التصنيفات
رموز و شخصيات

الخضري وموقفه من المنطق

تمهيد:
لما كان علم المنطق من أهم العلوم على الإطلاق، لأنه مقدمة العلوم وبه يتدرب طالب العلم على استعمال عقله وفكره بشكل صحيح، ويتعلم كيف يميز بين الوهم والنظر، وقد نص أكابر العلماء على أهمية علم المنطق واعتبره المحققون مقدمة العلوم، فهو بين العلوم كالرياضيات بين العلوم الطبيعية الحديثة – صار من اللازم أن يتعلم طالب العلم هذا الفن ويتقنه.
ومن أحسن المتون المختصرة التي كتبها المتأخرون في المنطق، النظم المسمى بالسلم المرونق، وهو متن صغير الحجم ولكنه يحتوي على علم كبير، وقد اشتهر باهتمام العلماء به فأبينا أن نكتب عليه شرحا جديدا بأسلوب قريب إلى طلاب العلم، ليصير هذا الشرح معينا لهم على الغوص في كتب المتقدمين، وعاملا على فهمهم لكليات المنطق ويشجعهم على الغوص في مسائله فإن الأكثر من طلاب العلم يخافون الدخول فيه لصعوبته أو لصعوبة الكتب التي بين أيديهم، وأرجو من الله أن يكتب لهذا الشرح القبول، والرضا، وأن يجعله نافعا كما نفع بأصله. وهذا هو الشرح:
1- مقدمة الكتاب:
وبداية بالباب الأول الذي قال فيه الأخضري:
الحمد لله الذي قد أخرجا نتائج الفكر لأرباب الحجا
وحظ عنهم من سماء العقل كل حجاب من سحاب الجهل
حتى بدت لهم شموس المعرفة رأوا مخدرتها منكمشة
حمد حل على الأنعام بنعمة الإيمان والإسلام
من حضا بخير من قد أرسلا وخير من حاز المقامات العلى
محمد سيد كل مقتنى العربي الهاشمي المصطفى
صلى الله عليه مادام الحجا يخوض من بحر المعاني بحجا
وآله وصحبه ذو الهدى من شبهوا بأنجم في الاهتداء
نقول في هذا بدأ الأخضري كلامه بمقدمة ملائمة لعلم المنطق، حمد الله تعالى فيها بسبب إنعامه على الإنسان بنعمة العقل والفكر، فهي أكبر نعم الله تعالى على الخلق وبها تميز الإنسان عن غيره من الحيوانات وحمد الله تعالى أيضا على نعمة الإسلام والإيمان وإرسال الرسل، فذلك لا يجب أصلا على الله تعالى فعله، فهو أنعم بها على الناس تفضلا ولهذا يستحق الحمد والكر، ويستحق الله تعالى أيضا الحمد والشكر على أن أرسل إلينا أفضل البشر سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ودعا لآل النبي وصحبه فهم لذلك مستحقون . ويقول الأخضري: أفتحت هذه المأجوزة بالحمد افتداءا بالقرآن الكريم العظيم وبالنبي إذا كان يفعله في خطبه ولم روى عليه الصلاة والسلام أنه قال:" كل أمر ذي بال لا يبد أفيه بالحمد لله فهو أبتري" .
ثم ثنى المضف بذكر مقدمة عامة في فائدة علم المنطق ليقرب مفهومه إلى الأذهان فقال:
وبعد فالمنطق للجنان نسبته كالنحو للسان
فيعصم الأفكار عن غنى الخطأ وعن دقيق الفهم يكشف الخطا
فهناك من أصوله قواعد تجمع من فنونه فوائد
سميته بالسلم المرونق يرقى سماء علم المنطق
والله أرجو أن يكون خالصا لوجه الكريم ليس قالضا
وأن يكون نافعا للمبتدي به إلى المطولات يهتدي
فالجنان: القلب والعقل والمنطق: العلم المعروف، يصم: يحفظ ويصون والغي: الظلال، والخطأ ضد الصواب، ودقيق الفهم: أي الفهم الدقيق
والمعنى أن سبة علم المنطق للعقل مثل سنة النحو للسان، فكما يصون النحو اللسان عن الخطأ في الكلام، كذلك يحفظ المنطق العقل حين يفكر، والخطأ: وهو البعد عن الصواب: غي وظلال، فالمنطق يكشف الغطاء عن الفهم الدقيق والعلم المخبأ
حيث أن لها قواعد وأصول سيتم توضيحها في الفصول والأبواب القادمة.
ثم بعد ذلك يوضح ويبين لماذا أسماه بالسلم المرونق أي لهذا أسمي هذا النظم بالسلم المرونق أي المزخرف، يصعد به من يدرسه ويفهمه إلى أعلى مسائل علم المنطق، التي تشبه السماء في بعدها عن المنال والوصول إليها وأرجو الله تعالى أن يجعله خالصا لوجهه، بعيدا عن الرياء، ليس ناقصا: حسا ومعنى، وأن يكون نافعا لمن يبتدئ دراسته المنطق، حتى يهتدي به إلى كتب المنطق المطولات كالخبيصي والشمسية وغيرهما .
– تنبيه:
اشتملت أبيات الأخضري في هذا الباب إلى تعريف المنطق وفائدته وثمرته.
– تعريف المنطق: هو علم يبحث فيه عن المعلومات التصورية والتصديقية، من حيث أنها توصل إلى معرفة مجهول تصوري، أو توصل إلى مجهول تصديقي.
– موضوعه: عمة الذهن عن الخطأ في الفكر.
– ثمرته: القدرة على إقامة الحجج والبراهين، والدفاع عن العقائد الحقة فيفوز العبد بالسعادة الأبدية.
– واضعه: الفلاسفة الأقدمون، كأرسطو وغيره.
– إسمه: علم المنطق، علم الميزان، معيار العلوم.
– مسائله: قضايا متعلقة بالتعريفات، وبالأقيسة .
2- فصل في جواز الاشتغال به:
إن السبب الرئيسي في اعتراض بعض العلماء المسلمين على المنطق وهو أن مسائل علم المنطق كانت مخلوطة بالعقائد اليونانية، وعقائد الشعوب الأخرى، التي نقلت منها الكتب، ولذلك إهتم المصنف منا بالكلام على حكم علم المنطق وعلم حكم الاشتغال به، وبسبب اختلاف المسلمين فيه فقال:
والخلف في جواز الاشتغال به به على ثلاثة أقوال
فابن الصلاح والنواوي حرما وقال قوم ينبغي أن يعلما
والقولة المشهورة الصحيحة جوازه لسالم القريحة
ممارس السنة والكتاب ليهتدي به إلى الصواب
ذكر الأخضري في هذا الفصل حكم الاشتغال بعلم المنطق لكونه من المبادئ العشرة التي ينبغي لكل شارع في علم أن يقف عليها، ليكون على بصيرة فيها يشرع فيه، وقد استوفى مبادئ هذا الفن، شيخ مشايخ شيخنا وسيدنا سعيد قدورة في شرحه للمتن.
