التصنيفات
العقيدة الاسلامية

هل العذاب في القبر على الجسد أم على الروح ؟

للشيخ الفوزان حفظه الله

نص السؤال:- أحسن الله إليكم صاحب الفضيلة وهذا سائل يقول : هل العذاب في القبر على الجسد أم على الروح ؟

http://www.alfawzan.ws/AlFawzan/Fata…aspx?PageID=80

عندما يدفن الميت، هل ترجع روحه إليه في القبر، وإذا كان الأمر كذلك فإلى متى يبقى الميت في العذاب، أم تصعد روحه إلى السماء العليا؟ وهل تبقى أم يستمر العذاب حتى يوم الحساب؟ أفيدونا؛ لأن الذين ماتوا منذ زمان بعيد منذ قرون مضت هل يبقون في العذاب، أم ينتظر حتى يوم الحساب؟ نريد أن توضحوا لنا هذا الأمر،

القبر إما روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار، كما جاءت به الأحاديث عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، فالمؤمن ينعم في القبر، المؤمن في نعيم في قبره وروحه في نعيم في الجنة تنقل إلى الجنة أرواح المؤمنين تكون في الجنة في طائر يرد الجنة، ويأكل من ثمارها تكوه هذه الروح بشكل طائر يكون في الجنة وتأكل من ثمارها ويردها الله إلى جسده متى شاء سبحانه وتعالى عند السؤال وفي الأوقات التي يشاؤها الله جل وعلا، فهو في نعيم أبداً، روحه في نعيم، وجسده ما دام باقياً في نعيم، يناله نصيبه من النعيم كما يشاء الله سبحانه، والكافر في عذاب روحه في عذاب، وينال من جسده نصيبه من العذاب، أما المدة وكيف يعذب هذا إلى الله سبحانه ولا نعلمها نحن، المدة الله أعلم بها، لكن نعلم أن المؤمن في نعيم، وروحه في نعيم، والكافر في عذاب، أما تفصيل ذلك فيما يتعلق في العذاب، فما يبلغنا فيه ما يدل على التفصيل إلا أنه في عذاب روحه في عذاب، وجسده يناله نصيبه من العذاب، نسأل الله العافية. أما العاصي فهو تحت المشيئة قد يعاقب في قبره، قد يعذب وقد يعفى عنه، قد يعذب وقتاً دون وقت، فأمره إلى الله جل وعلا، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، أنه مر على قبرين فإذا هما يعذبان، أحدهما: يعذب بالنميمة، والثاني: يعذب في عدم تنـزهه من البول، فالعاصي على خطر إذا مات على المعاصي ولم يتب، فهو متوعد بالعذاب لكن قد يعفى عنه لأسباب من أعمال صالحة كثيرة، أو بأسباب أخرى، وإذا عذب فالله أعلم سبحانه بكيفية العذاب واستمراره وانقطاعه هذا إلى الله سبحانه وتعالى، هو الذي يعلم كل شيء جل وعلا.

المصدر




بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
موضوع مميز ، نحن في انتظار المزيد
دمت لنا وللمنتدى دوما في الطليعة




تعليمية

تعليمية

رزقني الله واياكم العلم النافع




تعليمية




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

ماحكم وضع الجريد علي القبر بدعوي أنه يخفف عن الميت؟-يجيب الشيخ إبراهيم الرحيلي حفظه ا

تعليمية تعليمية
ماحكم وضع الجريد علي القبر بدعوي أنه يخفف عن الميت؟-يجيب الشيخ إبراهيم الرحيلي حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تم توجيه هذا السؤال للشيخ إبراهيم الرحيلي حفظه الله في اللقاءات العلمية للشيخ

مع منتديات المحجة السلفيةوكان السؤال:

س/ أحسن الله إليكم وهذا سأل يسأل ويقول : ماحكم وضع الجريد علي القبر

بدعوي أنه تخفف عن الميت؟

الجواب

في المرفقات بارك الله فيكم

الملفات المرفقة تعليمية وضع الجريد علي القبر-الرحيلي.mp3‏ (900.5 كيلوبايت)

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




جزاكِ الله خيرًا أخية على المادة الطيبة..




بارك الله فيك على المادة وجعلها في ميزان حسناتك
وكذلك سئل الشيخ ابن باز رحمه الله نفس السؤال فاجاب

لا يشرع ذلك بل هو بدعة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما وضع الجريدة على قبرين أطلعه الله سبحانه على عذاب أصحابهما ولم يضعها على بقية القبور، فعُلم بذلك عدم جواز وضعها على القبور، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" (أخرجه مسلم في صحيحه)، وقوله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" (متفق على صحته).

وهكذا لا تجوز الكتابة على القبور ولا وضع الزهور عليها للحديثين المذكورين، ولأنه صلى الله عليه وسلم: نهى عن تجصيص القبور والبناء عليها والقعود عليها والكتابة عليها.

مجموع فتاوى ورسائل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز – المجلد الثالث عشر.




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

عذاب القبر

جاء في كتاب الشرح الممتع لزاد المستقنع للشيخ العثيمين رحمه الله في شرح التعوذ من عذاب القبر :

فهل الدَّاعي إذا استعاذ بالله مِن عذابِ القبر؛ يريد مِن عذاب مدفن الموتى، أم مِن عذاب البرزخ الذي بين موته وبين قيام السَّاعة؟

الجواب: يُريد الثاني؛ لأن الإنسان في الحقيقة لا يدري هل يموت ويُدفن، أو يموت وتأكله السِّباع، أو يَحترق ويكون رماداً، قال الله تعالى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان: 34] فاستحضر أنك إذا قلت: «من عذاب القبر» أي: مِن العذاب الذي يكون للإنسان بعد موتِه إلى قيام السَّاعة.

والبحث في عذاب القبر مِن عِدَّة أوجه:

الوجه الأول: بماذا ثبت عذاب القبر؟

الجواب: ثبت بصريح السُّنَّة، وظاهر القرآن، وإجماع المسلمين.

أمَّا صريحُ السُّنَّة: فحديث البَراء بن عَازبٍ وأمثاله، قال النبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: «استعيذوا بالله مِن عذابِ القبر، استعيذوا بالله مِن عذاب القبر، استعيذوا بالله مِن عذاب القبر».
وأمَّا إجماع المسلمين: فلأن جميع المسلمين يقولون في صلاتهم: «أعوذُ بالله من عذاب جهنَّم، ومِن عذاب القبر»، حتى العامَّة الذين ليسوا من أهل الإجماع، ولا من العلماء.
وأما ظاهر القرآن: فمثل قوله تعالى في آل فرعون: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ *} [غافر] قال: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} ثم قال: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} ولا شَكَّ أن عَرْضهم على النَّارِ مِن أجل أن يصيبهم مِن عذابها، وقال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلاَئِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمْ} [الأنعام: 93] فهم يَشِحُّون بأنفسهم لا يريدون أن تخرج {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} [الأنعام: 93] .

فقال: {الْيَوْمَ} «أل» هنا للعهد الحضوري، يعني: اليوم الحاضر الذي هو يوم وفاتهم {تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} [الأنعام: 93]
وهذا الظَّاهر من القرآن يكاد يكون كالصَّريح؛ لأن الآيتين اللتين ذكرناهما كالصَّريح في ذلك.

الوجه الثاني: هل هو على البدن، أو على الرُّوح، أو عليهما؟

الجواب: الأصلُ أنَّه على الرُّوح؛ لأن الحُكْمَ بعد الموت للرُّوح، والبدن جُثَّة هامدة، ولهذا لا يحتاج البدن إلى إمداد لبقائه، فلا يأكل ولا يشرب، بل تأكله الهوام، لكن قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن الرُّوح قد تتَّصلُ بالبَدَنِ فيتعذَّب. واعتمدوا في ذلك على أنَّ هذا قد رُئِيَ حِسًّا في القبر، فقد فُتِحَتْ بعضُ القبور ورُئِيَ أثرُ العذاب على الجسم، وفُتِحت بعضُ القبور ورُئِيَ أثر النَّعيم على الجسم، وقد حدثني بعضُ النَّاسِ أنَّهم في هذا البلد هنا في «عُنَيزة» كانوا يَحْفِرُون لسور البلد الخارجي، فمرُّوا على قَبْرٍ فانفتح اللَّحْدُ فوجدوا فيه ميتاً قد أكلت كَفَنَه الأرضُ، وبقي جسمُه يابساً؛ لكن لم تأكل منه شيئاً، حتى إنهم قالوا: إنهم رأوا لحيته وفيها الحناء، وفاح عليهم رائحة كأطيب ما يكون من المسك، فتوقَّفوا وذهبوا إلى الشيخ، وكان في ذلك الوقت «عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين» وسألوه فقال: دعوه على ما هو عليه وجنِّبوا عنه، فاحفِروا عن يمين أو يسار.
فبناءً على ذلك قال العلماء: إن الرُّوح قد تتَّصل بالبدن فيكون العذابُ على هذا وهذا، وربما يُستأنس لذلك بحديث البَراءِ بن عازبٍ المتقدِّم الذي قال فيه رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن القبرَ ليضيق على الكافر؛ حتى تختلف فيه أضلاعُه»، فهو يدلُّ على أن العذابَ يكون على الجسم؛ لأن الأضلاع في الجسم.

