التصنيفات
تحضير بكالوريا 2015 - الشعب الادبية

مقالة فلسفية سنة ثالثة ثانوي حول درس التفكير العلمي نظام قديم

مشكلة نشأة وتطور المعرفة العلمية:(في الفلسفة المعاصرة)
هل العلم يتطور بالاتصال أم بالقطيعة ؟

أ. ضبط المشكلة: تكشف خصائص المعرفة العلمية أنها معرفة متميزة تختلف عن المعرفة العامية، فهل يعني ذلك أن المعرفة العلمية منفصلة في نشأتها وتطورها عن المعرفة العامية أم تتصل بها رغم ما بينهما من تفاوت وتباين؟ بصيغة أوضح ما حقيقة تطور المعرفة العلمية؟ هل تطورت متصلة بالمعرفة العامية أم منفصلة عنها؟
ب. التحليل:
1. النظرية الاتصالية [التراكمية]:
يعتقد الكثير من مؤرخي العلم أن المعرفة العلمية لم تنشأ من عدم، بل كانت حصيلة لتاريخ كبير من التطور كانت بموجبه المعرفة العلمية ذات يوم مجرد معرفة عامية وخبرات شخصية ذاتية، نقرأ مثل هذه الفكرة عند جيمس فريزر الذي يعتقد "أن العلم نشأ في أحضان السحر" فالكيمياء التي أسس لها لا فوازية حصيلة لجهود الأوائل من المشعوذين والفلك الحديث نتيجة للتنجيم، وهكذا.
إن أصحاب هذه النظرية يقرأون تاريخ العلم، كما لو كان تاريخيا خطيا متصلا، فهو سلسلة متصلة الحلقات وما المعرفة العلمية سوى حلقة من هذه الحلقات لقد دأب أوجست كونت على القول أن المعرفة البشرية مرت بثلاث مراحل متصلة أولاها مرحلة التفكير اللاهوتي وثانيتها مرحلة التفكير الميتافيزيقي وثالثتها مرحلة التفكير الوضعي التي نشأ العلم في أحضانها إن أصحاب هذا الاتجاه يذهبون إلى أبعد حينما لا يرون فرقا جوهريا بين المعرفة العلمية والمعرفة العامية إذ يقول ماكس بلانك: "لا فرق في الطبيعة بين الاستدلال العلمي والاستدلال العادي اليومي، وإنما الفرق بينهما في درجة النقاء والدقة وهذا شبيه شيئا ما، بالاختلاف بين المجهر والعين المجردة".
نفهم من موقف هذه النظرية أن العلم امتدادا للمعرفة العامية سواء استقرأنا التاريخ أو نظرنا إليهما في بنيتها.
النقد: يصدق هذا الموقف ويبدو أكثر تماسكا إذ نظرنا إلى العلم من الخارج أي إذا اكتفينا بالتأريخ له بغض النظر عن بنيته وتركيبته الداخلية، فلو تسلحنا بنظرة نقدية إلى المعرفة العلمية لظهر لنا أن النظرية العلمية تمتلك بنية متميزة أساسا فما بالك لو وضعنا المعرفة العلمية إزاء المعرفة العامية.
2. النظرية الانفصالية [نظرية القطيعة الإبستمولوجية]:
في المقابل للنظرية السابقة، تتجه نظرية القطيعة إلى تأكيد الانفصال المطلق بين المعرفة العلمية والمعرفة العامية لسبب وجيه أن بنية المعرفة العلمية تختلف جوهريا عن بنية المعرفة العامية ، فمن أين لها بالصلة بها إذا كانتا من طبيعتين مختلفتين يقول باشلار: "لا بد لنا أن نقبل القطيعة بين المعرفة الحسية والمعرفة العلمية… إن النزوعات العادية للمعرفة وهي تستمد حوافزها من النزعة النفعية والنزعة الواقعية المباشرتين… إلا خاطئتين"
إن سيطرة النزعة النقدية الإبستمولوجية امتد إلى علاقة العلم بالعلم إذ يؤكد إدجار موران بالقول: "إن تاريخ المعرفة العلمية ليس فقط تاريخ تراكم وتوسع، وأنه أيضا تاريخ التحولات والقطائع…" فإذا كان ظهور فيزياء انشتاين ثورة في علم الفيزياء فلأنها تختلف من حيث المبدأ عن فيزياء نيوتن فإذا كان هذا حال العلم مع العلم فالأولى أن تكون القطيعة بين العلم والمعرفة العامية إن المعرفة العامية بخصائصها (ذاتية، كيفية، معطاة) تشكل عائقا أمام المعرفة العلمية ينبغي لها أن تبدأ بإزاحتها وهدمها.
نقد: كان للنظرة الإبستمولوجية أثرا كبيرا في التحول إلى النظر إلى العلم من كونه كاشفا واضحا، موضحا؛ إلى معرفة قابلة للنقد والمحاكمة في مبادئها وفروضها وفي نتائجها ومع ذلك فمنطق التطور يقتضي شكلا من الاتصال في المعارف على أن الاتصال لا يعني بالضرورة تحول المعرفة العامية إلى معرفة علمية بل يمكن أن يكون الاتصال بإعادة النظر.
نتيجة: مما سبق نستنتج أن موقفنا من إشكالية تطور العلم يختلف باختلاف الزاوية التي ننظر منها إلى العلم فإذا كنا ننظر إليه من الخارج بوصفنا مؤرخين فالأقرب أنه امتداد لمعارف سابقة عليه أما إذا التزمنا النظرة الابستمولوجية فالأقرب أن للمعرفة العلمية بنية خاصة متميزة في المبدأ والمنهج والنتائج.
منقول بتصرف للفائدة




