التصنيفات
مادة الفلسفة 3 ثانوي : باشراف الاساتذة أم يحيى

تابع مناقشة الموضوع الثاني

تتأثر أفعالنا اتجاه المشكلات التيتعترضنا بمكتسبات تجاربنا السابقة وليس انقطاع الإدراك في الحاضر معناه زوال الصورالذهنية المدركة ،بل إن الإنسان يتميز بقدرته على اختزان تلك الصور مما يجعله يعيشالحاضر والماضي معا وهذا ما يسمى بالذاكرة وهي القدرة على استعادة حالة شعورية ماضية، فإذا كان الشعور خاصية جوهرية للذاكرة ،فالأطروحة القائلة بأن الذاكرة وظيفة من وظائف الدماغ تبدو باطلة.لكن ما هي مبررات إبطالها؟
عرض الأطروحة:

ربط الذاكرة بخلايا الدماغ. إنملاحظات ريبو على حالات معينة مقترنة بضعف الذاكرة أو بفقدانها كحالة [ الفتاة التيأصيبت برصاصة في المنطقة اليسرى من الدماغ فوجد أنها فقدت قدرة التعرف عل المشطالذي كانت تضعه في يدها اليمنى إلا أنها بقيت تستطيع الإحساس به فتأكد له أن إتلافبعض الخلايا في الجملة العصبية نتيجة حادث ما يؤدي مباشرة إلى فقدان جزئي أوكليللذاكرة وجعلته يستنتج أن الذاكرة هي وظيفة عامة للجهاز العصبي أساسها الخاصيةالتي تمتلكها العناصر المادية في الاحتفاظ بالتغيرات الواردة عليها كالثنية فيالورقة لقد تأثرت النظرية المادية بالفكرة الديكارتية القائلة بأن الذاكرة تكمن فيثنايا الجسم وأن الذكريات تترك أثرا في المخ … وكأن المخ وعاء يستقبل ويختزن مختلف الذكريات ، لذا يرى ريبو أن الذكرياتمسجلة في خلايا القشرة الدماغية نتيجة الآثار التي تتركها المدركات في هذه الخـــلاياو الذكريات الراسخة هي تلك التي استفادت من تكرار طويل لذا فلا عجب إذا بدأتلاشيها من الذكريات الحديثة إلى القديمة بل ومن العقلية إلى الحركية بحيث أنناننسى الألقاب ثم الأوصاف فالأفعال والحركات ، ولقد استطاع ريبو أن يحدد مناطق معينةلكل نوع من الذكريات بل ويعد 600مليون خلية متخصصة لتسجيل كل الانطباعات التيتأتينا من الخارج مستفيدا مما أثبتته بعض تجارب بروكا من أن نزيفا دمويا في قاعدةالتلفيف من ناحية الجهة الشمالية يولد مرض الحبسة وأن فساد التلفيف الثاني من يسارالناحية الجدارية يولد العمى النفسي وغيرها.
إبطال الأطروحة بحجج شخصية: تبدو الحجج التي تقوم عليها هذه الأطروحة باطلة من أساسها، ذلك أننا نجد أن هناك الكثير من حالاتفقدان الذاكرة تسببه صدمة نفسية وليس له علاقة بإتلاف خلايا الدماغ وأن الذكرياتالتي فقدت سرعان ما تعود بعد التعافي من تلك الصدمة كما أنه لو كان الأمر كما يرىريبو وأن الدماغ هو مكان تسجيل الذكريات لترتب على ذلك أن جميع المدركات والمؤثراتالتي يستقبلها يجب أن تحفظ في الدماغ، و لوجب تذكر كل شيء. كما أن النظرية المادية قد قامت على بعض التجارب، و نحن نعرف الصعوبات التي تواجه التجريب على الظواهر الإنسانية.
نقد أنصار الأطروحة:
تعرّضأنصار النظرية الماديةلانتقادات "برغسون"،حيث بين أن الأطروحة الماديةتخلطبين الظواهرالنفسيةوالظواهر الفيزيولوجيةوتعتبّر الفكرمجردوظيفةللدّماغموضحاأنالمادةعاجزةعن تفسيرالذاكرةإذيقول: " لو صحّأنتكونالذكرىشيئاما محتفظةفيالدماغ،لماأمكننيأنأحتفظلشيءمن الأشياءبذكرىواحدةبلبآلافالذكريات،ذلكأنالشيءمهمابدا بسيطاوثابتافإنأعراضهتتغيربتغيرالنظرةإليه،هذا إذاتعلقالأمربالشيءالبسيط،فما بالكإذاكانإنسانايتغيّر منحيثالهيئةوالجسموالملابس".أمامنحيثفقدانالذكرياتفهويقول : "إذاكانفقدان الذكرياتينتجعنخللفيالخلاياالدماغيةفكيفنفسر عودةبعضالذكريات؟خاصّةبعدحدوثتنبيهقويللمريض بفقدانالذاكرة، وهذايعنيأنالإنسانإذاأصيببمرض "الأفازيا" فالذكرياتتبقىموجودة،ولكنالإنسانيصبحعاجزاعن استحضارهاوقتالحاجة. إنالذاكرةليستظاهرةبيولوجية،وإنماهي ظاهرةنفسيةروحية.
الخاتمة حل المشكلة:
بناء على ما سبق يتبين لنا أنه ليس هناك دليلا قاطعا على أن الذاكرة وظيفة من وظائف الدماغ و عليه فهذه الأطروحة باطلة و لا يمكن الدفاع عنها.




تعليمية تعليمية
شكرا أستاذنا الكريم . إن شاء الله سيستفيد أبناءنا وحتى أساتذتنا مما تقدمه في المنتدى . دام نشاطك واجتهادك وحفظك الله ورعاك آمين
تعليمية تعليمية




التصنيفات
مادة الفلسفة 3 ثانوي : باشراف الاساتذة أم يحيى

الاختبار الأول في الفلسفة للشعب علوم تجريبية + رياضيات

السنة الدراسية 2022/2010
الاختبار الأول في مادة الفلسفة
المستوى السنة الثالثة علوم تجريبية المدة 2سا
عالج موضوعا واحدا على الخيار
الموضوع الأول: "كل تهجم على الفلسفة هو تفلسف"

ناقش هذه الأطروحة "لباسكال" على ضوء مواقف أخرى تفضل العلم.
الموضوع الثـاني:ميّز بين السؤالين الآتيين:
ما هو قانون سقوط الأجسام؟
هل المعرفة من طبيعة عقلية؟

الموضوع الثالـث: النـص :
" إن نظرية القياس الأرسطية، بداية قوية في بناء المنطق، أما أن تؤخذ على أنها البداية و النهاية معا، فلك هو موضع الخطأ عند أصحاب المنطق التقليدي.
فلو تخيلنا بناء المنطق عمارة شامخة ذات عدة طوابق، وجب ألا ننظر إلى نظرية القياس الأرسطية إلا على أنها طابق من تلك الطوابق، بل هي رغم كونها طابقا واحدا من عمارة شامخة لا تخلو من عيوب ونقائص، لا مندوحة* من إصلاحها.
فما نظرية القياس الأرسطية إلا تحليل لضرب واحد من ضروب العلاقات، هو علاقة التعدي، فإذا عرفت أن العلاقات كثيرة لا تكاد تقع تحت الحصر، أدركت كم تنحصر قيمة القياس الأرسطية في دائرة غاية الصغر و الضيق."

د/زكي نجيب محمود
المنطق الوضعي

– أكتب مقالا فلسفيا تعالج فيه مضمون النص.
*لا مندوحة= لا مناص ، لا مفر
عن أستاذي المادة: 1 ص/ انتهى دمتم محبين للحكمة و عشاقا للحقيقة




تعليمية تعليمية
يجب أن نقف وقفة احترام وتقدير لأستاذنا الفاضل مقابل الجهد الذي يبذله لينتفع غيره وادعو له معي بالصحة والعافية وأن يرزقه الله الخير في الدنيا و الآخرة
تعليمية تعليمية




إن ما تقومين به يا أستاذة لا يقدر بثمن…. شكرا جزيلا.




بوووووووركتم




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




التصنيفات
مادة الفلسفة 3 ثانوي : باشراف الاساتذة أم يحيى

اساس العدالة فلسفة سنة ثالثة ثانوي

هل تتأسس العدالة الاجتماعية على المساواة أم على التفاوت ؟ جدلية

طرح المشكلة :كل مجتمع من المجتمعات يسعى الى تحقيق العدل بين أفراده ، وذلك بإعطاء كل ذي حق حقه ، ومن هنا ينشأ التناقض بين العدالة التي تقتضي المساواة ، وبين الفروق الفردية التي تقتضي مراعاتها ، إذ ان تأسيس العدالة على المساواة يوقع الظلم بحكم وجود تفاوت طبيعي بين الافراد ، وتأسيسها على التفاوت فيه تكريس للطبقية والعنصرية ؛ مما يجعالنا نطرح المشكلة التالية : ماهو المبدأ الامثل الذي يحقق عدالة موضوعية : هل هو مبدأ المساواة أم مبدأ التفاوت ؟
محاولة حل المشكلة :
عرض الاطروحة:يرى البعض ان العدالة تتأسس على المساواة ، على اعتبار ان العدالة الحقيقية تعني المساواة بين الجميع الافراد في الحقوق والواجبات وامام القانون ، وأي تفاوت بينهم يعد ظلم ، ويدافع عن هذا الرأي فلاسفة القانون الطبيعي وفلاسفة العقد الاجتماعي وكذا انصار المذهب الاشتراكي .
الحجة :-ويؤكد ذلك ، ان الافراد – حسب فلاسفة القانون الطبيعي – الذين كانوا يعيشون في حالة الفطرة كانوا يتمتعون بمساوة تامة وكاملة فيما بينهم ، ومارسوا حقوقهم الطبيعية على قدم المساواة ، لذلك فالافراد سواسية ، فـ« ليس هناك شيئ اشبه بشيئ من الانسان بالانسان » ، وعليه فالعدالة تقتضي المساواة بين جميع الافراد في الحقوق والواجبات بحكم بطبيعتهم المشتركة ، ومادام الناس متساوون في كل شيئ فما على العدالة الا ان تحترم هذه المساواة .
– اما فلاسفة العقد الاجتماعي ، فيؤكدون ان انتقال الانسان من المجتمع الطبيعي الى المجتمع السياسي تـمّ بناءً على تعاقد ، وبما ان الافراد في المجتمع الطبيعي كانوا يتمتعون بمساواة تامة وكاملة ، لم يكونوا ليقبلوا التعاقد مالم يعتبرهم المتعاقدون معهم مساوين لهم ، فالمساواة شرط قيام العقد ، وبالتالي فالعقد قائم على عدالة اساسها المساواة بين الجميع في الحقوق والواجبات .
– في حين ان الاشتراكيين يرون ان لا عدالة حقيقية دون مساواة فعلية بين الافراد في الحقوق والواجبات ، ولا تتحقق المساواة دون الاقرار بمبدأ الملكية الجماعية لوسائل الانتاج ، التي تتيح للجميع التمتع بهذا الحق ، لأن الملكية الخاصة تكرّس الطبقية والاستغلال وهي بذلك تقضي على روح المساواة التي هي اساس العدالة .
النقد :إن انصار المساواة مثاليون في دعواهم الى اقامة مساواة مطلقة ، ويناقضون الواقع ، لأن التفاوت الطبيعي امر مؤكد ، فالناس ليسوا نسخا متطابقة ولا متجانسين في كل شيئ ، والفروق الفردية تؤكد ذلك ، ومن ثـمّ ففي المساواة ظلم لعدم احترام الفروق الفردية الطبيعية .
عرض نقيض الاطروحة :وبخلاف ما سبق ، يرى البعض الاخر ان العدالة لا تعني بالضرورة المساواة ، بل ان في المساواة ظلم لعدم احترام الاختلافات بين الناس ، ومن هذا المنطلق فإن العدالة الحقيقة تعني تكريس مبدأ التفاوت ، إذ ليس من العدل ان نساوي بين اناس متفاوتين طبيعيا . ويذهب الى هذه الوجهة من النظر فلاسفة قدامى ومحدثين وايضا بعض العلماء في ميدان علم النفس والبيولوجيا .
الحجة :-فأفلاطون قديما قسم المجتمع الى ثلاث طبقات : طبقة الحكماء وطبقة الجنود وطبقة العبيد ، وهي طبقات تقابل مستويات النفس الانسانية : النفس العاقلة والغضبية والشهوانية ، وهذا التقسيم يرجع الى الاختلاف بين الافراد في القدرات والمعرفة والفضيلة ، وعلى العدالة ان تحترم هذا التمايز الطبقي ، ومن واجب الدولة ان تراعي هذه الفوارق ايضا وتوزع الحقوق وفق مكانة كل فرد .
– اما ارسطو فاعتبر التفاوت قانون الطبيعة ، حيث ان الناس متفاوتين بطبيعتهم ومختلفين في قدراتهم وفي ارادة العمل وقيمة الجهد المبذول ، وهذا كله يستلزم التفاوت في الاستحقاق ؛ فلا يجب ان يحصل اناس متساوون على حصص غير متساوية ، او يحصل اناس غير متساويين على حصص متساوية .
– وحديثا يؤكد ( هيجل 1770 – 1831 ) على مبدأ التفاوت بين الامم ، وان الامة القوية هي التي يحق لها امتلاك كل الحقوق وتسيطر على العالم ، على اساس انها افضل الامم ، وعلى الامم الاخرى واجب ، هو الخضوع للامة القوية.
– وفي نفس الاتجاه ، يذهب ( نيتشه 1844 – 1900 ) ان التفاوت بين الافراد قائم ولا يمكن انكاره ، فيقسم المجتمع الى طبقتين : طبقة الاسياد وطبقة العبيد ، وان للسادة اخلاقهم وحقوقهم ، وللعبيد اخلاقهم وواجباتهم .
– أما انصار المذهب الرأسمالي فيقيمون العدل على اساس التفاوت ، فالمساواة المطلقة مستحيلة وفيها ظلم ، إذ لا يجب مساواة الفرد العبقري المبدع بالفرد العادي الساذج ، ولا العامل المجد البارع بالعامل الكسول الخامل ، بل لابد من الاعتراف بهذا التفاوت وتشجيعه ، لأن ذلك يبعث على الجهد والعمل وخلق جو من المنافسة بين المتفاوتين .
– ويؤكد بعض العلماء ان كل حق يقابله واجب ، غير ان قدرة الافراد في رد الواجب المقابل للحق متفاوتة في مجالات عدة : فمن الناحية البيولوجية ، هناك اختلاف بين الناس في بنياتهم البيولوجية والجسمانية ، مما ينتج عنه اختلاف قدرتهم على العمل ورد الواجب ، لذلك فليس من العدل مساواتهم في الحقوق ، بل يجب ان نساعد أولئك الذين يملكون افضل الاعضاء والعقول على الارتقاء اجتماعيا ، يقول الطبيب الفيزيولوجي الفرنسي ( ألكسيس كاريل 1873 – 1944 ) : « بدلا من ان نحاول تحقيق المساواة بين اللامساواة العضوية والعقلية ، يجب توسيع دائرة هذه الاختلافات وننشئ رجالا عظماء » . ومن الناحية النفسية ، نجد تمايز بين الافراد من حيث مواهبهم وذكائهم وكل القدرات العقلية الاخرى ، ومن العبث ان نحاول مساواة هؤلاء المتفاوتون طبيعيا .
واخيرا ومن الناحية الاجتماعية ، فالناس ليسوا سواء ، فهناك الغني الذي يملك والفقير الذي لا يملك ، والملكية حق طبيعي للفرد ، وليس من العدل نزع هذه الملكية ليشاركه فيها آخرين بدعوى المساواة .
النقد :ان التفاوت الطبيعي بين الافراد امر مؤكد ولا جدال فيه ، غير انه لا ينبغي ان يكون مبررا لتفاوت طبقي او اجتماعي او عرقي عنصري . كما قد يكون الاختلاف في الاستحقاق مبنيا على فوارق اصطناعية لا طبيعية فيظهر تفاوت لا تحترم فيه الفروق الفردية .
التركيب :ان المساواة المطلقة مستحيلة ، والتفاوت الاجتماعي لا شك انه ظلم ، وعلى المجتمع ان يحارب هذا التفاوت ليقترب ولو نسبيا من العدالة ، ولا يكون ذلك الا بتوفير شروط ذلك ، ولعل من أهمها اقرار مبدأ تكافؤ الفرص والتناسب بين الكفاءة والاستحقاق ومحاربة الاستغلال .
حل المشكلة :وهكذا يتضح ان العدالة هي ما تسعى المجتمعات قديمها وحديثها الى تجسيدها ، ويبقى التناقض قائما حول الاساس الذي تبنى عليه العدالة ، غير ان المساواة – رغم صعوبة تحقيقها واقعا – تبقى هي السبيل الى تحقيق هذه العدالة كقيمة اخلاقية عليا .




