التصنيفات
اسلاميات عامة

غربة الإسلام وفضل الغرباء .


غربة الإسلام وفضل الغرباء…


وقول الله تعالى: (فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم) هود: 116 الآية وعن أبي هريرة مرفوعاً: (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء) رواه مسلم ورواه أحمد من حديث ابن مسعود فيه: من الغرباء؟ قال: (النزاع من القبائل والذين يصلحون إذ فسد الناس) .
وللترمذي من حديث كثير بن عبد الله عن أبية عن جده (فطوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي) .
وعن أبي أمية قال: سألت أبا ثعلبة كيف تقول في هذه الآية؟ (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) المائدة: 105 قال: أما والله لقد سألت عنها خبيراً، سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال(بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيتم شحا مطاعاً وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك، ودع عنك العوام، فإن من ورائكم أياماً الصابر فيهن مثل القابض على الجمر، للعامل فيهن أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم قلنا: منا أم منهم؟ قال: بل منكم) رواه أبو داود والترمذي.
وروى ابن وضاح معناه من حديث ابن عمر ولفظه: (إن من بعدكم أياما للصابر فيها المتمسك بدينه مثل ما أنتم عليه اليوم، له أجر خمسين منكم ثم قال: أنبأنا محمد بن سعيد، أنبأنا أسد، قال سفيان بن عيينة: عن البصري، عن سعيد أخي الحين يرفعه قال: (إنكم اليوم على بينة من ربكم، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتجاهدون في سبيل الله، ولم يظهر فيكم السكرتان: سكرة الجهل، وسكرة حب العيش، وستحولون عن ذلك، فالمتمسك يومئذ بالكتاب والسنة له أجر خمسين) قيل: منهم؟ قال : (بل منكم) وله بإسناد عن المعافري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (طوبى للغرباء، الذين يتمسكون بالكتاب حين يترك، ويعملون بالسنة حين تطفأ) .


من كتاب فضل الاسلام للامام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله




السلام عليكم و رحمة الله و بركآآته
بارك الله فيك




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحسن الله إليكم و نفع بكم الإسلام و المسلمين




وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

اللهم آمين واياكم

جعلني الله واياكم من الغرباء




التصنيفات
اسلاميات عامة

عشرون نصيحة لطالب العلم الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي حفظه الله

عشرون نصيحة لطالب العلم

الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي حفظه الله

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله لا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً أما بعد :
فكلمتي ( نصائح لطلاب العلم وطالبات العلم ولجميع المسلمين ) ، فإن الله يقول : (( والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )) ، فالتواصي بالحق مما يجب على المسلمين أن يتواصوا به ، وهذه النصائح يحتاجها كل مسلمة ومسلمة ولا سيما طلاب العلم وطالبات العلم .

النصيحة الأولى : الإخلاص ، إخلاص العمل لله وإخلاص النية لله ، وأنت يا طالب العلم في طلب العلم ما أحوجنا جميعاً إلى الإخلاص أن تبتغي بعلمك وجه الله وأن تبتغي بعملك وعباداتك ودعوتك وجه الله سبحانه وتعالى ، فالله يقول : (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء )) ، ويقول سبحانه : (( فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً )) ، والرسول يقول عليه الصلاة والسلام : ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئٍ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) متفق عليه عن عمر رضي الله عنه ، وتعرفون حديث أبي هريرة الذي رواه الإمام مسلم : ( أول من تسعر بهم النار والعياذ بالله من النار ثلاثة : ـ وهم كما تعملون ـ العالم الذي لم يبتغي بعلمه وجه الله ، والقارئ الذي لم يبتغي بقراءته وجه الله ـ ويدخل في ذلك الطالب الذي لم يبتغي بطلبه العلم وجه الله ـ والمجاهد الذي لم يبتغي بجهاده وجه الله ، وكذا المنفق الذي لم يبتغي بنفقته وجه الله ) . أول ما تُسعر بهم النار ويُسحبون سحباً على وجوههم حتى يُقذفون بالنار والذي فاتهم هو الإخلاص وإلا فالعمل بحسب الظاهر عملاً صالح ، فشرط الظاهر تَيسر وشرط الباطن الذي هو الإخلاص لله لم يتيسر ، فكانوا أول النار دخولاً إلى النار سحباً على وجوههم عياذاً بالله في ذلك ، فالله الله علينا جميعاً بالإخلاص ، يا طالب العلم إذا أردت أن يرفعك الله في الدنيا والآخرة فأخلص النية لله في طلبك للعلم ، فإن الإمام البخاري رحمة الله عليه حين ألف كتابه < الجامع الصحيح > بدأ بكتاب بدء الوحي وبدأ بحديث ( إنما الأعمال بالنيات ) لينبه طلاب العلم والعلماء على إخلاص النية لله ، وأن العمل إذا لم يكن خالصاً لوجه الله وإلا كان مردوداً على صاحبه ، وهكذا فعل الإمام النووي رحمة الله عليه في < رياض الصالحين > وفي كتابه < الأذكار > وفي كتابه < الأربعين النووية > ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئٍ ما نوى ) ، وكذلك فعل المقدسي رحمة الله عليه في كتابه < عمدة الأحكام > بدأ بحديث عمر ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئٍ ما نوى ) ، وكذلك فعل البيحاني رحمة الله عليه في كتابه < إصلاح المجتمع > بدأ بحديث ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئٍ ما نوى ) ، وغيرهم وغيرهم تنبيهاً لطالب العلم الذي وفقه الله لسلوك العلم بأن يُجرد النية لله ، وبأن يخلص العمل لله سبحانه وتعالى ، فقد قال الله عز وجل في الحديث القدسي الذي رواه الإمام مسلم في < صحيحه > عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( قال الله عز وجل : أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ) ، فأحذر من الرياء وأحذر من السمعة وأحذر من حب الظهور وابتغي بعملك وجه الله سبحانه وتعالى ، وإذا أخلصت النية لله فأبشر بقبول العمل وأبشر أيضاً بعِظم المثوبة عليك ، فإن العمل إذا لم يكن خالصاً لوجه الله لو أنفقت مثل جبل أحد ذهباً رياءً وسمعة يجعله الله هباءً منثوراً وهو مثل جبل أحد أو أعظم من ذلك ، كما قال الله : (( وقدمنا إلى ما عملوا من عملٍ فجعلناه هباءً منثوراً )) ، وإذا تصدقت ولو بنصف تمرة تبتغي بها وجه الله يُربيها الله لك حتى تكون يوم القيامة مثل جبل أحد ، فقليل العمل مع الإخلاص عظيم عند الله وكثير العمل بدون إخلاص لا شيء يكون هباءً منثوراً .
هذه الوصية الأولى لطالب العلم وطالبة العلم وللعالم ولداعي إلى الله ولكل مسلم ، ونسأل الله عز وجل أن يرزقنا جميعاً الإخلاص في القول والعمل .


الوصية الثانية لطالب العلم وطالبة العلم ولكل مسلم : أن نحذر من المعاصي ، أحذر يا طالب العلم من المعصية فربما كانت سبباً في ظلمة قلبك ، وفي ظلمة القبر ، وفي ظلمة الوجه ، وفي العيشة النكدة الظنكى ، المعصية هي حرب الشيطان للمؤمنين يُحارب الشيطان المؤمنين بالمعاصي ، لأنه يعلم أن من عصى فقد غوى ، كما قال الله : (( فعصى آدم ربه فغوى )) ، ومن عصى فقد ضل ، ومن عصى فقد عَرض نفسه لعقوبة الله عاجلاً أو آجلاً ، فأحذر المعاصي أحذرها على نفسك أشد مما تحذر على نفسك الحية والثعبان والتماس الكهرباء ، فكم من إنسان أظلم قلبه بسبب المعاصي فما استطاع أن يحفظ ولا استطاع أن يقرأ ولم يجد لذةً لا للقراءة لا للحفظ و ولا للصلاة في جماعة لظلمةٍ في قلبه حالت بينه وبين ما يريد ، فأنت إذا فعلت المعصية فقد أعنت الشيطان على تحطيم نفسك فاستقم كما قال الله : (( فاستقم كما أمرت ومن تاب معك )) استقم وتمسك بالكتاب وبالسنة وأعمل بما تعلم ، أعمل بما تعلمت حتى يُبارك الله لك في علمك وفي عملك وفي عمرك وفي أقوالك وفي أفعالك ، يقول الشافعي رحمة الله عليه :
شكوت إلى وكيعٍ سوء حفظي فأرشدي إلى ترك المعاصي
وقال أعلم بأن العلم نورٌ ونور الله لا يأتاه لعاصي
فكم حاول من محاول أن يطلب العلم وأن يحفظ فما استطاع ، والسبب في ذلك المعاصي ، فالطاعة نور للقلب يَنجلي بها ، والمعصية ظلمة على القلب والعياذ بالله ، فالله الله في الابتعاد عن المعاصي ، وعليك بالإكثار من الاستغفار ، اكثر من الاستغفار لعل الله أن يغفر لك ، وأكثر من الدعاء والتضرع إلى الله بأن يثبتك الله على دينه وعلى كتابه وسنة نبيه محمد صلوات الله وسلامه عليه ، وراجع < الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ) للإمام العلامة ابن القيم رحمة الله عليه ، وانظر كم من مخاطر تأتيك من قِبل المعصية .

الوصية الثالثة لطالب العلم ولطالبات العلم وللعالم والداعي إلى الله : أن نحذر من الدنيا ، يا طالب العلم أحذر الدنيا ، أحذر حب الدنيا ، وأحذر أن يتعلق قلبك بها ، فإن القلب إذا تعلق بالدنيا وبحب الدنيا وبحب المال سرعان ما ينخدع ويُضحي بالعلم في سبيل الدنيا الفانية الملعونة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( الدنيا ملعونة ملعون ما فيها ، إلا ذكر الله وما والاه وعالماً أو متعلماً ) رواه الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه ، بل الله سبحانه وتعالى يقول : (( يا أيها الناس إن وعد الله حقٌ فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور )) قال : )) فلا تغرنكم الحياة الدنيا )) أي لا تغتروا بها ، والرسول يقول صلوات الله وسلامه عليه : ( اتقوا الدنيا واتقوا النساء ) رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، اتقوا الدنيا واتقوا النساء ، أحذروا الدنيا أحذروا الدنيا ولا تتعلق قلوبكم بها ، ليس معنى أنك لا تأكل ولا تشرب ولا تبع ولا تشتري لا بد لك من هذه الأمور ، لكن أحذر أن يتعلق القلب بحبها ، وأحذر أن تنغمس فيها ، فكم من إنسان انغمس فيها فضيع دينه إلا من رحم الله ، وجاء أيضاً في سنن ابن ماجه بإسنادٍ حسن من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونحن نتذاكر الفقر ونتخوفه ، فقال : ( آلفقر تخشون ، والذي نفسي بيده لتصبن عليكم الدنيا صباً حتى لا يزبغ قلب أحدكم إزاعةً غلا هي ، وأيم الله لقد تركتم على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء ) فقال أبو الدرداء رضي الله عنه : نعم والله تركنا والله على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء ، فانتبه انتبه أن تتعلق بالدنيا فإن من تعلق بها زاغ قلبه ، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( حتى لا يزيغ قلب أحدكم إزاغةً إلا هي ) ، وهكذا يقول عليه الصلاة والسلام : ( ما الفقر أخشى عليكم ، ولكن أخشى عليكم الدنيا ) وقال أيضاً : ( لا الشرك أخشى عليكم ، ولكن يخشى علينا زهرة الحياة الدنيا ) حديثان في البخاري وغيره ، فكن على حذر فإنه لا يجتمع في قلب امرئ حب العلم وحب الدنيا ، فإما أن يغلب هذا على هذا أو هذا على هذا ، وإذا غلب حب الدنيا على قلبك تركت العلم وضيعت نفسك ، وكم من أناس ضاعوا وقد كانوا طلبة علم ومنهم من كان قد استكمل حفظ القرآن ، ومنهم من حفظ من الأحاديث الشيء الكثير والكثير ، ثم تعلقت قلوبهم بالدنيا فضاعوا وأضاعوا .

النصيحة الرابعة لطالب العلم وطالبة العلم وللعالم والداعي إلى الله : أن يحذر من الكبر فإن الشيطان إذا عَجز عن صرفك عن طلب العلم ما استطاع ربما آتاك من الباب الآخر ونفخ فيك روح الكبر ، وقال : أنت عالم وأنت زاهد وأنت صالح وأنت قارئ أو طالب علم وانظر إلى زملائك أين هم منك لا يسوون أصبع من أصابع يديك أو رجليك ، وأعطاك من هذا الثناء والإطراء والمدح ، فإذا بك تنخدع ويكون في هذه الحالة قد قضى عليك وأهلكك إلا أن يشاء الله أن يتغمدك برحمته فقد قال الرسول صلوات الله وسلامه عليه : ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ) مثقال ذرة من كبر ، فقال رجلٌ : يا رسول الله إن أحدنا يحب أن يكون نعله حسناً ، وثوبه حسناً أي فهل هذا من الكبر ؟ ، فقال عليه الصلاة والسلام : ( إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق ، وغمط الناس ) رواه مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، فبين الرسول عليه الصلاة والسلام ما هو الكبر بشيئين : بطر الحق أي دفعه وعدم قبوله ، وغمط الناس أي احتقار الناس ، هذا هو الكبر ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ) إذاً كلما أراد الشيطان أن ينفخ فيك روح الكبر والفخر والإعجاب بالنفس فتذكر أنت لا شيء ، قد سُبقت بعلماء كالجبال وما أنت إلا حصاد ، وقد سُبقت بعبادٍ وزاهدين وصالحين عُظماء ، وما أنت إلا شعرة في ظهر أحدهم ، وخاصةً حين تقرأ في سير الصحابة وسير الصالحين وسير الأنبياء ، وحين تقرأ أيضاً عن الملائكة عليهم السلام تجد نفسك لا شيء من حيث العبادة ، وأيضاً إذا قرأت في سير العلماء تجد نفسك لا شيء في العلم ، فأحذر يا أخي الطالب بارك الله فيك وفي علمك وكذلك أنتِ أيتها الطالبة بارك الله فيكِ وفي علمكِ ، علينا جميعاً أن نحذر من مداخل الشيطان التي يُغرقنا بها إن عجز من هذا الباب أتى من الباب الثاني ، إن عجز من أن يدخل عليك من الباب دخل عليك من النافذة حاول بكل ما يستطيع أن يضلك ضلالاً مبيناً وبعيداً وأن يُغويك ، فكن على حذر من كل المداخل ، وتذكر قول الله : (( والذين جاهدوا فينا لنهد ينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين )) جاهد نفسك في ذات الله ، ومهما كان صوتك جميلاً فمن الذي أعطاك الصوت الحسن ؟ أليس هو الله ؟ من الذي أعطاك الشعر الحسن ؟ أليس هو الله ؟ من الذي أعطاك اللون الحسن ؟ أليس هو الله ؟ من الذي أعطاك العقل والذكاء ؟ أليس هو الله ؟ من الذي أعطاك الحفظ والذاكرة ؟ أليس هو الله ؟ الجواب : بلى ، فإذاً تفتخر بأي شيء ؟ تفتخر بشيء ليس هو منك وإنما هو من الله أما تتقي الله في نفسك ، أما تعلم أن الله سبحانه وتعالى إذا أراد أن يأخذ ما أعطاك أخذه ، فإنه لا يُسئل عما يفعل وهم يُسألون ، أخبرني رجلٌ عن شخصٍ وقد رأيت ذلك الشخص ، قال : كان ذاك الرجل ذا شعرٍ جميل وكان يتفاخر به ، قال : وبعد فترة ما نشعر إلا وشعر بدنه بكامله تساقط الذي على رأسه الذي على وجه والذي في يديه كل الجسم حتى الذي على حاجبيه ، فرأيته في الحالة الثانية لا شعر وهو يعرفه في الحالة الأولى والثانية ، والذي أخبرني ثقة والله يفعل ما يشاء ، (( لا يُسئل عما يفعل وهم يُسألون )) انظر لما تفاخر بشعره الوسيم الجميل وما حمد الله وما شكره وما تواضع وما أدى شكر هذه النعمة ، وكأنه هو الذي خلق هذا الشعر أستغفر الله كيف سلب الله منه هذه النعمة ، وهكذا الذاكرة إن تفاخرت فما تشعر إلا وقد سلب منك الذاكرة والعقل والذكاء والحفظ والفطنة ، فتصبح بليد من أرذل الناس في البلادة فتواضع لله وأعمل بكتاب الله وبسنة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه .

الوصية الخامسة : الاهتمام بالعبادة ، يا طالب العلم يا طالبة العلم يا أيها العالم يا أيها الداعي إلى الله ، أحذر هذا المدخل أن يدخل عليك الشيطان منه وهو إهمال العبادة بدعوى أنك مشغول بالحفظ والمذاكرة والمراجعة في النحو في المصطلح في الحديث في المواريث في الفقه في الأصول إلى غير ذلك انتبه ، العلم يدعو إلى العمل الصالح ، والعلم يدعو إلى العبادة ، والعلم يدعو إلى التقوى ، والعلم يدعو إلى الاستقامة ، والعلم يدعو إلى التواضع ، فإذا لم تنتفع أنت بعلمك فكيف تريد من الناس أن ينتفعوا بعلمك وأنت مضيع لصلاة الضحى ، وقد تضيع صلاة الوتر وقد لا تهتم بالرواتب القبلية والبعدية في الصلوات المكتوبة ، وقد لا تهتم بالأذكار أذكار الصباح والمساء ، وقد لا تهتم بالصيام النوافل ، وقد لا تهتم بالدعاء والتضرع ، فالعلم الذي أنتفع به صاحبه هو الذي أثمر العمل وأثمر العبادة ، فهو كثير الاستغفار وكثير التهليل وكثير التكبير التسبيح وهو محافظ على صلاة الضحى على صلاة الوتر وقيام الليل محافظ على صيام النوافل ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ، يُنفق مما أعطاه الله من علمٍ أو مالٍ أو وقتٍ ويبتغي بذلك وجه الله ، يعمل بعلمه يصبر يحلم يعفو يصفح أنتفع بعلمه قبل أن ينتفع الناس بعلمه ، فبدأ بنفسه قبل أن يبدأ بالناس فأنتبه عليك بالعبادة ، إذا أردت أن يُوفقك الله وأن يثبتك وأن يُسددك فأحرص على الطاعة وعلى العبادة ، حافظ على الصف الأول بدون مضايقة ، حافظ على صلاة الضحى صلاة الإشراق صلاة الاستخارة إذا دعت الحاجة ، حافظ على صلاة قيام الليل وعلى صوم النوافل ، قال عليه الصلاة والسلام : ( من صام رمضان ثم اتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر ) رواه مسلم عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه ، وتعرفون أيضاً حث الرسول عليه الصلاة والسلام على صيام يوم عرفة وأنه يكفر ذنوب سنتين سنة ماضية وسنة مستقبلة ، وحث على صيام تاسوعا وعاشورا وأن صوم عاشورا يكفر الله به ذنوب سنة ، إلى غير ذلك من نوافل الطاعات ونوافل العبادات ، أنت أحق بها من غيرك تتعلم وتعمل كلما مررت بآية أو بحديث حاول على أن تعمل بهذه الآية أو بهذا الحديث إن كان في باب العقيدة تعتقد وإن كان من باب الوجوب تعمل وإن كان من باب فضائل الأعمال فأحرص ، وإن كان من باب المحرم فأبتعد عنه وإن كان من باب الكراهة فتنزه عنه وهكذا .

الوصية السادسة : الفتوى ، يا طالب العلم ويا طالبة العلم التسرع بالفتوى ليس بالأمر الهين ، الفتوى لأهل العلم للعلماء الراسخين بالعلم البارزين ، أما أن يقوم الطالب في مسجد من المساجد وهو طالب ويلقي نصيحة طيبة جزاه الله خيراً ، ثم يقول للناس من كان عنده أسئلة فبعد صلاة العشاء إن شاء الله نجيب على الأسئلة ، ألا ترون أن هذه مهزلة وأن هذا يعتبر حطاً من قدر العلم ومن قدر العلماء ، طالب ما قد أجاز له العلماء بالفتوى ، أما لو كان من المتمكنين ومن المستفيدين قد أجاز له شيخه أجاز له أن يفتي هذا شيء آخر يستثنى من ذلك ، لكن شيخه ما أجاز له أن يفتي الناس ، فكلما ألقى كلمةً في أي مسجد قال : والإجابة على الأسئلة بعد صلاة العشاء ، سواءً هو يقول أم من حوله ، فعلى طلبة العلم أن يتقوا الله في أنفسهم وأن يعلموا أن أمر الفتوى ليس بالأمر الهين ، الله يقول : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) وأهل الذكر هم أهل العلم ، وهم أهل الفقه في الدين ، وكيف كان سلفنا الصالح رحمة الله عليهم كانوا يتدافعون الفتوى من شخصٍ إلى آخر ، يأتي السائل إلى أحدهم يستفتيه فيقول : أذهب عند فلان ، فيذهب عند فلان فيقول له : أذهب عند فلان ومن واحد إلى واحد كل واحد خائف على نفسه من أن يفتي بغير علم ، والله يقول : (( ولا تقفُ ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً )) ، ويقول سبحانه : (( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلالٌ وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاعٌ قليل ولهم عذابٌ أليم )) ، ويقول سبحانه : (( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والأثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )) فيعتبر القول على الله من غير علم من أكبر الكبائر ، ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كما في مقدمة < سنن الدارمي > قال : من أفتى الناس بكل شيء فهو مجنون ، وتعلمون قصة ذلك الرجل الذي أتى إلى الإمام مالك رحمة الله عليه من مكان بعيد فسأله عن أربعين مسألة فأجابه عن ثلاث ، فقال : أنت الإمام مالك الذي ذاع صيتك وشاع وقد جئتك من مكان بعيد بأربعين مسألة تفتيني بثلاث ؟ ، قال : أصعد على جبل سلع وقل للناس أتيت من مكانٍ بعيد إلى مالك بأربعين مسألة فما أجابني إلا بثلاث أو كما قال رحمه الله ، طالب علم يتجرأ على الفتوى قلة أدب والله وقلة خوف من الله وقلة خشية من الله ، ما يفتي إلا العالم ، أو من أجاز له العالم بعد الاختبار بعد اختباره إذا أجاز له لا بأس ، وإلا يُحيل ويقول : أذهب إلى العالم أنا لست بعالم ، فإن شاء الله تتنبهوا لهذا الوصايا ولهذه النصائح التي هي في صالح الجميع إن شاء الله ، ولا بأس أن تعطي السائل رقم التلفون للعالم وتقول : أسأل الشيخ فلان هذا التلفون ، وإذا عرفت حكم المسألة فلا بأس أن تدله على الكتاب أو على الشريط على إنها فتوى للعالم ، إذا كنت قد وقفت على فتوى لعالم فتقول الشيخ الفلاني في الكتاب الفلاني أو في الشريط الفلاني أجاب عن هذه المسألة فتحيله على مليء على عالم ، أما أنك أنت تقوم تفتي الناس هذا مع وجود العلماء وكيف بعد موتهم ، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يُبقي عالماً أتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علمٍ فأضَلوا وأَضلوا ) متفق عليه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما .

الوصية السابعة : هي عدم التسرع في فتح المراكز ، يا طالب العلم إياك والتسرع في فتح المراكز ، تتعلم عند شيخ من المشايخ فترة ثم تطمع في أن تبرز كما برز هذا الشيخ قبل أن تتمكن من العلم قبل أن يُجيزك الشيخ بذلك ، فما يشعر إلا وقيل فلان فتح مركز بالمكان الفلاني في القرية الفلانية في الحي الفلاني في المسجد الفلاني وعنده طلاب وحوله الناس و الشباب وهم حوله يا شيخ يا شيخ يا شيخ وهو طالب ، هذا أمرٌ لا تظنوا أنه يُبشر بخير ، هذا يُنذر بشر لأن هذه المراكز لا بد لها من علماء يُسيرون الدعوة ويفتون الناس في القضايا الهامة ، ويُصلحون بين الناس وهم على هدى وهم على نور ، أما طالب ولد ولد ويفتح مركز فهذا إذا لم يظهر خطره الآن سيظهر بعد الآن بل قد ظهر خطره الآن أي نعم ، ويعرف هذا من تجول في الدعوة إلى الله وعرف أحوال الناس يعرف هذا ، فالله الله اثبتوا عند شيخكم يا طلبة العلم وإياكم والانقطاع عن طلب العلم ، ثم إياكم والتسرع بفتح المراكز احذروا ، إلا أن يكون أستأذن شهر من شيخه كبير أهل بلده في رمضان مثلاً أو في غيره ، تقول يا شيخ هل أنا أهل إلى أن أصلي بالناس صلاة التراويح ويحدثهم بما أستطيع فإن قال نعم فذاك ، فترة ثم تعود شهر نصف شهر عشرين يوم بما فتح الله عليك إن أجازك أن تمكث هذه الفترة داعي إلى الله لا بأس هو أخبر بك ثم تعود ، لا تنقطع عن أبيك فالعالم يعتبر أباً روحياً لا تنقطع عن طلب العلم إلا إذا رأى الشيخ أنك تستحق أن تفتح مركزاً ، فكل شيخ هو أدرى بطلابه وعليه أن يحتاط ، أنصح المشايخ أن يحتاطوا في مثل هذه الأمور وأن لا يتسرعوا حتى الشيخ أيضاً لا يتسرع ، فلا بأس أن يقول الشيخ لتلميذه أذهب إلى المكان الفلاني وعلم الناس الكتاب والسنة بما يفتح الله عليك لمدة كذا يربطه بمدة شهرين ثلاثة أربعة ستة أشهر من أجل لا يظن هذا الطالب أنه خلاص استقل فإذا انتهت المدة تعود إن شاء الله إلينا وننظر غيرك يواصل لهم الفوائد وأنت تَعود لطلب العلم ، ويقول له : إياك والفتوى بغير علم إلا فيما قد عَرف الحق والصواب فيه لأن هذا قد صار الآن مكلف من قِبل الشيخ بالذهاب بخلاف من ذهب من ذات نفسه ، وما أشكل عليك فارفعه إلينا أكتب في ذلك رسالة وأرسل بها إلينا حتى لا تنقل الفتوى بغير حق ، ففتح المراكز من جاء فتح هذا نذير بشر إلا مركز فُتح بأمر من الشيخ ، فهذا يُبشر بخير ، أما من جاء فتح نذير بشر ويعتبرون الذين يفتحون مراكز بدون أستاذان من مشايخهم يعتبرون قطاع طريق يقطعون الطريق بين الشباب وبين طلبة العلم وبين أهل العلم ، سواءً قال : لماذا تذهب هاهو المركز بجانب بيتك أو لم يقل هذا لكن هذا هو المراد ، فقد يأتي الكسل لذلك الطالب فيقول : أنا أذهب إلى المكان البعيد عن الشيخ الفلاني وقد في فلان الفلاني قد فتح دروساً فيكون سبب في قطع الطريق وسبب في تثبيط الناس عن طلب العلم .