السلام عليكم

أستاذنا الكريم مولود 66 لقد قمت بتحويل مقالكم الرائع على قسم البكالوريا

سامحنا على هذه الجولة

هقد حططنا الرحال ثانية

من منتديات خنشلة إلى منتديات خنشلة

مع تحيات الأستاذة عيسى فاطمة




شكرا وبارك الله فيك ،جزاك الله خيرا




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




التصنيفات
العلوم الانسانية والاجتماعية

المنهج العلمي

المنهج "Method " لفظة مشتقة من كلمة يونانية، بمعنى البحث أو النظر أو المعرفة، ويرجع أصلها الاشتقاقي إلى معنى الطريق المؤدي إلى الغرض المطلوب. ويعتبر "منهج البحث العلمي" علمًا قائما بذاته يسمى "علم مناهج البحث" "Methodology" أو علم المناهج اختصارا، ويمثل أهم جوانب العلم والمعرفة العـلمية(2).

وقد استقر معنى كلمة منهج منذ عصر النهضة الأوربية بمعنى طائفة من القواعد العامة المصوغة من أجل الوصول إلى الحقيقة من العلم، ومعنى المنهج هو الطريق المؤدي إلى الكشف عن الحقيقة في العلوم بواسطة طائفة من القواعد العامة تهيمن على سير العقل وتحدد عملياته حتى يصل إلى نتيجة معلومة(3).

أقسام المنهج العلمي:

قد تختلف مناهج البحث في كل علم من العلوم عن بعضها الآخر، فهناك فرق مثلا بين علم الفلك وعلم الطبيعة وعلم الكيمياء والجيولوجيا والرياضيات. ولكن مع هذه الفروق في مناهج كل علم، فإن هناك أساسيات تجمع بينها جميعا، وهذه الأساسيات هي التي يهتم بها علم المناهج العام، فالعلم الباحث في الطرق المستخدمة في العلوم للوصول إلى الحقيقة يسمى علم المناهج، وهو العلم الذي يدرس الطريق المؤدي إلى الكشف عن الحقيقة في العلوم النظرية، وتبعا لاختلاف هذه العلوم تختلف المناهج، ولكنها يمكن أن ترد إلى منهجين هما: الاستدلال والتجريب، يضاف إليهما منهج ثالث خاص بالعلوم الأخلاقية أو التاريخية وهو منهج الاسترداد، ويمكن حصرها في نهاية الأمر فيما يلي(3):

1 – المنهج الاستدلالي أو الرياضي: وهو الذي نسير فيه من مبدأ إلى قضايا تنتج عنه بالضرورة دون التجاء إلى التجربة، وهو منهج العلوم الرياضية.

——————————————————————————–

المنهج التجريبي هو العلم الذي نحتاج إليه لدراسة وتقييم الأبحاث الطبية المتضمنة لأحاديث من الهدي النبوي

——————————————————————————–

2 – المنهج التجريبي: ويشمل الملاحظة والتجربة معا الذي نبدأ فيه من جزئيات أو مبادئ غير يقينية تماما ونسير منها معممين حتى نصل إلى قضايا عامة، لاجئين في كل خطوة إلى التجربة كي تضمن لنا صحة الاستنتاج وهو منهج العلوم الطبيعية.

3 – المنهج الاستردادي أو المنهج التاريخي وهو الذي نقوم فيه باسترداد الماضي تبعا لما تركه من آثار، أيا كان نوع هذه الآثار، وهو المنهج المستخدم في العلوم التاريخية والأخلاقية.

إلى جانب هذه المناهج يمكن أن نضيف المنهج الجدلي الذي يحدد منهج التناظر والتحاور في الجماعات العلمية أو في المناقشات العلمية على اختلافها، ولا يمكن لهذا المنهج أن يأتي بثمار حقيقية إلا إذا ساندته المناهج الثلاثة السابقة.

والمنهج التجريبي هو العلم الذي نحتاج إليه لدراسة وتقييم الأبحاث الطبية المتضمنة لأحاديث من الهدي النبوي، لذا يهمنا أن نتعرف بصورة أدق على المنهج التجريبي الذي يستخدم أساليب الملاحظة العلمية وفرض الفروض وإجراء التجارب لحل مشكلة ما والوصول إلى نتيجة معينة.