الوجه الثالث: إذا لم يُدفن الميِّت وأكلته السِّباعُ، أو ذرَّته الرِّياحُ، أو سقط في اليَمِّ فأكلته الحيتان. هل يكون عليه عذاب؟

الجواب: نعم، ويكون العذاب على الرُّوح؛ لأن الجسدَ قد زال وتَلِفَ وفَنِيَ، وإنْ كان هذا أمراً غيبيًّا لا أستطيع أن أجزم بأن البدن لا يناله مِن هذا العذاب شيء؛ ولو كان قد فَنِيَ واحترق؛ لأن الأمر الأُخروي لا يستطيع الإنسان أن يقيسه على المشاهد في الدُّنيا.

الوجه الرابع: هل عذابُ القبر دائم، أو منقطع؟.

الجواب: أما إنْ كان الإنسان كافراً ـ والعياذ بالله ـ فإنه لا طريق إلى وصول النَّعيم إليه أبداً، ويكون عذابُه مستمرًّا، وأما إنْ كان عاصياً وهو مؤمن فإنه إذا عُذِّبَ في قَبْرِه يُعذَّب بقَدْرِ ذنوبه، وربَّما يكون عذابُ ذنوبه أقل مِن البرزخ الذي بين موته وقيام الساعة، وحينئذٍ يكون منقطعاً.

الوجه الخامس: هل يُخفَّفُ عذابُ القبر بالنسبة للمؤمن العاصي؟

الجواب: نعم، قد يُخفَّف؛ لأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم مرَّ بقبرين فقال: «إنَّهما ليُعذَّبان، وما يُعذَّبان في كبير، بلى إنه كبير، أمَّا أحدهما فكان لا يستبرئ أو قال: لا يستنزه من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة»، ثم أخذ جريدةً رطبةً فشقَّها نصفين، فغرز في كُلِّ قبر واحدة، وقال: «لعله يخفَّف عنهما ما لم ييبسا»، وهذا دليل على أنه قد يُخفَّف العذابُ، ولكن ما مناسبة هاتين الجريدتين لتخفيف العذاب عن هذين المعذَّبين؟
الجواب: قيل: لأنَّهما تسبِّحان ما لم تيبسا، والتسبيح يخفِّف مِن العذاب على الميِّت، وفرَّعوا على هذه العِلَّة المستنبطة التي قد تكون مستبعدة؛ أنه يُسنُّ للإنسان أن يذهب إلى القبور ويسبِّح عندها مِن أجل أن يخفِّف عنها العذاب.

وقال بعضُ العلماء: هذا التَّعليل ضعيف؛ لأن الجريدتين تسبِّحان، سواء كانتا رطبتين أم يابستين لقول الله تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: 44] .

وسُمِعَ تسبيحُ الحَصى بين يدي الرَّسولِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ مع أن الحَصى يابس ولا ينمو.

والعِلَّة القريبة: أنَّ الرَّسولَ صلّى الله عليه وسلّم رجا مِن الله عزّ وجل أن يخفِّف عنهما مِن العذاب ما دامت هاتان الجريدتان رطبتين، يعني: أن المدَّة ليست طويلة.

وذلك مِن أجل التَّحذير عن فِعْلِهما؛ لأن فِعْلَهما كبير كما جاء في الرواية: «بلى؛ إنه كبير» أحدهما لا يستبرئ من البول، وإذا كان لا يستبرئ مِن البول صَلَّى بغير طهارة، والثاني يمشي بالنميمة؛ يُفسد بين عباد الله ـ والعياذ بالله ـ ويُلقي بينهم العداوة والبغضاء، فالأمر كبير، وهذا هو الأقرب أنها شفاعة مؤقَّتة تحذيراً للأمة، لا بُخلاً مِن الرسول صلّى الله عليه وسلّم بالشفاعة الدائمة.

ونقول استطراداً: إن بعض العلماء ـ عفا الله عنهم ـ قالوا: يُسَنُّ أن يضع الإنسان جريدة رطبة أو شجرة أو نحوها على القبر ليخفِّف عنه، لكن هذا الاستنباط بعيد جدًّا؛ ولا يجوز أن نصنع ذلك لما يلي:

أولاً: أنه لم يُكشف لنا أن هذا الرَّجل يُعذَّب، بخلاف النبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، فقد كُشِفَ له عن القبرين.

ثانياً: أننا إذا فعلنا ذلك فقد أسأنا إلى الميِّت؛ لأننا ظننَّا به ظَنَّ سوءٍ أنه يُعذَّب، وما يدرينا فلعله يُنَعَّم، لعل هذا الميت ممن مَنَّ الله عليه بالمغفرة قبل موته؛ لوجود سبب مِن أسباب المغفرة الكثيرة، فمات وقد عفا رَبُّ العباد عنه، وحينئذٍ لا يستحقُّ عذاباً.

ثالثاً: أنَّهُ مخالفٌ لهدي النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم فإنه لم يكن يفعل ذلك في كلِّ قَبْرٍ.

رابعاً: أنَّه مخالفٌ لما كان عليه السَّلف الصَّالح الذين هم أعلمُ النَّاس بشريعة الله، فما فَعَلَ هذا أحدٌ من الصَّحابة رضي الله عنهم.

خامساً: أنَّ الله تعالى قد فَتَحَ لنا ما هو خير منه، فكان النبيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام إذا فَرَغَ مِن دفن الميِّت وَقَفَ عليه وقال: «استغفروا لأخيكم، واسألوا له التثبيتَ، فإنه الآن يُسأل».

الوجه السادس: هل عذاب القبر من أمور الغيب، أم من أمور الشَّهادة؟

الجواب: مِن أمور الغيب، وكم من إنسان في هذه المقابر يُعذَّب، ونحن لا نشعرُ به، وكم جار له مُنعَّم مفتوح له باب إلى الجنة ونحن لا نشعر به، فما في القبور لا يعلمه إلا علاَّم الغيوب، فشأن عذاب القبر من أمور الغيب، ولولا أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخبرنا به ما علمنا؛ ولهذا لمَّا دَخَلَ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم على عائشة، وعندها امرأة من اليهود وهي تقول: هل شعرتِ أنكم تفتنون في القبور؟ قالت عائشة: فارتاعَ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم وقال: «إنَّما تُفْتَنُ يَهُودُ» قالت عائشة: فلبثنا ليالي، ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «هل شعرتِ أنه أُوحي إلي أنكم تُفتنون في القبور» قالت عائشة: فسمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بَعْدُ يستعيذُ مِن عذاب القبر.

ولكن قد يُطلع الله تعالى عليه مَنْ شاء مِن عباده، مثل ما أطلع نبيه صلّى الله عليه وسلّم على الرَّجُلين اللذين يعذَّبان، أحدُهما يمشي بالنميمة، والآخر لا يستنزه من البول. والحكمة من جَعْلِهِ من أمور الغيب ما يلي:

أولاً: أنَّ الله سبحانه وتعالى أرحم الراحمين؛ فلو كُنَّا نَطَّلِعُ على عذاب القبور لَمِتنا؛ لأن الإنسان إذا اطَّلع على أنَّ أباه، أو أخاه، أو ابنه، أو زوجه، أو قريبه يُعذَّب في القبر ولا يستطيع فِكَاكَه، فإنه يَقْلق ولا يستريح، وهذه مِن نعمة الله سبحانه.

ثانياً: أنه أستر للميِّت، فهذا الميِّت قد سَتَرَ الله عليه، ولم نعلم عن ذنوبه التي بينه وبين رَبِّه عزّ وجل، فإذا مات وأطلعنا الله على عذابِهِ صار في ذلك فضيحة عظيمة له، ففي سَتْرِه رَحْمةٌ مِن الله بالميِّت.

ثالثاً: أنه قد يَصعُب على الإنسان دَفْنُ الميِّت؛ كما صَحَّ عن النبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: «لولا ألاَّ تدافنوا؛ لسألتُ اللَّهَ أن يسمِعَكم مِن عذاب القبر الذي أسمعُ منه».

رابعاً: أنَّ في ذلك إزعاجاً لأهله وذويه، وربما عُيِّرُوا بذلك وأُهينُوا.