– فمنها الاسم وقد تقدم أن هذا العلم يسمى المنطق ويسمى معيار العلوم، وعلم الميزان، ومنها التعريف وقد تقدم التعريف بهذا العلم وهذا مجاوزة للتكرار وكذلك نسبه. أما اختلاف الاشتغال به فقد جاء على ثلاثة أقوال:
– الأول: المنع منه وبذلك قال النواوي وابن الصلاح
– الثاني: الجواز وبذلك قال جماعة ومنهم: الغزالي، قائلا: " من لم يعرفه لا ثقة بعلمه أي لا يأمن الذهول عنه عند الاحتياج إليه لعدم القواعد التي تضبطه .
– الثالث: وهو المشهور الصحيح التفضيل , فإن كان المشتغل ذي القريحة قوي الفطنة ممارسا للكتاب والسنة جاز الاشتغال به وإلا فلا .
وأعلم أن هذا الخلاف إنما هو بالنسبة للمنطق المشوب بكلام الفلاسفة الذي في طولع البيضاوي , وأما الخالص منها كمختصر السنوسي والشمسيه وهذا التأليف فلا خلاف في جواز الإشتغال به بل لا يبعد أن يكون الإشتغال به فرض كفاية, لتوقف معرفة دفع الشبه عليه , ومن المعلوم أن القيام به فرض كفاية والله أعلم .
3- أنواع العلم الحادث:
إدراك مفرد تصورا علم ودك نسبه بتصديق وسم
وقدم الأول عند الوضع لأنه مقدم بالطبع
والنظري ما أحتيج للتأمل وعكسه الضروري الجلي
وما به إلى تصور وصل يدعي يقول الشارح قلتبتهار
وما للتصديق به توصلا بحجة يعرف عند العقلا
وصف العلم بالحادث إخراج للعلم القديم إذ لا يوصف بضرورة ولأنظر والعلم معرفة المعلوم, ثم إنه ينقسم إلى: تصور وإلى تصديق, وكل منهما إلى ضروري وإلى نظري فالأقسام أربعة:
1- إذا كان معنى مفرد, فهو تصور, كإدراك معنى زيد.
2- إذا كان إدراك وقوع نسية, هو تصديق كإدراك وقوع القيام في قولنا: "زيد قائم", وهذا معنى قوله: إدراك مفرد, فريد قائم إشتمل على تصورات أربعة:
أ- تصور الموضوعي وهو"زبد".
ب- تصور المحمول وهو "قائم".
ج-وتصور النسبة وهو تعلم المحمول بالوضع.
د-تصور وقوعها
– فالتصور الرابع يسمى تصديقا, والثلاثة قبله شروط لها وهذا مذهب الحكماء.
ومذهب الإمام أن التصديق هو التصورات الأربعة, فيكون التصديق بسيطا على مذهب الحكماء, ومركبا على مذهب الإمام, والمصنف أي الأخضري فقد ماش على مذهب الحكماء, بتقدير مضاف في كلامه بين درك ونسبه وهو وقوع,ثم إنك إذا أردت أن تكتب التصور والتصديق, وتتعلمهما,أو تعلمهما, فالمراد بالوضع ما بشتمل ذلك,فقدم التصور على التصديق لأنه مقدم عليه طبعا, فيقدم وضعا , وهذا معنى قوله: وقدم الأول….
ثم بين أن النظري من كل من التصور والتصديق ما إحتاج إلى التأمل, والضروري عكسه, وهو ما لا يحتاج إلى ذلك, فالأقسام أربعة كما تقدم:
أ- مثال التصور الضروري, إدراك معنى لفظ الواحد تصف الاثنين.
ب- مثال التصور النظري, إدراك الواحد تصف سدس الإثني عشر.
جـ- مثال التصديق الضروري, إدراك وقوع النسبة في قولنا:الواحد تصف الإثنين.
د- مثال التصديق النظري, إدراك وقوع النسبة في قولنا: الواحد تصف سدس الإثني عشر
وبما تقرر علم انحصار العلوم في التصورات, والتصديقات, ولكل منهما مبادئ ومقاصد, فمبادئ التصورات الكليات الخمس, ومقاصدها القول الشارح, ومبادئ التصديقات القضايا وأحكامها, ومقاصدها القياس بأقسامه فانحصر فن المنطق في هذه الأبواب الأربعة.
وأما مبحث الدلالات, ومباحث الألفاظ, إنما ذكر في كتب المنطق لتوقف مبحث الكليات الخمسة عليه.
ومن نظر إلى أقسام القياس الخمسة عد الأبواب ثمانية، ومن عد معها مباحث الألفاظ مستقلا، كانت الأبواب عنده تسعة.
ثم إن المناطقة اصطلحوا على تسمية اللفظ المفاد به معنى مفرد"بالقول الشارح"، كالحيوان الناطق في تعريف الإنسان المتوصل به إلى معنى مفرد، وهو معنى الإنسان, وهذا معنى قوله: وما به إلى تصور …,واصطلحوا على تسمية اللفظ المفيد للتصديق "حجة" أي قياسا، كالعالم متغير وكل متغير حادث، المتوصل به إلى النتيجة وهي: العالم حادث وهذا لقوله وما لتصديق…
4- أنواع الدلالة الوضعية:
دلالة اللفظ على ما وافقه يدعونها دلالة المطابقة
وجزئية تضمنا وما فهو التزام إن بعقل التزم
أقول إن علم المنطق لا يتعلق بالألفاظ كما أوضعناه سابقا، بل هو يتعلق بالمعاني، وبكيفية الوصول إليها من حيث هي علوم ومطلوبات، ولكن مادامت الطريقة الأشهر بين البشر في توصل المعاني المكتسبة والمحصلة هي اللغات المكتوبة من الألفاظ والكلمات، فإن علماء المنطق وصفوا مقدمة في كتب المنطق يبينون فيها العلاقة بين الألفاظ والمعاني من حيث الدلالة، وذلك لأن الألفاظ مجرد دلالات على المعاني، وليست مولدة لها أصالة، فلذلك بحث العلماء في الألفاظ والمعاني من هذه الحيثية والهدف في بحثهم هذا هو ضبط العلاقة الدلالية بين الألفاظ والمعاني بحيث يتم التعبير بالشكل المطلوب والمطابق على ما يريدون بيانه.
1- تعريف الدلالة وأقسامها:
الدلالة بحسب تعريف المناطقة كون أمر بحيث يفهم منه أمر آخر، وهذا التعريف لا يشترط لتحقق الدلالة أن يفهم الأمر الثاني بالفعل من الأول، ولكن يشترط إمكانية الفهم، فلو لم يفهم لما انتفى مون الأول دالا والثاني مدلولا. والدال ينقسم إلى لفظ وغير لفظ. فاللفظ إما دال بالعقل كدلالة اللفظ على وجود اللافظ من وراء جدار، أو بالعادة كدلالة "أح أو أح" على وجه الصدر أو بالوضع كدلالة لفظ الأسد على الحيوان المفترس، وهذه الدلالة الوضعية هي المعبرة في المنطق، فلا يعتبر شيء من الدلالات الأخرى عند المناطقة.