بارك الله فيكم اخي

شكرا لمجهوداتكم ان شا الله يستفيد منها الجميع




التصنيفات
مادة الفلسفة 3 ثانوي : باشراف الاساتذة أم يحيى

هل العلاقة بين الدال والمدلول علاقة ضرورية ام اعتباطية سنة 3 ثانوي

اللغة والفكر

هل العلاقة بين الدال والمدلول علاقة ضرورية ام اعتباطية




تحرير المقالة:
المقدمة: لكل واحد منا جملة من الأفكار والتصورات والمشاعر في ذاته،وهو في حاجة إلى التعبير عنها بغية التكيف مع المواقف التي يواجهها، وهذا التعبير لا يتم إلا في شكل لغة ،والشائع أننا غالبا ما نستعمل لغة الألفاظ والكلمات ،لكن ما حرك الدراسات في مجال علم اللغة هو طبيعة العلاقة بين اللفظ ومعناه ، إذ ذهب البعض إلى القول أن العلاقة بين اللفظ ومعناه هي علاقة طبيعية ضرورية،بينما يؤكد أنصار نظرية التواضع و الاصطلاح أن الأسماء الواردة في الكلام الإنساني تم الاتفاق عليها،إذن هل العلاقة بين اللفظ ومعناه هي رابطة ضرورية منبعها محاكاة الطبيعة ؟ أم أنها اصطلاحية توافقية ؟
العرض:
أ/الأطروحة:العلاقة بين اللفظ والمعنى مادية، ضرورية، طبيعية.
تحليلها:يرى بعض العلماء والفلاسفة أن هناك علاقة تطابق بين الكلمات ومعانيها،إذ يكفي سماع الكلمة لمعرفة معناها.
البرهنة:
1-يؤكد أفلاطون أن العلاقة بين اللفظ ومعناه ضرورية تحاكي فيها الكلمات أصوات الطبيعة،فبمجرد سماع الكلمة نعرف معناها ودلالتها،فكلمة زقزقة مثلا تشير بالضرورة إلى صوت العصفور،وكلمة مواء تشير بالضرورة إلى صوت القط،ونفس الشأن مع كلمات أخرى كـ::نهيق….، نقيق….، حفيف….، خرير….، …الخ.
2-يؤكد بعض علماء اللغة أن بعض الحروف لها معان خاصة حيث يوحي إيقاع الصوت وجرس الكلمة بمعنى خاص،فحرف(ح) مثلا يدل على معاني الانبساط والراحة، مثال:حب،حنان،حنين ، حياة…..، وحرف(غ) مثلا فيدل على معاني الظلمة والحزن والاختفاء، كما في :غيم، غم، غدر، غبن، غرق، غاص…. ولو تأملنا قصائد الغزل كما يقول بعض علماء اللغة لوجدنا أنها لا تلائم قافية القاف لغلظة هذا الحرف و خشونته،لذلك يستحسن في هذه القصائد أن تكون القافية (س)أو(ح) نظرا لرقتها.
استنتاج جزئي:إذن العلاقة بين الدال والمدلول ضرورية.
نقـد: لو كانت اللغة محاكاة للطبيعة فكيف نفسر تعدد اللغات ما دمنا نعيش في طبيعة واحدة ؟بل كيف نفسر تعدد الألفاظ للمعنى الواحد،مثالتعليميةمريض،سقيم،عليل) ،فاللغة إبداع إنساني وليس مجرد تقليد.
ب/الأطروحة:العلاقة بين الدال والمدلول علاقة اعتباطية،تعسفية،اصطلاحية.
تحليلها:الكلمات لا تحمل أي معنى في ذاتها، لأنها تمت نتيجة الاتفاق والتواضع بين أفراد المجتمع.

البرهنة:
1-يؤكد أرنست كاسير هذا بقوله:" إن الأسماء الواردة في الكلام الإنساني لم توضع لتشير إلى أشياء بذاتها"،هذا القول يدل على أن الألفاظ وضعت لتدل على معان مجردة وأفكار لا يمكن قراءتها في الواقع المادي، بل إن الكلمة، أو الرمز، أو الإشارة لا تحمل في ذاتها أي معنى أو مضمون إلا إذا اتفق عليه أفراد المجتمع،فالإنسان هو من وضع الألفاظ قصد التعبير والتواصل، وهو نفس ما قصده عالم اللسانيات السويسري دوسوسيرDesausure حينما قال:"إن الرابطة الجامعة بين الدال والمدلول رابطة تحكمية".
2-كثيرا ما نجد الكلمة الواحدة تحمل دلالات متباينة، فأين الضرورة إذن بين اللفظ و المعنى!؟ فالفعل ضرب مثلا له ثلاث دلالات: فإذا قلنا:ضرب إسماعيل في الأرض، معنى هذا:أنه سافر، وإذا قلنا ضرب إسماعيل مثالا، معنى هذا:أنه قدم مثالا، وإذا قلنا: ضرب الأب ابنه العاق، معناه:عاقبه بالضرب.
استنتاج جزئي:إذن العلاقة بين الدال والمدلول علاقة اعتباطية.
نقـد: يبدو في هذا الطرح نوع من الموضوعية، فكلمة حرية،عدالة مثلا ليس لها ما يطابقها في الواقع المادي،لذا وجب الاتفاق والاصطلاح،لكن هذا لا ينفي وجود الكثير من الرموز والألفاظ تحاكي الطبيعة.
ج:التركيب والرأي المتجاوز:
وكتوفيق بين الأطروحتين ،مادام الإنسان يحيا في وسط مادي ومعنوي،معنى هذا أن الألفاظ منها ما هو محاكاة للطبيعة ،ومنها ما كان توافقا واصطلاحا بين بني البشر،ومنها ما يتجاوزهما معا، ولعل هذا ما قصدته الآية الكريمة:<وعلم آدم الأسماء كلها…>
الخاتمة:
وعصارة القول أن العلاقة بين الدال والمدلول علاقة ضرورية و اعتباطية،ضرورية لأنه فعلا هناك من الألفاظ ما هو محاكاة و مطابقة تامة لما هو في الطبيعة،و اعتباطية لأن الدراسات في مجال علم اللغة تؤكد أن الطبيعة عاجزة أن تستوعب كل الألفاظ لذا كان التوافق والاصطلاح ، وتبقى اللغة من المسائل الهامة التي أسالت حبر المفكرين و الفلاسفة،وقد توافينا الدراسات مستقبلا بما هو جديد،فقد يجد العلماء علاقة أخرى نجهلها الآن،




التصنيفات
مادة الفلسفة 3 ثانوي : باشراف الاساتذة أم يحيى

مقالات فلسفية للسنة الثالثة ثانوي

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

أريد مقالات فلسفية :
1- المذاهب
2- الشعور
3- الحرية والمسؤولية

وجزاكم الله كل خير
تعليمية




المقالة حول المسؤولية

المقدمة: من الإشكاليات الفلسفية المعاصرة نجد اشكالية الجزاء ؛ التي لم تتفق حولها النظريات الفلسفية وكان محور الخلاف حول مسالة تبعية الفعل ؛ وإذا كان الجزاء هو الفكرة المترتبة عن المسؤولية فهذا يعني تحمل نتائج الفعل ومن هنا تنوعت الرؤى الفلسفية بين النظرية العقلية والوضعية ؛ بحيث تعتقد الاولى أن الإنسان مسؤول عن أفعاله لوحده والثانية ترى انه مدفوع بحتميات نحو الفعل ومن هنا يواجهنا السؤال الإشكالي التالي اذ اكان الإنسان متمتعا بحرية الاختيار فهل معنى ذلك انه مسؤول عن أفعاله ؟.
التحليل: الأطروحة الانسان مسؤول عن أفعاله لانه حر
يرى أنصار الأطروحة أن الإنسان مسؤول عن أفعاله وهذا انطلاقا من انه يتمتع بحرية الاختيار والمفاضلة بين الأشياء وكذا التميز ومن هنا فهو مسؤول عن كل مايصدر عنه من أفعال
ويبرهن أنصار الأطروحة على فكرتهم بحجة أن كل إنسان يتميز بحرية الاختيار لا بل يتمتع بها ومن هذا المنطلق فهو مسؤول عن أفعاله وهذا مايعتقد به أفلاطون الذي يؤكد على أن الناس مسؤولون عن أفعالهم ويتهمون القضاء والقدر والله بريء من تصرفاتهم ومن هنا لا بد من عقابهم اشد العقاب ؛ ونفس التصور يذهب إليه الفيلسوف امانويل كانط الذي يرى أن الإنسان مسؤول عن كل مايصدر عنه من أفعال ويستحق العقاب الصارم وأي فكرة تريد أن تذكر صيغة الأسباب والبواعث فهي باطلة بحيث ما يبعث الإنسان على الفعل إلا انتقاءا له؛ ويستدل امانويل كانط بطريقة العقاب التي كان يحاكم بها المجرمين قديما وهي أن يحضر إلى ساحة تعرف بساحة العقاب بحيث تقرا جرائكم المجرم أمام الجميع على أن يكون يوم عطلة ويجبر الأطفال والنساء على الحضور لمعاينة العملية وبعد تنفيد الحكم وهو الإعدام وقبل أن ينصرف الجميع تقرا الجملة المفيدة وهي كل من تخول له نفسه أن يقوم بنفس الأفعال التي قام بها المجرم يقابل بنفس المشهد الرهيب وهكذا ينصرف الناس خائفين مذعورين من هول ما عاينوه ومن هنا تكون العقوبة قد أدت دورا تربويا وأخلاقيا ؛ وهذا ماعلن عنه الفيلسوف الفرنسي نيكولا مالبرانش الذي يرى انه من الواجب علينا أن نعاقب المجرم ومن لا يطلب ذلك لا يحب الله ولا العدالة كما يرى الفيلسوف جون بول سارتر أن الإنسان يختار الماهية بنفسه وهو مسؤول عن أفعاله
دون أي تأثير خارجي وعليه لابد من العقاب الصارم

نقد الأطروحة: إن أنصار الأطروحة قد أكدوا على فكرة العقاب على أن الإنسان مسؤول عن أفعاله في كل الاحوال ونظرت إليه على انه يتميز بالحرية المطلقة والواقع لا يؤيد ذلك فمن الممكن أن تحيط بالإنسان مجموعة من الحتميات تعيقه في التكيف مع وضعيات كثيرة

نقيض الأطروحة :الإنسان غير مسؤول لأنه ليسا حرا
يرى أنصار الأطروحة أن الإنسان غير مسؤول لوحده عن أفعاله بل يتقاسم المسؤولية مع مجتمعه وذلك لوجود مجموعة من الحتميات المختلفة على مستويات كثيرة فزيولوجية ؛ نفسية ؛ اجتماعية .
ويبرهن أنصار الأطروحة على فكرتهم بحجة أن الإنسان مرتبط بحتميات كثيرة وعلى رأسها الحتمية الفزيولوجية التي تتحكم في تركيبه الفزيولوجي الذي يعبر عن وراثة الجريمة وكان هذا رأي لومبروزو الذي يرى أن الإنسان قد ورث الجريمة عن ذويه انطلاقا مما يلاحظ عليه من صفات توحي بالإجرام ؛ وهذا ما يؤكده بالحجة النفسية العالم النفساني فرويد على أن الإنسان يعاني صراعا نفسيا داخل جهازه النفسي ؛ عن طريق اختلال التوازن الذي يقود إلى الجرائم ومن هنا يكون المجرم مريض نفسيا ؛ لابد من معالجته في النهاية وعليه فهو غير مسؤول لوحده بل هناك أسباب نفسية ضاغطة ؛ ويضيف أنصار الأطروحة فكرة أخرى تتعلق بالجانب الاجتماعي وكان هذا رأي الفيلسوف فيري الذي يرى أن العامل الشخصي لا يؤدي وحده إلى الجريمة إلا إذا ساعده العامل الاجتماعي ومثل ذلك مثل المادة القابلة للذوبان لا تذوب إلا إذا عرضناها إلى الحرارة ؛ وتدني المستوى الثقافي والجهل لدليل على ذلك ومنه هنا تكون الأسباب الاجتماعية هي الدافع إلى الجريمة
وبالتالي المسؤولية جماعية وليست فردية

نقد نقيض الأطروحة: يمكن القول أن أنصار الأطروحة قد نظروا إلى الإنسان بنظرة السجين داخل الحتميات المختلفة والواقع يؤكد أن الإنسان يمتلك حرية الاختيار والانتقاء؛ فهو مسؤول فليس كل من أجرم كان السبب نفسيا واجتماعيا بل قد يعود إلى أسباب أخرى

التركيب : بعد عرض الأطروحتين تبين أن المسؤولية فردية وجماعية نأخذ بالعقاب انطلاقا من استقصاء الدوافع بحذر شديد دون أن ننخدع أمام ظرف مفتعل ؛ أي لا نترك نهمل العقاب مع الاهتمام بالأسباب المؤدية إلى الجريمة .

الخاتمة: يمكن القول في الختام أن الإنسان مسؤول عن أفعاله مع النظر إلى الأسباب فمهما يكن فيجب أن يسعى الإنسان إلى تحقيق مجتمع فاضل خال من الجريمة ؛وهذا مايو ضح إنسانية الإنسان




التصنيفات
مادة الفلسفة 3 ثانوي : باشراف الاساتذة أم يحيى

فلسفة الرياضيات للسنة الثالثة ثانوي

مبحث الرياضيات

ما هي الرياضيات؟ محاولة تعريف:
يبدو للوهلة الأولى أن الرياضيات مختلفة عن سائر العلوم، فهي تشكل عالمًا مستقلاً وأصيلاً يرتكز على العقل النظري المحض من دون اللجوء إلى الواقع الخارجي أو إلى المختبرات والأدوات سواء البسيطة أو المعقدة منها. ولقد ذهب البعض إلى حدّ القول أنّ عالِم الرياضيات لا يحتاج إلا إلى لوح أسود وطبشورة. من جهة أخرى علينا أن نلاحظ صعوبة التعريف بالرياضيات بسبب فروعها المتنوعة وموضوعاتها وميادينها الغنية.
مع ذلك يمكن الأخذ بتعريف ديكارت للرياضيات على أنها علم النظام والقياس. والواقع أنه لا يمكن الكلام عن رياضيات واحدة بعينها. ولكن كل كلام على الرياضيات لا بدّ وأن يشتمل على كافة فروعها. فالحساب هو علم الكمّ المنفصل أو علم العدد، والجبر هو الحساب التعميمي، والهندسة هي علم الكم المتصل أو الأحجام القابلة للقياس، ومنذ القديم كان للرياضيات شأن عظيم إذ أن فيثاغورس استطاع أن يوحد العالم في نظام رياضي وحسابي وأشار أفلاطون من جهته إلى أهمية الرياضيات من خلال ما كتبه على مدخل مدرسته الأكاديمية: من ليس برياضي لا يدخل هنا.
I- أصل ومصدر الرياضيات
ما هو أصل ومصدر المفاهيم الرياضية؟ هل هذه المفاهيم متأتية من التجربة الحسية أم أن مصدرها هو العقل المحض؟
أ- النظرية التجريبية:
إن نزعة التجريب تعتمد على المذهب القائل بأولية التجربة وأسبقيتها. فالحقيقة ليست مستقلة عن التجربة بل هي تابعة لها ونابعة منها. والمفاهيم الرياضية هي حقائق مستمدة مباشرة من التجربة الحسية ومن الملاحظة. وفي هذا الصدد كتب جون ستيوارت ميل (J.S.Mill) أن النقاط والخطوط والدوائر الموجودة في تفكيرنا ليست سوى نسخًا من الخطوط والنقاط والدوائر التي عرفناها بالتجربة وخبرناها بالحس. فالوقائع والموضوعات هي التي مهدت لظهور المفاهيم الرياضية، فمن الأفق استوحى الفكر الرياضي مفهوم الخط، ومن الشمس صدرت فكرة الدائرة، وعن جذع الشجرة ولد مفهوم الأسطوانة،. كذلك فإن فكرة العدد جاءتنا من خلال إدراكنا لتعددية الموضوعات المحسوسة.
وبالرغم من أن المفاهيم الرياضية تتبدى مثالية، فإننا نلاحظ أنها تنطبق على الوقائع وعلى التجربة. فالرياضيات تستخدم علميًا لقياس الظواهر الفيزيائية. ولا يمكن لأحد أن يماري في التشابه الموجود ما بين المفاهيم الرياضية من جهة وما بين الوقائع التجريبية من جهة أخرى. وهذا التطابق ما بين الترميز الرياضي والواقع فسّره أتباع التجريب بأسبقية التجربة على الواقع، وبكون المفاهيم الرياضية نسخًا عن المعطى الحسي والتجريبي، وهذا ما رفضته النظريات المثالية التي قدّمت الفكر على الواقع.
ب- النظرية المثالية (العقلية)
يرى بعض الفلاسفة المثاليون أن المفاهيم الرياضية هي مبادئ قَبْلية (a priori)سابقة على التجربة ومستقلة عنها، فالعقل هو الذي ينتجها بغضّ النظر عن الوقائع. ويعتقد أفلاطون بوجود عالم مثالي أي عالم من الأفكار والجواهر. إنه العالم الحقيقي حيث تسعى الموضوعات الواقعية الحسية إلى محاكاته ومماثلته.
ويقول غوبلو (Goblot) إذا كانت موضوعات العلوم التجريبية محكومة بقوانين تجريدية تستهدف تفسير ومعرفة الواقع، فإن الرياضيات من جهتها، هي معرفة مستقلة عن الوقائع، وليست بحاجة لأن تكون موضوعاتها واقعية لكي تكون صحيحة وواضحة. بهذا الشكل، فإن المكان الهندسي هو امتداد عقلاني محض وليس امتدادًا محسوسًا. فالخط الذي نرسمه وكذا الدائرة، لا تتمتع بالكمال أما فكرة الخط وفكرة الدائرة فهما تابعتان لعالم الأفكار والجواهر، وهما أفكار رياضية كاملة حسبما يدعي أفلاطون.
فالمفهوم الرياضي هو الفكرة المكتملة التي يحتذي عالم الرياضيات حذوها ويشتغل في عملياته من خلالها. هذا يعني أن المفاهيم الرياضية موجودة في عالم مثالي محلق ومكتمل، ثم تأتي الموضوعات والأشكال الواقعية لتستوحي منها طابعها الرياضي. وكما تحدث أفلاطون عن عالم مثل يشتمل على أفكار رياضية، فقد اعتبر كانط (E. Kant) المكان شكلاً قبليًا للحواس، والكمية مقولة قَبْلية من مقولات الذهن. فالمفاهيم الرياضية هي من طبيعة العقل ذاته فهي عامة وضرورية وثابتة بعكس الوقائع الاختبارية.
ج- النظرية العملانية:
يعود الخطأ في النظريتين السابقتين إلى إهمال الجانب البنائي العملي (Le caractère opératoire) في الفكر الرياضي. فالرياضيات ليست انعكاسًا سلبيًا للوقائع المحسوسة والتجريبية ولا هي انعكاس للفكر المجرد. إنها تُمثل النشاط المبدع في الفكر الإنساني ومن المستحيل أن نفصل العمليات الرياضية عن الفكر أو عن التجربة. فالاتجاه العقلاني يغلط بجعله المفاهيم الرياضية محلقة في عالم مثالي منقطع عن الواقع. فالرياضيات ليست علومًا عقلية خالصة بل هي متصلة بأصلها الاختباري وبمطابقتها للعمليات الرياضية. فالمفاهيم والبديهيات الرياضية، وإن كانت ذات طابع عقلي وإبداعي، إلا إنها وثيقة الصلة بأصلها الحسي.
وبالفعل فإن العمليات الرياضية النظرية كانت في الأصل تقنيات عملانية محسوسة. فالهندسة كانت عملية مسح للأراضي بطريقة القسمة التربيعية. والأعداد كانت مرتبطة بأعضاء الجسم وخصوصًا الأيدي والأصابع. فالأعداد الرومانية هي على شكل الأصابع المنفرجة V، أو المتوازية III، أو المتقاطعة X.
كما أن حساب البيع كان يعتمد قديمًا على مماثلة كميات الأغراض بكميات من الحصى، فقد كانت كميات الحصى شواهد محسوسة على عمليات البيع بالحصى.
بهذا الشكل فإن الكائنات الرياضية ليست لا أشياء مدركة بالحس ولا أفكار متأملة بالنظر العقلي. ولكنها أدوات تقنية وعملانية، أي أدوات صالحة لإجراء العمليات.
كذلك فإن مفاهيم العدد، لها أصل تقني وعملي شبيه تمامًا بما رأيناه عن الهندسة المتأتية من مسح الأراضي. فالعدد بدأ وثيق الصلة بالموضوعات المادية التي نحسها ثم انطلقت العمليات نحو الطابع التجريدي التعميمي. والقيمة التي تتخذها الأعداد في عالم العمليات الرياضية تتأتى من صلاحيتها للعمليات وليس من مصادرها سواء منها المثالية أم الواقعية.
فالعدد صفر على سبيل المثال لا يمثل شيئًا على أرض الواقع، مع ذلك لا غنى عنه في العمليات الرياضية. كذلك هو الأمر بالنسبة للأعداد السلبية (nb. négatives) والكسور والأعداد المتخيلة، فهي جميعًا تمتاز بقدرتها على إجراء العمليات الرياضية.
II – البرهنة:
البرهنة حسب لايبنتز هي طريقة منطقية، من خلالها، تصبح قضية من القضايا ذات طابع يقيني. وفي القديم كان القياس الأرسطي نموذجًا للبرهان الضروري لأنه يؤمن مطابقة كاملة بين النتيجة والمقدمات، فهو نموذج للبرهان ألحشوي.
وإضافة إلى هذا البرهان الأرسطي الاستدلالي فقد وجد برهان آخر عند أرسطو سُمِّيَ بالاستقراء، وهو نموذج للبرهنة الخصبة، لكنه لا يوفر الضرورة واليقين، بل إنه نقلة غير يقينية من الأجزاء إلى الكل فهو يفتقر بالتالي إلى الضمانة المنطقية.
أما البرهان الرياضي فهو يحقق في الوقت ذاته الضرورة المنطقية الاستدلالية والخصوبة الاستقرائية. فهو في الأساس برهان حشوي (تكراري) يعتمد الاستدلال ليوفر مماثلة كاملة داخل القضايا ذاتها، وبينها وبين المقدمات. مع ذلك فإن البرهان الرياضي ليس عبارة عن استدلال بسيط أو قياس إثباتي على النمط الأرسطي. فالقياس وإن كان ضروريا بالإطلاق، إلا أنه تكراري ولا يضيف شيئًا إلى معرفتنا.
فعندما نستنتج بالقياس ألإثباتي أن سقراط فانٍ = (مائت)، فإن هذه النتيجة هي أساسًا متضمنة في المقدمة العامة الكبرى: كل إنسان فان.
فالقياس الأرسطي الذي يسمى استدلالاً أو استنساخًا ما هو إلا برهان عقيم = (لا ينتج معلومات جديدة)، فهو ينتقل من العام (المقدمات الكبرى) إلى الخاص (النتيجة) حيث ينقطع الاستنتاج.
إن القياس الاستدلالي الأرسطي يعتمد فقط على علاقة التضمن أو الاشتمال. أما البرهنة الرياضية المعروفة بدقتها وخصوبتها فهي على خلاف القياس الإثباتي مبدعة وخلاقة لأنها تصوغ علاقات أكثر تنوعًا من علاقة التضمن والانتماء.
فمسألة التكرار والتماثل في العلوم الرياضية ليست واضحة بل ينبغي أن نعمل على إيجادها عبر بعض الاستدلالات والمماثلات، وهذا ما يضفي على الرياضيات طابع الخلق والإبداع وطابع البنائية، خاصة لأن المماثلات لا تبرز إلا نتيجة سلسلة من الاستبدالات، وكل استبدال أو تدخل يدل على خاصية الإبداع التي يتمتع بها الفكر الرياضي.
الواضح إذًا أن المماثلات الرياضية تخترع اختراعًا. ومن الأمثلة على ذلك عندما نتساءل رياضيًا عن مجموع زوايا المتعدد الأضلاع (الـ Polygone) فإن الفكر الرياضي يعمل على إنشاء وبناء مثلثات داخل هذا المتعدد الأضلاع لكي نحصل على مجموع زواياه. وفي هذه الإمتدادات البنائية دلالة على أن العمليات الرياضية هي إبداعية وخلاّقة.
يلاحظ غوبلو أن القياس الإثباتي وكذلك الاستدلال الأرسطي ينطلقان في الأغلب من الخاص إلى العام. أما البرهان الرياضي فهو برهان تعميمي. فعندما أعرف مجموع زوايا المثلث يمكنني أن أعرف بالبرهنة الرياضية مجموع زوايا المتعدّد الأضلاع. فمن خلال حالة خاصة أنطلق لمعرفة حالات أخرى عبر الربط أو الإبدال وما شابه من العمليات الرياضية. فالبرهنة الرياضية، بالرغم من كونها استدلالية وحشوية، إلا أنها تستخدم بعض البناءات الجديدة من مثل المبادرة إلى إجراء إمتداد في رسم هندسي أو إضافة رموز في معادلة بهدف الوصول إلى حل جديد.
وإضافة إلى هذا الفكر البنائي يذهب “بوانكاريه” إلى حدّ الاعتقاد بفاعلية الحدس في البرهنة الرياضية، فيقول أن الحدس هو الأداة الأكثر ملاءمة للإبداع في الفكر الرياضي وسواء أكانت حسية أم عقلية فإن الحدوس، أي المعارف المباشرة الفجائية، لها مكانتها في الفكر الرياضي. ففيما وراء الموضوعات الحسية والأشكال يبدو أن الأعداد وكذلك الأشكال المنطقية الصورية هي محصّلة ضرورية لعمل الحدس ولعمل التخيل الخلاق.
مع ذلك علينا أن نؤكد أن البرهنة الرياضية لا تعتمد حصرًا على الحدوس، بل هي مضطرة لاستخدام الطرائق المنطقية، لأن المنطق هو الأداة الرئيسية في عمليات البرهنة وهو الطريق الوحيد للحصول على اليقين الرياضي.
ومن أساليب البرهنة المنطقية المتبعة في الرياضيات الأسلوب التحليلي الذي يعمل على تحليل المسائل إلى معطيات وقضايا بسيطة يستطيع الرياضي أن يردها إلى المسلمات والمنطلقات أي المبادئ الأولى الرياضية التي سبق وأقرّ بها.
وهذا الطريق التحليلي والامتدادي نحو المسلمات ليس دائمًا مسلكًا مباشرًا، بل إن التحليل الرياضي يتخذ مسلكًا معقدًا، إذ هو يَعْمدْ في الكثير من الأحيان إلى الطرق غير المباشرة، من مثل البرهنة بالخلف أي الاستدلال على صحة القضية من خلال تبيان فساد نقائضها.
أخيرًا وإذا ما تأملنا البرهنة الرياضية التتابعية، نكتشف أن في التفكير الرياضي نوعًا من الاستقراء أطلق عليه بوانكاريه اسم التفكير بالشمول لأنه يقوم على تعميم نتيجة من خلال بعض الحالات الخاصة المتتابعة. ولكن “غوبلو” يرفض اعتبار التفكير بالشمول أو الاستقراء برهانًا يعتمده الفكر الرياضي.
مثال عن البرهان التتابعي: (Le raisonnement par récurrence)
هذا برهان استقرائي رياضي يقيني كما يرى “بوانكاريه” يستعمل في الحساب والجبر، ويقوم على انسحاب خاصية مُثْبَتَةٍ في حالات متناهية على سلسلة غير متناهية. فإذا أردنا البرهنة أن (1 + أ)ن > (1 + أن) علمًا أن “أ” هو عدد إيجابي و “ن” عدد أكبر من الواحد. فإننا نبرهن أولاً أن هذه المعادلة إذا كانت صحيحة لعدد “س” من العدد “ن” فتكون صحيحة بالضرورة لعدد (س + 1) وهكذا إلى آخر السلسلة.
وبالاستقراء نضع أن هذه العلاقة صحيحة لكل قيم “ن” المتزايدة على التوالي إلى ما لا نهاية.
لكن “غوبلو” يرى إن وثوق هذا البرهان ليس تابعًا للاستقراء، بل هو مرتكز إلى القضية العامة المبرهنة في البداية والتي تعطينا الحق بالتعميم، فهو إذًا سلسلة من الاستدلالات الخفية المتتالية. نخلص من ذلك إلى القول أن البرهنة الرياضية ذات الطابع الخلاق هي برهنة تتبع الطريقة الفرضية الاستدلالية.
III – التعاريف – المسلمات – النظم الرياضية.
أ‌- التعاريف:
تختلف التعاريف الرياضية عن التعاريف الطبيعية. فهذه الأخيرة هي مجرد وصف لأشياء موجودة في الطبيعة وسابقة على التعاريف.
إن العالِمْ الطبيعي عندما يعرف أي نوع من الحيوانات، فهو لا يُوجِدْ هذا النوع، بل إنه يكتشفه، ويصفه ويصنفه بالنسبة للأنواع الأخرى. أما الحقائق الرياضية، كالدائرة مثلاً، فلا وجود لها في الطبيعة، بل إنها من إبداع العقل ذاته. فالدائرة الهندسية ليست شكلاً مستديرًا محسوسًا، بل هي بالتعريف الشكل الكامل الحاصل من حركة نقطة في سطح على بعد واحد من نقطة أخرى ثابتة هي المركز. فالشكل المستدير يوحي بالدائرة، لكن العقل هو الذي يبدعها. كما أن هناك مفاهيم رياضية مثل الصفر والأعداد التخيّلية لا وجود لها في الواقع، بل هي نتيجة عمل ذهني صرف. وهناك مثل آخر على هذا الإبداع العقلي. فالصفة اللامتناهية للأعداد متضمنة في قانون تكوينها. فتكون لا نهائيتها عملاً استنتاجيًا وليس استقرائيًا.

ب- المسلّمات:
هي أقاويل رياضية لا يُبَرْهَن عليها، ويُطلب منا أن نقبلها كمسلّمات فقط لتحقيق البناء الرياضي: مثل مسلّمة اقليدس بأننا من نقطة خارجة عن خط مستقيم في سطح ما، نستطيع أن ننشئ خطًا واحدًا موازيًا لهذا الخط. ونحن نستنتج من هذه المسلّمة ما يترتب عليها من قضايا دون أن تكون هي مستنتجة من غيرها.
لكن هذه المسلّمات الاقليديسية تبدلت تبدلاً جذريًا مع ظهور الهندسات اللاإقليديسية، فقد حاول العلماء أكثر من مرة برهنة مسلّمة المتوازي، ولكن دون جدوى. وتكررت المحاولات في القرن التاسع عشر مع علماء أشهرهم “لوبتشفسكي”. وتركزت محاولة هذا الأخير على برهان الخُلْف = (Raisonnement par l’absurde). فافترض أننا نستطيع من نقطة خارجة عن خط مستقيم في سطح ما أن ننشئ عددًا لا متناهيًا من المتوازيات. واستطاع أن يستنتج من هذه الفرضية اللاإقليديسية سلسلة من القضايا المنسجمة والمختلفة عن قضايا اقليدس والمساوية في منطقية استنتاجيتها لهندسة اقليدس. من هذه القضايا اللااقليديسية أن مجموع زوايا المثلث يساوي أقل من زاويتين قائمتين. ففي هندسة لوبتشفكي يكون المكان ذا انحناء سلبي، ويكون مجموع الزوايا أصغر كلما كانت مساحة المثلث أكبر.
وقام “ريمان” بعمل مماثل عندما افترض أننا من نقطة خارجة عن خط مستقيم في سطح ما لا نستطيع أن ننشئ أي متواز لهذا الخط. ورفض أيضًا مقولة اقليدس بأننا لا نستطيع أن ننشئ بين نقطتين سوى خط واحد. وتوصل بالاستنتاج الرياضي إلى نظام هندسي مختلف عن النظام الاقليديسي. ونظام لوبتشفسكي. وهو نظام منسجم ومتكامل، وقضاياه مختلفة عن قضايا إقليدس ولوبتشفسكي. ومنها أن مجموع زوايا المثلث يساوي أكثر من زاويتين قائمتين. ويمكن تصور هذا النظام الهندسي إذا اعتبرنا المكان كرويًا بانحناء إيجابي. فكل دوائر هذه الكرة تكون متقاطعة لأننا نستطيع أن ننشئ بين نقطتين أكثر من خط.
فمن الممكن إذًا الوصول إلى قضايا رياضية غير متناقضة انطلاقًا من فرضيات غير إقليديسية. هكذا تفقد فرضية إقليدس الخاصة بالمتوازيات صفة الضرورة، على اعتبار أن نقائضها مقبولة ومنتجة في الوقت ذاته. وفي هذا الموقف إنكار لرأي “كنط” القائل بأن المكان الاقليديسي هو الشكل الضروري والعام في الذهن الإنساني. وهكذا تفقد هندسة إقليدس صفة الإطلاق وتصبح مجرد حالة خاصة بالمكان المستوي المعدوم الانحناء (Courbure nulle).
مع ذلك فإن تطور الرياضيات لا يدعونا إلى إنكار الحقائق الرياضية السابقة، بل إلى اعتبارها حالة ممكنة من مجموع أوسع. فالتطور هنا في مجال الهندسة كان نتيجة تحويل ثابتة المكان المستوي إلى متغيرة يمكن أن تأخذ أشكالاً أخرى حسب تصوّرنا لمفهوم الفضاء.
وهكذا لم يعد في الرياضيات مسلّمات يصح اعتبارها كحقيقة مطلقة. فقد ولّى زمن الإطلاقيات بعد ولادة الهندسات اللاإقليديسية وأصبحت الحقيقة نسبية تابعة لنظام هندسي معيّن.
ج- البديهيات Axiomes والنظام الرياضي Axiomatiques
إن ما سبق يؤكد لنا أن التمييز التقليدي بين المسلّمات Postulats والبديهيات Axiomes لم يعد مقبولاً. فقد استقر الرأي على أن المنطلقات الرياضية هي فرضيات أولى تابعة لنظام أكسيومي. فالرياضيات شأنها في ذلك شأن سائر العلوم العلمية تنطلق من نظام متحدد له فرضياته وعناصره الخاصة. وكما أن في الفيزياء فرضيات مثل مبدأ القصور الذاتي ومبدأ تساوي الفعل وردّة الفعل، فكذلك فإن لكل بناء رياضي منطلقاته الخاصة.
نخلص من ذلك إلى أن البديهيات التي اصطلح على تسميتها في الرياضيات أكسيوم لم تعد كما كانت من قبل إلزامات منطقية عامة ومقبولة في كل مجالات العلوم، بل صارت بدورها فرضيات صالحة فقط في مجال معين. فالقول مثلاً أن “الكل أكبر من الجزء” يعتمد على تعريف محدد للكمية. فهو قول صحيح في مجال الكمية المتناهية فقط، أما في مجال الكمية اللامتناهية، فإن السلسلة اللامتناهية للأعداد الطبيعية تشتمل أيضًا على سلسلة لا متناهية من الأعداد المزدوجة. فههنا إذًا سلسلتان لا متناهيتان ومتساويتان مع أن واحدة منهما هي قسم من الأخرى.
هكذا فقدت البديهيات أوالأكسيومات صفة الإطلاق وصارت بدورها مجرد فرضيات عملانية في مجال محدد، وصارت الرياضيات ذات طابع افتراضي استنباطي. فتكون أي قضية رياضية صحيحة فقط بالنسبة للفرضيات التي انطلقت منها، وتكون قضية مجموع زوايا المثلث مختلفة بين هندسات إقليدس ولوبتشفسكي وريمان. بالتالي فإن الفرضيات الرياضية هي أقاويل ننطلق منها لإقامة نظام رياضي متكامل.
وقد استطاع العالم “هيلبرت” وضع قواعد يحدد فيها ماهية النظام الرياضي. فالنظام الرياضي يجب أن تنطبق عليه الشروط التالية:
1- أن لا تكون منطلقاته وأكسيوماته مستنبطة من بعضها أو من أي قضية خارج النظام المفترض.
2- أن تكون أقاويله ومنطلقاته متلائمة غير متناقضة فيما بينها.
3- أن تكون أكسيوماته مشبعة، مكتفية بذاتها للحصول على عملية استنباطية كاملة.
4- أن تكون منطلقاته وفيرة الخصوبة.
إن هذا النمط من التفكير الرياضي رفع الرياضيات إلى مستوى من التجريد جعل القضايا الرياضية مجرد علاقات ضرورية. وقد أخذ هذا النمط من الفكر الرياضي اسم “المنطقية – أو – الشكلية”. لأنه يهتم بالتسلسل المنطقي أي بالشكل دون المضمون. وقد طبق “راسل” المنهج المنطقي في علم العدد فساوى تمامًا بين الرياضيات والمنطق معتبرًا الرياضيات قمة نضوج علم المنطق.
IV – قيمة الرياضيات = (دور الرياضيات في المعرفة):
سؤال: هل الرياضيات هي علم مستقل بذاته؟ أم أنها فقط لغة للعلم؟
إن التقدم الهائل في العلوم الرياضية والمصداقية العالية التي بلغتها جعلت منها مثالاً يحتذى في العلوم الأخرى. فإلى أي حد تستطيع العلوم الاختبارية الأخذ بالأساليب الرياضية؟
إن علوم المادة تسعى إلى مقاربة منهج الاستنباط وإلى استعمال لغة الرياضيات، وهذا المشروع العلمي مردّه إلى أن الرياضيات مبنية على مجرد قوانين وتتميز بالتالي بوثوق منهجها الافتراضي الاستنباطي وبدقة لغتها. وقد تبنى الفيثاغوريون قديمًا نظرية كوسمولوجية رياضية إلاّ أن محاولتهم فشلت عندما امتزجت باعتبارات فلسفية، وهذا ما أفضى إلى حقبات طويلة من الانحطاط العلمي امتدت من العصور اليونانية وحتى بدايات النهضة الأوروبية.
فخلال هذه الحقبات القديمة والوسيطية، ظلت الرياضيات مجالاً علميًا مغلقًا على نفسه لا علاقة له بسائر العلوم. فالرياضيات حسب التعريف الأرسطي هي المباحث المتخصصة بدراسة الكم، أما الفيزياء فهي المعارف التي تبحث في الكيف، أي في الظواهر الطبيعية المحسوسة.
وبالفعل فقد شكلت بدايات العصور الحديثة مفترقًا حاسمًا في القيمة المعرفية للعلوم الرياضية. إذ لم تعد الرياضيات منفصلة عن سائر الاهتمامات العلمية، بل أصبحت بحق اللغة المنضبطة للتعبير عن الظواهر المادية والفيزيائية.
وإبان القرن السابع عشر كان غاليله ونيوتن من الأوائل الذين خطرت لهم فكرة استخدام الرياضيات كلغة للفيزياء، وذلك بهدف ضبط معارفنا عن العالم المادي بلغة دقيقة وصارمة. ففي كتابه الضخم “مبادئ الرياضيات في الحياة الطبيعية”، أي في مجال الفيزياء يعبر نيوتن بوضوح عن هذه الثورة المعرفية والانقلاب الجذري في مسار العلم. فقد استطاع أن يعبر عن ظاهرة سقوط الأجسام برموز وعلاقات جبرية.
وبالفعل فإن الكثير من علوم المادة قد استطاعت أن تصوغ قوانينها باللغة الرياضية. فغاليله استخدم لغة حساب التفاضل للتعبير عن قوانين التسارع في حركة الأجسام الساقطة. وديكارت عبر بلغة حساب المثلثات عن قوانين انعطاف الضوء.
لكن هذا الاستخدام للرياضيات لا يعني أنها انقلبت أساسًا أو ركيزةً للكشوف العلمية. فهي تستطيع أن تكون لغة معبرة عن الظواهر، لكنها لا تستطيع أن تحلّ محلّ المنهج الاستقرائي والطريقة الاختبارية لاستنباط القوانين.
فالواضح إذًا أن علم الفيزياء يبقى علمًا استقرائيًا يعتمد في الأساس على مراقبة الظواهر الطبيعية واختبارها، ويستطيع في أقصى حدّه التعبير عن القوانين بلغة رياضية، فتكون الرياضيات في مجال علوم المادة لغة تعبير أكثر منها منهج اكتشاف.
بالتالي، فإذا كانت الفيزياء لا تستطيع أن تصل إلى الخصوصية الرياضية الكاملة لأن موضوعها في الأساس هو الكيفية وليس الكمية، لكنها تستطيع على الأقل الأخذ بلغة الرياضيات.
وكما الفيزياء فكذلك هو شأن علمي الميكانيك والفلك، فهما لا يجدان صعوبات بالغة في اتباع المنهج الرياضي باعتبارهما في الأساس من العلوم الرياضية المحسوسة. ولذلك استطاع كيبلر التعبير عن قوانينه بلغة رياضية عندما كشف عن المسار الإهليليجي للكواكب.
ومنذ هذه الانطلاقة الأولى لاستخدام اللغة الرياضية في علوم المادة، أصبحت كل المعارف العلمية تتوجه بخطى سريعة لاستخدام التعبير الرياضي من قياس وعلاقات كمية ورسومات بيانية وما شابه… وقد انسحب هذا الأمر على مختلف العلوم حتى طاول البيولوجيا وعلوم الإنسان.
فالبيولوجيا استخدمت الحساب الاحتمالي في علم الوراثة. وعلم الاجتماع والعلوم الاقتصادية استخدمت الإحصاءات. وحتى علم النفس حاول أن يلجأ في بعض الحالات إلى التعبير الرياضي.
وفي كل الأحوال فإن اللغة الرياضية توفر للقوانين العلمية مزيدًا من الدقة، إلاّ أنها تصادف صعوبات كثيرة في مجال العلوم الإنسانية نظرًا لتعقيد الواقع الإنساني وخصوصياته الدقيقة. وباختصار فنحن لا نستطيع استعمال المنهج الرياضي الاستنباطي في سائر العلوم إلاّ إذا سلبنا الواقع كثيرًا من مضمونه.
فعندما يكون مجال الدراسة وموضوعها هو الإنسان، أي الكائن الحر والعاقل والمريد، فإن عملية ضبط الحسابات الرياضية وخضوعها لسيرورة منطقية ضرورية، ليست دائمًا عملية مضمونة النتائج. وهذا يعني أن الأداة الرياضية التي تصدق بدقة على علوم المادة تفقد الكثير من صلاحيتها عندما يختص الأمر بعلوم الحياة وبالعلوم الإنسانية. فاللغة الرياضية التي تصلح للتعبير عن الكميات، تعجز عن التعبير عن حالات الوعي وعن الوقائع الإنسانية المعاشة، مما يؤكد أن الرياضيات لن تستطيع أن تصبح اللغة الوحيدة التي تعبر بها الثقافة الإنسانية عن نفسها.
إن فرضية تحويل الكون برمته إلى معادلة رياضية كبرى فيبقى حلمًا راود أذهان الفلاسفة والعلماء مثل “ديكارت” و “ليبنتز”. لكن هذا الهدف الكبير يبقى مجرد فرضية دونها صعوبات وتجاذبات علمية وفلسفية.




جزاك الله خيرا ونفع الجميع بعلمك الطيب والطاهر

نسال الله ان يجعل عملك هذا في ميزان حسناتك وان يستفيد منه كل من هو محتاج له

تقبل مروري

اختك وزميلتك هناء




شكرا جزيلا أختي هناء على تشجيعك و كلماتك الطيبة …




تعليمية تعليمية
بارك الله فيك أخي الكريم ومنحك الصحة والعافية وحفظك لأهلك وذويك . آمين يارب العالمين
تعليمية تعليمية




أشكركم على هذه الكواضيع




التصنيفات
مادة الفلسفة 3 ثانوي : باشراف الاساتذة أم يحيى

مجموعة مواضيع فلسفية وحلولها سنة ثالثة ثانوي 2022حصري للمنتدى

السلام عليكم

مجموعة مواضيع فلسفية لجميع الشعب العلمية دون استثناء

وبالحلول

http://www.mediafire.com/?8c9n1gn5s7mnxf2

عند النقل ارجو ذكر المصدر منتديات خنشلة التعليمية

ضع ردا لتحميل المزيد

لا تنسونا بخالص دعائكم

تعليمية




جزاك الله خيرا اخية على مواضيعك المميزة

تقبلي مروري

اختك هناء




بارك الله فيك ان شاء الله يستفيد منه الجميع نترقب المزيد من مشاركاتك




السلام كليكم اختي غزالة ماهي توقعات البكالوريا 2022




بارك الله فيك




بارك الله فيكم




شكرا لكم على المجهود:educ40_smilies_31 :




التصنيفات
مادة الفلسفة 3 ثانوي : باشراف الاساتذة أم يحيى

mosa3ada

[FONT="Arial Black"]السلام عليكم تعليمية أنا عضوة جديدة في المنتدى الرجاء المساعدة في تحلل مضمون القولة و مناقشتها ! لا يشكل التجريب اساسا لبناء النظرية العلمية, بل يمتل معيار صدقها كدلك.[/FONT]




التصنيفات
مادة الفلسفة 3 ثانوي : باشراف الاساتذة أم يحيى

إليكم هذه المقالة الرائعة لشعبة آداب وفلسفة

مقالة استقصاء بالوضع
نص الموضوع :
أثبت بالبرهان صحة الأطروحة التالية « الإدراك نشاط عقلي خالص »
عناصر طريقة الاستقصاء بالوضع
1 – طرح الإشكالية : المطلوب الدفاع عن رأي يبدو غير سليم .
2 – محاولة حل الإشكالية :
أ – عرض منطق الأطروحة
ب – نقد خصوم الأطروحة
ج – الدفاع عن الأطروحة بحجج شخصية
3 – حل الإشكالية : التأكيد على مشروعية الدفاع .
مرحلة تحرير الموضوع : كتابة المقالة الفلسفية
طرح الإشكالية: لقد ولد الإنسان في صورة معقدة عن غيره من الكائنات الحية وهذا بوصفه صورة عليا وميزه الله بالعقل الذي يستطيع من خلاله القيام بمختلف الوظائف من تفكير وتخيل و إدراك ، وهو نفسه ؛الوسيلة التي نستطيع بها الاتصال بالعالم الخارجي ، لهذا فهو عملية عقلية معقدة يتم فيها ترجمة وتفسير المؤثرات الحسية ، ولقد كانت الفكرة الشائعة حول موضوع الإدراك أن مصدره الإحساس فهو أساس كل معرفة عند الإنسان ، فمن خلاله يستطيع التعرف على العالم الخارجي ، لكن هناك فكرة تناقضها و تخالفها تقول بأن العقل هو أساس الإدراك وهو نشاط عقلي غايته الاتصال بالعالم الخارجي ، لهذا نتسأل كيف يمكن الدفاع عن هذه الأطروحة ؟ وهل يمكن إثباتها بحجج ؟ والأخذ برأي مناصريها ؟
محاولة حل الإشكالية :
1 – عرض منطق الأطروحة : إن منطق هذه الأطروحة يدور حول طبيعة الإدراك حيث يرى أنصار النظرية العقلية وخاصة "ديكارت" و" ألان " بأن العقل هو مصدر الإدراك بمعنى إذا غاب العقل لا يمكن للإنسان أن يتعرف على العالم الخارجي و بالتالي يدركه وقد اعتمد هؤلاء الفلاسفة على مسلمات وحجج لتأكيد موقفهم هذا أهمها :
التمييز بين الإحساس والإدراك لأن الإحساس لأن الإحساس عملية فيزيولوجية مرتبط بالبدن … أما الإدراك فهو مرتبط بالعقل .
الإدراك ليس هو مجموعة من الإحساسات إنما هو عملية عقلية تساهم فيها وظائف عقلية كالذكاء و التذكر و التخيل و الحكم والتفسير و التأويل … مثال ذلك عندما أرى هذا الشكل أحكم عليه بأنه مكعب بالرغم لا أرى سوى ثلاثة سطوح مربعة في حين أن للمكعب ستة سطوح ، وهذا سبب في هجمة كل من " ديكارت " و"ألان" على إعدام وظيفة الإحساس في الاتصال مع العالم الخارجي فهاهو ديكارت يعتبرها خداعة في قوله : « إني وجدت الحواس خداعة زمن الحكمة ألا نطمئن لمن خدعونا ولو مرة واحدة» ومن الأمثلة التوضيحية أن التمثال في أعلى الجبل تراه من الأسفل صغيرا أما إذا صعدت فإنك تراه كبيرا . و منه المعرفة الحسية تفيد الشك والاحتمال يقول " ديكارت " : « أنا أدرك بمحض ما في ذهني من قوة الحكم ما كنت أحسب أني أراه بعيني » أما "ألان " فيسير في نفس الاتجاه : « لإدراك معرفة مسبقة فمن يدرك جيدا يعرف مسبقا ما يجب فعله» وأن الشيء
حسبه يدرك ولا يحس به .إن الصياد يدرك الحل الصحيح وينجح في اصطياد فريسته بفضل التخطيط المسبق والطفل الصغير يفشل لأن عقله لم يصل بعد إلى القدرة التخطيط.
2 – نقد خصوم الأطروحة : إن هذه النظرية لديها خصوم وهم أنصار النظرية الحسية ( التجريبية ) و خاصة "جون لوك "، " دافيد هيوم " الذين يعتقدون بأن الإحساس هو مصدر الإدراك لأن الإحساس يحدث نتيجة لتأثر إحدى الحواس بالمنبهات الخارجية ، و هذا يعني أن إدراكنا للأشياء الخارجية ، متوقف على صفاتها وكيفيتها الحسية . يقول جون لوك « إن إدراكنا للموضوعات الحسية ، يتم بناءا على الصفات الحسية الموجودة في حواسنا بالرغم من وجود هذه المحسوسات منفصلة وغير مترابطة » .
لكن هؤلاء الفلاسفة تعرضوا الانتقادات عديدة لأن موقفهم هذا ينطوي على نقائص أهمها :
أنهم ركزوا على الحواس كمصدر للإدراك مع أن بعض علماء النفس رفضوا إرجاع الإدراك إلى الإحساس لأنه حالة ذاتية ، لذا فالمعرفة الحسية نسبية وتفيد الشك و الاحتمال و تجعل الإنسان يقع في الأخطاء ، مثال ذلك عن طريق الحواس نرى بأن الضوء الأبيض يتكون من لون واحد وهو اللون الأبيض ، بينما علميا يتكون في الحقيقة من عدة ألوان .
كما أن الحواس قد تكون سليمة ولكن عملية الإدراك منعدمة لوجود خلل في القدرات العقلية ( الضعف العقلي والبداهة ) ، لهذا فالإدراك ليس مجرد ترابط الإحساسات ؛ إنما للعقل دور في ذلك و تتجلى فعاليته في الحكم والتفسير و الترجمة و التحليل و التأويل …
3 – الدفاع عن الأطروحة بحجج شخصية : يمكن الدفاع عن الأطروحة السابقة القائلة بأن الإدراك نشاط عقلي بحجج شخصية تتمثل فيما يلي :
الإحساس وحده لا يحقق معرفة مجردة ، لأن الإحساس لا يخبر العقل أن الشيء الموجود في التجربة له دائما نقيضه المتخيل ، لأن ذلك من عمل العقل المجرد ، فقيمة الإحساس تكمن في أنه يقوم بتنبيه وإثارة نشاطاتها العقلية لنصل إلى المعرفة المجردة .
الإحساس أدنى قيمة معرفية من الإدراك ، لأن الإنسان من شأن العامة و المعرفة فيه ظنية و غير يقينية و هي أقل وضوحا و كمالا ، لكن الإدراك يقتضي تعقل الشيء بواسطة البحث عن ماهيته و تجريده من صوره الخارجية … وهذا ما أكده أنصار المذهب العقلاني عموما الذين يعتقدون بأن الإدراك صادر بصورة قبلية عن العقل و بالتالي وجب التمييز بين الإحساس والإدراك من حيث طبيعة كل منهما ، أو من حيث القيمة المعرفية الناتجة عن كليهما .
حل الإشكالية : إذن نستنتج بأن الأطروحة القائلة : « الإدراك نشاط عقلي خالص » ، أطروحة صحيحة لأن الفلاسفة العقلانيين استطاعوا أن يفسروا الإدراك تفسيرا عقليا و هذا باعتمادهم على حجج وأدلة عقلية ، لهذا يمكن الدفاع عن هذه الأطروحة والأخذ برأي مناصريها وتبنيه .




جزاك الله خيرا واحسن اليك استاذتنا فاطمة

نسال الله انيبارك لك في هذا العمل وان ينفع به




جزاك الله عنا خير الجزاء
موفقة




بارك الله فيكم أختي نانو على هذا التشجيع إن شاء الله سنوافيكم بكل جديد

الأستاذة عيسى فاطمة




بارك الله فيك على المقالة يا استاذتنا

وننتظر مقالات وموضيع اكثر ان شاء الله ليستفيد الجميع




بارك الله فيك
تقبلي مروري و تحيتي .




شكررررررررررررررررا




التصنيفات
مادة الفلسفة 3 ثانوي : باشراف الاساتذة أم يحيى

مجموعة من المقالات الفلسفية

[COLOR="Blue"]هذه مجموعة من المقالات الفلسفية تهم الشعب التالية النظام الجديد )
اللغات الأجنبية ،العلوم التجريبية ، تسيير واقتصاد ، رياضي ، تقنيرياضي .
قسمناها حسب الإشكاليات التي تخص كل الشعب المذكورة أعلاه
1 – إشكالية : السؤال بين المشكلة و الإشكالية
مشكلة : السؤال و المشكلة

المقالة الأولى :
نص السؤال : هل لكل سؤال جواب بالضرورة ؟
الإجابة النموذجية : الطريقة الجدلية
طرح المشكلة : ماهي الحالة التي يتعذر فيه الجواب عن بعض الأسئلة ؟ أو هل هناك أسئلة تبقى من دون الأجوبة ؟
محاولة حل المشكلة :
الأطروحة : هو الموقف الذي يقول أن لكل سؤال جواب بالضرورة
الحجج : لأن الأسئلة المبتذلة والمكتسبة والعملية تمتلك هذه الخصوصية ذكر الأمثلة ( الأسئلة اليومية للإنسان ) ( كل شيء يتعلمه الإنسان من المدرسة ) ( أسئلة البيع والشراء وما تطلبه من ذكاء وشطارة )
النقد : لكن هناك أسئلة يتعذر و يستعصي الإجابة عنها لكونها تفلت منه .
نقيض الأطروحة : هو الموقف الذي يقول أنه ليس لكل سؤال جواب بالضرورة
الحجج : لأن هناك صنف أخر من الأسئلة لا يجد لها المفكرين والعلماء و الفلاسفة حلا مقنعا وذلك في صنف الأسئلة الانفعالية ( الأسئلة العلمية ، الأسئلة الفلسفية ) التي تجعل الإنسان حائرا مندهشا أمام بحر من تساؤلات الحياة والكون ،و ما تحمله من صور الخير والشر ، ولذة و ألم ، وشقاء ، وسعادة ، ومصير … وغيرها من الأسئلة التي تنبثق من صميم وجودنا وتعبر عنه في وضعيات مستعصية حول مسألة الأخلاق فلسفيا أو حول مسألة الاستنساخ علميا أو في وضعيات متناقضة محيرة مثل مسألتي الحتمية المناقضة لمسألة الحرية أحرجت الفكر الفلسفي طويلا .كما توجد مسائل مغلقة لم تجد لها المعرفتين ( الفلسفية ، العلمية ) مثل مسألة من الأسبق الدجاجة أم البيضة ..إلخ أو الانغلاق الذي يحمله في طياته كل من مفهوم الديمقراطية و اللاديمقراطية هذه كلها مسائل لا تزال من دون جواب رغم ما حققه العلم من تطور وما كسبه من تقنيات ووسائل ضخمة ودقيقة .. ومهما بلغت الفلسفة من إجابات جمة حول مباحثها .
النقد : لكن هذا لا يعني أن السؤال يخلوا من جواب فلقد استطاع الإنسان أن يجيب على العديد من الأسئلة لقد كان يخشى الرعد والفيضان والنار واليوم لم يصبحوا إلا ظواهر .
التركيب : من خلال هذا التناقض بين الأطروحتين ؛ نجد أنه يمكن حصر الأسئلة في صنفين فمنها بسيطة الجواب وسهلة ، أي معروفة لدى العامة من الناس فمثلا أنا كطالب كنت عاميا من قبل أخلط بين الأسئلة ؛ لكني تعلمت أنني كنت أعرف نوع واحد منها وأتعامل معها في حياتي اليومية والعملية ، كما أنني تعرفت على طبيعة الأسئلة المستعصية التي يستحيل الوصول فيها إلى جواب كاف ومقنع لها ، وهذه الأسئلة مناط اهتمام الفلاسفة بها ، لذلك يقول كارل ياسبرس : " تكمن قيمة الفلسفة من خلال طرح تساؤلاتها و ليس في الإجابة عنها " .
حل المشكلة : نستطيع القول في الأخير ، إن لكل سؤال جواب ، لكن هناك حالات يعسر فيها جواب ، أو يعلق بين الإثبات والنفي عندئذ نقول : " إن السؤال ينتظر جوابا ، بعد أن أحدث نوعا من الإحراج النفسي والعقلي معا ، وربما من باب فضول الفلاسفة والعلماء الاهتمام بالسؤال أكثر من جوابه ؛ قديما إلى يومنا هذا ، نظرا لما يصنع من حيوية واستمرارية في البحث عن الحقيقة التي لا تنهي التساؤلات فيها .

المقالة الثانية :
نص السؤال : هل تقدم العلم سيعود سلبا على الفلسفة ؟
الإجابة النموذجية :الطريقة الجدلية
طرح المشكلة : فهل تقدم العلوم وانفصالها عن الفلسفة سوف يجعل منها مجرد بحث لا طائل وراءه ، أو بمعنى أخر ما الذي يبرر وجود الفلسفة بعد أن استحوذت العلوم الحديثة على مواضيعها .
محاولة حل المشكلة :
الأطروحة : لا جدوى من الفلسفة بعد تطور العلم
الموقف : يذهب بعض الفلاسفة من أنصار النزعة العلمية ( أوجست كونت ، غوبلو ) أنه لم يعد للمعرفة الفلسفية دور في الحياة الإنسانية بعد ظهور وتطور العلم في العصر الحديث .
الحجج :
– لأنها بحث عبثي لا يصل إلى نتائج نهائية ، تتعدد فيه الإجابات المتناقضة ، بل نظرتها الميتافيزيقية تبعدها عن الدقة الموضوعية التي يتصف بها الخطاب العلمي هذا الذي جعل أوجست كنت يعتبرها حالة من الحالات الثلاث التي حان للفكر البشري أن يتخلص منها حتى يترك للمرحلة الوضعية وهي المرحلة العلمية ذاتها . وهذا الذي دفع غوبلو يقول : " المعرفة التي ليست معرفة علمية معرفة بل جهلا " .
النقد : لكن طبيعة الفلسفة تختلف عن طبيعة العلم ، فلا يمكن قياس النشاط الفلسفي بمقياس علمي ، كما أن الفلسفة تقدمت بتقدم العلم ، فالإنسان لم يكف عن التفلسف بل تحول من فلسفة إلى فلسفة أخرى .
نقيض الأطروحة : هناك من يبرر وجود الفلسفة رغم تطور العلم
الموقف : يذهب بعض الفلاسفة من أنصار الاتجاه الفلسفي ( ديكارت ، برغسون ، مارتن هيدجر ، كارل ياسبرس ) أن العلم لا يمكنه أن يحل محل الفلسفة فهي ضرورية .
الحجج : لأن الفلسفة تجيب عن تساؤلات لا يجيب عنها العلم . فهاهو كارل ياسبرس ينفي أن تصبح الفلسفة علما لأنه يعتبر العلم يهتم بالدراسات المتخصصة لأجزاء محددة من الوجود مثل المادة الحية والمادة الجامدة … إلخ . بينما الفلسفة تهتم بمسألة الوجود ككل ، وهو نفس الموقف نجده عند هيدجر الذي يرى أن الفلسفة موضوع مترامي الأطراف أما برغسون أن العلوم نسبية نفعية في جوهرها بينما الفلسفة تتعدى هذه الاعتبارات الخارجية للبحث عن المعرفة المطلقة للأشياء ، أي الأشياء في حد ذاتها . وقبل هذا وذاك كان ديكارت قد أكد على هذا الدور للفلسفة بل ربط مقياس تحضر أي أمة من الأمم بقدرة أناسها على تفلسف أحسن .
النقد : لكن الفلسفة باستمرارها في طرح مسائل مجردة لا تيسر حياة الإنسان مثلما يفعل العلم فإنها تفقد قيمتها ومكانتها وضرورتها . فحاجة الإنسان إلى الفلسفة مرتبطة بمدى معالجتها لمشاكله وهمومه اليومية .
التركيب : لكل من الفلسفة والعلم خصوصيات مميزة
لا ينبغي للإنسان أن يثق في قدرة العلم على حل كل مشاكله و الإجابة عن كل الأسئلة التي يطرحها و بالتالي يتخلى عن الفلسفة ، كما لا ينبغي له أن ينظر إلى العلم نظرة عجز وقصور عن فهم وتفسير الوجود الشامل ، بل ينبغي للإنسان أن يتمسك بالفلسفة والعلم معا . لأن كل منهما خصوصيات تميزه عن الأخر من حيث الموضوع والمنهج والهدف وفي هذا الصدد يقول المفكر الفرنسي لوي ألتو سير : " لكي تولد الفلسفة أو تتجدد نشأتها لا بد لها من وجود العلوم …"
حل المشكلة : وفي الأخير نخلص إلى أن الإنسان يعتمد في تكوين معرفته وتطوير حياته عن طريق الفلسفة والعلم معا فلا يوجد تعارض بينهما فإن كانت الفلسفة تطرح أسئلة فإن العلم يسعى سعيا للإجابة عنها ، ثم تقوم هي بدورها بفحص إجابات العلم و نقدها و. وهذا يدفع العلم إلى المزيد من البحث والرقي وهذا الذي دفع هيجل إلى قولته الشهيرة " إن العلوم كانت الأرضية التي قامت عليها الفلسفة ، وتجددت عبر العصور ".

المقالة الثالثة :
نص السؤال : يرى باسكال أن كل تهجم على الفلسفة هو في الحقيقة تفلسف .
الإجابة النموذجية : الطريقة جدلية

طرح المشكلة : لم يكن الخلاف الفلاسفة قائما حول ضرورة الفلسفة ما دامت مرتبطة بتفكير الإنسان ، وإنما كان قائما حول قيمتها والفائدة منها . فإذا كان هذا النمط من التفكير لا يمد الإنسان بمعارف يقينية و لا يساهم في تطوره على غرار العلم فما الفائدة منه ؟ وما جدواه؟ وهل يمكن الاستغناء عنه ؟
محاولة حل المشكلة :
الأطروحة : الفلسفة بحث عقيم لا جدوى منه ، فهي لا تفيد الإنسان في شيء فلا معارف تقدمها و لا حقائق .
الحجج : لأنها مجرد تساؤلات لا تنتهي كثيرا ما تكون متناقضة وتعمل على التشكيل في بعض المعتقدات مما يفتح الباب لبروز الصراعات الفكرية كما هو الشأن في علم الكلام .
النقد : لكن هذا الموقف فيه جهل لحقيقة الفلسفة . فهي ليست علما بل وترفض أن تكون علما حتى تقدم معارف يقينية. وإنما هي تساؤل مستمر في الطبيعة وما وراءها و في الإنسان وأبعاده ، وقيمتها لا تكمن فيما تقدمه و إنما في النشاط الفكري الدؤوب الذي تتميز به ، أو ما يسمى بفعل التفلسف .
نقيض الأطروحة : الفلسفة ضرورية ورفضها يعتبر في حد ذاته فلسفة
الحجج : لأن التفلسف مرتبط بتفكير الإنسان والاستغناء عنه يعني الاستغناء عن التفكير وهذا غير ممكن .ثم إن الذين يشككون في قيمتها مطالبون بتقديم الأدلة على ذلك ، والرأي و الدليل هو التفلسف بعينه . ثم إن الذين يطعنون فيها يجهلون حقيقتها ، فالفلسفة كتفكير كثيرا ما ساهم في تغيير أوضاع الإنسان من خلال البحث عن الأفضل دائما ، فقد تغير وضع المجتمع الفرنسي مثلا بفضل أفكار جون جاك روسو عن الديمقراطية . وقامت الثورة البلشفية في روسيا على خلفية أفكار فلسفية لكارل ماركس عن الاشتراكية ، وبتن الولايات المتحدة الأمريكية سياستها كلها عن أفكار فلسفية لجون ديوي عن البراغماتية .
النقد : لكن الأبحاث الفلسفية مهما كانت فإنها تبقى نظرية بعيدة عن الواقع الملموس ولا يمكن ترجمتها إلى وسائل مادية مثل ما يعمله العلم .
التركيب : إن قيمة الفلسفة ليست في نتائجها والتي هي متجددة باستمرار لأن غايتها في الحقيقة مطلقة . وإنما تكمن في الأسئلة التي تطرحها ، و في ممارسة فعل التفلسف الذي يحرك النشاط الفكري عند الإنسان. وحتى الذين يشككون في قيمتها مضطرين لاستعمالها من حيث لا يشعرون ، فهو يرفض شيئا وفي نفس الوقت يستعمله .
حل المشكلة : نعم إن كل رفض للفلسفة هو في حد ذاته تفلسف.

2 – الإشكالية :الفكر بين المبدأ و الواقع
مشكلة : انطباق الفكر مع الواقع
المقالة الرابعة :
نص السؤال : قارن بين عناصر الأطروحة التالية : " بالاستدلال الصوري والاستقرائي يتوصل إلى معرفة الحقائق "
الإجابة النموذجية : طريقة المقارنة
1 – طرح المشكلة : يسلك العقل الإنساني عمليات فكرية مختلفة في البحث عن المعرفة وفي طلب الحقيقة ومن بينها طريقة الاستدلال أهمها استخداما الاستدلال الصوري والاستدلال الاستقرائي.فأما الاستدلال الصوري (الاستنتاج) فيعتبر من أشيع صور الاستدلال وأكملها إنه في عرف المناطقة القدماء ينطلق من المبدأ إلى النتائج أو هو البرهان على " القضايا الجزئية بواسطة القضايا الكلية العامة ، باستخلاص الحقيقة الجزئية من الحقيقة الكلية العامة " ويدخل في هذا التعريف شكلا الاستنتاج الصوري أو الاستنتاج التحليلي والاستنتاج أو الرياضي ، أما الاستدلال الاستقرائي كما عرفه القدماء ، منهم أرسطو : " إقامة قضية عامة ليس عن طريق الاستنباط ، وإنما بالالتجاء إلى الأمثلة الجزئية التي يمكن فيها صدق تلك القضية العامة …" أما المحدثون فقد عرفوه " استنتاج قضية كلية من أكثر من قضيتين ، وبعبارة أخرى هو استخلاص القواعد العامة من الأحكام الجزئية ". فإذا كان العقل في بحثه يعتمد على هذين الاستدلالين فما علاقة كل منهما بالآخر في مساندة العقل على بلوغ الحقيقة ؟
2 – محاولة حل المشكلة :
كل من الاستدلال الصوري والاستقرائي منهجان عقليان يهدفان إلى بلوغ الحقيقة والوقوف على النتيجة بعد حركة فكرية هادفة ، كما أنهما نوعان من الاستدلال ينتقلا سويا من مقدمات وصولا إلى نتائج ، كما أن العقل في بنائه للقوانين العامة أو في استنباطه لما يترتب عنها من نتائج يتبع أساليب محددة في التفكير ويستند إلى مبادئ العقل .
ولكن هل وجود نقاط تشابه بينهما يمنع وجود اختلاف بينهما.
من خلال الوقوف على حقيقة كل من الاستدلال الصوري والاستدلال الاستقرائي سنجد أهم فرق بينهما في كون أن الاستدلال الاستقرائي ينطلق من أحكام كلية باتجاه أحكام جزئية ويتدرج نحو قوانينها العامة ، أما الاستدلال الصوري فينطلق من أحكام كلية باتجاه أحكام جزئية . فعملية الاستقراء تقوم على استنباط القوانين من استنطاق الوقائع ، أما عملية الاستنتاج فتقوم على انتقال الفكر من المبادئ إلى نتائجها بصورة عقلية بحتة . وقد بين ذلك برتراند راسل في قوله " يعرف الاستقراء بأنه سلوك فكري يسير من الخاص إلى العام ، في حين أن الاستنتاج هو السلوك الفكري العكسي الذي يذهب من العام إلى الخاص " هذا بالإضافة إلى كون نتائج الاستدلال الاستقرائي تستمد يقينها من الرجوع إلى التجربة أي تتطلب العودة إلى المدرك الحسي من أجل التحقق ، بينما نتائج الاستنتاج تستمد يقينها من علاقاتها بالمقدمات أي تفترض عدم التناقض بين النتائج والمقدمات .بالإضافة إلى ذلك نجد أن النتيجة في الاستدلال الصوري متضمنة منطقيا في المقدمات ، وأننا قد نصل إلى نتيجة كاذبة على الرغم من صدق المقدمات ، نجد على العكس من ذلك أن الاستدلال الاستقرائي يستهدف إلى الكشف عما هو جديد ، لأنه ليس مجرد تلخيص للملاحظات السابقة فقط ، بل إنه يمنحنا القدرة على التنبؤ.
لكن هل وجود نقاط الاختلاف هذه تمنع من وجود نقاط تداخل بينهما ؟
إن عملية الفصل بين الاستدلال الصوري والاستدلال الاستقرائي تبدو صعبة خاصة في الممارسة العملية ، فبالرغم من أننا ننساق عادة مع النظرة التي تميز بينهما باعتبارهما أسلوبين من الاستدلال .إلا أن هناك نظرة تبسيطية مثل الفيلسوف كارل بوبر الذي يرى إن العمل الاستقرائي العلمي يحتاج إلى استنباط منطقي ، يمكن من البحث عن الصورة المنطقية للنظرية ، ومقارنة نتائجها بالاتساق الداخلي وبغيرها من النظريات الأخرى .يقول بترا ند راسل: " إذا كان تفكير المجرب يتصرف عادة منطلقا من ملاحظة خاصة ، ليصعد شيئا فشيئا نحو مبادئ وقوانين عامة ، فهو يتصرف كذلك حتما منطلقا من نفس تلك القوانين العامة ، أو المبادئ ليتوجه نحو أحداث خاصة يستنتجها منطقيا من تلك المبادئ " وهذا يثبت التداخل الكبير بينهما باعتبار أن المقدمات هي في الأغلب أحكام استقرائية ويتجلى دور الاستدلال الصوري في عملية الاستدلال الاستقرائي في مرحلة وضع الفروض فبالاستدلال الصوري يكمل الاستدلال الاستقرائي في المراحل المتقدمة من عملية بناء المعرفة العلمية .
3 – حل المشكلة : إن العلاقة بين الاستدلال الصوري والاستقرائي هي علاقة تكامل إذ لا يمكن الفصل بينهما أو عزلهما عن بعضهما فالذهن ينتقل من الاستدلال الاستقرائي إلى الاستدلال الصوري و يرتد من الاستدلال الصوري إلى الاستدلال الاستقرائي بحثا عن المعرفة ويقو ل الدكتور محمود قاسم : " وهكذا يتبين لنا أن التفرقة بين هذين الأسلوبين من التفكير مصطنعة "ويقول بترا ند راسل " ويصعب كذلك الفصل بين الاستنتاج والاستقراء" و بناء على هذا فالفكر الاستدلالي يستند في طلبه للمعرفة إلى هذين الطريقين المتكاملين وبدونهما يتعذر بناء استدلال صحيح .

[
]المقالة الخامسة :
نص السؤال : " ينبغي أن تكون الحتمية المطلقة أساسا للقوانين التي يتوصل إليها العلم " ما رأيك ؟
الإجابة النموذجية : الطريقة الجدلية
طرح المشكلة ← إن الغاية من العلم هو الوصول إلى تفسير الظواهر تفسيرا صحيحا ، أي معرفة الأسباب القريبة التي تتحكم في الظواهر و أنه إذا تكرر نفس السبب فإنه سيؤدي حتما إلى نفس النتائج وقد اصطلح على تسميته من طرف العلماء بمبدأ الحتمية ؛ إلا أنه شكل محل خلاف بين الفلاسفة القرن 19 وفلاسفة القرن 20 فقد كان نظاما ثابتا يحكم كل الظواهر عند الفريق الأول ثم أفلتت بعض الظواهر عنه حسب الفريق الثاني بظهور مجال جديد سمي باللاحتمية فأي الفريقين على صواب أو بمعنى أخر :هل يمكن الاعتقاد بأن الحوادث الطبيعية تجري حسب نظام كلي دائم ؟ أم يمكن تجاوزه ؟
محاولة حل المشكلة ←
الأطروحة ← يرى علماء ( الفيزياء الحديثة) وفلاسفة القرن التاسع عشر ( نيوتن ، كلود برنار ، لابلاس ، غوبلو ، بوانكاريه ) أن الحتمية مبدأ مطلق . فجميع ظواهر الكون سواء المادية منها أو البيولوجية تخضع لمبدأ إمكانية التنبؤ بها . ولقد أشار نيوتن في القاعدة الثانية من أسس تقدم البحث العلمي و الفلسفي : " يجب أن نعين قدر المستطاع لنفس الآثار الطبيعية نفس العلل " كما اعتبر بوانكاريه الحتمية مبدأ لا يمكن الاستغناء عنه في أي تفكير علمي أو غيره فهو يشبه إلى حد كبير البديهيات إذ يقول " إن العلم حتمي و ذلك بالبداهة " كما عبر عنها لابلاس عن مبدأ الحتمية أصدق تعبير عندما قال " يجب علينا أن نعتبر الحالة الراهنة للكون نتيجة لحالته السابقة ، وسببا في حالته التي تأتي من بعد ذلك مباشرة لحالته السابقة ، وسببا في حالته التي تأتي من بعد ذلك مباشرة "" وكلود برنار يضيف أن الحتمية ليس خاصة بالعلوم الفيزيائية وحدها فقط بل هي سارية المفعول حتى على علوم الإحياء . وأخيرا يذهب غوبلو إلى القول : بأن العالم متسق ، تجري حوادثه على نظام ثابت وأن نظام العالم كلي وعام فلا يشذ عنه في المكان حادث أو ظاهرة فالقانون العلمي هو إذن العلاقة الضرورية بين الظواهر الطبيعية "
الحجج ← إن الطبيعة تخضع لنظام ثابت لا يقبل الشك أو الاحتمال لأنها غير مضطرة و معقدة وبالتالي فمبدأ الحتمية هو أساس بناء أي قانون علمي ورفضه هو إلغاء للعقل وللعلم معا .
النقد ← لكن مع اقتراب القرن 19 من نهايته اصطدم التفسير الميكانيكي ببعض الصعوبات لم يتمكن من إيجاد حل لها مثلا : افتراض فيزياء نيوتن أن الظواهر الطبيعية مترابطة و متشابكة مما يقلل من فعالية ووسائل القياس عن تجزئتها إلى فرديات يمكن الحكم على كل واحد منها بمعزل عن الأخرى . ولن يكون صورة كاملة عن هذا العالم إلا إذا وصلت درجة القياس الذي حواسنا إلى درجة النهاية وهذا مستحيل .
نقيض الأطروحة ← يرى علماء ( الفيزياء المعاصرة ) و فلاسفة القرن العشرين ( بلانك ، ادينجتون ، ديراك ، هيزنبرغ ) أن مبدأ الحتمية غير مطلق فهو لا يسود جميع الظواهر الطبيعية .
الحجج ← لقد أدت الأبحاث التي قام بها علماء الفيزياء و الكيمياء على الأجسام الدقيقة ، الأجسام الميكروفيزيائية إلى نتائج غيرت الاعتقاد تغييرا جذريا . حيث ظهر ما يسمى باللاحتمية أو حساب الاحتمال وبذلك ظهر ما يسمى بأزمة الفيزياء المعاصرة و المقصود بهذه الأزمة ، أن العلماء الذين درسوا مجال العالم الأصغر أي الظواهر المتناهية في الصغر ، توصلوا إلى أن هذه الظواهر تخضع لللاحتمية وليس للحتمية ورأى كل من ادينجتون و ديراك أن الدفاع عن مبدأ الحتمية بات مستحيلا ، وكلاهما يرى أن العالم المتناهي في الصغر عالم الميكروفيزياء خاضع لمبدأ الإمكان و الحرية و الاختيار . ومعنى هذا أنه لا يمكن التنبؤ بهذه الظواهر ونفس الشيء بالنسبة لبعض ظواهر العالم الأكبر (الماكروفيزياء ) مثل الزلازل . وقد توصل هايزنبرغ عام 1926 إلى أن قياس حركة الإلكترون أمر صعب للغاية ، واكتفى فقط بحساب احتمالات الخطأ المرتكب في التوقع أو ما يسمى بعلائق الارتياب حيث وضع القوانين التالية :
← كلما دق قياس موقع الجسم غيرت هذه الدقة كمية حركته .
← كلما دق قياس حركته التبس موقعه .
← يمتنع أن يقاس موقع الجسم وكمية حركته معا قياسا دقيقا ، أي يصعب معرفة موقعه وسرعته في زمن لاحق .
إذا هذه الحقائق غيرت المفهوم التوليدي حيث أصبح العلماء الفيزيائيون يتكلمون بلغة الاحتمال و عندئذ أصبحت الحتمية فرضية علمية ، ولم تعد مبدأ علميا مطلقا يفسر جميع الظواهر .
نقد ← لكن رغم أن النتائج و البحوث العلمية أثبتت أن عالم الميكروفيزياء يخضع لللاحتمية وحساب الاحتمال فإن ذلك مرتبط بمستوى التقنية المستعملة لحد الآن . فقد تتطور التقنية و عندئذ في الإمكان تحديد موقع وسرعة الجسم في آن واحد .
التركيب ← ذهب بعض العلماء أصحاب الرأي المعتدل على أن مبدأ الحتمية نسبي و يبقى قاعدة أساسية للعلم ، فقد طبق الاحتمال في العلوم الطبيعية و البيولوجية وتمكن العلماء من ضبط ظواهر متناهية في الصغر واستخرجوا قوانين حتمية في مجال الذرة و الوراثة ، ولقد ذهب لانجفان إلى القول " و إنما تهدم فكرة القوانين الصارمة الأكيدة أي تهدم المذهب التقليدي "
حل المشكلة ← ومنه يمكن القول أن كل من الحتمية المطلقة والحتمية النسبية يهدفان إلى تحقيق نتائج علمية كما أن المبدأين يمثلان روح الثورة العلمية المعاصرة ، كما يتناسب هذا مع الفطرة الإنسانية التي تتطلع إلى المزيد من المعرفة ، وواضح أن مبدأ الحتمية المطلق يقودنا على الصرامة وغلق الباب الشك و التأويل لأن هذه العناصر مضرة للعلم ، وفي الجهة المقابلة نجد مبدأ الحتمية النسبي يحث على الحذر و الابتعاد عن الثقة المفرطة في ثباتها ، لكن من جهة المبدأ العام فإنه يجب علينا أن نعتبر كل نشاط علمي هو سعي نحو الحتمية فباشلار مثلا يعتبر بأن مبدأ اللاتعيين في الفيزياء المجهرية ليس نفيا للحتمية ، وفي هذا الصدد نرى بضرورة بقاء مبدأ الحتمية المطلق قائم في العقلية العلمية حتى وإن كانت بعض النتائج المتحصل عليها أحيانا تخضع لمبدأ حساب الاحتمالات .[/b]

[b][font="Georgia"]المقالة السادسة :
نص السؤال :
يقول هنري بوانكاريه : « إن التجريب دون فكرة سابقة غير ممكن … » أطروحة فاسدة وتقرر لديك الدفاع عنها فما عساك أن تفعل ؟

الإجابة النموذجية : طريقة استقصاء بالوضع

طرح المشكلة :
إن الفرضية هي تلك الفكرة المسبقة التي توحي بها الملاحظة للعالم ، فتكون بمثابة خطوة تمهيدية لوضع القانون العلمي ، أي الفكرة المؤقتة التي يسترشد بها المجرب في إقامته للتجربة . ولقد كان شائعا بين الفلاسفة والعلماء من أصحاب النزعة التجريبية أنه لم يبق للفرضية دور في البحث التجريبي إلا أنه ثمة موقف آخر يناقض ذلك متمثلا في موقف النزعة العقلية التي تؤكد على فعالية الفرضية و أنه لا يمكن الاستغناء عنها لهذا كان لزاما علينا أن نتساءل كيف يمكن الدفاع عن هذه الأطروحة؟ هل يمكن تأكيدها بأدلة قوية ؟ و بالتالي تبني موقف أنصارها ؟
محاولة حل المشكلة :
عرض منطق الأطروحة :
يذهب أنصار الاتجاه العقلي إلى أن الفرضية كفكرة تسبق التجربة أمر ضروري في البحث التجريبي ومن أهم المناصرين للفرضية كخطوة تمهيدية في المنهج التجريبي الفيلسوف الفرنسي كلود برنار ( 1813 – 1878 ) و هو يصرح بقوله عنها « ينبغي بالضرورة أن نقوم بالتجريب مع الفكرة المتكونة من قبل» ويقول في موضع أخر « الفكرة هي مبدأ كل برهنة وكل اختراع و إليها ترجع كل مبادرة » وبالتالي نجد كلود برنار يعتبر الفرض العلمي خطوة من الخطوات الهامة في المنهج التجريبي إذ يصرح « إن الحادث يوحي بالفكرة والفكرة تقود إلى التجربة وتحكمها والتجربة تحكم بدورها على الفكرة » أما المسلمة المعتمدة في هذه الأطروحة هو أن " الإنسان يميل بطبعه إلى التفسير و التساؤل كلما شاهد ظاهرة غير عادية " وهو في هذا الصدد يقدم أحسن مثال يؤكد فيه عن قيمة الفرضية و ذلك في حديثه عن العالم التجريبي " فرانسوا هوبير" ، وهو يقول أن هذا العالم العظيم على الرغم من أنه كان أعمى فإنه ترك لنا تجارب رائعة كان يتصورها ثم يطلب من خادمه أن يجربها ،، ولم تكن عند خادمه هذا أي فكرة علمية ، فكان هوبير العقل الموجه الذي يقيم التجربة لكنه كان مضطرا إلى استعارة حواس غيره وكان الخادم يمثل الحواس السلبية التي تطبع العقل لتحقيق التجربة المقامة من أجل فكرة مسبقة . و بهذا المثال نكون قد أعطينا أكبر دليل على وجوب الفرضية وهي حجة منطقية تبين لنا أنه لا يمكن أن نتصور في تفسير الظواهر عدم وجود أفكار مسبقة و التي سنتأكد على صحتها أو خطئها بعد القيام بالتجربة .
نقد خصوم الأطروحة :
هذه الأطروحة لها خصوم وهم أنصار الفلسفة التجريبية و الذين يقرون بأن الحقيقة موجودة في الطبيعة و الوصول إليها لا يأتي إلا عن طريق الحواس أي أن الذهن غير قادر على أن يقودنا إلى حقيقة علمية . والفروض جزء من التخمينات العقلية لهذا نجد هذا الاتجاه يحاربها بكل شدة ؛ حيث نجد على رأس هؤلاء الفيلسوف الإنجليزي جون ستيوارت مل ( 1806 – 1873 ) الذي يقول فيها « إن الفرضية قفزة في المجهول وطريق نحو التخمين ، ولهذا يجب علينا أن نتجاوز هذا العائق وننتقل مباشرة من الملاحظة إلى التجربة »وقد وضع من أجل ذلك قواعد سماها بقواعد الاستقراء متمثلة في : ( قاعدة الاتفاق أو التلازم في الحضور _ قاعدة الاختلاف أو التلازم في الغياب – قاعدة البواقي – قاعدة التلازم في التغير أو التغير النسبي ) وهذه القواعد حسب " مل " تغني البحث العلمي عن الفروض العلمية . ومنه فالفرضية حسب النزعة التجريبية تبعد المسار العلمي عن منهجه الدقيق لاعتمادها على الخيال والتخمين المعرض للشك في النتائج – لأنها تشكل الخطوة الأولى لتأسيس القانون العلمي بعد أن تحقق بالتجربة – هذا الذي دفع من قبل العالم نيوتن يصرح ب : « أنا لا أصطنع الفروض » كما نجد "ما جندي" يرد على تلميذه كلود برنار : «اترك عباءتك ، و خيالك عند باب المخبر » . لكن هذا الموقف ( موقف الخصوم ) تعرض لعدة انتقادات أهمها :
– أما عن التعرض للإطار العقلي للفرض العلمي ؛ فالنزعة التجريبية قبلت المنهج الاستقرائي وقواعده لكنها تناست أن هذه المصادر هي نفسها من صنع العقل مثلها مثل الفرض أليس من التناقض أن نرفض هذا ونقبل بذاك .
– كما أننا لو استغنينا عن مشروع الافتراض للحقيقة العلمية علينا أن نتخلى أيضا عن خطوة القانون العلمي – هو مرحلة تأتي بعد التجربة للتحقق من الفرضية العلمية – المرحلة الضرورية لتحرير القواعد العلمية فكلاهما – الفرض ، القانون العلمي – مصدران عقليان ضروريان في البحث العلمي عدمهما في المنهج التجريبي بتر لكل الحقيقة العلمية .
– كما أن عقل العالم أثناء البحث ينبغي أن يكون فعالا ، وهو ما تغفله قواعد "جون ستيوارت مل "التي تهمل العقل و نشاطه في البحث رغم أنه الأداة الحقيقية لكشف العلاقات بين الظواهر عن طريق وضع الفروض ، فدور الفرض يكمن في تخيل ما لا يظهر بشكل محسوس .
– كما أننا يجب أن نرد على "جون ستيوارت مل" بقولنا أنه إذا أردنا أن ننطلق من الملاحظة إلى التجربة بالقفز وتجاهل الفرضية فنحن مضطرين لتحليل الملاحظة المجهزة تحليلا عقليا و خاصة إذا كان هذا التحليل متعلق بعالم يتصف بالروح العلمية . يستطيع بها أن يتجاوز تخميناته الخاطئة ويصل إلى تأسيس أصيل لنظريته العلمية مستعملا الفرض العلمي لا متجاوزا له .
– أما" نيوتن " ( 1642 – 1727 )لم يقم برفض كل أنواع الفرضيات بل قام برفض نوع واحد وهو المتعلق بالافتراضات ذات الطرح الميتافيزيقي ، أما الواقعية منها سواء كانت علية ، وصفية ، أو صورية فهي في رأيه ضرورية للوصول إلى الحقيقة . فهو نفسه استخدم الفرض العلمي في أبحاثة التي أوصلته إلى صياغة نظريته حول الجاذبية .
الدفاع عن الأطروحة بحجج شخصية شكلا ومضمونا :
إن هذه الانتقادات هي التي تدفعنا إلى الدفاع مرة أخرى عن الأطروحة القائلة : « إن التجريب دون فكرة سابقة غير ممكن … » ، ولكن بحجج وأدلة جديدة تنسجم مع ما ذهب إليه كلود برنار أهمها :
– يؤكد الفيلسوف الرياضي " بوانكاريه " ( 1854 – 1912 ) وهو يعتبر خير مدافع عن دور الفرضية لأن غيابها حسبه يجعل كل تجربة عقيمة ، «ذلك لأن الملاحظة الخالصة و التجربة الساذجة لا تكفيان لبناء العلم » مما يدل على أن الفكرة التي يسترشد بها العالم في بحثه تكون من بناء العقل وليس بتأثير من الأشياء الملاحظة وهذا ما جعل بوانكاريه يقول أيضا « إن كومة الحجارة ليست بيتا فكذلك تجميع الحوادث ليس علما »
– إن الكشف العلمي يرجع إلى تأثير العقل أكثر مما يرجع إلى تأثير الأشياء يقول " ويوال " : « إن الحوادث تتقدم إلى الفكر بدون رابطة إلى أن يحي الفكر المبدع .» والفرض علمي تأويل من التأويلات العقلية .
– إن العقل لا يستقبل كل ما يقع في الطبيعة استقبالا سلبيا على نحو ما تصنع الآلة ، فهو يعمل على إنطاقها مكتشفا العلاقات الخفية ؛ بل نجد التفكير العلمي في عصرنا المعاصر لم يعد يهمه اكتشاف العلل أو الأسباب بقدر ما هو اكتشاف العلاقات الثابتة بين الظواهر ؛ والفرض العلمي تمهيد ملائم لهذه الاكتشافات ، ومنه فليس الحادث الأخرس هو الذي يهب الفرض كما تهب النار الفرض كما تهب النار ؛ لأن الفرض من قبيل الخيال ومن قبيل واقع غير الواقع المحسوس ، ألم يلاحظ أحد الفلكيين مرة ، الكوكب "نبتون" قبل " لوفيري " ؟ ولكنه ، لم يصل إلى ما وصل إليه " لوفيري " ، لأن ملاحظته العابرة لم تسبق فكرة أو فرض .
– 2022) لا نستطيع الاعتماد على العوامل الخارجية لتنشئة الفرضية لأنها برأيه « … مجرد فرص ومناسبات لوضع الفرض … » بل حسبه أيضا يعتبر العوامل الخارجية مشتركة بين جميع الناس ولو كان الفرض مرهونا بها لصار جميع الناس علماء وهذا أمر لا يثبته الواقع فالتفاحة التي شاهدها نيوتن شاهدها قبله الكثير لكن لا أحد منهم توصل إلى قانون الجاذبية . ولهذا نجد عبد الرحمان بدوي يركز على العوامل الباطنية ؛ «… أي على الأفكار التي تثيرها الظواهر الخارجية في نفس المشاهد …»
– ومع ذلك ، يبقى الفرض أكثر المساعي فتنة وفعالية ، بل المسعى الأساسي الذي يعطي المعرفة العلمية خصبها سواء كانت صحته مثبتة أو غير مثبتة ، لأن الفرض الذي لا تثبت صحته يساعد بعد فشله على توجيه الذهن وجهة أخرى وبذلك يساهم في إنشاء الفرض من جديد ؛ فالفكرة إذن منبع رائع للإبداع مولد للتفكير في مسائل جديدة لا يمكن للملاحظة الحسية أن تنتبه لها بدون الفرض العلمي .

حل المشكلة :
نستنتج في الأخير أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال إنكار دور الفرضية أو استبعاد آثارها من مجال التفكير عامة ، لأنها من جهة أمر عفوي يندفع إليه العقل الإنساني بطبيعته ، ومن جهة أخرى وهذه هي الصعوبة ، تعتبر أمرا تابعا لعبقرية العالم وشعوره الخالص وقديما تنبه العالم المسلم الحسن بن الهيثم ( 965 – 1039 ) – قبل كلود برنار _ في مطلع القرن الحادي عشر بقوله عن ضرورة الفرضية « إني لا أصل إلى الحق من آراء يكون عنصرها الأمور الحسية و صورتها الأمور العقلية » ومعنى هذا أنه لكي ينتقل من المحسوس إلى المعقول ، لابد أن ينطلق من ظواهر تقوم عليها الفروض ، ثم من هذه القوانين التي هي صورة الظواهر الحسية .وهذا ما يأخذنا في نهاية المطاف التأكيد على مشروعية الدفاع وبالتالي صحة أطروحتن




اريد بكالوريا بابرنامج القديم بلييييييييييييييييييييييي يييز




اسمح لي ابدي اعجابي بقلمك وتميزك واسلوبك الراقي وتالقك




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكم وسدد خطاكم وجعلكم من اهل الجنة

ننتظر منكم المزيد

ينقل للقسم المناسب




السلام عليكم
شكرا لك vertu على نقلك الرائع للمقالات من منتديات أخرى
وإن كانت هاته المقالات مكررة في المنتدى وكتبت من طرف صاحبتها منذ عام تقريبا
أنظري الرابط
أناه لكي تتأكدي
http://www.forum.educ40.net/showthread.php?t=6329

وعلينا عندما ننقل مقالات أو أعمال ليست من إنجازنا أن نقول العمل منقول للفائدة فقط

نريد أن تفيدوا المنتدى بشيء جديد و متميز

شكرا على المجهود رغم ذلك

الأستاذة عيسى فاطمة




جزاك الله خيرا