التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[مطوية] مطوية تضارب أناجيل النصارى في ظهور المسيح (أثنى على المطويات شيخنا عبد الغني

تعليمية تعليمية
[مطوية] مطوية تضارب أناجيل النصارى في ظهور المسيح (أثنى على المطويات شيخنا عبد الغني عوسات حفظه الله)

المطويات الدعوية …205

تضارب أناجيل النصارى في ظهور المسيح
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فإن المتأمل في كتب النصارى يجد تناقضات وتضاربات لا حد لها وباعتراف علمائهم وكبرائهم ومن أعظم التناقضات قصة ظهور المسيح عليه الصلاة والسلام بعد موتته المزعومة !
فنبدأ أولا بذكر ما يقوله إنجيل مرقس في مختلف الموضوعات التي نتعرض لها في هذه الدراسة ، ثم نتبع ذلك بما تقوله بقية الأناجيل في ذات الموضوع . ويرجع ذلك لما هو متفق عليه من أن إنجيل مرقس يعتبر أقدم الأناجيل القانونية التي وصلتنا ، بالإضافة لكونه المصدر الرئيسي الذي نقل عنه كل من متى ولوقا !!!!.
إنجيل مرقس لا يقول شيئا عن موضوع الظهور .
ولسوف يسرع بعض القراء إلى النسخ التي في متناول أيديهم من إنجيل مرقس ، بغية التثبت من حقيقة هذا الإدعاء الخطير ، فيجدون خاتمة هذا الإنجيل – ( الأعداد من 9 إلى 20 ) التي ينتهي بها الإصحاح السادس عشر – تتكلم عن ظهور المسيح لبعض الناس بعد فتنة الصلب وروايات القيامة .
وهنا يحدث لبس تزيله الحقيقة الآتية :

إن خاتمة إنجيل مرقس التي تتكلم عن ظهور المسيح ( الأعداد من 9 إلى 20 ) – ليست من عمل مرقس كاتب الإنجيل ، ولكنها إضافات أدخلت إليه حوالي عام 180 م ، أي بعد أن سطر مرقس إنجيله بنحو 120 عاماً ، ولم تأخذ أي صورة قانونية إلا بعد عام 325 م .
ونضيف الآن قول نينهام :
" إنه على الرغم من أن هذه الأعداد ( 9 – 20 ) تظهر في أغلب النسخ الموجودة لدينا من إنجيل مرقس ، إلا أن النسخة القياسية المراجعة مصيبة تماماً في اعتبارها غير شرعية ، منزلة إياها من النص إلى الهامش .
إن العالم الكاثوليكي " لاجرانج " واضح تماماً في قوله : إنه بالرغم من قانونيتها ( أي أنها جزء من الكتاب المقدس ) ، فإنها ليست قانونية بالمعنى الحرفي ( أي ليست من عمل القديس مرقس ) . وتقوم وجهة النظر التي تتطابق وآراء العلماء الآخرين على ثلاثة أسباب رئيسية هي :
1 – إن بعض أفضل النسخ من إنجيل مرقس تنتهي عند ( 16 : 8 ) ، وبعض النسخ الأخرى تتفق معها في حذف الأعداد ( 9 – 20 ) ، لكنها تعطي بدلا من ذلك خاتمة ( أخرى ) .

2 – إن كبار العلماء في القرن الرابع مثل ايزييوس وجيروم يشهدون بأن هذه الأعداد كانت ساقطة من أفضل النسخ الإغريقية المعلومة لديهم .
3 – والأكثر حسماً من كل ما سبق هو أن أسلوب تلك الأعداد ومفردات اللغة التي كتبت بها يعطي أسلوب القرن الثاني ، وهو شيء يختلف تماماً عما كتب به القديس مرقس .
إن هذه الفقرة لا يمكن تحديد تاريخها بالضبط ، ويمكن القول بأنها أصبحت تقبل كجزء من إنجيل مرقس حوالي عام 180 م " (1) .
كذلك يقول جون فنتون : " على حسب معلوماتنا فإن إنجيل مرقس الذي كان بين يدي متى ، قد انتهى عند ( 16 : 8 ) ، وعلى هذا فإن ظهور يسوع للنساء في إنجيل ( متى 28 : 8 ) قد أضافه متى !! .
وحسبما نعلم فإن إنجيل مرقس لم يحتو على أي روايات تتكلم عن ظهور الرب المقام من الأموات " (2) .

روايات الأناجيل :
ومع ذلك سوف نذهب إلى نسخ إنجيل مرقس التي تتكلم عن ظهور المسيح فنجدها تقول :
" وبعد ما قام باكراً في أول الأسبوع ظهر أولا لمريم المجدلية التي قد أخرج منها سبعة شياطين . فذهبت هذه وأخبرت الذين كانوا معها وهم ينوحون ويبكون ، فلما سمع أولئك أنه حي وقد نظرته ، لم يصدقوا .