أما غير اللفظ إما دال بالعقل كدلالة التغير على الحدوث أو بالعادة كدلالة المطر على النبات والحمرة على الخجل والصفرة على الوجه أو بالوضع كدلالة الإشارة باليد أو الرأس مثلا على معنى "نعم أو لا" .
2- الدلالة اللفظية: والدلالة الثابتة بين اللفظ والمعنى عي دلالة وضعية بمعنى أنها ليست دلالة عقلية ولا دلالة عادية، بل وضعية، ومعنى الوضع هنا هو أن إرادة عاقل مختار خصصت كل لفظ بما يدل عليه، وعقلنا في هذه الحالة ينتقل بين اللفظ والمعنى، فالعقل عندما يحضر عنده اللفظ إما أن يستحضر نفس المعنى الذي وضع اللفظ دالا عليه أو أن يستحضر لازم المعنى الموضوع عليه اللفظ، وقد ينتقل إلى جزء من هذا المعنى، فالدلالة الأولى تسمى دلالة مطابقة، والثانية لازمة، والثالثة تضمينية.
فدلالة اللفظ على المعنى الموضوع له بتمامه تسمى دلالة مطابقة ومثالها دلالة كلمة "أسد" على الحيوان المفترس المعروف، ودلالة كلمة "التمر" على الفاكهة المعروفة ودلالة الإنسان على "الحيوان الناطق"
أما دلالة اللفظ على الجزء معناه فإنها تسمى دلالة تضمن لأن المعنى المدلول عليه متضمن في الموضوع له مطابقة كدلالة الأسد على ذنبه، والتمر طعمه أو شكله ويلاحظ في هذه الدلالة أن العقل ينتقل فيها من ملاحظة الكل على الجزء ففيها حركة عقلية ما.
وأما دلالة اللفظ على المعنى لازم لمعناه الموضوع له مطابقة فإنها تسمى دلالة إلتزام كما تدل الأربعة على الزوجية، والعمى على البصر، لأن العمى هو عدم البصر، فإن استحضر الذهن مفهوم العمى وهو المدلول المطابق لكلمة العمى فإن الذهن ينتقل إلى مفهوم البصر مباشرة "وترتيب هذه الدلالات في القوة بحسب ترتيبها في البداية فالأولى أقواهاوهلم جرا" .
ملاحظة:
لا يشترط في التلازم العقلي أن يكون بين المعنيين تلازم في الخارج أيضا، بل الأمر في ذلك سواء، أي لو كان تلازم خارجي أيضا بينهما، أو لم يكن فلا إشكال، فمثال ما بينهما تلازم عند الذهن وفي الخارج الزوجية للأربعة ومثال ما بينهما تلازم في الخارج وتكن لا تحقق الملازمة في الذهن، السواد للغراب، فكل غراب في الخارج هو أسود ولكن لا يوجد تلازم عقلي للغراب مع الأسود لأنه يمكن توهم غراب أبيض .
أ- مباحث الألفاظ:
لقد ذكرنا قبل أن المناطقة لا علاقة لهم بالألفاظ، ولكن لما كانت المعاني لا يمكن عادة نقلها إلا بالألفاظ اهتموا بذكر بعض بقواعد المتعلقة بها والتي من المهم لدارس علم المنطق التنبه إليها ومعرفتها قال:
مستعمل الألفاظ حيث يوجد إما مركب وإما مفرد
فأول ما دل جزءه على جزء معناه يعكس مائلا
وهو على حتمين أعني المفردا كلي أو جزئي حيث وجد
فهم اشتراك الكلي كأسد وعكسه الجزئي
وأولا للذات إن فيها اندرج فأسنه أو لعارض إذا خرج
والكليات خمسة دون انتقاص جنس وفصل عرض نوع وخاص
وأول ثلاثة بلا شطط جنس قريب أو بعيد أو أوسط
إن اللفظ قسمان: مهمل كأسماء حروف الهجاء ومستعمل وهو قسمان:
مركب وهو ما دل جزءه على جزءه معناه تقييدي نحو الحيوان الناطق وهو المفيد في اكتساب التصور فهو في قوة المفرد، وجزئي في نحو زيد قائم
مفرد وهو عكس المركب أي ما لا يدل جزءه على جزء معناه كزيد قائم وهل، وهي أقسام المفرد الثلاثة لأنه إما أن لا يستقبل بالمفهومية كالحرف والأداة. وإلا فإن دل على زمن معين فالفعل وإلا فالاسم.
ثم المفرد إما كلي أو جزئي: فالكلي هو الذي لا يمنع تصور معناه من وقوع الشركة فيه سواء استحال وجوده في الخارج كاجتماع الضدين أو أمكن ولم يوجد كبحر من زئبق، وجبل من ياقوت، أو وجد منه واحد مع إمكان غيره كالشمس أو استحالته كالإله، أو كان كثيرا متناهيا كالإنسان أو غير منته كالعدد.
والجزئي ما يمنع نفس تصور معناه من وقوع الشركة فيه وسمي الحقيقي كزيد فإن ذاته يستحيل جعلها لغيره.
ثم الكلي إن كان من مندرجا في حقيقة جزئياته سمي ذاتيا كالحيوان بالنسبة لزيد وعمر مثلا إذ هو جزء حقيقتهما، وإن لم يندرج بل كان خارجا عن الحقيقة سمي عرضيا كالكاتب مثلا فإنه ليس له داخل في حقيقة زيد وعمر.
وأما ما كان عبارة عن مجموع الحقيقة فلا يسمى ذاتيا ولا عرضيا بل واسطة ونوعا كالإنسان فإنه عبارة عن مجموع الحيوانات الناطقة.
وقولنا مستعمل الألفاظ "البيت احترازا من المهمل، وأول في البيت القاني مبتدأ ونوع الابتداء بالنكرة وقوعه في معرض التفصيل ، وقولنا "جزء معناه" وهو بضم الزاي لغة في الجزء وبها قرئ قوله تعالى:" ثم اجعل على كل جبل منها جزءا" . وهي سبعيته. وقولنا "بعكس مائلا عائد ما محذوف لأنه متصل منصوب بفعل، وكلا أي تبع. و"جزئي" في البيت الثالث محذوف التنوين للضرورة، وقولنا في البيت الرابع "فهم اشترام" خبر مقدم على الكلي، وقولنا "وعكسه الجزئي" كذلك ويحتمل العكس. والأسد مثال للكثير المتناهي. وقولنا "وأولا للذات" البيت أولا منصوب على الاشتغال وهو الأرجح لكونه قبل فعل ذي طلب، والمعنى أنسب الأول، وهو الكلي للذات إن اندرج فيها أو للعرض إن لم يندرج فيها بل خرج. هذا بالنسبة للمؤلف.
أما أحمد الدمنهوري فقد شرحه في رسالة المنطق إيضاح المبهم من معاني السلم فشرحه باعتبار أن مراده بالأول الكلي في قوله كلي أو جزئي يعني أن الكلي إن كان داخلا في الذات بأن يكون جزءا من المعنى المدلول للفظ، يقال له كلي ذاتي كالحيوان الناطق بالنسبة إلى الإنسان وإن كان خارجا عن الذات بأن لم يكن كذلك سمي كليا عرضيا كالماشي والضاحك بالنسبة له، وإن كان عبارة عن الماهية كإنسان فهو ذاتي بناءا على أن الذاتي ما ليس بعرضي.