الوصية الثامنة : الجرح والتعديل ، يا طالب العلم ليس لك أن تجرح وأن تُعدل لا في إخوانك ولا في غيرهم ، فإن الجرح والتعديل من فروض الكفاية وليس من فروض العين إذا قام به البعض سقط الإثم عن الآخرين وهو من وظائف أهل العلم الراسخين في العلم ، انتبهوا لهذه المكيدة الشيطانية التي أبعدت ووسعت الشقة بين الأمة وبين العالم والعامة حين من جاء تكلم ، العالم إذا تتكلم يتكلم بعلم ويتعلم بسداد إن شاء الله ويعرف متى يقول ومتى يسكت وإذا قال ماذا يقول ، أما الطالب والعامي ومن جاء جرح وعدل ويصبح حديث القوم في مجالسهم فلان كذا وفلان كذا هذه فوضى علمية لسنا راضين عنها ولا عن من يقوم بها ممن لم يُأهل لذلك ، فليتقِ الله طلبة العلم وليكونوا بارين بمشايخهم مطيعين فإن الله أمر بطاعة العلماء كما قال سبحانه : (( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسن تأويلاً )) وأولوا الأمر هم العلماء والأمراء ، فالعلماء يجب على العامة وعلى طلبة العلم أن يُطيعوهم في حدود كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، وطاعة العالم أوجب عليك من طاعة أبيك فاتقِ الله يا طالب العلم ، ولا تشوه بمنبر العلماء عند العامة ، بما تثرثره في تلك المجالس من القيل والقال والطعن في الأعراض والتجريح في المسلمين فلست أهلاً لذلك ، إلا من أُجيز من أهل العلم بأن فلان أهل بأن يفتي أو أهل لأن يدعو أو أهل لأن يُجرح ويُعدل ، أما من جاء تكلم وتصبح المسألة فوضى بلا ثبات بلا سداد بلا صواب وهذا هو الحاصل ، وأنا والله أخشى على أهل العلم إن لم يتنبهوا لهذه الأمور وإن لم يُحيطوا طلابهم بالنصح أخشى عليهم من عقاب الله ، وأيما طالب لا يلتزم بالنصائح والتوجيهات التي لا تخالف الكتاب ولا السنة فإنه يُضرب إن لم يلتزم إذا كان يبقى يثرثر في الجرح والتعديل أو يفتي الناس بغير علم ويحاول أن يُظهر نفسه بمظهر العلماء مثل هذا وجوده وبال على المجتمع ، لأن ضرره سيكون أكبر وإذا تُرك على هذه الحالة ربما تطور في الضلال وأفسد أكثر مما يصلح ، فإن شاء الله المشايخ وعلى رأسهم فضيلة الشيخ الوالد الشيخ مقبل حفظه الله علينا جميعاً أن نتنبه لهذا وعليه بوجه الخصوص أن يتنبه لهذا حتى تُحزم الأمور ويسود المجتمع الأمن والأمان والاستقرار والهدوء والدعوة بعلم وببصيرة من كتاب الله ومن سنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، وكما أن الطالب يُمنع من الجرح والتعديل يُمنع نثراً كذلك يُمنع شعراً فلا يقولُ الشعر جرحاً وتعديلاً ولا يقول النثر جرحاً وتعديلاً ، حسبك يا طالب العلم أن تطلب العلم وكثر الله خيرك أنك طالب علم ، وكثر الله خير الشيخ أنه قَبل طلبة العلم ويعلمهم قال الله وقال الرسول عليه الصلاة والسلام ، فإنها ربما كان سبب كان سبباً لانقطاعك عن طلب العلم .

الوصية التاسعة : عدم الرجوع إلى العلماء ، يا سبحان الله هذه ظاهرة خبيثة منتنة أن الطالب وأن الطالبة يكتفي بنفسه في الفتاوى وبغيرها وكأنه لا يلزمه أن يعود إلى العلماء في للاستشارة وللسؤال وللتفقه يتعلم شيئاً قليلاً من العلم ثم يرى نفسه ابن حجر الثاني أو ابن تيميه عصره أو الإمام الذهبي وربما نظر إلى شيخه أيضاً بأنه شيخ معلوماته محدودة يا سبحان الله نعوذ بالله من الغرور ونعوذ بالله من الكبر والظلم ، تنظر إلى شيخك الذي له الفضل بعد الله في تعليمك وكأنه ابن لهيعة عبد الله بن لهيعة وأنت الليث بن سعد ، أو رشدين بن سعد وأنت علي بن المديني ، هذا والله مرض والله مرض ، أنا ما أقل كلكم والحمد لله فيكم ناس نسأل الله أن يُوفقهم وأن يُبارك فيهم لكن قد يدخل قد يحصل من البعض وقد يكون هذا المرض ما هو من ذات نفسه الشيطان أوقعه فيه وهو ما عنده الحصانة حتى يتنبه للمكائد والخطط الشيطانية ، فإذا رأى نفسه أتقن شيئاً وأحسن شيئاً من الفنون بعضهم يحتقر حتى شيخه ، أما احتقاره لزملائه فحدث ولا حرج يراهم عصافير وكتاكيت إلا من رحم الله ، وهذا هو العلم وهذه هي الثمرة التي نحن نريدها ؟ أنك حفظت مسألةً فرأيت من حولك كأنهم ذر أو نمل اتقِ الله في نفسك ، كلما أزداد المؤمن علماً كلما أزداد تواضعاً وقال : أيش عندي من أنا إلى فلان وفلان هذا هو الصحيح كلما أزدت من العلم والإيمان والصلاح والاستقامة والتمسك كلما ترى نفسك صغيراً ، الشيخ ابن باز رحمة الله عليه في العام الماضي وأنا موجود في الدرس في مكة وهو يفتي الناس رحمه الله قبل أن يموت في حياته بفتي الناس جاء إليه سؤال في ورقة ، يا شيخ أنا من سكان مكة يقول السائل هكذا أنا من سكن مكة ولي بيت وما أشعر إلا ودخل بيتي مجموعة من النحل وتراكم في بيتي فما عرفت ماذا أصنع فيه هل أخرجه من بيتي وهي في الحرم ومن دخل الحرم كان آمناً وإلا كيف أصنع أنا محتار أجيبوني أثابكم الله ؟ يقدم هذا السؤال لرئيس العلماء رحمة الله عليه ، وأنا في أتم الانتباه ماذا سيجيب هذا الشيخ الفاضل عن هذا السؤال ، وإذا به يقول رحمه الله : تُبحث هذه المسألة تبحث خلوها على جنب هكذا بالمكرفون ، انظروا على تواضع هذا هو العلم رئيس العلماء بل رئيس كبار العلماء يأتيه هذا السؤال وفي آخر حياته وليس في شبابه في آخر حياته والإنسان كلما طال عمره كلما زاد علمه ، ومع ذلك من تواضعه رحمة الله عليه ما تسرع في الإجابة قدام الناس في مكة المكرمة والناس ملتفون يريدون إجابة والمسألة نحل دخل بيته بيت هذا الرجل قال : تُدرس إن شاء الله ، هذه إن شاء الله ذكرى لنا جميعاً فأحذر يا أخي أن تستقل بنفسك والله مرض والله مرض وتأكدوا أن الذي يستقل بنفسه ما هي إلا فترة وإذا به ينحط ويصبح في مصاف العوام إلا أن يُوفقه الله ويعرف لأهل العلم فضلهم وقدرهم ويعود إليهم ويسألهم ويستشيرهم وإلا تأكدوا أنه سينحط سينحط .

الوصية العاشرة : عدم الجدل ، الوصية العاشرة لطالب العلم ولطالبة العلم عدم الجدل ، يا طالب العلم إذا فتحت على نفسك هذه المسألة الجدال مع الزملاء وإظهار العضلات وأنك أنت صاحب العلم وصاحب الباع الطويل فقد فتحت على نفسك باب مرضٍ وباب فتنة ، وكذلك أنتِ يا أيتها الطالبة إذا لم يَترك الطالب الجدل وإلا فهو على خطر ، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( ما ضل قوم بعد هدىً كانوا عليه إلا اُتوا الجدل ، ثم قرأ : (( ما ضربوه لك إلا جدلاً بل هم قومٌ خصِمون )) ) رواه الترمذي وغيره من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه ، وأذكر زميلاً من زملائي في بداية الدراسة قبل تقريباً أربعة أو خمس وعشرين سنة ونحن في مدينة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان كثير الجدل ، وربما جادل من بعد صلاة العشاء إلى آخر الليل ثم كانت النتيجة أنه انتكس ، نتيجة الجدل وعدم حفظ الوقت وعدم الإكثار من الاستغفار والتسبيح والتهليل وقيام الليل وعدم التأسي بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام ، الرسول ما كان يُجادل صلوات الله وسلامه عليه ، كانت النتيجة أنه انتكس ، لما ذهب النبي عليه الصلاة والسلام إلى بيت فاطمة وعلي رضي الله عنهما يُقضهما لصلاة الليل طرق الباب عليهما وقال : ( ألا تصليان ) أي صلاة الليل فقال علي رضي الله عنه من الداخل : يا رسول الله إنما نفوسنا بيد الله يطلبها متى شاء ، رجع النبي عليه الصلاة والسلام وهو يضرب فخذيه ويقول : ( وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدلاً ، وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدلاً ) ورجع ، ما قال : يا علي أيش أنا ما أعرف هذا الكلام الذي أنت تقوله أنت تعلمني وإلا أنا الذي علمتك رجع ويقرأ الآية ، واعتبر أن هذا الرد من علي جدالاً وقرأ عليه الآية وهو ماشي سمعه علي من الداخل وهو يضرب فخذيه ويقول ويقرأ : (( وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدلاً )) ، فيا طالب العلم إياك والجدل ابتعد عنه فإنه يُوغر الصدور ويجلب الأحقاد والبغضاء في القلوب تقول بما تعرف وتقول لزميلك بما تعرف ، فإن قال لا تقول : الشيخ موجود أسأله أنا وإلا أنت إن شاء الله وقت الظهر إذا خرج أو العصر والفائدة لنا جميعاً واقطع باب الجدال ، قال عليه الصلاة والسلام : ( إذا اختلفتم بالقرآن فقوموا ) متفق عليه ، يعني أنتم تقرءون في حلقة وقال واحد : الآية هذه كذا والثاني قال لا هي كذا ، قال : ( اقرءوا القرآن فإذا اختلفتم عنه فقوموا ) لا تجلسوا اقطع باب الجدال ، فانتبه يا طالب العلم لا جدال ، تحفظ وقتك وتبقى المودة بينك وبين زميلك والحمد لله أنتم بين يدي عالم من علماء المسلمين ومن الراسخين في العلم إن شاء الله تسألونه والفائدة للجميع .

الوصية الحادية عشرة : الزهد والورع ، يا طالب العلم كن زاهداً وكن ورعاً ولا تكن طماعاً فإنك إن فتحت على رأسك هذا الباب باب الطمع والهلع والجشع فقد فتحت على نفسك باب فتنة أيُ والله كما قال الله : (( إنما أموالكم وأولادكم فتنة )) وكما قال الرسول عليه الصلاة السلام : ( إن لكل أمةٍ فتنة وفتنة أمتي المال ) ، والله يقول : (( كلا إن الإنسان ليطغى * أن رءاه استغنى )) ، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يقول : ( اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ) رواه مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه ، والعفاف والغنى غنى النفس القناعة فأحذر الطمع فكم من إنسان جره الطمع فترك طلب العلم ، وبعضهم جره الطمع وترك العبادة والطاعة ، فكن قانعاً راضياً بما قسم الله لك حتى تنال العزة في الدنيا والآخرة إن شاء الله وتذكروا حديث الرسول عليه الصلاة والسلام كما في < الصحيحين > لما قال هرقل عظيم الروم لأبي سفيان رضي الله عنه سأله عن دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام فقال : فما يأمركم ؟ ، قال : يقول : اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ، واتركوا ما يعبد آباءكم ، ويأمرنا بالصلاة ، والصدق ، والصلة ، والعفاف ، فكان الرسول عليه الصلاة والسلام يأمر بالعفاف وكان يقول : ( اللهم إنا نسألك التقى والهدي والعفاف والغنى ) ، وكان يقول : ( اللهم ارزق آل محمدٍ قوتاً ) وفي رواية ( كفافاً ) متفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه ، فعليك بالعفاف واترك الطمع .

الوصية الثانية عشرة لطالب العلم ولطالبة العلم : بعدم فتح العيادات ، يا طالب العلم أحذر أن تفتح عيادة إذا رجعت إلى بلدك تقرأ على الممسوسين وعلى المسحورين فما نشعر إلا وقد انزلقت وراء الأطماع ووراء الدنيا ، كما انزلق غيرك إلا من رحم الله ، أقول إلا من رحم الله وقليلٌ ما هم ، فكم من أناس كانوا طلبة علم ثم فتحوا على أنفسهم هذا الباب تركوا الجمعة والجماعة بعضهم وبعضهم الجماعة وبقي عنده الجمعة وبعضهم بعض الجماعة ويحضر بعض الصلوات مع الجماعة والبعض في البيت وبعضهم خزن وتنبك وإلى غير ذلك ، وأما عن مسك المرأة فحدث ولا حرج منهم من يمسك الرأس ومنهم الظهر ومنهم الحلق ومنهم البطن ومنهم محل ما يكون يمسك بدعوى أنه يطارد الشيطان ، وبعضهم يقول : اكشفي عن وجهك قيل لِمَ ؟ قال : من أجل أُحدَ النظر في عينيها فأقهر الشيطان ، كم لبس الشيطان على هؤلاء الجهلة وأنت طالب علم ما أنت عالم أو أنت طالبة علم فما يكون همكم الدنيا والمصالح ثم تبيعون دينكم بعرض من الدنيا قليل ، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً ، يبيع دينه بعرض من الدنيا ) رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه .

الوصية الثالثة عشرة : أحذر يا طالب العلم مدخل الشيطان عليك ، يدخل عليك من باب فتقول : أنا لا آخذ العلم الفلاني عن الشيخ الفلاني ، فقد دخل الشيطان على بعض المغفلين وقال : أنا لا آخذ الفقه عن الشيخ مقبل وهو من طلابه ، انظروا على بلية وعلى فتنة من طلاب الشيخ يقول الشيخ ليس بفقيه ، يا سبحان الله من أين دب إليك هذا البلاء من أصحاب البدع من الحزبيين تأخذ تقول فلان كذا وفلان كذا ، والثاني قال : لا آخذ التاريخ عن الشيخ مقبل وهذا من أهل السنة وذاك من أهل السنة ، لكن من الجهلة هذا جاهل وذاك جاهل ، فاتقوا الله في هذه العبارات التي تأخذونها عن المبتدعة فتطلقونها على مشايخ السنة بدعوى أنه لا يتقن هذا الفن ، وأنا لا أقول أن العالم عالم بكل شيء قد يحصل أنه يتقن فنوناً وبعض المسائل يُشيرها على غيره كما قال الله : (( وفوق كل ذي علمٍ عليم )) لكن ما حاجة لذكر هذا الكلام أمام الناس فإن هذا يؤدي إلى احتقار العلماء واليوم تدعي أنك لا تأخذ عنه الفقه وغداً ستقول : ولا آخذ أيضاً عنه التجويد وبعد غد ستقول لا آخذ عنه الصرف ، ويوم آخر تقول لا آخذ عنه علم المواريث والمسألة طعن قد تكون من أعداء السنة وطعن وطعن وفي الأخير سيقول حتى علم الحديث ، فانتبهوا جزاكم الله خير أحذروا المداخل الشيطانية ، الشيخ مقبل حفظه الله يُعتبر من علماء الحديث ومن علماء التفسير ومن علماء التوحيد ومن علماء الفقه إلى غير ذلك من العلوم والفنون جزاه الله خيره ويعتبر من كبار علماء السنة في العصر الحاضر ، وهذا من فضل الله عليه ، وعليه أن يشكر الله على ما آتاه من هذا الخير فهذا دينٌ عليه يحتاج إلى شكر وثناء على الله ، ولكن هذا من باب (( وأما بنعمة ربك فحدث )) وحتى قالوا عن الشيخ ابن باز رحمة الله عليه لا يتقن الفن الفلاني والشيخ الألباني لا يتقن الفن الفلاني نحن ما نسمع هذا الكلام إلا من مبتدعة وأنا ما ذكرت هذا إلا لما سُمع من أناس من طلبة العلم وإلا ما سأذكره لأنه كونه يُسمع من المبتدعة ما نبالي بهم لكن أنت طالب علم وتدعي أنك سني ثم تتفوه بهذا الكلام البذيء أمام الناس ما تتقِ الله في نفسك .