وبعد ذلك ظهر بهيئة أخرى لاثنين منهم وهما يمشيان منطلقين في البرية . وذهب هذان وأخبرا الباقين ، فلم يصدقوا ولا هذين .
أخيراً ظهر للأحد عشر وهم متكئون ووبخ عدم إيمانهم وقساوة قلوبهم لأنهم لم يصدقوا الذين نظروه وقد قام " ( 16 : 9 -14 ) .
ولقد علمنا حسب رواية متى عن زيارة النساء للقبر ، أن مريم المجدلية ومريم الأخرى قد حملها ملاك الرب رسالة يقول فيها : " اذهبا سريعاً قولا لتلاميذه إنه قد قام من الأموات . ها هو يتبعكم إلى الجليل " .
وعندئذ خرجتا سريعاً من القبر بخوف وفرح عظيم راكضتين لتخبرا تلاميذه " .
والآن نضيف قول متى : " وفيما هما منطلقتان لتخبرا تلاميذه إذا يسوع لاقاهما وقال " سلام لكما " فتقدمتا وأمسكتا بقدميه وسجدتا له ، فقال لهما يسوع : لا تخافا اذهبا قولا لإخوتي أن يذهبوا إلى الجليل وهناك يرونني .
وأما الأحد عشر تلميذاً فانطلقوا إلى الجليل إلى الجبل حيث أمرهم يسوع .
ولما رأوه سجدوا له ، ولكن بعضهم شكوا " ( 28 : 9 -17 ) .

وبعد أن ذكر لوقا ما روته النسوة من حديث القيامة للتلاميذ والرسل نجده يتكلم عن الظهور فيقول : " وإذا اثنين منهم كانا منطلقين في ذلك اليوم إلى قرية بعيدة عن أورشليم . . وفيما هما يتكلمان ويتحاوران اقترب إليهما يسوع نفسه وكان يمشي معهما ولكن أمسكت أعينهما عن معرفته . فقال لهما ما هذا الكلام الذي تتطارحان به . .
فقالا المختصة بيسوع الناصري الذي كان إنساناً نبيا مقتدراً في الفعل والقول أمام الله وجميع الشعب . ..( 24 : 13 -43 ) .
ويقول يوحنا …إن مريم المجدلية كانت تبكي عند القبر ، فقال لها الملاكان :
" يا امرأة لماذا تبكين قالت لهما إنهم أخذوا سيدي ولست أعلم أين وضعوه . ولما قالت هذا التفتت إلى الوراء فنظرت يسوع واقفاً ولم تعلم أنه يسوع .
قال لها يسوع : يا إمرأة لماذا تبكين من تطلبين . فظنت تلك أنه البستاني فقالت له يا سيد : إن كنت أنت قد حملته فقل لي أين وضعته وأنا آخذه … ( 20 : 13 -26 ، 21 : 1 – 14 ) .

ملاحظات على روايات الأناجيل :
لقد عرضنا ما ترويه الأناجيل الأربعة عن ظهور المسيح ، وكلها روايات تسمح بإبداء الملاحظات الآتية :

1 – اتفق مرقس ومتى ويوحنا على أن الظهور الأول كان من نصيب مريم المجدلية التي لم تعرفه وظنته البتساني ، بينما أسقط لوقا تلك الرواية تماماً ، وجعل الظهور الأول من نصيب اثنين كانا منطلقين إلى قرية عمواس .
2 – حدث الظهور للتلاميذ مرة واحدة في كل من مرقس ومتى ولوقا ، بينما تحدث عنه يوحنا ثلاث مرات بصور مختلفة .
3 – اتفق مرقس ومتى على أن الظهور للأحد عشر تلميذاً حدث في الجليل ، فاختلفا في ذلك مع لوقا ويوحنا اللذين جعلاه في أورشليم .
4 – وأخطر من ذلك كله هو اتفاق الأناجيل في هذه القضية على شيء واحد هو أن ذلك الذي ظهر لمريم المجدلية وللتلاميذ كان غريباً عليهم ، ولم يعرفوه جميعاً وشكوا فيه ، وهم الذين عايشوا المسيح وعرفوه عن قرب .
كيف يقال بعد ذلك أن المسيح ظهر لمعارفه وتلاميذه؟ (3)

_________
(1) تفسير إنجيل مرقس : ص449 -450 .
(2) تفسير إنجيل متى : ص449 -450.

(3) باختصار وتصرف من كتاب مناظرة بين الإسلام والنصرانية.
أعد المطويات: أبو أسامة سمير الجزائري
أثنى عليها شيخنا عبد الغني عوسات حفظه الله
قدم لها الشيخ: علي الرملي حفظه الله