فالأول: سمي حبسا كالحيوان بالنسبة للإنسان.
والثاني: سمي فصلا كالناطق بالنسبة له، والكلي العرضي إما يكون مشتركا أو مختصا بها فإذا كان مشتركا بين الماهية وغيرها سمي عرضا عاما كالماشي بالنسبة للإنسان وإن كان خاصا بها سمي خاصة كالضاحك بالنسبة له، والكلي الذي هو عبارة عن نفس الماهية كالإنسان فإنه عبارة عن مجموع الحيوان الناطق يسمى نوعا .
أما بالنسبة في قوله في البيت: والكليات خمس دون انتقاص………
فإن الكليات جمع كلية، وصرح في هذا البيت بأسماء الكليات الخمس، وأنها محصورة في خمس وإن كان البيت الذي قبله تضمن جميعها منطوقا ومفهوما، لأن الكلي المندرج تحت حقيقة، إما أن يكون مشتركا بين حقائق مختلفة، أو مختصا بواحدة، "فالأول" هو الجنس ويقال فيه: الجزء الذاتي المشترك، الصادق على كثيرين مختلفين بالحقيقة، كالحيوان، فإنه مشترك بين الإنسان والفرس والطير وغيرها، وحقائقها الثلاث مختلفة ، و"الثاني" هو الفصل، ويقال له الجزء المختص وهو جزء الماهية الصادق عليها فقط، كالناطق بالنسبة إلى حقيقة الإنسان، وأما الكلي الخارج عن الماهية فإن كان أيضا مشتركا بين حقائق مختلفة كالجنس فهو "العرض العام" كالمتحرك والمتنفس، فإنه عام للإنسان وغيره، ويعرف بأنه: الكلي الخارج عن الماهية الصادقة عليها وعلى غيرها، وإذ لم يكن مشتركا فهو الخاصة وتعرف بأنها: الكلي الخارج عن الماهية الخاص بها كالضحك للإنسان، وأما الكلي الذي ليس بداخل في الحقيقة ولا خارج عنها، بل هو مجموعها، فهو النوع، ويعرف بأنه: الكلي الذي هو تمام الحقيقة، كالإنسان، فإنه إنما يصدق على حقيقة واحدة تامة بجنسها وفصلها وهي الحيوان الناطق .
وإن شئت قلت في النوع، هو ما يصدق على كثيرين متفقين في الحقيقة مختلفين بالعدد، أي أفراده مختلفة بالعوارض والتشخصات، ومتفقين بالحقيقة، فأفراد النوع أضاف له، كالذكر والأنثى من الإنسان، اتفقا في حقيقة الإنسانية واختلف بالعوارض، التي هي الذكورية والأنثورية بخلاف أفراد الجنس فإنها أنواع له، والاختلاف فيها، اختلاف بالحقيقة كاختلاف بين نوعي الإنسان والفرس، وقد تقدم، فالحاصل أن أقسام الشيء إن كانت مختلفة الحقائق فهي من تقسيم الجنس إلى أنواعه، وإن كانت مختلفة الحقيقة فهي من تقسيم الفرع إلى إضافة، فلو قسمت الحب مثلا إلى قمح وشعير فهو من تقسيم الجنس لأنواعه، وإن فسمت القمح مثلا إلى سمراء ومحموله لكان من تقسين النوع إلى إضافة فأعرفوا ذلك .
فالنوع قسمان: إضافي وحقيقي فالإضافي هو المندرج تحت الجنس كالإنسان فإنه كلي تحت الجسم، فكل كلي اندرج تحت جنس فوقه فيقال له: نوع إضافي، سواء صدق على متفقين في الحقيقة أو مختلفين، وأما الحقيقي فهو ما تقدم تعريفه من أنه المقول على كثيرين متفقين بالحقيقة، سواء كان مندرجا تحت جنس أولا، فبينه وبين الإضافي عموم وخصوص من وجه يجتمعان في النوع السافل المسمى: بنوع الأنواع، وهو الذي لا نوع تحته، وفوقه الأنواع الإضافية، كالإنسان فإنه نوع إضافي لإندراجه مع غيره تحت الحيوان، ونوع حقيقي لأنه ليس تحت جنس ولا نوع، إذ لا يقال إلا على أفراد متفقة الحقيقة والماهية، وإنما تحت الأشخاص كزيد وعمر ونحوهما، والإضافي كالعقلي والزنجي ونحوهما.
وينفرد الإضافي بالجنس السافل للحيوان، وكذلك كل جنس اندرج فيما فوقه فليس بحقيقي لأنه مقول على أفراد مختلفة، وينفرد الحقيقي بالنقطة والوحدة ونحوهما من البسائط لأن أشخاص النقط متماثلة، وكذا أشخاص الوحدات، فالنقطة شيء لا جزء له، ولا تنقسم لا حسا ولا عقلا ولذلك تندرج تحت جنس من الأجناس العالية، والوحدة مثل النقطة فهما ماهيتان بسيطتان، وكل واحد منهما نوع حقيق لهدف الحقيقي عليه، وهو أنه كلي حقيقي مقول على كثيرين متفقين بالحقيقة .
أما البيت الأخير من باب مباحث الألفاظ فقد شرحه عبد الرحيم فرج الجندي ورأى أنه لما كانت الماهية الواحدة يجوز أن يكون لها أجناس مختلفة بعضها فوق بعض، كما مر تمثيله وكانت التعريفات التامة يطلب لها القريب من الأجناس، دون البعيد منها، فإن التعريف به يكون ناقصا كما سيأتي أحتيج إلى معرفة قريب الأجناس، وبعيدها، ومتوسطها، وقد رتب القوم الكليات تسهيلا للمتعلم فوضعوا الإنسان ثم الحيوان، ثم الجسم النامي، ثم الجسم بالإطلاق، ثم الجوهر، فالإنسان نوع كما عرفت، والحيوان جنس لأنه الجزء المشترك بين الإنسان والفرس، وكذا الجسم النامي جنس للإنسان لأنه الجزء المشترك بين الإنسان والنبات، حتى لو سئل عنهما بما هو؟ كان الجواب بالجسم النامي، وكذا الجسم المطلق لأنه تمام الجزء المشترك بينه وبين الحجر مثلا، وكذا الجوهر تمام الماهية المشتركة بينه وبين العقل بناءا على جنسه الجوهر وأن العقل نوع له يقال فيه: أنه جوهر لطيف تدرك به المغيبات والمحسوسات، فالجوهر عند الفلاسفة ليس بجنس، وأن الجنس عندهم هو الهيولي والصورة لا الجوهر كذا في شبح الحلل .
ب- نسبة الألفاظ للمعاني:
يقول عبد الرحمان الأخضري في هذا:
ونسبة الألفاظ للمعاني خمسة أقسام بلا نقصان
تواطؤ تشاكك تخالف والإشتراك عكسه الترادف
يوضح الأخضري هنا ما قال ويقول: أعلم أن نسبة الكلي إلى معناه خمسة أقسام، وهي: التواطؤ والتشاكك والتخالف والاشتراك والترادف، لأنه إما أن تستوي أفراده فيه كالإنسان بالنسبة أفراده فمتواطئ لتوافق أفراد معناه فيه ومنه قوله تعالى:" ليواطؤا عدة ما حرم الله" .
وإما أن يكون بعض معانيه أقدم من البعض كالوجود فإن معناه في الواجب قبله في الممكن فشكل لتشكيكه الناظر أنه متواطئ نظرا إلى اشتراك جهة الأفراد في أصل المعنى أو غير متواطئ نظرا إلى جهة الاختلاف.
وإما أن يتعدد اللفظ والمعنى كالإنسان والفرس فمتباين أي أحد اللفظين مباين للآخر لتباين معناهما.
وإما أن يتحد المعنى دون اللفظ كالإنسان والبشر فترادف لترادفهما أي لتواليهما على معنى واحد.
وإما أن يتحد اللفظ دون المعنى كالعين فمشترك لاشتراك المعنى فيه .
ثم بعد ذلك يواصل عبد الرحمان الأخضري شرح نسبة الألفاظ إلى المعاني في البيتين الأخيرين من هذا الفصل والبيتين هما:

