التصنيفات
الفقه واصوله

هل القياس حجة في الشرع "الشيخ العثيمين"

القياس

تعريفه:
القياس لغة: التقدير والمساواة.
واصطلاحاً: تسوية فرع بأصل في حكم لعلَّة جامعة بينهما.
فالفرع: المقيس.
والأصل: المقيس عليه.
والحكم: ما اقتضاه الدليل الشرعي من وجوب، أو تحريم، أو صحة، أو فساد، أو غيرها.
والعلة: المعنى الذي ثبت بسببه حكم الأصل، وهذه الأربعة أركان القياس، والقياس أحد الأدلة التي تثبت بها الأحكام الشرعية.
وقد دل على اعتباره دليلاً شرعيًّا الكتاب والسنة وأقوال الصحابة، فمن أدلة الكتاب:
1 – قوله تعالى: )اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَان)(الشورى: الآية17)والميزان ما توزن به الأمور ويقايس به بينها.
2 – قوله تعالى: ) كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُه) (الانبياء: الآية104) ( وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ) (فاطر:9) فشبّه الله تعالى إعادة الخلق بابتدائه، وشبه إحياء الأموات بإحياء الأرض، وهذا هو القياس.
ومن أدلة السنة:
1 – قوله صلّى الله عليه وسلّم لمن سألته عن الصيام عن أمها بعد موتها: "أرأيتِ لو كان على أمك دين فقضيته؛ أكان يؤدي ذلك عنها"؟ قالت: نعم. قال: "فصومي عن أمك"(42) .
2 – أن رجلاً أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله! ولد لي غلام أسود! فقال: "هل لك من إبل"؟ قال: نعم، قال: "ما ألوانها"؟ قال: حمر، قال: "هل فيها من أورق"؟ قال: نعم، قال: "فأنى ذلك"؟ قال: لعله نزعه عرق، قال: "فلعل ابنك هذا نزعه عرق"(43) .
وهكذا جميع الأمثال الواردة في الكتاب والسنة دليل على القياس لما فيها من اعتبار الشيء بنظيره.
ومن أقوال الصحابة: ما جاء عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في كتابه(44) إلى أبي موسى الأشعري في القضاء قال: ثم الفهم الفهم فيما أدلى عليك، مما ورد عليك مما ليس في قرآن ولا سنة، ثم قايس الأمور عندك، واعرف الأمثال، ثم اعمد فيما ترى إلى أحبها إلى الله، وأشبهها بالحق.
قال ابن القيم: وهذا كتاب جليل تلقاه العلماء بالقبول.
وحكى المزني أن الفقهاء من عصر الصحابة إلى يومه أجمعوا على أن نظير الحق حق ونظير الباطل باطل، واستعملوا المقاييس في الفقه في جميع الأحكام.
شروط القياس:
للقياس شروط منها:
1 – أن لا يصادم دليلاً أقوى منه، فلا اعتبار بقياس يصادم النص أو الإجماع أو أقوال الصحابة إذا قلنا: قول الصحابي حجة، ويسمى القياس المصادم لما ذكر: (فاسد الاعتبار).
مثاله: أن يقال: يصح أن تزوج المرأة الرشيدة نفسها بغير ولي قياساً على صحة بيعها مالها بغير ولي.
فهذا قياس فاسد الاعتبار لمصادمته النص، وهو قوله صلّى الله عليه وسلّم: "لا نكاح إلا بولي(45)" .
2 – أن يكون حكم الأصل ثابتاً بنص أو إجماع، فإن كان ثابتاً بقياس لم يصح القياس عليه، وإنما يقاس على الأصل الأول؛ لأن الرجوع إليه أولى، ولأن قياس الفرع عليه الذي جعل أصلاً قد يكون غير صحيح، ولأن القياس على الفرع ثم الفرع على الأصل تطويل بلا فائدة.
مثال ذلك: أن يقال: يجري الربا في الذرة قياساً على الرز، ويجري في الرز قياساً على البر، فالقياس هكذا غير صحيح، ولكن يقال: يجري الربا في الذرة قياساً على البر؛ ليقاس على أصل ثابت بنص.
3 – أن يكون لحكم الأصل علة معلومة؛ ليمكن الجمع بين الأصل والفرع فيها، فإن كان حكم الأصل تعبديًّا محضاً لم يصح القياس عليه.
مثال ذلك: أن يقال: لحم النعامة ينقض الوضوء قياساً على لحم البعير لمشابهتها له، فيقال: هذا القياس غير صحيح لأن حكم الأصل ليس له علة معلومة، وإنما هو تعبدي محض على المشهور.
