التصنيفات
اسلاميات عامة

حُكْمُ حُضُورِ أَعْيَادِ أَهْلِ الْكِتَابِ

كما أنهم لا يجوز لهم إظهاره – يعني عيدهم إذا كانوا في بلاد المسلمين- فلا يجوز للمسلمين ممالاتهم عليه ولا مساعدتهم ولا الحضور معهم باتفاق أهل العلم الذين هم أهله. وقد صرح به الفقهاء من أتباع الأئمة الأربعة في كتبهم.

فقال أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الفقيه الشافعي: ولا يجوز للمسلمين أن يحضروا أعيادهم لأنهم على منكر وزور وإذا خالط أهل المعروف أهل المنكر بغير الإنكار عليهم كانوا كالراضين به المؤثرين له فنخشى من نزول سخط الله على جماعتهم فيعم الجميع نعوذ بالله من سخطه.
ثم ساق من طريق ابن أبي حاتم حدثنا الأشج ثنا عبد الله بن أبي بكر عن العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرة:
{وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} قال: لا يمالئون أهل الشرك على شركهم ولا يخالطونهم ونحوه عن الضحاك.
ثم ذكر حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(لا تدخلوا على هؤلاء الملعونين إلا أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم) والحديث في الصحيح.
وذكر البيهقي بإسناد صحيح في باب كراهية الدخول على أهل الذمة في كنائسهم والتشبه بهم يوم نيروزهم ومهرجانهم عن سفيان الثوري عن ثور بن يزيد عن عطاء بن دينار قال: قال عمر رضي الله عنه: (لا تعلموا رطانة الأعاجم ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم).
وبالإسناد عن الثوري عن عوف عن الوليد أو أبي الوليد عن عبد الله بن عمرو فقال: (من مر ببلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة).
وقال البخاري في غير "الصحيح" قال: لي ابن أبي مريم حدثنا نافع بن يزيد سمع سليمان بن أبي زينب وعمرو بن الحارث سمع سعيد بن سلمة سمع أباه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (اجتنبوا أعداء الله في عيدهم). ذكره البيهقي.
وذكر بإسناد صحيح عن أبي أسامة: حدثنا عوف عن أبي المغيرة عن عبد الله بن عمرو قال: (من مر ببلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة).
وقال أبو الحسن الآمدي: لا يجوز شهود أعياد النصارى واليهود نص عليه أحمد في رواية مهنا.
واحتج بقوله تعالى:
{وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ}. قال: الشعانين وأعيادهم.
وقال الخلال في الجامع: باب في كراهية خروج المسلمين في أعياد المشركين وذكر عن مهنا قال: سألت أحمد عن شهود هذه الأعياد التي تكون عندنا بالشام مثل دير أيوب وأشباهه يشهده المسلمون يشهدون الأسواق ويجلبون فيه الضحية والبقر والبر والدقيق وغير ذلك يكونون في الأسواق ولا يدخلون عليهم بيعهم قال: (إذا لم يدخلوا عليهم بيعهم وإنما يشهدون السوق فلا بأس).
وقال عبدالملك بن حبيب: سئل ابن القاسم عن الركوب في السفن التي تركب فيها النصارى إلى أعيادهم فكره ذلك مخافة نزول السخطة عليهم بشركهم الذين اجتمعوا عليه.
قال: وكره ابن القاسم للمسلم أن يهدي إلى النصراني في عيده مكافأة له ورآه من تعظيم عيده وعونا له على كفره ألا ترى أنه لا يحل للمسلمين أن يبيعوا من النصارى شيئا من مصلحة عيدهم لا لحما ولا أدما ولا ثوبا ولا يعارون دابة ولا يعانون على شيء من عيدهم لأن ذلك من تعظيم شركهم وعونهم على كفرهم، وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك وهو قول مالك وغيره لم أعلمه اختلف فيه هذا لفظه في الواضحة.
وفي كتب أصحاب أبي حنيفة: من أهدى لهم يوم عيدهم بطيخة بقصد تعظيم العيد فقد كفر.

من كتاب أحكام أهل الذمة لبن قيم الجوزية رحمه الله




جزاك الله عنا كل خير أخي العزيز




بارك الله فيك و نفع بك




وفيكم بارك الله وجزاكم خير الجزاء




موضوع قيم ومفيد

بارك الله فيكم

وجزاكم الخير المديد




التصنيفات
القران الكريم

[بحث] بعض أقوال المفسرين في تفسير"وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ

تعليمية تعليمية

[بحث] بعض أقوال المفسرين في تفسير"وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ……"

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته و مغفرته

تفسير "وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا"

قال السعدي رحمه الله:
يحتمل أن الضمير هنا في قوله: { قَبْلَ مَوْتِهِ } يعود إلى أهل الكتاب، فيكون على هذا كل كتابي يحضره الموت ويعاين الأمر حقيقة، فإنه يؤمن بعيسى عليه السلام ولكنه إيمان لا ينفع، إيمان اضطرار، فيكون مضمون هذا التهديد لهم والوعيد، وأن لا يستمروا على هذه الحال التي سيندمون عليها قبل مماتهم، فكيف يكون حالهم يوم حشرهم وقيامهم؟"
ويحتمل أن الضمير في قوله: { قَبْلَ مَوْتِهِ } راجع إلى عيسى عليه السلام، فيكون المعنى: وما من أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بالمسيح عليه السلام قبل موت المسيح، وذلك يكون عند اقتراب الساعة وظهور علاماتها الكبار.
فإنه تكاثرت الأحاديث الصحيحة في نزوله عليه السلام في آخر هذه الأمة. يقتل الدجال، ويضع الجزية، ويؤمن به أهل الكتاب مع المؤمنين. ويوم القيامة يكون عيسى عليهم شهيدا، يشهد عليهم بأعمالهم، وهل هي موافقة لشرع الله أم لا؟
وحينئذ لا يشهد إلا ببطلان كل ما هم عليه، مما هو مخالف لشريعة القرآن وَلِمَا دعاهم إليه محمد صلى الله عليه وسلم، علمنا بذلك، لِعِلْمِنَا بكمال عدالة المسيح عليه السلام وصدقه، وأنه لا يشهد إلا بالحق، إلا أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق وما عداه فهو ضلال وباطل.

و قال الرازي في قوله: { وَإِن مّنْ أَهْلِ الكتاب إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ } .

اعلم أن كلمة { إن } بمعنى ( ما ) النافية كقوله { وَإِن مّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } [ مريم : 71 ] فصار التقدير : وما أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به . ثم إنا نرى أكثر اليهود يموتون ولا يؤمنون بعيسى عليه السلام .
والجواب من وجهين : الأول : ما روي عن شهر بن حوشب قال : قال الحجاج إني ما قرأتها إلا وفي نفسي منها شيء ، يعني هذه الآية فإني أضرب عنق اليهودي ولا أسمع منه ذلك . فقلت : إن اليهودي إذا حضره الموت ضربت الملائكة وجهه ودبره ، وقالوا يا عدو الله أتاك عيسى نبيّاً فكذبت به ، فيقول آمنت أنه عبدالله ، وتقول للنصراني : أتاك عيسى نبياً فزعمت أنه هو الله وابن الله ، فيقول : آمنت أنه عبدالله فأهل الكتاب يؤمنون به ، ولكن حيث لا ينفعهم ذلك الإيمان ، فاستوى الحجاج جالساً وقال : عمن نقلت هذا؟ فقلت : حدّثني به محمد بن علي بن الحنفية فأخذ ينكت في الأرض بقضيب ثم قال : لقد أخذتها من عين صافية . وعن ابن عباس أنه فسّره كذلك فقال له عكرمة : فإن خر من سقف بيت أو احترق أو أكله سبع قال : يتكلم بها في الهواء ولا تخرج روحه حتى يؤمن به ، ويدل عليه قراءة أُبي { إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ } بضم النون على معنى وإن منهم أحد إلا سيؤمنون به قبل موتهم لأن أحداً يصلح للجمع ، قال صاحب «الكشاف» : والفائدة في أخبار الله تعالى بإيمانهم بعيسى قبل موتهم أنهم متى علموا أنه لا بدّ من الإيمان به لا محالة فلأن يؤمنوا به حال ما ينفعهم ذلك الإيمان أولى من أن يؤمنوا به حال ما لا ينفعهم ذلك الإيمان .
والوجه الثاني : في الجواب عن أصل السؤال : أن قوله { قَبْلَ مَوْتِهِ } أي قبل موت عيسى ، والمراد أن أهل الكتاب الذين يكونون موجودين في زمان نزوله لا بدّ وأن يؤمنوا به : قال بعض المتكلمين : إنه لا يمنع نزوله من السماء إلى الدنيا إلا أنه إنما ينزل عند ارتفاع التكاليف أو بحيث لا يعرف ، إذ لو نزل مع بقاء التكاليف على وجه يعرف أنه عيسى عليه السلام لكان إما أن يكون نبياً ولا نبي بعد محمد عليه الصلاة والسلام ، أو غير نبي وذلك غير جائز على الأنبياء ، وهذا الاشكال عندي ضعيف لأن انتهاء الأنبياء إلى مبعث محمد صلى الله عليه وسلم ، فعند مبعثه انتهت تلك المدة ، فلا يبعد أن يصير بعد نزوله تبعاً لمحمد عليه الصلاة والسلام .

ثم قال تعالى : { وَيَوْمَ القيامة يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً } قيل : يشهد على اليهود أنهم كذبوه وطعنوا فيه ، وعلى النصارى أنهم أشركوا به ، وكذلك كل نبي شاهد على أمته .

و قال الشوكاني في الفتح القدير:
أخرج ابن المنذر ، عن مجاهد مثله . وأخرج ابن جرير ، عن ابن جويبر ، والسدّي مثله أيضاً . وأخرج الفريابي وعبد بن حميد ، والحاكم وصححه ، عن ابن عباس في قوله : { وَإِن مّنْ أَهْلِ الكتاب إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ } قال : خروج عيسى ابن مريم . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، من طرق عنه في الآية قال : قبل موت عيسى . وأخرجا عنه أيضاً قال : قبل موت اليهودي . وأخرج ابن جرير عنه قال : إنه سيدرك أناس من أهل الكتاب عيسى حين يبعث سيؤمنون به . وأخرج سعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر عنه قال : ليس يهوديّ يموت أبداً حتى يؤمن بعيسى؛ قيل لابن عباس أرأيت إن خرّ من فوق بيت؟ قال يتكلم به في الهواء؛ فقيل أرأيت إن ضرب عنق أحدهم؟ قال : يتلجلج بها لسانه . وقد روي نحو هذا عنه من طرق ، وقال به جماعة من التابعين ، وذهب كثير من التابعين فمن بعدهم إلى أن المراد : قبل موت عيسى ، كما روي عن ابن عباس قبل هذا ، وقيده كثير منهم بأنه يؤمن به من أدركه عند نزوله إلى الأرض . وقد تواترت الأحاديث بنزول عيسى حسبما ، أوضحنا ذلك في مؤلف مستقلّ يتضمن ذكر ما ورد في المنتظر والدجال والمسيح .

وقال ابن عطية
اختلف المتأولون في معنى الآية فقال ابن عباس وأبو مالك والحسن بن أبي الحسن وغيرهم : الضمير في { موته } راجع إلى عيسى ، والمعنى أنه لا يبقى من أهل الكتاب أحد إذا نزل عيسى إلى الأرض إلا يؤمن بعيسى كما يؤمن سائر البشر ، وترجع الأديان كلها واحداً ، وقال مجاهد وابن عباس أيضاً وغيرهما : الضمير في { به } لعيسى وفي { موته } للكتابي الذي تضمنه قوله { وإن من أهل الكتاب } التقدير : وإن من أهل الكتاب أحد ، قالوا : وليس يموت يهودي حتى يؤمن بعيسى روح الله ، ويعلم أنه نبي ولكن عند المعاينة للموت ، فهو إيمان لا ينفعه ، كما لم ينفع فرعون إيمانه عند المعاينة ، وقال هذا القول عكرمة والضحاك والحسن بن أبي الحسن أيضاً ، وقال عكرمة أيضاً : الضمير في { به } لمحمد عليه السلام ، و { قبل موته } للكتابي ، قال : وليس يخرج يهودي ولا نصراني من الدنيا حتى يؤمن بمحمد ، ولو غرق أو سقط عليه جدار فإنه يؤمن في ذلك الوقت ، وفي مصحف أبي بن كعب « قبل موتهم » ففي هذه القراءة تقوية لعود الضمير على الكتابي ، وقرأ الفياض بن غزوان « وإنّ من أهل الكتاب » بتشديد « إن » والضمير المستتر في يكون هو لعيسى عليه السلام في جل الأقوال ، ولمحمد عليه السلام في قول عكرمة .
.

منقول لتعم للفائدة والاجر

تعليمية تعليمية




التصنيفات
القران الكريم

[شرح] لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا

تعليمية تعليمية

[شرح] لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ

لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ {123النساء}

عمدة التفاسير (تحقيق احمد شاكر)

قال قتادة :ذُكر لنا أن المسلمين و أهل الكتاب افتخروا فقال أهل الكتاب : نبينا قبل نبيكم و كتابنا قبل كتابكم فنحن أولى بالله منكم , و قال المسلمون : نحن أولى بالله منكم و نبينا خاتم النبيين و كتابنا يقضى على الكتب التى كانت قبله . فـأنزل الله " ليس بأمانيكم و لا أمانى أهل الكتاب و من يعمل سوءاً يجز به" و "من أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله و هو محسن و اتبع ملة إبراهيم حنيفاً " فأفلج الله حجةّ المسلمين على من ناوأهم من أهل الأديان"(1) . و كذا ورى عن السدى و مسروق و الضحاك و أبى صالح و غيرهم . و المعنى في هذه الآية : أن الدين ليس بالتحلى و لا بلتمنى و لكن ما وقر في القلوب و صدّقته الأعمال , و ليس كل من ادّعى شيئاً حصل له بمجرد دعواه و لا كل من قال إنه هو المُحِقّ سمع قوله بمجرد ذلك حتى يكون له من الله برهان.
و لهذا قال تعالى "ليس بأمانيكم و لا أمانى أهل الكتاب " أي : ليس لكم و لا لهم النجاة بمجرد التمنى بل العبرة بطاعة الله سبحانه , و اتباع ما شرعه على ألسنة الرسل الكرام. و لهذا قال بعده " من يعمل سوءاً يجز به" كقوله { فمن يعمل مثقال ذرّة خيراً يره و من يعمل مثقال ذرة شراَّ يره} . و قد روُى أن هذه الآية لما نزلت شق ذلك على كثير من الصحابة : فروى الإمام أحمد عن أبى بكر : أنه قال " يا رسول الله , كيف الفلاح بعد هذه الآية " ليس بأمانيكم و لا أمانى أ هل الكتاب . من يعمل سوءاً يجز به " فكل سوء عملناه جزُينا به ؟ ألست تنصب ؟ ألست تحزن؟ ألست تصيبك الأواء ؟ قال : بلى قال : فهو مما تجزون به " . رواه سعيد بن منصور و ابن حبان في صحيحه و الحاكم (2). و روى ابن مردويه عن مسروق قال : قال أبو بكر الصديق : يا رسول الله ما أشد هذه الآية " من يعمل سوءاً يجز به"!

(1): رواه الطبرى : 10493. وهو مرسل . و إسناده الطبرى إلى قتادة إسناد صحيح. و رواه أيضاً عبد بن حميد و ابن المنذر , كما في الدرر المنثور 225:2
(2) المسند : 68 ـــــ 71 . و إبن حبان 502:4 (مخطوط الإحسان المصورة ).
و الحاكم 3: 74- 75 , و صححه و وافقه الذهبي . و رواه أيضاً الطبرى : 10523- 10528 .
و زاد السيوطى 2 :226 نسبته لابن المنذر و ابن السنى و البهيقى في الشعب . و في إسناده انقطاع بين التابعى أبى بكر بن أبى زهير الثقفي – وراية عن أبى بكر الصديق – و بين أبي بكر . و لكن الشواهد الآتية تؤيد صحته . و انظر شرح الطحاوية بتحقيقنا , ص 263.

_________________________

فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : المصائب و الأمراض و الأحزان في الدنيا جزاء"(1). و روى سعيد بن منصور عن عُبيد بن عمير عن عائشة : " أن رجلاً تلا هذه الآية " من يعمل سوءاً يجز به " فقال : إنا لنجزى بكل ما عملنا؟ هلكنا إذن فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : نعم يُجْزَ به المؤمن في الدنيا في نفسه في جسده فيما يؤذيه"(2).
و روى ابن أبى حاتم عن ابن أبى مُليكة عن عائشة قالت : قلت : يا رسول الله إني لأعلم أشدَّ آية في القرآن فقال ما هى يا عائشة؟ قلت :من يعمل سوءاً يجز به" فقال : هو ما يصيب العبدّ المؤمن حتى النكبة يُنْكبُّها " . رواه أبو داود و ابن جرير (3).
وروى أبو داود الطيالسى عن أمية :" أنها سألت عائشة عن هذه الآية " من يعمل سوءاً يجز به " ؟ فقالت : ما سألنى عن هذه الآية أحد منذ سألت عنها رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا عائشة هذه متابعة الله للعبد مما يصيبه من الحمى و النكبة و الشوكة , حتى البضاعة يضعها في كمه فيفزع لها. فيجدها في جيبه. حتى إن المؤمن ليخرج من ذنوبه كما يخرج التبر الأحمر من الكير "(4) . روى الإمام احمد عن عائشة قالت : قالو "اللأواء" بفتح اللام و الواو بينهما همزة ساكنة و بالمد – : المشقة و الشدة .

(1)و رواه الطبرى : 10529 , بلفظ : " إن المصيبة في الدنيا جزاء " . و ذكره السيوطى 226:2-227 بمثب لفظ ابن مردوية , و نسبه لسعيد بن منصور و هناد و إبن جرير و أبى نغيم في الحلة و ابن مردويه "عن مسروق" , و لكن الذي وقع في نسخ الطبرى بحذف "عن مسروق ". الراجح عندى أنه سقط سهواً من الناسخين . و هو في الحلية 119:8 على الصواب .
(2)إسناده صحيح . و رواه أحمد في المسند 65:6 -66 (حلبى). و رواه البخارى في التاريخ الكبير 4/2/371 مختصراً . و هو في مجمع الزوائد 12:7 , و قال :"رواه أحمد و أبو يعلى, و رجالهما رجال الصحيح". و زاد السيوطى 227:2 نسبته لابن جرير و البهيق في شعب الإيمان " بسند صحيح" . و لم أجده في الطبرى.
(3)إسناده صحيح . و هو في الطبرى 10532 . و رواية أبى داود : 3093 أطول قليلا. و رواه الطبرى بأطول منه : 10531 . و قد فصل أخى السيد محمود شاكر تخريجه هناك.
(أم الرزان)وقد جاء بهذا اللفظ في صحيح مسلم

عن أبى هريرة قال لما نزلت (من يعمل سوءا يجز به) بلغت من المسلمين مبلغا شديدا فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « قاربوا وسددوا ففى كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى النكبة ينكبها أو الشوكة يشاكها ». قال مسلم هو عمر بن عبد الرحمن بن محيصن من أهل مكة.

(4) مسند الطيالسى : 1584 . و قد رواه الطبرى في تفسير هذه الآية , برقم : 10531. ورواه قبل ذلك برقم : 6495 , و فصلنا تخريجه فيه . و قد مضى في كتابنا هذا , ج 2 ص 210- 211
(أم الرزان): هذا ما ورد في ج 2 ص 210- 2022 : و قوله متابعة الله العبد" يعني: ما يصيب الإنسان مما يؤلمه ، يتابعه الله به ليكفر عنه من ذنوبه . و هذا هو الثابت في المسند و الطبري . و ثبت هنا في المخطوطة و المطبوعة "مبايعة" ! و هو تصحيف.
(أم الرزان):وقال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة:

عن أمية أنها سألت عائشة عن هذه الآية : ( وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ) وعن هذه الآية ( من يعمل سوءا يجز به ) ؟ فقالت : ما سألني عنهما أحد منذ سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما ، فقال :" يا عائشة ! هذه متابعة الله عز وجل العبد بما يصيبه من الحمة والنكبة والشوكة ، حتى البضاعة يضعها في كمه فيفقدها فيفزع لها فيجدها في ضينه ، حتى إن المؤمن ليخرج من زنوبه كما يخرج التبر الأحمر من الكير " .اخرجه أحمد ( 6/218 ) ، وابن جرير ( 10531 ) .وهذا إسناد ضعيف أيضا ؛ فإنه مع ضعف ابن جدعان ؛ لا يعرف حال أمية هذه .وتابعه أبو عامر الخزاز قال : حدثنا ابن أبي مليكة عن عائشة به مختصرا بلفظ :
قالت : قلت : يا رسول الله ! إني لأعلم أشد آية في القرآن . فقال : ما هي يا عائشة ؟ قلت : هي هذه الآية يا رسول الله ( من يعمل سوءا يجز به ) ، فقال :" هو ما يصيب العبد المؤمن حتى النكبة ينكبها " .أخرجه ابن جرير ( 10530و 10532 ) .وأبو عامر هذا اسمه صالح بن رستم المزني ؛ وفيه ضعف .وللحديث شاهد قوي من حديث أبي هريرة قال :" لما نزلت ( من يعمل سوءا يجز به ) بلغت من المسلمين مبلغا شديدا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قاربوا وسددوا ، ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة ، حتى النكبة بنكبها ، أو الشوكة يشاكها " .أخرجه مسلم ( 7/16 ) ، والترمذي ( 4/94 ) ، وأحمد ( 2/248 ) ، وابن جرير ( 10520 ) ؛ وقال الترمذي :" حسن غريب " .وأخرج أبو نعيم في " الحلية " ( 8/119 ) من طريق محمد بن عبد بن عامر : حدثنا يحيى النيسابوري : حدثنا الفضيل بن عياض عن سليمان بن مهران الكاهلي عن مسلم بن صبيح عن مسروق بن الأجدع قال : قال أبو بكر الصديق : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" المصائب والأمراض والأحزان في الدنيا جزاء " .وقال أبو نعيم :" عزيز من حديث فضيل ، ما كتبته إلا من هذا الوجه " .قلت : ورجاله ثقات رجال الشيخين ؛ غير محمد بن عبد بن عامر هذا ؛ وهو السمر قندي ؛ قال الذهبي :" معروف بوضع الحديث " .لكنه لم يتفرد به ؛ فقد أخرجه ابن جرير ( 10529 ) من طريقين عن أبي معاوية عن الأعمش به ؛ إلا أنه لم يذكر في سنده مسروقا ، فلا أدري إذا كان سقط من قلم الناسخ ، أو هكذا وقعت الرواية لابن جرير ! . ويؤيد الأول أن السيوطي في " الدر المنثور " ( 2/226-227 ) عزاه لابن جرير في آخرين من طريق مسروق فقال :" وأخرج سعيد بن منصور وهناد وابن جرير ,ابو نعيم في " الحلية " وابن مردويه عن مسروق قال : قال أبو بكر : يا رسول الله ما أشد هذه الآية ( من يعمل سوء يجزبه ) ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المصائب … " .وسعيد بن منصور من طبقة يحيى بن يحيى النيسابوري ، فهو متابع له متابعة تامة أو قاصرة ، وبذلك يسلم الحديث من السمر قندي المذكور ، وقد رواه ابن مردويه – كمافي ابن كثير ( 2/558 ) – من طريق محمد بن عامر السعدي : حدثنا يحيى بن يحيى النيسابوري به . فيبدو لأول وهلة أن السعدي متابع للسمرقندي هذا ، ولكن الظاهر أنهما واحد ، تحرف السمرقندي إلى السعدي ، ونسب الى جده عامر ، فبدا أنه غيره ، وهو هو . والله أعلم .وجملة القول في هذه الطريق ؛ أن رجالها ثقات ، وأن لا علة فيها إلا الإرسال ، وهو صحيح بالشواهد التي قبله .وأما حديث الترجمة ؛ فيبدو أن نصفه الأول قوي بها ، وأما النصف الآخر فلم أجد ما يشهد له ، فيبقى على ضعفه .ثم رأيت في " المستدرك " ( 2/308 ) من طريق أبى المهلب قال :" رحلت إلى عائشة رضي الله عنها في الآية ( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ) ؟ قالت : هو ما يصيبكم في الدنيا " . وقال :" صحيح على شرط الشيخين " . ووافقه الذهبي .

_________________________

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إذا كثرت ذنوب العبد و لم يكن له ما يكفًّرها [من العمل] ابتلاه الله بالحزن ليكفرهما عنه" (1) . و روى سعيد بن منصور عن أبى هريرة قال : لما نزلت " من يعمل سوءاً " شق ذلك على المسلمين فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم : سَدَّدوا و قاربوا, فإن في كل ما يصاب به المسلم كفارة , حتى الشوكة يشاكها و النكبة ينكبها" . و رواه احمد و مسلم و الترمذى و النسائي (2) . و عن أبى سعيد و أبى هريرة أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول " ما يصيب المعلم من نَصَب و لا وَصَب و لا سقم و لا حزن , حتي الهمّ يهمه , إلا كفر الله من سيئاته " . اخرجاه (3) . و روى الإمام أحمد عن أبى سعيد الخدرة , قال : قال رجل لرسول الله صلى الله عليه و سلم : أرأيت هذه الأمراض التي تصيبما ما لنا بها؟ قال : كفارات قال أبى : و إن قلت ؟ قال : حتى الشوكة فما فوقها , قال : فدعا أبيٌّ على نفسه أنه لا يفارقه الوعك حتى يموت , في أن لا يشغله عن حج و لا عمرة, و لا جهاد في سبيل الله و لا صلاة مكتوبة في جماعة فما مسَّه إنسان حتى وجد حَرَّه , حتى مات" . تفرد به أحمد (4) . و روى ابن جرير عن الحسن : من يعمل سوءاً يجز به " قال : الكافر , ثم قرأ { و هل نُجازى إلا الكفور}(5) . و هكذا روى عن ابن عباس و سعيد بن جبير : أنهما فسرا السوء ههنا بالشرك أيضاً.

(1)المسند 157:6 , و زذنا منه قوله [من العمل]. و ذكره الهيثمى في الزوائد ـــ دون هذه الزيادة ـــــ 192:10, و قال :" رواه أحمد و البزار , و إسناده حسن"
(2)المسند : 7380 , و فصلنا تخريجه هناك . و راه أيضا الطبرى : 10520, من هذا الوجه , بنحوه . و كذلك رواه البيهقى 373:3 . و زاد السيوطى 227:2 نسبته لابن أبى شيبة و ابن المنذر و ابن مردويه.
(3) البخارى 92:10 (فتح) . و مسلم . و مسلم 282:2 . و رواه ايضا احمد : 8014. و البهيقى 373:3.
(4)المسند : 11201 . و هو في الزوائد 301:2-302 , و قال : رواه أحمد و أبو يعلى , و رجاله ثقات".
(5) الطبرى : 10511.

منقول لتعم للفائدة والاجر

تعليمية تعليمية