واللفظ إما طلب أو خبر وأول ثلاثة تذكر
أمر مع استعلاء وعكسه دعا وفي التساوي فالتماس وقعا.
يشرحه قوله ويقول:
أعني أن اللفظ المركب قسمان طلب وخبر والطلب إن كان فعلا كان مع الاستعلاء أمرا ومع الخضوع دعاء ومع التساوي التماسا، وإلا فإن لم يحتمل صدقا ولا كذبا كان تنبيها، وكل ذلك إنشاء ولا كلام للمناطقة في الإنشاء لأن الصدق والكذب لا يعرضان له ومدار خذهم عليهما، والخبر يحتمل الصدق والكذب لذاته .
أما فرح الجندي فإنه يشرحه فيرى أن اللفظ المركب ينقسم إلى قسمين: طلب وخبر
– فالخبر: هو ما يحتمل الصدق والكذب لذاته مثل: جاء زيد
– والطلب: هو ما لا يفهم مدلوله إلا بالنطق به – أو هو ما لا يحتمل الصدق والكذب لذاته ويدخل تحته أشياء: الأمر، النهي، الدعاء، الاستفهام، العرض، التمني، الترجي، التخصيص، النداء .
والطلب ينقسم إلى ثلاثة أقسام: فإن كان مع استعلاء وهو بإظهار الطالب العلو على المطلوب منه فهو أمر، وإذا كان الطلب لا مع الاستعلاء بل مع خضوع وإظهار الطالب الانخفاض عن المطلوب منه فإنه يسمى دعاء، وفي حال إظهار الطالب المساواة للمطلوب منه فهو التماس، والغرض من التقسيم بيان الخبر، لأن المنطقي لا يبحث إلا عن الخبر ولا يبحث له عن الطلب بأقسامه .
ج- بيان الكل والكلية والجزء والجزئية:
يقول:
الكل حكمنا على المجموع ككل ذاك ليس ذا وقوع
وحينما لكل فرد حكما فإنه كلية قد علما
والحكم للبعض هو الجزئية والجزء معرفته حيلته.
فالكل هو المجموع المحكوم عليه: كقولك: أخل الأزهر علماء إذ فيهم من لم يشم للعلوم رائحة والكلية الحكم على كل فرد كقولك: كل إنسان قابل للفهم.
والجزئية الحكم على بعض الأفراد، كقولك: بعض أهل الأزهر علماء، والجزء ما ترتب منه ومن غيره كل، كالمسمار والخيط للحصير، فكل منهما يقال له جزء والحصير كل .
وأشار المصنف بقوله:" ككل ذاك إلى حديث ذي اليدين المشهور لما قال للمصطفى: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال:" كل ذلك لم يكن" والتحقق أنه من باب الكلية لا الكل بدليل قوله للمصطفى: بل بعض ذلك قد كان .
د- المعرفات:
جاء في المتن:
معرفة على ثلاثة قسم حد ورسمي ولفظي علم
فالحد بالجنس وفصل وقعا والرسم بالجنس وخاصة معا
وناقص الحد بفصل أو معا جنس بعيد لا قريب وقعا
وناقص الرسم بخاصة فقط أو مع جنس أبعد قد ارتبط
ما بلفظي لديهم شهرا تبديل لفظ برديف أشهر
شرط كل أن يرى مطردا منعكسا وظاهرا لا أبعد
ولا مساويا ولا تجوزا بلا قرينة بها تحرزا
ولا بما يدري بمعدود ولا ولا مشترك من القرينة خلا
وعندهم من جملة المردود أن تدخل الأحكام في الحدود
ولا يجوز في الحدود ذكر أو وجائز في الرسم فأدر ما رووا.
يقول عبد الرحمان الأخضري في شرحه لهذا الفصل: أعلم أن مدار هذا الفن على العلم، إذ العلم تصور أو تصديق معه تصور ولا يتوصل إلى التصور إلا بالقول الشارح وهو الحدود، كما أنه لا يتوصل إلى التصديق إلا بالحجة وهي البراهين، ثم أن تلك الحدود والبراهين لها صورة ومادة وغاية، فمادتها معرفة الكليات الخمس وما يتعلق بها وتقدم الكلام عليها وغايتها معرفة المحدود.
وهنا ذكر الغزالي في كتابه المستضفى قولين: هل الحد عين المحدود أو خلافه؟ً ًوجعله القرافي لفظيا قائلا: هو غيره إن أريد به اللفظ وعينه إن أريد به المعنى، والمعرف للشيء هو الذي يلزم من تصوره أو امتيازه عن غيره، قال ولا يجوز أن يكون نفس الماهية لأن المعروف موجود قبل المعرف، والشيء لا يعرف قبل نفسه ولا أعم لقصوره عن إفادة التعريف ولا أخص لكونه أخص فهي مساوية في العموم والخصوص.
ويواصل الأخضري شرحه ويقول:
أعلم أن أم المعرف على ثلاثة أقسام: حقيقي ورسمي ولفظي، فالحقيقي قسمان: تام وناقص، ذكر الجنس القريب والفصل كالحيوان الناطق للإنسان، والناقص الفصل فقط: أو مع جنس بعيد وسمي هذا النوع حقيقيا لأنه مشتمل على الأوصاف الذاتية التي تركبت منها الحقيقة فنسب للحقيقة لهذا المعنى، فباختصار:
تام: جنس قريب + فصل الحيوان الناطق للإنسان
الحقيقي
الناقص: فصل فقط أو فصل + جنس بعيد الإنسان جسم ناطق
فبعد الحد نأتي للرسم فللرسم كذلك هناك تام وناقص:
– طريقة تأليف الرسم التام:
يمكن تأليف الرسم بأن نأتي بالجنس القريب والخاصة مجتمعين كما في قولنا: الإنسان حيوان ضاحك بالقوة، فالضحك للإنسان ليس من ماهيته ولكنه لازم عنها من أثرها.
ومعنى "الرسم" هو الأثر، فيمكننا أن نعرف الشيء بأثره اللازم عنه، المختص به، ولذلك سمي المناطقة هذه الطريقة بالرسم ومعنى التام عرفناه.
– طريقة تأليف الرسم الناقص:
لتأليف الرسم الناقص يمكننا استعمال الخاصة فقط، كقولنا في تعريف الإنسان: هو الضاحك أو نستعمل الخاصة من جنس بعيد، كقولنا في الإنسان: هو جسم ضاحك.
وأما التعريف اللفظي:
فهو تبديل لفظ خفي بلفظ مرادف أشهر عند المعرف له، كقولنا في تعريف البر: هو القمح، فإنه مرادف للبر أشهر منه لشهرة استعماله في ألسنة العامة والخاصة.
– شروط التعريف:
يشترط للحد والرسم شروط لكي تكون تعريفات صحيحة فإن المقصود من التعريف المعرفة الكافي لبناء المطلوب عليها، وهذه الشروط هي:
أولا: الاطراد يعني أن يكون الحد مطردا، ومفهوم الاطراد هو كلما وجد التعريف وجد المعرف، فيكون مانعا من دخول أفراد غير المعرف فيه، فلا يجوز تعريف الإنسان بالحيوان فقط لدخول غيره فيه، فليس بمانع .
ثانيا: الإنعكاس: يعني كلما وجد المعرف وجد التعريف، فيكون جامعا لأفراد المعرف لا يخرج عنه منها شيء، فلا يجوز تعريف الإنسان ب الحيوان الكاتب بالفعل لخروج أفراده من غير الكاتب عن هذا التعريف فليس بجامع.
ثالثا: أن يكون التعريف أظهر من المعرف وأوضح منه لا أخفى فلا يصح تعريف النار مثلا، بأنها جسم كالنفس لأن النفس أخفى من النار وكذلك لا يصح أن يكون التعريف مساويا للمعرف، لأن المساوي في الظهور والخفاء ليس بأوضح، فلا يقال مثلا في تعريف المتحرك، هو ما ليس بساكن
رابعا: لا يصح أن يكون التعريف مشتملا على كلمة مجازية إلا كانت تقترن معها قرينة بينه واضحة، فالقرينة تفيد في بيان المقصود، حتى وإن كانت مجازا بالنسبة لأصل استعمال الكلمة، فالمجاز مع القرينة حقيقة في محلها.
فلو عرفنا العالم بقولنا مثلا هو بحر يدخل الحمام، أو بحر يصلي ويصوم فهذا لا يصح لأنه لا يحتوي على قرينة بينة توضحه جاز كأن يقال البليد: حيوان ناهق يدخل الحمام.
خامسا: لا يجوز أن يدخل في التعريف ما لا يعرف إلا بنفس التعريف فهذا يؤدي إلى الدور فيمتنع.
ومثاله تعريف العلم بأنه معرفة المعلوم، مع أن المعلوم تتوقف معرفته على معرفة العلم لاشتقاقه منه، ويمكن أن يجاب ببعض الأجوبة عن ذلك، ولكنها غير متبادرة إلى الذهن وغير ظاهرة، والتعريف يجب أن يكون أوضح وأظهر من المعرف.
سادسا: لا يجوز استعمال لفظ بلا قرينة تعين المعنى المراد منه في التعريف لأنه يزيد التعريف خفاءا.
وذلك نحو تعريف الشمس بأنها عين، وربما يجوز في حال إرادة جمع المعاني فيه ولكن يبقى خفاء للخلاف في صحة استعمال اللفظ في معانيه المشتركة دفعة واحدة، وذلك كتعريف القضية بأنها قول يحتمل الصدق والكذب، مع أن القول المشترك بين الملفوظ والمعقول، لكن لما أريد كل منهما صح، والأصل التنبيه لذلك كما أشرنا
سابعا: لا يصح إدخال الأحكام في الحدود، والمقصود بالأحكام هي الصفات اللازمة عن الماهية.
كقولنا في تعريف الفاعل: هو الاسم المرفوع، فالرفع حكم من أحكام الفاعل، والحكم على الشيء متوقف على تصوره فإذا أخذنا الحكم جزءا في التعريف توقف المعرف عليه وحصل الدور الذي هو توقف كل من الشيئين على الآخر.
ثامنا: لا يجوز في الحدود ولا في الرسوم ذكر كلمة (أو) أو ما في معناها من التردد والتشكيك، وأما (أو) التي التقسيم فلا يجوز استعمالها في الحدود، لأن لكل قسم يوجد حد مختلف فإدراجهما في حد واحد غلط.
وأما استعمال (أو) التي للتقسيم في الرسوم فجائز، مثال ذلك قولهم في تعريف المعرف: هو ما يقتضي تصوره تصور المعرف أو امتيازه عن غيره .
وكخلاصة لهذا نجد أن الفرق بين الحقيقي والرسمي وهو ما تقدم من أن النوع الواحد لا يكون لع فصلان ولا يكون له خواص كثيرة، فيجوز في قولنا الحيوان الضاحك أو الكاتب، لا في الحيوان الناطق، ولا يجوز أيضا جعل جزء المحدود جنسا له كالعشرة خمسة وخمسة.
وبهذا يكون قد انتهي القسم الأول من التصورات المشتمل على مبادئ التصورات ومطالب التصورات.




