنة انفتحت بين المسلمين فلم تنغلق إلى اليوم000

يوم الجمل

في يوم الجمل قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- 🙁 اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان ، ولقد طاش عقلي يوم قُتِل عثمان ، وأنكرت نفسي وجاؤوني للبيعة فقلت 🙁 إني لأستَحْيي من الله أن أبايع قوماً قتلوا رجلاً قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:( ألا أستحيي ممن تستحيي منه الملائكة )000وإني لأستحي من الله وعثمان على الأرض لم يدفن بعد

فانصرفوا ، فلما دُفِنَ رجع الناس فسألوني البيعة فقلت 🙁 اللهم إني مشفقٌ مما أقدم عليه )000ثم جاءت عزيمة فبايعتُ فلقد قالوا 🙁 يا أمير المؤمنين ) فكأنما صُدِعَ قلبي وقلت 🙁 اللهم خُذْ مني لعثمان حتى ترضى )000
————————————————————————————————————————————————————————————-
الإمام عليّ ابن أبي طالب
كرّم الله وجهه
هو عليّ بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم . أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم . وهو ابن عم النبي محمد صلى الله عليه وسلّم ، وزوج فاطمة الزهراء ابنة الرسول . رزق منها ثلاثة من الذكور هم: الحسن، والحسين، ومحسن وبنتين هما : زينب وأم كلثوم .

ولد الإمام عليّ في مكة سنة 601 م، وهو أوّل من أسلم من الصبيان ولم يسجد لصنم. لهذا نقول "عليّ كرّم الله وجهه".

اشترك في جميع الغزوات عدا تبوك . وامتاز بكونه شاعراً وخطيباً بارعاً ويعدّ من الخلفاء الراشدين الصالحين .

وتعتقد طائفة من الشيعة أن عليّاً معصوم عن الكبائر والصغائر ، وأن فيه جزءا لإله اتّحد بعبده ، وأنه يعلم الغيب.

والصحيح أن الإمام عليّ أحسن الإسلام علماً وفقهاً .

بعد وفاة النبي بويع أبو بكر بالخلافة ، وأوصى بها قبل وفاته لعمر بن الخطاب . وبعد مقتل عمر انتقلت الخلافة إلى عثمان بن عفّان . إلاّ انه ، وبسبب سياسته ، قتل سنة (656) م ، واستلم عليّ الخلافة ، فيما الصعاب والمؤامرات أحاطت به من كل جانب . فكانت معركة الجمل ، وهي المعركة التي وقعت بين الفريق الذي جمع أنصار الإمام علي وبين فريق طلحة والزبير وعائشة الذين طالبوا بدم عثمان ، ووضعوا اللوم على عليّ واتهموه بقبول دعوة الثوار ، ومن ثم ضمّهم إلى صفوف جيشه . وكان النصر في هذه المعركة حليف عليّ .

بعد أن انتهى من حرب الحجازيين ، كانت معركة صفين (عام 657 م) بينه وبين معاوية بن أبي سفيان . وكاد علي أن ينتصر لولا خدعة عمرو بن العاص الذي دعا إلى رفع المصاحف على أسنّة الرماح ، أي جعل القرآن حكماً بين الناس . وقد قبل عليّ التحكيم تحت ضغط جنده الأمر الذي أضعف مركزه .

في سنة 661 استشهد الإمام عليّ على يد خارجي يدعى عبد الرحمن بن ملجم .

الإمام عليّ بين فكّي التاريخ

مما لا شك فيه أن الإمام عليّ لاقى الويلات أثناء حكمه من جميع الأطراف . وقد استطاع بما عُرف عنه من كرم وشجاعة الاستمرار والثبوت .

لكنّ أهل العراق خذلوه ، والخوارج اغتالوه . فاتجهت عجلة التاريخ اتجاهاً لم يكن يرغبه الإمام الذي سار إلى موقعة الجمل وصفين محاولاً إحقاق الحق وتوحيد صفوف المسلمين ، لكنه أخفق ، بعد أن لم يستطع حسم المعركة ضد معاوية .

وهناك الكثير من الباحثين العرب والمستشرقين الذين يتهمون الإمام علي بأنه لم يكن رجل سياسة ناجحاً ، وانه أكثر من الأخطاء وخاصة عندما عزل معاوية بن أبي سفيان ، والي الشام منذ زمن عثمان بن عفّان .

لكننا حين نقلّب صفحات التاريخ نستطيع أن نقول إن الإمام عليّ كان رجل دولة وإنساناً ذكياً وشجاعاً . وإلاّ فكيف نفسّر أن الخلفاء الراشدين عمر وأبا بكر وعثمان اتخذوه مستشاراً لهم؟!

كما أن صفاته تدلنا على مدى قوته الجسدية والنفسية ، فهو يميل إلى القصر ، آدم ، أصلع مبيض الرأس ، طويل الرقبة، ثقيل العينين في دعج وسعة ، حسن الوجه ، واضح البشاشة ، عريض المنكبين لهما مشاش ، ضخم العضلة ، ضخم الذراع ، تمتّع بقوة بالغة ، فربما رفع الفارس بيده فجلد به الأرض غير جاهد . وقد اشتهر عنه انه لم يصارع أحداً إلا صرعه . ولم يبارز أحداً إلا قتله .