الوصية الرابعة عشرة : التصدر للدعوة ، وإن كان هذا الكلام قد دخل في ضمن كلامي السابق حول فتح المراكز ، لكن قد جعلت له بنداً مستقلاً ، التصدر للدعوة من الطلاب المبتدئين هذا يُشكل خطورة فما كل واحد يصلح للدعوة وبسم السنة ما كل واحد يصلح أن يقوم ، أعجب والله بعضهم يُسئ إلى لدعوة أكثر مما يُحسن إليها ، قيل لبعضهم لا تذهب إلى المكان الفلاني إلى المسجد الفلاني فذهب وتكلم وأثار المشاكل وصاح الناس وسبوا أهل السنة بسببه ، وأذكر مرة قبل سبع سنين من الشيخ مقبل حفظه الله أنه أُخبر عن طالب ذهب إلى جامع الهادي بصعده وتكلم أو أراد أن يتكلم وقام الناس عليه ، ثم أُخبر الشيخ حفظه الله فقال : من هذا الذي ذهب إلى جامع الهادي لا بارك الله فيه ، لا بارك الله فيه ، لا بارك الله فيه ، تذهبون إلى أناس لا يُريدكم وكم من أناس يُطالبون بكم ما قد سدينا الفراغ أو كما قال حفظه الله ، فيا طالب العلم يا أخي اشتغل بالعلم قبل أن تشتغل بالدعوة وفتح المراكز والقراءة على الممسوسين لا تتعجل الأمور تأنى ، من استعجل الشيء قبل أوانه عُوقب بحرمانه ، فإذا كان الشيخ يراى أنك أهل لذلك فلا بأس ، مرة واحد استأذنني في الدعوة قلت له أولاً تلكم عندنا بكلمة فإذا سمعتها طيبة لا بأس قال : أنا مشغول قلنا خير إن شاء الله وذهب ، يعني ما أراد أن يتكلم عندنا حتى لا نقول لا أنت غلطان عليك مآخذ إلا في المساجد سيقول وسيتكلم ولو حتى خبط لما يشبع ، فأنتبهوا من كان قد عُرف أنه يتكلم بكلام طيب ويجمع الأدلة ولا يُثير الناس ولا يأتي بالمشاكل يصلح أن يحاضر يصلح أن يخطب جمعة لا بأس ، أما الصغير يرى الكبير يقول وأنا كذلك لا تستعجل أول تحصن من العلم واحفظ واستفد جزاك الله خيراً .

الوصية الخامسة عشرة : عدم الجلوس مع أهل البدع والأهواء ، هذا بحمد الله واضح إن شاء الله ابتعد ما أمكن ألا تجالس المبتدعة وألا تجالس المتحزبة ، وعُد إلى كتاب < إجماع العلماء على هجر أصحاب البدع والأهواء > كتابٌ طيب هو مصور مخطوط بخط اليد لكنه طيب جمع قول عشرين عالماً من علماء الإسلام ينقلون إجماع العلماء وإجماع أهل السنة والجماعة على عدم الجلوس مع المبتدعة ، وأنت بابتعادك عن الجلوس مع المبتدعة والمتحزبه تُحصن نفسك من هذا البلاء ، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) رواه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة باسنادٍ حسن ، الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ، والله يقول : (( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجه ولا تعدُ عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً )) .

الوصية السادسة عشرة : قول بعض الناس : لا أحب الكلام في الجماعات ، هذا الذي يقوله إنسان جاهل نعم نحن كذلك لا نحب الكلام في الجماعات ، لكن لا نحبه من العامي ومن الطالب المبتدئ ، أما العالم الراسخ في العلم الذي وفقه الله وبصره إذا تكلم على سبيل النصيحة فالدين النصيحة كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( الدين النصيحة ) قلنا لمن ؟ ، قال : ( لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم عن تميم رضي الله عنه ، فيعتبر من التعالي إذا قال الطالب لماذا الشيخ مقبل أو الشيخ الألباني أو الشيخ فلان تكلم في فلان أو في الجماعة الفلانية ؟ العلماء أعلم وإذا تكلموا فإنما يتكلمون بعلم ومن باب النصيحة وجزاهم الله خيراً أنهم يحذرون الناس من الخطأ ، أنت يا أيها الطالب المبتدئ أو العامي صح أنت ابتعد عن هذا لأنك إذا تكلمت ربما أثرت المشاكل وأساءت من تحسن وتصلح .

الوصية السابعة عشرة : عدم التعجل بالتأليف ، يا طالب العلم ويا طالبة العلم أعلموا أن من ضمن المداخل على طالب العلم التسرع في التأليف والتسرع في إخراج هذا المؤلف ، هذا مدخل من مداخل الشيطان ، فلا تستعجل في التأليف ، أول تمكن من العلم والفقه في الدين والعقيدة والتفسير والحديث والمصطلح والنحو إلى غير ذلك سنتين ثلاث سنين أربع خمس ست بحسب ما أعطاك الله من فهمٍ ومن حفظ وبعد ذلك إذا شاورت الشيخ يا شيخ ما رأيك هل ترى لي أن أبحث وأن أجمع في مسألة من المسائل ؟ فإن قال : نعم لا بأس أنت أهل لذلك فقل فما رأيك أيش تختار لي من موضوع ؟ فإذا اختار لك موضوعاً فاستعن بالله ثم كن على صلة بشيخك في الاستشارة والسؤال ولا تستعجل في إخراجه للناس حتى لو يبقى عندك سنين طويلة تُؤلف لنفسك لا للناس ، فبعض الطلاب هدانا الله وإياهم ونحن يا أخواني في الله فولا ضرورة النصيحة وأهل السنة ما عندهم مجاملة أهل السنة ليسوا كغيرهم إذا كان الشخص معنا جاملناه وإذا هو ماهو معنا نزلناه لا حتى ولو كان معنا ولو كان أبني أو أخي أو أبي أو على نفسي إذا أنا غلطان أو أبني أو طالبي الدين النصيحة ، من غشنا فليس منا ، ما عندنا المحاباة والمجاملة ، كما أنه يوجد عند المبتدعة والمتحزبه الدين النصيحة ، فهذا يا أخي من تلبيس الشيطان إذا كنت تتسرع وأنت مبتدئ بعضهم ما قد درس النحو ولا المصطلح وأخذ يؤلف كتاب ينظر مع المشايخ جزاهم الله خيراً معهم مؤلفات يقول وأنا لماذا لم أؤلف فيحاول ويخبط خبط عشواء ثم يحاول على طبعه وعلى إخراجه للناس لا ، لا تؤلف إلا بعد مدة وبعد مشورة وإذا ألفت لا تخرجه للناس ليكن عندك وفي مكتبتك إلا بعد مدة وبعد مشورة وبعد عرضه على الشيخ .
وبهذه المناسبة بالنسبة للسابعة عشرة : عدم التعجل بالتأليف ، كذلك هناك ظاهرة أخرى وهي حب التزاكي من المشايخ ، والإجازات هذه ظاهرة ماهي جيده أن يكون الطالب مبتدئ ويحاول من الشيخ أن يعطيه تزكية من أجل أن يظهر أمام الناس بأنه كيت وكيت الشيخ المحدث الفاضل ، فيا أخي في الله أطلب العلم لوجه الله لا تشغل شيخك بالتزاكي والتعاريف ومن أجل أن تصبح معك هذه الورقة أنك درست على الشيخ ، بعض الناس يأخذون هذه التزاكي ويذهبون يشحذون بها أنا طالب وأنا وأنا يريد مساعدة أنا طالب عند الشيخ مقبل ويريد مساعدة في زوجه في بيت في سيارة في مكتبة ، أين العفة اتقوا الله يا عباد الله ، أين العفة أين القناعة أين الغنى غنى النفس الرضا بما قسم الله ، فبعضهم ما قد درس إلا فترة قصيرة ويريد إجازة أو تزكية أو تعريف الآن سائدة وقع فيها بعض طلاب العلم إلا من رحم الله .

الوصية الثامنة عشرة : التعجل في التمشيخ يعني مستعجل بده أن يقال له : الشيخ فلان أنا يا أخواني في الله حتى أنا ما أحب منكم أن تقولوا عني بأني شيخ جزاكم الله خيراً ، أو بأني عالم فضلاً عن كلمة علامة أستغفر الله وأتوب إليه ، فاتقوا الله واتركوا المدح ولنا أسوة برسول الله عليه الصلاة والسلام لما قال : ( لا تطروني كما اطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبدٌ فقولوا عبد الله ورسوله ) رواه البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وإذا كان هذا سيد الأولين والآخرين صلوات الله وسلامه عليه وعلى جميع النبيين والمرسلين ينهى أمته ( لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم ، إنما أنا عبدٌ فقولوا عبد الله ورسوله ) فنحن من باب أولى اتقوا الله لا تقصموا ظهورنا اتقوا الله ولا تعينوا الشيطان علينا أعينونا على الخير وارفقوا بنا فإذا كان المشايخ يكرهون المدح والإطراء فكيف بالطالب الذي يُحب أن يقال له شيخ الأستاذ الشيخ الداعية المحاضر الخطيب المفوه كل واحد يقسم ظهر الثاني حتى نصل إلى التراب إلى الأرض نبقى مكسرين يا أخي قل أخي وقل الأخ كما قال الله : (( إنما المؤمنون أخوة )) ما قال مشايخ (( إنما المؤمنون أخوة )) ، وكما قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( المسلم أخو المسلم ) فنحن مسلمون والمسلم أخو المسلم فربي هو أعلم من هو العابد ومن هو الطالح ومن هو الطالب ومنهم هو العالم ومن هو الجاهل وكفى ، أما أن تبقى حريص على المدح والإطراء والثناء ، وعلى الشيخ أيضاً حفظه الله أن يرفق بطلابه أي شيخ من مشايخ السنة عليه أن يرفق بطلابه وأن يُعينهم على إصلاح أنفسهم ، لا يقول للطالب الصغير المحدث الفقيه نقسم ظهره من البداية الأخ الفاضل أو تقول الطالب النجيب ما ضرك لو قلت أنا لو قلتها لي أنا أفرح الطالب ، أمس كنا في قرية ورقة في ذمار فقام الأخ عائض قليص جزاه الله خيراً فقال : عليكم يا أخواني في الله إذا جاءكم طلبة العلم أن تستفيدوا منهم مثل أبي أبراهيم كلمة أعجبتني أي والله أعجبتني ، إذا جاءكم طلبة العلم أن تستفيدوا منهم مثل أبي إبراهيم حتى ما كلمته بها إلا الآن كلمة طيبة هكذا نهضم أنفسنا حتى لا نعين على قصم ظهورنا فتواضع لله جزاك الله خيراً يا طالب العلم وكذلك أنتِ يا طالبة العلم وأنت يا مدرس وأنتِ يا مدرسة ، ومن تواضع لله رفعه الله وأهم شيء أن يرضى عنا الله لا أن نظهر أمام الناس بأننا الشعراء والخطباء والفقهاء والمحدثين و و و أهم شيء أن يرضى الله عنا وأن نعمل أعمالاً توافق كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام .

الوصية التاسعة عشرة : عدم تمييع الدعوة بعض الناس لأنه ما تمكن من العلم ما تشعر إلا وقد ميع الدعوة في التغني بالأشعار وفي تميع في لبسه أنت طالب علم وأنت شيخ مركز كما يقال شيخ مركز تميع الدعوة وأشعار وذهاب إلى المخزنين ويجلس معهم الساعات الطوال يا ليت النصيحة فإذا انتهت أنطلق ، لا أنت هات النصيحة ربع ساعة أو الثلث يبقى إلى ساعة إلى ساعة ونصف قيل وقال وضحك مع الناس تميع نفسك وتميع الدعوة استقم على الكتاب وعلى السنة جالس طلبة العلم ، وبعضهم أيضاً يحب الجلوس مع المسؤولين وفلان وفلان وفلان يا أخي أنت بهذا تهين نفسك ، لا تذهب إلا ناصح وبدون إطراء ثم انصرف وأنت خائف على نفسك وما كل واحد يصلح يدخل على المسؤولين فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( من بدا جفى ، ومن اتبع الصيد عفل ، ومن أتى أبوب السلطان افتتن ) كما في < صحيح الجامع > ويصححه الشيخ الألباني ( ومن أتى أبواب السلطان افتتن ) طالب علم وأنت تدخل على كبار المسؤولين أما تخاف على نفسك من أن تفتن .

آخر وصية لطالب العلم وهي العشرون : التحذير من الديِن ، أحذر الدين فإن كثيراً من طلاب العلم يقع في ديون للناس فكانت سبباً في انصرافهم لطلب العلم هذا يطالبه بدينه وهذا يطالبه بدينه وهذا يطالبه بدينه وهذا قد أتى له إحضار من القسم وذاك من النيابة فهرب ، فيا طالب العلم تقشف يا طالب العلم تقشف وأزهد في الدنيا واقنع بما آتاك الله وأترك الطمع وأترك سلفني بعضهم يحتال على الشحاذة بدل ما يشحذ يقل له سلفني عشرة ألف ويقول للثاني سلفني خمسة عشر ألف ويقول للثالث سلفني عشرين ألف وهكذا وعند السداد الذي أعطاه عشرة ألف يقول ما عندي إلا ثمانية يأخذها منه ويقول : سامحني بالألفين ، انظروا على شحاذة يا أخواني اتقوا الله والله نحن بحاجة إلى الضرب بالعصا من مشايخنا جزاهم الله خيراً الذي لا يتمسك بالكتاب ولا بالسنة ويكون عفيفاً ، وإلا فنحن بحاجة إلى ضرب بالعصا وما يأتي تعليم بدون تربية لا يأتي التعليم بدون التربية ، فالرسول عليه الصلاة والسلام علم وربى ما علم فقط علم وربى ( أفتانٌ أنت يا معاذ ، أفتانٌ أنت يا معاذ ، أفتانٌ أنت يا معاذ ) متفقٌ عليه عن جابر تعليم وتربية يربيه هل عنده الصبر والتحمل وقبول الحق وقبول النصيحة وإلا ما يحب إلا أن يقال له دائماً يا شيخ يا أيها الطالب يا أيها الفاضل ويا أيها الأخ الكريم لا بد مع التعليم من التربية ( أنك امرئٌ فيك جاهلية ) قالها الرسول عليه الصلاة والسلام لأبي ذر متفق عليه عن أبي ذر ، كخ كخ وأخرجها من في الحسن بن علي التمرة ، تربية وتعليم ، ( أرجع فصلِ فإنك لم تصلِ ) تربية وتعليم ، ( يا سليك أصليت ) قال : لا ، قال ( قم واركع ركعتين خفيفتين ) تربية وتعليم ، فطالب العلم إذا لم يأخذ عن شيخه التربية والتعليم وإلا سيكثر ضرره على المجتمع .
أسأل الله عز وجل أن يُوفقني وإياكم لما يحبه ويرضاه ، وإلى هنا وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم .




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك على الموضوع القييم وجعله الله في ميزان حسناتك
وحفظ الله الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي ونفعنا بعله
ونسال الله ان يجعلني وإياكم من طلبة العلم الصحيح المتمسكين به والجادين في طلبه وأن ييسر لنا الطريق الى ذلك
وبالمناسبة هذه نصيحة الشيخ ابن باز عليه رحمة الله

نصيحة لطلبة العلم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله، نبينا محمد وآله وصحبه. أما بعد:
فلا ريب أن طلب العلم من أفضل القربات، ومن أسباب الفوز بالجنة والكرامة لمن عمل به، ومن أهم المهمات الإخلاص في طلبه، وذلك بأن يكون طلبه لله لا لغرض آخر؛ لأن ذلك هو سبيل الانتفاع به، وسبب التوفيق لبلوغ المراتب العالية في الدنيا والآخرة.

وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة)) يعني ريحها، أخرجه أبو داود بإسناد حسن.

وأخرج الترمذي بإسناد فيه ضعف عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من طلب العلم ليباهي به العلماء أو ليماري به السفهاء، أو ليصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار))، فأوصي كل طالب علم، وكل مسلم يطلع على هذه الكلمة، بالإخلاص لله في جميع الأعمال عملا بقول الله سبحانه وتعالى: فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا[1]، وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يقول الله عز وجل: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه)).

كما أوصى كل طالب علم، وكل مسلم، بخشية الله سبحانه، ومراقبته في جميع الأمور؛ عملاً بقوله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ[2]، وقوله سبحانه: وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ[3]، قال بعض السلف: (رأس العلم خشية الله)، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (كفى بخشية الله علماً، وكفى بالاغترار به جهلاً)، وقال بعض السلف: (من كان بالله أعرف كان منه أخوف)، ويدل على صحة هذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ((أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له))، فكلما قوي علم العبد بالله كان ذلك سببا لكمال تقواه وإخلاصه ووقوفه عند الحدود وحذره من المعاصي.

ولهذا قال الله سبحانه وتعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ[4]، فالعلماء بالله وبدينه، هم أخشى الناس لله، وأتقاهم له، وأقومهم بدينه، وعلى رأسهم الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ثم أتباعهم بإحسان.

ولهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من علامات السعادة أن يفقه العبد في دين الله، فقال عليه الصلاة والسلام: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) أخرجاه في الصحيحين من حديث معاوية رضي الله عنه، وما ذاك إلا لأن الفقه في الدين يحفز العبد على القيام بأمر الله، وخشيته وأداء فرائضه، والحذر من مساخطه ويدعوه إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، والنصح لله ولعباده.

فأسأل الله عز وجل أن يمنحنا وجميع طلبة العلم وسائر المسلمين الفقه في دينه، والاستقامة عليه، وأن يعيذنا جميعاً من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه.

[1] سورة الكهف الآية 110.

[2] سورة الملك الآية 12.

[3] سورة الرحمن الآية 46.

[4] سورة فاطر الآية 28.




و فيكم بارك الرحمن
امين و اياكم
رحم الله الشيخ ابن باز و اسكنه فسيح جنانه
بارك الله فيكم على الاضافة الطيبة




التصنيفات
اسلاميات عامة

اكتم حسناتك أشد مما تكتم سيئاتك

اكتم حسناتك أشد مما تكتم سيئاتك للشيخ سالم الطويل حفظه الله

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإن الله تعالى أمر عباده بإخلاص الدين له وحده كما في قوله تعالى (وَمَا أُمرُوا إلَّا ليَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلصينَ لَهُ الدّينَ حُنَفَاء) [البينةـ 5[، وقال تعالى (أَلَا للَّه الدّينُ الْخَالصُ) [الزمرـ 3] هذا المنطوق والمفهوم منه أن ما لم يكن خالصاً فلن يكون لله، والله تعالى غني عنه، وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله تبارك وتعالى (أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركتُهُ وشرْكَهُ)" [رواه مسلم ـ (2985)]. قال النووي رحمه الله تعالى في شرح الحديث:"هكذا وقع في بعض الأصول "وشركه" وفي بعضها "وشريكه" وفي بعضها "وشركته" ومعناه أنا غني عن المشاركة وغيرها فمن عمل شيئاً لي ولغيري لم أقبله بل أتركه لذلك الغير، والمراد أن عمل المرائي باطل لا ثواب فيه ويأثم به" أ هـ
وروى مسلم أيضا (2986) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سَمَّعَ سَمَّعَ الله به . ومن راءى راءى الله به "قال النووي رحمه الله تعالى: قال العلماء معناه من رايا بعمله وسمعه الناس ليكرموه ويعظموه ويعتقدوا خيره سمع الله به يوم القيامة الناس وفضحه، وقيل معناه من سمع بعيوبه وأذاعها أظهر الله عيوبه، وقيل أسمعه المكروه وقيل أراه الله ثواب ذلك من غير أن يعطيه إياه ليكون حسرة عليه، وقيل معناه من أراد بعمله الناس أسمعه الله الناس وكان ذلك حظه منه".
أخي القارئ الكريم إذا تذكرت هذا فتأمل حالنا اليوم جميعاً بلا استثناء واحتياطاً فلنقل: إلا من رحم الله وقليل ما هُمْ!!
أقول: قد ابتلينا بحب الكلام عن أفعالنا وإنجازاتنا وآثارنا، فلا نكاد نفعل خيراً إلا وأشهرنا ذلك وأخبرنا به القاصي والداني بنيْنا حفرنا عمَّرنا طبعنا طالبنا نشرنا دعونا اهتدى على ايدينا كذا وكذا، فعلنا كذا وكذا، ما اكتفينا أن الله تعالى يعلم ذلك ويقبل ويجازي ويكافئ ويشكر عبده على القليل ويزيده الكثير كلا بل همنا الأكبر أن يعلم الجن والإنس ماذا فعلنا وماذا أنجزنا ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الإخلاص عزيز

أخي المسلم.. أختي المسلمة
لا تحسبن الإخلاص سهل المنال، بل هو عسير ويسير على من يسّره الله عليه ووفقه إليه، فالأعمال كثيرة والإخلاص قليل يحتاج المسلم إلى مجاهدة شديدة ورياضة كبيرة حتى يحقق الإخلاص لله تعالى!! قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى: "ما عالجت شيئاً أشد عليّ من نيتي إنها تقلب علي" [الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع]. وقال سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى: قال أبو حازم (سلمة بن دينار): "اكتمْ حسناتك أشد مما تكتم سيئاتك" [سير أعلام النبلاءـ 6/100[.
"المخلصون في ظل عرش الرحمن"

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: و"سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق (بصدقة) أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه" [رواه البخاري (660)مسلم (1031)]. الله أكبر هكذا يكون الإخلاص، تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه لأن همه الأكبر أن يقبل الله تعالى منه لا أن يعلم الناس به.
"المرائي تسعر به النار قبل عبّاد الأوثان"

ذكر بعض أهل العلم منهم ابن القيم رحمه الله تعالى أن المرائي يدخل النار ويجر إليها على وجهه قبل عبّاد الأوثان استدلالاً بحديث عجيب مهيب رواه الإمام مسلم في صحيحه كتاب الإمارة باب من قاتل للرياء والسمعة استحق النار حديث (1905)، عن سليمان بن يسار قال: تفرق الناس عن أبي هريرة فقال له نَاتلُ أهل الشام (الشامي) ، ايها الشيخ حدثنا حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأُتي به فعرفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت قال: كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال جريء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأُتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمتُه وقرأتُ فيك القرآن، قال: كذبتَ ولكنك تعلمتَ العلم ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل ثم أمر به فسُحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل وسَّع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله فأتي به فعرّفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركتُ من سبيل تحب أن يُنفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جوادي فقد قيل ثم أمر به فسُحب على وجهه ثم أُلقي في النار".
قال النووي رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم في الغازي والعالم والجواد وعقابهم على فعلهم ذلك لغير الله وإدخالهم النار دليل على تغليظ تحريم الرياء وشدة عقوبته وعلى الحث على وجوب الإخلاص في الأعمال كما قال الله تعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ) [البينةـ 5[، وفيه أن العمومات الواردة في فضل الجهاد إنما هي لمن أراد الله تعالى بذلك مخلصا وكذلك الثناء على العلماء وعلى المنفقين في وجوه الخيرات كله محمول على من فعل ذلك لله مخلصاً. أ هـ
قلت: ألسنا بحاجة إلى وقفة مع أنفسنا ليحاسب كل منّا نفسه إن كان مخلصاً في عمله لله تعالى أم أن للنفس نصيباً من أعمالنا؟!
هذا والله أسأل أن يرزقني وإياك أخي المسلم وأختي المسلمة الإخلاص في القول والعمل. والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله عليه وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.




التصنيفات
اسلاميات عامة

بعض العقوبات التى رتبها رب العالمين على الذنوب و المعاصي

بعض العقوبات التى رتبها رب العالمين على الذنوب و المعاصي


قال ابن القيم في "الجواب الكافي" بعد أن ذكر العقوبات الشرعية و العقوبات القدرية المترتبة على الذنوب و المعاصي:

فاستحضر بعض العقوبات التي رتبها الله سبحانه وتعالى على الذنوب, وجوز وصول بعضها إليك, واجعل ذلك داعيا للنفس إلى هجرانها, وأنا أسوق لك منها طرفا يكفي العاقل مع التصديق ببعضه.

– فمنها: الختم على القلوب والأسماع, والغشاوة على الأبصار, والإقفال على القلوب, وجعل الأكنة عليها والرين عليها والطبع, وتقليب الأفئدة والإبصار, والحيلولة بين المرأء وقلبه وإغفال القلب عن ذكر الرب, وإنساء الإنسان نفسه وترك إرادة الله تطهير القلب, وجعل الصدر ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء, وصرف القلوب عن الحق, وزيادتها مرضا على مرضها, وإركاسها وإنكاسها, بحيث تبقى منكوسة كما ذكر الإمام أحمد عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه قال:"القلوب أربعة: قلب أجرد فيه سراج يزهر, فذلك قلب المؤمن, وقلب أغلف, فذلك قلب الكافر, وقلب منكوس, فذلك قلب المنافق, وقلب تمده مادتان: مادة إيمان, ومادة نفاق, وهو لما غلب عليه منهما".

(قال الشيخ سعيد رسلان في شرحه: هذا الأثر الذي أخرجه الإمام أحمدرحمه الله ، ضعيف، و قد خرجه الإمام أحمد عن أبي سعيد مرفوعا و فيه الليث بن أبي سليم، فال الحافظ في التقريب: صدوق اخلط أخيرا و لم يتميز قبل الإختلاط و بعده فترك).

– ومنها التثبط عن الطاعة, والإقعاد عنها.

– ومنها: جعل القلب أصم لا يسمع الحق, أبكم لا ينطق به, أعمى لا يراه, فتصير النسبة بين القلب وبين الحق الذي لا ينفعه غيره, كالنسبة بين أذن الأصم والأصوات, وعين الأعمى والألوان, ولسان الأخرس والكلام, وبهذا يعلم أن العمى والصمم والبكم للقلب بالذات والحقيقة, وللجوارح بالعرض والتبعية {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}. وليس المراد نفي العمى الحسي عن البصر, كيف وقد قال تعالى: {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ}. وقال {عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى}. وإنما المراد أن العمى التام في الحقيقة عمى القلب, حتى أن عمي البصر بالنسبة إليه كالأعمى, حتى إنه يصح نفيه بالنسبة إلى كماله وقوته كما قال: النبي صلى الله عليه وسلم"ليس الشديد بالصرعة, ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب". وقوله صلى الله عليه وسلم"ليس المسكين بالطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان ولكن المسكين الذي لا يسأل الناس, ولا يفطن له فيتصدق عليه"ونظائره كثيرة.

(قال الشيخ رسلان : و هذا الحديث متفق عليه، "ليس المسكين بالطواف" معناه المسكين الكامل المسكنة الذي هو أحق بالصدقة و أحوج إليها ليس هو هذا الطواف، بل هو الذي لا يجد غنى يغنيه و لا يفطن له و لا يسأل الناس، ليس معناه نفي المسكنة عن الطواف، فهو مسكين أيضا، و لكن هو نفي لكمال المسكنة).
والمقصود: أن من عقوبات المعاصي جعل القلب أعمى أصم أبكم.

– ومنها: الخسف بالقلب كما يخسف بالمكان وما فيه: فيخسف به إلى أسفل سافلين, وصاحبه لا يشعر, وعلامة الخسف به: أنه لا يزال جوالا حول السفليات والقاذورات والراذائل, كما أن القلب الذي رفعه الله وقربه إليه لا يزال جوالا حول العرش.

(قال الشيخ رسلان في قوله رحمه الله "أنه لا يزال جوالا حول السفليات والقاذورات والراذائل"، قال: فلا يخطر على باله بما يتعلق بتلك الأمور العلوية و الدقائق التى فيها الهيبات الربانية و فيها العطايا الإلاهية.)

– ومنها: يجعله بعيدا عن البر والخير ومعالي الأعمال والأقوال والأخلاق. قال بعض السلف: "إن هذه القلوب جوالة, فمنها ما يجول حول العرش, ومنها ما يجول حول الحش". (قال الشيخ رسلان: الحش ، الكنيف، جمع حشوش و حِشان و حُشان.).