والمنهج العلمي هو منهج الاستقراء، لمعرفة كيفيات المادة، أي تتبع جزئيات حسية، وتتبعها بالملاحظة، أو بإجراء التجارب عليها، وهو المنهج الذي قامت عليه الحضارة الحديثة، وعلى أساسه أيضا ستتطور هذه الحضارة، وترقى وتتسع -كما وكيفا- إلى ما شاء الله.

إن علماء الإسلام الأوائل قدموا خدمات جليلة للمعرفة الإنسانية، فقد دفعت توجيهات القرآن الكريم والسنة المطهرة المسلمين دفعا إلى مختلف مجالات المعرفة، فانطلقت النهضة العلمية التي دوت في أنحاء العالم، والتي قامت على منهج التجريب والاستقراء، كثمرة طيبة لتوجيهات القرآن الكريم والسنة النبوية، بينما يتراجع مؤشر الوعي والالتزام بالمنهج العلمي في زمن الأحفاد بسبب التعاطي المغلوط والمنقوص مع إشارات الهدي النبوي، فالعقل والمنطق في فهم السنة النبوية يؤدي إلى نفع البشرية واستحقاق الريادة والمجد، بينما يؤدي التعاطي العاطفي والمتسرع إلى تضليل وتشويه مفاهيم العامة وازدراء العقلاء والمختصين.

خصائص المنهج العلمي:

1 – الملاحظة العلمية وإجراء التجارب وفرض الفروض لتفسير المشكلات.

2 – استخدام أسلوب التحليل للوصول إلى عناصر أبسط للظواهر والمشكلات التي يدرسها.

3 – الاعتماد على أساليب القياس الدقيق والمعالجة الإحصائية للبيانات والمعلومات.

4 – التقسيم الدقيق والصحيح للحقائق وتصنيفها وملاحظة الارتباط والتتابع فيما بينها.

5 – استخدام الخيال الخلاق المبدع في التوصل إلى الفروض العلمية أو القوانين العلمية.

6 – النقد الذاتي وعدم التسليم بالوقائع إلا بعد تمحيصها.

الأخطاء المنهجية في بحوث الطب النبوي

وحيث إن التشخيص يسبق العلاج ولا بد، فإننا نرصد الأخطاء المنهجية في البحوث التي تناولت الهدي النبوي في الطب كالآتي:

1الافتقار إلى التخطيط السليم لاختيار مجالات البحث:

البحث العلمي عملية أساسها التخطيط والمعلومات ودراسة الظروف الخارجية والتكلفة والجهد والوقت، كذلك البحث العلمي في نصوص الأحاديث النبوية الشريفة يحتاج في المقام الأول إلى جمع المعلومات وإعداد البيانات الكثيرة حول تلك الأحاديث وموقف المختصين منها، وما هو مطلوب إنجازه، ومن ثم التخطيط بعمق لكيفية وضع المسألة التي يتناولها الحديث تحت مجهر الملاحظة والدراسة، بغية الوصول إلى نتائج حقيقية وموضوعية قابلة للتنفيذ العملي كأي دراسة علمية.




التصنيفات
العلوم التقنية و الهندسة

معلومة Horizon club: المنتدى العلمي للمعهد الوطني للاتصالات بوهران هندسة كهربائية و ا

تعليمية تعليمية

معلومة Horizon club: المنتدى العلمي للمعهد الوطني للاتصالات بوهران
هندسة كهربائية و الكترونيك

يسرني ان اقدم لكم معلومة Horizon club: المنتدى العلمي للمعهد الوطني للاتصالات بوهران لكل اعضاء وزوار منتديات خنشلة التعليمية Educ40

تم حمد الله انشاء النادي و المنتدي العلمي للمعهد الوطني للاتصالات .
الرابط: www(point)hclub.forumparf ait(point)com
تمنوا لنا النجاح و شكرا لكم.

لاتنسونا من خالص الدعاء

اخوكم الجزائري

:: المصدر ::

تعليمية تعليمية




التصنيفات
القران الكريم

استماع و تحميل و تفسير القرءان احكام التجويد و التفاسر والاعجاز العلمي

التصنيفات
القران الكريم

تعريف الإعجاز العلمي للقرآن الكريم

تعليمية تعليمية

🙂تعليمية
:)تحية ط:)
* تعريف الإعجاز العلمي للقرآن الكريم *

(الإعجاز) لفظة مشتقة من إثبات (العَجْز) وهو الضعف وعدم القدرة؛ يقال: (عَجَزَ) عن كذا أي لم يقدر عليه، فهو (عاجز) عن الإتيان به؛ وجمعه (عواجز)؛ يقال: (عَجَزَ) (عَجْزاً) و(عُجُوزاً)، و(عَجَزَاناً) و(مَعْجَِزاً) بفتح الجيم وكسرها، و(مَعْجَِزَةً) أيضاً بفتح الجيم وكسرها؛ ولذا يقال رجل (عَجُِزٌ) بضم الجيم وكسرها أي (عاجز)؛ وامرأة (عاجزة) و(عاجز)؛ كما يقال: (عجزه) الشيء أو الأمر بمعنى فاته ولم يقدر عليه.

