=-= أروع ماقيل في المدح الجاهلي =-=
إمروء القيس
مَنَعتَ اللّيثَ من أكلِ ابنِ حُجْرِ * وَكادَ اللّيثُ يُودِي بِابنِ حُجْرِ
مَنَعْتَ فَأنْتَ ذُو مَنٍّ وَنُعْمَى * عَلَيَّ ابنَ الضَّبَابِ بحَيثُ نَدْرِي
سَأشْكُرُكَ الّذِي دَافَعْتَ عَني * وَمَا يَجْزِيكَ مِني غَيْرُ شُكْرِي
فَمَا جَارٌ بِأوْثَقَ مِنْكَ جَاراً * وَنَصْرُكَ للفَرِيدِ أعَزُّ نَصْرِ
**********
أحْلَلْتُ رَحْلي في بَني ثُعَلٍ * إنّ الكَرِيمَ للكَرِيم مَحَلْ
وَجَدْتُ خَيرَ النّاسِ كُلّهِمِ * جَاراً وَأوْفَاهُمْ أبَا حَنْبَلْ
أقْرَبُهُمْ خَيراً وَأبْعَدُهُمْ * شَرّاً وأسْخَاهُمْ فَلا يَبْخَلْ
**********
لَنِعمَ الفَتى تَعشُو إلى ضَوْءِ نَارِهِ * طَرُيفُ بن مَلءٍ ليلةَ الجوع وَالخَصَرْ
إذا البَازِلُ الكَوْماءُ رَاحتْ عَشِيّةً * تُلاوِذُ من صَوْتِ المُبِسِّينَ بالشجَرْ
**********
الحارث بن حلزة
لَمَّا جَفَانِي أخِلاَّئي وَأَسْلَمَنِي * دَهْرِي وَلَحْمُ عِظَامِي اليَوْمَ يُعْتَرَقُ
أقْبَلْتُ نَحْوَأبي قَابُوسَ أمْدَحُهُ * إنَّ الثَّنَاءَ لَهُ وَالحَمْدُ يَتَّفقُ
سَهْلَ المَبَاءَةِ مخْضرّا مَحَلَّتُهُ * مَا يُصْبحُ الدَّهْرُ إلا حَوْلَهُ حَلَقُ
لِلْمُنذِرِينَ وَلِلْمَعْصُوبِ لِمَّتُهُ أنْتَ * الضِّيَاءُ الذي يُجْلَى بِهِ الـأُفُقُ
**********
الحطيئة
لَعَمْرِي لقد أَمْسَى على الـأَمْرِ سَائِسٌ * بَصِيرٌ بِمَا ضّرَّ العَدُوَّ أَرِيبُ
جَرِيءٌ على ما يَكْرَهُ المَرْءُ صَدْرُهُ * ولِلْفَاحِشَاتِ المُنْدِياتِ هَيُوبُ
سَعِيدٌ وما يَفْعَلْ سَعِيدٌ فإنَّهُ * نَجِيبٌ فَلاهُ في الرِّبَاطِ نَجِيبُ
سَعِيدٌ فلا يَغْرُرْكَ خِفَّةُ لَحْمِهِ * تَخَدَّدَ عنه اللّحْمُ وهُوَ صَلِيبُ
إذا خَافَ إصْعَاباً مِنَ الـأَمْرِ صَدْرُهُ * عَلاهُ بَتاتَ الـأَمْرِ وَ هْوَ رَكُوبُ
إذا غِبْتَ عَنَّا غَابَ عَنَّا رَبِيعنا * و نُسْقَى الغَمَامَ الغُرَّ حين تَؤُوبُ
فنِعْمَ الفَتَى تَعْشُو إلى ضَوْءِ نارِهِ * إذا الرِّيْحُ هبَّتْ والمكانُ جَدِيبُ
و ما زِلْتَ تُعْطِي النّفْسَ حتّى كأنّما * يَظَلُّ لـأِقْوامٍ عليكَ نُحُوبُ
إليكَ تَنَاهَى كُلُّ أَمْرٍ يَنُوبُنا و * عِنْدَ ظِلالِ المَوْتِ أَنْتَ حَسِيبُ
**********
النابغة الذبياني
كِلِيني لِهَمٍّ يا أُمَيْمَةَ ناصِبِ * وَلَيْلٍ أُقاسِيهِ بَطيءِ الكَواكِبِ
تطَاوَلَ حتى قُلتُ ليسَ بمُنْقَضٍ * وَليسَ الذي يَرْعى النّجومَ بآئِبِ
وصَدرٍ أراحَ اللّيلُ عازِبَ هَمِّه * تضاعَفَ فيه الحزْنُ مِنْ كلِّ جانبِ