مدونة المطويات
http://www.ahlos-sunnah.com/matwyat

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




التصنيفات
اسلاميات عامة

كلمة في منهج الدعوة إلى الله الشيخ عبد الغني عوسات

كلمة في منهج الدعوة إلى الله
الشيخ عبد الغني عوسات

إنَّه لا يخفى على أحدٍ واقعُ المسلمين، وما وَصَلُوا إليه من الذُّلِّ والصَّغَارِ، وفسادِ الأحوال المؤْذِنِ بالخرابِ والدَّمارِ، ممَّا لا يجدي عدّ صور هذا الواقع دون معالجة جادَّة لهذا الوضع المرِيرِ.
وَلَعَلَّ المرْءَ عندم يَنْظُرُ إلى النَّتِيجَةِ يقوده نظرُه إلى المقدِّمة التي هي مخاضُها ومناطُها فالحكم على الشَّيْءِ فَرْعٌ عن تصوُّرِه ـ فيجد السَّبب الرَّئيس الذي آلَ بالمسلمين إلى هذه الحالة المزْرِيَةِ، هو ابتعادُهم عن كتاب الله تعالى، وعدمُ تمسُّكِهم بسنَّةِ المصطفى ـ عليه الصَّلاة والسَّلام ـ وزهدُهم في اتِّباع منهج سَلفهم الصَّالح، وهو ما أشار إليه نبيُّ هذه الأمّة ـ عليه الصَّلاة والسَّلام في هذا البيان المعبَّر عنه بأصدق لسانٍ، حين قال: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ البَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللِه، سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ، ل يَنْزعُهُ عَنْكُمْ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ».(1)
وقال أيضًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «وَضُرِبَ(2) الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي»، فَبَلَغَ بذلك الذُّلُّ والهوانُ استغلالَ أهل الشِّرك والكفر لخيراتِ المسلمين وسفْكَ دمائهم، وتدنيسَ أعراضهم، وانتهاكَ مقدَّساتِهم، حين تَنَادَوْ عليهم مُؤْتَمِرِينَ وتداعوْا عليهم مُتَحَالِفِينَ، فلم تُغْنِ عنهم كَثْرَتُهم شيئًا وذاقوا وبالَ أمرِهم وانقلبوا خاسِرينَ، وهو ما أخبر عنه الصَّادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ـ في قوله: «يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ كَمَ تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا»، فقال قائل: «أوَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذ؟» قال: «بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ المَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ فِي قُلُوبِكُمُ الوَهن»، قالوا: يا رسول الله! وما الوهنُ؟ قال: «حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ المَوْتِ».(3)
وبهذا يُدركُ العاقلُ الأَرِيبُ أنَّ ذلك راجع إلى المسلمين أنفسِهم، وأنَّ كلَّ ما أصابَ النَّاسَ من مصيبة فبِما كسبت أيديهم، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُو بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ﴾[الأعراف : 165]، وقال تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ﴾[الشورى : 30].
وقال ـ عليه الصَّلاة والسَّلام ـ: «مَا اخْتلج عِرْقٌ وَلاَ عَيْنٌ إِلاَّ بِذَنْبٍ، وَمَا يَدْفَعُ اللهُ عَنْهُ أَكْثَرُ».(4)
وإنَّ ذوي النُّفوس الأبِيَّة مهما حلَّت بهم رَزِيَّةٌ أو ألمَّتْ بهم رَدِيَّةٌ فإنَّهم يَسْعَوْنَ إلى إزالتِها بإرادةٍ قويَّةٍ وآمالٍ سَنِيَّة وأعمال سُنِّيَّةٍ، وسُرعان ما يُمْعِنُونَ النَّظرَ ويُنْعِمُونَ الفِكْرَ ويُحكِمُون السَّبْرَ لواقعهم، فيحاسبون أنفسَهم فَيُدْرِكُونَ مواقع العِلَلِ ويهتدون إلى مواطنِ الزَّلَلِ، ويتنبهون إلى سببِ الخَلل، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ﴾[الرعد : 11].