ويقال: (عَجَّزَهُ) و(أعجزه) و(استعجزه) أي صَيَّره (عاجزاً) نسبة إلى (العجز)، وتستعار لمعنى التثبيط بمعنى ثبطه.

كما يقال: (عاجزه) (مُعَاجَزَةً) أي سابقه مسابقة؛ و(تَعَجَّزَ) أي ادعى (العجز)؛ و(الأعجز) هو العظيم العجز؛ ومؤنثه (العجزاء)؛ و(المِعْجَاز) هو الدائم العجز؛ و(المعجوز) الذي (أُعْجِزَ). ويقال: (عَجَزَ) (عُجُوزاً) أي صار (عجوزاً)، و(العجوز) وجمعه (عُجُزٌ) و(عجائز) المرأة المسنة.

و(العَجِزُ) وجمعه (أعجاز) مؤخر الشيء أو الجسم (وتكتب بفتح العين وكسرها وضمها مع تسكين الجيم، أو بفتح العين وضم الجيم أو كسرها)؛ و(عَجُزُ) بيت الشعر هو الشطر الثاني منه؛ و(أعجاز) النخل هي أصولها.

ويقال: (أعجز) في الكلام أي أدى لمعانيه بأبلغ الأساليب. و(الإعجاز) بمعنى السبق والفوت مصدر من (أعجز). وعلى ذلك تعرف (المعجزة) وجمعها (المعجزات) بأنها الأمر الخارق للعادة، السالم من المعارضة، المقرون بالتحدي لعجز البشر عن الإتيان بمثله.

«و(إعجاز) القرآن الكريم» معناه (عجز) الخلق أجمعين إنسهم وجنهم، فرادى ومجتمعين عن أن يأتوا بشيء من مثله، ولذلك أنزل ربنا في محكم كتابه هذا التحدي الأزلي الذي يقول فيه: (وقل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرأن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم (الإسراء: 88) . لبعض ظهيرا)ً ويقول :
(وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله ان كنتم صادقين فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة اعدت للكفرين)
(البقرة: 23، 24).

ويقول ربنا : (أم يقولون افترته قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريت وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين) (هود: 13).

ويؤكد الله على كمال القرآن الكريم فيقول : "أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلفاً كثيراً "(النساء: 82)

ويقول : "إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين" (الواقعة: 77 80).

ويقول : "بل هو قرأن مجيد في لوح محفوظ" (البروج: 21، 22).

ويقول: "ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين" (البقرة: 2).

ويقول: "إنا أنزلنا إليك الكتب بالحق لتحكم بين الناس بما اريك الله ولا تكن للخائنين خصيما"
(النساء: 105).
وإعجاز القرآن الكريم معناه عجز الخلق قاطبة عن الإتيان بشيء من مثله، فهو كتاب معجز في بيانه ونظمه، معجز في فصاحته وبلاغة أسلوبه؛ معجز في كمال رسالته ومضمونه، وقد أنزل للناس كافة بدين الإسلام الذي علمه ربنا لأبينا آدم لحظة خلقه، وكرر إنزاله على فترة من أنبيائه ورسله، وأكمله وأتمه وحفظه في هذه الرسالة الخاتمة المنزلة على خاتم الأنبياء والمرسلين (صلى الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين).
وعلى ذلك فالقرآن الكريم معجز في مجموع العقائد التي يدعو الناس إلى الالتزام بها، وفي مجموع العبادات التي يدعو الناس إلى ممارستها، معجز في دستوره الأخلاقي الفريد، وفي كل تشريع من تشريعاته المبهرة بدقتها، وعدلها، وشموليتها وتفاصيلها…!!
والقرآن الكريم معجز كذلك في استعراضه التاريخي لعدد من الأمم السابقة، ولكيفية تعاملها مع رسل ربها، ولأسلوب مكافأتها أو عقابها؛ معجز في أسلوبه التربوي، وخطابه النفسي، وفي إنبائه بالغيب، وفي إشاراته العديدة إلى الكون ومكوناته وظواهره.
وهذا الجانب الأخير من جوانب الإعجاز في كتاب الله هو المقصود بتعبير «الإعجاز العلمي في القرآن الكريم»، ويقصد به سبق هذا الكتاب العزيز بالإشارة إلى عدد من حقائق الكون وظواهره، التي لم يتمكن العلم ****بي من الوصول إلى فهم شيء منها إلا بعد قرون متطاولة من تنزل القرآن الكريم تزيد عن العشرة قرون كاملة في أقل تقدير لها، ولا يمكن لعاقل أن يتصور لهذه الحقائق العلمية مصدراً غير الله الخالق ؛ وفي إثبات ذلك تأكيد أن القرآن الكريم هو كلام هذا الإله الخالق، وتصديق للنبي والرسول الخاتم في نبوته ورسالته وفي التبليغ عن ربه.
والإعجاز العلمي للقرآن الكريم أسلوب في الدعوة إلى دين الله بلغة مناسبة لعصر تفجر المعرفة العلمية وتطور الوسائل التقنية الذي نعيشه، وقد سبق القرآن الكريم بالإشارة إلى ذلك يقول الحق سبحانه وتعالى:
"فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شىء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذتهم بغتة فإذا هم مبلسون"(الأنعام: 44).