عليَّ لِعَمْرٍو نِعْمَةٌ بعدَ نِعْمَةٍ * لوالِدِه ليست بذاتِ عَقارِبِ
حَلَفْتُ يَميناً غيرَ ذي مَثْنَوِيّةٍ * وَلا عِلْمَ إلاّ حُسنُ ظنٍّ بصاحبِ
لئِن كانَ للقَبرَينِ: قبرٍ بجِلّقٍ * وقبرٍ بصَيداء الذي عندَ حارِبِ
وللحارِثِ الجَفْنيّ سيّدِ قومِهِ * لَيَلْتَمسَنْ بالجَيْشِ دارَ المُحارِبِ
وَثِقتُ لـه بالنّصرِ إذ قيلَ قد غزتْ * كتائِبُ مِنْ غَسّانَ غيرُ أشائِبِ
بنُو عَمّه دُنيا وعَمْرُو بنُ عامِرٍ * أولئِكَ قومٌ بأسُهُم غيرُ كاذبِ
إذا ما غَزَوْا بالجيشِ حَلّق فَوْقَهمْ * عَصائبُ طَيرٍ تَهتَدي بعَصائبِ
يُصاحِبْنَهُمْ حتى يُغِرْنَ مُغارَهم * مِنَ الضّارياتِ بالدّماءِ الدّوارِبِ
تراهنَّ خلفَ القوْمِ خُزْراً عُيُونُها * جُلوسَ الشّيوخِ في ثيابِ المرانِبِ
جوَانِحَ قد أيْقَنَّ أنَّ قَبيلَهُ * إذا ما التَقَى الجَمعانِ أوّلُ غالبِ
لُهنَّ علَيهِمْ عادةٌ قد عَرَفْنَها * إذا عُرِّضَ الخَطِّيُّ فوقَ الكواثبِ
على عارِفاتٍ للطّعانِ عَوابِسٍ * بهِنّ كُلُومٌ بَينَ دامٍ وجالِبِ
إذا استُنزِلُوا عَنهُنَّ للطّعنِ أرقلوا * إلى الموتِ إرقالَ الجِمالِ المصاعبِ
**********
إنّي كأنّي لدى النّعْمانِ خَبّرَهُ * بعضُ الـأودّ حديثاً غيرَ مَكذوبِ
بأنّ حِصنْاً وحَيّاً منْ بَني أسَدٍ قاموا * فقالوا: حِمانا غيرُ مَقرُوبِ
ضَلّتْ حُلُومُهُمُ عنهُم وغرّهُمُ * سَنُّ المُعَيْديّ في رَعْيٍ وتَعزيبِ
قادَ الجيادَ مِنَ الجَولانِ قائظَةً * مِنْ بَينِ مُنْعَلَةٍ تُزْجى ومجنوبِ
حتى استغاثتْ بأهلِ المِلحِ ما طعِمتْ * في منزلٍ طَعْمَ نَوْمِ غيرَ تأويبِ
يَنضَحْنَ نَضْحَ المزادِ الوُفْرِ أتأقَها * شَدُّ الرُّواةِ بماءٍ غيرِ مَشروبِ
قُبُّ الـأياطِلِ تَردي في أعِنّتِها * كالخاضِباتِ منَ الزُّعرِ الظّنابيبِ
شُعْتٌ عليها مِساعيرٌ لِحَرْبِهِمُ * شُمُّ العَرانِينِ مِنْ مُرْدٍ ومن شِيبِ
وما بحِصْنٍ نْعاسٌ إذ تُؤرّقُهُ * أصْواتُ حَيٍّ علي الـأمرارِ مَحرُوبِ
ظَلّتْ أقاطيعُ أنعامٍ مُؤبَّلةٍ * لدى صَليبٍ على الزّوْراءِ منصوبِ
فإذا وُقيتِ بحمدِ اللَّهِ شِرّتَها * فانجي فَزارَ إلى الـأطوادِ فاللُّوبِ
ولا تُلاقي كما لاقَتْ بَنو أسَدٍ * فقدَ أصابَتْهُمُ منها بشُؤبُوبِ
لم يَبقَ غيرُ طَريدٍ غير مُنْفَلِتٍ * ومُوثَقٍ في حِبالِ القِدّ مَسْلوبِ
أو حُرةٍ كَمهَاةِ الرّملِ قد كُبِلَتْ * فوقَ المعَاصِمِ منها والعَراقيبِ
تدَعو قُعَيْناً وقد عَضّ الحديدُ بها * عَضَّ الثّقافِ على صُمّ الـأنابيبِ
**********
يا دارَ مَيّةَ بالعَليْاءِ فالسَّنَدِ * أقْوَتْ وطالَ عليها سالفُ الـأبَدِ