وعن الرَّسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنَّه قال: «إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ»، قالوا: فكيفَ لنَا يا رسُولَ الله؟ وكيفَ نصنعُ؟ قال: «تَرْجِعُونَ إِلَى أَمْرِكُمُ الأَوَّل»(5)، وبذلك يعلمون أنْ لا مَنَاصَ مِنَ الواقع المزْرِي ولا خلاص مِنَ الوضع المتَرَدِّي إلاَّ بإصلاح ما أُفسِد، وجَبْرِ ما انْكَسَر، وتَقويةِ ما ضَعُف، وحُسنِ الرُّجوع إلى الحقِّ المبين، وصدقِ العودة إلى المنبَع المَعين، وذلك هو سبيل القوَّة والتَّمكين، والخروجِ من هذا الوضعِ المهِين، وذلك لا يتعلَّق ولا يتحقَّقُ إلاَّ بالإصلاح الصَّحيح القائمِ على أسُسِهِ المتِينَةِ والمُنبَثق من مظانِّه المُبِينة.
قال العلاَّمةُ عبدُ الرَّحمنِ بنُ يَحْيَى المُعَلِّمِي اليَمَانِي: «قد أَكْثَرَ العارفُون بالإسلام المخلصون له ـ من تَقْرِير أنَّ كلَّ ما وقع فيه المسلمون من الضَّعف والخَوَر والتَّخاذل ـ وغيرِ ذلك من وجوه الانْحِطَاطِ ـ إنَّما كان لبُعدهم عن حقيقة الإسلام.
وأرى أنَّ ذلك يرجعُ إلى أمُور:
الأول: الْتِبَاسُ ما ليس من الدِّين بما هو منه.
الثاني: ضَعْفُ اليَقِينِ بما هو من الدِّين.
الثالث: عدمُ العمل بأحكام الدِّين.
وأرى أنَّ معرفةَ الآدابِ النَّبويَّة الصَّحيحةِ، في العبادات والمعاملات، والإقامةِ والسَّفر، والمُعَاشَرَةِ والوَحْدَةِ، والحركةِ والسُّكونِ، واليقظةِ والنَّومِ، والأكلِ والشُّرْبِ، والكلامِ والصَّمْتِ، وغيرِ ذلك ممَّا يَعْرِضُ للإنسان في حياته، مع تَحَرِّي العملِ بما يَتَيَسَّرُ، هو الدَّوَاءُ الوحيدُ لِتِلْكَ الأمراضِ، فإنَّ كثيرًا من تلك الآداب سَهل على النَّفس، فإذا عمل الإنسانُ بما يسهُل عليه منه تاركًا لما يخالفُها لم يَلْبَثْ ـ إنْ شاء الله تعالى ـ أن يَرْغَبَ في الازْدِيادِ، فعسى أن لا تمضيَ عليه مدَّةٌ إلاَّ وقد أصبح قدوَةً لغيره في ذلك؛ وبالاهتداء بذلك الهَدْيِ القَويم، والتَّخَلُّقِ بذلك الخُلُقِ العظيم ـ ولو إلى حدٍّ مَا ـ يَسْتَنِيرُ القلبُ، ويَنْشَرِحُ الصَّدْرُ، وتطمئِنُّ النَّفْسُ، فيَرْسَخُ اليقينُ ويَصْلُحُ العملُ.
وإذا كَثُرَ السَّالِكُونَ في هذا السَّبيل لم تَلْبَثْ تلك الأمراضُ أنْ تزولَ إن شاء الله».(6)
ولمَّا كان الإصلاحُ بهذه المنزلة الرَّفيعة والمَهمَّة العظيمةِ، كان لِزَامًا على من يُريد الإصلاحَ أن يكون على بصيرة من أمرهِ ومُتَحَلِّيًا في ذلك بصفاته الجديرةِ، قال تعالى: ﴿قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [يوسف : 108]، ومُتَّسما في دعوتِه بما أمره به ربُّه حيث قال تعالى: ﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾[النحل : 125].
قال العلاَّمةُ ابن باديس ـ رحمه الله ـ: «شرع اللهُ لعباده ـ بما أنزلَ في كتابه، وما كان من بَيان رسولِه ما فيه استنارةُ عقُولهم، وزكاءُ نفوسِهم واستقامةُ أعمالهم، وسمَّاه سبيلا؛ ليلتزمُوه في جميع مراحلِ سيرِهم في هذه الحيَاة؛ ليُفضِيَ بهم إلى الغايةِ المقصودةِ، وهيَ السَّعادة الأبديَّةُ في الحياةِ الأُخرى؛ وأضافَه إلى نفسِه ليَعلَمُوا أنَّه هو وَضعَهُ وأنَّه لا شيءَ يُوصِلُ إلى رضْوانِه سِوَاه»(7).
وإنَّ على الدَّاعيةِ إلى الإصلاحِ على عِلمٍ وبَصيرةٍ أن يجعلَ نصبَ عَيْنَيْهِ جهودَ الأوَّلين فإنَّه كانت غيرَ قَصِيرَةٍ، وكانت آثَارُها غَزِيرَةً، وعلى رأسِهم الأنبياءُ الَّذين في نهجِهم الحكمةُ والعقلُ، والعصمةُ من الزَّلَلِ، وكان شعارُهم في ذلك ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾[هود : 88]، وتبَعًا لهم الصَّحابةُ ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ فقد كانوا على الإصلاح حَرِيصِينَ وعلى الصَّلاح ثَابِتِينَ، ويليهم من اتَّبَعَهُمْ فيه بإحسان إلى يوم الدِّين من الَّذين يَصْلُحُون إذا فَسَد النَّاسُ، والذين يُصْلِحُون ما أفسَدَ النَّاسُ.