وهو لا يهاب الموت . فقد اجترأ وهو فتى ناشىء على عمرو بن ورد فارس الجزيرة العربية الذي كان يقوم بألف رجل . وكان ذلك يوم وقعة الخندق أو الأحزاب ، حين خرج عمرو مقنعا بالحديد ينادي جيش المسلمين : "من يبارز؟ " فصاح علي : " أنا يا رسول الله " فقال له الرسول " اجلس انه عمرو " . وفي النهاية أذن له الرسول ، فنظر إليه عمرو فاستصغره ، لكنّ عليا قتله .

ألا يحق لعلي ما يحق لغيره من الخلفاء الراشدين؟

نعم، لقد قام عليّ بن أبي طالب بعزل ولاة عثمان . ومعروف أن عثمان ولّى أقرباءه الذين بذّروا الأموال . والحقيقة إن العزل لم يتم إلا في حق معاوية بن أبي سفيان وخالد بن أبي العاص والي مكة.

وقد قام عمر الفاروق رضي الله عنه بعزل خالد بن الوليد والمثنى بن الحارثة ، وهما قائدان كبيران . وكذلك ولّى عمر بن الخطاب عمرو بن العاص مصر وهو الذي فتحها ، وولى المغيرة بن شعبة على الكوفة ، فعزلهما عثمان .

وهكذا نجد أن لكل خليفة ظروفه واعتباراته واجتهاده في تعيين الولاة لضمان نجاعة العمل .

ثم إنّ الولاة الذين عيّنهم الإمام عليّ هم من كبار الصحابة ولهم فضل في الإسلام مثل : سهل بن حنيف ، قيس بن سعد بن عبادة ، عبد الله بن عباس بن عبد المطّلب .

مهزلة التحكيم …

اجتمع الحكمان بدومة الجندل، التي وقع عليها الاختيار لكونها وسطا بين العراق والشام . وقد مثّل الإمام عليًّاً أبو موسى الأشعري الذي كان شيخاً طاعناً في السن ، أما معاوية فمثّله عمرو بن العاص الملقب بثعلب العرب .

وكان القرار معروفاً لمن عرف الحكمين ، فأبو موسى الأشعري أراد حقن دماء المسلمين ووقف القتال ، لذا رأى انه يجب عزل علي ومعاوية . ويرجع هذا القرار لعمرو بن العاص الذي اقنع أبا موسى الأشعري بذلك ، والذي لجأ إلى هذه الحيلة لإرضاء صاحبه معاوية .

أراد أبو موسى الأشعري تولية عبد الله بن عمر خليفة ، وأراد عمرو بن العاص تولية ابنه عبد الله . وكاد أبو موسى الأشعريّ يوافقه ولذا قررا خلع الاثنين دون الاتفاق على غيرهما .

تقدّم أبو موسى الأشعري وقال " نخلع عليا ومعاوية ونستقبل الأمة بهذا الأمر فيولّوا منهم من أحبّوا عليهم .. وإني قد خلعت علياً ومعاوية فاستقبلوا أمركم وولّوا عليكم من رأيتموه لهذا الأمر أهلاً ".

وتلاه عمرو فقال: "… إن هذا قال ما سمعتم وخلع صاحبه ، وأنا اخلع صاحبه كما خلعه ، واثبِّت صاحبي معاوية فإنّه وليّ عثمان بن عفّان رضي الله عنه ، والمطالب بدمه أحقّ الناس بمقامه ".

فغضب أبو موسى وصاح به : "ما لك لا وفّقك الله غدرتَ وفجرت؟ إنما مثلك مثل الكلب إن تحمل عليه يلهث وان تتركه يلهث".

فابتسم عمرو بن العاص وهو يقول: " إنما مثلك كمثل الحمار يحمل أسفارا ".

وهنا .. انتهت المهزلة ، ورجع الخلاف إلى ما كان عليه في السابق . ووقع الإمام عليّ في كمين ، لأنه وافق على التحكيم ، الأمر الذي رفع من مكانة معاوية وجعله ندا مساوياً له ، وهو خليفة المسلمين ورابع الخلفاء الراشدين .

كما أضعف موقفه أن يمثّله رجل طاعن في السن مثل أبي موسى الأشعري وأن يمثّل معاوية رجل هو داهية العرب وصاحب مشورة رفع المصاحف في صِفّين . ومن الطبيعي أن يبدع رجل كهذا مكراً آخر .

ثم ماذا كانت صلاحيات الحكمين لعزل علي أو معاوية أو أحدهما ؟! إنّ هذا التحكيم أضعف من مكانة عليّ السياسية ، وهو ربح آخر لمعاوية وعمرو بن العاص . زد على ذلك خروج الخوارج من جيش عليّ وانشغاله بقتالهم ومن ثم استشهاده على يد واحد منهم .