خامساً: لو كان العذاب ظاهراً لم يكن للإيمان به مزيَّة، لأنه يكون مشاهداً، وهو من أمور الغيب التي يُثنى على مَنْ آمن بها، ثم إنَّه قد يحمِلُ النَّاسَ على أن يؤمنوا كلهم؛ لقوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [غافر: 84] فلو رأى النَّاسُ هؤلاء المدفونين وسمعوهم يتصارخون لآمنوا وما كفر أحد، لأنه أيقن بالعذاب عين اليقين، فكأنه نزل به فلم يكن للإيمان به فائدة. وحِكَمُ الله سبحانه وتعالى عظيمة والإنسان المؤمن حقيقة هو الذي يجزمُ بخبر الله أكثر مما يجزمُ بما شاهده بعينه، لأن خَبَرَ الله عزّ وجل لا يتطرَّقُ إليه احتمال الوهم ولا الكذب، وما تراه بعينك يمكن أن تتوهمه.
فكم مِن إنسان شَهِدَ أنَّه رأى الهلالَ؛ وإذا هي نجمة. وكم مِن إنسان شَهِدَ أنه رأى الهلال؛ وإذا هي شعرة بيضاء على حاجبه، وهذا وَهْمٌ، وكم مِن إنسان يرى شَبَحاً ويقول: هذا إنسان مقبل؛ وإذا هو جذع نخلة. وكم من إنسان يرى السَّاكن متحرِّكاً والمتحرِّك ساكناً. لكن خبر الله لا يتطرَّق إليه الاحتمال أبداً.
ولهذا نسألُ الله لنا ولكم الثبات. فالمؤمن يُوقن بخبر الله أشدَّ مما يراه في عينه مِن قَبوله والإيمان به.

أعاذني الله وإياكم من عذاب القبر ومن أهوال يوم القيامة




جزاكم الله خيرا




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم عبيد الله تعليمية
جزاكم الله خيرا
اللهم أمين وإياكم




بارك الله فيكم
ربنا عافنا من عذاب القبر




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة om_hammam تعليمية
بارك الله فيكم
ربنا عافنا من عذاب القبر

وفيكم بارك الله

اللهم آمين




تعليمية




وفيك بارك الله أخي أيوب




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

عذاب القبر


سُئِلَ شَيْخ الإسْلام ـ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَه ـ وهو بمصر عن ‏[‏عذاب القبر‏]‏‏:‏ هل هو على النَّفْس والبَدن أو على النفس دون البدن‏؟‏ والميت يعذب في قبره حيًا أم ميتًا‏؟‏ وإن عادت الروح إلى الجسد أم لم تَعُدْ‏,‏ فهل يتشاركان في العذاب والنعيم‏؟‏ أو يكون ذلك على أحدهما دون الآخر‏؟‏

فأَجَابَ ـ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ‏,‏ وجعل جنة الفردوس منقلبه ومثواه آمين‏:‏

الحمد للّه رب العالمين‏.‏ بل العذاب والنعيم على النفس والبدن جميعًا باتفاق أهل السنة والجماعة‏,‏ تنعم النفس وتعذب منفردة عن البدن‏,‏ وتعذب متصلة بالبدن والبدن متصل بها‏,‏ فيكون النعيم والعذاب عليهما في هذه الحال مجتمعتين‏,‏ كما يكون للروح منفردة عن البدن‏.‏

وهل يكون العذاب والنعيم للبدن بدون الروح‏؟‏

هذا فيه قولان مشهوران لأهل الحديث والسنة والكلام‏,‏ وفي المسألة أقوال شاذة ليست من أقوال أهل السنة والحديث‏,‏ قول من يقول‏:‏ إن النعيم والعذاب لا يكون إلا على الروح؛ وأن البدن لا ينعم ولا يعذب‏.‏ وهذا تقوله الفلاسفة المنكرون لمعاد الأبدان‏,‏ وهؤلاء كفار بإجماع المسلمين‏.‏
ويقوله كثير من أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم‏,‏ الذين يقولون‏:‏ لا يكون ذلك في البرزخ‏,‏ وإنما يكون عند القيام من القبور‏.‏
وقول من يقول‏:‏ إن الروح بمفردها لا تنعم ولا تعذب‏,‏ وإنما الروح هي الحياة‏,‏ وهذا يقوله طوائف من أهل الكلام‏,‏ من المعتزلة‏,‏ وأصحاب أبي الحسن الأشعري‏,‏ كالقاضي أبي بكر‏,‏ وغيرهم‏,‏ وينكرون أن الروح تبقى بعد فراق البدن‏,‏ وهذا قول باطل‏,‏ خالفه الأستاذ أبو المعالي الجُوَيْني وغيره‏,‏ بل قد ثبت في الكتاب والسنة‏,‏ واتفاق سلف الأمة‏,‏ أن الروح تبقى بعد فراق البدن‏,‏ وأنها منعمة أو معذبة‏.‏
من يعتقد أنه متمسك بدين الإسلام‏,‏ بل من يظن أنه من أهل المعرفة والتصوف‏,‏ والتحقيق والكلام‏.‏

والقول الثالث الشاذ‏:‏ قول من يقول‏:‏ إن البرزخ ليس فيه نعيم ولا عذاب‏,‏ بل لا يكون ذلك حتى تقوم القيامة الكبرى‏,‏ كما يقول ذلك من يقوله من المعتزلة‏,‏ ونحوهم‏,‏ الذين ينكرون عذاب القبر ونعيمه‏,‏ بناء على أن الروح لا تبقى بعد فراق البدن‏,‏ وأن البدن لا ينعم ولا يعذب‏.‏
فجميع هؤلاء الطائفتين ضلال في أمر البرزخ‏,‏ لكنهم خير من الفلاسفة؛ لأنهم يقرون بالقيامة الكبرى‏.‏
فإذا عرفت هذه الأقوال الثلاثة الباطلة‏,‏ فاعلم أن مذهب سلف الأمة وأئمتها‏:‏
أن الميت إذا مات يكون في نعيم أو عذاب‏,‏ وأن ذلك يحصل لروحه ولبدنه‏,‏ وأن الروح تبقى بعد مفارقة البدن منعمة أو معذبة‏,‏ وأنها تتصل بالبدن أحيانًا‏,‏ فيحصل له معها النعيم والعذاب‏.‏
ثم إذا كان يوم القيامة الكبرى أعيدت الأرواح إلى أجسادها‏,‏ وقاموا من قبورهم لرب العالمين‏.‏
ومعاد الأبدان متفق عليه عند المسلمين‏,‏ واليهود‏,‏ والنصارى‏.‏ وهذا كله متفق عليه عند علماء الحديث والسنة‏.‏
وهل يكون للبدن دون الروح نعيم أو عذاب‏؟‏ أثبت ذلك طائفة منهم‏,‏ وأنكره أكثرهم‏.‏
ونحن نذكر ما يبين ما ذكرناه‏.‏ فأما أحاديث عذاب القبر ومسألة منكر ونكير‏:‏ فكثيرة متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم‏,‏ مثل ما في الصحيحين‏:‏ عن ابن عباس ـ رضي اللّه عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ بقبرين فقال‏:‏ ‏(‏إنهما ليُعَذَّبان وما يُعَذَّبان في كبير‏,‏ أما أحدهما فكان يمشى بالنَّمِيمة‏,‏ وأما الآخر فكان لا يَسْتَتِر من بَوْله‏)‏‏,‏ ثم دعا بجريدة رطبة فشقها نصفين‏,‏ ثم غرز في كل قبر واحدة‏.‏ فقالوا‏:‏ يا رسول اللّه‏,‏ لم فعلتَ هذا‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏لعله يُخفَّف عنهما ما لم يَيبَْسَا‏)‏‏.‏
وفي صحيح مسلم عن زيد بن ثابت قال‏:‏ بينا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في حائط لبني النجار على بغلة ـ ونحن معه ـ إذ جالت به‏,‏ فكادت تلقيه‏,‏ فإذا أقبر ستة أو خمسة‏,‏ أو أربعة‏.‏ فقال‏:‏ ‏(‏من يعرف هذه القبور‏؟‏‏)‏ فقال رجل‏:‏ أنا‏.‏ قال‏: ‏‏(‏فمتى هؤلاء‏؟‏‏)‏ قال‏:‏ ماتوا في الإشراك‏.‏ فقال‏:‏ ‏(‏إن هذه الأمة تبتلى في قبورها؛ فلولا ألا تدافنوا لدعوت اللّه أن يُسِمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه‏)‏‏,‏ ثم أقبل علينا بوجهه فقال‏:‏ ‏(‏تَعوَّذوا باللّه من عذاب القبر‏)‏‏.‏ قالوا‏:‏ نعوذ باللّه من عذاب القبر‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏تعوذوا باللّه من عذاب النار‏)‏‏.‏ قالوا‏:‏ نعوذ باللّه من عذاب النار‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏تعوذوا باللّه من الفتن ما ظهر منها وما بطن‏)‏‏.‏ قالوا‏:‏ نعوذ باللّه من الفتن ما ظهر منها وما بطن‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏تعوذوا باللّه من فتنة الدجال‏)‏‏.‏ قالوا‏:‏ نعوذ باللّه من فتنة الدجال‏.‏
وفي صحيح مسلم وسائر السنن عن أبي هريرة ـ رضي اللّه عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليقل‏:‏ أعوذ باللّه من أربع‏:‏ من عذاب جهنم‏,‏ ومن عذاب القبر‏,‏ ومن فتنة المحيا والممات‏,‏ ومن فتنة المسيح الدجال‏)‏‏.‏
وفي صحيح مسلم وغيره عن ابن عباس ـ رضي اللّه عنهما ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن‏:‏ ‏(‏اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم‏,‏ وأعوذ بك من عذاب القبر‏,‏ وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال‏,‏ وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات‏)‏‏.‏
وفي صحيح البخاري ومسلم عن أبي أيوب الأنصاري قال‏:‏ خرج النبي صلى الله عليه وسلم وقد وجَبَتِ الشمس‏,‏ فقال‏:‏ ‏(‏يهود يعذبون في قبورهم‏)‏‏ [‏وجَبَت الشمس،أي غابت‏] ‏‏.‏
وفي الصحيحين عن عائشة ـ رضي اللّه عنها ـ قالت‏:‏ دخلت علىّ عجوز من عجائز يهود المدينة‏,‏ فقالت‏:‏ إن أهل القبور يعذبون في قبورهم‏.‏ قالت‏:‏ فكذبتها ولم أنْعَمْ أن أصدقها‏,‏ قالت‏:‏ فخرجت فدخل عليَّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏,‏ فقلت‏:‏ يا رسول اللّه‏,‏ عجوز من عجائز أهل المدينة دخلت علىّ، فزعمت أن أهل القبور يعذبون في قبورهم‏.‏فقال‏:‏ ‏(‏صَدَقَتْ‏,‏ إنهم يعذبون عذابًا يسمعه البهائم كلها‏)‏‏,‏ فما رأيته بعد في صلاة إلا يتعوذ من عذاب القبر‏.‏
وفي صحيح أبي حاتم البستي عن أم مُبَشِّر ـ رضي اللّه عنها ـ قالت‏:‏ دخل عليّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأنا في حائط وهو يقول‏: ‏‏(‏تعوذوا باللّه من عذابالقبر‏)‏‏.‏فقلت‏:‏ يا رسول اللّه‏,‏ للقبر عذاب‏؟‏ فقال‏:‏ ‏(‏إنهم ليعذبون في قبورهم عذابًا تسمعه البهائم‏)‏‏.‏
قال بعضهم‏:‏ ولهذا السبب يذهب الناس بدوابهم إذا مغلت‏ [‏أي‏:‏ أصابها وجع في بطنها بسبب أكلها التراب مع البَقْل]‏ إلى قبور اليهود‏,‏ والنصارى والمنافقين‏,‏ كالإسماعيلية والنصيرية‏,‏ وسائر القرامطة‏:‏ من بني عبيد وغيرهم‏,‏ الذين بأرض مصر والشام وغيرهما؛ فإن أهل الخيل يقصدون قبورهم لذلك‏,‏ كما يقصدون قبور اليهود والنصارى‏,‏ والجهال تظن أنهم من ذرية فاطمة‏,‏ وأنهم من أولياء اللّه‏,‏ وإنما هو من هذا القبيل‏.‏ فقد قيل‏:‏ إن الخيل إذا سمعت عذاب القبر حصلت لها من الحرارة ما يذهب بالمغل‏.‏ والحديث في هذا كثير لا يتسع له هذا السؤال‏.‏
وأحاديث المسألة كثيرة أيضًا‏,‏ كما في الصحيحين والسنن عن البراء بن عازب ـ رضي اللّه عنه ـ أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏المسلم إذا سئل في قبره شهد أن لا إله إلا اللّه‏,‏ وأن محمدًا رسول اللّه ؛ فذلك قول اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ‏}‏ ‏[‏إبراهيم‏:‏27‏]‏‏.‏ وفي لفظ‏:‏ ‏(‏نزلت في عذاب القبر يقال له‏:‏ من ربك‏؟‏ فيقول‏:‏ ربي اللّه‏,‏ وديني الإسلام‏,‏ ونبيي محمد‏,‏ وذلك قول اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ}‏‏[‏إبراهيم‏:‏27‏]‏‏.‏

