الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه مباركًا عليه، كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، واشهد أن محمدًا عبده ورسوله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا-.
أما بعد:
فجزا الله الشيخ العلامة الفقيه-عبد الرحمن بن مرعي-خيرًا على هذه المحاضرة، وعلى هذه الكلمات الطيبات النافعات، ونسأل الله العظيم أن ينفع بنا وبه الإسلام والمسلمين إنه سميع الدعاء.
وأيضًا جزا الله الأخوة الذين أعدوا هذا المكان وجهزوه، نسأل الله أن يأجرهم وأن يثيبهم.
إخواني في الله،
ما أحلى هذا الاجتماع، وما أجمله، وما أروعه، أجسام التقت وقلوب التقت على ما يحبه الله، على هذا الخير، على هذا الذكر، على هذا العلم، ليس حفلًا غنائيًا وليس من أجل الدنيا ولا لعب الكرة، وإنما لنسمع كلام الله-سبحانه وتعالى- وكلام الرسول-عليه الصلاة والسلام-، والله إن هذا من النعم العظيمة والمباركة، والتي تحتاج إلى شكر عظيم لله-سبحانه وتعالى-.
إخواني في الله،
إنما نحب أن نكون يوم القيامة مع رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، ومع الأنبياء ومع الصحابة ومع العلماء ومع الصالحين، وهذه نعمة عظيمة أيضًا، فإذا كنا نحب ذلك فقد قال الله-سبحانه وتعالى-: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (70))النساء.
هل تحب يا عبد الله أن يحشرك الله يوم القيامة مع الأنبياء، ومع الصالحين، ومع العلماء، ومع الشهداء، ومع الصدِّيقين؟.
والله إنها لنعمة عظيمة أن تحشر في زمرة أولياء الله، المطلوب منك شيء واحد، وهو أن تطيع الله والرسول-عليه الصلاة والسلام-، هذا الشرط الذي اشترطه الله لمن أراد أن يحشر يوم القيامة في زمرة هؤلاء، مع الآمنين مع الأبرار مع الصالحين مع الأنبياء مع الصدِّيقين.
شرط الله هذا الشرط وقال: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ) أن تطيع الله والرسول-عليه الصلاة والسلام-، فيما أمرك الله ورسوله تأتمر، وفيما نهاك عنه الله ورسوله فتنتهي، وبما أخبر الله به ورسوله تصدق، فإن فعلت ذلك الجزاء مذكور في نفس الآية (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (70))النساء، هذا فضل الله يتفضل به على من يشاء من عباده، والله يختص برحمته من يشاء.
وطاعة الله في إتباع القرآن، وطاعة الرسول في إتباع السنة، وهو الذي سمعتموه من الشيخ عبد الرحمن-جزاه الله خير-، أن العلماء من أهل السنة كثيرًا ما يكررون إتباع الكتاب والسنة، هو هذا أن نطيع الله والرسول بإتباع الكتاب والسنة، نجعلهما منهجًا لنا، ما عندنا منهج إلا الكتاب والسنة، وما كان عليه السلف الصالح، نتبع الكتاب والسنة، ندعو إليهما حتى نسعد في الدنيا والآخرة، وحتى نفلح في الدنيا والآخرة.
القرآن لا بد أن تعرف معانيه، وإلا كيف تعمل به وأنت تجهل معناه؟، السنة كذلك تحتاج إلى قراءة وإلى فهم المعاني، والقرآن يحتاج إلى أن تقرأه وإلى أن تفهم معانيه، وإلى أن تعمل بما تعلمت من كتاب الله، ومن سنة رسوله-عليه الصلاة والسلام-.
فإذا كنت كذلك عشت حياتك على هذا-على الكتاب والسنة-، وحتى توفاك الله عليهما فأبشر بهذا الخير العظيم.
أين زمانك وأين زمن الأنبياء والمرسلين؟،
ولكن الله سيبعثك معهم، لأنك سرت على طريتهم،
أين زمانك وأين زمان الصحابة-رضي الله عنهم-؟،
ولكن الله سيحشرك معهم لأنك سرت على طريقتهم.
أهل السنة ما عندهم مذهب إلا مذهب النبي-عليه الصلاة والسلام-، وما عندهم طريقة إلا طريقة النبي-عليه الصلاة والسلام، وما عندهم حزب إلا حزب الصحابة وما كان عليه أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
دعوتهم من دعوة رسول الله-عليه الصلاة والسلام، يدعون إلى ما دعا إليه رسول الله-عليه الصلاة والسلام-، يحذرون من الشرك لأنه حذر من الشرك، ويحذرون من البدع لأنه حذر من البدع، ويحذرون من المعاصي وإتباع الهوى لأنه حذر من ذلك.
ويأمرون بما أمر الله به ورسوله، يأمرون بالعلم النافع، ويأمرون بالعمل الصالح، ويأمرون بالتوحيد، ويأمرون بلزوم السنة، ويأمرون بالمحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها ومع الجماعة، وبإيتاء الزكاة وصيام رمضان، وحج البيت الحرام لمن استطاع إليه سبيلًا.
دعوتهم من دعوة رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ومنهاجهم منهاجه، وعقيدتهم عقيدته، فهو القدوة وهو الأسوة وهو الإمام المتبع-عليه الصلاة والسلام-.
كما قال الله: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21))الأحزاب، هذه والله نعمة عظيمة مَنَّ الله بها على أهل السنة، في هذه العصور المتأخرة بل هم امتداد للصحابة، وإلى يومنا هذا مَنَّ الله على أهل السنة بإتباع الكتاب والسنة في كل شؤون حياتهم.
فَهُم كما قال الله-عز وجل-: (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7)) الحشر، فعلينا أن نحمد الله الذي وفقنا لإتباع السنة، علينا أن نحمد الله وأن نشكره على ذلك، وأن نسأله أن يتوفانا على الكتاب والسنة، وأن يصرف عَنَّا الفتن ما ظهر منها وما بَطَنْ.
والفتن كثيرة يا عباد الله ولا سِيَّمَا في هذا العصر، فتن كثيرة في الليل وفي النهار، في البر وفي البحر وفي الجو، حتى في الطائرات وفي السفن، وفي السيارات وفي كل مكان فتن عظيمة، نسأل الله العافية والسلامة.
ولكن العصمة منها بطلب العلم، وبالتفقه في الدين، وبالسير مع أهل السنة والجماعة، وبحضور الدروس والمحاضرات، هذا يكون حصن لك من هذه الفتن الكثيرة، إلى أن تتمسك بالكتاب والسنة ولزمت حلقات أهل العلم وتبعت المحاضرات، وتفقهت في الدين وسألت عن أمور دينك، نسأل الله-عز وجل-الثبات لنا ولكم ولجميع المسلمين.
هذا من فضل الله على أهل السنة، أنهم يدعون إلى الله، وأنهم يحثون الناس على العلم النافع وعلى العمل الصالح، ويوصون الناس بتقوى الله-عز وجل-فهنيئًا هنيئًا لأهل السنة بذلك، نسأل الله المزيد من فضله، نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الإخلاص في الأقوال والأعمال، أسأل الله-سبحانه-أن يَمُنَّ علينا وعليكم بالتوفيق والسداد إنه سميع الدعاء.