تحية ط
اقدم اليكم اليوم مجموعة من مقالات فلسفية متنوعة تتضمن مواضيع مقررة في البرنامج الدراسي ارجو ان تستفيدوا منها المقالة الاولى
اللغة والفكرمقالة جدلية حول العلاقة بين الإنسان على التفكير وقدرته على التعبيرالمقدمة : طرح الإشكالية يعتبرالتفكير ميزة أساسية ينفرد بها الإنسان عن باقي الكائنات الأخرى ومن منطلقأن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه فإنه يحتاج ولا شك إلى وسيلة إلى الاتصالوالتواصل مع غيرك من الناس وللتعبير عن أفكاره وهذا ما يعرف في الفلسفةبالغة فإذا كنا أمام موقفين متعارضين أحد هما يرى أن العلاقة اللغة بالفكرانفصال والأخر يرى أنها علاقة اتصال فالمشكلة المطروحة هل العلاقة بيناللغة والفكر علاقة اتصال أم انفصال ؟التحليل: عرض الأطروحة الأولىترى هذه الأطروحة(الاتجاه الثنائي) أن العلاقة بين اللغة والفكر علاقة انفصال أي أنه لايوجد توازن بين لايملكه الإنسان من أفكار وتصورات وما يملكه من ألفاظ وكلمات فالفكر أوسع مناللغة أنصار هذه الأطروحةأبو حيان التوحيدي الذي قال << ليس في قوة اللغة أن تملك المعاني >> ويبررونموقفهم بحجة واقعية إن الإنسان في الكثير من المرات تجول بخاطره أفكارلاكته يعجز عن التعبير عنها ومن الأمثلة التوضيحية أن الأم عندما تسمعبخبر نجاح ابنها تلجأ إلى الدموع للتعبير عن حالتها الفكرية والشعوريةوهذا يدل على اللغة وعدم مواكبتها للفكر ومن أنصار هذه الأطروحة الفرنسيبركسونالذي قال << الفكر ذاتي وفردي واللغة موضوعية واجتماعية >>وبهذه المقارنة أن اللغة لايستطيع التعبير عن الفكر وهذا يثبت الانفصال بينهما . النقدهذهالأطروحة تصف اللغة بالعجز وبأنها تعرقل الفكر لكن اللغة ساهمت على العصورفي الحفاظ على الإبداع الإنساني ونقله إلى الأجيال المختلفة .
عرض الأطروحة الثانيةترى هذه الأطروحة (الاتجاه الو احدي ) إن هناك علاقة اتصال بين اللغة والفكر مما يثبت وجود تناسب وتلازم بينماتملكه من أفكار وما تملكه من ألفاظ وعبارات في عصرنا هذا حيث أثبتتالتجارب التي قام بها هؤلاء أن هناك علاقة قوية بين النمو الفكري والنمواللغوي وكل خلل يصيب أحداهما ينعكس سلبا على الأخر ومن أنصار هذه الأطروحةهاملتونالذي قال << الألفاظ حصون المعاني وقصد بذلك إن المعاني سريعة الظهور وسريعة الزوالوهي تشبه في ذلك شرارات النار ولايمكن الإمساك بالمعاني إلا بواسطةاللغة>> النقدهذه الأطروحة ربطت بيناللغة والفكر لاكن من الناحية الواقعية يشعر أكثر الناس بعدم المساواة بينقدرتهم على التفكير وقدرتهم على التعبير .
التركيب : الفصل في المشكلةتعتبرمشكلة اللغة والفكر أحد المشكلات الفلسفية الكلاسيكية واليوم يحاول علماءاللسانيات الفصل في هذه المشكلة بحيث أكدت هذه الدراسات أن هناك ارتباطوثيق بين اللغة والفكر والدليل عصر الانحطاط في الأدب العربي مثلا شهدتخلفا في الفكر واللغة عكس عصر النهضة والإبداع ومن المقولات الفلسفيةالتي تترجم وتخلص هذه العلاقة قول دولا كروا << نحن لانفكر بصورةحسنة أو سيئة إلا لأن لغتنا مصنوعة صناعة حسنة أو سيئة >>
الخاتمة: حل الإشكاليةوخلاصة القول أن اللغة ظاهرة إنسانية إنها الحل الذي يفصل بين الإنسانوالحيوان ولا يمكن أن نتحدث عن اللغة إلا إذا تحدثنا عن الفكر وكمحاولةللخروج من الإشكالية إشكالية العلاقة بين اللغة والفكر نقول أن الحججوالبراهين الاتجاه الو احدي كانت قوية ومقنعة ومنه نستنتج العلاقة بينالعلاقة بين اللغة والفكر علاقة تفاعل وتكامل .
…………………………………………………………………………………………………… ………….
المقالة الثانية
هل العادة تدل على التكيف والإنسجام أم أنها تؤدي إلى إنحراف في السلوكالمقدمة:
يتعاملويتفاعل الإنسان مع العالم الخارجي بما فيه من أشياء مادية ترمز إلى الوسطالطبيعي وأفراد يشكلون المحيط الإجتماعي . يتجلى ذلك في سلوكات منهاالمكتسبة بالتكرار وهذا ما يعرف بالعادة , فإذا كنا أمام موقفينمتعارضينأحدهما يربط العادة بالسلوك الإيجابي والأخر يصفها بالإنحراففالمشكلة المطروحة : هل العادة تدل على التكيف والإنسجام أم أنها تؤدي إلى إنحراف في السلوك ؟التحليل : عرض الاطروحة الاولى: يرى أصحاب هذه الأطروحة أن تعريف العادة يدل على أنها ظاهرة إيجابية أنهاتوفر لصاحبها الجهد والوقت والمقارنة بين شخصين أحدهما مبتدئ والآخر متعودعلى عمل ما يثبت ذلك,( كالمتعود على استخدام جهاز الإعلام الآلي ) تراهينجز عمله في أسرع وقت مع إتقان عمله كما وكيفا . وتظهر إيجابيات العادة على المستوى العضوي فالعادة الحركية تسهل حركة الجسم وهذا واضح في قولآلان " العادة تمنح الجسم الرشاقة والمرونة " . ومن الأمثلةالتي توضح إيجابيات العادة أن مكارم الأخلاق وكظم الغيظ إنما تنتج عن التكرار . لذلك أطلق عليها علماء الإجتماع مصطلح العادات الأخلاقية . ليس هذا فقط بلهناك عادات فكرية مثل التعود على منهجية معالجة مقالة فلسفية أو تمرين فيالرياضيات, وملخص هذه الأطروحة أن التكيف مع العالم الخارجي يرتبط بالعادةولولاها لكان الشيء الواحد يستغرق الوقت بأكمله لذلك قالمودسلي :" لولا العادة لكان في قيامنا بوضع ملابسناوخلعها ، يستغرق نهاراكاملا "
النقد: إن طبيعة الإنسان ميالة إلى الأفعال السهلة التي لا جهد فيها لذلك ترى كفة الأفعال السيئة أرجح من كفة الأفعال الإيجابية.
عرض الأطروحة الثانية : ترى هذه الأطروحة أن العادة وظيفتها سلبية على جميعالمستويات فهيتنزع من الإنسان إنسانيته وتفرغه من المشاعر وكما قالبرودوم " جميع الذين تستولي عليهم العادة يصبحون بوجوههم بشرا وبحركاتهمآلات" . [/color]ومن الأمثلة التوضيحية أن المجرم المتعود على الإجرام لايشعر بالألم الذي يلحق ضحاياه . وعلى المستوى النفسي ,العادة تقيد حركةالإنسان وتقتل فيه روح المبادرة, وكلما تحكمت العادة في الإنسان نقصتوتقلصت حريته واستقلاله في القرار . وخلاصة هذه الأطروحة أن العادة تعيقالتكيف حيث يخسر الإنسان الكثير من قواه الجسدية والعقلية وكماقالروسو " خير عادة للإنسان ألا يألف عادة"
النقد: إذا كان للعادة سلبيات فإن لها أيضا إيجابيات.
التركيب :
لاشك أن هناك في الحياة عادات يجب أن نأخذها ونتمسك بها ، وأن هناك عاداتيجب تركها . فالذي يحدد إيجابية أو سلبية العادة هو الإنسان . وكما قالشوفاليي " العادة هي أداة الحياة أو الموت حسب استخدام الفكر لها " . ومن الحكمة التحلي بالعادات الفاضلة والتخلي عن العادت الفاسدة وفق قانونالتحلية والتخليةوهذا واضح في قولتوينلا يمكن التخلص من العادة برميهامن النافذة وإنما يجعلها تنزل السلم درجة درجة". وصاحب الإرادة هو من يفعل ذلك .
الخاتمة :
ومجملالقول أن العادة أحد أنواع السلوك الناتجة عن تكرار الفعل،وقد تبين لنافيمقالنا أن هناك من أرجع التكيف مع العالم الخارجي إلى العادات الفاضلة , وهناك من نظر إلى العادة نظرة سلبية بإعتبار المساوئ التي جلبتها إلىالإنسان وكمخرج منالمشكلة المطروحة نستنتج: العادة قد تكون سلبية وقد تكون إيجابية حسب توظيف الإنسان لها .
المقالة الثالثة الاخلاق بين النسبي والمطلق
مقالة جدلية حول(الخير والشر ) بين ( الدين والعقل )
السؤال المشكل
إذا كنت بين موقفين متعارضين أحدهما يقول الأخلاق مصدرها الإرادة الإلهية وثانيهما يقول القول هو مشروع الأخلاقي . وطلب منك الفصل في المشكلة فما عساك تصنع؟
الوضعية المشكلة
إليك هذا الرأيين , قال أفلاطون < الخير فوق الوجود شرفا وقوة > وقال الأشعري < الخير والشر بقضاء الله وقدره >
المقدمــة : طرح الإشكـاليـة
يتجلى سلوكات الإنسان في سلسلة من الأفعال وردود الأفعال والتي ينظر إليها الفلاسفة من زاوية ما يجب أن يكون وذلك بربطها بقيمة <الحسن والقبح> وهذه هي الفلسفة الجمال ,أو بربطها بقيمة< الخير والشر> وهذه هي الفلسفة الأخلاق , فإذا كنا بين موقفين متعارضين أحدهما أرجع الأخلاق إلى سلطة مقدسة <إرادة الله> والأخر أرجع القيم الأخلاقية إلى سلطة العقل فالمشكلة المطروحة. هل مصدر القيمة الخلقية الدين أم العقل ؟
التحليل : عرض الأطروحة الأولى أرجعت هذه الأطروحة < أساس الدين للأخلاق,الشر والخير إلى إرادة الله >أي ماحسنه الشرع ومدح فاعله فهو خير, وما قبحه الشرع وتوعد فاعله بالعقاب فهو شر ,وهذه الأطروحة واضحة عند ابن حزم الأندلسي حيث قال << ليس في العالم شيء حسن لعينه ولاشيء قبيح لعينه لكن ما سماه الله تعالى حسن فهو حسن وفاعله محسن>>ومن الأمثلة التوضيحية أن <القتل> إذا كان دفاع عن النفس فإن النصوص الشرعية اعتبرته خير أما إذا كان لهون في النفس أو لتحقيق مصلحة شخصية فإن الشرع يحكم على فاعله بالقبح ومن أنصار هذه الأطروحة الأشعري الذي قال<< الخير والشر بقضاء الله وقدره >> فالحكمة الإلهية هي التي تفصل في الأمور وإرسال الرسل عليهم السلام حجة تثبت ذلك , هذه الأوامر الأخلاقية نقلية وليست عقلية.
النقد: لاشك أن الدين يرشدنا في حياتنا لاكن لايعني هذا تعطيل العقل أو تحريم إشتهادي فالعقل يساهم أيضا في بناء الأخلاق.
عرض الأطروحة الثانية ترى هذه الأطروحة < النظرية العقلية > إن القيم التي يؤمن بها الإنسان ويلتزم بها في حياته مصدرها العقل , وهذه القيم ثابت ومطلقة لاتتغير في الزمان والمكان ومن أبرز دعاة هذه الأطروحة أفلاطون الذي قال << الخير فوق الوجود شرفا وقوة >> , حيث قسم الوجود إلى قسمين (عالم المحسوسات وعالم المثل ) , إن القيم عند أفلاطون يتم تذكرها ولذلك قال <المعرفة تذكر> وقصد بذلك أن القيم الأخلاقية الكاملة مكانها عالم المثل , والعقل هو القادر على استعادتها , وفي أمثولة الكهف وضح أفلاطون أننا سجناء للجسد والعقل هو الذي يحرر وبه تمزق الروح حجاب الجسد , ومن أنصار هذه الأطروحة الفيلسوف الألماني كانط الذي استعمل المصطلح الواجب الأخلاقي أي طاعة القانون الأخلاقي احتراما له وليس للمنفعة أو خوفا من المجتمع , والأخلاق عند كانط تتأسس على ثلاث شروط : < شرط الشمولية > وهذا واضح في قوله << تصرف بحيث يكون عملك قانون كلية >> و< شرط احترام الإنسانية > أي معاملة الناس كغاية وليس كوسيلة , وأخيرا ضرورة أن يتصرف الإنسان وكأنه هو <مشروع الأخلاق>.
النقـد : هذه الأطروحة نسبية لأن العقل ليس ملكة معصومة من الخطأ بل يحتاج إلى من يرشده وهو الدين .
التركيب : رغم ما يبدو من التعارض بين المذاهب الأخلاقية حول أساس القيمة الخلقية إلا أنها في نهاية متكاملة لأن القيمة الخلقية التي يطمح إليها هي التي يجب أن يتحقق فيها التكامل بين المطالب الطبيعية وصوت العقل وسلطة المجتمع وأوامر ونواهي الشرع, لذلك قال فيقِن << الأخلاق من غير دين عبث >> , ذلك الدين يرشد العقل ويهذب المصلحة ويحقق الإلزام الخلقي أمام الله والمجتمع ولذلك قال أبو حامد الغزالي <<حسن الخلق يرجع إلى اعتدال العقل وكمال الحكمة واعتدال الغضب والشهوات وكونها للعقل والشرع مطيعة >>.
الخاتمة : المخرج من المشكلة
وخلاصة القول أن الأخلاق مجموعة من القواعد والأحكام التقيمية التي تحدد الخير والشر , وقد تبين لنا أن المشكلة المطروحة تتعلق بمعيار القيمة الخلفية فهناك من أرجعها إلى إرادة الفرد < الأساس العقلي > وهناك من اعتبر الدين متنوع الأخلاق وكمخرج للمشكلة المطروحة ونستنتج أن الأخلاق تتأسس على العقل والدين معا.
المقالة الرابعة
الطريقة: الجدليةالدرس: الشغل و التنظيم الاقتصاديالإشكال:هل النظام الرأسمالي كفيل بتحقيق حياة اقتصادية مزدهرة أم النظام الاشتراكي ؟تختلف النظم الاقتصادية ماضيا باختلاف موقعها من الملكية وما يصل بها منحيث النوع والحقوق و الواجبات فهناك من حيث النوع قسمان ،ملكية فردية وهيالتي يكون فيها المالك معنيا ، وملكية جماعية وهي التي يكون فيها المالكمعنويا أي معين في شخص بعينه كالدولة و العشيرة و القبيلة ومن هنا فقداختلف جمهور الفلاسفة في تحديد النظام الاقتصادي الذي يحقق ازدهاراًاقتصادياً و بالتالي نتساءل : هل النظام الرأسمالي كفيل بتحقيق حياةاقتصادية مزدهرة أم أن هناك نظاما آخر كفيل بذلك ؟ . يرى أنصار النظام الليبرالي ـ الرأسمالي ـ أن هذا الأخير كفيل بتحقيق حياةاقتصادية مزدهرة و يستندون في ذلك إلى حجج و براهين بحيث يعتمد على مبادئتعد الركيزة الأساسية التي يستند إليها في تعامله ومن أهمها الملكيةالفردية لوسائل الإنتاج و كذا المنافسة الحرة التي تضمن النوعية و الكميةو الجودة بالإضافة إلى عدم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية و كذلك نجدقانون العرض و الطلب وهو قانون طبيعي يحدد الأسعار و الأجور فإذا زادالطلب قل العرض و العكس ، ومن كل هذا نستنتج أن فلسفة النظام الرأسماليتقوم على مسلمة واحدة و أساسية هي أن سبب كل المشاكل الاقتصادية يرجع إلىتدخل الدولة في تحديد الأسعار و الأجور و الإنتاج ، فلا يزدهر الاقتصادإلاّ إذا تحرر من كل القيود و القوى التي تعيق تطوره وفي هذا يقول آدمسميث أحد منظري الليبرالية دعه يعمل أتركه يمر)، و إذا كان تدخل الدولةيعمل على تجميد وشل حركة الاقتصاد فإن التنافس الحر بين المنتجين يعتبرالوقود المحرك للآلة الاقتصادية فالحرية الاقتصادية تفتح آفاقا واسعةللمبادرات الفردية الخلاقة بحيث أن كل المتعاملين يبذلون قصارى جهدهملإنتاج ما هو أحسن وأفضل وبكمية أكبر و بتكلفة أقل ولا خوف في خضم هذاالنشاط على حركة الأجور و الأسعار لأن قانون العرض و الطلب يقوم بتنظيمهاتين الحركتين و في هذا يرى آدم سميث أن سعر البضاعة يساوي ثمن التكلفةزائد ربح معقول ، لكن إذا حدث بسبب ندرة بضاعة معينة أن ارتفع سعر بضاعةما فوق سعرها الطبيعي فإن هذه البضاعة تصبح مربحة في السوق الأمر الذييؤدي بمنتجيها إلى المزيد من إنتاجها فيرتفع العرض و هذا يؤدي بدوره إلىانخفاض ثمنها و إذا زاد العرض عن الطلب بالنسبة لسلعة ما فإن منتجيهايتوقفون عن إنتاجها أو يقللون منه لأنها غير مربحة و هذا يؤدي آليا إلىانخفاض العرض ومن ثمة ارتفاع الأسعار من جديد يقول آدم سميث إن كل بضاعةمعروضة في السوق تتناسب من تلقاء نفسها بصفة طبيعية مع الطلب الفعلي ) ،وما يميز هذا النظام أنه لا يتسامح مع الضعفاء و المتهاونين والمتكاسلين ،و الملكية الخاصة و حب الناس للثروة هو الحافز الأول و الأساسي للإنتاج ،لذلك فإن أكثر الناس حرصا على السير الحسن للعمل لأية وحدة إنتاجية هومالكها ، بالإضافة إلى أن هذا النظام يحقق نوعا من العدالة الاجتماعية علىأساس أنه ليس من المعقول ومن العدل أن يحرم الفرد حيازته على شيء شقا وتعبكثيراً من أجله ، فبأي حق نمنع فردا من امتلاك ثمرة عمله وجهده ؟ .أن قيمة النظام الرأسمالي إذا نظرنا إليها من زاوية النجاح الاقتصادي لايمكن أن توضع موضع الشك و التقدم الصناعي و التكنولوجي و العلمي الذيحققته الدول الرأسمالية دليل على ذلك ، ولكن هذا الرأي لم يصمد للنقد وذلكمن خلال الانتقادات التي وجهها الاشتراكيون بقيادة كارل ماكس التي يمكنتلخيصها فيما يلي : أولاها أن النظام الرأسمالي لا إنساني لأنه يعتبرالإنسان مجرد سلعة كباقي السلع وثانيها أن النظام الرأسمالي يكثر منالتوترات والحروب من أجل بيع أسلحته التي تعتبر سلعة مربحة و الدليل علىهذا دول العالم الثالث وفي هذا يقول جوريسكا إن الرأسمالي تحمل الحروب كمايحمل السحاب المطر) ، كذلك يقول تشومبيتر الرأسمالية مذهب وجد ليدمر) ،وثالثها أن النظام الرأسمالي أدى إلى ظهور الطبقية ـ برجوازية وكادحة ـكما أه نظام لا يعرف فيه الإنسان الاستقرار النفسي بسبب طغيان الجانبالمادي على الجانب الروحي كما أن هذا النظام أدى إلى ظهور الإمبرياليةالعالمية بالإضافة إلى أنه يوجد ظاهرة البطالة وكذا التمييز العنصري فيشكل لا يعرف حداً وهذا النظام بدوره يقضي على الرأسماليين الصغار ، وأخيرافإنه لا يوجد تناسب فيما يخص الأجور وساعات العمل يقول ماركس إنالرأسمالية تحمل في طياتها بذور فنائها) .وعلى عكس الرأي السابق نجد أنصار النظام الاشتراكي الذي ظهر على أنقاضالرأسمالية وأهم رواده كارل ماكس وزميله انجلز في كتابه ـ رأس المال ـويرى ماركس أن المادية الجدلية هي المحرك الأساسي للتاريخ فالنظامالاشتراكي يسعى من خلال توطين الشروط المادية إلى تحقيق العدالةالاجتماعية وحياة اقتصادية مزدهرة وهذا من خلال مبادئ و أسس أهمها : الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج ـ الأرض لمن يزرعها والمصانع للعمال ـوكذلك التخطيط المركزي بالإضافة إلى اعتماد نظام التعاونيات في الإطارالفلاحي وفتح المجال أمام النشاط النقابي لحماية حقوق العمال وحل مشكلةفائض الإنتاج والصراع الطبقي وكذا اعتماد مبدأ تكافؤ الفرص ، فالنظامالاشتراكي يعتمد كلية على الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج وذلك للقضاءعلى الظلم و استغلال الإنسان لأخيه الإنسان وبث الروح الجماعية والمسؤوليةالجماعية في العمل وتعتبر الدولة هي الرأس المدبر و المخطط الأول و الأخيروهذا للقضاء على التنافس الذي يؤدي إلى الصراع وتحكم الفئة الثرية فيالمؤسسات الاقتصادية بحكم تعارض المصالح كما فتحت الدولة المجال أمام نظامالنقابات وذلك لحماية حقوق العمال وللاشتراكية صور متعددة ما هو شبيهبالرأسمالية ومنها من يقترب من النظام الشيوعي ومنها ما هو وسط بينالطرفين .لاشك أنالنظام الاشتراكي استفاد من بعض عيوب الرأسمالية لكنه لم يستفد من نقاطهأو جوانبه الإيجابية بل رفضه جملة وتفصيلاً وهذا الخطأ الذي ارتكبهالمنظرون الاشتراكيون ضف إلى ذلك أنه بالرغم من الغايات الإنسانية التييسعى إليها النظام الاشتراكي فقد أوجد جملة من السلبيات أهمها أنه فشل فيإيجاد حلول لظاهرة التسيب و الإهمال و اللامبالاة وروح الاتكال كذلك أنهأوجد نوعا من التسيير البيروقراطي الإداري بالإضافة إلى ظهور المحسوبية والرشوة وضعف الإنتاج في ظل غياب المنافسة وكثرة البطالة هذا بالإضافة إلىالخيال النظري الشيوعي الذي أدى إلى سوء تقدير الواقع و النتائجالاقتصادية ، كما أن توجه الدول الاشتراكية في انتهاج سياسة اقتصاد السوقو الانفتاح على العالم وهذا ما يؤكده الواقع المعاش ـ الجزائر ـ .إن النظامين الاقتصاديين السابقين وإن اختلفا في المبادئ و الغاياتالاقتصادية إلاّ أنهما مع ذلك لهما أساس علمي واحد يجمع بينهما فكلاهماينظر للحياة الاقتصادية نظرة مادية ويقيمها على شروط موضوعية وهذا لا يعنيأنهما تجردا من القيم الإنسانية ، غير أن فلسفة الاقتصاد في الإسلام تنظرإلى الحياة الاقتصادية نظرة أكثر شمولاً و تعتني بالنواحي الإنسانية عنايةخاصة فقد تضمنت فلسفة الاقتصاد في الإسلام مبادئ وقواعد عامة لتنظيمالحياة الاقتصادية تنظيما أخلاقيا من أجل تحقيق حياة متوازنة بين الفرد ومن عمرrالمجتمع وعلى هذا الأساس منحت الإنسان الحرية من الملكية لقولهأرضا ليست لأحد فهو أحق بها )، وقوله أيضاً من أحي أرضا ميتة فهي له)،ولكن قيدها بالمصلحة العامة حتى لا تكون أداة لاستغلال الإنسان لأخيهالإنسان وجعلها ملكية نسبية(حيث كل شيء لله)، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإنالإسلام حرم كل أنواع الربا و الغش و الاحتكار وكل ضروب الاستغلال .وفي الأخير وكحوصلة لما سبق فإن الاقتصاد الحر لا يحقق لا الحياة المزدهرةولا العدالة الاجتماعية لأنها منبع المصائب والأزمات أما الاشتراكية فإنهارغم فضحها لعيوب الرأسمالية لم يتسن لها تحقيق روح العدل ومن هنا فالنظامالذي يحقق الحياة المزدهرة إنما هو النظام الذي يجمع بين عنصري الاقتصاد والأخلاق في آن واحد ألا وهو النظام الاقتصادي الإسلامي الذي يجعل من المالكوسيلة وليس كغاية يقول تعالى المال و البنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا )
………………………………………………………………… …………………….
المقالة الخامسة
الطريقة:جدلية.
الدرس: إشكالية العدل.الإشكال:هل يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية في ظل الفروق الفردية ؟إن مفهوم العدل لم يصبح مفهوما شائعا في عصرنا الحاضر إلا بعد الثوراتالكبرى التي أرقيت فيها الدماء و أزهقت فيها الأرواح البشرية و التي بهاثائرون متعطشون إلى الإخاء ضد الاستبداد و الطبقية و الاستغلال و صارمفهوم العدل كثيرا ما يقرن بمفهوم المساواة و يعتقد أن العدل في المساواةو الظلم في التفاوت و لكن أليس المساواة المطلقة ظلما ؟ لقد اختلفالمفكرون في الإجابة عن هذا السؤال فمنهم من قال بالمساواة لأنها عدل ومنهم من رفضها لأنها ظلم و حتى نصل إلى الرأي الذي يبدو لنا صحيحا و نأخذبه لابد من عرض الموقفين:يرى أصحاب التفاوت أن العدل يتأسس على احترام الفوارق الموجودة و يوردونحججا تتعلق بالفوارق الطبيعية و الفوارق الاجتماعية فهم يرون أن الأفرادمنذ ولادتهم يتميزون عن بعضهم البعض فلكل منهم قدراته و مواهبه الجسمية والعقلية الخاصة به فمنهم الضعيف و منهم القوي , منهم الذكي و منهم الغبي , فمن الظلم أن تمنح الغبي و غير الكفء منصبا إداريا ممتازا , لقد كان هذارأي أرسطو فهو يزعم أن التفاوت قانون الطبيعة فهو يعترف بأن استغراق البعضللبعض الآخر هو ضرورة طبيعية و مادام الناس مختلفين من حيث الخصائصالعقلية و الفيزيولوجية فلا بد فيما يرون من توسيع شقة الاختلاف بينهميقول كاريل أليكس*عالم فيزيولوجي و جراح فرنسي* فبدلا من أن نحول تحقيقالمساواة عبر اللامساواة العضوية و العقلية يجب أن نوسع دائرة هذهالاختلافات و ننشئ رجالا) و هو يوضح القول قائلا إن تقسيم سكان البلادالحرة إلى طبقات مختلفة لا يرجع إلى المصادفة أو العرف الاجتماعي و إنماهو مؤسس على قواعد بيولوجية صلبة و كذلك على قدرات الأفراد الفيزيولوجية والعقلية) ففي المجتمع الديمقراطي كما ترى *فرنسا , بريطانيا* استطاع كلشخص أن يجد فرصته خلال القرن (19م) ليرتفع إلى المركز الذي مكنته مقدرتهمن بلوغه , لكن اليوم عامة الشعب يدينون بمراكزهم إلى الضعف الوراثيلأعضائهم و عقولهم بالإضافة إلى هذا الرأي فقد تبنى هذا الموقف بعضالأديان القديمة (الإبراهيمية) و التي بادروها بتقسيم الناس إلى أربعطوائف أعلاها الكهنة و البراهمة و أدناها السفلة و الأنجاس , و حديثا نجداليهود الذين زاعمو أنهم وحدهم شعب الله المختار بالإضافة إلى الحركةالنازية التي قسمت ال*** البشري إلى طبقات أسماها الآري ولقد علل أنصارهذا الضرب من الفوارق الاجتماعية منها و الطبيعية بأنها كحافز يدفعالأفراد إلى السعي و النشاط ذلك بأن الإنسان بطبعه مفطور على أن يسعى وراءآماله الواسعة و محاولة تحقيقها، فحياة بعض الناس في الرفاهية وتمتعهمبالكماليات يثير فيمن هم دونهم رغبة أقوى في العمل قصد الوصول إلىطموحاتهم فهو ينكر وجود تفاوت بين الناس في مكانتهم وقدراتهم وهذا لا يعنيعدم مساواتهم أمام العدالة في أن أي تفاوت يتحول إلى ظلم.إلاً أن هذه النزاعات تشبه إلى حد ما المبادئ التي انطلق منها التوسعالاستثماري الحديث يدّعون أن القوي له الحق بل ومن العدل أن يحتل الضعيفويسير شؤونه المختلفة ويثبت العلماء أن العرق الصافي من المستحيل وجوده أيأن كل بلاد العالم مزيج من العروق حتى أن الدم الذي تفتخر به ألمانيانفسها هو دم هجين إلى حد بعيد أكثر من غيره لا بل إن الواقع يؤكد أن الدمالهجين باعث على التقدم و الحيوية .وعلى عكس الرأي الأول ظهر اتجاه ثان يرى بأن الناس خلقوا متساوين وفي هذاالمعنى يقول شيشرون الخطيب الروماني(الناس سواء وليس أشبه من الإنسانبالإنسان لنا جميعا عقل ولنا حواس وإن اختلفنا في العلم فنحن متساوين فيالقدرة على التعلم)، وهو يقصد بهذا أن الناس سواسية لا من حيث ملكاتهمالعقلية وكفاءاتهم وإنما لهم طبيعة بشرية واحدة أنهم سيختلفون فيماسيحصلون عليه أثناء عملهم وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول تنويهابالمساواة العادلة متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً)، أيمتساوين في جميع الحقوق كحق الحرية وحق الحياة و المعاملة ، و أن الناس لميولدوا منقسمين إلى طبقة أسياد وطبقة عبيد وليس لأحد حق السيادة علىالآخرين بسبب ما يجري في عروقه من دم أرستقراطي، إنما خلق الناس طبقةواحدة وكتب توماس جيفرس في إعلان الاستقلال الأمريكي (إن جميع الناس قدخلقوا متساوين) كما يقول أن العدل هو احترام الكرامة الإنسانية مهما كانالأشخاص ومهما كانت الظروف الطبيعية و الاجتماعية التي تتعرض له فلابد منتجاوزها) ، ويرى أيضا (العدل في أسمى معانيه هو تجاوز الحدود و الفوارقالاجتماعية).بالرغممن أنه لا يمكن إنكار أهمية المساواة و ضرورتها للمجتمع و الأفراد إلاّأنه لا يمكن من مستوى الحقوق و الواجبات إلى مستوى يتعارض فيه الناس علىحسب إمكانياتهم فلكل واحد إمكانياته الخاصة به بالإضافة إلى أنه لو ساويناكل الناس في جميع المستويات العقلية و الجسدية و العلمية فكيف يحد منبعضهم بعضاً .إنالعدل معناه إزالة الفوارق المصطنعة و المظالم والفروق الواسعة التي نشأتبطرق غير مشروعة ولابد من فتح الطرق أمام الجميع و تحقيق مبدأ تكافؤ الفرصفي جميع المجالات وإذا كان لا فضل لعربي عل عجمي إلاّ بالتقوى فإن اللهسبحانه وتعالى يقول ورفعنا بعضكم فوق بعض درجات) ولكن هذا لا يعني أنالعدل معناه المساواة المطلقة بل إعطاء كل ذي حق حقه وفق جهده و عمله .وإذا أردنا الخروج بحوصلة فإن العدل ليس مساواة مطلقة و ليس كل تسمى بلاحدود ولا قيود فهناك فروق لا حيلة لنا فيها كالفروق الطبيعية .إذا فالعدل هو الاحترام الصارم للحقوق لكل ذي كرامة وهو حرب ضد كلالعمليات الاحتيالية أي العمليات التي من شأنها أن توفر المساواة.
ولنا عودة ان شاء الله
.
|