4 – أن تكون العلة مشتملة على معنى مناسب للحكم يعلم من قواعد الشرع اعتباره؛ كالإسكار في الخمر.
فإن كان المعنى وصفاً طرديًّا لا مناسبة فيه لم يصح التعليل به؛ كالسواد والبياض مثلاً.
مثال ذلك: حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن بريرة خيرت على زوجها حين عتقت قال: وكان زوجها عبداً أسود(46) ، فقوله: (أسود)؛ وصف طردي لا مناسبة فيه للحكم، ولذلك يثبت الخيار للأمة إذا عتقت تحت عبد وإن كان أبيض، ولا يثبت لها إذا عتقت تحت حر، وإن كان أسود.
5 – أن تكون العلة موجودة في الفرع كوجودها في الأصل؛ كالإيذاء في ضرب الوالدين المقيس على التأفيف، فإن لم تكن العلة موجودة في الفرع لم يصح القياس.
مثال ذلك: أن يقال العلة في تحريم الربا في البر كونه مكيلاً، ثم يقال: يجري الربا في التفاح قياساً على البر، فهذا القياس غير صحيح، لأن العلة غير موجودة في الفرع، إذ التفاح غير مكيل.
أقسام القياس:
ينقسم القياس إلى جليّ وخفيٍّ.
1 – فالجلي: ما ثبتت علته بنص، أو إجماع، أو كان مقطوعاً فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع.
مثال ما ثبتت علته بالنص: قياس المنع من الاستجمار بالدم النجس الجاف على المنع من الاستجمار بالروثة، فإن علة حكم الأصل ثابتة بالنص حيث أتى ابن مسعود رضي الله عنه إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم بحجرين وروثة؛ ليستنجي بهن، فأخذ الحجرين، وألقى الروثة، وقال: "هذا ركس"(47) والركس النجس.
ومثال ما ثبتت علته بالإجماع: نهي النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يقضي القاضي وهو غضبان(48) ، فقياس منع الحاقن من القضاء على منع الغضبان منه من القياس الجلي، لثبوت علة الأصل بالإجماع وهي تشويش الفكر وانشغال القلب.
ومثال ما كان مقطوعاً فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع: قياس تحريم إتلاف مال اليتيم باللبس على تحريم إتلافه بالأكل للقطع بنفي الفارق بينهما.
2 – والخفي: ما ثبتت علته باستنباط، ولم يقطع فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع.
مثاله: قياس الأشنان على البر في تحريم الربا بجامع الكيل، فإن التعليل بالكيل لم يثبت بنص ولا إجماع، ولم يقطع فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع، إذ من الجائز أن يفرق بينهما بأن البر مطعوم بخلاف الأشنان.
قياس الشبه:
ومن القياس ما يسمى: ب- (قياس الشبه) وهو أن يتردد فرع بين أصلين مختلفي الحكم، وفيه شبه بكل منهما، فيلحق بأكثرهما شبهاً به، مثال ذلك: العبد هل يملك بالتمليك قياساً على الحر أو لا يملك قياساً على البهيمة؟
إذا نظرنا إلى هذين الأصلين الحر والبهيمة وجدنا أن العبد متردد بينهما، فمن حيث أنه إنسان عاقل يثاب ويعاقب وينكح ويطلق؛ يشبه الحر، ومن حيث أنه يباع ويرهن ويوقف ويوهب ويورث ولا يودع ويضمن بالقيمة ويتصرف فيه؛ يشبه البهيمة، وقد وجدنا أنه من حيث التصرف المالي أكثر شبهاً بالبهيمة فيلحق بها
وهذا القسم من القياس ضعيف إذ ليس بينه وبين الأصل علة مناسبة سوى أنه يشبهه في أكثر الأحكام مع أنه ينازعه أصل آخر.
قياس العكس:
ومن القياس ما يسمى ب- (قياس العكس) وهو: إثبات نقيض حكم الأصل للفرع لوجود نقيض علة حكم الأصل فيه.
ومثلوا لذلك بقوله صلّى الله عليه وسلّم: "وفي بضع أحدكم صدقة". قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر" (49).
فأثبت النبي صلّى الله عليه وسلّم للفرع وهو الوطء الحلال نقيض حكم الأصل وهو الوطء الحرام لوجود نقيض علة حكم الأصل فيه، أثبت للفرع أجراً لأنه وطء حلال، كما أن في الأصل وزراً لأنه وطء حرام.