وهذا الحديث قد رواه أهل السنن والمسانيد مطولًا‏,‏ كما في سنن أبي داود وغيره عن البراء بن عازب ـ رضي اللّه عنه ـ قال‏:‏ خرجنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار‏,‏ فانتهينا إلى القبر ولما يلحد‏,‏ فجلس النبي صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله‏,‏ كأنما على رؤوسنا الطير‏,‏ وفي يده عود ينكت به الأرض‏,‏ فرفع رأسه فقال‏:‏ ‏(‏استعيذوا باللّه من عذاب القبر‏)‏ مرتين أو ثلاثا‏,‏ وذكر صفة قبض الروح وعروجها إلى السماء‏,‏ ثم عودها إليه‏.‏ إلى أن قال‏: ‏‏(‏وإنه ليسمع خَفْقَ نعالهم إذا وَلُّوا مدبرين حين يقال له‏:‏ يا هذا‏,‏ من ربك‏؟‏ وما دينك‏؟‏ ومن نبيك‏؟‏‏)‏‏ .‏

وفي لفظ‏:‏ ‏(‏فيأتيه ملكان فيجلسانه ويقولان له‏:‏من ربك‏؟‏ فيقول‏:‏ ربي اللّه‏.‏ فيقولان له‏:‏ ما دينك‏؟‏ فيقول‏:‏ ديني الإسلام‏.‏ فيقولان‏:‏ ما هذا الرجل الذي أرسل فيكم‏؟‏‏)‏ قال‏:‏ ‏(‏فيقول‏:‏ هو رسول اللّه‏.‏ فيقولان‏:‏ وما يدريك‏؟‏ فيقول‏:‏ قرأت كتاب اللّه وآمنت به‏,‏ وصدقت به‏,‏ فذلك قول اللّه‏:‏ ‏{‏يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء‏}‏ ‏[‏إبراهيم‏:‏27‏]‏‏)‏‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏فينادي مناد من السماء‏:‏ أن صدق عبدي‏,‏ فافرشوا له في الجنة‏,‏ وألبسوه من الجنة‏,‏ وافتحوا له بابًا إلى الجنة‏)‏‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏فيأتيه من روحها وطيبها‏)‏‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏ويفسح له مد بصره‏) ‏‏.‏ قال‏:‏‏(‏وإن الكافر‏)‏ فذكر موته‏.‏ وقال‏:‏ ‏(‏وتعاد روحه إلى جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه‏,‏ فيقولان له‏:‏ من ربك‏؟‏ فيقول هاه، هاه‏,‏ لا أدري‏,‏ فيقولان له‏:‏ ما دينك‏؟‏ فيقول‏:‏ هاه‏.‏ هاه‏.‏ لا أدري‏,‏ فينادي مناد من السماء‏:‏ أن كذب عبدي‏,‏ فافرشوا له من النار‏,‏ وألبسوه من النار‏,‏ وافتحوا له بابًا إلى النار‏)‏‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏ويأتيه من حَرّها وسُمومها‏)‏‏.‏ قال‏: ‏‏(‏ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه‏)‏‏ .‏ قال‏:‏ ‏(‏ثم يقيض له أعمى أبكم معه مِرْزَبَة من حديد‏,‏ لو ضرب بها جبل لصار ترابًا‏)‏‏ .‏ قال‏:‏ ‏(‏فيضربه بها ضربة يسمعها ما بين المشرق والمغرب إلا الثقلين‏,‏ فيصير ترابًا‏,‏ ثم تعاد فيه الروح‏)‏‏.‏
فقد صرح الحديث بإعادة الروح إلى الجسد‏,‏ وباختلاف أضلاعه‏,‏ وهذا بين في أن العذاب على الروح والبدن مجتمعين‏.‏
وقد روى مثل حديث البراء في قبض الروح والمسألة‏,‏ والنعيم والعذاب‏,‏ رواه أبوهريرة‏,‏ وحديثه في المسند وغيره‏,‏ ورواه أبو حاتم ابن حِبَّان في صحيحه عن أبي هريرة ـ رضي اللّه عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏إن الميت إذا وضع في قبره يسمع خفق نعالهم‏,‏ إذا ولوا عنه مدبرين‏,‏ فإن كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه‏,‏ وكان الصيام عن يمينه‏,‏ وكانت الصدقة عن شماله‏,‏ وكان فعل الخير من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان عند رجليه‏,‏ فيأتيه الملكان من قبل رأسه‏,‏ فتقول الصلاة‏:‏ ما قبلي مدخل‏,‏ ثم يؤتى عن يمينه‏,‏ ويقول الصيام‏:‏ ما قِبَلي مدخل‏,‏ ثم يؤتى عن يساره‏,‏ فتقول الزكاة‏:‏ ما قبلي مدخل‏,‏ ثم يؤتى من قبل رجليه‏,‏ فيقول فعل الخيرات من الصدقة والصلة‏,‏ والمعروف والإحسان‏:‏ ما قبلي مدخل‏!‏‏!‏ فيقول له‏:‏ اجلس فيجلس قد مَثُلَتْ له الشمس‏,‏ وقد أصغت للغروب‏.‏ فيقول‏:‏ دعوني حتى أصلي‏:‏ فيقولون‏:‏ إنك ستصلي‏,‏ أخبرنا عما نسألك عنه، أرأيتك هذا الرجل الذي كان فيكم ما تقولون فيه ‏؟‏ وماذا تشهد به عليه‏؟‏ فيقول‏:‏ محمد‏,‏ نشهد أنه رسول اللّه‏,‏ جاء بالحق من عند اللّه فيقال له‏:‏ على ذلك حييت‏,‏ وعلى ذلك تُبْعَث إن شاء اللّه‏,‏ ثم يفتح له باب إلى الجنة‏,‏ فيقال‏:‏ هذا مقعدك‏,‏ وما أعد اللّه لك فيها‏,‏ فيزداد غِبْطَةً وسرورًا‏,‏ ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعًا‏,‏ ويُنَوَّر له فيه‏,‏ ويعاد الجسد لما بدئ منه‏,‏ وتجعل روحه نَسَم طير يعلق في شجر الجنة‏)‏‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏فذلك قوله تعالى‏:‏ ‏{‏يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء‏}‏ ‏[‏إبراهيم‏:‏27‏]‏ ‏.‏
وذكر في الكافر ضد ذلك أنه قال‏:‏ ‏(‏يضيق عليه قبره إلى أن تختلف فيه أضلاعه‏)‏ فتلك المعيشة الضنك‏,‏ التي قال اللّه تعالى‏:‏‏{‏لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى‏}‏ ‏[‏طه‏:‏124‏]‏‏.‏ هذا الحديث أخصر‏.‏
وحديث البراء ـ المتقدم ـ أطول ما في السنن‏,‏ فإنهم اختصروه لذكر ما فيه من عذاب القبر‏,‏ وهو في المسند وغيره بطوله‏.‏ وهو حديث حسان بن ثابت يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيه‏:‏ ‏(‏إن العبد المؤمن إذا كان في إقبال من الآخرة‏,‏ وانقطاع من الدنيا‏,‏ نزلت إليه ملائكة بيض الوجوه‏,‏ كأن وجوههم الشمس‏,‏ معهم كفن من أكفان الجنة‏,‏ وحَنُوط من حنوط الجنة‏,‏ فيجلسون منه مد البصر‏,‏ ثم يجىء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه‏,‏ فيقول‏:‏ أيتها النفس الطيبة‏,‏ اخرجي إلى مغفرة ورضوان‏)‏ ‏.‏قال‏:‏ ‏(‏فتخرج تسيل كما تسيل القَطْرَة من فِىِّ السِّقاء‏,‏ فيأخذها‏,‏ فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها‏.‏ فيجعلوها في ذلك الكفن وذلك الحنوط‏,‏ فيخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض‏)‏‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏فيصعدون بها‏,‏ فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا‏:‏ ما هذه الروح الطيبة‏؟‏‏!‏ فيقولون‏:‏ فلان بن فلان‏,‏ بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه في الدنيا‏,‏ فينتهون به إلى السماء الدنيا‏,‏ فيستفتحون له فيفتح له‏)‏‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها‏,‏ حتى ينتهوا بها إلى السماء السابعة‏.‏ فيقول‏:‏ اكتبوا كتاب عبدي في عليين‏,‏ وأعيدوه إلى الأرض‏,‏ فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى‏)‏‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏فتعاد روحه في جسده‏,‏ ويأتيه ملكان فيجلسانه‏)‏‏.