استشهاد الإمام عليّ (661 م)

اجتمع ثلاثة رجال من الخوارج واتّفقوا على قتل عليّ بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص . وقد أخذ عبد الرحمن بن ملجم على عاتقه قتل عليّ .

دخل بن ملجم المسجد في بزوغ الفجر وجعل يكرر الآية : "ومن الناس من يشتري نفسه ابتغاء مرضاة الله "، فاقبل عليّ وظنّ أن الرجل ينسى نفسه فيها ، فقال : "والله رؤوف بالعباد " ثم انصرف عليّ ناحية عبد الرحمن بن ملجم ، وعندها ضربه بالسيف المسموم على رأسه . فقال علي : " احبسوه ثلاثاً وأطعموه واسقوه ، فإن أعش أرَ فيه رأيي ، وإن متّ فاقتلوه ولا تمثّلوا به ". لكنّ الإمام عليّ مات من الضربة ، فأخذه عبد الله بن جعفر فقطع يديه ورجليه ثم قطع لسانه وضرب عنقه .

أما الخارجي الثاني الحرث بن عبد الله التميمي الذي أخذ على عاتقه قتل معاوية ، فلم يجد إلى ذلك سبيلا .

أما الخارجي الثالث عمرو بن بكير التميمي فنوى قتل عمرو بن العاص لكن لسوء حظه وحسن حظ عمرو بن العاص ، انه أرسل مكانه للصلاة رجلاً يقال له خارج فضربه الخارجي وقتله.

قال الحسن صبيحة تلك الليلة: أيها الناس انه قتل فيكم رجل كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يبعثه فيكتنفه جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره فلا ينثني حتى يفتح الله له . وما ترك إلا ثلاثمائة درهم .

وها نحن نرى كيف تتجلى عظمة الرجل حتى وهو يموت ، وذلك من خلال معاملته لقاتله ، الذي ضربه بالسيف في المسجد في شهر رمضان … فهو يأمر قبل موته بان يتم سجن القاتل ، فإذا مات فليقتل على أن لا يُمَثَّل به . ورغم كونه خليفة ، وهو الذي يدير شؤون الدولة الإسلامية إلا انه عاش فقيراً ومات فقيراً ، ولم يترك إلا ثلاثمائة درهم .

وأروع ما ترك لنا الإمام علي عدا سيرته الطيبة كتاب " نهج البلاغة " الذي جمعه الشريف الرضي . وإن نظرة سريعة للكتاب تكشف شخصية الإمام عليّ الفذّة ، صاحب الخيال الواسع والإيمان الراسخ بالله تعالى ، الذي يحمل الرأي السديد في الدين والاجتماع .

ومن روائع الإمام عليّ خطبة الجهاد المعروفة .

قصة عن شجاعة الإمام عليّ

ونورد فيما يلي هذه القصة التي تدلّ على شجاعة الإمام علي بن أبي طالب ومهابة الفرسان منه .

في معركة صفين ، وبينما كان القتال على أشدّه بين جيش عليّ وجيش معاوية ، كان لمعاوية مولى يدعى حريث ، وكان حريث هذا فارس معاوية الذي يعدّه لكل مبارزة ولكل عظيم . وكان حريث يلبس سلاح معاوية ، متشبهاً به، فإذا قاتل قال الناس ذاك معاوية .

وقد دعاه معاوية في معركة صفين وقال له: يا حريث .. ضع رمحك حيث شئت، لكن اتَّقِ علياًً .

ولكنّ عمرو بن العاص المعروف بمكره قال له : لو كنت قريشياً لأحبّ معاوية أن تقتل علياً ولكنه كره أن يكون لك حظها ، فإن رأيت فرصة فأقدِم …

وخرج علي أمام الخيل وحمل عليه حريث فنادى : يا عليّ هل لك في المبارزة؟ فأقدم عليّ وهو يقول :

أنا عليّ وابن عبـد المطَّلِبْ نحن لعمر الله أولى بالكُتُبْ

منا النبيّ المصطفى غير كذبْ أهل اللواء والمقام والحُجُبْ

نحن نصرناه على جلّ العربْ يا أيها العبد الضرير المنتدَبْ

ثم ضربه عليّ فقتله فجزع عليه معاوية وعاتب عمرو بن العاص وقال له :

حُريثُ ألمْ تعلمْ وجهلُكَ ضائرُ بأنّ عليّاً للفوارسِ قاهِرُ

وإنّ عليّا لم يبارزه فارسٌ من الناس إلا أقعدته الأظافر

أمرتك أمراً حازماً فعصيتني فجدّك إذ لم تقبل النصحَ عاثر

ودلاّك عمرو والحوادث جمّة غروراً وما جرّت عليك المقادِر

وظنّ حريث أنّ عمرواً نصيحَهُ وقد يهلك الإنسان من لا يحاذر

من أقواله المأثورة

1 – لا رأي لمن لا يطاع .