فلابدَّ إذًا من منهج سديدٍ وطريق رشيدٍ يَتَّبِعُهُ كلُّ مَنْ يريدُ الإصلاحَ لا يَزِيغُ عنه ولا يَحِيدُ، وهو ما كان مُنْضَبِطًا في ذاته وضَابِطًا لغيره، ولقد قال الإمام مالك بنُ أنسٍ ـ إمامُ دارِ الهجرة وإمامُ عِلْمٍ وهُدَى ـ كلمةً ذهبيَّةً مُذَكِّرً المُصلِحين بأنْ لا سبيل للصَّلاح والإصْلاح إلاَّ إذا كان على سبيل الصُُّلاَّح، فقال ـ رحمه الله ـ: «وَمَا لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ دِينًا لاَ يَكُونُ اليَوْم دِينًا، وَلَنْ يصلح آخر هذه الأمَّةِ إلاَّ بما صلح به أوَّلها».(8)
وعَقيبَ هذه الكلمةِ القويَّة قال الإمامُ محمَّد البشير الإبراهيمي متعلِّقا بمَبناها ومُعلِّقا على معناها: «جملةٌ إن لم تكن من كلامِ النُّبوَّة فإنَّ عليها مَسحةً من النُّبوَّة، ولمحَةً من روحها، ووَمضَةً من إشراقها؛ والأمَّةُ المشارُ إليها في هذه الجملةِ أمة محمَّدٍ ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وصلاحُ هذه الأمة شيءٌ ضُربت به الأمثال، وقُدِّمت عليه البراهين، وقام غائبُه مقامَ العَيان، وخَلَّدته بطونُ التَّواريخ، واعترفَ به الموافقُ والمخالفُ، ولهج به الرَّاضي والسَّاخط، وسجَّلته الأرض والسَّماء، فلو نطقت الأرض لأخبَرت أنَّها لم تَشهد ـ منذ دَحْدَحها الله ـ أمَّةً أقومَ على الحقِّ وأهدى به من أوَّلِ هذه الأمَّة، ولم تشهد منذ دَحدحها الله مجموعةً من بني آدم اتَّحدت سَرائرُها وظواهرُها على الخير مثلَ أوَّل هذه الأمَّة، ولم تشهد منذُ دَحدحها الله قومًا بدأوا في إقامة قانُون العدلِ بأنفسهم، وفي إقامة شِرْعَة الإحسان بغيرِهم مثلَ أوَّل هذه الأمَّة، ولم تشهد منذُ أنزل الله إليه آدمَ وعَمَرَها بذريَّتِه مثالا صحيحًا للإنسانيَّة الكاملةِ حتَّى شهدته في أوَّلِ هذه الأمَّة، ولم تشهد أمَّةٌ وحَّدَتِ اللهَ فاتَّحدَت قُوَاها على الخير قبلَ هذه الطَّبقة الأولى من هذه الأمَّة».(9)
فهو منهجٌ إذًا تَمتَدُّ أُصُولُه إلى الصَّدر الأوَّل وتَنْبعُ جذورُه مما قَرَّرَهُ العلماء الرَّبَّانِيُّونَ على مدار القُرُونِ، لا يَتَغَيَّرُ بتغيُّر الزَّمان والمكان، مهما تباعدتِ الأمْصَارُ وتقادمتِ الأعصارُ، فكانت قاعدةً جامعةً ومقالةً نافعةً: «نقتَدِي ولا نبتَدِي، نَتَّبِعُ ولا نَبْتَدِعُ»، فإنَّ منهج السَّلف حجَّةٌ على الخلَفِ، قال عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ: «من كان مُتَأَسِّيً فَلْيَتَأَسَّ بأصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإنَّهم كانوا أبرَّ هذه الأمَّة قلوبًا، وأعمقَها علمًا، وأقلَّها تكلُّفًا، وأقومَها هَدْيًا، وأحسنَها حالاً؛ قومٌ اختارَهُم الله لصُحبَةِ نَبِيِّهِ، وإقامةِ دينهِ، فاعرفوا لهم فضلهم، واتَّبعوهم في آثارهم، فإنَّهم كانوا على الهدى المستقيم»(10)، ولتأكيد ذلك في أذهان النَّاس وتقريره، قال الإمام الأوزاعي ـ رحمه الله ـ مقولةً مشهورةً في تعبيره: «اصبرْ نَفْسَك على السُّنَّةِ، وَقِفْ حيث وَقَفَ القومُ، وقُلْ بما قالوا، وكفَّ عما كفُّوا، واسلكْ سبيلَ سلفِك الصَّالحِ، فإنَّه يَسَعُك ما وَسِعَهم».(11)
ولعل القارئَ إذا أنعم النَّظرَ في دعوة الرُّسُل عليهم صلوات الله أجمعين، يجدُها ثابتةً غير متغيِّرة على اختلاف الزَّمان والمكان وحالِ الأقوام الذين أُرْسِلُوا إليهم وطولِ الفترة بين الرُّسل، فلم يتغيَّر أساسُ الرِّسالةِ ونقطةُ البدايةِ في الدّعوة والإصلاح ولو مرَّةً واحدة، وإنَّما قامت جميع الرِّسالات بالدَّعوة إلى إفراده سبحانه بالعبادة، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ﴾[النحل : 36]، وقال لنبيِّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ مخبرًا إيَّاه بما أُرسِل من سبقه في الميدان والبَيَان: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾[الأنبياء : 25]، فإنَّ الله تعالى العليم الحكيم اللَّطيف الخبير، العليم بأحوال عباده والخبير بما يليق ويصلح لهم في كلِّ حال قد اختار هذا لجميع الأوَّلين بدايةً بالمرسلين وكذلك المُرْسَلِ إليهم، فأَمَرَهُم أن يكونوا لهم من المتَّبِعين.
فليس لأحدٍ من البَشَرِ أن يغيِّرَه باختياره لنفسِه أو لغيرِه طريقًا وصراطًا ومنهجًا للإصلاح غير هذ الطَّريق بدَعْوى «تغيِّر الظُّروف» أو «اختِلافِ المَطالبِ» وغيرِ ذلك من المسوِّغات الوَهْمِيَّة والمبرِّرَات غيرِ الشَّرْعِيَّة، قال تعالى: ﴿وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً﴾[النساء : 115]. ويا دُعاة الإصلاح! اتَّبعوا ولا تبتدعوا فقد كُفِيتُمْ.
أمَّا مجالات الإصلاح التي ينبغي للمصلح أن يعتنيَ بها في دعوته ورسالته فإنَّها كثيرةٌ متعدِّدَةٌ تَعَدُّدَ ما دَخَلَ على أصولِ الدِّين وفروعِه من محدثات وتحريفات في مختلف المجالات بدءًا بالعقيدة والسُّنَّة والفقه والدَّعوة والسُّلوك وغيرها، والله المستعان وعليه التكلان.

(1)رواه أبو داود والبيهقي وأحمد وغيرهم من رواية ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ، راجع: «السلسلة الصحيحة»(11).
(2) وفي رواية: «وجعل الذل…»، رواه أحمد (2/50، 92) عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ، انظر: «إرواء الغليل» (1269).
(3) رواه أبو داود وأحمد وغيرهما عن ثوبان ـ رضي الله عنه .
(4) «صحيح الجامع .(5521) «
(5) رواه الطبراني في «الكبير» و«الأوسط»، عن أبي واقد الليثي؛ وهو حديث حسن؛ «الصحيحة» (3165).
(6) في مقدمته على «فضل الله الصمد» (1/17).
(7) «الدُّررُ الغاليةُ في آداب الدَّعوة والدَّاعية» (25 ـ 26) للإمام ابن باديس رحمه الله .(8)رواه عنه ابن الماجشون، كما ذكرها الشاطبي في «الاعتصام».
(9) هذه الكلمات طليعة حديث كان ألقاه الشيخ البشير الإبراهيمي بدار الإذاعة في بغداد واختص به مجلة «الأخوة الإسلامية»، (العدد 1/22 نوفمبر 1952)، ثم نقلته «البصائر»، (العدد 5/20 فيفري 1953) ويمكننا قراءة الحديث كاملا في «آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي» (4/93-95).
(10) رواه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله» (1810).
(11) الآجري في «الشريعة» (1/58)




|||ردد معي|||~~~|||~~~|||الله||| ~~~|||أكبر|||
|||~~~|||~~~|||~~~اللهم ارزقنا الجــــــــــــــنه امين
|||ردد معي|||سبحان|||~~~|||الله| ||~~~|||وبحمده||

بارك الله فيك في ميزان حسناتك ان شاء الله

|||ردد معي|||~~~|||~~~|||الله||| ~~~|||أكبر|||
|||~~~|||~~~|||~~~اللهم ارزقنا الجــــــــــــــنه امين
|||ردد معي|||سبحان|||~~~|||الله| ||~~~|||وبحمده||




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[مطوية] مطوية تضارب أناجيل النصارى في ظهور المسيح (أثنى على المطويات شيخنا عبد الغني

تعليمية تعليمية
[مطوية] مطوية تضارب أناجيل النصارى في ظهور المسيح (أثنى على المطويات شيخنا عبد الغني عوسات حفظه الله)

المطويات الدعوية …205

تضارب أناجيل النصارى في ظهور المسيح
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فإن المتأمل في كتب النصارى يجد تناقضات وتضاربات لا حد لها وباعتراف علمائهم وكبرائهم ومن أعظم التناقضات قصة ظهور المسيح عليه الصلاة والسلام بعد موتته المزعومة !
فنبدأ أولا بذكر ما يقوله إنجيل مرقس في مختلف الموضوعات التي نتعرض لها في هذه الدراسة ، ثم نتبع ذلك بما تقوله بقية الأناجيل في ذات الموضوع . ويرجع ذلك لما هو متفق عليه من أن إنجيل مرقس يعتبر أقدم الأناجيل القانونية التي وصلتنا ، بالإضافة لكونه المصدر الرئيسي الذي نقل عنه كل من متى ولوقا !!!!.

إنجيل مرقس لا يقول شيئا عن موضوع الظهور .
ولسوف يسرع بعض القراء إلى النسخ التي في متناول أيديهم من إنجيل مرقس ، بغية التثبت من حقيقة هذا الإدعاء الخطير ، فيجدون خاتمة هذا الإنجيل – ( الأعداد من 9 إلى 20 ) التي ينتهي بها الإصحاح السادس عشر – تتكلم عن ظهور المسيح لبعض الناس بعد فتنة الصلب وروايات القيامة .
وهنا يحدث لبس تزيله الحقيقة الآتية :

إن خاتمة إنجيل مرقس التي تتكلم عن ظهور المسيح ( الأعداد من 9 إلى 20 ) – ليست من عمل مرقس كاتب الإنجيل ، ولكنها إضافات أدخلت إليه حوالي عام 180 م ، أي بعد أن سطر مرقس إنجيله بنحو 120 عاماً ، ولم تأخذ أي صورة قانونية إلا بعد عام 325 م .
ونضيف الآن قول نينهام :
" إنه على الرغم من أن هذه الأعداد ( 9 – 20 ) تظهر في أغلب النسخ الموجودة لدينا من إنجيل مرقس ، إلا أن النسخة القياسية المراجعة مصيبة تماماً في اعتبارها غير شرعية ، منزلة إياها من النص إلى الهامش .
إن العالم الكاثوليكي " لاجرانج " واضح تماماً في قوله : إنه بالرغم من قانونيتها ( أي أنها جزء من الكتاب المقدس ) ، فإنها ليست قانونية بالمعنى الحرفي ( أي ليست من عمل القديس مرقس ) . وتقوم وجهة النظر التي تتطابق وآراء العلماء الآخرين على ثلاثة أسباب رئيسية هي :
1 – إن بعض أفضل النسخ من إنجيل مرقس تنتهي عند ( 16 : 8 ) ، وبعض النسخ الأخرى تتفق معها في حذف الأعداد ( 9 – 20 ) ، لكنها تعطي بدلا من ذلك خاتمة ( أخرى ) .

2 – إن كبار العلماء في القرن الرابع مثل ايزييوس وجيروم يشهدون بأن هذه الأعداد كانت ساقطة من أفضل النسخ الإغريقية المعلومة لديهم .
3 – والأكثر حسماً من كل ما سبق هو أن أسلوب تلك الأعداد ومفردات اللغة التي كتبت بها يعطي أسلوب القرن الثاني ، وهو شيء يختلف تماماً عما كتب به القديس مرقس .
إن هذه الفقرة لا يمكن تحديد تاريخها بالضبط ، ويمكن القول بأنها أصبحت تقبل كجزء من إنجيل مرقس حوالي عام 180 م " (1) .
كذلك يقول جون فنتون : " على حسب معلوماتنا فإن إنجيل مرقس الذي كان بين يدي متى ، قد انتهى عند ( 16 : 8 ) ، وعلى هذا فإن ظهور يسوع للنساء في إنجيل ( متى 28 : 8 ) قد أضافه متى !! .
وحسبما نعلم فإن إنجيل مرقس لم يحتو على أي روايات تتكلم عن ظهور الرب المقام من الأموات " (2) .

روايات الأناجيل :
ومع ذلك سوف نذهب إلى نسخ إنجيل مرقس التي تتكلم عن ظهور المسيح فنجدها تقول :
" وبعد ما قام باكراً في أول الأسبوع ظهر أولا لمريم المجدلية التي قد أخرج منها سبعة شياطين . فذهبت هذه وأخبرت الذين كانوا معها وهم ينوحون ويبكون ، فلما سمع أولئك أنه حي وقد نظرته ، لم يصدقوا .