شكرا جزيلا لك.




دائما مواضيعك مميزة بارك الله فيك
بارك الله بقولك وعملك الطيب جزاك الله عنا




بارك الله فيك أخي الفاضل على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




التصنيفات
مادة الفلسفة 2 ثانوي : باشراف الاستاذة أم يحيى

اريد تحليل نص حول قيمة المنطق سنة ثانية ثانوي

اريد تحليل نص حول قيمة المنطق

النص: فصناعة المنطق تعطى بالجملة فالقوانين التي من شانها ان تقوم العقل وتسدد الانسان نحو الصواب ونحو الحق في كل مايمكن ان يخلط فيه من المعقولات والقوانين التي تحفظه وتحوطه من الخطأ والزلل والغلط والخطأ بالقوانين التي يمتحن بها من المعقولات ما ليس يؤمن ان يكون قد غلط فيها غالط وذلك ان فيه المعقولات اشياء لايمكن ان يكون العقل غلط فيها وهي التي يجد فيها الانسان انه فطر على معرفتها واليقين بها مثل ان الكل اكبر من الجزء وان كل ثلاثة عدد فردي واشياء اخرى يمكن ان يغلط فيها الى ما ليس بحق وهي التي من شانها لم تدرك بفكر وتامل وعن قياس واستدلال.
ففي هذه دون تلك يضطر الانسان الذي يلتمس الوقوف على الحق واليقين في مطلباته كلها.




اين مشاركاتكم




استاذة الفلسفة متغيبة هذه الايام

ان شاء الله يساعدك الاخرون

بالتوفيق لك ان شاء الله

اختك هناء




ارجو من الاستاذة ام يحي اذا جات تحل النص




التصنيفات
مادة الفلسفة 3 ثانوي : باشراف الاساتذة أم يحيى

دروس المنطق الصوري فلسفة سنة ثالثة ثانوي

المنطق الصوري

التصــــــور و الحكم

أولاً: التصــــــور : وهـو إدراك المــاهيــــة مــن غير أن نحكــــم عليها بنفـــي أو إثبات أو هو الإدراك الخالي عن الحكم.

أي: بمعنى إدراك الذهـــن لمعنى المفـــــرد من غير تعــرض لإثبات شيء له ولا لنفيه عنه، فهو تصــور عقلي فقط مجرداً عن أي نسبة مضافة إليه صدقاً أو كذباً.

مثال ذلك: إدراك معنى الشمس أو الفرس أو الإنسان، أو إدراك معنى اللذة أو الألم، أو معنى المرارة، ومعنى الحلاوة، ونحو ذلك.

فالتصور: هو فهم المعنى المراد به ذلك المفرد كما في الأمثلة السابقة ونحوها دون تعرض لإثبات شيء له، ولا لنفيه عنه. وكأن صورة المفرد تنطبق في الذهن لإدراك المتصور لمعناها.

والإدراك في الاصطلاح: هو وصول النفس إلى المعنى بتمامه، فإن وصلت إليه لا تمامه فهو المسمى في الاصطلاح بالشعور.

ثانياً: التصديق(الحكم): هو أن تحكم عليه بالنفي أو الإثبات أو هو علم إدراك الماهية مع الحكم عليها بالنفي أو الإثبات أي إثبات أمر لأمر بالفعل، أو نفيه عنه بالفعل، وهو إدراك الذهن للعلاقة القائمة بين موضوع ومحمول على سبيل النفي أو الإثبات.

مثال ذلك: الكاتب إنسان.

فإدراك معنى الكاتب فقط: علم تصور.

وإدراك معنى الإنسان فقط: علم تصور.

وإدراك النسبة بين التصورين دون الحكم بوقوعها أو عدم وقوعها: علم تصور.

وأما التصديق: فهو إدراك وقوع النسبة بالفعل، وهو إدراك كون الإنسان كاتباً بالفعل.

ويلاحظ أن تسميته جاءت من أن التصديق إما جازم أو لا، والجازم إما بغير دليل – وهو التقليد – وإما بدليل؛ فهو إما أن يقبل متعلقه النقيض بوجه وهو الاعتقاد أولاً، وهو العلم إذن التصديق خبر، والخبر بالنظر إلى ذاته يحتمل التصديق والتكذيب، فسموه بأشرف الاحتمالين.

ويلاحظ أيضاً أن الوصول إلى التصديق لا بد فيه من أربع تصورات:

-تصور المحكوم عليه: وهو الموضوع.-تصور المحكوم به: وهو المحمول.

-تصور النسبة الحكمية من غير حكم بوقوعها أو عدم وقوعها.

تصور وقوع النسبة الحكمية بالفعل أو عدم وقوعها.

ويلاحظ أن الموضوع في اصطلاح المنطقيين هو المعروف في المعاني بالمسند إليه وفي النحو بالمبتدأ أو الفاعل أو نائب الفاعل.

والمحمول في اصطلاحهــــم هو المعروف في المعاني بالمسند، وفي النحو بالخبر أو الفعل، وإنما سمي الموضوع موضوعاً لأن المحمول صفة من صفات الموضوع أو فعل من أفعاله. والصفة لا بد لها من موصوف، والفعل لا بد له من فاعل.

فالأساس الذي وضع لإمكان إثبات الصفات أو نفيها هو المحكوم عليه. ولذا سمي موضوعاً كالأساس للبنيان، وســـمي الآخـــــر محمولاً لأنه كسقف البنيان لا بدله من أساس يبنى عليه.

مثال: لو قلت: (زيد عالم) أو (زيد ضارب)، فالعلم صفة زيد والضرب فعله، ولا يمكن أن توجد صفة بدون موصوف، ولا فعل بدون فاعل، فصار المحكوم عليه كأنه وضع أساساً للحكم فسمي موضوعاً، وسمي ما يسند إليه من صفات وأفعال محمولاً، لأنها لا تقوم بنفسها، فلا بد لها من أساس تحمل عليه.

ويلاحظ أن كلاً من التصور والتصديق ينقسم إلى بدهي وكسبي.

فالبدهي: هو ما لا يحتاج إدراكه إلى تأمل.

والكسبي: ما يحتاج إدراكه إلى التأمل.

فالتصور البدهي: كتصور معنى الواحد ومعنى الاثنين.

والتصديق البدهي: كإدراك أن الواحد نصف الاثنين، وأن الكل أكبر من الجزء.

والتصور الكسبي: مثّل له بعضهم بتصور الملائكة والجنة، ومن أمثلته: تشخيص الطبيب لعين المريض؛ فهو تصور له بعد بحث وتأمل ونظر.

والتصديق الكسبي: كقولك: الواحد نصف سدس الاثني عشر، وربع عشر الأربعين.

مباحث الألفاظ من حيث صلتها بالمعاني والدلالات

المباحث: جمع مبحث، وهم اسم مكان بمعنى مكان البحث، والبحث: هو الفحص والتفتيش عن الألفاظ من حيث التركيب والإفراد ونحو ذلك كالكلية والجزئية… الخ.

أولاً: تقسيم اللفظ من حيث الأفراد والتركيب:

الألفاظ الدالة على معان إما أن تكون مفردة أو مركبة:

اللفظ المفرد: وهو ما لا يقصد بجزئه الدلالة على جزء معناه أو: (ما لا يدل جزؤه على جزء معناه وينقسم إلى الأسماء والأفعال والحروف).

فإنه إن دل بذاته دلالة مطلقة مجردة عن الزمان فهو الاسم، وإن دل بذاته دلالة مقترنة بأحد الأزمنة الثلاثة فهو الفعل، وإن توقفت دلالته على اقترانه بغيره فهو الحرف.

اللفظ المركب: (وهو ما قصد بجزء اللفظ الدلالة على جزء المعنى والمركب هو: (ما يدل جزئه على جزء معناه دلالة مقصودة خالصة. فخرج بقولهم: (ما دل جزؤه) ما لا جزء له أصلاً كباء الجر ولامه، وماله جزء لا دلالة له على شيء كبعض حروف زيد.

وخرج بقولهم: (على جزء معناه): ما له جزء وله دلالة؛ ولكن لا على جزء معناه كأبكم، فإن نصف الأول وهو (الأب) يدل على ذات متصف بالأبوة، ونصفه الأخير وهو (كم) يدل على سؤال عن عدد، ولكن ليس واحدٌ منهما يدل على جزء المعنى المقصود بالأبكم.