2 – القناعة كنز لا يفنى .

3 – ليس كلّ من رمى أصاب .

4 – التواضع نعمة لا يفطن إليها الحاسد .

5 – لا قرين كحسن الخلق .

6 – لا علم كالتفكير .

7 – لا ميراث كالأدب .

8 – لا إيمان كالحياء والصبر .

9 – الناس أعداء ما جهلوا .

10 – لا تطلب الحياة لتأكل ، بل أطلب الأكل لتحيا .
————————————————————————————————————————————————————————————-
الزبير بن العوَّام
الزُبير بن العوام بن خُويلد .حواريُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابن عمته صفيه بنت عبد المطلب، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أهل الشورى، وأول من سلّ سيفه في سبيل الله، أبو عبد الله رضي الله عنه.

أسلم وهو حدث له ست عشرة سنة .

عن موسى بن طلحة قال: كان عليّ والزبير وطلحة وسعد عذار عام واحد، يعني ولدوا في سنة .

قال عروة: جاء الزبير بسيفه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مالك ؟ قال: أُخبرت أنك أخذت، قال: فكنت صانعاً ماذا ؟ قال: كنت أضرب به من أخذك. فدعا له ولسيفه.
وروى هشام، عن أبيه عروة، أن الزبير كان طويلاً تخُط رجلاه الأرض إذا ركب الدابة، أشعر، وكانت أمه صفية تضربه ضرباً شديداً وهو يتيم، فقيل لها، قتلتِه، أهلكته، قالت:

إنما أضربه لكي يدب ويَجُر الجيش ذا الجلب

وقال هشام بن عروة، عن أبيه، قال: كانت على الزبير يوم بدر عمامة صفراء، فنزل جبريل على سيماء الزبير.

وفيه يقول عامر بن صالح بن عبد الله بن الزبير:
جَدي ابن عمة أحمد ووزيره عند البلاء وفارس الشقراء
وغداة بدر كـان أول فارسٍ شهد الوغى في اللامة الصفراء
نزلت بسيماه الملائك نُصرة بالحوض يوم تألب الأعــداءِ

وهو ممن هاجر إلى الحبشة ولم يطل الإقامة بها.

وقال جابر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق: من يأتينا بخبر بني قريظة ؟ فقال الزبير: أنا، فذهب على فرس فجاء بخبرهم، ثم قال الثانية، فقال الزبير: أنا فذهب، ثم الثالثة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لكل نبي حواري ،و حواريي الزبير)).

عن الثوري قال : هؤلاء الثلاثة نجدة الصحابة: حمزة وعلي والزبير .

عن عروة قال: كان في الزبير ثلاث ضربات بالسيف: إحداهن في عاتقة، إن كنتُ لأدخل أصابعي فيها، ضُرب ثنتين يوم بدر ، وواحدة يوم اليرموك .

عن مروان، قال: أصاب عثمان رُعاف سنة الرُعاف، حتى تخلّف عن الحجّ و أوصى، فدخل عليه رجل من قريش، فقال: استخلف، قال : وقالوه؟ قال: نعم، قال: من هو ؟ فسكت، قال: ثم دخل عليه رجل آخر، فقال له مثل ذلك، وردّ عليه نحو ذلك، قال: فقال عثمان : قالوا الزبير ؟ قالوا : نعم، قال : أما والذي نفسي بيده، إن كان لأخيرهم ما عملتُ، وأحبهُم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .

عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: انصرف الزبير يوم الجمل على عليّ، فلقيه ابنه عبد الله، فقال: جُبناً ، جُبناً ! قال: قد علم الناس أني لست بجبان، ولكن ذكرني عليُّ شيئاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلفت أن لا أقاتله، ثم قال :
ترك الأمور التي أخشى عواقبها في الله أحسنُ في الدُنيا وفي الدين

وقيل أنه أنشد:
ولعد علمتُ لو أن علمي نافعي أن الحياة من الممـات قـريبُ

فلم ينشب أن قتله ابن جُرموز .

عن جون بن قتادة قال: كنت مع الزبير يوم الجمل، وكانوا يُسلمون عليه بالإمرة، إلى أن قال: فطعنه ابن جرموز فأثبته، فوقع، ودُفن بوادي السباع، وجلس عليّ رضي الله عنه يبكي عليه هو وأصحابه .

عن أبي نظرة قال: جيء برأس الزُبير إلى علي فقال علي: تبوّأ يا أعرابي مقعدك من النار، حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قاتل الزبير في النّار .

عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن الزبير قال: لقيت يوم بدر عُبيدة بن سعيد بن العاص، وهو مُدجج لا يُرى إلا عيناه، وكان يكنى أبا ذات الكرِش فحملتُ عليه بالعنزة فطعنته في عينه فمات، فأخبرت أن الزبير قال: لقد وضعت رجلي عليه ثم تمطيت فكان الجهد أن نزعتُها، يعني الحربة، فلقد انثنى طرفها.

قُتل سنة ست وثلاثين، وله بضع وخمسون سنة.

قال ابن المديني: سمعت سفيان يقول: جاء جُرموز إلى مُصعب بن الزبير، يعني لما ولي إمرة العراق لأخيه الخليفة عبد الله بن الزبير فقال: أقِدني الزبير، فكتب في ذلك يُشاور إبن الزبير، فجاءه الخبر: أنا أقتل إبن جرموز بالزُبير ؟ ولا بشسع نعله .

قلتُ : أكل المُعثر يديه ندماً على قتله، واستغفر الله، لا كقاتل طلحة وقاتل عثمان وقاتل علي ..
————————————————————————————————-”———–‘———–‘—————‘———————————‘———–
سعيد بن زيد بن عمرو
إبن عمرو بن نفيل القرشي العدويٌّ
أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، ومن السابقين الأولين البدريين، ومن الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه .
شهد المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وشهد حصار دمشق وفتحها ، فولاّه عليها أبو عبيدة بن الجراح ، فهو أول من عمل نيابة دمشق من هذه الأمة .
كان والده زيد بن عمرو ممن فرّ إلى الله من عبادة الأصنام ، وساح في أرض الشام يتطلب الدين القيم ، فرأى النصارى واليهود ، فكره دينهم ، وقال : اللهم إني على دين إبراهيم ، ولكن لم يظفر بشريعة إبراهيم عليه السلام كما ينبغي ، ولا رأى من يوقفه عليها ، رأى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يعش حتى بعث .
عن أسماء بنت أبي بكر قالت : لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائماً مسنداً ظهره إلى الكعبة يقول : يا معشر قريش ! والله ما فيكم أحدٌ على دين إبراهيم غيري . وكان يحي الموؤودة ، يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته : مه ! لا تقتلها. أنا أكفيك مؤنتها، فيأخذها ، فإذا ترعرعت ، قال لأبيها : إن شئت ، دفعتها إليك ، وإن شئت ، كفيتك مؤنتها.

عن أسماء أن ورقة كان يقول : اللهم إني لو أعلم أحب الوجوه إليك ، عبدتك به ، ولكني لا أعلم ، ثم يسجد على راحته .
عن زيد بن حارثة قال : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مردفي … في أيام الحر ، حتى إذا كنا بأعلى الوادي ، لقي زيد بن عمرو ، فحيّى أحدهما الآخر ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ما لي أرى قومك قد شنفوا لك ، أي : أبغضوك ؟ قال : أما والله إن ذلك مني لغير نائرة كانت مني إليهم ، ولكني أراهم على ضلالة ، فخرجت أبتغي الدين، حتى قدمت على أحبار أيلة ، فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به ، فدُللت على شيخ بالجزيرة ، فقدمت عليه ، فأخبرته ، فقال : إن كل من رأيت في ضلالة ، إنك لتسأل عن دين هو دين الله وملائكته ، وقد خرج في أرضك نبي ، أو هو خارج ، ارجع إليه واتبعه ، فرجعت فلم أحس شيئاً … ثم تفرقا ، ومات زيد قبل المبعث ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يأتي أمة وحده .

وامرأة سعيد هي ابنة عمه فاطمة أخت عمر بن الخطاب ، وأخته عاتكة زوجة عمر .

أسلم قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم ، وهاجر مع زوجته ، وكانا من سادات الصحابة .

لم يشهد بدراً لأنه قد كان بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وطلحة بن عبيد الله بين يديه يتجسسان أخبار قريش فلم يرجعا حتى فرغ من بدر فضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمهما وأجرهما ، وشهد أحداً والخندق والحديبية والمشاهد .

وردت عدة أحاديث في أنه من أهل الجنة ، وأنه من الشهداء .
عن هشام بن عروة ، عن أبيه : أن أروى بنت أويس ادعت أن سعيداً أخذ شيئاً من أرضها ، فخاصمته إلى مروان ، فقال سعيد : أنا كنت آخذ من أرضها شيئاً بعد الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سمعته يقول : " من أخذ شيئاً من الأرض طوقه إلى سبع أرضين " قال مروان : لا أسألك بينة بعد هذا ، فقال سعيد : اللهم إن كانت كاذبة فأعم بصرها ، واقتلها في أرضها . فما ماتت حتى عميت ، وبينا هي تمشي في أرضها إذ وقعت في حفرة فماتت .
قلت – أي الذهبي – : لم يكن سعيداً متأخراً عن رتبة أهل الشورى في السابقة والجلالة ، وإنما تركه عمر رضي الله عنه لئلا يبقى له فيه شائبة حظ لأنه ختنه وابن عمه ، ولو ذكره في أهل الشورى لقال الرافضيّ : حابى ابن عمه . فأخرج منها ولده وعصبته ، فكذلك فليكن العمل الله.
مات سعيد بن زيد بالعقيق ، فغسله سعد بن أبي وقاص ، وكفنه ، وخرج معه .
توفي سعيد سنة إحدى وخمسين ، وهو ابن بضع وسبعين سنة ، وقبر بالمدينة .
————————————————————————————————————————————————————————————-
طلحة بن عبيد الله
طلحة بن عُبيد الله بن عثمان القُرشي التَّيمي المكي ، أبو محمد .أحد العشرة المشهود لهم بالجنة .
كان ممن سبق إلى الإسلام ، و أوذي في الله ، ثم هاجر ، فاتفق أنه غاب عن وقعة بدر في تجارة له بالشام، و تألم لغيبته ، فضرب له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بسهمه و أجره .
وفي جامع أبي عيسى بإسناد حسن ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد 🙁 أوجب طلحة).
قال ابن أبي خالد عن قيس قال : رأيت يد طلحة التي وقى بها النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد شلاء .
عن جابر قال : لما كان يوم أحد ، وولَّى الناس ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناحية اثنى عشر رجلاً ، منهم طلحة ، فأدركهم المشركون ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من لِلقوم ؟ قال طلحة : أنا ، قال : كما أنت ، فقال رجل : أنا ، فقال : أنت ، فقاتل حتى قُتل ، ثم التفت فإذا المشركون ،فقال : من لهم ؟ قال طلحة : أنا ، قال : كما أنت ، فقال رجل من الأنصار : أنا ، قال : أنت ،فقاتل حتى قُتل ، فلم يزل كذلك حتى بقي مع نبي الله طلحة ، فقال : من للقوم ؟ قال طلحلة : أنا ، فقاتل طلحة ، قتال الأحد عشر ، حتى قُطعت أصابعُه ،فقال : حَسَّ [كلمة تقال عند الألم ]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لو قلت :بسم الله لرفعتك الملائكة و الناس ينظرون )) ثم ردّ الله المشركين .

وفي صحيح مسلم من حديث أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء هو و أبو بكر ، وعمر، وعثمان ،و علي ،و طلحة، و الزبير، فتحركت الصخرة ، فقال رسول الله :(( اهدأ فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد)).

عن طلحة بن يحيى ، حدثتني جدتي سُعدى بنت عوف قالت : دخلتُ على طلحة يوماً وهو خاثر [ غير نشيط ] فقلت : مالك ؟ لعل رابك من أهلك شيء ؟ قال : لا والله ،ونعم حَليلةُ المسلم أنت ، ولكن مالٌ عندي قد غَمني فقلت : ما يَغُمُّك ،عليك بقومك ، قال : يا غلام ! ادعُ لي قومي ، فقسمه فيهم ، فسألت الخازن : كم أعطى ؟ قال : أربع مئة ألف .

عن علقمة بن وقاص الليثي ، قال : لما خرج طلحة ، و الزبيرُ ،وعائشة للطلب بدم عثمان ، عرَّجوا عن منصرفهم بذات عِرق ، فاستصغروا عُروة بن الزبير ، و أبا بكر بن عبد الرحمن فردُوهما ، قال : ورأيت طلحة ، و أحب المجالس إليه أخلاها ، وهو ضارب بلحيته على زَوره ، فقلت : ياأبا محمد ! إني أراك و أحبُّ المجالس إليك أخلاها ، إن كنت تكره هذا الأمر فدعه ، فقال : ياعلقمة ! لا تلمني ، كنا أمس يداً واحدة على من سوانا ، فأصبحنا اليوم جبلين من حديد ، يزحف أحدنا إلى صاحبه ، ولكنه كان مني شيء في أمر عثمان ، مما لا أرى كفَّارته إلا سفك دمي ، وطَلب دَمِهِ . قلتُ : الذي كان منه في حق عثمان تمغفل و تأليب ، فعله باجتهاد ، ثم تغير عندما شاهد مصرع عثمان، فندم على ترك نُصرته رضي الله عنهما ، وكان طلحة أول من بايع علياً ، أرهقه قَتلةُ عثمان ، وأحضروه حتى بايع .
عن قيس قال : رأيت مروان بن الحكم حين رمى طلحة يومئذ بسهم ، فوقع في ركبته ، فمازال يَسنخُّ حتى مات .
عن جابر أنه سمع عمر يقول لطلحة : مالي أراك شَعِثتَ و اغبررت مُذ توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ لعله أن مابك إمارة ابن عمك ، يعني أبا بكر ، قال : معاذ الله ، إني سمعته يقول :((إني لأعلم كلمة لا يقولها رجل يحضرهُ الموت ، إلا وجد رُوحه لها رَوحاً حين تخرج من جسده ، وكانت له نوراً يوم القيامة )). فلم أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها ، ولم يخبرني بها، فذاك الذي دخلني . قال عمر : فأنا أعلمها، قال : فلله الحمد، فما هي ؟ قال : الكلمة التي قالها لعمه ، قال: صدقت .

وكان قتله في سنة ست وثلاثين، وهو ابن ثنتين و ستين سنة أو نحوها، وقبره بظاهر البصرة.
————————————————————————————————————————————————————————————-

عبد الرحمن بن عوف

عبد الرحمن بن عوف، أحد العشرة ، وأحد الستة أهل الشورى ، وأحد السابقين البدريين القرشي الزهري . وهو أحد الثمانية الذين بادروا إلى الإسلام .
وكان اسمه في الجاهلية عبد عمرو ، وقيل عبد الكعبة ، فسمَّاه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن .
قال عنه ابن عباس : جلسنا مع عمر ، فقال:هل سمعت عن رسول الله صلىالله عليه وسلم شيئاً أمر به المرءَ المسلم إذا سها في صلاته ، كيف يصنع ؟ فقلت : لا والله ، أوسمعتَ أنت يا أمير المؤمنين من رسول الله في ذلك شيئاً ؟ فقال: لا والله . فبينا نحن في ذلك أتى عبد الرحمن بن عوف فقال : فيم أنتما ؟ فقال عمر : سألتُه ، فأخبره . فقال له عبد الرحمن : لكني قد سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر في ذلك ، فقال له عمر: فأنت عندنا عدلٌ، فماسمعت؟ قال : سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { إذا سها أحدُكم في صلاته حتى لا يدري أزاد أم نقص ، فإن كان شكَ في الواحدة و الثنتين فليجعلها واحدة ، و إذا شك في الثنتين أ والثلاث فليجعلها ثنتين ، و إذا شك في الثلاث و الأربع فليجعلها ثلاثاً حتى يكونَ الوهم في الزيادة ، ثم يسجد سجدتين ، وهو جالس ، قبل أن يسلِّم ثم يسلِّم}.
فأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم و إن كانوا عدولاً فبعضهم أعدل من بعض و أثبت، فهنا عمرُ قنع بخبر عبد الرحمن ، وفي قصة الاستئذان يقول: ائت بمن يشهد معك ، وعليّ بن أبي طالب يقول : كان إذا حدثني رجل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم استحلفته ، وحدثني أبو بكر ، وصدق أبو بكر . فلم يَحتج علي أن يستحلف الصديق ، و الله أعلم.
قال المدائني : وُلد عبد الرحمن بعدعام الفيل بعشر سنين .
عن ابن اسحاق قال : كان ساقط الثنتين ، اهتم ، أعسر ، أعرج ، كان أصيب يوم أحد فهُتِمَ ، وجُرح عشرين جراحة بعضها في رجله فعرج .

قال عثمان: ما يستطيع أحدٌ أن يعتدَّ على هذا الشيخ فضلاً في الهجرتين جميعاً .

ومن مناقبه: أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد له بالجنة ، و أنه من أهل بدر، ومن أهل هذه الآية:{ لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة } وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وراءه .
عن عمرو بن وهب الثقفي قال : كنا مع المغيرة بن شعبة ، فسئل : هل أم النبي صلى الله عليه وسلم أحدٌ من هذه الأمة غيرُ أبي بكر ؟ فقال : نعم . فذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ، ومسح على خُفيه و عمامته ، و أنه صلى خلفَ عبد الرحمن بن عوف ، وأنا معه، رَكعة من الصبح ، وقضينا الركعة التي سُبقنا .

وعن قتادة :{ الذين يلمزون المُطوعين من المؤمنين في الصدقات } التوبة 79قال : تصدَق عبدُ الرحمن بن عوف بشطر ماله أربعة آلاف دينار . فقال أناسٌ من المنافقين : إن عبد الرحمن لعظيم الرياء .
وعن شقيق قال : دخل عبد الرحمن على أمِّ سلمة فقال : يا أمَّ المؤمنين ! إني أخشى أن أكون قد هلكت ، إني من أكثر قريش مالاً ، بعتُ أرضاً لي بأربعين ألف دينار . قالت : يابنيَّ ! أنفق، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن من أصحابي من لن يراني بعد أن أفارقه)) فأتيتُ عمر فأخبرته ،فأتاها، فقال : بالله أنا منهم ؟ قالت : اللهم لا ، ولن أبرئ أحداً بعدك .
وعن أبي هريرة قال : كان بين خالد وعبد الرحمن بن عوف شيء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(( دعوا لي أصحابي أو أصيحابي ، فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً لم يُدرك مُدَّ أحدهم ولا نَصيفه)) .
وعنه أيضاً أن رسول الله صلىالله عليه وسلم قال : (( خيارُكم خيارُكم لنسائي ))، فأوصى لهنَّ عبدُ الرحمن بحديقة قُومت بأربع مئة ألف .
ومن أفضل أعمال عبد الرحمن عزلُه نفسه من الأمر وقت الشورى ، و اختياره للأمة من أشار به أهلُ الحلِّ و العقد ، فنهض في ذلك أتمََ نهوض على جمع الأمة على عثمان ، ولو كان محابياً فيها لأخذها لنفسه، أو لولاها ابن عمه وأقرب الجماعة إليه سعد بن أبي وقاص .

وعن إبراهيم بن عبد الرحمن ، قال : غُشي على عبد الرحمن بن عوف في وجعه حتى ظنُّوا أنه قد فاضت نفسه ، حتى قاموا من عنده ، وجلَّلوه ، فأفاق يكبر ، فكبَّر أهلُ البيت ، ثم قال لهم : غُشِي علي آنفاً ؟ قالوا : نعم، قال : صدقتم ! انطلق بي في غَشيتي رجلان أجد فيهما شدة و فظاظة ، فقالا : انطلق نحاكمك إلى العزيز الأمين ، فانطلقا بي حتى لقيا رجلاً ، قال :أين تذهبان بهذا ؟ قالا : نحاكمه إلى العزيز الأمين ، فقال : ارجعا فإنه من الذين كتب لهم السعادة و المغفرة وهم في بطون أمهاتهم ، و إنه سَيُمتَّع به بنوه إلى ماشاء الله ، فعاش بعد ذلك شهراً .
وقال إبراهيم بن سعد عن أبيه ، عن جده ، سمع عليَّاً يقول يوم مات عبد الرحمن بن عوف : اذهب ياابن عوف ! فقد أدركت صفوها وسَبقتَ رنقها .الرنق : الكدر.
وعن أنس قال : رأيتُ عبد الرحمن بن عوف ، قُسم لكل امرأة من نسائه بعد موته مئة ألف .

ولما هاجر إلى المدينة فقيراً لا شيء له آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع أحد النُّقباء ، فعرض عليه أن يُشاطِرهُ نعمته ، و أن يطلِّق له أحسنَ زوجتيه ، فقال له : بارك الله لك في أهلك ومالِك ، ولكن دُلني على السوق ، فذهب فباع واشترى وربح ، ثم لم ينشب أن صار معه دراهم ، فتزوج امرأة على زِنَة نواةٍ من ذهب ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (( أولِم ولو بشاة ))، ثم آل أمره في التجارة إلى ما آل .

وفاته: سنة اثنتين و ثلاثين ، ودُفن بالبقيع




رائع رائع رائع الف شكر لك على الطرح

والله يعطيك العافية

ننتظر جديدك دوووم

لك كل الود




لاشكر على واجب




بارك الله فيك أخي الفاضل على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




جزاكم الله خيرا.




التصنيفات
السنة الثالثة ثانوي تسيير واقتصاد

تم بعون الله الانتهاء من حل التمرين الشامل الخاص بالوحدات العشرة الأولى

سوف تجدون في المرفقات حل التمرين الشامل

ملاحظة النص مدمج مع الحل


الملفات المرفقة
نوع الملف: pdf تطبيق شامل من الوحدة رقم واحد إلى الوحدة العاشرة نظام جديد.pdf‏ (722.4 كيلوبايت, المشاهدات 1188)


مشكور الأخ بن الشيخ على المجهودات جعلها الله في ميزان حسناتك


الملفات المرفقة
نوع الملف: pdf تطبيق شامل من الوحدة رقم واحد إلى الوحدة العاشرة نظام جديد.pdf‏ (722.4 كيلوبايت, المشاهدات 1188)


بارك الله فيك استاذي الكريم و سوف اوافيك بجزء من الحل الذي قمت به حيث وجدت ان هناك اختلاف و ارجو منك افادتي بالأخطاء الموجودة و لك مني الف سلام استاذي الكريم


الملفات المرفقة
نوع الملف: pdf تطبيق شامل من الوحدة رقم واحد إلى الوحدة العاشرة نظام جديد.pdf‏ (722.4 كيلوبايت, المشاهدات 1188)


شكرا لك أستاذ


الملفات المرفقة
نوع الملف: pdf تطبيق شامل من الوحدة رقم واحد إلى الوحدة العاشرة نظام جديد.pdf‏ (722.4 كيلوبايت, المشاهدات 1188)


جعلها الله في ميزان حسناتك


الملفات المرفقة
نوع الملف: pdf تطبيق شامل من الوحدة رقم واحد إلى الوحدة العاشرة نظام جديد.pdf‏ (722.4 كيلوبايت, المشاهدات 1188)


بارك الله فيك استاذي الكريم


الملفات المرفقة
نوع الملف: pdf تطبيق شامل من الوحدة رقم واحد إلى الوحدة العاشرة نظام جديد.pdf‏ (722.4 كيلوبايت, المشاهدات 1188)


نشكرك يا استاذ على هذا التمرين الرائع ونطلب من الله عز وجل ان نسدد خطاكم ويحفظكم وييسر دربكم ،ولكن عند اعداد المواضيع اتمنى ان تنتظر الحلول ثم تعطي الحل الواجب
اما بالنسبة لتحضير الدروس فهدا ترك لدى الاساتذة روح الاتكال و الانتظار دون المبادرة لذا ؟؟؟؟؟؟؟؟


الملفات المرفقة
نوع الملف: pdf تطبيق شامل من الوحدة رقم واحد إلى الوحدة العاشرة نظام جديد.pdf‏ (722.4 كيلوبايت, المشاهدات 1188)