وبعد ذلك ظهر بهيئة أخرى لاثنين منهم وهما يمشيان منطلقين في البرية . وذهب هذان وأخبرا الباقين ، فلم يصدقوا ولا هذين .
أخيراً ظهر للأحد عشر وهم متكئون ووبخ عدم إيمانهم وقساوة قلوبهم لأنهم لم يصدقوا الذين نظروه وقد قام " ( 16 : 9 -14 ) .
ولقد علمنا حسب رواية متى عن زيارة النساء للقبر ، أن مريم المجدلية ومريم الأخرى قد حملها ملاك الرب رسالة يقول فيها : " اذهبا سريعاً قولا لتلاميذه إنه قد قام من الأموات . ها هو يتبعكم إلى الجليل " .
وعندئذ خرجتا سريعاً من القبر بخوف وفرح عظيم راكضتين لتخبرا تلاميذه " .
والآن نضيف قول متى : " وفيما هما منطلقتان لتخبرا تلاميذه إذا يسوع لاقاهما وقال " سلام لكما " فتقدمتا وأمسكتا بقدميه وسجدتا له ، فقال لهما يسوع : لا تخافا اذهبا قولا لإخوتي أن يذهبوا إلى الجليل وهناك يرونني .
وأما الأحد عشر تلميذاً فانطلقوا إلى الجليل إلى الجبل حيث أمرهم يسوع .
ولما رأوه سجدوا له ، ولكن بعضهم شكوا " ( 28 : 9 -17 ) .

وبعد أن ذكر لوقا ما روته النسوة من حديث القيامة للتلاميذ والرسل نجده يتكلم عن الظهور فيقول : " وإذا اثنين منهم كانا منطلقين في ذلك اليوم إلى قرية بعيدة عن أورشليم . . وفيما هما يتكلمان ويتحاوران اقترب إليهما يسوع نفسه وكان يمشي معهما ولكن أمسكت أعينهما عن معرفته . فقال لهما ما هذا الكلام الذي تتطارحان به . .
فقالا المختصة بيسوع الناصري الذي كان إنساناً نبيا مقتدراً في الفعل والقول أمام الله وجميع الشعب . ..( 24 : 13 -43 ) .
ويقول يوحنا …إن مريم المجدلية كانت تبكي عند القبر ، فقال لها الملاكان :
" يا امرأة لماذا تبكين قالت لهما إنهم أخذوا سيدي ولست أعلم أين وضعوه . ولما قالت هذا التفتت إلى الوراء فنظرت يسوع واقفاً ولم تعلم أنه يسوع .
قال لها يسوع : يا إمرأة لماذا تبكين من تطلبين . فظنت تلك أنه البستاني فقالت له يا سيد : إن كنت أنت قد حملته فقل لي أين وضعته وأنا آخذه … ( 20 : 13 -26 ، 21 : 1 – 14 ) .

ملاحظات على روايات الأناجيل :
لقد عرضنا ما ترويه الأناجيل الأربعة عن ظهور المسيح ، وكلها روايات تسمح بإبداء الملاحظات الآتية :

1 – اتفق مرقس ومتى ويوحنا على أن الظهور الأول كان من نصيب مريم المجدلية التي لم تعرفه وظنته البتساني ، بينما أسقط لوقا تلك الرواية تماماً ، وجعل الظهور الأول من نصيب اثنين كانا منطلقين إلى قرية عمواس .
2 – حدث الظهور للتلاميذ مرة واحدة في كل من مرقس ومتى ولوقا ، بينما تحدث عنه يوحنا ثلاث مرات بصور مختلفة .
3 – اتفق مرقس ومتى على أن الظهور للأحد عشر تلميذاً حدث في الجليل ، فاختلفا في ذلك مع لوقا ويوحنا اللذين جعلاه في أورشليم .
4 – وأخطر من ذلك كله هو اتفاق الأناجيل في هذه القضية على شيء واحد هو أن ذلك الذي ظهر لمريم المجدلية وللتلاميذ كان غريباً عليهم ، ولم يعرفوه جميعاً وشكوا فيه ، وهم الذين عايشوا المسيح وعرفوه عن قرب .
كيف يقال بعد ذلك أن المسيح ظهر لمعارفه وتلاميذه؟ (3)

_________
(1) تفسير إنجيل مرقس : ص449 -450 .
(2) تفسير إنجيل متى : ص449 -450.

(3) باختصار وتصرف من كتاب مناظرة بين الإسلام والنصرانية.
أعد المطويات: أبو أسامة سمير الجزائري
أثنى عليها شيخنا عبد الغني عوسات حفظه الله
قدم لها الشيخ: علي الرملي حفظه الله

مدونة المطويات
http://www.ahlos-sunnah.com/matwyat

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية