[مناقشة] هل الأموال المعدة لشراء سكن تدخل في أموال القنية؟
هل الأموال المعدة لشراء سكن تدخل في أموال القنية؟ رجاءاً لمن عنده نشاط علمي في البحث أن يفيدنا في هذه المسألة إفادة علمية بالدليل من الكتاب و السنة و إجماع الصحابة.
جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" ليس على المسلم في فرسه وغلامه صدقة" [6] .
قال ابن عبد البر:"وقال سائر العلماء: إنما معنى هذا الحديث فيما يقتنى من العروض ولا يراد به التجارة" [7] .
قال النووي:"هذا الحديث أصل في أن أموال القنية لا زكاة فيها، وأنه لا زكاة في الخيل والرقيق إذا لم تكن للتجارة وبهذا قال العلماء كافة من السلف والخلف" [8] .
ثانياً: ما رواه سمرة بن جندب رضي الله عنه قال:" أما بعد، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي يُعد للبيع" [9] .
ومفهوم الحديث يدل على أن ما لم يعدّ للبيع من الأموال لا تجب فيه الزكاة إلا ما وجب بنص آخر كأنواع الزكاة الأخرى.
[6] أخرجه البخاري بهذا اللفظ في الزكاة باب ليس على المسلم في فرسه صدقة 2/532 رقم 1394 ، ومسلم في الزكاة باب لا زكاة على المسلم في عبده وفرسه 2/675رقم 982 .
[7] التمهيد لابن عبد البر 17/126.
[8] شرح النووي 7/55.
[9] أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة باب العروض إذا كانت للتجارة هل فيها من زكاة ؟ 2/95 رقم 1562،
والطبراني في الكبير 7/253 رقم 7029 ، والدارقطني في كتاب الزكاة باب زكاة مال التجارة وسقوطها عن الخيل والرقيق 2/127، 128 ، رقم 2027 والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الزكاة باب زكاة التجارة 4/146رقم 7388 ، وابن حزم في المحلى 5/234 ، وابن عبدالبر في التمهيد 17/130 ، كلهم من طريق جعفر بن سعد عن خبيب بن سليمان عن أبيه ،وفيه زيادة عند الدارقطني في أوله ، ومدار الحديث على جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب ،وهذا إسناد ضعيف لما يلي :
1 ـ فيه جعفر بن سعد ، ذكره بن حبان في الثقات ، وقال ابن حزم : مجهول ، وقال عبد الحق ـ في الأحكام ـ : ليس ممن يعتمد عليه ، وقال ابن عبد البر : ليس بالقوي ، وقال ابن القطان : ما من هؤلاء من يعرف حاله ـ يعني : جعفر ،وشيخه ،وشيخ شيخه ـ . قال الذهبي : وقد جهد المحدثون فيهم جهدهم ،وهو إسناد يروى به جملة أحاديث قد ذكر البزار منها نحو المائة ،ولذا قال ابن حجر في التقريب : ليس بالقوي.
ينظر : الأحكام الوسطى 2/171 ،بيان الوهم لابن القطان 5/139 ،ميزان الاعتدال 1/407، تهذيب التهذيب 2/80 ، التقريب : 941.
2 ـ خبيب بن سليمان ، ذكره ابن حبان في الثقات ، وقال ابن حزم : مجهول ، وقال عبد الحق : ليس بقوي ، قال ابن حجر : وقرأت بخط الذهبي : لا يعرف ، ولذا قال ابن حجر في التقريب : مجهول.
ينظر : تهذيب التهذيب 3/116 ،تقريب التهذيب : 1700.
3 ـ سليمان بن سمرة بن جندب : قال عنه ابن القطان : مجهول ، ولذا قال ابن حجر في التقريب : مقبول.
ينظر : تهذيب التهذيب 4/173 ، تقريب التهذيب : 2569.
فهذا كلام أهل العلم بالرجال في رواة هذا الإسناد تفصيلاً ،وبخصوص هذا الإسناد بعينه ،فقد قال الحافظ الذهبي ـ كما في الميزان 1/408 ـ لما ساق جملة من الأحاديث التي رويت بهذا الإسناد : وبكل حال ، هذا إسناد مظلم لا ينهض بحكم. ولذا قال الحافظ ابن حجر في"التلخيص" 2/179 : في إسناده جهالة ،وقال في البلوغ ص : : بإسناد لين ، وقال الهيتمي في مجمع الزوائد :" وفي إسناده ضعف" 3/69. وقال الألباني في الإرواء 3/310 :" ضعيف" .
وبهذا يتبيّن أن أكثر أهل العلم بالحديث لا يثبت هذا الحديث ، أما قول النووي :" وفي إسناده جماعة لا أعرف حالهم ، ولكن لم يضعفه أبو داود ، وقد قدمنا أن ما لم يضعفه فهو حسن عنده" المجموع 6/40 ، وكذا قول الشنقيطي :" وهذا الحديث سكت عليه أبو داود رحمه الله ومعلوم من عادته أنه لا يسكت إلا عن حديث صالح للاحتجاج عنده" أضواء البيان 2/137. فإنه اعتماد على إخراج أبي داوود للحديث وسكوته عنه ، والاعتماد على سكوت أبي داوود غير مقبول عند جماعة من أهل العلم ، لأنه ثبت أن أبا داوود يسكت أحياناً عما في الصحيحين وعن ما هو شديد الضعف .
قال الحافظ ابن حجر في النكت على كتاب ابن الصلاح 1/439-444 بعد أن ذكر أن أبا داود يخرج أحاديث جماعة من الضعفاء في الاحتجاج ويسكت عنها:"فلا ينبغي للناقد أن يقلده في السكوت على أحاديثهم ،ويتابعه على الاحتجاج بهم ، بل طريقه أن ينظر هل لذلك الحديث متابع فيعتضد به ، أو هو غريب فيتوقف فيه ؟ إلى أن قال : فالصواب عدم الاعتماد على مجرد سكوته".
منقول من كتاب زكاة الأراضي وقضاياها المعاصرة د.عبد الله بن عمر السحيباني
جزاك الله خيرا
نترقب المزيد
بالتوفيق