التصنيفات
الفقه واصوله

حكم من وجد مبيعه المسروق عند من اشتراه من السارق

تعليمية تعليمية

حكم من وجد مبيعه المسروق عند من اشتراه من السارق

للشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله

حكم من وجد مبيعه المسروق عند من اشتراه من السارق


السؤال: ما حكم من وجد مبيعه المسروق عند من اشتراه من السارق هل يجوز له أخذه منه، أم يجب عليه إتباع السارق ؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا.

الجواب: الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، أمّا بعد:

ففي تقديري أنّه يجب التفريق في هذه المسألة بين حالة الاتهام وغيره. ففي حالة العلم بأنّ المال مسروقٌ واشتراه من السارق أو الغاصب فإنّ صاحبه إن وجد ماله عنده فهو أحق بعين ماله، وعلى المشتري ملاحقة المعتدي عند القاضي بناء على سوء نية المشتري واتهامه بالتّورط في عقد منهي عنه شرعا وذلك عملا بحديث سمرة " من وجد عين ماله عند رجل فهو أحق به، ويتبع البيّع من باعه"(١) ويؤيده ما كتب الخليفة معاوية إلى مروان قوله: "أيّما رجل سرق من سرقة فهو أحق بها حيث وجدها".
أمّا في حالة عدم العلم بأنّ المال مسروق واشتراه من السارق حملا له على الصلاح فلصاحب المال التخيير بين أمرين وهما:
1. أن يأخذ ماله بثمن.
2. متابعة السارق وملاحقته قضائيا.
وتقرر التخيير خلافا للحالة الأولى بناء على حسن نية المشتري وعدم اتهامه ويدل على هذا التخيير بهذا المعنى حديث أسيد بن حضير أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إذا كان الذي ابتاعها من الذي سرقها غير متهم يُخيَّر سيِّدها، فإن شاء أخذَ الذي سُرق منه بثمنها، وإن شاء اتّبع سارقه"(٢) ويشهد له قضاء الخلفاء الراشدين، وحديث سمرة، وإن أعلّه الشيخ محمد ناصر الدين الألباني كما بينه في التعليق على المشكاة ومنع صلاحيته لمعارضة حديث أسيد على ما ذكره في سلسلة الأحاديث الصحيحة (2/167) إلاّ أنّ في تقديري انتفاء التعارض بين الحديثين إذا حمل الحديث الأول على حالة الاتهام وسوء النيّة وحمل الثاني على حالة عدم الاتّهام وحسن النيّة وينتفي التعارض أيضا بين قضاء الخلفاء الراشدين وأسيد بن حضير وبين قضاء معاوية بن أبي سفيان -الذي صححه الشيخ الألباني نفسه- إذا ما تم الحمل على الحالتين السابقتين هذا ما ظهر لي في هذه المسألة.
والله أعلم؛ وفق كلّ ذي علم عليم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلّى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين.

الجزائر في 16 صفر 1417هـ

الموافق لـ: 2 جويلية 1996م


المصدر

١ أخرجه أبو داود كتاب البيوع أبواب الإجارة باب في الرجل يجد عين ماله عند رجل(3533)، والنسائي كتاب البيوع باب في الرجل يبيع السلعة فيستحقها مستحق(4698)، من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه. وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة(2061).

٢ أخرجه أحمد(5/266) رقم(17525)، والنسائي كتاب البيوع باب في الرجل يبيع السلعة فيستحقها مستحق(4697)، والحاكم كتاب البيوع.وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم (609).

منقول

تعليمية تعليمية