(42) رواه البخاري (1953) كتاب الصوم ،24- باب من مات وعليه صوم . ومسلم (1148) كتاب الصيام ،27- باب قضاء الصوم عن الميت .

(43) رواه البخاري (5305) كتاب الطلاق ، 26- باب إذا عرض بنفي الولد ومسلم (1500) كتاب اللعان ، بلا .

(44) رواه البيهقي (10/115) كتاب آداب القاضي ، باب ما يقضي به القاضي . والدار قطني (4/206-207) كتاب في الأقضية والأحكام ، كتاب عمر إلى أبي موسى الأشعري ..وانظر كلام ابن القيم في إغاثة اللهفان (1/86) .

(45) رواه الترمزي (1101) كتاب النكاح ،14- باب ما جاء لا نكاح إلا بولي وأبو داوود (2085) كتاب النكاح باب الولي .وابن ماجه (1880) كتاب النكاح ،15- باب لا نكاح إلا بولي ، وأحمد (1/250) . والحاكم (2/185) كتاب النكاح . وصححه هو وابن حبان (1243- الموارد) كتاب النكاح ،6- باب ما جاء في الولي والشهود .

(46) رواه البخاري (5282) كتاب الطلاق ،15- باب خيار الأمة تحت العبد .

(47) رواه البخاري (156) كتاب الوضوء،21- باب لا يستنجى بروث .

(48) رواه البخاري (7185)كتاب الأحكام ،13- باب هل يقضي القاضي أو يفتي وهو غضبان . ومسلم (1717) الأقضية ،7- باب كراهة قضاء القاضي وهو غضبان .

(49) رواه مسلم (1006) كتاب الزكاة،16- باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف .

القياس

تعريفه:
القياس لغة: التقدير والمساواة.
واصطلاحاً: تسوية فرع بأصل في حكم لعلَّة جامعة بينهما.
فالفرع: المقيس.
والأصل: المقيس عليه.
والحكم: ما اقتضاه الدليل الشرعي من وجوب، أو تحريم، أو صحة، أو فساد، أو غيرها.
والعلة: المعنى الذي ثبت بسببه حكم الأصل، وهذه الأربعة أركان القياس، والقياس أحد الأدلة التي تثبت بها الأحكام الشرعية.
وقد دل على اعتباره دليلاً شرعيًّا الكتاب والسنة وأقوال الصحابة، فمن أدلة الكتاب:
1 – قوله تعالى: )اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَان)(الشورى: الآية17)والميزان ما توزن به الأمور ويقايس به بينها.
2 – قوله تعالى: ) كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُه) (الانبياء: الآية104) ( وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ) (فاطر:9) فشبّه الله تعالى إعادة الخلق بابتدائه، وشبه إحياء الأموات بإحياء الأرض، وهذا هو القياس.
ومن أدلة السنة:
1 – قوله صلّى الله عليه وسلّم لمن سألته عن الصيام عن أمها بعد موتها: "أرأيتِ لو كان على أمك دين فقضيته؛ أكان يؤدي ذلك عنها"؟ قالت: نعم. قال: "فصومي عن أمك"(42) .
2 – أن رجلاً أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله! ولد لي غلام أسود! فقال: "هل لك من إبل"؟ قال: نعم، قال: "ما ألوانها"؟ قال: حمر، قال: "هل فيها من أورق"؟ قال: نعم، قال: "فأنى ذلك"؟ قال: لعله نزعه عرق، قال: "فلعل ابنك هذا نزعه عرق"(43) .
وهكذا جميع الأمثال الواردة في الكتاب والسنة دليل على القياس لما فيها من اعتبار الشيء بنظيره.
ومن أقوال الصحابة: ما جاء عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في كتابه(44) إلى أبي موسى الأشعري في القضاء قال: ثم الفهم الفهم فيما أدلى عليك، مما ورد عليك مما ليس في قرآن ولا سنة، ثم قايس الأمور عندك، واعرف الأمثال، ثم اعمد فيما ترى إلى أحبها إلى الله، وأشبهها بالحق.
قال ابن القيم: وهذا كتاب جليل تلقاه العلماء بالقبول.
وحكى المزني أن الفقهاء من عصر الصحابة إلى يومه أجمعوا على أن نظير الحق حق ونظير الباطل باطل، واستعملوا المقاييس في الفقه في جميع الأحكام.
شروط القياس:
للقياس شروط منها:
1 – أن لا يصادم دليلاً أقوى منه، فلا اعتبار بقياس يصادم النص أو الإجماع أو أقوال الصحابة إذا قلنا: قول الصحابي حجة، ويسمى القياس المصادم لما ذكر: (فاسد الاعتبار).
مثاله: أن يقال: يصح أن تزوج المرأة الرشيدة نفسها بغير ولي قياساً على صحة بيعها مالها بغير ولي.
فهذا قياس فاسد الاعتبار لمصادمته النص، وهو قوله صلّى الله عليه وسلّم: "لا نكاح إلا بولي(45)" .
2 – أن يكون حكم الأصل ثابتاً بنص أو إجماع، فإن كان ثابتاً بقياس لم يصح القياس عليه، وإنما يقاس على الأصل الأول؛ لأن الرجوع إليه أولى، ولأن قياس الفرع عليه الذي جعل أصلاً قد يكون غير صحيح، ولأن القياس على الفرع ثم الفرع على الأصل تطويل بلا فائدة.
مثال ذلك: أن يقال: يجري الربا في الذرة قياساً على الرز، ويجري في الرز قياساً على البر، فالقياس هكذا غير صحيح، ولكن يقال: يجري الربا في الذرة قياساً على البر؛ ليقاس على أصل ثابت بنص.
3 – أن يكون لحكم الأصل علة معلومة؛ ليمكن الجمع بين الأصل والفرع فيها، فإن كان حكم الأصل تعبديًّا محضاً لم يصح القياس عليه.
مثال ذلك: أن يقال: لحم النعامة ينقض الوضوء قياساً على لحم البعير لمشابهتها له، فيقال: هذا القياس غير صحيح لأن حكم الأصل ليس له علة معلومة، وإنما هو تعبدي محض على المشهور.
4 – أن تكون العلة مشتملة على معنى مناسب للحكم يعلم من قواعد الشرع اعتباره؛ كالإسكار في الخمر.
فإن كان المعنى وصفاً طرديًّا لا مناسبة فيه لم يصح التعليل به؛ كالسواد والبياض مثلاً.
مثال ذلك: حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن بريرة خيرت على زوجها حين عتقت قال: وكان زوجها عبداً أسود(46) ، فقوله: (أسود)؛ وصف طردي لا مناسبة فيه للحكم، ولذلك يثبت الخيار للأمة إذا عتقت تحت عبد وإن كان أبيض، ولا يثبت لها إذا عتقت تحت حر، وإن كان أسود.
5 – أن تكون العلة موجودة في الفرع كوجودها في الأصل؛ كالإيذاء في ضرب الوالدين المقيس على التأفيف، فإن لم تكن العلة موجودة في الفرع لم يصح القياس.
مثال ذلك: أن يقال العلة في تحريم الربا في البر كونه مكيلاً، ثم يقال: يجري الربا في التفاح قياساً على البر، فهذا القياس غير صحيح، لأن العلة غير موجودة في الفرع، إذ التفاح غير مكيل.
أقسام القياس:
ينقسم القياس إلى جليّ وخفيٍّ.
1 – فالجلي: ما ثبتت علته بنص، أو إجماع، أو كان مقطوعاً فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع.
مثال ما ثبتت علته بالنص: قياس المنع من الاستجمار بالدم النجس الجاف على المنع من الاستجمار بالروثة، فإن علة حكم الأصل ثابتة بالنص حيث أتى ابن مسعود رضي الله عنه إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم بحجرين وروثة؛ ليستنجي بهن، فأخذ الحجرين، وألقى الروثة، وقال: "هذا ركس"(47) والركس النجس.
ومثال ما ثبتت علته بالإجماع: نهي النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يقضي القاضي وهو غضبان(48) ، فقياس منع الحاقن من القضاء على منع الغضبان منه من القياس الجلي، لثبوت علة الأصل بالإجماع وهي تشويش الفكر وانشغال القلب.
ومثال ما كان مقطوعاً فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع: قياس تحريم إتلاف مال اليتيم باللبس على تحريم إتلافه بالأكل للقطع بنفي الفارق بينهما.
2 – والخفي: ما ثبتت علته باستنباط، ولم يقطع فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع.
مثاله: قياس الأشنان على البر في تحريم الربا بجامع الكيل، فإن التعليل بالكيل لم يثبت بنص ولا إجماع، ولم يقطع فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع، إذ من الجائز أن يفرق بينهما بأن البر مطعوم بخلاف الأشنان.
قياس الشبه:
ومن القياس ما يسمى: ب- (قياس الشبه) وهو أن يتردد فرع بين أصلين مختلفي الحكم، وفيه شبه بكل منهما، فيلحق بأكثرهما شبهاً به، مثال ذلك: العبد هل يملك بالتمليك قياساً على الحر أو لا يملك قياساً على البهيمة؟
إذا نظرنا إلى هذين الأصلين الحر والبهيمة وجدنا أن العبد متردد بينهما، فمن حيث أنه إنسان عاقل يثاب ويعاقب وينكح ويطلق؛ يشبه الحر، ومن حيث أنه يباع ويرهن ويوقف ويوهب ويورث ولا يودع ويضمن بالقيمة ويتصرف فيه؛ يشبه البهيمة، وقد وجدنا أنه من حيث التصرف المالي أكثر شبهاً بالبهيمة فيلحق بها
وهذا القسم من القياس ضعيف إذ ليس بينه وبين الأصل علة مناسبة سوى أنه يشبهه في أكثر الأحكام مع أنه ينازعه أصل آخر.
قياس العكس:
ومن القياس ما يسمى ب- (قياس العكس) وهو: إثبات نقيض حكم الأصل للفرع لوجود نقيض علة حكم الأصل فيه.
ومثلوا لذلك بقوله صلّى الله عليه وسلّم: "وفي بضع أحدكم صدقة". قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر" (49).
فأثبت النبي صلّى الله عليه وسلّم للفرع وهو الوطء الحلال نقيض حكم الأصل وهو الوطء الحرام لوجود نقيض علة حكم الأصل فيه، أثبت للفرع أجراً لأنه وطء حلال، كما أن في الأصل وزراً لأنه وطء حرام.