وخرج بقولهم: (مقصودة) العلم الإضافي؛ كعبد الله، فإن جزءه الأول يدل على العبد، والثاني يدل على الخالق جل وعلا، ولكن هذه الدلالة ليست مقصودة؛ لأن المقصود جعل اللفظين علماً للشخص معيناً له عن غيره من الأشخاص.

وخرج بقولهم: (خالصة): ما لو قصد في تسمية الإنسان بعبد الله مثلاً أنه متصف بالعبودية لله، فإن دلالة جزء اللفظ على جزء المعنى حينئذ مقصودة لكنها غير خالصة من شائبة العلمية.

ثانياً: تقسيم اللفظ من حيث عموم المعنى وخصوصه:

تنقسم الألفاظ من حيث ما تدل عليه من المعاني إلى نوعين:

أصلي الدلالة:

وهو ما كان مستعملاً للدلالة على المعاني التي وضعت لها في الأصل.

ومثاله: لفظ الأسد حين يطلق على الحيوان المعروف، والغالب لهذا النوع من الأسماء أن يدل على المعنى الواحد باسم واحد، فإن دل على المعنى الواحد بأسماء كثيرة فإنها تسمى مترادفة، وذلك كدلالة الليث والأسد والغضنفر على نفس الحيوان المعروف

مغير الدلالة:

وتغير الدلالة إما أن يكون على سبيل النقل أو على سبيل المجاز والاستعارة أو على سبيل الاشتقاق.

واللفظ سواء كان مستعملاً في معناه الأصلي أو في غيره ينقسم بحسب عموم المعنى وخصوصه إلى قسمين

القسم الأول: جزئي:

"وهو ما يمنع تصور معناه من وقوع الشركة فيه فالذهن حين يتصوره لا يستطيع أن يجعل دلالته لأكثر من واحد.

مثاله: زيد وغيره من أسماء الأعلام والمدن والجبال ونحوها، فمعنى كل منها خاص به فحسب.

القسم الثاني: كلي:

"وهو ما لا يمنع تصور معناه من وقوع الشركة فيه فالذهن يصح له من مجرد تصوره أن يجعل معناه صادقاً على الكثيرين.

مثاله: الإنسان والحيوان والشجر ونحوها من كل ما يصح أن يصدق معناه على الكثيرين.

ويلاحظ أن الكلي ينقسم باعتبار استواء معناه في أفراده وتفاوته فيها إلى متواطئ ومشكك.

فالمتواطئ: (وهو اتحاد المعنى في أفراد) وهو أي أفراده:- (هي التي تدل على أعيان متعددة بمعنى واحد مشترك بينها وقيل: هو الكلي الذي استوى أفراده في معناه.

مثاله: الإنسان والرجل والمرأة.

فإن حقيقة الإنسانية والذكورة والأنوثة مستوية في جميع الأفراد، وإنما التفاضل بينها بأمور أُخر زائدة على مطلق الماهية.

والمشكك: (هو ما اختلف في أفراده بالشدة والضعف وقيل: هو الكلي الذي تتفاوت أفراده في معناه بالقوة والضعف

مثاله: النور والبياض.

فالنور في الشمس أقوى منه في السراج والبياض في الثلج أقوى منه في العاج.

ويلاحظ أيضاً أن الكلي ينقسم باعتبار تعدد مسماه وعدم تعدده إلى مشترك ومنفرد:

فالمشترك: (هو ما اتحد منه اللفظ وتعدد المعنى وقيل: (اللفظ الواحد الذي يطلق على موجودات مختلفة بالحد والحقيقة إطلاقاً متساوياً

مثال: العين للباصرة والجارية، والقرء للطهر والحيض.

والمنفرد: أن يكون للكلي مسمى واحد.

مثال: الإنسان والحيوان ونحو ذلك.

فالحقيقة الذهنية التي هي مسمى اللفظ واحدة، وإنما التعدد في الأفراد الخارجية.

وينقسم الكلي أيضاً باعتبار وجود أفراده في الخارج وعدم وجودها فيه إلى ستة أقسام:

كلي لم يوجد من أفراده فرد واحد في الخارج مع أن وجود فرد منها مستحيل عقلاً.

مثاله: الجمع بين الضدين.

كلي لم يوجد من أفراده فرد واحد في الخارج مع جواز وجوده عقلاً.

مثاله: بحر من زئبق وجبل من ياقوت.

كلي وجد منه فرد واحد مع استحالة وجود غيره من الأفراد عقلاً.

مثاله: الإله الحق خالق كل شيء ورب كل شيء والقادر على كل شيء.

كلي وجد منه فرد واحد مع جواز وجود غيره من الأفراد عقلاً. هذا ما أثبت وجوده العلماء اليوم.

مثاله: الشمس.

كلي وجدت منه أفراد كثيرة ولكنها متناهية.

مثاله: الإنسان والحيوان.

كلي وجدت منه أفراد كثيرة وغير متناهية.

مثاله: العدد

ثالثاً: النظر إلى اللفظ بحسب دلالته على المعنى:

يعرف هذا البحث عند المناطقة باسم مبحث الدلالة، والمقصود عندهم منه هو دلالة اللفظ وضعاً.

والوضع في الاصطلاح: هو تعيين أمر للدلالة على أمر، وهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام: المطابقة والتضمن والالتزام.

دلالة المطابقة:

وهي دلالة اللفظ على تمام المعنى الموضوع له اللفظ

مثاله: دلالة الرجل على الإنسان الذكر، ودلالة المرأة على الإنسان الأنثى.

دلالة التضمن:

(وهي دلالـة اللفـــظ على جزء من أجزاء المعنى المتــضمن لــه) ولا تكون إلا في المعاني المركبة.

مثاله: دلالة لفظ إنسان على الحيوان أو على الناطق ودلالة البيت على الجدران أو على السقف.

دلالة الإلتزام:

(وهي دلالة اللفظ على أمر خارج عن المعنى لازم له لزوماً ذهنياً بحيث يلزم من فهم المعنى المطابقي فهم ذلك الخارج اللازم

مثاله: دلالة الأربعة على الزوجية، والزوجية في الاصطلاح: هي الانقسام إلى متساويين، ودلالة لفظ السقف على الجدار.

ويلاحظ أن هذا النوع من الدلالة يشترط فيه وضوح اللزوم الذهني بين اللفظ وما يلازمه.

رابعاً: تقسيم الألفاظ بحسب علاقة معانيها بالماهيات:

اللفظ الكلي ينقسم بحسب وظيفة معناه في تحديد ماهية الشيء الموصوف به إلى قسمين:

كلي ذاتي: (أن يكون داخلها في الذات بأن يكون جزءاً من المعنى المدلول للفظه وهو يكون معناه جزءاً أساسياً من ذات الموصوف به، أي: أن معناه يعتبر مقوماً له وجزءاً من حقيقته وجوهره، ويشمل الجنس والنوع والفصل؛ كالحيوان الناطق بالنسبة للإنسان.

كلي عرضي: (أن يكون خارجاً عن الذات بأن لم يكن جزء من المعنى المدلول للفظه وهو الذي يمثل معناه صفة عارضة لذات الموصوف، أي ليس عنصراً تلتئم منه ذاتيته، وإنما هو عارض له بعد تقويمه، وشمل العرض الخاص (الخاصة) والعرض العام. كالماشي والضاحك بالنسبة للإنسان.

وبهذا نصل إلى الكلام عن الكليات الخمس:

الجنس والنوع والفصل والعرض الخاص والعرض العام. والتي تمثل مبادئ التصورات، وهي وأمثلتها موضوع المبحث التالي.

التصورات

مبادئ التصورات

سبق أن تبين أن اللفظ الكلي ينقسم بحسب وظيفة معناه في تحديد ماهية الشيء الموصوف إلى قسمين:

الذاتي: (هو الذي يدخل في حقيقة جزئياته كالحيوان بالنسبة للإنسان وهو الذي يمثل معناه صفة عارضة لذات الموصوف، وهو ما يمثل الجواب عن السؤال بلفظة "أي" التي يسأل بها عن ما يميز المسئول عنه، ويفصله عما يشاركه ذاتياً كان أو عرضياً، والجواب ينحصر إما في العرض الخاص، أو العرض العام.