– ومنها: مسخ القلب, فيمسخ كما تمسخ الصورة, فيصير القلب على قلب الحيوان الذي شابهه في أخلاقه وأعماله وطبيعته, فمن القلوب ما يمسخ على قلب خنزير لشدة شبه صاحبه به, ومنها ما يمسخ على خلق كلب أو حمار أو حية أو عقرب وغير ذلك, وهذا تأويل سفيان بن عيينة في قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} قال: منهم من يكون على أخلاق السباع العادية, ومنهم من يكون على أخلاق الكلاب وأخلاق الخنازير وأخلاق الحمير, ومنهم من يتطوس في ثيابه كما يتطوس الطاوس, في ريشه ومنهم من يكون بليدا كالحمار, ومنهم من يؤثر على نفسه كالديك, ومنهم من يألف ويؤلف كالحمام, ومنهم الحقود كالجمل, ومنهم الذي هو خير كله كالغنم, ومنهم أشباه الذئاب ومنهم أشباه الثعالب التى تروغ كروغانها, وقد شبه الله تعالى أهل الجهل والغي بالحمر تارة, وبالكلب تارة, وبالأنعام تارة, وتقوى هذه المشبهة باطنا حتي تظهر في الصورة الظاهرة ظهورا خفيا, يراه المتفرسون, وتظهر في الأعمال ظهورا يراه كل أحد, ولا يزال يقوي حتي تستشنع الصورة, فنقلب له الصورة بإذن الله, وهو المسخ التام, فيقلب الله سبحانه وتعالى الصورة الظاهرة على صورة ذلك الحيوان, كما فعل باليهود وأشباههم ويفعل بقوم من هذه الأمة يمسخهم قردة وخنازير.

فسبحان الله! كم من قلب منكوس وصاحبه لا يشعر؟ وقلب ممسوخ, وقلب مخسوف به, وكم من مفتون بثناء الناس عليه؟ ومغرور بستر الله عليه ومستدرج بنعم الله عليه؟ وكل هذه عقوبات وإهانات, ويظن الجاهل أنها كرامة.

– ومنها: مكر الله بالماكر, ومخادعته للمخادع, واستهزاؤه بالمستهزىء, وإزاغته القلب الزائغ عن الحق.

– ومنها: نكس القلب حتى يرى الباطل حقا, والحق باطلا, والمعروف منكرا, والمنكر معروفا, ويفسد ويرى أنه يصلح, ويصد عن سبيل الله وهو يرى أنه يدعى إليها, ويشتري الضلالة بالهدى, وهو يرى أنه على الهدى, ويتبع هواهوهو يزعم أنه مطيع لمولاه, وكل هذا من عقوبات الذنوب الجارية على القلب.

– ومنها: حجاب القلب عن الرب في الدنيا, والحجاب الأكبر يوم القيامة. كما قال تعالى:{كَلاّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ كَلاّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} فمنعتهم الذنوب أن يقطعوا المسافة بينهم وبين قلوبهم فيصلوا إليها فيروا ما يصلحها ويزكيها, وما يفسدها ويشقيها وأن يقطعوا المسافة بين قلوبهم وبين ربهم, فتصل القلوب إليه, فتفوز بقربه وكرامته, وتقربه عينا وتطيب به نفسا, بل كانت الذنوب حجابا بينهم وبين قلوبهم, وحجابا بينهم وبين ربهم وخالقهم.

– ومنها: المعيشة الضنك في الدنيا وفي البرزخ والعذاب في الآخرة, قال: تعالي {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}. وفسرت المعيشة الضنك بعذاب القبر, ولا ريب أنه من المعيشة الضنك, والآية تتناول ما هو أعم منه وإن كانت نكرة في سياق الإثبات فإن عمومها من حيث المعنى, فإنه سبحانه رتب المعيشة الضنك على الإعراض عن ذكره, فالمعرض عنه له من ضنك المعيشة بحسب إعراضه, وإن تنعم في الدنيا بأصناف النعم, ففي قلبه من الوحشة والذل والحسرات التي تقطع القلوب والأماني الباطلة والعذاب الحاضر ما فيه, وإنما يواريه عنه سكرات الشهوات والعشق وحب الدنيا والرياسة, وإن لم ينضم إلى ذلك سكر الخمر, فسكرها هذه الأمور أعظم من سكر الخمر, فإنه يفيق صاحبه ويصحوا, وسكر الهوى وحب الدنيا لا يصحوا صاحبه إلاّ إذا سكر في عسكر الأموات, فالمعيشة الضنك لازمة لمن أعرض عن ذكر الله الذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم في دنياه وفي البرزخ ويوم معاده, ولا تقر العين, ولا يهدأ القلب, ولا تطمئن النفس إلاّ بإلهها ومعبودها الذي هو حق, وكل معبود سواه باطل, فمن قرت عينه بالله.قرت به كل عين, ومن لم تقر عينه بالله تقطعت الدنيا حسرات, والله تعالى إنما جعل الحياة الطيبة لمن آمن بالله وعمل صالحا كما قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} فضمن لأهل الإيمان والعمل الصالح الجزاء في الدنيا بالحياة الطيبة والحسني يوم القيامة فلهم أطيب الحياتين وهم أحياء في الدارين.

ونظير هذا قوله تعالى {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} ونظيرها قوله تعالى{وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} ففاز المتقون المحسنون بنعيم الدنيا والآخرة, حصلوا على الحياة الطيبة في الدارين, فإن طيب النفس وسرور القلب وفرحه ولذته وابتهاجه وطمأنينته وانشراحه ونوره وسعته وعافيته من ترك الشهوات المحرمة والشبهات الباطلة, وهو النعيم على الحقيقة, ولا نسبة لنعيم البدن إليه.

فقد كان يقول بعض من ذاق هذه اللذة: لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن عليه لجالدونا عليه بالسيوف.

وقال آخر: إنه ليمر بالقلب أوقات أقول فيها: إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفى عيش طيب.

قال الآخر: إن في الدنيا جنة هي في الدنيا كالجنة في الآخرة, فمن دخلها دخل تلك الجنة الآخرة, ومن لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة, وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذه الجنة بقوله"إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا, قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: حِلق الذكر"وقال"ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة".

ولا تظن أن قوله تعالى {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} يختص بيوم المعاد فقط, بل هؤلاء في نعيم في دورهم الثلاثة, وهؤلاء في جحيم في دورهم الثلاثة, وأيّ لذة ونعيم في الدنيا أطيب من بر القلب, وسلامة الصدر, ومعرفة الرب تعالى, ومحبته والعمل على موافقته؟ وهل عيش في الحقيقة إلاّ عيش القلب السليم؟ وقد أثنى الله سبحانه وتعالى على خليله عليه السلام بسلامة قلبه فقال {وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لإَِبْرَاهِيمَ إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} وقال حاكيا عنه أنه قال: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} والقلب السليم هو الذي سلم من الشرك والغل والحقد والحسد والشح والكبر, وحب الدنيا والرياسة, فسلم من كل آفة تبعده من الله, وسلم من كل شبهة تعارض خبره, ومن كل شهوة تعارض أمره, وسلم من كل إرادة تزاحم مراده, وسلم من كل قاطع يقطعه عن الله, فهذا القلب السليم في جنة معجلة في الدنيا, وفي جنة في البرزخ, وفي جنة يوم المعاد.

ولا تتم له سلامته مطلقاً حتى يسلم من خمسة أشياء:

من شرك يناقض التوحيد

وبدعة تخالف السنة,

وشهوة تخالف الأمر,

وغفلة تناقض الذكر,

وهو يناقض التجريد والإخلاص.

وهذه الخمسة حجب عن الله, وتحت كل واحد منها أنواع كثيرة تتضمن أفراداً لا تنحصر, ولذلك اشتدت حاجة العبد, بل ضرورته إلى أن يسأل الله أن يهديه الصراط المستقيم, فليس العبد أحوج إلى شيء منه إلى هذه الدعوة, وليس شيء أنفع له منها…




بارك الله فيكم و جزاكم خيرا




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه
بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك




بسم الله الرحمن الرحيم
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
و فيك بارك الرحمن
و جزاكم الله خيرا




أحسن الله إليكِ على طيب ما نقلتِ

جعله الله في ميزان حسناتكِ و نفع به




التصنيفات
اسلاميات عامة

اطلبوا العلم فإن عجزتم فاحبوا أهله

اطلبوا العلم فإن عجزتم فاحبوا أهله للشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ – حفظه الله

من وصايا أبي الدرداء – رضى الله عنه –
" أطلبوا العلم ، فإن عجزتم فأحبوا أهله ، فإن لم تحبوهم فلا تبغضوهم ".
وهذه وصية للأمة جميعا ؛ لأن أشرف ما في هذه الأمة العلم ، وأي علم؟ العلم بالله جل جلاله ، العلم بكتابه وسنة رسوله صَلَّى الله عليه وسلم ؛ لأن هذا هو العلم الذي أُمِر المصطفى صَلَّى الله عليه وسلم بالازدياد منه ، قال جل وعلا لنبيه ( وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) طه:114 .
قال العلماء: لم يأمر الله نبيه صَلَّى الله عليه وسلم أن يدعوه بالازدياد من شيء إلا من العلم . وأهل العلم مرفوعون درجات ( يَرْفَع اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) المجادلة:11 ، لهذا أبو الدرداء رضي الله عنه قال: (أطلبوا العلم فإن عجزتم) لأن الناس ليسوا على حد سواء في أن يكونوا طلبة علم ومقبلين على العلم، إن عجزتم عن طلب العلم قال : (فأحبوا أهله) لأن محبة أهل العلم تجعل المحب مع من يحب تجعله يسألهم ويقتدي بأقوالهم وأفعالهم ويكون ذا صلة بهم ، إن لم تحصل المحبة قال (فإن لم تحبوهم فلا تبغضوهم) لأن بغض أهل العلم بغض لصفوة المؤمنين ؛ لأن الله جل وعلا أمرنا بمحبة المؤمنين جميعا، قال جل وعلا (وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) التوبة:71 .
يعني بعضهم يحب بعضا وينصر بعضا وأولى أهل الإيمان بالمحبة أكثرهم خشية وأكثرهم علما؛ لهذا قال (فإن لم تحبوهم فلا تبغضوهم) وأي جناية – أيها المؤمن- تجنيها على نفسك إذا أبغضت أهل العلم ، وكيف يكون بغضهم؟ يكون بأشياء: إما بمسبتهم ، وإما بنقدهم ، وإما بأن تكون وقَّاعا فيهم تارة بحق وتارة بباطل . أهل العلم ليسوا كاملين معصومين ؛ لكن إن رأيت فيهم نقصا فإشاعة النقص في الناس يعني أن لا يأخذ الناس من أهل العلم فإن ترك الناس أهل العلم لا يأخذون منهم فمعنى ذلك الجناية على أخذ الشريعة ، فممن يأخذ الناس الشريعة إن لم يأخذوها من أهل العلم لهذا جاءت وصية أبي الدرداء عويمر بن عامر رضي الله عنه ، وهو يقول لك : (أطلبوا العلم فإن عجزتم فأحبوا أهله ، فإن لم تحبوهم فلا تبغضوهم) ليبقى في القلب ليبقى في القلب إجلال أهل العلم الذين كلأ صدورهم كتاب الله والعلم بسنة المصطفى صَلَّى الله عليه وسلم.

المصدر :
من شريط وصايا أبي الدَّرْدَاء – رضي الله عنه –
خطبتي جمعة
للشيخ
صالح بن عبد العزيز آل الشيخ – حفظه الله




جزاك الله خيرا وصية تكتب بماء الذهب وتحفظ في الصدور

اللهم أنا نسالك علماً نافعاً ونعوذ من من علم لا ينفع




شكرا لكي اختاه على موضوعك القيم




التصنيفات
اسلاميات عامة

الفتنة في اللِّباس


الفتنة في اللِّباس للشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر -حفظه الله-

إنَّ من نعم الله العظيمة على عباده نعمة اللباس بأنواعه المختلفة وأصنافه العديدة، يقول الله تعالى مذكِّراً بهذه النعمة: {والله جعل لكم من بيوتكم سكناً وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتاً تستخفُّونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعا إلى حين والله جعل لكم ممَّا خلق ظلالاً وجعل لكم من الجبال أكناناً وجعل لكم سرابيل تقيكم الحرَّ وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتمُّ نعمته عليكم لعلَّكم تسلمون يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون}( النحل: 80 ـ 83).
فبيَّن جلَّ وعلا في هذه الآيات العظيمة نعمته على عباده بأن جعل لهم سرابيل وهي القُمصان ونحوُها من ثياب القطن والكتَّان والصوف يتَّقون بها الحرَّ والبرد ويتجمَّلون به ويسترون بها عوراتهم.

فلا ريب أنَّ اللباس نعمةٌ عظيمةٌ ومنَّةٌ كبيرةٌ يجب على عبد الله المؤمن أن يقوم بشكرها وأن يستعملها في طاعة الله ورضوانه وما يقرِّب إليه، وأن يحذر أشدَّ الحذر من مخالفة أمر الله في اللباس في صفته ونوعه وشروطه وضوابطه، وآدابه التي جاءت بها الشريعة.

وليحذر المسلمُ في هذا الباب من كيد الشيطان ومكره وطرقه الخفيَّة لصدِّ الإنسان عن الحق في هذا الباب وإيقاعه في أنواع من المخالفات، فقد بيّن الله تعالى أنَّ عدواة الشيطان للإنسان في هذا الأمر وغيره قديمة، وذكر سبحانه في القرآن احتياله على الأبوين ووسوسته لهما ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما، ودخل عليهما في هذا الأمر من طرق خفيَّة، وظهر لهما بصورة الناصح الأمين، وحلف لهما على ذلك، ودلاَّهما بغرور، أي أنزلهما عن رتبتهم العليَّة التي هي البعدُ عن المعاصي والذنوب إلى الوقوع فيها.

يقول الله تعالى: {ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكُلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربُّكما عن هذه الشجرة إلاَّ أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إنَّي لكما لمِن النَّاصحين فدلاَّهما بغرور فلمَّا ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنَّة وناداهما ربُّهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إنَّ الشيطان لكما عدوٌّ مبين قالا ربَّنا إنَّ ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننَّ من الخاسرين}( الأعراف: 19 ـ 23).
فتداركهما الله برحمته ومنَّ عليهما بعفوه، فغفر لهما ذلك، كما قال سبحانه: {وعصى آدمُ ربَّه فغوى ثمَّ اجتباه ربُّه فتاب عليه وهدى}( طه: 121)، هذا وإبليس مستمرٌّ في طغيانه، غيرُ مقلع عن عصيانه، حريص أشدَّ الحرص على إغواء الذريَّة كما أغوى الأبوين، ولهذا اتَّجه الخطاب في هذا السياق الكريم إلى الذريَّة للحذر من هذا المضلِّ الفتَّان من أن يفتنهم بالوسوسة كما فعل مع الأبوين، قال الله تعالى: {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلَّهم يذكَّرون}( الأعراف: 26)، فذكَّرهم سبحانه بما منَّ عليهم ويسَّر لهم من اللباس الباطن والظاهر، فاللباس الباطن هو تقوى الله، وهو يستمر مع العبد ولا يبلى ولا يبيد ما حافظ عليه العبد، وهو جمال للقلب والروح، واللباس الظاهر هو الذي يستر به المسلم عورتَه ويواري به سوأته ويكون جمالاً للناس.