وقفتُ فيها أُصَيلاناً أُسائِلُها * عَيّتْ جواباً وما بالربعِ من أحدِ
إلاّ الـأواريَّ لـأياً ما أُبَيّنُهَا والنُّؤي * كالحَوْضِ بالمظلومةِ الجَلَدِ
رَدّت عليَهِ أقاصيهِ ولبّدَهُ ضَرْبُ * الوليدةِ بالمِسحاةِ في الثَّأَدِ
خَلَّتْ سَبيلَ أَتِيٍّ كان يَحْبِسُهُ * ورفَّعَتْهُ إلى السَّجْفَينِ فالنَّضدِ
أمْسَتْ خَلاءً وأمسى أهلُها احْتَمَلُوا * أخنى عَليها الذي أخنى على لُبَدِ
فعَدِّ عَمّا ترى إذ لا ارتِجاعَ لـه * وانْمِ القُتُودَ على عَيْرانَةٍ أُجُدِ
مَقذوفةٍ بدخيس النّحضِ بازِلُها لـه * صريفٌ صريفُ القَعْوِ بالمسَدِ
كأنّ رَحْلي وقد زالَ النّهارُ بنا * يومَ الجليلِ على مُستأنِسٍ وحِدِ
من وَحشِ وَجْرَةَ مَوْشِيٍّ أكارِعُهُ * طاوي المصيرِ كسيفِ الصّيقل الفَرَدِ
سَرتْ عليه من الجوزاءِ ساريةٌ * تُزجي الشَّمالُ عليهِ جامِدَ البَرَدِ
فارتاعَ مِنْ صوتِ كَلاّبٍ * فباتَ لـه طوعَ الشّوامتِ مِنْ خوفٍ ومِنْ صَرَدِ
فبَثّهُنَّ عليهِ واستَمَرّ بِهِ * صُمْعُ الكُعوبِ بريئاتٌ من الحَرَدِ
وكانَ ضُمْرانُ منه حيثُ يُوزِعُهُ * طَعْنَ المُعارِكِ عند المُحْجَرِ النَّجُدِ
شكَّ الفَريصةَ بالمِدْرى فأنفَذَها * طَعْنَ المُبَيطِرِ إذ يَشفي من العَضَدِ
كأنّه خارجا من جنبِ صَفْحَتِهِ * سَفّودُ شَرْبٍ نَسُوهُ عندَ مُفْتَأدِ
**********
فَتًى تَمّ فيهِ ما يَسُرّ صديقَهُ * على أنّ فيه ما يُسيءُ المُعادِيَا
فتًى كملَتْ أخلاقُهُ غير أنّهُ * جوادٌ فما يُبقي على المالِ باقيَا
**********
بشر الأزدي
تَدَارَكَني أَوْسُ بْنُ سُعْدى بِنِعْمَةٍ * وَقَدْ ضَاقَ مِنْ أَرْضٍ عَلَيَّ عَرِيضُ
فَمَنَّ وأَعْطَانِي الجَزِيلَ وإنَّهُ * بِأَمْثَالِهَا رَحْبُ الذِّراعِ نَهُوضُ
تَدَارَكْتَ لَحْمِي بَعْدَما حَلَّقَتْ بِهِ مَعَ * النسْرِ فَتْخَاءُ الجَنَاحِ قَبُوضُ
فَقُلْتَ لَهَا رُدِّي عَلَيْهِ حَيَاتَهُ * فرُدَّتْ كما رَدَّ المَنيحَ مُفِيضُ
فإنْ تَجْعَلِ النَّعماءَ مِنْكَ تِمَامَةً * وَنُعْمَاكَ نُعْمَى لا تَزَالُ تَفِيضُ
يَكُنْ لَكَ في قَوْمِي يَدٌ يَشْكُرُونَها * وأَيْدِي النَّدَى في الصّالِحِينَ قُرُوضُ
فَكَكْتَ أَسيراً ثُمَّ أَفْضَلْتَ نِعْمَةً * فَسُلِّمَ مَبْرِيُّ العِظامِ مَهِيضُ
**********
هَلَ انْتَ عَلَى أطْلاَلِ مَيَّةَ رَابِعُ * بِحَوْضَى تُسَائِلُ رَبْعَها وَتُطَالِعُ
مَنَازِلُ مِنْهَا أَقْفَرَتْ بِتَبَالَةٍ وَمِنْهَا * بِأَعْلَى ذي الـأَرَاكِ مَرَابِعُ
تَمَشَّى بِهَا الثِّيرانُ تَرْدِي كَأَنَّها * دَهَاقِينُ أنْبَاطٍ عَلَيْها الصَّوَامِعُ
قَطَعْتُ إلَى مَعْرُوفِهَا مُنْكَرَاتِهَا * بِعَيْهَمَةٍ تَنْسَلُّ واللَّيْلُ هَاكِعُ
إلى مَاجِدٍ أَعْطَى عَلى الحَمْدِ مالَهُ * جَميلِ المُحَيَّا للمغَارِمِ دافِعُ
تَدَارَكَنِي أَوْسُ بْنُ سُعْدَى بِنِعْمَةٍ * وَعَرَّدَ مَنْ تُحْنَى عَلَيْهِ الـأصابِعُ
تَدَارَكَني مِنْهُ خَلِيجٌ فَرَدَّنِي لَهُ * حَدَبٌ تَسْتَنُّ فيهِ الضَّفَادِعُ
تَدَارَكَني مِنْ كُرْبَةِ المَوْتِ بَعْدَمَا * بَدَتْ نَهِلاتٌ فَوْقَهُنَّ الوَدَائِعُ
لَعَمْرُكَ لَوْ كَانَتْ زِنَادُكَ هُجْنَةً * لـأَوْرَيْتَ إذْ خَدِّي لِخدِّكَ ضَارِعُ
فأَصْبَحَ قَوْمِي بَعْدَ بُؤسَي بِنِعْمَةٍ * لِقَوْمِكَ والـأَيّامُ عُوجٌ رَواجِعُ
عَبِيدُ العَصا لَمْ يَمْنَعُوكَ نُفُوسَهُمْ * سِوَى سَيْبِ سُعْدَى إنَّ سَيْبَكَ نافِعُ
فَتًى مِنْ بَنِي لـأْمٍ أَغَرُّ كأَنَّهُ شِهَابٌ * بَدَا في ظُلْمَةِ اللَّيْلِ ساطِعُ
فِدًى لَكَ نَفْسي يَا بْنَ سُعْدَى وَنَاقَتِي * إذَا أَبْدَتِ البِيضُ الخِدَامَ الضَّوَائِعُ
لِمُسْتَسْلِمٍ بَيْنَ الرِّماحِ أَجَبْتَهُ فأَنْقَذْتَهُ * والبِيضُ فيهِ شَوَارِعُ
بِطَعْنَةِ شَزْرٍ أَوْ بِطَعْنَةِ فَيْصَلٍ إذا لَمْ * يَكُنْ لِلْقَوْمِ في المَوْتِ راجِعُ
أَخو ثِقَةٍ في النَّائِبَاتِ مُرَزَّأٌ لَهُ * عَطَنٌ عند التّفاضُلِ واسِعُ
وَكُنْتَ إذَا هَشَّتْ يَدَاكَ إلَى العُلَى * صَنَعْتَ فَلَمْ يَصْنَعْ كَصُنْعِكَ صانعُ
**********
تأبط شرا
وَإِنِّي لَمُهْدٍ مِنْ ثَنَائِي فَقَاصِدٌ بِهِ * لابنِ عَمِّ الصِّدْقِ شُمْسِ بْنِ مَالِكِ
أَهُزُّ بِهِ في نَدْوَةِ الْحَيِّ عِطْفَهُ كَمَا * هَزَّ عِطْفِي بِالْهِجانِ الـأوَارِكِ
قَلِيلُ التَّشَكِّي لِلْمُهِمّ يُصِيبُهُ كَثِيرُ * الْهَوَى شَتَّى النَّوَى وَالْمَسَالِكِ
يَظَلُّ بِمَوْمَاةٍ وَيُمْسِي بِغَيْرِهَا * جَحِيشَاً وَيَعْرَوْرَى ظُهُورَ الْمَهَالِكِ
وَيَسْبَقُ وَفْدَ الرِّيحِ مِنْ حَيْثُ يَنْتَحِي * بِمُنْخَرِقٍ مِنْ شَدِّهِ الْمُتَدَارِكِ
إذا خَاطَ عَيْنَيْهِ كَرى النَّوْمِ لَمْ يَزَلْ * لَهُ كَالِىءٌ مِنْ قَلْبِ شَيْحَانَ فَاتِكِ
إذَا طَلَعَتْ أُوْلَى العِدِيِّ فَنَفْرُهُ * إلى سَلَّةٍ مِنْ صَارِم الْغَرْبِ بَاتِكِ
إذَا هَزَّهُ فِي عَظْمِ قَرْنٍ تَهَلَّلَتْ * نَوَاجِذُ أَفْوَاهِ الْمَنَايَا الضَّوَاحِكِ
يَرَى الْوَحْشَةَ الـأُنْسَ الـأَنِيسَ ويَهْتَدِي * بِحَيْثُ أهتدت أُمُّ النُّجُومِ الشَّوَابِكِ