أصل الذنوب
~*~*~*~*~*~*~*~
قال ابن القيم رحمه الله: (( ولما كانت الذنوب متفاوتة في درجاتها ومفاسدها تفاوتت عقوباتها في الدنيا والآخرة بحسب تفاوتها؛ ونحن نذكر فيها بعون الله وحسن توفيقه فصلا وجيزا جامعا؛ فنقول: أصلها نوعان:
ترك مأمور.
فعل محظور.
وهما الذنبان اللذان ابتلى الله سبحانه بهما أبوي الجن والإنس. وكلاهما ينقسم باعتبار محله إلى ظاهر على الجوارح؛ وباطن في القلوب. وباعتبار متعلَّقِه إلى حق الله؛ وحق خلقه. وإن كان كل حق لخلقه فهو متضمن لحقه؛ لكن سمي حقا للخلق ؛ لأنه يجب بمطالبتهم ويسقط بإسقاطهم. ثم هذه الذنوب تنقسم إلى أربعة أقسام:
ملكية وشيطانية وسبعية وبهيمية ولا تخرج عن ذلك.
الذنوب الملكية:
~*~*~*~*~*~*~*~
فالذنوب الملكية أن يتعاطى ما لا يصح له من صفات الربوبية كالعظمة والكبرياء والجبروت والقهر والعلو واستعباد الخلق ونحو ذلك. ويدخل في هذا الشرك بالله تعالى؛ وهو نوعان:
شرك به في أسمائه وصفاته وجعل آلهة أخرى معه.
وشرك به في معاملته.
وهذا الثاني قد لا يوجب دخول النار وإن أحبط العمل الذي أشرك فيه مع الله غيره.
وهذا القسم أعظم أنواع الذنوب وبدخل فيه القول على الله بلا علم في خلقه وأمره فمن كان من أهل هذه الذنوب فقد نازع الله في ربوبيته وملكه وجعل له نِدّاً؛ وهذا أعظم الذنوب عند الله ولا ينفع معه عمل.
الذنوب الشيطانية:
~*~*~*~*~*~*~*~
وأما الشيطانية؛ فالتشبه بالشيطان في الحسد والبغي والغش والغل والخداع والمكر والأمر بمعاصي الله وتحسينها والنهي عن طاعته وتهجينها والابتداع في دينه والدعوة إلى البدع والضلال.
وهذا النوع يلي النوعَ الأولَ في المفسدة وإن كانت مفسدته دونه.
الذنوب السبُعية:
~*~*~*~*~*~*~*~
وأما السبعية فذنوب العدوان والغضب وسفك الدماء التوثب على الضعفاء والعاجزين ويتولد منها أنواع أذى النوع الإنساني والجرأة على الظلم والعدوان.
الذنوب البهيمية:
~*~*~*~*~*~*~*~
وأما الذنوب البهيمية فمثل الشره والخص على قضاء شهوة البطن والفرج ومنها يتولد الزنا والسرقة وأكل أموال اليتامى والبخل والشح والجبن والهلع والجزع وغير ذلك.
وهذا القسم أكثر ذنوب الخلق لعجزهم عن الذنوب السبعية والملكية. ومنه يدخلون إلى سائر الأقسام فهو يجرهم إليها بالزمام فيدخلون منه إلى الذنوب السبعية ثم إلى الشيطانية ثم إلى منازعة الربوبية والشرك في الوحدانية.
ومن تأمل هذا حق التأمل تبين له أن الذنوب دهليز الشرك والكفر ومنازعة الله ربوبيته. )) .
انتهى كلامه رحمه الله.
من كتاب الداء والدواء صفحة 154/155
نفعَ اللهُ بكـِ ،،