(42) رواه البخاري (1953) كتاب الصوم ،24- باب من مات وعليه صوم . ومسلم (1148) كتاب الصيام ،27- باب قضاء الصوم عن الميت .

(43) رواه البخاري (5305) كتاب الطلاق ، 26- باب إذا عرض بنفي الولد ومسلم (1500) كتاب اللعان ، بلا .

(44) رواه البيهقي (10/115) كتاب آداب القاضي ، باب ما يقضي به القاضي . والدار قطني (4/206-207) كتاب في الأقضية والأحكام ، كتاب عمر إلى أبي موسى الأشعري ..وانظر كلام ابن القيم في إغاثة اللهفان (1/86) .

(45) رواه الترمزي (1101) كتاب النكاح ،14- باب ما جاء لا نكاح إلا بولي وأبو داوود (2085) كتاب النكاح باب الولي .وابن ماجه (1880) كتاب النكاح ،15- باب لا نكاح إلا بولي ، وأحمد (1/250) . والحاكم (2/185) كتاب النكاح . وصححه هو وابن حبان (1243- الموارد) كتاب النكاح ،6- باب ما جاء في الولي والشهود .

(46) رواه البخاري (5282) كتاب الطلاق ،15- باب خيار الأمة تحت العبد .

(47) رواه البخاري (156) كتاب الوضوء،21- باب لا يستنجى بروث .

(48) رواه البخاري (7185)كتاب الأحكام ،13- باب هل يقضي القاضي أو يفتي وهو غضبان . ومسلم (1717) الأقضية ،7- باب كراهة قضاء القاضي وهو غضبان .

(49) رواه مسلم (1006) كتاب الزكاة،16- باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف .





بارك الله فيكم ونسال الله لكم ولنا الجنة

معلومات قيمة وتوضيحات مهمة

رحم الله الشيخ ونفعنا بعلمه




بورك فيك على هذه الفوائد