‏ وذكر المسألة كما تقدم‏,‏ قال‏:‏ ‏(‏ويأتيه رجل حسن الوجه‏,‏ طيب الريح‏,‏ فيقول له‏:‏ أبشر بالذي يسرك‏,‏ فهذا يومك الذي قد كنت توعد‏,‏ فيقول له‏:‏ من أنت‏؟‏ فوجهك الوجه الذي يجىء بالخير‏؟‏ ‏!‏ فيقول‏:‏ أنا عملك الصالح‏.‏ فيقول‏:‏ رب‏,‏ أقم الساعة‏,‏ رب أقم الساعة‏,‏ رب أقم الساعة‏,‏ حتى أرجع إلى أهلي ومالي‏)‏‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏وإن العبد الكافر إذا كان في إقبال من الآخرة وانقطاع من الدنيا‏,‏ نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه‏,‏ معهم المسوح‏,‏ فيجلسون منه مد البصر‏,‏ ثم يجىء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه‏,‏ فيقول‏:‏ أيتها النفس الخبيثة‏,‏ اخرجي إلى سخط اللّه وغضبه‏,‏ فتفرق في أعضائه كلها‏,‏ فينتزعها كما ينتزع السَّفُّود‏ [‏السَّفُّود ـ بالفتح والضم مع التشديد‏:‏ حديدة ذات شعب معقفة‏,‏ يشوي بها اللحم‏] ‏من الصوف المبلول‏,‏ فتتقطع معها العروق والعصب‏)‏‏.‏ قال‏: ‏‏(‏فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها‏,‏ فيجعلوها في تلك المسوح‏)‏‏.‏ قال‏:‏‏ (‏فيخرج منها كأنتن ما يكون من جيفة وجدت على وجه الأرض‏,‏ فيصعدون بها‏,‏ فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا‏:‏ ما هذه الروح الخبيثة‏؟‏ فيقولون‏:‏ فلان بن فلان‏,‏ بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا؛ حتى ينتهوا إلى السماء الدنيا‏,‏ فيستفتحون لها فلا يفتح لها‏)‏‏,‏ ثم قرأ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏{‏لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏40‏]‏‏,‏ ثم يقول اللّه تعالى‏:‏ ‏(‏اكتبوا كتابه في سجين ـ في الأرض السفلى‏)‏ قال‏:‏ ‏(‏فتطرح روحه طرحًا‏)‏‏.‏ ثم قرأ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏‏}‏أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ‏}‏‏]‏الحج‏:‏31‏]‏‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏فتعاد روحه في جسده‏,‏ فيأتيه ملكان فيجلسانه‏,‏ فيقولان له‏:‏ من ربك‏؟‏ فيقول‏:‏ هاه‏,‏ هاه‏,‏ لا أدري‏)‏‏.‏ وساق الحديث كما تقدم إلى أن قال‏:‏ ‏(‏ويأتيه رجل قبيح الوجه مُنْتن الريح‏,‏ فيقول‏:‏ أبشر بالذي يسوؤك؛ هذا عملك الذي قد كنت توعد ؛ فيقول‏:‏ من أنت فوجهك الوجه الذي لا يأتي بالخير‏؟‏ قال‏:‏ أنا عملك السوء‏.‏ فيقول‏:‏ رب‏,‏ لا تقم الساعة‏)‏‏,‏ ثلاث مرات‏.‏
ففي هذا الحديث أنواع من العلم‏:‏
منها‏:‏ أن الروح تبقى بعد مفارقة البدن‏,‏ خلافًا لضلال المتكلمين‏,‏ وأنها تصعد وتنزل خلافًا لضلال الفلاسفة‏,‏ وأنها تعاد إلى البدن‏,‏ وأن الميت يسأل‏,‏ فينعم أو يعذب‏,‏ كما سأل عنه أهل السؤال‏,‏ وفيه أن عمله الصالح أو السيئ يأتيه في صورة حسنة أو قبيحة‏.‏
وفي الصحيحين عن قتادة عن أنس بن مالك ـ رضي اللّه عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏إن العبد إذا وضع في قبره‏,‏ وتولى عنه أصحابه‏,‏ إنه ليسمع خَفْق نعالهم‏,‏ أتاه ملكان فيقررانه‏.‏ فيقولان‏:‏ ما كنت تقول في هذا الرجل محمد‏؟‏ فأما المؤمن فيقول‏:‏ أشهد أنه محمد عبد اللّه ورسوله‏)‏‏.‏ قال‏: ‏‏(‏فيقول‏:‏ انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك اللّه به مقعدًا من الجنة‏)‏‏.‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏فيراهما كليهما‏)‏‏.‏ قال قتادة‏:‏ وذكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعًا‏,‏ ويملأ عليه خضرًا إلى يوم يبعثون‏.‏ ثم نرجع إلى حديث أنس‏:‏ ‏(‏ويأتيان الكافر والمنافق فيقولان‏:‏ ما كنت تقول في هذا الرجل‏؟‏ فيقول‏:‏ لا أدري‏,‏ كنت أقول كما يقول الناس‏.‏ فيقول‏:‏ لا دريت ولا تليت‏.‏ ثم يضرب بمطارق من حديد بين أذنيه‏,‏ فيصيح صيحة فيسمعها من عليها غير الثقلين‏)‏‏.‏
وروى الترمذي وأبو حاتم في صحيحه ـ وأكثر اللفظ له ـ عن أبي هريرة ـ رضي اللّه عنه ـ قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إذا قبر أحدكم الإنسان‏,‏ أتاه ملكان أسودان أزرقان‏,‏ يقال لهما‏:‏ منكر والآخر نكير‏.‏ فيقولان له‏:‏ ما كنت تقول في هذا الرجل محمد‏؟‏ فهو قائل ما كان يقول‏,‏ فإن كان مؤمنًا قال‏:‏ هو عبد اللّه ورسوله‏,‏ أشهد أن لا إله إلا اللّه‏,‏ وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله‏.‏ فيقولان‏:‏ إنا كنا لنعلم أنك تقول ذلك ‏.‏
ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعًا‏,‏ وينور له فيه‏,‏ ويقال له‏:‏ نم‏.‏ فيقول‏:‏ أرجع إلى أهلي فأخبرهم‏.‏ فيقولان له‏:‏ نم‏,‏ كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه‏,‏ حتى يبعثه اللّه من مضجعه ذلك‏.‏ وإن كان منافقًا قال‏:‏ لا أدري‏,‏ كنت أسمع الناس يقولون شيئًا فقلته‏.‏ فيقولان‏:‏ إنا كنا نعلم أنك تقول ذلك‏.‏ ثم يقال للأرض‏:‏ التئمي عليه‏,‏ فتلتئم عليه‏,‏ حتى تختلف فيها أضلاعه‏,‏ فلا يزال معذبًا حتى يبعثه اللّه من مضجعه ذلك‏)‏ وهذا الحديث فيه اختلاف أضلاعه وغير ذلك‏,‏ مما يبين أن البدن نفسه يعذب‏.‏
وعن أبي هريرة ـ رضي اللّه عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏إذا احتضر الميت أتته الملائكة بحريرة بيضاء‏.‏ فيقولون‏:‏ اخرجي كأطيب ريح المسك‏,‏ حتى إنه ليناوله بعضهم بعضًا‏,‏ حتى يأتوا به باب السماء‏,‏ فيقولون‏:‏ ما أطيب هذا الريح متى جاءتكم من الأرض‏؟‏ فيأتون به أرواح المؤمنين‏,‏ فَلَهُمْ أشد فرحًا به من أحدكم بغائبه يقدم عليه‏,‏ يسألونه‏:‏ ماذا فعل فلان‏؟‏ فيقولون‏:‏ دعوه‏,‏ فإنه في غم الدنيا‏,‏ فإذا قال‏:‏ إنه أتاكم‏.‏ قالوا‏:‏ ذهب إلى أمه الهاوية‏.‏ وإن الكافر إذا احتضر أتته ملائكة العذاب بمسح‏.‏ فيقولون‏:‏ اخرجي مسخوطًا عليك إلى عذاب اللّه‏,‏ فتخرج كأنتن جيفة‏,‏ حتى يأتوا به أرواح الكفار‏)‏‏.‏ رواه النسائي والبزار ورواه مسلم مختصرًا عن أبي هريرة ـ رضي اللّه عنه‏.‏ وعند الكافر ونتن رائحة روحه‏,‏ فرد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رِيطَة كانت عليه على أنفه هكذا‏).‏‏ [‏والرِّيطةُ‏:‏ ثوب رقيق لين مثل الملاءة‏] ‏‏.‏

ففي هذه الأحاديث ونحوها اجتماع الروح والبدن في نعيم القبر وعذابه‏,‏ وأما انفراد الروح وحدها فقد تقدم بعض ذلك‏.‏
وعن كعب بن مالك ـ رضي اللّه عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏إنما نَسَمَة المؤمن طائر يَعْلُقُ في شجر الجنة حتى يرجعه إلى جسده يوم يبعثه‏)‏‏.‏ رواه النسائي‏,‏ ورواه مالك والشافعي كلاهما‏ [‏نسمة المؤمن‏:‏ أي روحه] ‏‏. [‏وقوله‏:‏ ‏[‏يَعْلُق‏]‏ بالضم أي‏:‏ يأكل]‏‏,‏ وقد نقل هذا في غير هذا الحديث‏.‏
فقد أخبرت هذه النصوص أن الروح تنعم مع البدن الذي في القبر ـ إذا شاء اللّه ـ وإنما تنعم في الجنة وحدها‏,‏ وكلاهما حق‏.‏
وقد روى ابن أبي الدنيا في ‏[‏كتاب ذكر الموت‏] ‏عن مالك بن أنس قال‏:‏ بلغني أن الروح مرسلة‏,‏ تذهب حيث شاءت‏.‏ وهذا يوافق ما روي‏:‏ ‏(‏أن الروح قد تكون على أفْنِيَة القبور‏)‏ ‏[‏أفْنِيَة‏:‏ جمع فناء‏,‏ وهو المتسع أمام الدار]‏ كما قال مجاهد‏:‏ إن الأرواح تدوم على القبور سبعة أيام‏,‏ يوم يدفن الميت‏,‏ لا تفارق ذلك‏,‏ وقد تعاد الروح إلى البدن في غير وقت المسألة‏,‏ كما في الحديث الذي صححه ابن عبد البر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏ما من رجل يمر بقبر الرجل الذي كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه‏,‏ إلا رد اللّه عليه روحه حتى يرد عليه السلام‏)‏‏.‏
وفي سنن أبي داود وغيره‏,‏ عن أوس بن أوس الثقفي‏,‏ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏إن خير أيامكم يوم الجمعة‏,‏ فأكثروا عليَّ من الصلاة يوم الجمعة‏,‏ وليلة الجمعة‏,‏ فإن صلاتكم معروضة عليَّ‏)‏‏.‏ قالوا‏:‏ يا رسول اللّه‏,‏ كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرِمْتَ‏؟‏‏!‏ فقال‏:‏ ‏(‏إن اللّه حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء‏)‏‏ .‏
وهذا الباب فيه من الأحاديث والآثار ما يضيق هذا الوقت عن استقصائه‏,‏ مما يبين أن الأبدان التي في القبور تنعم وتعذب ـ إذا شاء اللّه ذلك ـ كما يشاء‏,‏ وأن الأرواح باقية بعد مفارقة البدن‏,‏ ومنعمة ومعذبة‏.‏
ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسلام على الموتى‏,‏ كما ثبت في الصحيح والسنن أنه كان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا‏:‏ ‏(‏السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين‏,‏ وإنا إن شاء اللّه بكم لاحقون‏,‏ يرحم اللّه المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين‏,‏ نسأل اللّه لنا ولكم العافية‏.‏ اللّهم لا تَحْرِمْنَا أجرهم ولا تَفْتِنا بعدهم‏,‏ واغفر لنا ولهم‏)‏‏ .‏
وقد انكشف لكثير من الناس ذلك حتى سمعوا صوت المعذبين في قبورهم‏,‏ ورأوهم بعيونهم يعذبون في قبورهم في آثار كثيرة معروفة‏,‏ ولكن لا يجب ذلك أن يكون دائمًا على البدن في كل وقت‏,‏ بل يجوز أن يكون في حال دون حال‏.‏
وفي الصحيحين عن أنس بن مالك ـ رضي اللّه عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك قتلى بدر ثلاثًا‏,‏ ثم أتاهم فقام عليهم فقال‏:‏ ‏(‏يا أبا جهل بن هشام‏,‏ يا أميَّة بن خَلف‏,‏ يا عُتْبَة بن ربيعة‏,‏ يا شيبة بن ربيعة‏,‏ أليس قد وجدتم ما وعدكم ربكم حقًا‏؟‏ فإني وجدت ما وعدني ربي حقًا‏)‏‏.‏ فسمع عمر ـ رضي الله عنه ـ قول النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال‏:‏ يا رسول اللّه‏,‏ كيف يسمعون وقد جيَّفُوا‏؟‏ فقال‏: ‏‏(‏والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم‏,‏ ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا‏)‏‏.‏ ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قَلِيب بدر‏.‏
وقد أخرجاه في الصحيحين عن ابن عمر ـ رضي اللّه عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على قَلىب بدر فقال‏:‏ ‏(‏هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًا‏؟‏‏)‏‏,‏ وقال‏:‏ ‏(‏إنهم ليسمعون الآن ما أقول‏)‏‏,‏ فذكر ذلك لعائشة‏,‏ فقالت‏:‏ وَهِم َابن عمر‏,‏ إنما قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إنهم ليعلمون الآن أن الذي قلتُ لهم هو الحق‏)‏‏,‏ ثم قرأت قوله تعالى‏:‏‏{‏إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى‏}‏ ‏[‏النمل‏:‏80‏]‏ حتى قرأت الآية‏.‏

فهكذا الموتى الذين ضرب لهم المثل‏,‏ لا يجب أن ينفى عنهم جميعُ السماع المعتاد أنواعَ السماع‏,‏ كما لم ينف ذلك عن الكفار‏,‏ بل قد انتفى عنهم السماع المعتاد الذي ينتفعون به‏,‏ وأما سماع آخر فلا ينفى عنهم‏.‏
وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن الميت يسمع خَفْق نعالهم‏,‏ إذا ولوا مدبرين‏,‏ فهذا موافق لهذا‏,‏ فكيف يدفع ذلك‏؟‏ ومن العلماء من قال‏:‏ إن الميت في قبره لا يسمع ما دام ميتًا‏,‏ كما قالت عائشة‏,‏ واستدلت به من القرآن‏.‏ وأما إذا أحياه اللّه فإنه يسمع كما قال قتادة‏:‏ أحياهم اللّه له‏.‏ وإن كانت تلك الحياة لا يسمعون بها‏,‏ كما نحن لا نرى الملائكة والجن‏,‏ ولا نعلم ما يحس به الميت في منامه‏,‏ وكما لا يعلم الإنسان ما في قلب الآخر‏,‏ وإن كان قد يعلم ذلك من أطلعه اللّه عليه‏.‏
وهذه جملة يحصل بها مقصود السائل‏,‏ وإن كان لها من الشرح والتفصيل ما ليس هذا موضعه‏,‏ فإن ما ذكرناه من الأدلة البينة على ما سأل عنه ما لا يكاد مجموعًا‏,‏ واللّه أعلم‏.‏
وصلى اللّه على محمد وعلى آله وصحبه وسلم‏.