وبذلك يصل البحث إلى الكليات الخمس التي هي أقسام الذاتي والعرض، وتفصيلها على النحو التالي:

الجنس:

المقصود بالجنس عند أهل المنطق: قول كلي يقال على كثيرين مختلفين في الحقيقة يقع في جواب ما هو أو هو المحمول على كثيرين مختلفين بالنوع من طريق ما هو. أو هو جزء الماهية الذي هو أعم منها لصدقه عليها وعلى غيرها.

مثاله: لفظ الحيوان.

فإنه يطلق على الإنسان والفرس والثور، فإن حقيقة كل من الإنسان والفرس والثور تختلف عن الآخر، ولكن يجمعها كلها أنها تندرج تحت كلمة حيوان لأنه جنسها.

ويلاحظ أن الحيوان-في هذا المثال- هو جزء من ماهية الإنسان لأن الإنسان- على قول أهل المنطق- مركب من حيوان ناطق فالحيوان جزء ماهيته الصادق بها، وكذلك الفرس والثور ونحوها.

– النوع:

قول كلي يقال على كثيرين متفقين في الحقيقة مختلفين في العدد واقع في جواب ما هو، وهو ما يترتب تحت الجنس، أو هو الكلي الذي هو تمام ماهية أفراده.

مثاله: زيد وعمرو وبكر وخالد وهند. فقولك: ما هو زيد؟ وما هو عمرو؟ وما هو بكر؟ وما هو خالد؟ وما هي هند؟ الكلمة التي تحمل على الجميع هي النوع؟ فجواب ذلك أن تقول: الإنسان لأنه القدر المشترك بين الأفراد. فالإنسان نوع، فهم متفقون في الحقيقة الإنسانية ولكن يختلف كل شخص منهم عن الآخر. ويلاحظ أن كلاً من الجنس والنوع يقع في جواب"ما هو" غير أن الجنس يطلق على كثيرين مختلفين في الحقيقة، والنوع يطلق على كثرين متفقين في الحقيقة؛ فالجنس أعم من النوع لأنه يشتمل على أنواع كثيرة.

ويلاحظ أيضاً أن الجنس قد يكون نوعاً لجنس أعلى منه مثل الحيوان "نوع" بالنسبة للجسم "جنساً"، فإن الجسم أعم من الحيوان حيث يشتمل عليه وعلى غيره كالجمادات ونحوها، وهذا الاعتبار يكون الجنس نوعاً لما هو أعلى منه وجنساً لما هو أخص منه، فإن الحيوان جنس للإنسان والفرس ونوع للجسم، وهكذا حتى ينتهي الأمر في الارتقاء وإلـــى جنس واحــد لا جنس فوقه، يسمى جنس الأجناس، وينتهي الأمر في الانحطاط إلى نـوع لا نوع بعده يسمى نوع الأنواع. كيف يعتبر أصغر الأنواع نوع الأنواع؟ وإنما الذي يعتبر أكبرها هو نوع الأنواع.

الفصل: وهو القسم الثالث للذاتي:

وهو كلي مقول على كثيرين متفقين بالحقيقة في جواب أي شيء هو في ذاته فهو يمثل صفة أو صفات ذاتية تفصل نوعاً عن غره من الأنواع المشتركة معه في جنس واحد، وذلك كلفظ الناطق الذي يحمل على الإنسان فيفصله عن الفرس والثور اللذين يشتركان معه في الجنس وهو الحيوانية.

ويلاحظ أن الفصل بالنسبة للنوع مقوم له، وبالنسبة للجنس مقسم له؛ فالناطق

في المثال السابق داخل في تعريف الإنسان الذي هو النوع مقوم له، وفي نفس الوقت قسم من أقسام الجنس الذي هو الحيوان.

ويلاحظ أن هذه الأقسام الثلاثة من الكليات من قبيل الذاتي.

العرض الخاص (الخاصة):

كلى خارج عن الماهية مختص بها، وعى خاصا لأنه يختص بنوع واحد فقط من أنواع الجنس ويميزه عن غيره من الأنواع الأخرى

مثل: ضاحك بالنسبة لنوع الإنسان؛ فإنه يميزه عن بقية أنواع جنسه كالفرس والثور مثـلا، وســــواء وجدت صفة الضحك في كل أفراد الإنسان أم لا فإنها تميز الإنسان عن غيره وتختص به هو، وكذلك صفة الكاتب والقارئ مع أنها تختص ببعض أفراد النوع- إذ ليس كل إنسان قارئاً أو كاتبا- فإنها خاصة به دون غيره.

العرض العام:

هو الكلي الخارج عن الماهية الشامل لها ولغيرها، وعي عاما لأنه يعم أكثر في نوع واحد سواء وصفت به جملة النوع كصفة البياض بالنسبة للقطن والثلج واللبن، أو وصفت به بعض أشخاص النوع كالحركة بالنسبة للنبات والفرس والإنسان.

ويلاحظ أن معنى لفظ العرض انه ليس جزءاً في الحقيقة ولكنه من لوازم النوع.

وبهذا القدر المختصر من الكلام عن الكليات الخمس ينتهي الكلام عن مبادئ التصورات ويأتي الكلام عن مقاصد التصورات وهي والحدود والتي تعتبر الكليات الخمس بمثابة الأساس لها.

مقاصد التصورات (التعريفات)

مقاصد التصورات هي التعريفات والحدود. وأهل المنطق يعتبرون مبحث التعريف بالحد والقياس البرهاني لب المنطق وجوهره، وما عدا هذين -أعني ما أصبح مشهوراً باسم القياس المنطقي والحد الأرسطي- فهو نوع متفرع عنهما أو مكمل لهما.

ويراد من التعريف للشيء، أن يكون ذلك التعريف جامعاً لجميع أفراد ذلك الشيء بحيث لا يخرج عنه فرد، وأن يكون مانعاً لكل ما سواها من الدخول فيها.

ويلاحظ أن التعريف للشيء يقوم على:

إدراج النوع تحت جنسه، سواء كان الجنس القريب أو البعيد.

تم تمييزه بصفة جوهرية فيه أو بخاصة من خواصه.

والتعريف ينقسم إلى قسمين:

التعريف بالحد والتعريف بالرسم.

وتفصيل الكلام فيهما على النحو التالي:

أولاً: التعريف بالحد:

المراد بالحد عند أهل اللغة هو المنع أو الفصل بين شيء وآخر. والمراد بالحد عند أهل المنطق هو: (القول الدال على ماهية الشيء وإنما يكون القول دالاً على ماهية الشيء إذا كان يجمع صفاته الذاتية واللازمة على وجه يتم به تحديده وتمييزه عن غيره، وسمي الحد حداً لأنه يمنع أفراد المحدود من الخروج، ويمنع غيرها من الدخول.

والتعريف بالحد ينقسم إلى ما يكون بالحد التام وما يكون بالحد الناقص، وتفصيل ذلك كالآتي:

أولاً: الحد التام:

هو ما يتركب من الجنس والفصل القريبين كتعريف الإنسان بالحيوان الناطق أي تعريف الماهية بذكر المقومات الذاتية المشتركة (الجنس) والمقومات الذاتية الخاصة (الفصل) أو على وجه الدقة يقال للتعريف بالحد التام: هو ما يكون بالجنس القريب والفصل.

مثال ذلك: تعريف الإنسان بأنه حيوان ناطق.

فالجنس القريب: وهو مقومه الذاتي المشترك فيه مع غيره (حيوان).

والفصل: وهو مقومه الذاتي الخاص به ال

مميز له عن غيره (ناطق).




الفلسفة دارتلنا أزمة ربي يستر من النتائج……. من المفروض العلميين ما يديرولهمش فلسفة تكفينا الفيزياء..؟؟




التصنيفات
مادة الفلسفة 3 ثانوي : باشراف الاساتذة أم يحيى

ساعدوني.ماهي محاسن و مساوء المنطق الصوري

ساعدوني في عثور على الإجابة

ماهي محاسن و مساوء المنطق الصوري