وقوله سبحانه وتعالى: "والذين سَعَوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز إليم 5 ويرى الذين أوتوا العلمَ الذي أنزل إليكَ من ربك هو الحقَّ ويهدي إلى صراط العزيز الحميد" سبأ

وقوله : "سنريهم آياتنا في الآفاق وفى أنفسهم حتى يتين لهم أنه الحق أوَ لم يكفِ بربك أنه على كل شيء شهيد" (فصلت: 53).

وقوله : "لكن الله يشهد بما أنزل أليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيداً"
(النساء: 166).

وقوله: " قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ 19" الأنعام

وقوله سبحانه وتعالى: (وكذّب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل. لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون).(الأنعام: 66، 67).

وقوله : " أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (13) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (14) " هود

وقوله سبحانه وتعالى: "قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض إنه كان غفوراً رحيماً" (الفرقان: 6).

وقوله : "وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعلمون"(النمل: 93).

وقوله سبحانه وتعالى: "إن هو إلا ذكر للعلمين ولتعلمن نبأه بعد حين" (ص~: 87، 88).

وقوله : "ومن آياته خلق السموات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير" (الشورى: 29).
* الضوابط اللازمة للتعامل مع قضية الإعجاز العلمي للقرآن الكريم :
من الاستعراض السابق يتضح لنا بجلاء أن إثبات الإعجاز العلمي للقرآن الكريم في عصر التقدم العلمي والتقني الذي نعيشه هو من مواقف التحدي للناس كافة مسلمين وغير مسلمين بأن كتاباً أنزل من قبل ألف وأربعمائة سنة على نبي أمي وفي أمة كانت غالبيتها الساحقة من الأميين وعلى الرغم من ذلك فإن هذا الكتاب يحوي من حقائق الكون وسننه ما لم يتوصل إليه الإنسان إلا بعد مجاهدات طويلة قام بها عشرات الآلاف من العلماء عبر تاريخ البشرية الطويل، وتركز في القرون القليلة المتأخرة بصفة خاصة.

والمتحدي لا بد وأن يكون واقفاً على أرضية صلبة، وعلى ذلك فلا يجوز توظيف شيء في هذا المجال غير الحقائق القطعية الثابتة حتى يبلغ التحدي مداه في مجال إثبات الإعجاز العلمي للقرآن الكريم.

وهذا الالتزام واجب حتمي في التعرض للآيات الكونية في كتاب الله باستثناء آيات الخلق بأبعادها الثلاث: خلق الكون، خلق الحياة، وخلق الإنسان.

وذلك بسبب أن عملية الخلق لا تخضع للإدراك المباشر من المخلوقين وفي ذلك يقول الحق سبحانه وتعالى:
"ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضداً"
(الكهف: 51).

ولكن القرآن الكريم الذي جاء بهذه الآية الكريمة يأمرنا ربنا فيه بضرورة التأمل في قضية الخلق وهي قضية غير مشاهدة من قبل الإنسان وذلك في عدد غير قليل من الآيات القرآنية الكريمة التي منها قوله سبحانه وتعالى:
" أوَ لم يروا كيف يُبدئُ اللهُ الخلقَ ثم يعيده إن ذلك على الله يسير . قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلقَ ثم اللهُ يُنشئُ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير" (العنكبوت: 19، 20).

وقوله : "إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب. الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار" (آل عمران: 190، 191).

والجمع بين هذه الآيات الكريمة (وأمثالها كثير في كتاب الله) يؤكد على أن خلق كل من السموات والأرض، وخلق الحياة، وخلق الإنسان قد تم في غيبة كاملة من الوعي الإنساني، ولكن الله من رحمته قد أبقى لنا في صخور الأرض وفي صفحة السماء من الشواهد الحسية ما يمكن أن يعين الإنسان بإمكاناته المحدودة على الوصول إلى تصور ما لعملية الخلق، إلا أن هذا التصور يبقى في مجال الفروض والنظريات، ولا يمكن أن يرقى إلى مقام الحقيقة أبداً، لأن الحقيقة العلمية لا بد وأن تكون واقعة تحت حس الإنسان وإدراكه على الرغم من محدودية ذلك ومن هنا فإن العلوم المكتسبة لا يمكن أن تتجاوز في قضية الخلق (بأبعادها الثلاث) مرحلة التنظير أبداً؛ ولذلك تتعدد النظريات في قضايا الخلق بتعدد خلفيات واضعيها: هل هم من المؤمنين الموحدين، أم من الكفار، أو المشركين، أو المتشككين؟ وهل هم من السعداء في حياتهم أم من التعساء والأشقياء والمهمومين؟ وهل هم من الأسوياء أم من المنحرفين؟… وفي هذا الخضم يبقى للمسلم نور من الله في آية قرآنية كريمة، أو حديث نبوي صحيح مرفوع إلى رسول الله يعينه على الانتصار لإحدى هذه النظريات، والارتقاء بها إلى مقام الحقيقة، لا لأن العلوم المكتسبة قد أثبتت ذلك، ولكن لمجرد وجود إشارة إلى تلك الحقيقة في كتاب الله الخالق أو في سنة رسوله ، ونحن في هذه الحالة نكون قد انتصرنا للعلم بالقرآن الكريم أو بسنة خاتم الأنبياء والمرسلين (صلى الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين)، ولم ننتصر بالعلم لأي منهما.

أما باقي الآيات الكريمة التي تعرض لها القرآن الكريم فلا يجوز أن يوظف في الاستشهاد على سبقها العلمي إلا بالحقائق القطعية الثابتة التي لا رجعة فيها وبالضوابط المنهجية التالية:

1 – حسن فهم النص القرآن الكريم وفق دلالات الألفاظ في اللغة العربية، ووفق قواعد تلك اللغة العربية، وأساليب التعبير فيها، وذلك لأن القرآن الكريم قد أنزل بلسان عربي مبين.

2 – فهم أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ (إن وجدا)، وفهم الفرق بين العام والخاص، والمطلق والمقيد، والمجمل والمفصل من آيات هذا الكتاب الحكيم.

3 – فهم المأثور من تفسير المصطفى ، والرجوع إلى أقوال المفسرين من الصحابة والتابعين، وتابعيهم إلى الزمن الحاضر.

4 – جمع القراءات الصحيحة المتعلقة بالآية القرآنية الكريمة إن وجدت.

5 – جمع النصوص القرآنية المتعلقة بالموضوع الواحد، ورد بعضها إلى بعض بمعنى فهم دلالة كل منها في ضوء الآخر، لأن القرآن الكريم يفسر بعضه بعضاً، كما يفسره الصحيح من أقوال رسول الله ، ولذلك كان من الواجب توظيف الصحيح من الأحاديث النبوية الشريفة المتعلقة بموضوع الآية المتعامل معها كلما توفر ذلك، وذلك لحسن فهم النص القرآني الكريم.

6 – مراعاة السياق القرآني للآية أو الآيات المتعلقة بإحدى القضايا الكونية، دون اجتزاء للنص القرآني عما قبله وعما بعده.

7 – مراعاة قاعدة أن العبرة هي بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

8 – عدم التكلف، أو محاولة لَيِّ أعناق الآيات من أجل موافقتها للحقيقة العلمية، وذلك لأن القرآن الكريم أعز علينا وأكرم عندنا من ذلك لأنه كلام الله الخالق، وعلم الخالق بخلقه هو الحق المطلق، الكامل، الشامل، المحيط بكل علم آخر، وهو لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

9 – عدم الخوض في القضايا الغيبية غيبة مطلقة: كالذات الإلهية والروح، والملائكة، والجن، وحياة البرزخ، وحساب القبر، وقيام الساعة، والبعث، والحساب، والميزان، والصراط، والجنة والنار وغيرها، والتسليم بالنصوص الواردة فيها تسليماً إيمانياً كاملاً انطلاقاً من الإيمان بكتاب الله وبسنة رسوله ، وبعجز الإنسان عن الوصول إلى مثل هذه الغيوب المطلقة.

10 – التأكيد على أن الآخرة لها من السنن والقوانين ما يغاير سنن الدنيا، وأنها لا تحتاج هذه السنن الدنيوية الرتيبة، فهي كما وصفها ربنا أمر فجائي منه ب «كن فيكون» أي بين الكاف والنون، وصدق الله العظيم إذ يقول:
"يسألونك عن الساعة أيان مرسلها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفيّ عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون" (الأعراف: 187).

وعلى الرغم من ذلك فإن الله من رحمته بنا قد أبقى لنا في صخور الأرض، وفي صفحة السماء أعداداً كثيرة من الشواهد الحسية التي تقطع بفناء الكون، وبحتمية الآخرة، وأن الإشارة إلى تلك الشواهد الكونية لا يمكن أن يفسر بمحاولة التعرف على موعد الآخرة لأنها غيب من الغيوب المطلقة التي لا يعلمها إلا الله، ولأنها لن تتم بالسنن الكونية المشاهدة في هذه الحياة.

11 – توظيف الحقائق العلمية القاطعة (التي لا رجعة فيها) في الاستشهاد على الإعجاز العلمي للآية أو الآيات القرآنية في الموضوع الواحد أو في عدد من الموضوعات المتكاملة، وذلك في جميع الآيات الكونية الواردة في كتاب الله، فيما عدا قضايا الخلق، والإفناء، والبعث، التي يمكن فيها توظيف الآية القرآنية الكريمة للارتقاء بإحدى النظريات المطروحة إلى مقام الحقيقة.

12 – مراعاة التخصص الدقيق في مراحل إثبات وجه الإعجاز العلمي في الآية القرآنية الكريمة، لأن هذا مجال تخصصي على أعلى مستويات التخصص لا يجوز أن يخوض فيه كل خائض، كما لا يمكن لفرد واحد أن يغطي كل جوانب الإعجاز العلمي في أكثر من ألف آية قرآنية صريحة، بالإضافة إلى آيات أخرى عديدة تقترب دلالتها من الصراحة، وتتخطى هذه الآيات مساحة هائلة من العلوم ****بية من علم الأجنة إلى علم الفلك، وما بينهما من مختلف مجالات العلوم والمعارف الإنسانية.

13 – يجب التفريق بين دور كل من الناقل والمحقق في قضيتي الإعجاز العلمي والتفسير العلمي للقرآن الكريم، حيث أنه من أبسط ضوابط الأمانة ما يوجب على الناقل الإشارة إلى من نقل عنه حتى يأخذ كل ذي حق حقه، حتى يكون النقل مدعماً بالسند المقبول. وتجاهل هذا الخلق الإسلامي، وهذه القاعدة الأصولية فيه من الإجحاف بحقوق الآخرين ما لا يتناسب مع موقف المدافع عن القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، فضلاً عن إضعافه للقضية ككل.

14 -الأخذ في الاعتبار إمكانية الانطلاق من الآية القرآنية الكريمة للوصول إلى حقيقة كونية لم يتوصل العلم ****بي إلى شيء منها بعد، انطلاقاً من الإيمان الكامل بأن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق، في صفائه الرباني، وإشراقاته النورانية، وأنه كله حق مطلق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

15 – عدم التقليل من جهود العلماء السابقين في محاولاتهم المخلصة لفهم دلالة تلك الآيات الكونية في حدود المعلومات المتاحة في زمانهم، وذلك لأن الآية الكونية الواردة في كتاب الله تتسع دلالتها مع اتساع دائرة المعرفة الإنسانية في تكامل لا يعرف التضاد، حتى يظل القرآن الكريم مهيمناً على المعارف الإنسانية مهما اتسعت دوائرها. وهذا من أعظم جوانب الإعجاز في كتاب الله.

16- التفريق بين قضيتي الإعجاز العلمي والتفسير العلمي للقرآن الكريم، فالإعجاز العلمي يقصد به هنا «إثبات سبق القرآن الكريم بالإشارة إلى حقيقة من حقائق الكون أو تفسير ظاهرة من ظواهره قبل وصول العلم المكتسب إليها بعدد متطاول من القرون» ، أما التفسير فهو «محاولة بشرية لحسن فهم دلالة الآية القرآنية إن أصاب فيها المفسر فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد» ، والمعول عليه في ذلك هو نيته؛ وهنا يجب التأكيد على أن الخطأ في التفسير ينسحب على المفسر، ولا يمس جلال القرآن الكريم.

17 يجب تحري الدقة المتناهية في التعامل مع كتاب الله، وإخلاص النية في ذلك، والتجرد له من كل غاية، وتذكر قول المصطفى : «من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار"
وهنا قد يتبادر إلى الذهن سؤال هام مؤداه: ما هي مبررات الاهتمام بقضية الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ؟
وللإجابة على ذلك نوجز ما يلي:

أولا / أن القرآن الكريم أنزل إلينا لنفهمه، والآيات الكونية فيه لا يمكن فهمُها فهما صحيحا في إطار
اللغة وحده، وذلك لشمول الدلالة القرآنية، ولكلية المعرفة التي لا تتجزأ.

ثانيا / أن الدعوة بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم وفي السنة النبوية المطهرة هو الوسيلة المناسبة لأهل عصرنا عصر العلم والتقنية الذي فتن الناس فيه بالعلم ومعطياته فتنة كبيرة، ونبذوا الدين وراء ظهورهم ونسوه، وأنكروا الخلق والخالق، كما أنكروا البعث والحساب والجنة والنار وغير ذلك من الغيوب، لأن هذه الأصول قد شوهت في معتقداتهم تشويها كبيرا، ولم تعد مقنعة لهم؛ وعلى ذلك فلم يبق أمام أهل عصرنا من وسيلة مقنعة بالدين قدر الإعجاز العلمي في كتاب الله وفي سنة خاتم أنبيائه ورسله صلى الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين.

ثالثا / الأصل في الحضارات أنها تتكامل فيما بينها ولا تتصارع، ولكن في زمن العولمة الذي نعيشه تحاول الحضارة المادية الغالبة بما فيها من كفر بواح أو شرك صراح أن تمد بقيمها الهابطة وأخلاقياتها الساقطة وماديتها الجارفة على غيرها من الحضارات، وتوظف في ذلك كل ما توفر لها من وسائل الغلبة المادية وأسبابها.

وقد أسقط الأعداء من أيدي المسلمين في هذه الأيام كل الوسائل المادية في سلسلة من المؤامرات الطويلة التي بدأت باحتلال غالبية الدول المسلمة والعمل على تغريبها، ثم السعي الدؤوب من أجل إسقاط دولة الخلافة الإسلامية بعد إنهاكها وإضعافها حتى تم إسقاطها، ثم العمل على تمزيق الأمة إلى أكثر من خمسة وخمسين دولة ودويلة، ونهب كل خيراتها وثرواتها، وتنصيب أنماط من الحكم المتعارضة عليها للحيلولة دون إمكانية توحدها في زمن التكتلات البشرية الكبيرة الذي نعيشه، ثم غرس كيان صهيوني غريب في قلب الأمة لإفسادها، وإثارة الحروب والفتن والقلاقل بين أبنائها، ولترسيخ العداوات بين الأشقاء للحيلولة دون توحدهم، وإشاعة الأفكار الهدامة والسلوكيات المنحطة والأخلاقيات المنهارة لترسيخ تفتت الأمة والعمل على المزيد من تغريبها لتيسير الهيمنة عليها، ولم يبق بأيدي أمة الإسلام في زمن الغربة الذي نعيشه إلا دينها، هذا الدين الخاتم الذي لا يرتضي ربنا سبحانه وتعالى من عباده دينا سواه، وهو وسيلة الدفاع الوحيدة التي بقيت بين أيدي مسلمي اليوم، وأوضح وسائله لإقامة الحجة على العباد في زمن العلم الذي نعيشه هو الإعجاز العلمي في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

رابعا / أن كلا من الإسلام والمسلمين يتعرض اليوم لهجوم شرس في كافة وسائل الإعلام بغير حق، وهم في هجومهم هذا ينكرون سماوية الإسلام، وربانية القرآن ، ونبوة خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم في وقاحة وبجاحة سافرة، وأهم الوسائل وأنجعها للرد على هذا الهجوم هو إثبات الإعجاز العلمي لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بالكلمة الطيبة والحجة الواضحة البالغة والمنطق السوي.

خامسا / أن العالم اليوم يتحرك في اتجاه كارثة كبرى، وقودها تطور علمي وتقني مذهل، يطغي أصحابه ويغريهم بإفناء وإبادة غيرهم، في غيبة الوعي الديني الصحيح، والالتزام الأخلاقي والسلوكي الذي يرعى حقوق الأخوة الإنسانية حق رعايتها، والمخرج من ذلك هو الدعوة للدين الحق، ومن أوضح وسائل الدعوة إليه هو ما في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من إعجاز علمي واضح وضوح الشمس في رابعة النهار.

سادسا /أننا معشر المسلمين قصرنا كثيرا في التبليغ عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد كلفنا بذلك، ونحن نجني ثمار ذلك التقصير كله اليوم: حروبا طاحنة على كل أرض إسلامية من فلسطين إلى البلقان، ومنها إلى أرض الشيشان، وكشمير، وأفغانستان، وأراكان، وجنوب الفلبين والسودان والصومال وغيرها؛ وحصارا لأكثر من دولة مسلمة، ومصادرة لبلايين الدولارات من أموال المسلمين، واحتلالا عسكريا لكل من أرض فلسطين ودول الخليج العربي، والعراق، وأفغانستان وسبتة ومليلة وجزيرة ليلى من الأراضي المغربية، والعديد من الجزر الآسيوية، وجزر بحر إيجة التركية، وتضييقا على الملايين من الأقليات الإسلامية، ومطاردة المسلمين في كل مكان من أماكن العالم وإحكام التآمر عليهم.

سابعا/ أن في إثارة قضية الإعجاز العلمي في القرآن الكريم وفي سنة خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم استنهاضا لعقول المسلمين واستثارة للتفكير الإبداعي فيها، وتشجيعا على استعادة الاهتمام بقضية العلوم والتقنية التي تخلفت فيها الأمة مؤخرا تخلفا كبيرا في الوقت الذي تقدمت فيه دول الكفر والشرك والضلال تقدما مذهلا، حتى أصبح كم المعارف المتاحة يتضاعف كل خمس سنوات تقريبا،وتقنياتها تتجدد مرة كل ثلاث سنوات تقريبا، وبذلك أخذت الهوة الفاصلة بيننا وبينهم في مجال العلوم والتقنية تزداد اتساعا وعمقا يوما بعد يوم، وأصبحت مخاطر ذلك علينا تتضاعف مع تزايد تلك الهوة عمقا واتساعا.
:(:(:):منقول::):(:(
تعليمية تعليمية




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .