التصنيفات
اسلاميات عامة

الجمعة أحكام وآداب

تعليمية تعليمية

الجمعةأحكام وآداب

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.. أما بعد:
لقد عُني الإسلام عناية بالغة بأمر الجمعة، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}1. وعاب على أولئك الذين تشاغلوا عنها، وآثروا التجارة عليها فقال:{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}2. ومنذ أن شرع الله -تعالى- صلاة الجمعة ورسول الله عليه الصلاة والسلام- حفيٌّ بها، محافظ عليها، كثير التأكيد على المسلمين بأدائها، كثير النهي عن التهاون بها.
فيوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع، ومما يدل على هذا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا)3.
وفي يوم الجمعة « ساعة من دعا الله فيها استجيب له, ففي حديث أبي هريرة أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: (إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ)4.
وليوم الجمعة من المزايا والفضائل ما يضيق عن الحصر، ولنذكر هنا بعضاً من مزاياه وفضائله إضافة إلى ما تقدم ومنها: أن من مات فيه أو في ليلته -وهو مؤمن- وُقي فتنة القبر وعذابه، لما رواه أحمد والترمذي عن عبد الله بن عمرو أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ إِلَّا وَقَاهُ اللَّهُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ)5. ولذلك فإن من الجدير بكل مسلم أن يحرص على الجمعة، ويحافظ عليها ويؤدي ما أمر به فيها على سبيل الوجوب أو الندب, ومن مزايا هذا اليوم أنه ينبغي فيه:
1- الإكثار في يومها من قراءة القرآن والذكر والدعاء والمناجاة, والصلاة على رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ففي كل ذلك قد وردت السنة, ومن ذلك قراءة سورة الكهف في ليلتها ويومها.
2-كما يطلب من المسلم قبل الخروج لصلاة الجمعة الغسل والسواك والتطيب ولبس أحسن ما لديه من الثياب وأنظفها,ففي الحديث: (إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ)6.
3- ويندب الأخذ من الشعر وقص الأظافر في يومها.
4- ويندب أن يقرأ في صلاة صبحها بسورتي: "السجدة والإنسان بعد الفاتحة".
5- ويندب التبكير بالذهاب إلى الجامع فعنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً, وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً, وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ, وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ)7.
6- ويستحب المشي إليها، والقرب من الإمام، والإنصات التام للخطبة وعدم التشاغل بشيء عن ذلك. وابتداء التبكير من الفجر أو من طلوع الشمس؟ إلى كل ذهب فريق من العلماء، ولعل الأرجح أن بدء ساعات البكور من طلوع الشمس؟ لأن الفترة السابقة لذلك فترة اغتسال وتهيؤ واستعداد, وقال بعضهم: التبكير يكون من ارتفاع النهار وقت الضحى وأول الهاجرة وينتهي بالزوال وحضور الإمام8.
7- ولا ينبغي للمصلي أن يتخطى الرقاب؛ فذلك حرام عند بعض العلماء مكروه عند البعض الآخر لكثرة الأحاديث الواردة في النهي عن ذلك.
8- ويكره "الاحتباء" في المسجد يوم الجمعة, وهو أن يجلس على إليتيه رافعًا ساقيه،ضامًّا وِرْكيه إلى بطنه بثوبه أو يديه؛ لنهيه-صلى الله عليه وسلم- عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب؛ لأن هذه الجلسة قد تؤدي إلى النوم.
9- ويستحب لمن غلبه النعاس في مكان من المسجد أن يتحول إلى مكان غيره.
10- ولا ينبغي للمصلي أن يحضر الجمعة بثياب متسخة أو منفرة، أو رائحة غير زكيّة.
11- ولا ينبغي للمصلي أن يتناول طعامًا ذا رائحة تؤذي كالثوم والبصل والفجل وغيرها.
12- وليس له أن يفرق بين اثنين, إلا إذا كانت بينهما فرجة كافية لم يسُدَّاها.

13- ويندب لمن أتى المسجد –قبل أن تقام الجمعة- بعد أن يصلي تحية المسجد التنفل مع طول القيام ما لم يصعد الخطيب المنبر؛ لما ورد أَنَّ ابْنَ عُمَرَ –رضي الله عنهما- كَانَ يَغْدُو إِلَى الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيُصَلِّي رَكَعَاتٍ يُطِيلُ فِيهِنَّ الْقِيَامَ, فَإِذَا انْصَرَفَ الْإِمَامُ رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ, وَقَالَ: "هَكَذَا كَانَ يَفْعَلُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "9.
14- وإذا أذن للجمعة فليس للمسلم أن ينشغل بشيء غير السعي إليها؛ فالبيع أو الشراء حال السعي إلى الجمعة حرام عند العلماء.
وبالنسبة للمرأة فلا تجب الجمعة عليها, لكن إذا صلت المرأة مع الإمام صلاة الجمعة فصلاتها صحيحة، وإذا صلت في بيتها فلا يصح أن تصلي جمعة في بيتها، بل عليها إن تصلي ظهراً أربع ركعات, وذلك بعد دخول الوقت، أي بعد زوال الشمس10, وعليها إذا حضرت للصلاة في المسجد أن تعتني بما ورد ذكره هنا من الذكر والدعاء والقراءة والآداب, لكن يجب عليها أن تتجنب الطيب والزينة فذلك حرام عليها فعله؛ كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة ولو كانت خارجة للعبادة, ولتتجنب الكلام واللهو أثناء الخطبة وعليها أن تنصت للخطبة, ولا تنشغل عنها بالحديث والغفلة واللعب بشيء في يدها أو بفرش المسجد ونحوها.
والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه والحمد لله رب العالمين11.

1 (9) سورة الجمعة
2 (11) سورة الجمعة.
3 رواه مسلم -1410-(4/326).
4 رواه النسائي -1414- (5/305) وأحمد -7489 – (16/30) وصححه العلَّامة الألباني في سنن النسائي برقم:(1431).
5 رواه الترمذي -994- (4/242) وأحمد -6294- (13/332) وحسنه العلّامة الألباني في مشكاة المصابيح برقم (1367).
6 صحيح البخاري – 828 – (3/390) ومسلم -1393- (4/304).
7 رواه البخاري -832- (3/396) ومسلم -1403- (4/316).
8 من كتاب خطب مختارة- اختيار وكالة شئون المطبوعات والنشر بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد (1/17) بتصرف.
9 رواه أحمد -5545- (12/82) وصححه الألباني في مشكاة المصابيح برقم: (1187).
10 فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء – (10/204) بتصرف.
11 استفيد الموضوع من كتاب: خطب مختارة- اختيار وكالة شئون المطبوعات والنشر بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد (1/17) بتصرف.

المصدر هنا

منقول للفائدة

تعليمية تعليمية




طاب لنا نقلك

بارك الله فيـك و جزاك خيرا على الموضوع القيم




موضوع مفيد,شكرا لكي




التصنيفات
اسلاميات عامة

ماهي الحياة الطيبة

تعليمية تعليمية

ما هي الحياة الطيبة ؟

الجواب: الحياة الطيبة هي انشراح الصدر وطمأنينة القلب، حتى ولو كان الإنسان في أشد بؤس، فإنه مطمئن القلب منشرح الصدر، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له وإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له )) (26)

الكافر إذا أصابته الضراء هل يصبر ؟ فالجواب: لا. بل يحزن وتضيق عليه الدنيا، وربما انتحر وقتل نفسه، ولكن المؤمن يصبر ويجد لذة الصبر انشراحاً وطمأنينة؛ ولذلك تكون حياته طيبة، وبذلك يكون قوله تعالى: ] فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً [ . حياة طيبة في قلبه ونفسه.

بعض المؤرخين الذين تكلموا عن حياة الحافظ ابن حجر – رحمه الله – وكان قاضي قضاة مصر في عهده، وكان إذا جاء إلى مكان عمله يأتي بعربة تجرها الخيول أو البغال في موكب. فمر ذات يوم برجل يهودي في مصر زيات – أي يبيع الزيت – وعادة يكون الزيات وسخ الثياب – فجاء اليهودي فأوقف الموكب. وقال للحافظ ابن حجر – رحمه الله -: إن نبيكم يقول" (( الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر )) (27) . وأنت قاضي قضاة مصر ،وأنت في هذا الموكب، وفي هذا النعيم، وأنا – يعني نفسه اليهودي – في هذا العذاب وهذا الشقاء.

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – : (( أنا فيما أنا فيه من الترف والنعيم يعتبر بالنسبة إلى نعيم الجنة سجناً ، وأما أنت بالنسبة للشقاء الذي أنت فيه يعتبر بالنسبة لعذاب النار جنة)) . فقال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله. وأسلم.

· فالمؤمن في خير مهما كان، وهو الذي ربح الدنيا والآخرة.
· والكافر في شر وهو الذي خسر الدنيا والآخرة.

قال الله تعالى : ]وَالْعَصْر*إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ*إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر[( العصرالآيات 1- 3) .

فالكفار والذين أضاعوا دين الله وتاهوا في لذاتهم وترفهم ، فهم وإن بنوا القصور وشيدوها وازدهرت لهم الدنيا؛ فإنهم في الحقيقة في جحيم، حتى قال بعض السلف: (( لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف )).

أما المؤمنون فقد نعموا بمناجاة الله وذكره، وكانوا مع قضاء الله وقدره ، فإن أصابتهم الضراء صبروا، وإن أصابتهم السراء شكروا، فكانوا في أنعم ما يكون، بخلاف أصحاب الدينا فإنهم كما وصفهم الله بقوله: ]) فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ [ (التوبة: الآية 58) .

ـــــــــــــــــ

كتاب – العلم – للشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله
منقوول

منقول للفائدة

تعليمية تعليمية




عجبا لأمر المؤمن فإن أمره كله خير ، هذه حقيقة أنا أعيشها والله ، فالدنيا ممر نأخذ منها زادنا ليوم نكون في حاجة إلى نصف دقيقة ( رب ارجعوني اعمل صالحا فيما تركت ) ن هل تعلمون ثمن الدقيقة ؟ الدقيقة أغلى من كنوز الأرض كلها . لاحظوا كم يتطلب قول : لا إله إلا الله ؟ حوالي ثلاث ثواني وبها ندخل الجنة بإذن الله ( من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ) ، هي يسيرة على من يسرها الله له ، هل لا حظتم ثمن الوقت ؟!
إلا ان الانسان بين الفترة والأخرى يحيد الطريق فكلنا خطاء وخيرنا من رجع وتاب ، والرب الكريم يفرح أشد الفرح بإنابة العبد ورجوعه .
لذلك لا يجب أن يغرن الشيطان – وهو الماكر يأتي من باب النصح والإرشاد من أجل أن يوصلنا للمرحلة التي أوصله تكبره على رب البرية إليه ، مرحلة اليأس من رحمة الله تعالى .
هي أخطر الأمور على الانسان أن يصل إلى مرحلة اليأس من رحمة الله تعالى ، نعم أخطي وأقر بخطئي ، ولي رب كريم رحيم ودود غفور ألجأ إليه ومن كرمه سبحانه ةتعالى أنه يغير السيئات حسنات ، وفضلا فضل من الله ونعمة .
أرجو من الإخوة والأخوات الانتباه لهذا الأمر ولخطرته .




شكرا لك اختي نانو على الموضوع الرائع و الفريد من نوعه تقبلي مروري و تحيتي.
تعليمية




جزاك الله خيرا و جعله في ميزان حسناتك




شكرا لمروركم وتفاعلكم مع الموضوع

وان شاء الله تكون حياتكم كلمكم طيبة يارب العالمين




شكرا اختي نانو على الموضوع,وقفات منيرة ومفيدة ,جزاك الله خير




التصنيفات
اسلاميات عامة

الثقة بالله

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كان رجل مسلم له صديق مسيحي فألح المسيحي علي المسلم بأن يذهب معه للكنسية
ليحضر درس من قسيس و يدلي رأية للمسيحي
فوافق المسلم و ذهب معه
فعرفه القسيس وقال
يوجد بينكم محمدي اي ( مسلم )
فوقف المسلم وقال له كيف عرفت؟
فقال القسيس سماههم في وجوههم
فبتسم المسلم و قال له القسيس اريد ان اسألك اثنان وعشرون سؤال22
إليك الأسئلة:

ما هو الواحد الذي لا ثاني له؟

ما هما الاثنان اللذان لا ثالث لهما؟

ما هم الثلاثة الذين لا رابع لهم؟

ما هم الأربعة الذين لا خامس لهم؟

أما هم الخمسة الذين لا سادس لهم؟

ما هم الستة الذين لا سابع لهم؟

ما هم السبعة الذين لا ثامن لهم؟

ما هم الثمانية الذين لا تاسع لهم؟

ما هم التسعة الذين لا عاشرة لهم؟

ما هي العشرة التي تقبل الزيادة؟

الإحدى عشر الذين لا ثاني عشرة لهم؟ ما هي

ما هي الاثنا عشر الذين لا ثالث عشر لهم؟

ما هي الثلاثة عشر الذين لا رابع عشر لهم؟

ما هو الشيء الذي يتنفس ولا روح فيه؟

ما هو القبر الذي سار بصاحبه؟

من هم الذين كذبوا ودخلوا الجنة؟

ما هو الشيء الذي خلقه الله و أنكره؟

وما هي الأشياء التي خلقها الله بدون أب و أم؟

من هو المخلوق الذي من نار ومن هلك بالنار ومن حفظ من النار؟

ومن الذي خلق من حجر وهلك بالحجر وحفظ بالحجر؟

ما هو الشيء الذي خلقه الله واستعظمه؟

وما هي الشجرة التي لها اثني عشر غصنا وفي كل غصن ثلاثين ورقة وفي كل ورقة خمس ثمرات ثلاث منها بالظل واثنتان بالشمس؟

فأبتسم المسلم ابتسامة الواثق بالله…

وسمّّّا بالله * بسم الله الرحمن الرحيم *

الله سبحانه وتعالي الواحد لا ثاني له

والاثنان اللذان لا ثالث لهما: الليل والنهار وجعلنا الليل والنهار آيتين

والثلاثة التي لا رابع لها هي:أعذار موسى مع الخضر في إعطاب السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار

والأربعة الذين لا خامس لهم:القرآن و الإنجيل والتوراة والزبور

والخمسة التي لا سادس لهم الصلوات الخمس المفروضة

والستة التي لا سابع لها الأيام التي خلق الله تعالى فيها الكون

والسبعة التي لا ثامن لهم السموات السبع الذي خلق السبع سموات طباقا ما ترى من خلق الرحمن من تفاوت

والثمانية الذين لا تاسع لهم هم حملة عرش الرحمن ويحمل عرش ربك يومئذٍ ثمانية

والتسعة اللاتي لا عاشر لها هي معجزات موسى عليه السلام العصا ، اليد , الطوفان , السنون , الضفادع , الدم , القمل , الجراد , شق البحر

وأما العشرة التي تقبل الزيادة هي الحسنات من جاء بالحسنة فله عشرة أمثالها والله يضاعف الأجر لمن يشاء

والأحد عشر الذين لا ثاني عشر لهم هم أخوة يوسف عليه السلام

والاثنا عشر التي لا ثالث عشرة لها هي معجزة سيدنا موسى وإذا استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنا عشر عيناً

والثلاثة عشرة الذين لا رابع عشر لهم هم إخوة يوسف وأبيه وأمه

وأما الذي يتنفس ولا روح فيه فهو الصبح والصبح إذا تنفس

وأما القبر الذي سار بصاحبه هو الحوت عندما التقم سيدنا يونس عليه السلام

وأما الذين كذبوا ودخلوا الجنة هم أخوة يوسف عليه السلام للأستغفار

والشيء الذي خلقه الله و أنكره هو صوت الحمير إن أنكر الأصوات لصوت الحمير

وأما ما خلق وليس له أب وأم فهم :آدم عليه السلام,ناقة صالح,كبش الفداء, الملائكة

وأما ما خلق من نار فهو إبليس ومن هلك بالنار فهو أبو جهل ومن حفظ من النار فهو إبراهيم عليه السلام

وأما ما خرج من الحجر فهي ناقة صالح عليه السلام ومن هلك بالحجر فهم أصحاب الفيل وأما من حفظ بالحجر فهم أصحاب الكهف

وأما ما خلقه الله واستعظمه فهو كيد النساء إن كيدهن لعظيم

والشجرة هي السنة التي لها اثني عشر شهرا ‘غصنا’ والثلاثين ورقة هي الأيام في كل شهر والخمس ثمرات هي الصلوات الخمس والثلاث التي بالظل هي :صلاة الفجر والمغرب والعشاء والاثنتان التي بالشمس هي: الظهر والعصر

هذا كان رد المسلم فاستعجب القسيس والحضور ولكن فوجئ القسيس بسؤال واحد موجه من الشاب المسلم
وهو: ما هو مفتاح الجنة؟؟

هنا لم يقدر القسيس على الإجابة لكنه اضطر للإجابة بعد إلحاح الوجود
ولكنه طلب الأمان ………… ……… ……… .
أتتوقعون لماذا؟!
لان الإجابة هي:
أشــــهد أن لا إلـه إلا الله وأن مــــحمدا رســـــول الله
فأسلم القسيس ومن معه في الكنيسة
اترون ما اعظم الثقة بالله




بارك الله فيك على القصة العبرة وعلى الردود المفحمة عن الشبه المطروحة

ننتظر دوما نشاطكم ومواضيعكم المفيدة




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




بارك الله فيك
جزاك الله كل خير




الله يعطيك الف عافيه




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيـــــــــــــــك
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين




التصنيفات
اسلاميات عامة

تَفَكَّر في يَومِ القِيَامَةِ

تَفَكَّر في يَومِالقِيَامَةِ

إخواني تفكروا في الحشر والمعاد وتذكروا حين تقوم الأشهاد‏:‏ إن فيالقيامة لحسرات وإن في الحشر لزفرات وإن عند الصراط لعثرات وإن عند الميزان لعبراتوإن الظلم يومئذ ظلمات والكتب تحوى حتى النظرات وإن الحسرة العظمى عند السيئات فريقفي الجنة يرتقون في الدرجات وفريق في السعير يهبطون الدركات وما بينك وبين هذاإلاَّ أن يقال‏:‏ فلان مات وتقول‏:‏ رَبِّ ارجعوني فيقال‏:‏ فات .
روى البخاريومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلمقال‏:‏ ‏(‏يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعاً ويلجمهمحتى يبلغ آذانهم‏)
قالت أُم الربيع أُم حيثم لولدها‏:‏يا بني أَلا تنام قال‏:‏ يا أُماه من جَنَّ عليه الليل وهو يخاف الثبات حق له أن لاينام فلما رأت ما يلقى من السهر والبكا قالت‏:‏ يا بني لعلك قتلت قتيلاً.
وكان آمد الشامي يبكي وينتحب في المسجد حتى يعلوصوته وتسيل دموعه على الحصى فأرسل إليه الأمير‏:‏ إنك تفسد على المصلين صلاتهمبكثرة بكائك وارتفاع صوتك ولو أمسكت قليلا ً فبكى ثم قال‏:‏ إن حزن يوم القيامةأورثني دموعاً غزاراً فأنا أستريح إلى ذرها‏.

من كتاب : المَواعظ
لابن الجوزي




تعليمية




التصنيفات
اسلاميات عامة

هذه هي الجنة دار السلام

هذه هي الجنة دار السلام

يا وفد الرحمن
هذه النوق البيض فامتطوها ؟

كأني بهم وقد قاموا من قبورهم غير مذعورين ، ولا خائفين(لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون) ( الأنباء 103 )

أقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال ( والذي نفسي بيده : إنهم إذا خرجوا من قبورهم استقبلوا بنوق بيض لها أجنحة ، عليها رحال الذهب ، شراك نعالهم نور يتلألأ ، كل خطوة منها مد البصر . وينتهون إلى باب الجنة ) .رواه الشيخان {البخاري ومسلم}

وفي القرآن الكريم { يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً } [مريم:85]

﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾ (الزمر: 73)

من كتاب الجَنَّة دَارُ الأبْرَار
والطريقُ المُوَصِّلُ إليْهَا
الشيخ
أبو بكر الجزائري




بارك الله فيك وجزاك الله خيرا




جزاك الله خيرا و جعله في ميزان حسناتك







بارك الله فيك وجعله في موازين اعمالك
وجزاك الله خيرا




التصنيفات
اسلاميات عامة

موسوعة خير نساء المسلمين

السلام عليكم
بسم الله الرحمن الرحيم

سأقوم بسرد موسوعة خير نساء المسلمين و ان شاء الله تكون مفيدة

***الأم حـــواء***

*كان الأب الأول للخلق جميعًا يعيش وحده بين أشجار الجنة وظلالها، فأراد الله أن يؤنس وحشته، وألا يتركه وحيدًا، فخلق له من نفسه امرأة، تقر بها عينه، ويفرح بها قلبه، وتسكن إليها نفسه، وتصبح له زوجة يأنس بها، فكانت حواء، هدية الله إلى أبى البشر آدم -عليه السلام- وأسكنهما الله الجنة، وأباحها لهما يتمتعان بكل ما فيها من ثمار، إلا شجرة واحدة أمرهما أن لا يأكلا منها: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ)[البقرة: 35].

وعاشت حواء مع آدم بين أشجار الجنة يأكلان مما فيها من فواكه كثيرة وخيرات متعددة، وظلا على عهدهما مع اللَّه، لم يقربا الشجرة التى حرمها عليهما.

لكن إبليس اللعين لم يهدأ له بال، وكيف يهدأ بالُه وهو الذى توعد آدم وبنيه بالغواية والفتنة؟! وكيف تستريح نفسه وهو يرى آدم وحواء يتمتعان فى الجنة؟! فتربص بهما، وفكر فى طريقة تخرجهما من ذلك النعيم، فأخذ يدبر لهما حيلة؛ ليعصيا اللَّه، ويأكلا من الشجرة؛ فيحلَّ عليهما العقاب.

ووجد إبليس الفرصة ! فقد هداه تفكيره الخبيث لأن يزين لآدم وحواء الأكل من الشجرة التى حرمها الله عليهما، لقد اهتدى لموطن الضعف عند الإنسان، وهو رغبته فى البقاء والخلود: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِى لَهُمَا مَا وُورِى عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ. وَقَاسَمَهُمَا إِنِّى لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ)[الأعراف: 20-21] .

وهكذا زين لهما الشيطان الأكل من الشجرة، وأقسم لهما أنه لهما ناصح أمين، وما إن أكلا من الشجرة حتى بدت لهما عوراتهما، فأسرعا إلى أشجار الجنة يأخذان منها بعض الأوراق ويستتران بها. ثم جاء عتاب اللَّه لهما، وتذكيرهما بالعهد الذى قطعاه معه -سبحانه وتعالي-: (فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِين)[الأعراف : 22].

وعرف آدم وحواء أن الشيطان خدعهما وكذب عليهما… فندما على ما كان منهما فى حق اللَّه سبحانه، ولكن ماذا يصنعان؟ وكيف يصلحان ما أفسد الشيطان؟!! وهنا تنزلت كلمات اللَّه على آدم، ليتوب عليه وعلى زوجه (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه)[البقرة: 37]. وكانت تلك الكلمات هي: (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين)[الأعراف: 23].

وبعد ذلك.. أهبطهما ربهما إلى الأرض، وأهبط معهما الشيطان وأعوانه، ومخلوقات أخرى كثيرة: (وقلنا اهبطوا بعضكم عدوٌ ولكم فى الأرض مستقر ومتاع إلى حين)[البقرة : 36].

وهكذا بدأت الحياة على الأرض، وبدأت معركة الإنسان مع الشيطان، وقدر اللَّه لآدم وحواء أن يعمرا الأرض، وتنتشر ذريتهما فى أرجاء المعمورة. ثم نزلت لهم الرسالات السماوية التى تدعو إلى التقوى. قال تعالى: (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)[النساء:1].

وظلت حواء طائعة لله -تعالى- حتى جاء أجلها.*

***أم الذبيح (هاجر)***

**هناك.. فى صحراء مكة القاحلة.. حيث لا زرع ولا ماء.. ولا أنيس ولا رفيق.. تركها زوجها هى ووليدها.. ثم مضى فى طريق عودته، وترك لهم تمرًا وماءً.
فنادته زوجته وهى تقول: يا إبراهيم! أين تذهب وتتركنا فى هذا الوادي، الذى ليس فيه أنيس ولا شيء؟! فلم يلتفت إليها الزوج، وكأنه على يقين من وعد الله الذى لا يتخلف ولا يخيب.
فقالت الزوجة -وكأنها أدركت أن أمرًا ما يمنع زوجها من الرد عليها-: الله أمرك بهذا؟
فيرد الزوج: نعم.
فتقول الزوجة التى آمنت بربها، وعرفت معنى اليقين بصِدْقِ وَعْدِ الله، وفهمت كيف تكون معينة لزوجها على طاعة ربها، تقول فى غير تردد ولا قلق: إذن لا يضيعنا. وانصرف إبراهيم -عليه السلام- وهو يدعو ربه ويقول: (ربنا إنى أسكنت من ذريتى بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون. ربنا إنك تعلم ما نخفى وما نعلن وما يخفى على الله من شيء فى الأرض ولا فى السماء)[إبراهيم 37-38].
ونفد الماء والزاد، والأم لا تجد ما تروى به ظمأ طفلها، وقد جفّ لبنها فلا تجد ما ترضعه. فيتلوى الطفل جوعًا وعطشًا، ويصرخ، ويتردد فى الصحراء والجبال صراخه الذى يدمى قلب الأم الحنون.
وتسرع الأم وتصعد على جبل الصفا، لتنظر أحدًا ينقذها هى وطفلها من الهلاك، أو تجد بعض الطعام أو الشراب. ولكنها لا تجد فتنزل مسرعة وتصعد جبل المروة، وتفعل ذلك سبع مرات حتى تمكن منها التعب، وأوشك اليأس أن يسيطر عليها، فيبعث الله جبريل -عليه السلام- فيضرب الأرض بجناحه؛ لِتَخْرُجَ عينُ ماءٍ بجانب الصغير، فتهرول الأم نحوها وقلبها ينطلق بحمد الله على نعمته، وجعلت تغرف من مائها، وتحاول جاهدة إنقاذ فلذة كبدها، وتقول لعين الماء: زُمّى زُمّي، فسميت هذه العين زمزم.
يقول النبى (: "يرحم الله أم إسماعيل، لو تركت زمزم لكانت زمزم عينًا معينًا" [البخاري].
إنها هاجر، أم إسماعيل، وزوجة إبراهيم خليل الله – رضى الله عنها -. عُرِفَتْ فى التاريخ بأمِّ العَرَب العدنانيين.
وَهَبَهَا ملكُ مِصرَ إلى السيدة سارة -زوج إبراهيم الأولي-، عندما هاجرا إلى مصر. ولما أدركت سارة أنها كبرت فى السن، ولم تنجب، وهبت هاجر لزوجها ليتزوجها، عسى الله أن يرزقه منها الولد.
وتزوج إبراهيم -عليه السلام- السيدة هاجر، وبدت عليها علامات الحمل، ثم وضعت إسماعيل -عليه السلام- ووجدت الغيرة طريقها إلى قلب السيدة سارة، فكأنها أحست أنها فقدت المكانة التى كانت لها فى قلب زوجها من قبل، فطلبت منه أن يأخذ السيدة هاجر بعيدًا عنها، فأخذها سيدنا إبراهيم -عليه السلام- إلى صحراء مكة، بأمرٍ من الله، ولحكمة يريدها عز وجل، وحدث ما حدث لها ولوليدها.
ومرت الأيام بطيئة ثقيلة، حتى نزل على هاجر وابنها إسماعيل بعض أناس من قبيلة "جُرْهُم" وأرادوا البقاء فى هذا المكان؛ لما رأوا عندها الماء، فسمحت لهم بالسكن بجانبها، ومشاركتها فى الشرب من ماء زمزم، واستأنست بهم، وشب الطفل الرضيع بينهم، وتعلم اللغة العربية منهم، ولما كبر تزوج امرأة منهم.
هذه هى هاجر أم الذبيح وأم العرب العدنانيين، رحلت عنا بعدما تركت لنا مثالا رائعًا للزوجة المطيعة، والأم الحانية، والمؤمنة القوية ؛ فقد أخلصت النية للَّه تعالي، فرعاها فى وحشتها، وأمَّنها فى غيبة زوجها، ورزقها وطفلها من حيث لا تحتسب.
وقد جعل الله – سبحانه – ما فعلته السيدة هاجر – رضى الله عنها- من الصعود والسعى بين الصفا والمروة من أعمال الحج.
قيل إنها توفيت وعندها من العمر 90 سنة، ودفنها إسماعيل -عليه السلام- بجانب بيت الله الحرام.

***المهاجرة (سارة)***

**خرجتْ مهاجرة فى سبيل الله مع زوجها وابن أخيه لوط -عليهما السلام- إلى فلسطين.
ولما اشتد الجفاف فى فلسطين هاجرت مع زوجها مرة أخرى إلى مصر. وسرعان ما انتشر خبرهما عند فرعون مصر الذى كان يأمر حراسه بأن يخبروه بأى امرأة جميلة تدخل مصر.
وذات يوم، أخبره الجنود أن امرأة جميلة حضرتْ إلى مصر، فلما علم إبراهيم بالأمر قال لها: "إنه لو علم أنك زوجتى يغلبنى عليكِ، فإن سألك فأخبريه بأنك أختي، وأنت أختى فى الإسلام، فإنى لا أعلم فى هذه الأرض مسلمًا غيرك وغيري".
وطلب فرعون من جنوده أن يحضروا هذه المرأة، ولما وصلت إلى قصر فرعون دعت اللَّه ألا يخذلها، وأن يحيطها بعنايته، وأن يحفظها من شره، وأقبلت تتوضأ وتصلى وتقول: "اللهم إن كنتَ تعلم أنى آمنتُ بك وبرسولك، وأحصنتُ فرجى إلا على زوجي، فلا تسلط على هذا الكافر".فاستجاب اللَّه دعاء عابدته المؤمنة فشَلّ يده عنها -حين أراد أن يمدها إليها بسوء- فقال لها : ادعى ربك أن يطلق يدى ولا أضرك. فدعت سارة ربها؛ فاستجاب الله دعاءها، فعادت يده كما كانت، ولكنه بعد أن أطلق اللَّه يده أراد أن يمدها إليها مرة ثانية؛ فَشُلّت، فطلب منها أن تدعو له حتى تُطْلق يده ولا يمسها بسوء، ففعلت، فاستجاب الله دعاءها، لكنه نكث بالعهد فشُلّت مرة ثالثة. فقال لها : ادعى ربك أن يطلق يدي، وعهدٌ لا نكث فيه ألا أمسّك بسوء، فدعت اللَّه فعادت سليمة، فقال لمن أتى بها: اذهب بها فإنك لم تأتِ بإنسان، وأمر لها بجارية، وهى "هاجر" -رضى الله عنها- وتركها تهاجر من أرضه بسلام.
ورجع إبراهيم وزوجه إلى فلسطين مرة أخري، ومضى "لوط" -عليه السلام- فى طريقه إلى قوم سدوم وعمورة (الأردن الحالية) يدعوهم إلى عبادة اللَّه، ويحذرهم من الفسوق والعصيان. ومرت الأيام والسنون ولم تنجب سارة بعد ابنًا لإبراهيم، يكون لهما فرحة وسندًا، فكان يؤرقها أنها عاقر لا تلد، فجاءتها جاريتها هاجر ذات مرة؛ لتقدم الماء لها، فأدامت النظر إليها، فوجدتها صالحة لأن تهبها إبراهيم، لكن التردد كان ينازعها؛ خوفًا من أن يبتعد عنها ويقبل على زوجته الجديدة، لكن بمرور الأيام تراجعت عنها تلك الوساوس، وخفَّت؛ لأنها تدرك أنّ إبراهيم – عليه السلام – رجل مؤمن، طيب الصحبة والعشرة، ولن يغير ذلك من أمره شيئًا.
وتزوَّج إبراهيم -عليه السلام- "هاجر"، وبدأ شيء من الغيرة يتحرك فى نفس سارة، بعد أن ظهرت علامات الحمل على هاجر، فلمّا وضعت هاجر طفلها إسماعيل – عليه السلام – طلبت سارة من إبراهيم أن يبعدها وابنها، ولأمر أراده اللَّه أخذ إبراهيم هاجر وابنها الرضيع إلى وادٍ غير ذى زرع من أرض مكة عند بيت الله الحرام، فوضعهما هناك مستودعًا إياهما اللَّه، وداعيا لهما بأن يحفظهما الله ويبارك فيهما، فدعا إبراهيم -عليه السلام- ربه بهذا الدعاء: (رَّبَّنَا إِنِّى أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاس تَهْوِى إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) [إبراهيم :37] .
لكن آيات الله لا تنفد، فأراد أن يظهر آية أخرى معها. وذات يوم، جاء نفرٌ لزيارة إبراهيم عليه السلام؛ فأمر بذبح عجل سمين، وقدمه إليهم، لكنه دهش لما وجدهم لا يأكلون، وكان هؤلاء النفر ملائكة جاءوا إلى إبراهيم -عليه السلام- فى هيئة تجار، ألقوا عليه السلام فرده عليهم . قال تعالى: (وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُـشْرَى قَالُواْ سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ. فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوط) [هود: 69-70] .
قال تعالى: (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِى قَوْمِ لُوطٍ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ) [هود : 47-48]
وأخبرت الملائكة إبراهيم – عليه السلام- أنهم ذاهبون إلى قوم لوط؛ لأنهم عصوا نبى الله لوطًا، ولم يتبعوه.
وقبل أن تترك الملائكة إبراهيم -عليه السلام- بشروه بأن زوجته سارة سوف تلد ولدًا اسمه إسحاق، وأن هذا الولد سيكبر ويتزوج، ويولد له ولد يسميه يعقوب.
ولما سمعت سارة كلامهم، لم تستطع أن تصبر على هول المفاجأة، فعبَّرت عن فرحتها، ودهشتها كما تعبر النساء؛ فصرخت تعجبًا مما سمعت، وقالت: (قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِى شَيْخًا إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ. قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ)[هود: 72-73] .
وحملت سارة بإسحاق – عليه السلام – ووضعته، فبارك اللَّه لها ولزوجها فيه ؛ ومن إسحاق انحدر نسل بنى إسرائيل .
هذه هى سارة زوجة نبى اللَّه إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- التى كانت أول من آمن بأبى الأنبياء إبراهيم – عليه الصلاة والسلام – حين بعثه اللَّه لقومه يهديهم إلى الرشد، ثم آمن به لوط ابن أخيه – عليه السلام -، فكان هؤلاء الثلاثة هم الذين آمنوا على الأرض فى ذلك الوقت. وماتت سارة ولها من العمر 127 عامًا .




***المتوكلة (أم موسى)***

*تحت صرخات امرأة ذُبح ابنها، فتحت أيارخا زوجة عمران الباب، بعد أن ابتعدت أقدام جنود فرعون، واختفت ضحكاتهم الوحشية، ومضت إلى جارتها، التى كانت أقرب إلى الموت منها إلى الحياة، تخفف عنها آلامها، وتواسيها فى أحزانها.
كان بنو إسرائيل فى مصر يمرون بأهوال كثيرة، فقد ضاق بهم "فرعون"، وراح يستعبدهم ويسومهم سوء العذاب؛ نتيجة ما رأى فى منامه من رؤيا أفزعته، فدعا المنجِّمين لتأويل رؤياه، فقالوا: سوف يولد فى بنى إسرائيل غلام يسلبك المُلك، ويغلبك على سلطانك، ويبدل دينك. ولقد أطل زمانه الذى يولد فيه حينئذٍ.
ولم يبالِ فرعون بأى شيء سوى ما يتعلق بملكه والحفاظ عليه، فقتل الأطفال دون رحمة أو شفقة، وأرسل جنوده فى كل مكان لقتل كل غلام يولد لبنى إسرائيل .
وتحت غيوم البطش السوداء، ورياح الفزع العاتية، وصرخات الأمهات وهن يندبن أطفالهن الذين قُتِلوا ظلمًا، كان الرعب يسيطر على كيان زوجة عمران، ويستولى الخوف على قلبها، فقد آن وضع جنينها وحان وقته، وسيكون مولده فى العام الذى يقتل فرعون فيه الأطفال. واستغرقت فى تفكير عميق، يتنازع أطرافه يقين الإيمان ولهفة الأم على وليدها، ووسوسة الشيطان الذى يريد أن يزلزل فيها ثبات الإيمان، لذلك كانت تستعين دائمًا باللَّه، وتستعيذ به من تلك الوساوس الشريرة .
ولما أكثر جنود فرعون من قتل ذكور بنى إسرائيل قيل لفرعون: إنه يوشك إن استمر هذا الحال أن يموت شيوخهم وغلمانهم، ولا يمكن لنسائهم أن يقمن بمايقوم به الرجال من الأعمال الشاقة فتنتهى إلينا، حيث كان بنو إسرائيل يعملون فى خدمة المصريين فأمر فرعون بترك الولدان عامًا وقتلهم عامًا، وكان رجال فرعون يدورون على النساء فمن رأوها قد حملت، كتبوا اسمها، فإذا كان وقت ولادتها لا يولِّدها إلا نساء تابعات لفرعون . فإن ولدت جارية تركنها، وإن ولدت غلامًا؛ دخل أولئك الذباحون فقتلوه ومضوا. ولحكمة اللَّه -تعالى وعظمته- لم تظهر على زوجة عمران علامات الحمل كغيرها ولم تفطن لها القابلات ، وما إن وضعت موسى – عليه السلام- حتى تملكها الخوف الشديد من بطش فرعون وجنوده، واستبد بها القلق على ابنها موسى، وراحت تبكى حتى جاءها وحى اللَّه عز وجل آمرًا أن تضعه داخل صندوق وتلقيه فى النيل. قال تعالي: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى الْيَمِّ وَلَا تَخَافِى وَلَا تَحْزَنِى إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) [القصص :7].
وكانت دار أم موسى على شاطئ النيل، فصنعت لوليدها تابوتًا وأخذت ترضعه، فإذا دخل عليها أحد ممن تخافه، ذهبت فوضعته فى التابوت، وسَـيرَتْـهُ فى البحر، وربطته بحبل عندها.
وذات يوم، اقترب جنود فرعون، وخافت أم موسى عليه، فأسرعت ووضعته فى التابوت، وأرسلته فى البحر، لكنها نسيت فى هذه المرة أن تربط التابوت، فذهب مع الماء الذى احتمله حتى مرَّ به على قصر فرعون. وأمام القصر توقف التابوت، فأسرعت الجوارى وأحضرنه، وذهبن به إلى امرأة فرعون، فلما كشفت عن وجهه أوقع اللَّه محبته فى قلبها، فقد كانت عاقرًا لا تلد. وذاع الخبر فى القصر، وانتشر نبأ الرضيع حتى وصل إلى فرعون، فأسرع فرعون نحوه هو وجنوده وهمّ أن يقتله، فناشدته امرأته أن يتركه، وقالت له: (وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّى وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) [القصص: 9].
كاد قلب أم موسى أن يتوقف، فهى ترى ابنها عائمًا فى صندوق وسط النهر، ولكنَّ الله صبرها، وثبتها، وقالت لابنتها: اتبعيه، وانظرى أمره، ولا تجعلى أحدًا يشعر بك. وكان قلبها ينفطر حزنًا على مصير وليدها الرضيع الذى جرفه النهر بعيدًا عنها (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِى بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُون) [القصص: 10-11].
فرحت امرأة فرعون بموسى فرحًا شديدًا، ولكنه كان دائم البكاء، فهو جائع، ولكنه لا يريد أن يرضع من أية مرضعة، فخرجوا به إلى السوق لعلهم يجدون امرأة تصلح لرضاعته، فلما رأته أخته بأيديهم عرفته، ولم تُُظِْْهِْر ذلك، ولم يشعروا بها، فقالت لهم: أعرف من يرضعه. وأخذته إلى أمه.( وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ. فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَى تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)[القصص: 12-13]. هذا هو القدر الإلهى يظهر منه ومضات ليتيقن الناس أن خالق السَّماوات والأرض قادر على كل شيء: (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) [يوسف: 21].
وما إن وصل موسى -عليه السلام- إلى أمه حتى أقبل على ثديها، ففرحت الجوارى بذلك فرحًا شديدًا، وذهب البشير إلى امرأة فرعون، فاستدعت أم موسى، وأحسنت إليها، وأعطتها مالا كثيرًا – وهى لا تعرف أنها أمه-، ثم طلبتْ منها أن تُقيم عندها لترضعه فرفضتْ، وقالت : إن لى بعلا وأولادًا، ولاأقدر على المقام عندك، فأخذته أم موسى إلى بيتها، وتكفلت امرأة فرعون بنفقات موسى. وبذلك رجعت أم موسى بابنها راضية مطمئنة، وعاش موسى وأمه فى حماية فرعون وجنوده، وتبدل حالهما بفضل صبر أم موسى وإيمانها.
ولم يكن بين الشدة والفرج إلا يوم وليلة، فسبحان من بيده الأمر، يجعل لمن اتقاه من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا.

***زوجة الفراسة والحياء ( زوجة موسى )***

*يقول ابن مسعود: أفرس الناس ثلاثة ؛ صاحب يوسف حين قال لامرأته: (أَكْرِمِى مَثْوَاهُ) [يوسف:21]، وصاحبة موسى حين قالت: (يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ) [القصص: 26]، وأبو بكر حين استخلف عمر بن الخطاب.
ولكن ما الذى أخرج موسى من مصر إلى أرض مدين فى جنوب فلسطين؛ ليتزوج من ابنة الرجل الصالح، ويرعى له الغنم عشر سنين ؟!
كان موسى يعيش فى مصر، وبينما هو يسير فى طريقه رأى رجلين يقتتلان؛ أحدهما من قومه "بنى إسرائيل"، والآخر من آل فرعون. وكان المصرى يريد أن يسخِّر الإسرائيلى فى أداء بعض الأعمال، واستغاث الإسرائيلى بموسى، فما كان منه إلا أن دفع المصرى بيده فمات على الفور، قال تعالي: (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِى مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِى مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِين)[القصص: 15].
وفى اليوم التالى تشاجر اليهودى مع رجل آخر فاستغاث بموسى -عليه السلام- مرة ثانية فقال له موسى: إنك لَغَوِى مُبين؛ فخاف الرجل وباح بالسِّرِّ عندما قال: أتريد أن تقتلنى كما قتلت نفسًا بالأمس، فعلم فرعون وجنوده بخبر قتل موسى للرجل، فجاء رجل من أقصى المدينة يحذر موسى، فأسرع بالخروج من مصر، وهو يستغفر ربه قائلاً: (رَبِّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فَاغْفِرْ لِى فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [القصص :16].
وخرج موسى من مصر، وظل ينتقل حتى وصل إلى أرض مَدْين فى جنوب فلسطين، وجلس موسى -عليه السلام- بالقرب من بئر، ولكنه رأى منظرًا لم يعجبه؛ حيث وجد الرعاة يسقون ماشيتهم من تلك البئر، وعلى مقربة منهم تقف امرأتان تمنعان غنمهما عن ورود الماء؛ استحياءً من مزاحمة الرجال، فأثر هذا المنظر فى نفس موسى؛ إذ كان الأولى أن تسقى المرأتان أغنامهما أولاً، وأن يفسح لهما الرجال ويعينوهما، فذهب موسى إليهما وسألهما عن أمرهما، فأخبرتاه بأنهما لا تستطيعان السقى إلا بعد أن ينتهى الرجال من سقى ماشيتهم، وأبوهما شيخ كبير لا يستطيع القيام بهذا الأمر، فتقدم ليسقى لهما كما ينبغى أن يفعل الرجال ذوو الشهامة، فزاحم الرجال وسقى لهما، ثم اتجه نحو شجرة فاستظل بظلها، وأخذ يناجى ربه: (رب إنى لما أنزلت إلى من خير فقير) [القصص: 24].
وعادت الفتاتان إلى أبيهما، فتعجب من عودتهما سريعًا. وكان من عادتهما أن تمكثا وقتًا طويلا حتى تسقيا الأغنام، فسألهما عن السبب فى ذلك، فأخبرتاه بقصة الرجل القوى الذى سقى لهما، وأدى لهما معروفًا دون أن يعرفهما، أو يطلب أجرًا مقابل خدمته، وإنما فعل ذلك مروءة منه وفضلا.
وهنا يطلب الأب من إحدى ابنتيه أن تذهب لتدعوه، فجاءت إليه إحدى الفتاتين تمشى على استحياء، لتبلغه دعوة أبيها: (إن أبى يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا) [القصص: 25]. واستجاب موسى للدعوة، فلما وصل إلى الشيخ وقصّ عليه قصته، طمأنه الشيخ بقوله: (لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[القصص: 25].
وعندئذ سارعت إحدى الفتاتين -بما لها من فراسة وفطرة سليمة، فأشارت على أبيها بما تراه صالحًا لهم ولموسى -عليه السلام-: (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِى الأَمِين)[القصص: 26]. فهى وأختها تعانيان من رعى الغنم، وتريد أن تكون امرأة مستورة، لا تحتكّ بالرجال الغرباء فى المرعى والمسقي، فالمرأة العفيفة الروح لا تستريح لمزاحمة الرجال. وموسى فتى لديه من القوة والأمانة ما يؤهله للقيام بهذه المهمة، والفتاة تعرض رأيها بكل وضوح، ولا تخشى شيئًا، فهى بريئة النفس، لطيفة الحسّ.
ويقتنع الشيخ الكبير لما ساقته ابنته من مبررات بأن موسى جدير بالعمل عنده ومصاهرته، فقال له: (إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَى هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِى ثَمَانِى حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِى إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ قَالَ ذَلِكَ بَيْنِى وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَى وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ)[القصص :-28].
ولـمَّا وَفَّى موسى الأجل وعمل فى خدمة صِهْرِه عشر سنين، أراد أن يرحل إلى مصر، فوافق الشيخ ودعا له بالخير، فخرج ومعه امرأته وما أعطاه الشيخ من الأغنام، فسار موسى من مدين إلى مصر.
وهكذا كانت زوجة موسى – رضى اللَّه عنها – نموذجًا للمؤمنة، ذات الفراسة والحياء، وكانت قدوة فى الاهتمام باختيار الزوج الأمين العفيف.*

***الملكة المؤمنة( آسيا بنت مزاحم )***

*نشأتْ ملكة فى القصور، واعتادتْ حياة الملوك، ورأَتْ بطش القوة، وجبروت السلطان، وطاعة الأتباع والرعية، غير أن الإيمان أضاء فؤادها، ونوَّر بصيرتها، فسئمتْ حياة الضلال، واستظلتْ بظلال الإيمان، ودعتْ ربها أن ينقذها من هذه الحياة، فاستجاب ربها دعاءها، وجعلها مثلا للذين آمنوا، فقال : (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِى عِندَكَ بَيْتًا فِى الْجَنَّةِ وَنَجِّنِى مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِى مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[التحريم: 11].
وقال رسول اللَّه (: "أفضل نساء أهل الجنة :خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم، وآسية" [أحمد].
إنها آسية بنت مزاحم -امرأة فرعون- التى كانت نموذجًا خلّده القرآن للمؤمنة الصادقة مع ربها، فهى عندما عرفت طريق الحق اتبعتْه دون خوف من الباطل، وظلم أهله، فلقد آمنت باللَّه إيمانًا لا يتزعزع ولايلين، ولم تفلح تهديدات فرعون ولا وعيده فى ثنيها عن إيمانها، أو إبعادها عن طريق الحق والهدي. لقد تاجرتْ مع اللَّه، فربحَتْ تجارتها، باعتْ الجاه والقصور والخدم، بثمن غال، ببيتٍ فى الجنة، وزواج الرسول ( فى الآخرة ونعم أجر المؤمنين.
وقد جاء ذكر السيدة آسية – رضى اللَّه عنها – فى قصة موسى – عليه السلام – حينما أوحى اللَّه إلى أُمِّه أن تُلْقيه فى صندوق، ثم تلقى بهذا الصندوق فى البحر، وفيه موسى، ويلْقِى به الموج نحو الشاطئ الذى يطلّ عليه قصر فرعون ؛ فأخذته الجواري، ودخلن به القصر، فلما رأت امرأة فرعون ذلك الطفل فى الصندوق؛ ألقى الله فى قلبها حبه، فأحبته حبَّا شديدًا.
وجاء فرعون ليقتله – كما كان يفعل مع سائر الأطفال الذين كانوا يولدون من بنى إسرائيل – فإذا بها تطلب منها أن يبقيه حيا؛ ليكون فيه العوض عن حرمانها من الولد. وهكذا مكن اللَّه لموسى أن يعيش فى بيت فرعون، قال تعالي: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى الْيَمِّ وَلَا تَخَافِ ولا تَحْزَنِى إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ. فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ. وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّى وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُون) [القصص 7-9] .
وكانت السيدة آسية ذات فطرة سليمة، وعقل واعٍ، وقلب رحيم، فاستنكرت الجنون الذى يسيطر على عقل زوجها، ولم تصدق ما يدعيه من أنه إله وابن آلهة.
وحينما شَبَّ موسى وكبر، ورحل إلى "مدين"، فرارًا من بطش فرعون وجنوده ثم عاد إلى مصر مرة أخرى – بعد أن أرسله اللَّه – كانت امرأة فرعون من أول المؤمنين بدعوته . ولم يخْفَ على فرعون إيمان زوجته باللَّه، فجن جنونه، فكيف تؤمن زوجته التى تشاركه حياته، وتكفر به، فقام بتعذيبها حيث عَزَّ عليه أن تخرج زوجته على عقيدته، وتتبع عدوه، فأمر بإنزال أشد أنواع العذاب عليها؛ حتى تعود إلى ما كانت عليه، لكنها بقيت مؤمنة بالله، واستعذبت الآلام فى سبيل اللَّه .
وقد أمر فرعون جنوده أن يطرحوها على الأرض، ويربطوها بين أربعة أوتاد، وأخذت السياط تنهال على جسدها، وهى صابرة محتسبة على ما تجد من أليم العذاب، ثم أمر بوضع رحًى على صدرها، وأن تُلقى عليها صخرة عظيمة، لكنها دعتْ ربها أن ينجيها من فرعون وعمله .
فاستجاب اللَّه دعاءها، وارتفعت روحها إلى بارئها، تظلِّلُها الملائكة بأجنحتها؛ لتسكن فى الجنة، فقد آمنت بربها، وتحملت من أجل إيمانها كل أنواع العذاب، فاستحقت أن تكون من نساء الجنة الخالدات.

وصدق رسول اللَّه ( حين قال: "كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون، ومريم بنت

عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" [البخارى ومسلم والترمذى وابن ماجة].*




***الزوجة الوفية( زوجة أيوب )***
*زوجة صابرة أخلصت لزوجها، ووقفت إلى جواره فى محنته حين نزل به البلاء، واشتد به المرض الذى طال سنين عديدة، ولم تُظْهِر تأفُّفًا أو ضجرًا، بل كانت متماسكة طائعة.
إنها زوجة نبى اللَّه أيوب – عليه السلام – الذى ضُرب به المثل فى الصبر الجميل، وقُوَّة الإرادة، واللجوء إلى اللَّه، والارتكان إلى جنابه.
وكان أيوب – عليه السلام – مؤمنًا قانتًا ساجدًا عابدًا لله، بسط اللَّه له فى رزقه، ومدّ له فى ماله، فكانت له ألوف من الغنم والإبل، ومئات من البقر والحمير، وعدد كبير من الثيران، وأرض عريضة، وحقول خصيبة ،وكان له عدد كبير من العبيد يقومون على خدمته، ورعاية أملاكه، ولم يبخل أيوب -عليه السلام- بماله، بل كان ينفقه، ويجود به على الفقراء والمساكين .
وأراد اللَّه أن يختبر أيوب فى إيمانه، فأنزل به البلاء، فكان أول مانزل عليه ضياع ماله وجفاف أرضه ؛ حيث احترق الزرع وماتت الأنعام، ولم يبق لأيوب شيء يلوذ به ويحتمى فيه غير إعانة الله له، فصبر واحتسب، ولسان حاله يقول فى إيمان ويقين : عارية اللَّه قد استردها، ووديعة كانت عندنا فأخذها، نَعِمْنَا بها دهرًا، فالحمد لله على ما أنعم، وَسَلَبنا إياها اليوم، فله الحمد معطيا وسالبًا، راضيا وساخطًا، نافعًا وضارا، هو مالك الملك يؤتى الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء ويذل من يشاء . ثم يخرُّ أيوب ساجدًا لله رب العالمين .
ونزل الابتلاء الثاني، فمات أولاده، فحمد اللَّه -أيضًا- وخَرّ ساجدًا لله، ثم نزل الابتلاء الثالث بأيوب -فاعتلت صحته، وذهبت عافيته، وأنهكه المرض، لكنه على الرغم من ذلك ما ازداد إلا إيمانًا، وكلما ازداد عليه المرض؛ ازداد شكره لله.
وتمر الأعوام على أيوب – عليه السلام – وهو لا يزال مريضًا، فقد هزل جسمه، ووهن عظمه، وأصبح ضامر الجسم، شاحب اللون، لا يقِرُّ على فراشه من الألم. وازداد ألمه حينما بَعُدَ عنه الصديق، وفَرَّ منه الحبيب، ولم يقف بجواره إلا زوجته العطوف تلك المرأة الرحيمة الصالحة التى لم تفارق زوجها، أو تطلب طلاقها، بل كانت نعم الزوجة الصابرة المعينة لزوجها، فأظهرت له من الحنان ما وسع قلبها، واعتنت به ما استطاعت إلى ذلك سبيلا. لم تشتكِ من هموم آلامه، ولا من مخاوف فراقه وموته. وظلت راضية حامدة صابرةً مؤمنة،ً تعمل بعزم وقوة؛ لتطعمه وتقوم على أمره، وقاست من إيذاء الناس ما قاست .
ومع أن الشيطان كان يوسوس لها دائمًا بقوله : لماذا يفعل اللَّه هذا بأيوب، ولم يرتكب ذنبًا أو خطيئة؟ فكانت تدفع عنها وساوس الشيطان وتطلب من الله أن يعينها، وظلت فى خدمة زوجها أيام المرض سبع سنين، حتى طلبت منه أن يدعو اللَّه بالشفاء، فقال لها: كم مكثت فى الرخاء؟ فقالت: ثمانين . فسألها: كم لبثتُ فى البلاء؟ فأجابت: سبع سنين .
قال: أستحى أن أطلب من اللَّه رفع بلائي، وما قضيتُ منِه مدة رخائي. ثم أقسم أيوب – حينما شعر بوسوسة الشيطان لها – أن يضربها مائة سوط، إذا شفاه اللَّه، ثم دعا أيوب ربه أن يكفيه بأس الشيطان، ويرفع ما فيه من نصب وعذاب، قال تعالي: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِى الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) [ص : 41].
فلما رأى اللَّه صبره البالغ، رد عليه عافيته ؛حيث أمره أن يضرب برجله، فتفجر له نبع ماء، فشرب منه واغتسل، فصح جسمه وصلح بدنه، وذهب عنه المرض، قال تعالى : (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِى الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ. وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِى الأَلْبَاب)[ص:41-43] .
ومن رحمة اللَّه بهذه الزوجة الصابرة الرحيمة أَن أَمَرَ اللَّهُ أيوبَ أن يأخذ حزمة بها مائة عود من القش، ويضربها بها ضربةً خفيفةً رقيقةً مرة واحدة ؛ ليبرّ قسمه، جزاء له ولزوجه على صبرهما على ابتلاء اللَّه (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ ِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)[ص: 44] .*

***الملكة( بلقيس )***

استيقظتْ من نومها والظلام يحيط بكل شيء؛ لتستعدَّ للذهاب مع حاشيتها إلى معبد الشمس الكبير بأرض مأرب على بُعْدِ ثلاثة أميال من صنعاء؛ حيث يستقبل شعب سبأ يومًا من الأيام المقدسة التى تشهد نشاطًا كبيرًًا فيقدمون قرابينهم للشمس التى يعبدونها من دون اللَّه . وما إن أشرقت الشمس حتى اخترق نداء الكاهن آذان أهل سبأ يأمرهم بالسجود لها 000 وفى الوقت الذى كان يسجد فيه أهل سبأ للشمس، كان نبى اللَّه سليمان – عليه السلام – وجنوده يسجدون للَّه رب العالمين؛ اعترافًا بحقه -عز وجل- . وقد وهب اللَّه لسليمان ملكًا عظيمًا، وكوَّن سليمان جيشًا عظيمًا، من الإنس والجن والطير، وجعل لكل واحد فى الجيش مكانًا ومهمةً عليه أن ينفذها.
واعتاد "سليمان" – عليه السلام – أن يتفقد جنوده حينًا بعد آخر، وذات مرة لم يجد الهدهد، فقال: (مَا لِى لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ)[النمل:20-21]. فجاء الهدهد بعد أن مكث فترة من الزمن، فقال لسليمان -عليه السلام- : (فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ. إِنِّى وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ. وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ)[النمل: 22-24]. ثم أخذ الهدهد يصف ما رأى وما سمع وكيف يعبدون الشمس من دون اللَّه . ففكر نبى اللَّه ثم قال: (سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين) [النمل: 27].
عرف الهدهد بفطرته السليمة أن السجود لا يكون إلا للَّه سبحانه وتعالي، كما عرف أهمية الدعوة إلى اللَّه تعالي، وكيف يتحرك لها حتى وإن لم يكلفه أحد بهذا العمل، وهكذا يكون الداعية دائمًا فى كل مكان وزمان . وبعد ذلك كتب نبى اللَّه عليه السلام رسالة، وأمر الهدهد بالذهاب إلى ملكة سبأ وأن يعطيها الرسالة، فقال له: (اذْهَب بِّكِتَابِى هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُون) [النمل:28]
وبينما كانت بلقيس تستريح من عناء يوم طويل فى فراشها، دخل عليها الهدهد من النافذة، وألقى عليها الكتاب، فقرأته وعلمت مافيه، وأنه من نبى اللَّه سليمان – عليه الصلاة والسلام -، فجمعت وزراءها وأعيان قومها وقرأت عليهم خطاب سليمان، وقالت: ( قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّى أُلْقِى إِلَى كِتَابٌ كَرِيمٌ. إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. أَلَّا تَعْلُوا عَلَى وَأْتُونِى مُسْلِمِينَ ) [النمل: 29- 31]، ثم طلبت منهم الرأى والمشورة (قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِى فِى أَمْرِى مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ) [النمل: 32].
وهى فى ذلك تعطى صورة طيبة للشورى عند الحاكم . فأجابها القوم (قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِى مَاذَا تَأْمُرِينَ)[النمل:33]
لكن بلقيس كانت تعلم قوة سليمان، فأرادت أن تصرف قومها عن الحرب، وأن تردهم إلى الرشاد، (قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ) [النمل: 34].
كان يدور فى ذهن بلقيس أمر سليمان، ولم تكن تعلم أن الله سخَّر له الريح تجرى بأمره، فقالت بحكمة بالغة وحسن تدبير: (وَإِنِّى مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ )[النمل:35] وأخبرتهم أنه إن كان ملكًا قبل الهدية وانصرف، وإن كان نبيا فلن يقبل الهدية، ولن يرضى منا إلا أن نتبعه على دينه . ووافق القوم على ذلك، وانصرفوا . فلما جاءت رُسل بلقيس بالهدية إلى سليمان، قال لهم : ( أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِى اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُون) [النمل: 36] وكيف يقبل الهدية وقد أكرمه الله بالنبوة والحكمة، وأعطاه الله ما لم يعط أحدً ا من العالمين؟! فقال لرئيس الوفد: (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُون) [النمل: 37] وأدرك سليمان بحكمته أن إنذاره هذا سينهى الأمر، وستُقبل عليه الملكة مستسلمة طائعة؛ لأنه ظهر من تصرفاتها أنها لا تريد الحرب، وعندما عادوا إليها أخبروها بماحدث، فأرسلت إلى سليمان تخبره أنها سوف تأتى إليه ومعها كبار قومها، وأمرت بلقيس جنودها بحراسة عرشها والحفاظ عليه وإغلاق الأبواب دونه، وخرجت من مُلْكها متجهة ناحية الشمال، وقبيل حضورها، أراد سليمان أن يبين لها قدرة اللَّه وعظمته، وكيف أعطاه مالم يعط أحدًا من العالمين فأقبل على جنوده قائلا: ( قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِى بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِى مُسْلِمِينَ. قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّى عَلَيْهِ لَقَوِى أَمِينٌ )[النمل: 38-39] لكن سليمان استبطأه، فقام رجل مؤمن من بنى إسرائيل، وكان صدِّيقًا يعلم اسم الله الأعظم، فقال لسليمان: ( أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ)[النمل: 40] وبالفعل كان عرش بلقيس أمام نبى اللَّه سليمان فخر ساجدًا لعظمة اللَّه، واعترافًا بنعمته، وقال(هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّى لِيَبْلُوَنِى أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّى غَنِى كَرِيمٌ)[النمل: 40].
ورأت بلقيس مُلكَ سليمان، وبينما قومها يتهامسون فيما بينهم على ما يروَنه، رأت عرشها بعد أن أمر سليمان جنوده أن يغيروا معالمه، وأن يبدلوا أوضاعه بحيث تختلف فيه الرؤية؛ ليعرف مدى ذكائها(قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِى أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ. فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ )[النمل: 41-42].
فلما دخلت بلقيس الصرح الذى أمر نبى اللَّه سليمان جنوده ببنائه من الزجاج بحيث يجرى من تحته جدول صغير من الماء حسبته لجة (أى ماء) فكشفت عن ساقيها بحركة لاشعورية منها: ( قِيلَ لَهَا ادْخُلِى الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِير)[النمل:44].
فلما رأت بلقيس ما وهبه اللَّه لنبيه سليمان قالت: ( قَالَتْ رَبِّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين) [النمل: 44].
وهكذا كانت بلقيس ملكة سبأ امرأة ذات فراسة وحكمة وذكاء ؛ فلم تستبد برأيها فى الأمور العظيمة والخطوب الجليلة، بل استشارت قومها، وهذا يدل على فطنتها فلما عرفت الحق آمنت به وأسلمت للَّه طوعًا مع سليمان عليه السلام.
تلك هى بلقيس بنت شراحيل بن مالك بن الريان، ملكة سبأ، تمكنت من الملك بعد مقتل عمرو ذى الأذعار، فبايعها قومها وولوها الحكم، فأدارت شئون البلاد بشجاعة وحكمة، ورممت سد مأرب الشهير، وشيدت قصرها فى مدينة مأرب، وازدهرت على يديها التجارة والزراعة، وزادت ثروات البلاد واستقرت أحوال الناس.
كانت تعبد الشمس هى وقومها، ثم أكرمها الله تعالى بالإيمان، فآمن قومها برسالة نبى الله سليمان – عليه السلام- فتزوجها سليمان – عليه السلام- وأنجبتْ له ولدًا، إلا أنه توفى شابَّا، وتوفيت بعده بلقيس فى أنطاكية -رضى الله عنها-.
***أم المؤمنين.. الحبيبة( عائشة بنت أبى بكر )***
**لما سأل عمرو بن العاص رسول اللَّه ( عن أحب الناس إليه قال: "عائشة" [متفق عليه].
وعندما جاءت أم المؤمنين أم سلمة -رضى اللَّه عنها- إلى النبي ( لتشتكى من أمر يتعلق بعائشة، قال لها النبي (: "يا أم سلمة لا تؤذينى في عائشة؛ فإنه -واللَّه- ما نزل على الوحى وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها" [متفق عليه].
وُلدت السيدة عائشة أم المؤمنين – رضى اللَّه عنها – قبل الهجرة بحوالى ثمانى سنوات، في بيت عامر بالإيمان، ممتلئ بنور القرآن، فأبوها الصديق أبو بكر صاحب رسول اللَّه (، وثانى اثنين إذ هما في الغار، وأول من آمن من الرجال، وأول خليفة للمسلمين بعد رسول اللَّه (، وأمها السيدة أم رومان بنت عامر، من أشرف بيوت قريش وأعرقها في المكانة.
وقد شاركت السيدة عائشة -رضى اللَّه عنها- منذ صباها في نصرة الإسلام، فكانت تساعد أختها الكبيرة أسماء في تجهيز الطعام للنبى ( وأبيها وهما في الغار عند الهجرة.
وبعد أن استقر مقام المسلمين في مدينة رسول اللَّه ( أرسل أبو بكر الصديق إلى ابنه عبد اللَّه يطلب منه أن يهاجر بأهل بيته: عائشة، وأسماء، وأم رومان، فاستجاب عبد اللَّه بن أبى بكر ومضى بهم مهاجرًا، وفى الطريق هاج بعير عائشة فصاحت أم رومان: وابنتاه وا عروساه. ولكن اللَّه لطف، وأسرع الجميع إلى البعير ليسكن، وكان في ركب الهجرة السيدة فاطمة الزهراء والسيدة أم كلثوم بنتا رسول اللَّه ( وأم المؤمنين السيدة سودة بنت زمعة، ونزلت السيدة عائشة مع أهلها في دار بنى الحارث بن الخزرج، ونزل آل النبي ( في منزل حارثة بن النعمان.
وبدأتْ مرحلة جديدة في حياة أم المؤمنين عائشة – رضى اللَّه عنها – فقد تزوجها النبي ( وهى بنت ست سنين، وبنى بها وهى بنت تسع سنين. [البخاري].
وكان بيت النبي ( الذي دخلت فيه أم المؤمنين عائشة -رضى اللَّه عنها- حجرة واحدة من الطوب اللَّبِن – النَّـيِّـئ – والطين ، ملحق بها حجرة من جريد مستورة بالطين، وكان باب حجرة السيدة عائشة مواجهًا للشام، وكان بمصراع واحد من خشب، سقفه منخفض وأثاثه بسيط: سرير من خشبات مشدودة بحبال من ليف عليه وسادة من جلد حَشْوُها ليف، وقربة للماء، وآنية من فخارٍ للطعام والوضوء.
وفى زواج النبي ( من السيدة عائشة -رضى اللَّه عنها- تقول: قال رسول اللَّه (: "أُرِيتُك في المنام مرتين: أرى أنك في سَرقة (قطعة) من حرير، ويقول: هذه امرأتك. فأكشف فإذا هي أنتِ، فأقول: إن يك هذا من عند اللَّه يُمضِه" [البخارى ومسلم وأحمد]. وانتظر رسول اللَّه ( فلم يخطب عائشة حتى جاءته خولة زوج صاحبه عثمان بن مظعون ترشحها له.
أحبت السيدة عائشة النبي حبَّا كبيرًا، ومن فرط هذا الحب كانت فطرتها – مثل النساء – تغلبها فتغار.
ومرت الأيام بالسيدة عائشة هادئة مستقرة حتى جاءت غزوة بنى المصطلق، فأقرع النبي ( بين نسائه (أى أجرى القرعة بينهن لتخرج معه واحدة في السفر) وكان من عادته ( أن يفعل ذلك مع أزواجه إذا خرج لأمر، فخرج سهمها فخرجت معه (، حتى إذا فرغ النبي من غزوته، وعاد المسلمون منتصرين، استراح المسلمون لبعض الوقت في الطريق، فغادرت السيدة عائشة هودجها، فانسلّ عِقدها من جيدها (عنقها)، فأخذت تبحث عنه.. ولما عادت كانت القافلة قد رحلت دون أن يشعر الرَّكْبُ بتخلفها عنه، وظلَّت السيدة عائشة وحيدة في ذلك الطريق المقفر الخالى حتى وجدها أحد المسلمين – وهو الصحابى الجليل صفوان بن المعطل – رضى اللَّه عنه – فركبت بعيره، وسار بها، واللَّه ما كلمها ولاكلمته، حتى ألحقها برسول اللَّه (، إلا أن أعداء اللَّه تلقفوا الخبر ونسجوا حوله الخزعبلات التي تداعت إلى أُذن الرسول (، وأثرت في نفسه، ونزلت كالصاعقة عليه وعلى أبيها"أبى بكر" وأمها "أم رومان" وجميع المسلمين، لكن اللَّه أنزل براءتها من فوق سبع سماوات فنزل في أمرها إحدى عشرة آية؛ لأنه يعلم براءتها وتقواها، فقال تعالي: (إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [النور: 11].
وتقول السيدة عائشة لما علمت بحديث الإفك: وبكيت يومى لا يرقأ لى دمع ولا أكتحل بنوم، فأصبح عندى أبواى وقد بكيت ليلتى ويومًا، حتى أظن أن البكاء فالق كبدي، فبينما هما جالسان عندى وأنا أبكى استأذنتْ امرأة من الأنصار، فأذنتُ لها، فجلست تبكى معي، فبينما نحن كذلك إذ دخل رسول اللَّه (، فجلس – ولم يجلس عندى من يوم قيل في ما قيل قبلها- وقد مكث شهرًا لا يُوحى إليه في شأنى شيء، فتشهَّد، ثم قال: "يا عائشة، فإنه بلغنى عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك اللَّه، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفرى اللَّه وتوبى إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب، تاب اللَّه عليه". فلما قضى رسول الله ( مقالته، قَلَص دمعى حتى ما أُحِس منه قطرة، وقلتُ لأبي: أجب عنى رسول اللَّه ( فيما قال. قال: واللَّه لا أدرى ما أقول لرسول اللَّه (. فقلت لأمي: أجيبى عنى رسول اللَّه ( فيما قال. قالت: ما أدرى ما أقول لرسول اللَّه (، وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرًا من القرآن. إنى واللَّه لقد علمت أنكم سمعتم ما يُحَدِّثُ به الناس، ووقر في أنفسكم وصدقتم به، وإن قلتُ لكم إنى بريئة – واللَّه يعلم أنى بريئة – لا تصدقوننى بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر – واللَّه يعلم أنى بريئة – لتصدقني، واللَّه ما أجد لى ولكم مثلا إلا قول أبى يوسف: فّصّبًرِ جّمٌيلِ بًمٍسًتّعّانٍ عّلّي" مّا تّصٌفٍون [يوسف:18]. ثم تحولت على فراشى وأنا أرجو أن يبرئنى الله، ولكن واللَّه ما ظننتُ أن يُنزِل في شأنى وحيًا، ولأنا أحقر في نفسى من أن يُتكلم بالقرآن في أمري، ولكنى كنت أرجو أن يرى رسول اللَّه ( في النوم رؤيا تبرئني، فواللَّه ما رام مجلسه، ولا خرج أحد من أهل البيت، حتى أُنزل عليه الوحى … فلما سُرِّى عن رسول الله ( إذا هو يضحك (أى انكشف عنه الوحى ثم ابتسم)، فكان أول كلمة تكلم بها أن قال: "يا عائشة، احمدى الله، فقد برأك اللَّه". فقالت لى أمي: قومى إلى رسول الله (، فقلت: لا واللَّه لا أقوم إليه ولا أحمد إلا اللَّه، فأنزل اللَّه تعالي: إن الذين جاءوا بالإفك. [البخاري].
وأراد النبي ( أن يصالحها فقال لها ذات يوم : "إنى لأعلم إذا كنت عنى راضية، وإذا كنتِ على غَضْـبَـي". فقالت رضى اللَّه عنها: من أين تعرف ذلك؟ فقال : "أما إذا كنت عنى راضية فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنتِ غضبى قلت: لا ورب إبراهيم". فأجابت: أجل، واللَّه يا رسول اللَّه، ما أهجر إلا اسمك. [البخاري].
تلك هي المؤمنة ،لا يخرجها غضبها عن وقارها وأدبها، فلا تخرج منها كلمة نابية، أو لفظة سيئة.
ولما اجتمعت نساء النبي( ومعهن السيدة عائشة لطلب الزيادة في النفقة منه رغم علمهن بحاله، قاطعهن رسول اللَّه ( تسعة وعشرين يومًا حتى أنزل اللَّه تعالى قوله الكريم: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا.وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 28-29]. فقام النبي ( بتخيير أزواجه فبدأ بعائشة فقال: "يا عائشة إنى ذاكر لك أمرًا فلا عليك أن تستعجلى حتى تستأمرى أبويك".
قالت: وقد علم أن أبواى لم يكونا ليأمرانى بفراقه، قالت: ثم قال: "إن اللَّه تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ)[الأحزاب: 82]. حتى بلغ: (لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 29]. فقلت: في هذا أستأمر أبوي؟ فإنى أُريد اللَّه ورسوله والدار الآخرة. وكذا فعل أزواج النبي جميعًا.
وعاشت السيدة عائشة مع رسول اللَّه حياة إيمانية يملأ كيانها نور التوحيد وسكينة الإيمان، وقد حازت -رضى اللَّه عنها- علمًا غزيرًا صافيًا من نبع النبوة الذي لا ينضب، جعلها من كبار المحدثين والفقهاء، فرُوى عنها من صحيح الحديث أكثر من ألفين ومائة حديث، فكانت بحرًا زاخرًا في الدين، وخزانة حكمة وتشريع، وكانت مدرسة قائمة بذاتها، حيثما سارت يسير في ركابها العلم والفضل والتقي، فقد ورد عن أبى موسى -رضى اللَّه عنه- قال: ما أُشْكِلَ علينا -أصحاب رسول اللَّه (- حديث قط، فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها منه علمًا.
وكان للسيدة عائشة -رضى الله عنها- علم بالشعر والطب، بالإضافة إلى علمها بالفقه وشرائع الدين.
وكان عروة بن الزبير -رضى الله عنه- يقول: ما رأيت أحدًا أعلم بفقه ولا بطب ولا بشِعْر من عائشة -رضى الله عنها-.
ومن جميل ما أسدته السيدة عائشة للمسلمين أنها كانت سببًا في نزول آية التيمم، يروى عنها أنها قالت: أقبلنا مع رسول اللَّه ( حتى إذا كان بِتُرْبان (بلد يبعد عن المدينة عدة أميال وهو بلد لا ماء به) وذلك وقت السحر، انسلت قلادة من عنقى فوقعت، فحبس على رسول اللَّه ( (أى أمر بالبقاء لالتماسها في الضوء) حتى طلع الفجر، وليس مع القوم ماء، فلقيت من أبى ما اللَّه به عليم من التعنيف والتأفُّف، وقال: في كل سفر للمسلمين يلقون منك عناء وبلاء، فأنزل اللَّه الرخصة في التيمم، فتيمم القوم وصلوا، قالت: يقول أبى حين جاء من اللَّه الرخصة للمسلمين: واللَّه ما علمت يا بنية إنك لمباركة !! ما جعل اللَّه للمسلمين في حبسك إياهم من البركة واليسر!! وفى رواية قال لها أُسيد بن حضير: جزاك اللَّه خيرًا، فواللَّه ما نزل بك أمر تكرهينه قط إلا جعل اللَّه لك منه مخرجًا، وجعل للمسلمين فيه بركة.
لم يتزوج رسول اللَّه ( بكرًا غيرها، فلقد تزوجها بعد أم المؤمنين خديجة وأم المؤمنين سودة بنت زمعة رضى اللَّه عنهن جميعًا-؛ رغبة منه في زيادة أواصر المحبة والصداقة بينه وبين الصدِّيق -رضى اللَّه عنه-. وكانت منزلتها عنده ( كبيرة، وفاضت روحه الكريمة في حجرها. وعاشت -رضى اللَّه عنها- حتى شهدت الفتنة الكبرى بعد مقتل عثمان بن عفان – رضى اللَّه عنه – وحضرت معركة الجمل، وكانت قد خرجت للإصلاح.
واشتهرت – رضى اللَّه عنها – بحيائها وورعها، فقد قالت: كنت أدخل البيت الذي دفن فيه رسول اللَّه ( وأبى – رضى اللَّه عنه – واضعة ثوبى وأقول إنما هو زوجى وهو أبي، فلما دُفِن عمر – رضى اللَّه عنه – (معهما) واللَّه ما دخلته إلا مشدودة على ثيابى حياءً من عمر – رضى اللَّه عنه-.
وكانت من فرط حيائها تحتجب من الحسن والحسين، في حين أن دخولهما على أزواج النبي ( حل لهما.
وكانت -رضى الله عنها- كريمة؛ فيُروى أن "أم درة" كانت تزورها، فقالت: بُعث إلى السيدة عائشة بمال في وعاءين كبيرين من الخيش: ثمانين أو مائة ألف، فَدَعت بطبق وهى يومئذ صائمة، فجلست تقسم بين الناس، فأمست وما عندها من ذلك المال درهم، فلما أمست قالت: يا جارية هلُمى إفطاري، فجاءتها بخبز وزيت، فقالت لها أم درة: أما استطعت مما قسمت اليوم أن تشترى لنا لحمًا بدرهم فنفطر به. فقالت: لا تُعنِّفيني، لو كنتِ ذكَّرتينى لفعلت.
ومن أقوالها :
* لا تطلبوا ما عند اللَّه من عند غير اللَّه

* كل شرف دونه لؤم، فاللؤم أولى به، وكل لؤم دونه شرف فالشرف أولى به.
* إن للَّه خلقً قلوبهم كقلوب الطير، كلما خفقت الريح؛ خفقت معها، فَأفٍّ للجبناء، فأفٍّ للجبناء.
* أفضل النســـاء التي لا تعرف عـيب المقـــال، ولا تهتـدى لمكر الرجــــال، فارغـة القـلب إلا من الـزينة لبعلها، والإبقاء في الصيانة على أهلها.
* التمسوا الرزق في خبايا الأرض.
* رأت رجـًلا متمـاوتًا فقـالـت: ماهـذا؟ فقـيـل لهـا: زاهــد. قالت: كان عمــر بن الخطــــاب زاهدًا ولكنه كان إذا قال أسمع،وإذا مشى أسرع.
* علِّموا أولادكم الشعر تعذُب ألسنتهم.
هذه هي السيدة عائشة بنت الصديق -رضى اللَّه عنها- حبيبة رسول اللَّه ، والتى بلغت منزلتها عند رسول اللَّه مبلغًا عظيمًا، فقد رضى الله عنها لرضا رسوله عنها، فعن عائشة -رضى الله عنها- قالت: قال رسول الله يومًا: "يا عائشة, هذا جبريل يقرئك السلام". فقلتُ: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته" [متفق عليه].
وفى ليلة الثلاثاء 17 من رمضان في السنة 57 من الهجرة توفيت أم المؤمنين السيدة عائشة وهى في سن السادسة والستين من عمرها، ودفنت في البقيع، وسارت خلفها الجموع باكية عليها في ليلة مظلمة حزينة، فرضى اللَّه عنها وأرضاها




***الماشطة***

*لما أُسرى بالنبى ( شمَّ ريحًا طيبة، فقال: "يا جبريل ما هذه الريح الطيبة؟" قال: "هذه ريح قبر الماشطة وابنيها وزوجها"[ابن ماجة].
انتشر أمر موسى- عليه السلام – وكثر أتباعه، وأصبح المؤمنون برسالته خطرًا مستمرّا، يهدد فرعون ومُلكه، وظل فرعون فى قصره فى حالة غليان مستمر يمشى ذهابًا وإيابًا، يفكر فى أمر موسى، وماذا يفعل بشأنه وشأن أتباعه، فأرسل فى طلب رئيس وزرائه هامان ؛ ليبحثا معًا ذلك الأمر، وقررا أن يقبض على كل من يؤمن بدعوة موسى، وأن يعذب حتى يرجع عن دينه، فسخَّر فرعون جنوده فى البحث عن المؤمنين بدعوة موسى، وأصبح قصر فرعون مقبرة للأحياء من المؤمنين باللَّه الموحدين له، وكانت صيحات المؤمنين وصرخاتهم ترتفع من شدة الألم، ووطأة التعذيب تلعن الظالمين وتشكو إلى ربها صنيعهم.
وشمل التعذيب جميع المؤمنين، حتى الطفل الرضيع لم ترحمه يد التعذيب، فزاد البلاء، واشتد الكرب على المؤمنين، فاضطر كثير منهم إلى كتمان إيمانه؛ خوفًا من فرعون وجبروته واستعلائه فى الأرض، ولجأ الآخرون إلى الفرار بدينهم بعيدًا عن أعين فرعون .
وكان فى قصر فرعون امرأة تقوم بتمشيط شعر ابنته وتجميلها، وكانت من الذين آمنوا، وكتموا الإيمان فى قلوبهم، وذات مرة كانت المرأة تمشط ابنة فرعون كعادتها كل يوم، فسقط المشط من يدها على الأرض، ولما همَّت بأخذه من الأرض، قالت: بسم اللَّه. فقالت لها ابنة فرعون: أتقصدين أبي؟ قالت:لا. ولكن ربى ورب أبيك اللَّه، فغضبَتْ ابنة فرعون من الماشطة وهددتها بإخبار أبيها بذلك، ولكن الماشطة لم تخف، فأسرعت البنت لتخبر أباها بأن هناك فى القصر من يكْفُر به، فلما سمع فرعون ذلك؛ اشتعل غضبه، وأعلن أنه سينتقم منها ومن أولادها، فدعاها، وقال لها : أَوَ لكِ ربٌّ غيري؟! قالت: نعم، ربى وربك اللَّه . وهنا جُنَّ جنونه، فأمر بإحضار وعاء ضخم من نحاس وإيقاد النار فيه، وإلقائها هى وأولادها فيه، فما كان من المرأة إلاَّ أن قالت لفرعون : إن لى إليك حاجة، فقال لها: وماحاجتك؟ قالت: أحب أن تجمع عظامى وعظام ولدى فى ثوب واحد وتدفننا، فقال: ذلك علينا. ثم أمر بإلقاء أولادها واحدًا تِلْوَ الآخر، والأم ترى ما يحدث لفلذات كبدها، وهى صابرة محتسبة، فالأولاد يصرخون أمامها، ثم يموتون حرقًا، وهى لا تستطيع أن تفعل لهم شيئًا، وأوشك الوهن أن يدب فى قلبها لما تراه وتسمعه، حتى أنطق اللَّه -عز وجل- آخر أولادها -وهو طفل رضيع- حيث قال لها: يا أماه، اصبري، إنك على الحق.
فاقتحمتْ المرأة مع أولادها النار، وهى تدعو اللَّه أن يتقبل منها إسلامها، فضَربتْ بذلك مثالاً طيبًا للمرأة المسلمة التى تعرف اللَّه حق معرفته، وتتمسك بدينها، وتصبر فى سبيله، وتمُتَحن بالإرهاب، فلاتخاف، وتبتلى بالعذاب فلا تهن أو تلين، وماتت ماشطة ابنة فرعون وأبناؤها شهداء فى سبيل الله، بعدما ضربوا أروع مثال فى التضحية والصبر والفداء.*

***الأم العذراء( مريم )***

*أنزل الله ملائكة يقولون لها: (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 42].
ويقول عنها رسول الله (:"خير نساء العالمين: مريم، وآسية، وخديجة، وفاطمة" [ابن حبان].
فى جو ساد فيه الظلم والاضطراب، كانت الحياة التى يعيشها بنو إسرائيل بائسة، فقد أفسدوا دينهم وحرّفوا عقيدتهم، وأضحى الواحد منهم لا يأمن على نفسه غدر الآخر، وفى خضم هذا الفساد كان يعيش عمران بن ماتان وزوجته حَنّة بنت فاقوذ، يعبدان الله وحده ولا يشركان به شيئًا، وكان الزمان يمر بهما دون ولد يؤنسهما. وفى يوم من الأيام جلست حنة بين ظلال الأشجار، فرأت عصفورة تطعم صغيرها، فتحركت بداخلها غريزة الأمومة، فدعت اللّه أن يرزقها ولدًا حتى تنذره لخدمة بيت المقدس: ( إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّى نَذَرْتُ لَكَ مَا فِى بَطْنِى مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّى إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [آل عمران: 35] .
وتقبل الله منها دعاءها، ولكن حكمته اقتضت أن يكون الجنين أنثي، فكانت السيدة مريم (فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّى وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّى سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)[آل عمران: 36].
يقول (فى ذلك أنه : "كل بنى آدم يمسه الشيطان يوم ولدته أمه إلا مريم وابنها" [مسلم].
لكن القدر كان يخفى لمريم اليتم، فقد توفى أبوها وهى طفلة صغيرة، وأخذتها أمها إلى الهيكل؛ استجابة لنذرها، ودعت الله أن يتقبلها(فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا) [آل عمران: 37].
ولما رآها الأحبار قذف الله فى قلوبهم حبها، فتنازعوا على من يكفلها. قال نبى الله زكريا -عليه السلام- وكان أكبرهم سنا: أنا آخذها، وأنا أحق بها؛ لأن خالتها زوجتى – يقصد زوجة أم يحيي، لكن الأحبار أَبَوْا ذلك، فقال لهم زكريا: نقترع عليها، بأن نلقى أقلامنا التى نكتب بها التوراة فى نهر الأردن، ومن يستقر قلمه؛ يكفلها، ففعلوا، فأخذ النهر أقلامهم، وظهر قلم زكريا فكفلها. قال تعالي: وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُون [آل عمران: 44]. (وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا) [آل عمران: 37]. وكان عُمْرُ مريم حينئذ لا يتجاوز عامًا، فجعل لها زكريا خادمة فى محرابها ظلت معها حتى كبرت، وكان لا يدخل عليها حتى يستأذنها ويسلم عليها، وكان يأتى إليها بالطعام والشراب.
غير أنه كلما دخل عليها قدمت له طبقًا ممتلئًا بالفاكهة، فيتعجب زكريا من الفاكهة التى يراها، حيث يرى فاكهة الصيف فى الشتاء، وفاكهة الشتاء فى الصيف، فيقول لها فى دهشة: يا مريم من أين يأتى لك هذا؟ فتقول: رزقنى به اللّه. قال تعالي: (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ)[آل عمران: 37]، فلما رأى زكريا مارأى من قدرة ربه وعظمته، دعا اللّه أن يعطيه ولدًا يساعده ويكفيه مؤنة الحياة (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء.فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّى فِى الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ) [آل عمران: 38 -39].
مرت السنون وأصبح زكريا شيخًا كبيرًا، ولم يعد قادرًا على خدمة مريم كما كان يخدمها، فخرج على بنى إسرائيل، يطلب منهم كفالة مريم، فتقارعوا بينهم حتى كانت مريم من نصيب ابن خالها يوسف النجار، وكان رجلاً تقيا شريفًا خاشعًا للّه. وظل يوسف يخدمها حتى بلغت سن الشباب، فضربت مريم عندئذ على نفسها الحجاب، فكان يأتيها بحاجتها من الطعام والماء من خلف الستار . وبعد ذلك ابتعدت مريم عن الناس، وأصبح لا يراها أحد ولا ترى أحدًا (وَاذْكُرْ فِى الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا. فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا) [مريم : 16-17].
وبينما مريم منشغلة فى أمر صلاتها وعبادتها، جاءها جبريل بإذن ربها على هيئة رجل ليبشرها بالمسيح ولدًا لها (فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا) [مريم: 17]، ففزعت منه، وقالت: قَالَتْ إِنِّى أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا. قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا. قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِى غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا. قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَى هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا) [مريم:18-21]. يقول المفسرون: إنها خرجت وعليها جلبابها، فأخذ جبريل بكمها، ونفخ فى جيب درعها، فحملت حتى إذا ظهر حملها، استحيت، وهربت حياءً من قومها نحو المشرق عند وادٍ هجره الرعاة. فخرج قومها وراءها يبحثون عنها، ولا يخبرهم عنها أحد. فلما أتاها المخاض تساندت إلى جذع نخلة تبكى وتقول: ( قَالَتْ يَا لَيْتَنِى مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا) [مريم :23]. حينئذ أراد الله أن يسكّن خوفها فبعث إليها جبريل(فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلا تَحْزَنِى قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّاوَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا. فَكُلِى وَاشْرَبِى وَقَرِّى عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِى إِنِّى نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا) [مريم: 24 – 26].
فاطمأنت نفس مريم إلى كلام الله لها على لسان جبريل، وانطلقت إلى قومها. (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ) [مريم: 27]، أى جئت بشيء منكرٍ وأمرٍ عظيم(يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا. فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِى الْمَهْدِ صَبِيًّا)[مريم: 28- 29]، لكن الله لا ينسى عباده المخلصين، فأنطق بقدرته المسيح وهو وليد لم يتعدّ عمره أيامًا معدودة(قَالَ إِنِّى عَبْدُ اللَّهِ آتَانِى الْكِتَابَ وَجَعَلَنِى نَبِيًّا. وَجَعَلَنِى مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِى بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا. وَبَرًّا بِوَالِدَتِى وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّارًا شَقِيًّا. وَالسَّلَامُ عَلَى يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) [مريم:30-33]. فَعَلَتِ الدهشةُ وجوهَ القوم، وظهرت علامات براءة مريم، فانشرح صدرها، وحمدت الله على نعمته.
لكن أعداء الله – اليهود – خافوا على عرشهم وثرواتهم، فبعث ملكهم جنوده ليقتلوا هذا الوليد المبارك، فهاجرت به مريم، ومعها يوسف النجار إلى مصر، حيث مكثوا بها اثنتى عشرة سنة، تَرَّبى فيها المسيح، ثم عادت إلى فلسطين بعد موت هذا الملك الطاغية، واستقرت ببلدة الناصرة، وظلت فيها حتى بلغ المسيح ثلاثين عامًا فبعثه اللّه برسالته، فشاركته أمه أعباءها، وأعباء اضطهاد اليهود له وكيدهم به، حتى إذا أرادوا قتله، أنقذه الله من بين أيديهم، وألقى شَبَهَهُ على أحد تلاميذه الخائنين وهو يهوذا، فأخذه اليهود فصلبوه حيا. بينما رفع اللَّه عيسى إليه مصداقًا لقوله تعالي: ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُم)[النساء: 157]، وقوله تعالي: (بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)[ النساء: 158] .
وتوفيت مريم بعد رفع عيسى – عليه السلام – بخمس سنوات، وكان عمرها حينئذ ثلاثًا وخمسين سنة، ويقال: إن قبرها فى أرض دمشق .
هذه هى قصة السيدة المؤمنة مريم كما حكاها لنا القرآن الكريم، وهو كلام الله تعالى الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه … وقد بين لنا القرآن الكريم كفرَ اليهود وإلحادهم وإشراك النصارى وادّعاءاتهم. حيث يقول الله تعالي: (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا) [النساء: 65] .
وقولهم: المسيح هو ابن الله، وعبادتهم له ولأمه مريم ولروح القدس (جبريل) إنما هو قول باطل، يخرج صاحبه من نور التوحيد إلى ظلام الكفر والشرك.
ولقد نعى الله عليهم ما هم فيه من الشرك والضلال والكفر، وأوْضَحَ لهم فساد عقيدتهم؛ حتى يكونوا على بصيرة من أمرهم، عسى أن يتوبوا إليه؛ فقال تعالى: ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِى دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِى السَّمَاوَات وَمَا فِى الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً) [النساء:117].
ويوضح الله كُفر مَنْ يزعم أن المسيح ابن الله؛ فالمسيح -عليه السلام- لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعًا ولا ضرّا. يقول تعالي: (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِى الأَرْضِ جَمِيعًا) [المائدة: 17].
ويقول تعالى: ( مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [المائدة: 75].
ويبين الله -تعالي- براءة المسيح مما ادعوه عليه من الألوهية والعبادة. يقول سبحانه(وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِى وَأُمِّى إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِى أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِى بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِى وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ. اللّهَ رَبِّى وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المائدة : 116-117].*

***صاحبة الرأى والمشورة( أم سلمة )***

*فى يوم الحديبية دخل رسول اللَّه ( عليها، يشكو إليها عدم إجابة المسلمين لمطلبه حين أمرهم بالنحر والحلق. فقالت – رضى اللَّه عنها – للنبى (: يا رسول اللَّه! اخرج فلا تكلم أحدًا منهم كلمة حتى تنحر بُدْنَك، وتدعو حالقك فيحلقك، ففعل النبي ذلك بعد أن استصوب رأى أم سلمة، عندها قام الناس فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضًا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا غمَّا.
إنها أم المؤمنين أم سلمة هند بنت أبى أمامة بن المغيرة، وأمها عاتكة بنت عامر بن ربيعة من بنى فراس، وكان أبوها يعرف بلقبه (زاد الراكب)؛ لأنه كان جوادًا، فكان إذا سافر لا يترك أحدًا يرافقه ومعه زاد إلا وحمله عنه. وكانت أم سلمة -رضى الله عنها- أكبر زوجات النبي (.
عندما علم المسلمون المهاجرون إلى الحبشة بدخول عمر بن الخطاب، وحمزة بن عبد المطلب في الإسلام ازداد حنينهم لمكة وللرسول (، فعادت أم سلمة وزوجها عبد اللَّه بن عبد الأسد -الصحابى الجليل وصاحب الهجرتين وابن عمة رسول اللَّه (- الذي استجار بأبى طالب بن عبد المطلب فأجاره، لكن أبا طالب لم يلبث أن فارق الحياة، فاشتدت العداوة بين قريش والمسلمين، وأمر النبي ( أصحابه حينئذ بالهجرة إلى يثرب.
تقول أم سلمة في هذا: إنه لما أراد أبو سلمة الخروج إلى المدينة، أعد لى بعيرًا، ثم حملنى عليه، وحمل معى ابنى سلمة في حجري، ثم خرج يقود بى بعيره.
فلما رأته رجال بنى المغيرة، قاموا إليه فقالوا: هذه نفسك غلبتنا عليها، أرأيت صاحبتنا هذه، عَلام نتركك تسير بها في البلاد؟! فنزعوا خطام البعير من يده، فأخذونى منه عنوة. وغضب عند ذلك بنو عبد الأسد – قوم أبى سلمة – فقالوا: لا واللَّه لا نترك ابننا عندها إذ نزعتموها من صاحبنا، فتجاذبوا ابنى سلمة بينهم حتى خلعوا يده، وانطلق بنوأسد، وحبسنى بنو المغيرة عندهم، وانطلق زوجى أبو سلمة إلى المدينة فَفُرِّق بينى وبين زوجى وبين ابني، فكنت أخرج كل غداة فأجلس بالأبطح، فما زلت أبكى حتى مضت سنة أو نحوها.
فَمَرَّ بى رجل من بنى عمى – أحد بنى المغيرة – فَرأى مابي، فرحمني. فقال لبنى المغيرة: ألا تُخْرِجون هذه المسكينة؟! فَرَّقْتُم بينها وبين زوجها وبين ابنها. ومازال بهم حتى قالوا: الحقى بزوجك إن شئت. وردّ على بنو عبد الأسد عند ذلك ابني، فرحلت ببعيرى ووضعت ابنى في حجرى ثم خرجت أريد زوجى بالمدينة، وما معى أحد من خلق اللَّه.
حتى إذا كنت بالتنعيم – مكان على فرسخين من مكة – لقيت عثمان بن طلحة، فقال: إلى أين يا بنت أبى أمية؟ قلت: أريد زوجى بالمدينة. فقال: هل معك أحد؟ فقلت: لا واللَّه، إلا الله وابنى هذا. فقال: واللَّه مالك من مَتْرَك. وأخذ بخطام البعير فانطلق معى يقودني، فواللَّه ما صحبت رجلا من العرب أراه كان أكرم منه ؛ إذا نزل المنزل أناخ بى ثم تنحى إلى شجرة فاضطجع تحتها، فإذا دنا الرواح قام إلى بعيرى فقدمه ورحله، ثم استأخر عنى وقال: اركبي. فإذا ركبت واستويت على بعيري، أتى فأخذ بخطامه فقاده حتى ينزل بي.
فلم يزل يصنع ذلك حتى قدم بى المدينة. فلما نظر إلى قرية بنى عمرو بن عوف بقباء – وكان بها منزل أبى سلمة في مهاجره – قال: إن زوجك في هذه القرية، فادخليها على بركة اللَّه. ثم انصرف راجعًا إلى مكة.
فكانت أم سلمة بذلك أول ظعينة (مهاجرة) دخلت المدينة، كما كان زوجها أبو سلمة أول من هاجر إلى يثرب من أصحاب النبي (، كما كانا أولَ مهاجِرَيْنِ إلى الحبشة.
وفى المدينة عكفت أم سلمة – رضى اللَّه عنها – على تربية أولادها الصغار ؛ سلمة وعمر وزينب ودرة. وجاهد زوجها في سبيل اللَّه، فشهد مع النبي ( بدرًا وأحدًا، واستعمله ( على المدينة إبّان غزوة العشيرة ؛ نظرًا لإخلاصه وحسن بلائه، وجعله أميرًا -مرة- على سرية، وكان معه مائة وخمسون رجلا منهم "أبو عبيدة بن الجراح"؛ وذلك عندما بلغ النبي ( أن بنى أسد يُعِدُّون لمهاجمته في المدينة. فعاد أبو سلمة مظفرًا، لكن جرحه الذي أصيب به يوم أحد انتكأ بصورة شديدة أودت بحياته، فمات شهيدًا.
فقالت له أم سلمة يومًا: بلغنى أنه ليس امرأة يموت زوجها، وهو من أهل الجنة، ثم لم تتزوج بعده، إلا جمع اللَّه بينهما في الجنة، وكذلك إذا ماتت المرأة وبقى الرجل بعدها.. فتعال أعاهدك ألا تتزوج بعدي، وألا أتزوج بعدك. قال: فـإذا مت فتزوجي، ثم قال: اللهمَّ ارزق "أم سلمة" بعدى رجلا خيرًا منى لا يحزنها ولا يؤذيها.[ابن سعد]. فلما انتهت عدتها من وفاة زوجها -رضى اللَّه عنه- تقدم أبو بكر، ثم عمر -رضى اللَّه عنهما- ليخطباها ولكنها ردتهما ردًّا جميلاً.
وكان رسول اللَّه ( يواسيها ويخفف عنها لما توفى زوجها، ويقول لها: "قولي: اللهم اغفر لنا وله، وأعقبنى منه عقبى صالحة" [أحمد ومسلم وأبو داود].
ومرت الأيام، وأراد رسول اللَّه ( أن يتزوجها، فأرسل حاطبَ بن أبى بلتعة يخطِبها له. فقالت السيدة أم سلمة: مرحبًا برسول اللَّه وبرسله، أخبر رسول اللَّه ( أنى امرأة غَيْرَى (شديدة الغيرة)، وأنى مُصْبِيَة (عندى صبيان)، وأنه ليس أحد من أوليائى شاهدًا. فبعث إليها رسول اللَّه ( يقول: "أما قولك: إنك امرأة مصبية، فالله يكفيك صبيانك (وفى رواية: أما أيتامك فعلى اللَّه ورسوله)، وأما قولك: إنك غَيْري، فسأدعو اللَّه أن يذهب غيرتك، وأمـا الأوليـاء، فليـس منهم شاهـد ولا غائـب إلا سيرضى بي" [ابن سعد].
فلما وصلها جواب رسول اللَّه ( فرحت به، ووافقت على الزواج منه(؛ فتزوجها ونزلت أم سلمة من نفس النبي ( منزلا حسنًا؛ فكان ( إذا صلى العصر دخل على أزواجه مبتدئًا بأم سلمة ومنتهيًا بعائشة؛ رضى اللَّه عنهن أجمعين.
وقد شهدت أم سلمة -رضى الله عنها- مع رسول الله ( فتح خيبر، وفتح مكة وصحبته في حصار الطائف، وفى غزوة هوازن وثقيف، وكانت معه في حجة الوداع.
وظلت السيدة أم سلمة تنعم بالعيش مع رسول الله ( حتى لحق بالرفيق الأعلى.
وتعد السيدة أم سلمة – رضوان اللَّه عليها – من فقهاء الصحابة.
رُوِى عنها 387 حديثًا، وأُخرج لها منها في الصحيحين 29 حديثًا، والمتفق عليه منها 13 حديثًا، وقد روى عنها الكثيرون.
وامتد عمرها فكانت آخر من تُوُفِّى من نساء النبي (، وكان ذلك في شهر ذى القعدة سنة 59 للهجرة، وقد تجاوزت الثمانين عامًا.*




السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

ماشاء الله أختي موضوع في القمة جميل ومفيد ، جزاك الله كل خير على المجهود الرائع والجميل .
تقلي مروري مع تحياتي اخوك zikouman




*** السيدة زينب بنت جحش***
*هى ابنة عمة الرسول صلى الله عليه وسلم، اختار النبي صلى الله عليه وسلم مولاه زيد بن حارثة زوجًا لها، فقالت: أنا لا أرضاه لنفسى وأنا أيِّم قريش. فقال لها: "أنا رضيتُه لك" [البخاري]. ونزل قوله تعالى : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) [الأحزاب: 36]. فنَفَّذَتْ زينب أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وتزوجت زيدًا، وكان صداقها عشرة دنانير، وستين درهمًا، وخمارًا، ودرعًا، وخمسين مُدّا، وعشرة أمداد من تمر.
وعاشت عنده ما يقرب من سنة أو يزيد، ثم حدث خلافٌ بينهما، فذهب زيد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، يشكو زوجته، ويستأذنه في تطليقها، فنصحه أن يصبر، وقال له: "أمسك عليك زوجكَ واتقِ الله" [البخاري]. ولكنه لم يستطع أن يستكمل معها حياته، فطلقها.
ثم نزل أمر الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم بالزواج منها، قال تعالى: ( فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا) [الأحزاب: 37]. وذلك لإبطال عادة التبنِّى التي سنَّها الجاهليون. وبعد انتهاء عدتها من زيد، أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إليها يخطبها إلى نفسه، وتلا عليها الآيات، ففرحت فرحًا شديدًا، وسجدتْ لله شكرًا، ونذرت صوم شهرين لله.
وكانت السيدة زينب تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فتقول: "زوَّجكُنَّ أهليكُنَّ، وزوَّجنى الله من فوق سبع سماوات" [البخاري].
وعاشت -رضى الله عنها- مع النبي صلى الله عليه وسلم حياة كلها حب وإيمان، وكانت تتصف برقة القلب والعطف على المساكين. وكانت تجيد دبغ الجلود وخرزها، فتعمل وتنفق ما تكسبه على المساكين.
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لزوجاته : "أسرعكُنَّ لحاقًا بى أطولكُنَّ يدًا (وكان صلى الله عليه وسلم يقصد بطول اليد: الصدقة) " [البخاري]. وكانت السيدة زينب -رضى الله عنها- أول من ماتت من أمهات المؤمنين بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك في سنة 20هـ.*

***عاتقة المائة(جويرية بنت الحارث)***

*اختارتْ جوار اللَّه ورسوله، وفضلتْ الإسلام على اليهودية، فيروى أنه لما جاء أبوها الحارث بن أبى ضرار – سيد يهود "بنى المصطلق" وزعيمهم – إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن ابنتى لا يُسبَى مثلها، فأنا أَكْرَم من ذلك. قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أرأيت إن خيَّرْناها؟" فأتاها أبوها فقال: إن هذا الرجل قد خيرك، فلا تفضحينا. فقالت: فإنى قد اخترتُ اللَّه ورسوله. قال: "قد واللَّه فضحتِنا" [ابن سعد]. ثم أقبل أبوها في اليوم التالى ومعه فداؤها فلما كان بالعقيق (وادٍ قرب المدينة) نظر إلى الإبل التي جاء بها للفداء، فرغب في بعيرين منها طمعًا فيهما، فغيبهما في شِعْب من شعاب العقيق، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يا محمد، أصبتم ابنتى وهذا فداؤها.
فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "فأين البعيران اللذان غَـيَّـبْتَ (خَبَّأْتَ) بالعقيق في شِعْبِ كذا وكذا؟".
قال الحارث: أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأشهد أن محمدًا رسول اللَّه، فواللَّه ما أطلعكَ على ذلك إلا اللَّه. فأسلم، وأسلم ابنان له، وكثير من قومه، وأرسل بمن جاء بالبعيرين، ودفع بالإبل جميعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فكانت – رضى الله عنها – سببًا في إسلام أهلها، ونالت بذلك ثواب هدايتهم، إنها أم المؤمنين السيدة جويرية بنت الحارث ابن أبى ضرار.
تقول جويرية – رضى الله عنها -: قال لى أبى وهو يبرر هزيمته أمام جيش رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتانا ما لا قبل لنا به". فلما أسلمتُ وتزوجنى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجعنا إلى المدينة جعلت أنظر إلى المسلمين، فرأيتهم ليسوا كما سمعتُ. فعلمتُ أنه رعب من اللَّه يلقيه في قلوب المشركين.
اشتُهِرتْ جويرية بكثرة عبادتها وقنوتها للَّه، فقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم من عندها بكرة حين صلى الصبح وهى في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهى جالسة، فقال: "ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟" قالت: نعم. قال النبي صلى الله عليه وسلم لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته" [مسلم]. فكانت – رضى الله عنها – كثيرًا تردُّدها.
وقد كانت جويرية قبل أن تتزوج النبي صلى الله عليه وسلم متزوجة من رجل مشرك، هو ابن عمها مسامح بن صفوان، وقد قُتل في غزوة بنى المصطلق في السنة السادسة للهجرة، حين خرج النبي صلى الله عليه وسلم لقتال يهود بنى المصطلق لما بلغه استعدادهم لقتال المسلمين بقيادة زعيمهم الحارث بن أبى ضرار، فقاتلهم، فنصر اللَّه رسوله وهزم الكفار وأُخِذت نساؤهم سبايا، ومنهن: جويرية (وكان اسمها قبل أن يتزوجها النبي "بَرّة" فغيره النبي إلى "جويرية"؛ لأنه كره أن يقال: خرج النبي من عند برة). تقول عائشة -رضى اللَّه عنها-: إنه لما أصاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نساء بنى المصطلق، فوقعت جويرية في سهم ثابت بن قيس، الذي عرض عليها أمر افتدائها بمقدار تسع أواق من الذهب، وهو واثق من أنها قادرة على دفعها له؛ لأنها بنت سيد بنى المصطلق ومن أغنياء اليهود. فكاتبتْه بهذا المبلغ؛ حتى يطلق سراحها، ولكنه أبَى إلا أن يتسلم أولا الفداء.
ولما كانت جويرية سبية ليس معها ما تفدى به نفسها -توجهت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وهو يومئذٍ عندى تسأله في كتابتها، ولما أذن لها الرسول بالدخول – قالت: يا رسول اللَّه، أنا برة بنت الحارث – سيّد قومه – وقد أصابنى من الأمر ما قد علمتَ، فأعِنِّى في كتابتي. فقال لها : "أولكِ خير من ذلك؟" فقالت: ما هو؟ فقال: "أؤدى عنك كتابك وأتزوجك" قالت: نعم يا رسول اللَّه. فقال: "قد فعلتُ". فخرج الخبر إلى الناس. فقالوا: أأصهار رسول الَّله صلى الله عليه وسلم يُسترقُّون؟ فأعتقوا ما كان في أيديهم من نساء بنى المصطلق، فبلغ عِتْقُهم مائةَ أهل بيت بزواجه إياها، فلا أعلم امرأة أعظم بركة على أهلها منها [ابن إسحاق]. وكانت السيدة جويرية -رضى الله عنها- في العشرين من عمرها حين تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم.
وعاشت جويرية في بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وامتّد عمرها حتى عهد معاوية بن أبى سفيان -رضى الله عنه-.
وتوفيت -رضى الله عنها- عام 56 للهجرة، وصلَّى عليها مَرْوان بن الحكم – أمير المدينة، وقد بلغت سبعين سنة، وقيل توفيت سنة 50 للهجرة وعمرها 65 سنة.
وقد روت -رضى الله عنها- بعضًا من أحاديث النبيصلى الله عليه وسلم.*

***سليلة الأنبياء(صفية بنت حيي)***

*نصر اللَّه المسلمين على اليهود في خيبر نصرًا كبيرًا، وكانت هي من بين السبايا، قال لها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: " لم يزل أبوك من أشدّ اليهود لى عداوة حتى قتله اللَّه تعالى.. يا صفية، إن اخترت الإسلام أمسكتك لنفسي، وإن اخترت اليهودية فعسى أن أعتقك فتلحقى بقومك". فقالت: يا رسول اللَّه، إن اللَّه يقول في كتابه: ( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )[الزمر: 7 ]. وأنا قد هويتُ الإسلام وصدَّقْتُ بك قبل أن تدعونى حيث صِرْت إلى رَحْلِكْ، ومالى في اليهودية أرَبٌ، ومالى فيها والد ولا أخ، وخيّرتنى الكفر والإسلام، فاللَّه ورسوله أحبّ إلى من العتق وأن أرجع إلى قومي. [ابن سعد].
فلما همت صفية أن تركب البعير ثنى لها النبي صلى الله عليه وسلم ركبته لتركب، فأجَلَّتْ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم أن تضع قدمها على فخذه؛ فوضعت ركبتها على فخذه فركبت، ثم ركب النبي صلى الله عليه وسلم فألقى عليها الحجاب، ثم سارا مع المسلمين حتى إذا كانا على بُعد ستة أميال من خيبر نزلا مع الجيش منزلاً للراحة، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يُعرس بها فأبت صفية، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم منها في نفسه، فلما كانا بالصهباء على بعد ستة عشر ميلا من خيبر طاوعته، فقال لها: "ما حملك على إبائك حين أردت المنزل الأول؟" قالت: يا رسول اللَّه خشيت عليك قرب اليهود. فأكرمها النبي صلى الله عليه وسلم على موقفها ذاك وخوفها عليه من اليهود. [ابن سعد].
تقول السيدة صفية -رضى اللَّه عنها-: دخل على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقد بلغنى عن عائشة وحفصة قولهما: نحن أكرم على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منها، نحن أزواجه وبنات عمه، فذكرت له ذلك، فقال : "ألا قُلتِ: وكيف تكونان خيرًا مني؛ وزوجى مُحمد، وأبى هارون وعمى موسى" [الترمذي].
وتقول: جئت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان فتحدثت معه ساعة، ثم قمت أنصرف، فقام النبي صلى الله عليه وسلم معى يودعني، حتى إذا بلغت باب المسجد، عند باب أم سلمة مر رجلان من الأنصار، فسلما على رسول اللَّه فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: "على رِسلكما إنما هي صفية بنت حُـيَـي". فقالا: سبحان اللَّه يا رسول اللَّه! وكبر عليهما، فقال صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان يبلغ من ابن آدم مبلغ الدم، وإنى خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئًا" [متفق عليه].
ولما كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي تُوفى فيه، قالت السيدة صفية – رضى الله عنها -: واللَّه يا نبى اللَّه ! لوددت أن الذي بكَ بي. فغمزها أزواجه، فأبصرهن رسول اللَّه ( فقال: "مضمضن". قُلن: من أى شئ؟ قال: "من تغامزكن بها، واللَّه إنها لصادقة" [ابن سعد].
وكانت -رضى اللَّه عنها- سخية كريمة ؛ فقد أهدت إلى السيدة فاطمة الزهراء وبعض أمهات المؤمنين حلقات من ذهب، وتصدقت بثمن دارها قبل وفاتها.
ويروى أن جارية عندها أتت عمر بن الخطاب -رضى اللَّه عنه- فقالت له: إن صفية تحب السبت وتصِل اليهود، فبعث إليها فسألها عن ذلك، فقالت: أما السبت فإنى لم أحبه فقد أبدلنى اللَّه خيرًا منه وهو الجمعة، وأما اليهود فإن لى فيهم رحمًا لذلك أصلها. ثم قالت للجارية: ما حملكِ على هذا؟ قالت الجارية: الشيطان. فقالت لها السيدة صفية: اذهبى فأنت حرة.[ابن عبد البر]
هذه هي أم المؤمنين السيدة: صفية بنت حُيى بن أخطب من ذرية نبى اللَّه هارون. كانت أمها: برة بنت سَمَوأل من بنى قريظة، تزوجت النبي صلى الله عليه وسلم وهى في السابعة عشر من عمرها؛ إلا أنها رغم صغر سنها؛ تزوجت قبل ذلك مرتين؛ الأولى من سلام بن مشكم القرظى فارس قومها وشاعرهم، والثانية من كنانة بن الربيع صاحب حصن القوص؛ أقوى حصن من حصون خيبر.
وتحكى صفية أنها لما تزوجت النبي صلى الله عليه وسلم رأى بوجهها أثر خُضرة قريبًا من عينها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "ما هذا؟".
قالت: يا رسول اللَّه. رأيت في المنام كأن قمرًا أقبل من يثرب حتى وقع في حجري، فذكرت ذلك لزوجى كنانة فضرب وجهى ولطمنى لطمًا شديدًا، وقال: أتحبين أن تكونى تحت هذا الملك الذي يأتى من المدينة صلى الله عليه وسلم يقصد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ). [ابن سعد].
وقد وقفت السيدة صفية بجانب الحق حين تعرض أمير المؤمنين عثمان بن عفان للحصار في منزله؛ فوضعت خشبًا من منزلها إلى منزل عثمان تنقل عليه الماء والطعام له.
توفيت – رضى الله عنها – في رمضان سنة 50 من الهجرة – في خلافة معاوية بن أبى سفيان- ودفنت بالبقيع بجوار أمهات المؤمنين، رضوان اللَّه عليهن أجمعين.*




ولي تتمة ان شاء الله في حلقات اخرى




التصنيفات
اسلاميات عامة

الكثير من يسأل عن ؟

السلام عليكم رحمة الله وبركاته

سؤالي للمفتي عن هذا الموضوع وجدته في مدونة إسلامي

وقد كثرت مثل تلك المواضيع التي يوجد فيها ترغيب بالنشر بطريقة لا أدري كيف أصفها هل هي خبيثة أم صحيحة

وهذه نوع من تلك الرسائل

[i]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بشارة فيها خيررررررررررررررررررر الرجل الذي رسم الكاريكاتير على الرسول مات محروقا والدنمرك متكتِمَة على الخبر .. أرجوك أن تنشر الخبر هذا لأن هناك أخت من فلسطين شافت رؤية أن الذي سينشر هذا الخبر فإن الله سيفرحه بعد أربع ساعات ،و واللهِ إن شخصا اسمه محمد أقسم بالله أنه رأى الرسول في منامه وقال له الرسول : " بلّغ المسلمين عني أن من ينشرها خلال أربعة أيام فسوف يفرح فرحا شديدا ومن يتجاهلها فسوف يحزن حزنا شديدا " .. أرسِلْها قد ما تقدر فرحك الله

نص الجواب

بقلم الشيخ عبدالحليم توميات

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

· فأوّلا وقبل كلّ شيء: شكر الله لك – أخي الكريم – حبّك لنشر الخير، ورغبتك في هداية النّاس.

· ثانيا: اعلم أنّ نقلة الأخبار، ورواة الأحداث الواقعة في الأمصار، ثلاثة أصناف:

1) صنْفٌ يتثبّت قبل كلّ شيء من صحّة الخبر أو كذبه .. أن يتثبّت من أصله وما زِيد عليه في رحلته عبر ألسنة النّاس ..

ثمّ إذا تثبّت ينظر ويتأمّل: أين المصلحة في نقل هذا الخبر ؟ وهل سييُستغلّ هذا الخبر لغرض مشين، وهدف مهين ؟

بعد ذلك يتوكّل على الله وينشر ما لديه من الأخبار.

2) صنفٌ حسن النيّة، طيّب الطويّة، ولكنّه لا يتثبّت، فربّما ضرّ من حيث يظنّ أنّه ينفع، وهدم من حيث يظنّ أنّه يرفع .. فالأولى بهؤلاء أن لا يكونوا وسيلةً من

وسائل إعلام المغرضين، وأداة في أيدي المرجِفين.

وتأمّل قوله تعالى:{ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ …} الآية، مع أنّ المرء يتلقّى الخبر بآذانه ! ولكنّه تعالى أراد أن يلفِت انتباهنا إلى سرعة نقل الخبر حتّى لم يبق بآذانه

لحظة واحدة.

3) صِنفٌ همّه الوحيد، وهدفه الفريد هو إثارة الشّهوات، وزرع الشّكوك والشّبهات، والسّخرية من المؤمنين والمؤمنات ..

فندعو جميع المسلمين إلى أن يكونوا من الصّنف الأوّل.

· ثالثا: خبر الدّانماركي هذا، إن كان ناقله ثقةً، حضر جنازته، وشهد وفاته، أو أتى بشهادة النّاس على ذلك، فيكون الخبر صحيحا.

وإن لم يكن كذلك، فاسأله: أطّلعت الغيب أم اتّخذت عند الرّحمن عهدا ؟

وقالوا: الصّحافة الدّانماركيّة متكتّمة على الخبر !!! إنّها لإحدى الكُبر !

إن ثبت الخبر، فإنّها فرصتهم السّانحة لاتّهام المسلمين بقتله وحرقه، ومن ثَمّ إعادة فتح ملفّ القضيّة، ويبنُون لأنفسهم مجدا مؤثّلا، ويفتحون باب الشّهرة الّذي بات

مقفلا ..

· رابعا: ما زلنا نُعاني من رسالة الشّيخ أحمد المكّي، الّتي تطلع علينا في كلّ عام مرّة أو مرّتين، ثمّ لا يفيق النّاس ولا يهتدون سبيلا ..

وها هي اليوم تُطلّ علينا رؤيا من فلسطين .. مفادها إبلاغ النّاس خبر الدّانماركيّ المحترق ؟

– فمن هذه المرأة ؟ ومن هذا محمّد الّذي رأى الرّؤيا هو الآخر ؟ ( فليس كلّ ما يلمع ذهبا ).

– هل رأوا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فعلا على صورته بصفاته الخلقيّة والخِلقيّة ؟ فإنّ الشّيطان لا يتمثّل بصورة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم الحقيقيّة، أمّا أن

يأتِي في أيّ صورة ويقول: أنا رسول الله فما المانع ؟

– ألا ترى أخي الكريم، أنّ من بلّغ عن الله آياته وأحكام شريعته، وبلّغ عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّمأحكام سنّته، لم يَحْظَ بهذه الفرحة الموعودة، والسّعادة

المنشودة ؟

ثمّ ما هذا لتّقييد العجيب الوارد في البُشرى: أربع ساعات !!

فهذه هي الكهانة، ولكنّها في ثوب رؤيا ..

· لذلك أنصح نفسي وإخواني أن لا نكون وسيلة لنقل ما يريده المهرّجون والسّاخرون، ففي كلّ يوم يرفعون علما من أعلام الخرافات: أصوات المعذّبين في القبور

!! صورة امرأة ممسوخة !! صورة شابّ تارك للصّلاة !! نور الحرمين يُرى من الفضاء !! شجرة كتبت أغصانها كلمة الشّهادة !! وغير ذلك.

وليُكُن همّنا ربطُ النّاس بالوحي وليس إلاّ الوحي ..

أمّا تلك البشارات فإنّه لا بدّ من التثبّت منها قبل نقلها، فإن كانت حقّا فلله الحمد والمنّة ونسأله المزيد من فضله .. وإن كانت كذبا فما على المحسنين من سبيل،

والله حسبنا ونعم الوكيل.

هذا جوابي باختصار شديد، والله تعالى أعلى وأعلم، وأعزّ وأكرم.

بقلم الشيخ عبد الحليم توميات -منقول –




بــــــــــارك الله فيك استاذتنا

و جزاك خيرا




مشكووووووووووورة على المرور الكريم




تعليمية




التصنيفات
اسلاميات عامة

الموقع الجديد للشيخ مقبل الوادعى رحمه الله

تعليمية تعليمية

بسم الله الرحمن الرحيم
تم اليوم بفضل الله
التشغيل التجربيى للموقع الجديد للشيخ ابى عبد الرحمن مقبل بن هادى الوادعى رحمه الله
هذا هو الرابط
http://www.muqbel.net/index.php

منقول للفائدة

تعليمية تعليمية




مشكور اخي على الاهتمام باسنة وجزاك الله خيرا




تعليمية




التصنيفات
اسلاميات عامة

أَهميّة الأدب في حياة المسلم

تعليمية تعليمية
أَهميّة الأدب في حياة المسلم

الحمد الذي جعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، والحمدلله الذي أنزل علينا هذا الدين ، وأنزل فيه الأدب الذي تصلح به الحياة، هذا الأدب – الذي هو من صميم هذا الدين -أمرٌ قد غفل عنه كثير من الناس، و هو ضروريٌ للمسلم مع ربّه سبحانه وتعالى ومع الرسل ومع الخلق عامّة ، وضروري للمسلم في جميع أحواله حتى في خلوته مع نفسه. ولقد بيّن الإسلام كيف ينبغي أن يكون عليه حال المسلم في طعامه وشرابه، وفي سلامه وأستئذانه، وفي مجالسته وحديثه ، وفي جِدّه ومزاحه ، وفي تهنئته وتعزيته ، وفي عطاسه وتثاؤبه ، وفي قيامه وجلوسه ، وفي معاشرته لأزواجه وأصدقائه ، وفي حلّه وترحاله ، ونومه وقيامه ، وغير ذلك من الآداب التي لاحصرلها.

ومنها آداب أوجبها الله – سبحانه وتعالى – على الصغير والكبير، والمرأة والرجل ، والغني والفقير، والعالم والعامّي ، ذلك حتى يظهرأثر هذا الدين في واقع الحياة العملي ، ولاشك أن هذه الآداب التي جاءت بها الشريعة هي من جوانب عظمة هذا الدين لتقويم حياة الناس و تمييز المسلمين عن غيرهم ليظهر سمو هذه الشريعة وكمالها وعظمها . والدين أد بٌ ُكُلُّه.. فسترالعورة من الأدب ،والوضوء وغسل الجنابة من الأدب، والتطهر من الخبث من الأدب، حتى يقف العبد بين يدي الله تعالى طاهراً، ولذلك كان السلف رحمهم الله يستحبون أن يتجمل المرء لربّه في صلاته، حتى كان لبعضهم حلةٌ عظيمة إشتراها بمالٍ كثير يلبسها وقت الصلاة، ويقول : ربي أحق من تجملتُ له في صلاتي، ولأن هذا المطلب مطلبٌ إسلامي عظيم، فتعالوا بنا نتعرف على معنى كلمة الأدب، وعلى بعض ماجاء في النصوص الشرعية حول هذه الكلمة وبعض أقوال العلماء فيها، وأنواع الأدب، ثم نتكلم -إن شاء الله – عن المقصود من هذا المبحث، وكيف المسير فيه.

تعريف الأدب:


أما الأدب فقد ذكر ابن فارس – رحمه الله – أن الأدب دعاء الناس إذا دعوتهم إلى شيء ، وسمّيت المأدبة – مأدبة لأنه يدعى الناس فيها إلى الطعام ، والآدِب هو الداعي. وكذلك فإن الأدب أمر قد أجمع على إستحسانه . وعُرفاً مادعى الخلق إلى المحامد و مكارم الأخلاق وتهذيبها. وذكر ابن حجر – رحمه الله تعالى – في شرحه لكتاب الأدب من صحيح الإمام البخاري رحمه الله قال : الأدب استعمال ما يُحمد قولاً و فعلاً وعبر بعضهم عنه بأنه أخذ بمكارم الأخلاق ، وقيل الوقوف مع المستحسنات أو الأمور المستحسنة ، وقيل هو تعظيم من فوقك والرفق بمن دونك . ومما ورد في تعريف الأدب كذلك : حُسن الأخلاق، وفعل المكارم.

وسُمّي ما يتأدب به الأديب أدباً لأنه يأد بُ الناس إلى المحامد، ويدعوهم إليها. وجاء في "المصباح " عن الأدب أ نّه : تعلم رياضة النفس ، ومحاسن الأخلاق . وقيل : الأدب ملكه تعصم من قامت به عما يشينه . وقال ابن القيم – رحمه الله – الأدب إجتماع خصال الخير في العبد ومنه المأدبة في الطعام الذي يجتمع عليه الناس . فإذاً فيه معنى الدعاء إلى الشيء والإجتماع عليه . وكذلك يطلق الأدب في اللغه علىالجمع ، والأدب هو الخصال الحميده .

أما استعمالات هذه الكلمة في كتب أهل العلم ، فإنها تأتي بمعنى خصال الخير مثل آداب الطعام وآداب الشراب وآداب النكاح وآداب القضاء وآداب الفُتيا وآداب المشي وآداب النوم ونحو ذلك ، وللعلماءفي هذا مصنّفات . ويُطلق بعض الفقهاء كلمة آداب على كل ماهو مطلوب سواءً كان واجبًا أو مندوبًا ، ولذلك بوّبوا فقالوا : آداب الخلاء والإستنجاء ، مع أن منها ما هو مستحب ومنها ما هو واجب . فكلمة أدب أو آداب لا يعني أنه مستحب فقط أو مندوبٌ إليه ، بل ربما يكون واجبًا ، ويُطلق الفقهاء كذلك لفظة أدب بمعنى الزجر والتأديب كما جاء في حديث جعل السوط في البيت فإنه اُدبٌ لهم – يعني لأهل البيت – حسَّنه الشيخ ناصر بطرقه . فإذا قيل أد بّه بمعنى عاقبه وزجره و عزره ، إن من معاني كلمة الأدب كذلك ،

و كلمة الأدب تطلق أيضاً على ما يتعلق باللغه من إصلاح اللسان ، وفن الخطاب ، وتحسين الألفاظ ، والصِّيانه عن الخطأ والزلل . وقد صنف ابن قتيبة– رحمه الله – في ذلك " أدب الكاتب " . إذاً فكلمة الأدب المستعملة في اللغة – مثل ما يرتبط بالشعر والنثر – هذه اللفظه مُولَّده حدثت في الاسلام، حيث أطلقوا على بعض الأشياء المتعلقه باللسان من الشعر والنثر أدباً .. وهذا إطلاق باعتبار لغوي ، فالأديب هنا ، بهذا المعنى ، إطلاق لغوي – خاص -يتعلق باللغة و إصلاح اللسان وفن الخطابة .

كتب في الأدب:


وقد نثر الفقهاء الآداب على أبواب الفقه ، فذكروا في كل باب ما يخصُّه من الآداب ، ففي الإستنجاء مثلاً ذكروا آداب الاستنجاء – غير الأحكام الفقهية مما يجوز ولا يجوز – ذكروا أشياء من الآداب ، وفي الطهارة كذلك بأقسامها ذكروا آدابها ، وفي القضاء ذكروا آداب القضاء في كتب الفقه . وصنفت كتب خاصة بالأدب مثل كتاب : أدب الدنيا والدين ، للماوردى” ونظم ابن عبدالقوي – رحمه الله – منظومته المشهورة في الأدب والآداب ، وشرحها السّفّارني رحمه الله ومن قبله إبن مفلح الذي صنف كتاب " الآداب الشرعية ". فإذاً هناك كتب مجموعة في الآداب عموماً ، ومن أشهرها "الآداب الشرعية" لإبن مفلح ، و "غذاء الألباب شرح منظومة الآداب لإبن عبدالقوي " والشرح للسفاريني ، و كتاب " أدب الدنيا والدين" للماوردي ، وهناك كتب تتكلم بشكل مخصوص عن آداب معينة مثل : "تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم " لابن جُماعة – رحمه الله -، و " الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع " – وهي آداب تتعلق بطلب العلم – للخطيب البغدادي – رحمه الله – و " أدب الإملاء والاستملاء" للسمعاني ، وهو إملاء الحديث وكتابته أي كيف يملى المحدث الحديث ، وكيف يكتبه عنه الطلاب ، ولذلك آداب ، ولآداب الفُتيا كتب ، منها كتاب " أداب الفُتيا " للسيوطي ، وكذلك " آداب الأكل " للأقفهسي ، و " آداب الأطفال " للهيثمي. وفي آداب البحث والمناظرة كتب ، مثل كتاب الشنقيطي ، وفي الصحبة كتب ، مثل " آداب الصحبة " للسلمي ، و هناك كتب في آداب التجارة ، وآداب الحوار، وآداب الزفاف، وآداب معاملة اليتيم ، وآداب الطبيب. وهناك عدة كتب ، تتكلم في آداب مخصوصة ، حيث يصنّف الكتاب في أدب معين من الآداب.

أهميّة الأدب:


الأدب أمرمهم جداً، فهو من أبرز سمات الشخصيّة المسلمة ، ومظاهر تميّزها بهذا الدين، لذا فإنه يتحتم على الإنسان المسلم معرفة الآداب الشرعية ، والإلتزام بها في جميع الأمور، وقد حثَّ الإسلام المسلم على أن يعتني بالآداب في أحوال أولاده وذويه ولا يتغافل عنهم ويذكّرهم ويؤدبهم بآداب الإسلام ، كما قال تعالى: )ياأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا( [التحريم: 6]، قال عليّ – رضي الله عنه- : علّموهم وأدِّبوهم . وقال مجاهد – رحمه الله-: أوقفوا أنفسكم وأهليكم بتقوى الله وأدّبوهم .ومماجاء في نصوص الشريعة في معاني الأدب والتأديب قول النبي صلى الله عليه وسلم ، كما جاء في الحديث الصحيح : ( ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين :-وذكرمنهم – ورجل كانت له أمة فغذاها فأحسن غذاءها ، ثم أ دّبها فأحسن تأديبها ،وعلٍّمها فأحسن تعليمها ، ثم أعتقها وتزوجها ، فله أجران) . وكذلك فقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلىالله عليه وسلم : ( كل شيءٍ ليس من ذكر الله لهو ولعب إلا أن يكون أربعة : ملاعبة الرجل إمرأته ، وتأديب الرجل فرسه ومشي الرجل بين الفرضين ، وتعليم الرجل السباحة ) رواه النسائي وهو حديث صحيح

و لفظة الأدب كذلك جاءت في حديث جابر – رضي الله عنه – عندما تزوج ثيّباً وسأله النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه تزوج بثيّب فقال عليه الصلاة والسلام 🙁 فهلاّ تزوجت بكرأ تلاعبها وتلاعبك قال يارسول الله : تو في والدي – أواستشهد – ولي أخوات صغار فكرهت أن أتزوج مثلهن فلا تؤدبهن ولا تقوم عليهن ، فتزوجت ثيباً لتقوم عليهن وتؤدبهن ) رواه البخاري رحمه الله في كتاب الجهاد .

والأدب أنواعٌ فمنه : 1- أدبٌ مع الله سبحانه وتعالي .

2- أدبٌ مع رسوله صلى الله عليه وسلم .

3- أدبٌ مع الخلق.

أمثلة الأدب مع الله سبحانه و تعالى:


أما الأدب مع الله عزوجل فله أمثلة كثيرة .. فمنها نهي المصلي عن رفع بصره إلى السماء كما قال شيخ الإسلام رحمه الله: هذا من كمال أدب الصلاة أن يقف العبد بين يدي ربه مطرقاً خافضاً طرفه إلى الأرض ، فلا يرفع بصره إلى فوق . قال : والجهمية لم يفقهوا هذا الأدب ولا عرفوه ، لأنهم ينكرون أن الله فوق سماواته ، وهذا من جهلهم إذ من الأدب مع الملوك أن الواقف بين أيديهم يطرق إلى الأرض ولا يرفع بصره إليهم فما الظن بملك الملوك سبحانه وتعالى .

وقال شيخ الإسلام في مسألة النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود أنها من الأدب مع الله عزوجل لأن القرآن كلام الله قال : وحالتا الركوع والسجود ، حالتا ذ لّ وانخفاض من العبد فمن الأدب مع كلام الله أن لا يُقرأ في هاتين الحالتين – يعني في الركوع والسجود- لأنهما حالتا ذُلٍّ وانخفاض. وكذلك فإن من الأدب مع الله أن لا يُستقبل بيتهُ في قضاء الحاجة ولا يُستدبر، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم . ورجّح ابن القيم – رحمه الله – أن هذا الأدب يعمُّ الفضاء و البنيان .

ومن الأدب مع الله وضع العبد يده اليمنى على اليسرى حال القيام للقراءة في الصلاة ويضعهما على صدره خاشعاً ذليلاً بين يدي الله عزّ و جلّ.

و من الأدب مع الله السكون في الصلاة لما ذَكَرَ أهل العلم عن قوله تعالى :)الذين هم على صلاتهم دائمون( [المعارج:23 ] ذكروا فيها معنيين، الأول: دائمون بمعنى مستقرون ثابتون لا يكثرون الحركة ، كما يفعل كثير من الناس من تحريك النظارة والساعة وغطاء الرأس ، والعبث بالأنف واللحية والجيب ونحو ذلك من الأشياء ، ذلك أن هذا لا يعطي معنى الديمومة كما عبّر عنها القرآن الكريم:)على صلاتهم دائمون(، و المعنى الآخر: أي على صلاتهم يحافظون ، أي المحافظة على سكون الأطراف وطمأنينة الجوارح ، و المحافظة كذلك على وقتها ، فلا يخرجونها عن وقتها، فهم دائمون أي يداومون على الصلوات ويحافظون عليها في أوقاتها كما أنهم دائمون في الخشوع والطمأنينة .

والأدب مع الله يكون في الظاهر والباطن ، ولا يستقيم عند العبد إلا بمعرفة أسمائه سبحانه وتعالى وصفاته، ومعرفة دينه وشرعه ، وما يحب ومايكره .

أدب الأنبياء والصالحين مع الله عزّ و جلّ:


لقد كان أدب الأنبياء والصالحين مع الله عزوجل كثيراً وعظيماً، ومن تأمل أحوالهم عرف ذلك . ألم ترى أن المسيح عليه السلام عندما يسأله الله سبحانه وتعالى يوم القيامة: )أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين ( فلم يكن جواب عيسى عليه السلام " لم أُقل ذلك "، وإنما قال : )إن كنت قلته فقد علمته( ، فذلك من كمال أدبه مع ربه، ثم قال : ) تعلم ما في نفسي ولا اُعلم ما في نفسك إنك أنت علاّم الغيوب، ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم ..( إلى آخر الآيات [المائدة:116].

وكذلك أدب إبراهيم مع ربه لما قال : ) الذي خلقني فهو يهدين ، والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين( [الشعراء:79 ] ..، ما قال والذي يمرضني ويشفين، وإنما قال )وإذا مرضتُ ( فنسب المرض إليه ، ونسب الهداية والطعام والسِّقا والشفاء إلى الله رب العالمين، مع أن الله هو الذي يمرض ولا شك ، وهو الذي يشفي ، لكن لم يرد أن ينسب المرض إليه عزوجل ، أدباً مع الله سبحانه وتعالى ، وهذا من كمال أدب الخليل عليه السلام.

وكذلك الخضر عليه السلام – على الراجح لأنه كان نبياً – إذ يقول: ) وما فعلته عن أمري( [الكهف:82 ] أي كان يفعل ذلك بالوحي من الله عزّ وجلّ، فإنه لماذكر السفينة قال:)فأردت أن أعيبها( [الكهف:79 ] ولما ذكر الجدار قال: )فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما( [ الكهف:82 ] ولم يقل فأرادربك أن أعيبها، وإنما قال فأرد تُ أن أعيبها ،فإن من كمال أدبه أنه لمّا صارت المسألة عيباً نسبه لنفسه ولم ينسبه لله عزّ و جلّ مع أن كل ذلك بأمر الله وحكمته.

وكذلك الصالحون من الجن قالوا: )وإنا لاندري أشرٌ أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربٌّهم رشداً ( [الجنّ:10] ، قالوا: " أشراً أريد بمن في الأرض " ما قالوا : "أشر أراده ربهم بهم، أم أرادبهم ربهم رشداً" .. فجعلوا الفعل مبنياً للمجهول تأد بّاً مع الله عزّ و جلّ.

وكذلك موسى عليه السلام لما نزل مدين قال : )ربِّ إني لما أنزلت إلي من خير فقير([القصص:24 ]والمعنى أنا فقيرإلى خيرك يارب ومحتاج إلى فضلك ولم يقل : أطعمني .. مثلاً .

وآدم عليه السلام لمّا أٌهبط من الجنة إلى الأرض قال : )ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ([الأعراف:23] ولم يقل : ربِّ قدرت علي هذه المعصية وقضيت علي بها .. ونحو ذلك ، بل نسب الظلم إلى نفسه: " ظلمتُ نفسي فاغفرلي" .

وكذلك قول أيوب عليه السلام : )إني مسني الضُّر وأنت أرحمُ الرحمين( [الأنبياء:83] وهذا أعظم أدباً من أن يقول فعافني واشفني، ثم قال : )وأنت أرحم الرحمين (. والأدب عند أنبياء الله طويل لاينتهي ..

ونذكر هنا جانباً من أدب الأنبياء مع المخلوقين، كان من أدب يوسف عليه السلام مع أبيه وإخوتِه حين قال لأبيه : ) قال هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا. وقدأحسن بي إذ أخرجني من السجن ( [يوسف:100] فلم يقل أخرجني من الجبِّ مع أنه أخرجه من الجبِّ ! لأنه لا يريد أن يجرح مشاعر إخوانه تأدبًا معهم .

وكذلك فإنه لما جاء بإخوته وأهله ، قال : )وجاء بكم من البدو ( ما قال مثلاً : رفع عنكم الجهل والجوع والحاجه .. أوأنني فعلت ذلك لكم أوأنني أنقذتكم من الجوع ..والجهل . ثم قال : ) من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي ( فنسب الفعل إلى الشيطان، ولم يقل من بعد أن فعل بي إخواني ما فعلوا وظلموني ونحوذلك ..

وكذلك من الأدب مع الله سبحانه وتعالى أن يستر الرجل عورته وإن كان خالياً ..

أما نبينا صلى الله عليه وسلم فقد ضرب المثل العظيم في الأدب مع ربه عزّ و جلّ. ومن أمثلة ذلك ما يذكره المفسرون عند قوله سبحانه وتعالى : )مازاغ البصرُ وما طغى ( [النجم:17] أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ارتفع إلى السماء لم يزغ بصرهُ ولم يطغ ، أي لم يزغ يميناً أو شمالاً ، ولا طغى فنظر أمام المنظور ، إنما كان مطرقًا خاشعًا.. "مازاغ البصروما طغى" فهذا صفة مقدمه صلى الله عليه وسلم على ربّه ، و يتجلّى في ذلك كمال أدبه عليه الصلاة والسلام .

الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم:


وكذلك فإنه ينبغي أن يعلم المسلم أن الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم من أنواع الأدب العظيمة التي أوجبتها الشريعة المطهّرة.. وهذا يشمل أشياءً كثيرةً جداً ، فمن الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم التسليم له والإنقياد لأمره ، وتصديق خبره ، وتلقّيه بالقبول ، وعدم معارضته بحيث لا يُستَشكَل قوله وإنما تُستشكل الأفهام . ولا يُقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً ، ولا يدَّعي نسخ سُنته ، وكذلك لا ترفع الأصوات فوق صوته صلى الله عليه وسلم لأن ذلك سبب لحبوط العمل ، وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم لا ترفع الأصوات فوق حديثه إذا قُريء ولا عند قبره .

الأدب مع الخلق:


ويندرج تحت هذا الصنف نوعان من الأدب وهما آداب المخلوقين وآداب الأحوال، فالأدب مع الخلق يشمل معاملتهم على إختلاف مراتبهم بما يليقُ بهم وبما يتوافق مع الشرع الكريم، فالأدب مع الوالدين يختلف عن غيره من الأدب و يجب مراعاته.. وكذلك الأدب مع العالم .. والأدبُ مع الأقرانِ .. والأدب مع الأجانب .. والأدب مع النساء المحارم والأجنبيات .. والأدب مع الضيف ..والأدب مع أهل البيت وغيرهم . هذا من جهه ما يتعلق بمن حولك من المخلوقين . أما الأحوال ففيها آداب عظيمة لكل أحوال المؤمن حتى لوكان بمفرده لايطّلع عليه إلا الله سبحانه وتعالى. ومن أمثلة آداب الأحوال آداب الأكل و النوم والخلاء واللباس والمشي والسفر والدخول والخروج والركوب والسكوت والإنصات وغير ذلك .. فمثلاً للأكل آداب يجب عليك الإلتزام بها حتى لو كنت تأكل و حدك .. فتُسمي ولو كنت لو حدك، وتأكل بيمينك ولوكنت لوحدك، ولا تأكل من وسط الطعام و كنت بمفردك . وكذلك الحال في سائر آداب الأحوال .

في مظاهر أهميّة الأدب :


ولأجل عظم هذا الموضوع صنّف العلماء فيه تصنيفات عظيمة ، ولنعلم أن التمسك بالآداب الشرعية يقود إلى التمسك بالدين كله . ولذلك يقول الشيخ عبدالرحمن المعلم اليماني – رحمه الله في مقدمته لكتاب الأدب المفرد للبخاري :" قد أكثر العارفون بالإسلام المخلصون له من تقرير أن كل ما وقع فيه المسلمون من الضعف والخور والتخاذل ، وغير ذلك من وجوه الإنحطاط ، إنما كان لبعدهم عن حقيقة الإسلام وأرى أن ذلك يرجع إلى أمور -الأول : إلتباس ما ليس من الدين بما هو منه – خلط ما ليس من الدين بما هو من الدين مثل إدخال البدع مثلاً – ثانياً : ضعف اليقين بما هو من الدين – ضعف اليقين بما هو من الدين حقاً – وثالثاً : عدم العمل بأحكام الدين- ضعف العمل- " هذه الأشياء الثلاثة التي عليها مدار أسباب إنحطاط المسلمين .. فانظر رحمك الله إلىأسباب تخلف المسلمين وإنحطاطهم .

ثم قال رحمه الله تعالى :" وأرى أن معرفة الآداب النبوية الصحيحة في العبادات والمعاملات ، والإقامة ، والسفر ، والمعاشرة ، والوحدة ، والحركة ، والسكون ، واليقظة والنوم ، والأكل والشرب ، والكلام والصمت .. وغير ذلك، مما يعرض للإنسان في حياته، مع تحري العمل بها كما يتيسر ، هو الدواء الوحيد لتلك الأمراض . فإن كثيراً من تلك الآداب سهل على النفس ، فإذا عمل الإنسان بما سهل عليه منها ، تاركاً ما يخالفها لم يلبث – إن شاء الله تعالى – أن يرغب في الإزدياد ، فعسى أن لا تمضي عليه مُدة ، إلاّ وقد أصبح قدوة لغيره في ذلك .. وبالإهتداء بذلك الهدي القويم ، والتخلق بذلك الخُلق العظيم يستنير القلب ، وينشرح الصدر ، وتطمئن ُ النفس ، فيرسخ اليقين ، ويصلح العمل ، وإذا كُثر السالكون في هذا السبيل لم تلبث تلك الأمراض أن تزول إن شاءالله" . ثم أشار إلى قضية تصنيف الإمام البخاري رحمه الله لكتاب الأدب المفرد ، وقد أفردهُ عن صحيحه وجعل له أبواباً خاصة ، وقد تكلّم ابن حجر – رحمه الله – في أهمية هذا الكتاب حيث قال : "وكتاب الأدب المفرد يشتمل على أحاديث زائدة على ما في الصحيح ، وفيه قليل من الآثار الموقوفة ، وهو كثير الفائدة ". وقد شرحه الشيخ فضل الله الجيلاني، وخرّج أحاديثه وحقَّقه الشيخ محمد ناصرالدين الألباني . فالكتاب الآن مشروح ومحقّق .." كتاب صحيح الأدب المفرد للبخاري" – رحمه الله – وحسبك به وبمؤلفه .

أقوال العلماء في الأدب :


ومن بعض أقوال العلماء في الأدب يقول النبي صلى الله عليه وسلم وهو إمام العلماء: " إنَّ الهدي الصالح ، والسمت والإقتصاد جزءَ من خمسةٍ وعشرين جزءاً من النبوة "، فإذاً الأدب هو السمت الصالح .. حسن السمت والهدي الصالح .. هذا هوالأدب وقال النخعي – رحمة الله – :" كانوا إذا أتوا الرجل ليأخذوا عنه نظروا إلى سمته وصلاته و إلى حاله ثم يأخذون عنه ". فأول شيء ينظرون إليه أدب العالم والمحدث فإن وجدوه أديباً مؤدباً أخذوا عنه – ولذلك كان مجلس الإمام أحمد رحمه الله يجتمع فيه زهاء خمسة آلاف أويزيدون ، خمسمائة يكتبون الحديث والباقون يتعلمون منه حسن الأدب والسمت .

وقال ابن عباس – رضي الله عنه -: " أطلب الأدب فإنه زيادة في العقل، ودليل على المروءه ، مؤنس في الوحدة وصاحب في الغربة، ومال عند القلة " . وقال أبو عبد الله البلخي :" أدب العلم أكثر من العلم ". وقال أبن المبارك رحمه الله :" لا ينبل الرجل بنوع من العلم ما لم يزيّن علمه بالأدب ".وكذلك قال رحمه الله أيضاً :" طلبت العلم فأصبت منه شيئاً، وطلبت الأدب فإذا أهله قد بادوا ".

وقال بعض الحكماء : " لا أدب إلا بعقل ، ولا عقل إلا بأدب "، وقال بعضهم : "رأيت من أراد أن يمد يده في الصلاة إلى أنفه ، فقبض على يده ". خرَجت واحدهٌ من يديه إلى الأنف فقبضت الثانية عليها وكفّتها.

وقال يحيى ابن معاذ : " من تأدب بأدب الله ، صار من أهل محبة الله ".

وقال ابن المبارك أيضاً : " نحنُ إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم ". فهناك أناس عندهم علمٌ كثير لكن ليس عندهم أدب ، ولذلك نَفَّروا الناسَ ، فحال إنعدامُ الأدب دون ما عندهم من العلم .

وسُئل الحسن البصري – رحمه الله – عن أنفع الأدب ، فقال :" التفقه في الدين، والزهد في الدنيا، والمعرفة بما لله عليك ".

ومن أحسن الكتب في الآداب وأكثرها تنظيماً .. وأجودها تصنيفاً .. " غذاء الألباب شرح منظومة الآداب" – للسفاريني ، حيث يقع في مجلدين . وقد شرح منظومة ابن عبد القوي ، وأكثر الآداب التي سنتكلم عنها من هذه المنظومة ، ويوجد في كتاب "الآداب الشرعية " لإبن مفلح مباحث نفيسه وجيدة، وتوسُّعٌ في بعض المباحث ، ولكن كتاب غذاء الألباب أحسن في جودة الترتيب وحسن التصنيف، فإنَّ السفاريني قد جاء بعد ابن مفلح وأخذ أشياء كثيرة عنه، واستفاد من كتابه، لكنّه رتّب كتابه -وإن كان يوجد فيه عبارات صعبة على المبتدئ في طلب العلم -.

وسيتناول البحث بالتفصيل – إن شاء الله – موضوع الآداب الشرعيّة الآتية :

آداب تلاوة القرآن .. آداب الضيف .. آداب العطاس والتثاؤب .. آداب الإنتعال .. آداب توقير الكبير ورحمة الصغير .. وكذلك أدب الجوار أو الجار.. آداب الحوار والمناظرة .. مايتعلق بالرؤى والأحلام .. آداب النكاح .. آداب الطعام والشراب أو آداب الأكل .. آداب الضحك والمزاح .. آداب المريض .. آداب المساجد .. آداب المشي .. آداب المصافحة والمعانقه والتقبيل .. آداب النوم .. آداب الهدية وآداب الوليمة . حيث سيتعرض البحث لكل واحد من هذه الأنواع بالشرح والتفصيل مع الأدله وأقوال العلماء وفروع أدب كل جانب من هذه الجوانب .

منظومة الآداب لإبن عبد القوي:


هذه نظرة سريعة على منظومة الآداب لابن عبد القوي _ رحمه الله _ وقد افتتحها بقوله :

بحمدك ذي الإكرام مارمت أبتدي

كثيراً كما ترضى بغير تحددي

وصلِ على خيرِ الأنامِ وآله

وأصحابِه من كل هادىٍ ومهتدي

وبعدُ فإني سوف أنظمُ جملةً

من الأدبِ المأثورِ عن خير مرشد

من السنة الغراء أو من كتاب من

تقدس عن قول الغواة و جُحَّدِ

ومن قول أهل العلم من علمائِنا

أئمة أهل السِّلم من كل أمجد

لعل إله العرش ينفعنا به

وينزلنا في الحشر في خير مقعدِ

إلى من له في العلم والدين رغبةٌ

ليُصغِ بقلبٍ حاضرٍ مترصدِ

ويقبل نصحاً من شفيقٍ على الورى

حريصٍ على زجر الأنام عن الرَّدي

فعنديَ من علم الحديث أمانةٌ

سأبذلها جهدي فأهدي وأهتدي .

إلى كل من رام السلامة فليصن

جوارحه عما نهي الله يهتدي

فكانت أول وصية في هذه المنظومة صون الجوارح عمّا حرم الله ثم قال :

يَكبُّ الفتى في النار حصدُ لسانه

وإرسال طرف المرء أنكى، فقيِّدِ

هذا إشاره إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم 🙁 وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخر هم إلا حصادألسنتهم ).

وإرسال طرف المرءِأنكى فقيّدِ: يعني قيّد طرفك .. لا تُصب بطرفك الحرام، ولاتنظر إلى ماحرم الله عليك.

وطرف الفتى يا صاح رائد فرجه

ومتعبه فاغضضه ما استطعت تهتدي

يعني إطلاق النظر يؤدي إلى الوقوع في الزنا. ومتعبه فاغضضه: يعنى الذين وقعوا في العشق والتعلق بالصور والأشكال ،من أيّ جهه أوتوا ؟! من النظر فأورثه التعب النفسي لأنه أصيب بالعشق. وخصوصاً إذا عشق امرأة متزوجه أو لاقدرة له على الوصول إليها فما ذايكون حاله ؟! في غاية التعب والسوء ، ولذلك قال :

وطرف الفتى ياصاحِ رائدُ فرجِه ومتعبه فاغضضه ما استطعت تهتدي..

ثم يقول رحمه الله:

و يُحرَمُ بُهتٌ و اغتيابُ نميمةٍ وإفشاءُ سرٍّ ثم لعن مقيّدِ

البهتان حرام ، إذا قلت في أخيك ما فيه فقد اغتبته، وإذا قلت ما ليس فيه فقد بهتّه ، قوله (نميمةً) أي يحرم المشي بين اثنين للإفساد بينهما بالكلام. وكذلك إفشاء السر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال 🙁 المجالس بالأمانة ) إذا حدّث الرجل حديثاً ثم التفت فهي أمانة فكذلك إذا استودعك سراً لا يجوز إفشاؤه . ثم لعنُ مقيّد: يعني لا يجوز لعن المُعَيَّن ..إلاّ إذا كان ممن لعنه الله بعينه كإبليس وأبي جهل وأبي لهب وقد ماتوا على الكفر ..فهؤلاء يجوز لعنهم ، لكن اللعن لا يجوز للمعين ولو كان كافرأ على الصحيح لأنه قد يموت على الإسلام فيكون غير مستحق للعن، فإذاً لا نلعن المعيّن، و لكن لو لعنت الجنس فقلت : ألا لعنة الله على الكافرين .. ألا لعنة الله على الظالمين .. ألا لعنة الله على الكاذبين . فلا بأس ، لكن "لعنة الله على فلان" أو"لعن الله فلاناً" بعينه .. لا يجوز إلا إذا لعنه الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم .

ثم يقول:

وفحشٌ ومكرٌ و البذا وخديعةٌ وسخريةٌ والهزءُ والكِذبُ قيِّد .

البذاء: أي الألفاظ البذيئة .

قيّد: يعني قيّد نفسك عن هذه الأشياء ولا تطلق لسانك فيها .

بغير خداع الكافرين بحربهم وللعرس أو إصلاح أهل التنكّدِ

إذاً الكذب يجوز إذا كان في خداع الكافرين في الحرب لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الحرب خدعة).

أما معنى " وللعرس أو إصلاح أهل التنكّد "فجواز كذب الرجل على زوجته إذا خشي شقاقها أوأن تغضب عليه ، وإصلاح أهل التنكّدِ : الإصلاح بين المتخاصمين .

ويحرم مزمارٌ و شُبَّابَة و ما يضاهيهما من آلة اللهو والرَّدي

ذكر تحريم آلات اللهو والمعازف سواءً كان لها أوتارٌ أو ليس لها أوتار ، مزمار ، أو طبل،أو شبّابّه. كل ذلك حرام ، حتى لو ما كان معها غناءٌ ولذلك قال في البيت الذي بعده:

ولو لم يقارنْها غناءٌ جميعُها فمنها ذو الأوتار دون تقيدِ

لا تُقيد بالأوتار لكن ذوات الأوتار كالعود والكامنجا والشبّابّه والربابه داخلةٌ فيها.

ولا بأس بالشعر المباح وحفظِه وصنعتِه من رَدّ ذلك يعتدي

القاعده في الشرع أن الشعر حسنُه حسنٌ وقبيحُه قبيح ، وإذا كان لنصرة دين الله يكون عبادة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لحسّان 🙁 أهجهم و روح القدس معك) ، يعني جبربل يؤيدك و يثبتك ويناصرك :

" صنعته " يعني: لو صنعه ونظمه أيضاً .

" من ردّذلك يعتدي ": يعني من يحرّم الشعر كله حتى المباح فهو معتدي مجانب للصواب.

فقد سمع المختارُ شعر ِصحَابِهِ وتشبيبِهم من غير تعيين خُرَّدِ

يعني الشعر الذي فيه غزلٌ عفيف دون ذكر إمرأةٍ بعينها ، ودون الوصول إلى درجة الكلام على العورات و الأعراض وإثارة الشهوات .

وحظر الهجا والمدح بالزور والخنا وتشبيبه بالأجنبيات أكِّدِ .

الهجاء حرام في الشرع . وكذلك المدح بالباطل – وهو عمل الشعراء لأنهم يمدحون لأخذ الأموال – " بالزور " قيّدَه بالزور لأن المدح الحق بما هو في الممدوح لا بأس به كما مدح النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والخلفاء الراشدون.

ووصف الزنا والخمر والمُرْدِ والنسا الفتيِّات أو نوح التسخط ُمورِد .

ووصف الزنا والخمر كشعر نزار قباني وغيره من الفتانيّن في هذا الزمان. ولو عمل الشعر نياحةً فهو حرام .

وأمرك بالمعروف والنهي يا فتى عن المنكر اجعل فرض عين تُسدَّدِ


جعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين.

على عالم بالحظر والفعل لم يقم سواه به مع أمن عدوان معتدي .

على عالم بالحظر: أي ينبغي أن يكون عالماً فيما يأمر به ، عالماً بما ينهى عنه، مع أمن عدوان معتدي فبين أنه لو كان الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر مهدد بالضرب أو السجن إن فعل ذلك فإذا سكت عن الأمر والنهي فلا يأثم لأنّه مكره ، لكن لو صبر وأمر ونهى فهو مأجور فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (سيد الشهداء حمزة ، ورجل قام إلى إمام جاهل فأمره ونهاه ، فقتله ) . ثم قال :

وأنكر على الصبيان كل محرمٍ لتأديبهم والعلم في الشرع بالرد .

ولو رأى المؤمن مع صبيّ مزمارا ، فلا يقل هذا صغيرٌ غير مُكَلَّفٍ. بل يأخذه منه ولابدّ نزعه منه وأعطاه لوليّه ، وقال له لا يجوز لك أن تلبسه ذهباً ، ولا يجوز للصبي أيضاً أن يُلبس ثوباً مسبلاً ولا يجوز لوليه أن يفعل به ذلك . فالصبيان هل ينكر عليهم ؟.. الجواب: نعم .

وبالأسهل إبدأ ثم زد قدر حاجةٍ فإن لم ُيزل بالنافذ الأمرُ فاصددِ.

بالأسهل ابدأ " أي لا تبدأ بالضرب مثلاً ! بل يُبدأ بالكلام الطيب .. بالحكمة .. بالرفق .." ثم زد قدر حاجة " ، على قدر الحاجة تعلو الوتيرة في الإنكار حتى يُزال المنكر . فإذا لم يستجب لك ولا استطعت أن تغيّره بيدك ، فاصدد عنه ، ولا تجلس في مكان المنكر، فإن ذلك لا يجوز.

إذا لم تخف في ذلك الأمر حيفةً إذا كان ذا الإنكار حتمَ التأكد .

لأن بعض الناس قد يكون له سلطان فإذا فعل به ما فعل في مجلسه أوانكر عليه فآذاه ، فيسقط وجوب الانكار حينئذْ .

ولا غرم في دف الصنوج كسرته ولا صوَر أيضاً ولا آلة الدَّدِ .

"الصنوج " هذ الطار الذي له ِحلَق معدنية إذا هزها ضربت الحلق بعضها بعضاً فأصدرت صوتاً فهذا لا يجوز ،والدف المباح للنساء في الأعراس هوالدف المُعتاد الذي ليس له حِلق .. فإذا استعملوا دفاً آخر لم يجز . وإذا كُسِرَ الطبل أو العود لا غُرْمَ عليه .. ولا يستطيع صاحبه أن يشتكي إلى القاضي أو يقول إضمنه لي .. فلان كسر عودي .. أو كسر طبلتي ..فلاغرم في ذلك .

"ولا صور أيضاً " :يعني التماثيل فلو أتلفها فإنه لا يضمن الثمن ولا يستطيع أن يقول كسرت تمثالي هات قيمته . " الدد" هو اللهو وآلة اللهو .

وآلة تنجيم و سحر و نحوه وكتب حوت هذا وأشباهه أُقددِ

و مثل ذلك لعبة الآن موجودة في الأسواق . حدّثونا عنها بأنها عبارة عن لوحةٍ تحوي أحرف اللغة الإنجليزية وأرقامها ، كما تحتوي على سهم من البلاستيك ذي الاتجاه ، بحيث يضع المرء أصبعيه عليها ، ويُستحسن أن تكون معه إمرأة ؟! -هكذا يقولون في تعليمات اللعبة ؟!- حيث تضع أصبعيها أيضاً على هذه القطعة البلاستيكية ثم ينادي المرء الجنيّة، وتقول يا فلانه هل حضرت؟! فيشير هذا السهم إلى إشارة نعم أو لا – و مكتوب على اللوحة نعم أو لا- وبعد ذلك يقول مثلا : ما إسمي ؟ فتشير إلى الحرف الأول من إسمه -حيث يتحرك المؤشر لوحده- كم عمري ؟ فتتحرك إلى الثلاثة والسبعة مثلا أو إلى الأربعة والصفر.. لتشير إلى عمره !!، كم عدد أولادي ؟ ونحو ذلك .. وهذه اللعبة قد أفتتن بها أشخاص مع أنها من السفاهات والسذاجات ولا تدخل في عقل عاقل .. وهي تباع في بعض المحلات هنا . وكان سعرها سبعين ريالاً .. ولما ازداد الطلب عليها من الناس الذين عندهم قلة دين وعقل صارت الآن بمئة وأربعين..وأكثر من مئة وأربعين . وقد أتى لي أحدهم بهذه اللعبة فقلت : الآن لو قمنا بتشغيلها فهل تشتغل ؟ قال : لا.. إذ بمجرد عزمنا على إحضارها إلى الشيخ كفت عن العمل؟!!

فهذا مثل حيٌّ من الخرافات و الخزعبلات الموجودة بين الناس، وبعض الناس يصدقون بها فعلاً.. وهناك أيضاً ما يسمّى بلعبة الفرجار والإبرة ..وفيها إشارة " نعم" و"لا ".. وينادون الجنية –بزعمهم – أو الجن على أساس أنها تشير لهم على الأجوبة .. ويقال أن طالبة سألت اللعبة : ما هي أسئلة إختبار القرآن غداً ؟! فأعطتها أرقام السور.. وجاءت مثل ما قالت !! وكلامٌ كثيرٌ من ذلك!! .. فيقول الناظم – رحمه الله -: " وكتبٌ حوت هذا واشباهه أقدد" :

اقددِ : يعني مزِّقْ ، مثل كتاب "شمس المعارف" وغيره من الأشياء التي فيها تعليم السحر وتحضير الأرواح .. وتحضير الجن وغير ذلك .

وأضاف إليها الشيخ محمد السلمان أبياتاً من عندة مثل:

و قلت كذاك السينماء و مثلُه بلا ريب مذياع وتلفاز معتد

و أوراق ألعاب بها ضاع عمرهم وكرامتهم مزق هديت وقددِ

كذا بكمانٍ و الصليب و مزمرٍ وآلة تصويرٍ بها الشر مرتدي

كذاك دخان و شيشة شربه وآلة تطفاة له اكسر و بددِ

ثم يقول الناظم رحمه الله :- عودة إلى المنظومة الأصلية –

وهجران من أبدى المعاصي سنةٌ وقد قيل أن يردعه أوجب وأكدِ

كما دلّ عليه حديث كعب وغيره . فإذا كان الهجران يردع صاحب المعصية فإن الهجران في حقه واجب ..

وقيل على الإطلاق مادام معلِناً ولاقه بوجه مكفهرّ معربد

يعني مادام معلناً بالفسق سواءً كان يؤثر فيه الهجر أولا يؤثر فيه .. فأهجره وغيّر وجهك عليه لأنه صاحب منكر مجاهر به. فإذا كان الهجر لا يزيده إلا سوءاً فما حكم الهجر ؟ لا يجوز . لأن الهجر قائم مع قاعدة المصالح والمفاسد .

ويحرم تجسيس على متستر بفسق وماضي الفسق إن لم يجددِ
يعني أن المتستر بالفسق لا يجوز التجسس عليه في بيته ، ومن ثبت في ماضيه فسق سابق وماضي لا يجوز التجسس عليه مادام لم يرجع إلى فسقه السابق – حتى وإن كان صاحب سوابق مظهراً توبته-

وحظر إنتفا التسليم فوق ثلاثةٍ على غير من قلنا بهجرٍ فاكّدِ

يعني لا يجوز أن تهجر أخاك فوق ثلاثة أيامٍ لا تُسلم عليه.

على غير من قلنا " كالمعلن بالمعصية ، والمبتدع " حيث تهجره فوق الثلاثة والشهر والسنة حتى يرتدع.

و كن عالماً أنَّ السلام لسُنة وردُّك فرضٌ ليس ندباً بأوطدِ

ويجزئ تسليم امرئ من جماعة ورد فتى منهم عن الكل ياعدي .

لو سلم واحد من الجماعة على قوم جالسين فرد واحد من الجالسين أجزأ هذا عن هؤلاء وهذا عن هؤلاء .

و تسليم نزرٍ والصغيرِ وعابرِ سبيلٍ وركبانٍ على الضد أيّدِ

يعني بهذا الأدب تسليم القليل على الكثير ،والنزر: يعني القليل ، والصغير يسلم على الكبير .. والماشي يسلم على القاعد ، والراكب يسلم على الماشي .. على الضد .

و إن سلَّم المأمور بالرد منهم فقد حصل المسنون إذ هو مهتدِ

وسلَّم إذا ما قمت من حضرة امرئٍ وسلَّم إذا ما جئت بيتك تهتدي


إذا زرت شخصاً وأردت أن تغادر فسلّم عند المغادرة . وإذا دخل المؤمن بيته فليسلّم على أهله: ) فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة( [النور:61].

وإفشاؤك التسليم يوجب محبةً من الناس مجهولاً ومعروفاً إقصدِ

ولذلك يخطئ كثير من الناس اليوم ،فإذا سار لايسلم إلاعلى من يعرف ، ويجب إفشاء السلام على من عرفت ومن لم تعرف . وذلك لأن إفشاءك التسليم يوجب محبة من الناس مجهولاً ومعروفاً، و اقصد: أي سلّم على من عرفت ومن لم تعرف ، والسلام على الذين تعرفهم فقط من أشراط الساعة ، وهو أمرٌ مذموم .

وتعريفهُ لفظ السلام مجوّز وتنكيرهُ أيضاً على نص أحمدِ

يعني لو قلت: سلامٌ عليكم، أوالسلام عليكم ، تنكيراً أو تعريفاً.. فكل ذلك صحيح .

و سنة إستئذانه لدخوله على غيره من أقربين و بٌعَّدِ

يشير هنا إلى وجوب الإستئذان قبل الدخول على الأقربين والأباعد، فلو أردت دخول غرفة أمك -التي هي أمك- وهي فيها ، فلا تدخل حتى تستأذنها.. فهل تحب أن تراها على عري ؟! وكذلك الأبعدين-من باب أولى- فلا تدخل عليهم حتى تستأذنهم .

ثلاثاً و مكروه دخول لهاجمٍ و لاسيما من سفرة ٍ وتبعُّدِ

يعني الإستئذان ثلاثاً ، "لهاجم " يهجم أي يدخل من غير إستئذان ، حتى ولو كان الزوج ، لا يهجم على البيت وإنما يستأذن وخصوصاً إذا أتي من سفر حتى لا يقع على مايكرهه من زوجته ، وإنما يمهل حتى تستحد المغيبة، يعني تأخذ من شعرها الذي يسبب الرائحة الكريهة، وتمتشط الشعث ، وتتهيأ بالتزيُّن لزوجها ، حتى لايراها في حال ربما تشمأز نفسه منها .

ووقفته تلقاء با بٍ و كوّةٍ فإن لم يُجَب يمضي وإن يخف يزددِ

يشير هنا إلى النهي عن الوقوف تلقاء الباب مباشرةً ، فإذا فُتَحَ رأى من بالبيت ، والواجب أن يقف على جنب بحيث لو فُـتَحَ الباب فإنه لايرى ما لا يحل له رؤيته من بيت أخيه المسلم.

"وكوةٍ ": أيضاً النافذة أو الثقب .

" فإن لم يُجَب " : أي إذا استأذن ثلاثاً ولم يُستجب له ، فالواجب أن يمضي، يعني ضربت الجرس ثلاث مرات أو قلت السلام عليكم ثلاث مرات فإن لم يؤذن لك فامض في طريقك.

"وإن يخف يزددِ": أي إذا ظن أنهم لمّا يسمعوا إستئذانه فيجوز لك أن تزيد على الثلاث .

وتحريك نعليه وإظهار حسه لدخلته حتى لمنزله اشهدِ

كماجاء عن ابن مسعود أنه كان إذا جاء عند باب بيته تنحنح حتى يَعلم أهل البيت أنه داخل.

وصافح لمن تلقاه من كل مسلم تناثر حطاياكم كما في المُسَنّدِ

المصافحة سنّة وبها تتناثر خطايا المسلمين .

و ليس لغير الله حل سجودنا و يُكره تقبيل الثرى بتشدّدِ

أما السجود فلا يجوز لغير الله . "وتقبيل الثرى بتشدد": إذا قبّل الأرض وسجد يصير الحرام أكثر وأشد، كان سجود التحيه في من قبلنا من الأمم كما سجد إخوة يوسف ليوسف أو أهل يوسف ليوسف، ولكن ذلك في شرعنا حرام ، ولمّا رجع معاذ من الشام وسجد للنبي صلى الله عليه وسلم ، سأله النبي عليه الصلاة والسلام : ما هذا؟ قال رأيتهم يسجدون لعظمائهم وأنت أعظم من هؤلاء العظماء – أي أنت أولى بالسجود – فنهاه عليه الصلاة والسلام عن السجود ، وقال لو كنت آمر أحداً أن يسجد لأحدٍ لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها ، من عظم حقه عليها .

وُيكرهُ منك الإنحناءُ مسلِّماً وتقبيلُ رأس المرءِ حلٌّ وفي اليدِ

الإنحناء عند السلام منهيٌ عنه ، ولفظة " ُيكره" تأتي بمعنى يحرم ولكن يستخدمها كما استخدمها الإمام أحمد -رحمه الله – ورعاً ، مثل ما يحدث من الإنحناء في بعض الألعاب الرياضية ، كالكراتيه وغيرها ، حيث ينحني بعضهم قبل بداية اللعبة ، و هذا حرام لا يجوز. "وتقبيل رأس المرء ": ويجوز تقبيل رأس العالم والوالد و كبير السن وكذلك تقبيل اليد .

ونزع يدٍ ممن يصافح عاجلاً وأن يتناجى الجمع من دون مفردِ

يعني يُكروه إذا صافحت أخاك أن تستعجل فتسحب يدك قبله ، وأيضاً يُنهي عن تناجي جماعة من دون أحدهم.

وأن يجلس الانسان عند محدَّثٍ بسرٍّ وقيل أحضر وإن يأذن أقعدِ

أي لا تجلس بين إثنين يتناجيان ..وإن استأذنت جاز أن تجلس إذا أُذن لك.. وقيل لاتاتِ أصلاً .

وكن واصل الأرحام حتى لكاشحٍ توخّر في عمرٍ و رزق و تسعدِ

"كاشحٍ" : يعني صاحب عداوة، "توخّرفي عمر" : أي يطول عمرك ، وتزداد رزقاً.

ويحسن تحسين لخلق و صحبة و لا سيما للوالدِ المتأكَّدِ

هذا حثٌ على حُسن الصحبة و مع الوالدين أولى وأوكد.

ولوكان ذا كفر، وأوجب طوعه سوى في حرام أو لأمرٍ مؤكّدِ

"ذا كفر" : الوالد حتى لو كان كافرا وجب طاعته والإحسان إليه إلاّ إذا أمرك بمعصية.

كتطلاب علم لا يضرهما به و تطليق زوجاتٍ برأي مجردِ

يعني لا تطيعه اذا أمرك بشي’ٍ مؤكد شرعاً كطلب العلم الذي تحتاج إليه و لايضرهما . ولو قال لك طلق زوجتك برأي مجرد عن الأسباب الشرعيّة، حيث لم تفعل الزوجة شراً ولا أساءت خُلقاً .. فلا يلزمك طاعة والديك في هذه الحالة.

وأحسن إلى أصحابه بعد موته فهذا بقايا برّه المتعوّدِ

المراد الإحسان إلى أصحاب أبيك وأمك .." هل بقي من بر أبوي شيء أفعله بعد موتهما ". فأخبره عليه الصلاة والسلام :" أن تصل صديقهما من بعدهما" .

ويشرعُ إيكاء السقا وغطا الإنا وإيجاف أبواب و طف’ لموقد

تغطية الإناء بعد الشرب ، و" إيجاف أبواب" إغلاق الباب بعد ما تدخل البيت ، "طف’ لموقد": إطفاء السرج.

وتقليم أظفار و نتف لإبطه و حلقاً و للتنوير للعانة أقصدِ

"التنوير" : وضع النورة لإزالة الشعر ، والمقصود الإزالة سواءً كان بالحلق أو القص أو أي شيء من المزيلات أوالنورة.

وها قد بذلت النصُّح جهدي وإنني مقرّ بتقصيري وبالله أهتدي

تقضِّت بحمد الله ليست ذميمةً و لكنها كالدرّ في عُقد خردِ

"تقضَّت": يعني أنقضت القصيدة واكتملت أبياتها.

يحارُ لها قلب اللبيب وعارف كريمان إن جالا بفكر ٍ منضّدِ

فخذها بحرصٍ ليس بالنوم تد رِكن أهل النهى والفضل في كل مشهدِ

و قد كمُلت و الحمد لله وحده على كل حالٍ دائماً لم يُصددِ

.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله

وصحبه وسلم .

تعليمية تعليمية




جزاكم الله خيرا

لكن يرجى عزو المقال إلى صاحبه -ذكر صاحب المقال – من باب الأمانة العلمية..

قبل أن تنشر في – فرع الإسلاميات العامة – اقرأ القوانين أولا




بارك الله فيك على المقال

المصر وصاحب المقال امر ضروري لنعرف من اين ناخذ العلم

شكرا لك




تعليمية تعليمية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكوريين اخوتي و جزاكم الله خيرا و اني سوف اخذ بتوصياتكم فيما يخص مصادر المقالات
و اشجعكم على هذه الانتقادات لاني استمد منها قوتي و بارك الله فيكم و لكم عافية
اختي ام عبيد الاثرية و اختي هناء
تعليمية تعليمية




تعليمية

شكرا وبارك الله فيك




شكرا اخي على تتبعك مواضيعي




التصنيفات
اسلاميات عامة

هذه ثمرة الأمانة

يقول أحد الشيوخ: هذه القصة واقعة أعرف أشخاصها وأعرف تفاصيلها وأروي مافعل الرجل ، ولا أحكم بفعله أنه خير أو شر أو أنه جائز أو ممنوع.
كان في دمشق مسجد كبير اسمه جامع التوبة ، وهو جامع مبارك فيه أنس وجمال ،سمي بجامع التوبة لأنه كان خاناً تركب فيه أنواع المعاصي ، فاشتراه أحد الملوك في القرن السابع الهجري ، وهدمه وبناه مسجداً.

وكان فيه قبل حوالي سبعين سنة شيخ مربي عالم عامل اسمه الشيخ سليم السيوطي، وكان أهل الحي يثقون به ويرجعون إليه في أمور دينهم وأمور دنياهم، وكان مضرب المثل في فقره وفي إبائه وعزة نفسه ، وقد كان يسكن في غرفة المسجد– عندما كان طالبا يدرس على الشيخ – وقدمرّ عليه يومان لم يأكل شيئاً ، وليس عنده ما يطعمه ولا مايشتري به طعاماً ، فلما جاء اليوم الثالث أحس كأنه مشرف على الموت وفكر ماذا يصنع ، فرأى أنه بلغ حدّ الاضطرار الذي يجوز له أكل الميتة أو السرقة بمقدار الحاجة ، وآثر أن يسرق ما يقيم صلبه.

وكان المسجد في حيّ من الأحياء القديمة ، والبيوت فيها متلاصقة والسطوح متصلة، يستطيع المرء أن ينتقل من أول الحي إلى آخره مشياً على السطوح ، فصعد إلى سطح المسجد وانتقل منه إلى الدار التي تليه فلمح بها نساء فغض من بصره وابتعد ، ونظر فرأى إلى جانبها داراً خالية وشمّ رائحة الطبخ تصدر منها ، فأحس من جوعه لما شمها كأنها مغناطيس تجذبه إليها ، وكانت الدور من طبقة واحدة ، فقفز قفزتين من السطح إلى الشرفة، فصار في الدار ، وأسرع إلى المطبخ ، فكشف غطاء القدر ، فرأى بها باذنجاناً محشواً ، فأخذ واحدة ، ولم يبال من شدة الجوع بسخونتها ، عض منها عضة ، فما كاد يبتلعها حتى ارتد إليه عقله ودينه، وقال لنفسهأعوذ بالله ، أنا طالب علم مقيم في المسجد ، ثم أقتحم المنازل وأسرق ما فيها ؟؟ … وكبر عليه ما فعل ، وندم واستغفر ورد الباذنجانة ، وعاد من حيث جاء ، فنزل إلى المسجد ، وقعد في حلقة الشيخ وهو لا يكاد من شدة الجوع يفهم ما يسمع ، فلما انقضى الدرس وانصرف الناس، جاءت امرأة مستترة، ولم يكن في تلك الأيام امرأة غير مستترة، فكلمت الشيخ بكلام لم يسمعه، فتلفت الشيخ حوله فلم ير غيره، فدعاه وقال له:هل أنت متزوج؟ قال: لا، قال: هل تريد الزواج؟ فسكت ، فقال له الشيخ : قل هل تريد الزواج ؟
قال : يا سيدي ما عندي ثمن رغيف والله فلماذا أتزوج ؟
قال الشيخ : إن هذه المرأة أخبرتني أن زوجها توفي وأنها غريبة عن هذا البلد ، ليس لها فيه ولا في الدنيا إلا عم عجوز فقير، وقد جاءت به معها – وأشار إليه قاعداً في ركن الحلقة- وقد ورثت دار زوجها ومعاشه ، وهي تحب أن تجد رجلاً يتزوجها على سنة الله ورسوله ، لئلا تبقى منفردة ، فيطمع فيها الأشرار وأولاد الحرام ، فهل تريد أن تتزوج بها ؟

قال : نعموسألها الشيخ : هل تقبلين به زوجاً ؟ قالت : نعم

فدعا بعمها ودعا بشاهدين ، وعقد العقد ، ودفع المهر عن التلميذ ، وقال له : خذ بيدها ، أو أخذت بيده ، فقادته إلى بيته ، فلما دخلته كشفت عن وجهها ، فرأى شباباً وجمالاً ، ورأى البيت هو البيت الذي نزله ، وسألته : هل تريد ان تأكل؟
قال : نعم ، فكشفت غطاء القدر، فرأت الباذنجانة ، فقالت : عجباً من دخل الدار فعضها ؟؟

فبكى الرجل وقص عليها الخبر، فقالت له:هذه ثمرة الأمانة ، عففت عن الباذنجانة الحرام ، فأعطاك الله الدار كلها وصاحبتها بالحلال.

عبر الايميل ..




جزاك الله كل خير على المجهود
تحياتي الخالصة