مجموع فتاوى ابن تيمية رحمه الله




أتى أختيارك عالي
وذوقك

في أمتلاكك للفكر

راقي وراق لي كثيرا

فلا تحرمنا مالديك




جزاك الله خيرا على الإفادة

بارك الله فيك و اسكنك الفردوس الأعلى




بارك الله فيك وجزاك الفردوس




بارك الله فيك




بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




Atlas hoop Ear Rings Tiffany Earrings Cheap,Tiffany Earrings Heart [tiffany1016] – €45.00 : tiffanycompany.org, Tiffay Outlet,Tiffany On Sale,Tiffany Co Outlet,Tiffany And Co Outlet




التصنيفات
اسلاميات عامة

لحظة الموت وحياة القبر

لحظة الموت وحياة القبر
للشيخ العثيمين رحمه الله

الحمد لله الذي خلق الخلق ليعبدوه وجعل لهم أجلاً للقائه هم بالغوه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً كثيرا …
أما بعد …

فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى واعبدوه واذكروا نعمته عليكم واشكروه وتذكروا بدايتكم ونهايتكم تعرفوا آيات ربكم وتعظموه أنظروا إلى الماضي البعيد كيف أنتم وهل كنتم, قال الله عز وجل (هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) (الانسان:1) ولكن الله عز وجل ابتدأ هذه الخليقة البشرية فخلق آدم عليه السلام خلقه من طين وجعل نسله من سلالة من ماء مهين سوى الحمل في بطن أمه في ظلمات ثلاث نفخ فيه من روحه إن الجنين في بطن أمه يتنقل إلى أربعة أطوار يكون أربعين يوماً نطفة ثم أربعين يوماً علقة ثم أربعين يوماً مضغة أي قطعة لحم بقدر ما يمضغة الإنسان في فمه هذه المضغة أحيانا تكون مخلقة وأحيانا تكون غير مخلقة ففي بدايتها تكون غير مخلقة ولن تخلق قبل ثمانين يوما ولن تكون مضغة قبل ثمانين يوما ثم بعد تخليقها وبعد تمام مائة وعشرين يوماً أي تمام أربعة أشهر كاملة يبعث الله تعالى ملكاً موكلاً بالأرحام فينفخ في هذه المضغة الروح وحينئذٍ فيكون بشرا أما قبل ذلك فإنه جماد ولهذا إذا سقط الجنين قبل أن يتم له أربعة أشهر فإنه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين أي لا يدفن في المقبرة لئلا يخصص له قبر تضيق به المقبرة ولكن يدفن في أي مكان يكون من الارض إذا كان طاهرا وكذلك لا يسمى ولا يعق له لأنه لم يكن بشرا أما إذا كان قد بلغ أربعة أشهر فإنه بشر يبعث يوم القيامة مع الناس ولهذا يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن مع المسلمين ويدعى لوالديه بالرحمة عند الصلاة عليه ولو كان بقدر الكف إذا عق عنه فهو أحسن لأنه سوف يبعث يوم القيامة ويكون شفيعاً لوالديه يبعث الله الملك إلى الرحم فينفخ الروح في هذه المضغة و يؤمر بأربعة كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد ثم يبقى بعد ذلك ما شاء الله أن يبقى في بطن أمه ثم يخرجه الله تعالى إلى دار العمل والكسب فيمكث في هذه الدار دار الدنيا دار العمل دار الإبتلاء دار الإمتحان دار السراء دار الضراء دار الصفو دار الكدر فيوم علينا ويوم لنا ويوم نساء ويوم نسر يمكث في هذه الدار ما شاء الله أن يمكث ثم ينتقل إلى دار الجزاء فإنه ينقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية يجعلها هو لنفسه كوقف على الفقراء أو بناء المساجد أو ما أشبه ذلك و علم ينتفع به ولو مسألة واحدة فإن الإنسان إذا نفع إخوانه بعلمه ولو مسألة فإنه يكتب له أجرها مادام المسلمون ينتفعون بها ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( بلغوا عني ولو آية ) أما الثالث فهو ولد صالح يدعو له فيبقى الإنسان إذا انتقل من هذه الدنيا في البرزخ إلى قيام الساعة يوم يقوم الناس لرب العالمين عارية أجسادهم حافية أقدامهم شاخصة أبصارهم أفئدتهم هواء مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر أيها المسلمون هذه هي الحقيقة وماذا بعد هذا البعث بعد هذا البعث إما نار وإما جنة نسأل الله أن يجعلنا جميعا من أصحاب الجنة أيها المسلمون إن لبني آدم عند انتقالهم من دار الدنيا إلى دار الآخرة أحوالاً ثلاثاً بينها الله عزك وجل في كتابه في آخر سورة الواقعة قال الله تعالى : (فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ) أي بلغت الروح الحلقوم (وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ* وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ) (الواقعة:83-85) تقرب الملائكة من الإنسان حين الاحتضار ولكن لا تبصرون (فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ * وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ) أعاذنا الله وإياكم من هذا (وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ* وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ) هذا كلام من كلام الله عز وجل ولهذا قال ( إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ* فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) سبحان ربنا العظيم ولقد بين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالتفصيل ما يكون عند الموت وفي القبر فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (كنا في جنازة رجل من الأنصار في البقيع فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله كأن على رؤوسنا الطير أي من شدة أحترامهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كأن على رؤوسنا الطير وهو يلحد له فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم :(أعوذ بالله من عذاب القبر أعوذ بالله من عذاب القبر أعوذ بالله من عذاب القبر) ثم قال🙁 إن العبد المؤمن إذا كان في إقبال من الآخرة وانقطاع من الدنيا نزلت إليه ملائكة كأن وجوههم الشمس معهم كفن من الجنة وحنوط من الجنة فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الطيبة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من فم السقاء أي تخرج بسهولة لأنها بشرت بالخير فتخرج ابتغاء لهذا الخير فيأخذها ملك الموت فإذا أخذها لم يدعوها أي الملائكة لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها إلى السماء فتفتح لها أبواب السماء ويشيعه مقربوها إلى السماء الثانية وهكذا إلى بقية السماوات فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذه الروح الطيبة فيقولون فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي يدعى بها في الدنيا حتى تصل إلى السماء السابعة فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول ربي الله فيقولان له ما دينك فيقول ديني الإسلام فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم وفي رواية من نبيك فيقول هو رسول الله فينادي منادي من السماء أن صدق عبدي فافرشوه من الجنة وافتحوا له باباً إلى الجنة فيأتيه من ريحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول له من أنت فوجهك الوجه الذي يأتي بالخير فيقول أنا عملك الصالح فيقول ربي أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي) قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا الحديث 🙁 وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم كفن من النار وحنوط من النار فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت فيجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الخبيثة أخرجي إلى سخط من الله وغضب فتتفرق في جسده كراهةً لما بشرت به وفراراً منه ولكن ملك الموت وقد وكل بقبض الأرواح ينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في ذلك الكفن وذلك الحنوط ويخرج منها كأخبث ريح جيفة وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الريح الخبيث فيقولون فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي يدعى بها في الدنيا حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا فيستفتح له ولا يفتح ثم قرأ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) ومن المعلوم أن الجمل لا يمكن أن يدخل في سم الخياط أي في جب الإبرة ولكن هذا من التعليق على المستحيل أي فكما أنه يستحيل أن يلج الجمل في جب الإبرة فكذلك يستحيل أن تفتح أبواب السماء لأرواح الكفار فيقول الله عز وجل اكتبوا كتابه في سجيل في الأرض السفلى فتطرح روحه يعني إلى الأرض طرحا ثم قرأ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيقولان له من ربك فيقول ها ها لا أدري فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول ها ها لا أدري فينادي منادي من السماء أن كذب عبدي فافرشوه من النار وافتحوا له باباً إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبرة حتى تختلف أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول أبشر بالذي يسوئك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول من أنت فوجهك الذي يجيء بالشر فيقول أنا عملك الخبيث فيقول ربي لا تقم الساعة لماذا ؟ لماذا يقول ربي لا تقم الساعة لأن الله يقول (بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ) (القمر:46) إنه إذا عذب في قبره إنما يعذب وحده لا يطلع عليه أحد ولكنه إذا عذب يوم القيامة تطلع عليه جميع الخلائق (ِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى)(طـه: من الآية127) ولهذا يقول هذا الكافر في قبره ربي لا تقم الساعة وفي الصحيحين عن أنس بن مالك رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:( إن الميت إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فأقعداه وذكر الحديث وفيه فيقال أنظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعداً من الجنة قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم :(فيراهما جميعا) ألم تروا كيف يعرض على هذا الرجل مقعداه مقعده من النار ومقعده من الجنة من أجل أن يغتبط بنعمة الله ويفرح بنعمة الله الذي أنجاه من مقعد النار وجعله في مقعد الجنة اللهم اجلعنا من هؤلاء فاتقوا الله أيها المسلمون اتقوا الله أيها المسلمون اتقوا الله أيها المسلمون واعدوا لهذا الأمر العظيم عدته أعدوا له عدته لأنكم لا تدرون أقريبون أنتم منه أم بعيدون أن الرجل ليخرج من بيته حيا سويا ولكن يرجع إلى بيته ميتا هامدا اللهم إنا نسألك أن نعد لهذا الأمر العظيم عدته أيها المسلمون تعوذوا بالله من عذاب القبر أسالوا الله أن يجعل القبور لكم روضة من رياض الجنة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102) بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه أنه هو الغفور الرحيم .
الحمد لله حمداً كثيراً طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الحمد في الآخرة والأولى وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى وخليله المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى وسلم تسليماً كثيراً …
أما بعد …
أيها الناس اتقوا الله تعالى وأعدوا للقاء ربكم عدة الصالحين فإن الإنسان كما يقول ربه جل وعلا (يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ) (الانشقاق:6) أيها المسلمون إن الإنسان لا يدري أين يموت ولا يدري متى يموت كما قال الله عز وجل ( وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)(لقمان: من الآية34) إذا كنا لا نعلم ما نكسبه غداً وهو من أفعالنا فإننا لا نعلم متى نموت وهو من أفعال الله عز وجل وإذا كنا لا ندري بأي أرض نموت مع إن الإنسان يتنقل إلى الأراضي باختيارنا إنه لا يدري متى يموت إذاً فالمكان مجهول والزمان مجهول نسأل الله أن يحسن لنا ولكم الخاتمة وليس الشأن ليس الشأن متى يموت الإنسان ولا أين يموت الإنسان ليس الشأن أن يموت في مكة أو في المدينة أو يموت في غيرهما من بلاد الله وليس الشأن أن يموت يوم الجمعة أو يوم الاثنين أو غيرهما من أيام الأسبوع إنما الشأن كل الشأن على أي حال يموت هذا هو الشأن على أي حال تموت أتموت على الإيمان والإخلاص والتوحيد نسأل الله لنا جميعا ذلك أم تموت على الشك والشرك والكفر والجحود هذا هو الشأن هذا هو الشأن أيها المسلمون ولكن من أراد أن يختم له بخير فليعمل خيرا فإن الله سبحانه وتعالى أكرم وأجود من أن يخذل عبده في مقام الضيق إذا كان يتعرف إلى الله في الرخاء قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة) أي شدة أشد من حضور الأجل أي شدة أشد على الإنسان من مفارقة الحياة الدنيا فإذا تعرف الإنسان إلى ربه في الرخاء بطاعته والتوسل إليه بعبادته ودوام ذكره فإن الله تعالى يتعرف إليه في الشدة رزقنا الله وإياكم ذلك الشأن كل الشأن على أي حال يموت ورد في بعض الآثار أن الإنسان عند موته تعرض عليه الأديان اليهودية والنصرانية والإسلام وأن الشيطان يتمثل له في صورة أبيه ويقول يا بني عليك بدين اليهود عليك بدين النصارى حتى يخرج على أحد الدينين الباطلين المنسوخين الذين لا يقبلهما الله عز وجل وهذه والله فتنة كبيرة فتنة عظيمة لكن من نعمة الله أنه كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية لا تعرض الأديان على كل ميت بل إذا كان الميت صالح النية مستقيم العبادة فإن الله تعالى ينجيه من هذه الفتنة ولهذا فسر كثير من العلماء فتنة الممات التي نتعوذ بالله منها في كل صلاة بأنها الفتنة عند الموت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا تشهدنا التشهد الأخير أن نقول: ( أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال ) ففسر كثير من العلماء فتنة الممات بأنها الفتنة عند الموت لأنها أعظم فتنة في الحياة إذ أن عليها المدار ( إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى يعني فيما يبدو للناس حتى ما يكون بينه وبينها ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها رؤي الإمام أحمد رحمه الله وهو في سياق الموت يقول بعد؛ بعد يقول بعد؛ بعد فقيل له كيف بعد ؛ بعد قال إن الشيطان أمامي يعض أنامله يقول فتني يا أحمد فقلت له بعد؛ بعد أي ما دام الإنسان نفسه في جسد ه فإنه تخشى عليه الفتنة أيها الإخوة المسلمون جاء ملك الموت إلى موسى عليه السلام ليقبض روحه ثم رجع إلى الله فقال أرسلتني إلى رجل لا يريد الموت فقال الله لملك الموت أيريد الحياة قال نعم فقال يضع يده على جلد ثور وله بكل شعرة تحت يده سنة من السنوات فذهب الملك إلى موسى وقال له ذلك فقال موسى ثم ماذا قال ثم الموت كل نفس ذائقة الموت فقال فمن الآن لأن الإنسان مهما طالت به الحياة فكأنه إذا جاءه الموت لم يلبث إلا ساعة من نهار بل أن يوم القيامة إذا جاء كأن لم يلبثوا إلا ساعة من نهار كما قال الله تعالى ( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ)(الاحقاف: من الآية35) قال موسى فمن الآن ولكنه سأل الله أن يدنيه من البلاد المقدسة فأدناه الله منها قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقبره عند الكثيب الأحمر ولو كنت ثم لأريتكم إياه لكنه أي قبر موسى مجهول الآن لا يعلم أين هو ولا يعلم أي قبر من قبور الأنبياء إلا قبرا واحدا هو قبر محمدا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويذكر أن إبراهيم عليه السلام دفن في البلد الذي في فلسطين الذي يسمى الخليل فالله أعلم الشيء المتيقن من قبور الأنبياء هو قبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومع ذلك فإن أصحاب القبور لا ينفعون من يدعون القبور بل لا يرضون لأحد من الناس أن يدعوهم إذا كانوا من أولياء الله أو إذا كانوا من الصديقين والشهداء والأنبياء لا يرضى أحدا يؤمن بالله واليوم الآخر أن يدعوه أحد من الناس أبدا ولهذا إذا كان يوم القيامة يقول الله تعالى ( يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ* مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (المائدة:116-117) أيها المسلمون إنني جئت بهذه الجملة ليتبين أن هؤلاء الذين يفتنون بالقبور ليدعون الأولياء هم ضالون مشركون بالله عز وجل ومن يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار إن أظلم الظلم أن تجعل لله ندا وهو خلقك (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)(لقمان: 13)وإني لأعجب من هؤلاء السفهاء كيف يدعون أصحاب القبور وهم جثث هامدة لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضراً فكيف يملكون لغيرهم وأقول أدعوا رب الناس ادعوا الله عز وجل أدعوه بلا واسطة بينكم وبينه فإنه لا واسطة بين الله وبين الخلق في الدعاء (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (غافر:60) اللهم أنا نسألك أن تنصر الإسلام والمسلمين اللهم أنصر الإسلام والمسلمين اللهم أنصر الإسلام والمسلمين اللهم دمر أعداء الدين من اليهود والنصارى والمشركين والمنافقين و الملحدين اللهم دمر أعداء الدين جميعا اللهم أجعل كلمتك هي العليا اللهم انصر إخواننا في البوسنة والهرسك اللهم أنصرهم اللهم أنصرهم اللهم أعنهم على ما تحملوه من اللأواء والبأساة اللهم أهزم الكروات والصرب اللهم أهزمهم هزيمة نكراء
المصدر




بارك الله فيك

اللهم اجعل أختنا من أهل الجنة

أعادها عليك الله بالثواب

في قمة الافادة




بارك الله فيك وجزاك الله خيرا على هذا الموضوع القيم،جعله الله في ميزان حسناتك.




tu est tre organisie est tu est une vrais musilman?الاثنين 11 ذو القعدة 1443