وإذا فقد الإنسان لباسه الظاهر أو نزعه بدت سوأتُه، وفي هذا دليل على أنَّ كشف العورة من عظائم الأمور، وأنَّه مستهجن في الطباع، ولذلك سُميت سَوأة؛ لأنَّه يسوء صاحبُها انكشافَها، وأمَّا اللباس الباطن وهو التقوى فبتقدير عدمه فإنها تنكشف عورته الباطنة وينال الخزي والفضيحة ويقع في أنواع الفساد والرذيلة، ويتعرَّى بذلك من كساء الحياء والخوف والمراقبة والستر والعفَّة وغير ذلك، ولهذا قال سبحانه: {ولباس التقوى ذلك خير}؛ لأنَّه يترتَّب على صلاحه صلاح الظاهر، ويترتَّب على فساده فساد الظاهر.

ثم قال سبحانه بعد تذكيره بهذه النعمة موجِّهاً الخطاب للذريَّة: {يا بني آدم لا يفتننَّكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنَّة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنَّه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنَّا جعلنا الشياطين أوليآء للّذين لا يؤمنون}( الأعراف: 27)، فحذّر سبحانه الذريَّةَ من أن يفعل بهم الشيطان كما فعل بأبيهم بان يزيِّن لهم المعاصي ويرغِّبهم في المحرَّمات، ويوقعهم في الخطيئة، وأخبر سبحانه أنَّ هذا العدوَّ يراهم من حيث لا يرونه، قال مالك بن دينار: (( إنَّ عدوًّا يراك ولا تراه لشديد المؤنة إلا من عصم الله )).

وإذا كان هذا العدوُّ قد تمكَّن ببالغ كيده وشدَّة اهتمامه وتوالي وسوسته أن يخرج الأبوين من الجنَّة؛ فلأن يتمكَّن من إيصال شيء من هذه المضار وإلقاء شيء من هذه الوساوس إلى الذريَّة من باب أولى، ولا سيما النساء؛ لشدَّةِ ضعفهنَّ وقلَّة إدراك كثير منهنَّ.

وبهذه اللفتة القويَّة حذّر تعالى بني آدم منه بالاحتراز الدائم من كيده ووسوسته، وختم سبحانه الآية بقوله: {إنَّا جعلنا الشياطين أولياء للَّذين لا يؤمنون}، أمَّا المؤمنون فليس له سلطان عليهم، إنَّما سلطانه على الذين يتولَّونه والذين هم به مشركون، ولهذا فبقدر ضعف الإيمان في الإنسان يكون نفوذُ الشيطان إليه.

ثمَّ إنَّ الله تبارك وتعالى خاطب بني آدم خطاباً آخر في هذا السياق له تعلّق باللباس فقال سبحانه: {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كلِّ مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنَّه لا يحبُّ المسرفين قل من حرَّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيِّبات من الرزق قل هي للَّذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصةً يوم القيامة كذلك نفصِّل الآيات لقوم يعلمون}( الأعراف: 31 ـ 32).

فأخبر سبحانه أنَّه أخرج لعباده الزينة من أنواع اللباس على اختلاف أصنافه والطيِّبات من الرزق من مأكل ومشرب بجميع أنواعه، وجميعُ هذه الأشياء الأصلُ فيها الإباحة والحل، إلا ما جاءت الشريعة بتحريمه من ذلك، وليس لأحد أن يحرِّم شيئاً من ذلك إلا بدليل شرعي صريح، ولذا قال سبحانه: {قل من حرَّم زينة الله التي أخرج لعباده}، أي مَن هذا الذي يقدم على تحريم ما أنعم الله على العباد، ومَن ذا الذي يضيِّق عليهم ما وسَّعه الله، ولهذا فالأصل في العادات من المآكل والمشارب والملابس والذهاب والمجيئ والكلام وسائر التصرُّفات المعتادة الحِلُّ، فلا يحرم منها إلاَّ ما حرَّمه الله ورسوله، إمَّا بنصٍّ صريح أو يدخل في عموم أو قياس صحيح، وإلاَّ فسائر العادات حلال، كما دلَّ على ذلك النص المتقدِّم، وكذلك قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً}( البقرة: 29)، وغيرهما من النصوص، فالله جلَّ وعلا أمر عباده باللِّباس ولم يُعيِّن نوعاً منه يجب التزامه، وإنَّما الأمر في ذلك عائد إلى عادات الناس وأعرافهم، لكن جاءت الشريعة بجملة من الضوابط والشروط لا بدَّ من مراعاتها في اللباس، وقد بسطها أهل العلم في مؤلفات عديدة.

ومن ذلك أنَّه يحرم على المسلم أن يلبس من الثياب ما فيه تشبُّه بالكفار، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم النهيُ عن التشبه بهم في أحاديث عديدة، ففي الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم: قال: (( مَن تشبَّه بقوم فهو منهم ))( أخرجه أبو داود في السنن [4031]، وأحمد في المسند (2/50))، وجاء في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى عليه ثوبين معصفرين فقال: (( إنَّ هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها ))( صحيح مسلم [2077])، وهذا يدلُّ بالنص الصريح على حرمة التشبه بالكفار في اللباس وفي الهيئة وفي المظهر، كلبس البناطيل الضيِّقة التي تصف العورة وتحجمها، أو لبس الملابس التي تحمل شعارات الكفار كالصليب ونحوه، أو لبس الملابس التي تحمل الصور المحرَّمة لذوات الأرواح، أو لبس شيء من أزيائهم الخاصة ونحو ذلك.

كما يحرم على الرجال لبس الحرير لما في الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لا تلبسوا الحرير، فإنَّ من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة )) (صحيح البخاري [5834]، وصحيح مسلم [2069])، وفي الصحيح أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إنَّما يلبس الحرير مَن لا خلاق له ))، ورخَّص النبي صلى الله عليه وسلم في لبسه لمَن به حكّة(صحيح البخاري [5835]، و[5839]، وصحيح مسلم [2069]).

ويحرم الإسبال في الثياب لقوله صلى الله عليه وسلم: (( مَن جرَّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ))، رواه البخاري ومسلم(صحيح البخاري [2784]، وصحيح مسلم [2085])، وثبت في صحيح مسلم أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( ثلاثة لا يكلِّمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب عظيم، المسبل إزارَه، والمنَّان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب ))( صحيح مسلم [106]).

ويحرم كذلك لباس الشهرة، وهو كل لبسة يكون بها مشتهراً بين الناس، كالخروج من عادة أهل بلده وعشيرته، فينبغي أن يلبس ما يلبسون لئلاَّ يُشار إليه بالأصابع إلاَّ إذا كانت ألبستهم مخالفة للشريعة فليس له موافقتهم.

وكان أحبَّ الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص كما في حديث أم سلمة في الترمذي وغيره بإسناد جيِّد(سنن الترمذي [4025]، وسنن أبي داود [1762])، والقميص ثوب مخيط بكُمَّين غير مفرج، وسبب حبِّه صلى الله عليه وسلم للقميص؛ لأنَّه يستر الأعضاء أكثر من الإزار والرداء، ولأنَّه أقل مؤنة وأخف على البدن، وكان صلى الله عليه وسلم يحبُّ اللون الأبيض في الثياب، ففي الترمذي بإسناد صحيح عن ابن عباس أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( البسوا من ثيابكم البياض فإنَّها من خير ثيابكم وكفِّنوا فيها موتاكم ))( سنن الترمذي [994])، ولا يجوز اللون الأحمر البحت لما في صحيح البخاري: (( أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المياثر الحمر ))( صحيح البخاري [5838])، أمَّا إذا كان ليس بالأحمر البحت أي فيه لون آخر فالصحيح جواز لبسه، لما في الصحيحين عن البراء رضي الله عنه قال: (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مربوعاً، ولقد رأيته في حلَّة حمراء ما رأيت شيئاً قط أحسن منه ))( صحيح البخاري [3551]، وصحيح مسلم [2337]).

إلى غير ذلك من الأحكام العظيمة والتوجيهات السديدة التي جاءت بها الشريعة فيما يتعلَّق باللباس وضوابطه ممَّا يدل على كمال الشريعة وتمامها، والتي بها دون غيرها يكون سلامة الإنسان من فتنة الشيطان في شأن اللباس أو غيره من الأمور، وبالله وحده التوفيق.




الف شكر لك اخي الكريم على الموضوع القيم والمفيد
بارك الله فيك
تحياتي




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فتنة اللباس اصبحت ظاهرة مجتمعنا هذا

وسببها الثقافة الغربية

شكرا لاخ الكريم ابو سليمان على الموضوع المفيد

وجزاك الله خيرا




جزاك الله خيرا




بارك الله فيك واصل في التميز




التصنيفات
اسلاميات عامة

نصيحة للنساء

نصيحة للنساء
للشيخ جمال بن فريحان الحارثي حفظه الله


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

أما بعد:

فهذه كلمات مختصرة أوجهها للأخوات المسلمات في كل مكان ـ عبر الشبكة العنكبوتية ـ (الانتر نت)، لا سيما أن مثل هذه الشبكة أصبحت من أسرع وأنفع طرق نشر الدعوة المستقاة من الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح رحمهم الله تعالى، وقد أجعلها في نقاط أو مقاطع مختصرة، وخير الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وهذه إشارة مني بأن سأكتفي في بعض المواطن بسرد بعض الآيات التي تبين المقصود.
الحلقة الأولى

من رسالة "نصحاً لكل مسلمة":
أقول وبالله التوفيق:
أنصح كل امرأة مسلمة كانت متزوجة أم عزبة، صغيرة كانت أم كبيرة، عجوزاً كانت أم شابة؛ أن تتقي الله في نفسها فقد قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم:
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ ..) (الأحزاب : 1 )
فغيره صلى الله عليه وسلم أولى بهذا التوجيه والنصيحة.

فإياك والنظر إلى الرجال الأجانب، سواء كانوا في الشارع أو في السوق، أو على شاشات التلفاز، أو في الصور و المجلات والصحف، أو على شبكات الإنترنت، لأن النظرة ذريعة إلى الوقوع فيما هو أكبر من ذلك.
قال تعالى:
( وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ). (النور : 31 ).

ولا تخضع المرأة بصوتها أمام الرجال الأجانب منها ـ غير المحارم ـ، سواء كان الكلام مباشر كالبيع والشراء في الأسواق، أو كمن تتكلم مع إخوان زوجها أو أحد أقاربه أو أقاربها غير المحارم ـ كما يفعله بعض المجتمعات؛ وإن كان الكلام من وراء حجاب ـ ،أو الكلام عبر الهاتف، أو البال توك، أو المسنجر، قال تعالى:
( يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً ) (الأحزاب : 32 )
وهذا في حق أمهات المؤمنين الطاهرات العفيفات، وفي المجتمع الطاهر النقي الذي اختاره الله تعالى أن يكون في صحبة نبي الله صلى الله عليه وسلم، فنساء زماننا اليوم أولى بهذا التوجيه والنصح الإلهي.
وعلى المرأة المسلمة أن تلزم بيتها، ولا تخرج للأسواق إلا للضرورة القصوى وغير متبرجة، فإن وُجد من يقضي لها حاجتها من السوق فلتحمد الله ، وعليها أن تحذر الخروج إلى الحدائق والمنتزهات والأماكن المختلطة بالرجال شباباً كانوا أو غيرهم، قال تعالى:
( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ). (الأحزاب : 33 ).
وعلى كل مسلمة تحب الله ورسوله حقيقةً لا دعوى؛ أن تلتزم بالحجاب الشرعي، وذلك بتغطية وجهها ولبس الملابس الفضفاضة الطويلة، الغير ضيقة ولا قصيرة ولا شفافة؛ إذا أرادت الخروج من المنزل للحاجة، قال تعالى:
( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ). (الأحزاب : 59 ).
وقال عمر رضي الله عنه: "ما يمنع المرأة المسلمة إذا كانت لها حاجة أن تخرج في أطمارها أو أطمار جارتها مستخفية لا يعلم بها أحد حتى ترجع إلى بيتها".
وهذا كله ـ أعني القرار في البيوت، ولزوم الحجاب ـ يأتي من ثمار العلم الشرعي المستقا من الكتاب والسنة، قال تعالى:
( وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً ) (الأحزاب : 34 ).
وإن كان هذا الخطاب موجه لأمهات المؤمنين، إلا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وغير أمهات المؤمنين أولى بالعلم والتعلم بما يُقَوِّم دينها.
وأوجب ما ينبغي على كل مسلم ومسلمة معرفته؛ هو توحيد الله تعالى وإفراده بالعبادة وتعلم ما يضاده من الشرك والبدع؛ حتى تقبل العبادة، وأن تكون المرأة المسلمة محافظة على نفسها وشرفها، قال تعالى:( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ). (الممتحنة : 12 ).
واعلمن أيها الأخوات المسلمات أن هذه الآية شاملة وافية شافية جامعة كافية لمن تدبرها ووعاها وعمل بها وهي قوله تعالى:( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ). (الأحزاب : 35 ).

الحلقة الثانية:

أنصح الأخوات المسلمات بأن يهتممن بالعلم الشرعي المؤصل بالدليل من الكتاب والسنة، الذي لا يُقوم الواجب من العبادات إلا به، ولا أقصد أن تتضلع وتتعمق في المسائل الفرعية على حساب الواجب الذي يجب عليها تأديته من الإعمال؛ كرعاية الزوج والأولاد وإدارة المنزل، فهذه أوجب عليها من التوسع في المسائل الفرعية من مسائل الدين.
وعليها أن تبدأ بالأصل؛ بمعرفة التوحيد وما يضادّه من الشرك الذي هو من نواقض الدين، ثم بالمسائل المتعلقة بما يقوِّم صلاتها، وكذا مسائل الطهارة عند النساء، ويجب عليها أن تعلم متى يجب أن تصلي وتصوم ومتى يجب عليها أن تتوقف عن الصلاة والصوم مثلاً، وهكذا، وتتعلم ما يبصرها بتربية أولادها، وكذا طرق حسن التبعل لزوجها.
فالحاصل أن تتعلم المرأة المسلمة الواجب فالواجب مما يقوِّم عبادتها والذي لا يقوم الواجب إلا به، وتبتعد عن مسائل الخلاف والاختلاف بقدر المستطاع بل تجاهد نفسها على ذلك.
كما أنصح المسلمات؛ بان يتركن الجدال في الدين، والردود التي انشغلن بها بعض من يدعين طلب العلم، فزاحمن طلاب العلم والمشايخ في مسألة الرد على المخالف، فهذه تكتب رداً على هذه، وهذه تكتب رداً على تلك..، ناهيكن أن إحداهن ترد على ذاك، فانشغلن وأشغلن عن الواجب الذي سيُسألن عنه.
قال وهب بن منبه – رحمه الله – دع المراء والجدال عن أمرك فإنك لا تعجز أحد رجلين: رجل هو أعلم منك، فكيف تماري وتجادل من هو أعلم منك؟ . ورجل أنت أعلم منه، فكيف تماري وتجادل من أنت أعلم منه؟ ولا يُطيعك؛ فاقطع ذلك عليك )).
قال عبد الله البسري – رحمه الله – : (( ليس السّنة عندنا أن ترد على أهل الأهواء، ولكن السّنة عندنا أن لا تكلم أحداً منهم )).
و قال العبـاس بن غالب الوراق – رحمـه الله -: (( قلت لأحمد بن حنبل : يا أبا عبد الله: أكون في المجلس ليس فيه من يعرف السّنة غيري فيتكلم متكلم مبتدع أرد عليه؟. قال: لا تنصب نفسك لهذا، أخبر بالسّنة ولا تخاصم، فأعدت عليه القول. فقال: ما أراك إلا مخاصماً )).
واتركوا أيها النساء القيل والقال بينكن، ولا تحكموا على إحداكن بشيء من المخالفة حتى تتأكدن وتسألن أحد العلماء أو المشايخ أو عدة طلبة علم ـ معروفين بالاستقامة على منهج السلف ومن أهل الرزانة والحصافة، وليسوا من المتسرعين المغرورين وإن كانوا سلفيين ـ عن تلك التي يُعتقد أنها مخالفة في نظر الواحدة منكن، حتى لا تتفرق الكلمة وتختلف القلوب وتتنافر.
وعلى الواحدة منكن ممن نصّبت نفسها داعية؛ أن تتقي الله تعالى في دعوتها فتتحلى بأخلاق الدعاة إلى الله، بأن تتحلى بالصبر على المخالف وعلى الجاهل ـ على حدٍ سواء ـ وقبل ذلك عليها أن تتسلح بسلاح العلم بما تريد أن تقول وتدعو إليه، ولتكن طريقة دعوتها على منهج السلف الصالح؛ لا تخترع طُرق من عند نفسها ترى أنها أصوب وأصلح لزمانها مع علمها أنها مخالفة للسلف الصالح؟
ومن فقه الإمام البخاري وفهمه الصحيح السليم للكتاب والسنة؛ أن بوب في جامعه الصحيح، فقال:
"بابٌ العلم قبل القول والعمل" قال تعالى: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ ).

الحلقة الثالثة:

إن ما نسمعه ـ هنا وهناك بين فينة ولأخرى ـ من تلقي بعض النساء أبكاراً كُنّ أو غير ذلك ـ دروس على أيدي بعض طلبة العلم سواء سلفيين أم غير سلفيين، وقد انتشر هذا في أوساط بعض النساء، بل وأصبح بعضهن يتفاخرن بذلك، بل وقد امتد ذلك إلى الإعجاب من بعضهن لذلك الشيخ ـ طالب العلم ـ أو ذاك، وفي نظري؛ أن ذلك أصبح موظة عصرية لبعضهن ولا أُعمِّم.
وبعضهن يفتحن المجال مع بعض طلبة العلم في نقاش ـ إما في الهاتف أو المسنجر أو البالتوك أو رسائل الجوال أو البريد ـ قد يقود إلى المخالفة الشريعة ـ وهذا من مكائد الشيطان ـ.
فعلى هذا أقول: ليس من الواجب أن تطلب الفتاة العلم بهذه الطريقة؛ والتي تؤدي إلى الاستمراء في التحدث مع الرجال الأجانب منها وبالتالي ينخدش الحياء، فإذا انخدش حياء المرأة ذهلت عفتها وصيانتها

الحلقة الرابعة:

إلى كل امرأةٍ ذات بعلٍ ـ زوج ـ، ومن هي في طريقها إلى بيت الزوجية، أقول عليك أن تعرفي حق زوجك وحق والديك ولا تخلطي بين الواجبين، فلكلٍ واجب، وحق الزوج أوجب.
يقول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم:
(لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ولا تؤدى المرأة حق الله عز وجل عليها كله حتى تؤدى حق زوجها عليها كله حتى لو سألها نفسها وهى على ظهر قتب لأعطته إياه). أخرجه أحمد وغيره بألفاظ متقاربة وصححه الألباني في " الصحيحة" (1203).
وقال عليه الصلاة والسلام:
(لو سالت منخراه دما وقيحا وصديدا فلحسته بلسانها ما أدت حقه، لو كان ينبغي لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها إذا دخل عليها لما فضله الله عليها ..). الحاكم وغيره وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
فإذا علمتي و تيقنتي أيتها المسلمة الواجب الذي عليك نحو زوجك فعليك أن تتلمسي رضاه بطرق شتى، فإذا أعيتك طريقة فاسلكي طريقة أخرى مخترعة لإدخال الفرح والسرور إلى نفسه ومن ثم ستنعكس لك؛ إذا ما حس بالراحة في بيته بعد التعب والنصب الذي يلقاه في خارج الدار.
وكوني له كالمرأة الصالحة المدللة لزوجها المخففة عنه ما يجد من قسوة الحياة، الناظرة في رغباته فتحققها له وتذلل الصعاب له على حساب نفسها، ألا وهي أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وأرضاها، فكانت نعم الزوجة الصالحة ونعم الرفيق للنبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، ومعينة له أيام تحنثه بغار حراء، ثم مواساته والتخفيف من روعه عندما أتاه الوحي، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم بعد أن نزل عليه قوله تعالى: ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ….) ترجف بوادره حتى دخل على خديجة فقال: ( زملوني زملوني )، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، قال لخديجة: ( أي خديجة! ما لي؟ لقد خشيت على نفسي ) فأخبرها الخبر، قالت خديجة: " كلا؛ أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا، فوالله إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق". رواه الشيخان.
انظرن إلى هذه الكلمات الجميلات التي خرجت من مشكات الصلاح والطهر والعفاف والتُقى، فكانت لها الأثر الكبير في تسكين الروع في قلب سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام، فلتكن خديجة وبقية أمهات المؤمنين قدوة لكن.
وكوني أيتها الأَمة كتلك المرأة ـ زينب بنت جرير إحدى نساء بني حنظلة من بني تميم ـ.
فعن الهيثم بن عدى الطائي قال حدثنا مجالد عن الشعبي قال: قال لي شريح: يا شعبي! عليك بنساء بني تميم فإني رأيت لهن عقولاً، قال: وما رأيت من عقولهن. قال: أقبلت من جنازة ظهرا فمررت بدورهم فإذا أنا بعجوز على باب دار وإلى جنبها جارية كأحسن ما رأيت من الجواري فعدلت فاستسقيت وما بي عطش فقالت أى الشراب أحب إليك فقلت: ويحك يا جارية ما تيسر، قالت ويحك يا جارية ائتيه بلبن فإني أظن الرجل غريباً، قلت: من هذه الجارية؟ قالت: هذه زينب ابنة جرير إحدى نساء حنظلة، قلت: فارغة أم مشغولة؟ قالت: بل فارغة. قلت: زوجينيها. قالت: إن كنت لها كفئا ولم تقل له كفوا وهى لغة تميم فمضيت إلى المنزل فذهبت لأقيل فامتنعت مني القائلة فلما صليت الظهر أخذت بأيدي إخواني من القراء الأشراف علقمة والأسود والمسيب وموسى ابن عرفطة ومضيت أريد عمها فاستقبل فقال يا أبا أمية حاجتك قلت زينب بنت أخيك قال ما بها رغبة عنك فأنكحنيها فلما صارت في حبالى ندمت ندمت وقلت أى شيء صنعت بنساء بني تميم وذكرت غلظ قلوبهن فقلت أطلقها ثم قلت لا ولكن أضمها إلى فإن رأيت ما أحب وإلا كان كذلك فلو رأيتني يا شعبي وقد أقبل نساؤهم يهدينها حتى أدخلت على فقلت إن من السنة إذا دخلت المرأة على زوجها أن يقوم فيصلى ركعتين فيسأل الله من خيرها ويعوذ من شرها فصليت وسلمت فإذا هى من خلفي تصلي بصلاتي فلما قضيت صلاتي أتتني جواريها فأخذن ثيابي وألبسنني ملحفة قد صبغت في عكر العصفر فلما خلا البيت دنوت منها فمددت يدي إلى ناحيتها فقالت على رسلك أبا أمية كما أنت! ثم قالت: الحمد لله أحمده وأستعينه وأصلى على محمد وآله إني امرأة غريبة لا علم لي بأخلاقك فبين لي ما تحب فآتيه وما تكره فأزدجر عنه وقالت إنه قد كان لك في قومك منكح وفي قومي مثل ذلك ولكن إذا قضى الله أمرا كان وقد ملكت فاصنع ما أمرك الله له إمساك بمعروف أو بتسريح بإحسان أقول قولي هذا وأستغفر الله لي و لك. قال: فأحوجتني والله يا شعبي إلى الخطبة في ذلك الموضع، فقلت: الحمد لله أحمده وأستعينه وأصلى على النبي وآله وأسلم وبعد فإنك قد قلت كلاما إن تثبتي عليه يكن ذلك حظك وإن تدعيه يكن حجة عليك أحب كذا وأكره كذا ونحن جميع فلا تفرقي وما رأيت من حسنة فانشريها وما رأيت من سيئة فاستريها، وقالت شيئا لم أذكره كيف محبتك لزيارة الأهل؟ قلت: ما أحب أن يملني أصهاري. قالت: فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك آذن لهم ومن تكرهه أكرهه؟ قلت: بنو فلان قوم صالحون وبنو قوم سوء. قال: فبت يا شعبي بأنعم ليلة ومكثت معي حولا لا أرى إلا ما أحب فلما كان رأس الحول جئت من مجلس القضاء فإذا بعجوز تأمر وتنهى في الدار، فقلت: من هذه؟ قالوا: فلانة ختنك فسرى عني ما كنت أجد، فلما جلست أقبلت العجوز فقالت: السلام عليك أبا أمية قلت: وعليك السلام، من أنت؟ قالت: أنا فلانة ختنك. قلت: قربك الله. قالت: كيف رأيت زوجتك؟ قلت: خير زوجة. فقالت لي: أبا أمية! إن المرأة لا تكون أسوأ منها في حالتين إذا ولدت غلاما أو حظيت عند زوجها، فإن رابك ريب فعليك بالسوط، فوالله ما حاز الرجال في بيوتهم شرا من المرأة المدللة، قلت: أما والله لقد أدبت فأحسنت الأدب، ورضت فأحسنت الرياضة، قالت: تحب أن يزورك ختانك؟ قلت: متى شاءوا، قال: فكانت تأتيني في رأس كل حول توصيني تلك الوصية فمكثت معي عشرين سنة لم أعتب عليها في شيء إلا مرة واحدة وكنت لها ظالما، أخذ المؤذن في الإقامة بعد ما صليت ركعتي الفجر وكنت إمام الحي فإذا بعقرب تدب فأخذت الإناء فأكفأته عليها ثم قلت: يا زينب لا تتحركي حتى آتي فلو شهدتني يا شعبي وقد صليت ورجعت فإذا أنا بالعقرب قد ضربتها فدعوت بالسكت والملح فجعلت أمغث أصبعها وأقرأ عليها بالحمد والمعوذتين". أخرج القصة ابن عبد ربه الأندلسي في كتابه "طبائع النساء"، وأوردها أبو الفتح الإبشيهي في كتابه "المستطرف ".
فخذي العبرة من هذه القصة لهذه المرأة الصالحة وأمها.
وخذي القدوة أيتها المسلمة من هذه القصة الآتية فهي تخاطب الأم الناصحة لابنتها، وهي تخاطب البنت العاقلة، كما تخاطب كل متزوجة.

فقد ضُرب مثل من أمثال العرب بسبب هذه القصة، وهو:
"ما وراءك يا عاصم؟"
أورد أبو الفضل النيسابوري في كتابه "مجمع الأمثال" فقال:
ما وراءك يا عصام؟
قال المفضل أول من قال ذلك الحارث بن عمرو ملك كندة وذلك أنه لم بلغه جمال ابنة عوف بن محلم الشيباني وكمالها وقوة عقلها دعا امرأة من كندة يقال لها عصام ذات عقل ولسان وأدب وبيان وقال لها اذهبي حتى تعلمي لي علم ابنة عوف فمضت حتى انتهت إلى أمها وهي أمامة بنة الحارث فأعلمتها ما قدمت له فأرسلت أمامة إلى ابنتها وقالت أي بنية هذه خالتك أتتك لتنظر إليك فلا تستري عنها شيئا إن أرادت النظر من وجه أو خلق وناطقيها إن استنطقتك فدخلت إليها فنظرت إلى مالم تر قط مثله فخرجت من عنها وهي تقول ترك الخداع من كشف القناع فأرسلتهامثلا ثم انطلقت إلى الحارث فلما رآها مقبلة قال لها ما رواءك يا عصام قالت صرح المخض عن الزبد رأيت جبهة كالمرآ المصقولة يزينها شعر حالك كأذناب الخيل إن أرسلته خلته السلاسل وإن مشطته قلت عناقيد جلاها الوابل وحاجبين كأنما خطا بقلم أو سودا بحمم تقوسا على مثل عين ظبية عبهرة بينهما أنف كحد السيف الصنيع حفت به وجنتان كالأرجوان في بياض كالجمان شق فيه فم كالخاتم لذيذ المبتسم فيه ثنايا غر ذات أشر تقلب فيه لسان ذو فصاحة وبيان بعقل وافر وجواب حاضر تلتقي فيه شفتان حمراوان تحلبان ريقا كالشهد إذا دلك في رقبة بيضاء كالفضة ركبت في صدر كصرد تمثال دمية وعضادان مدمجان يتصل بهما ذراعان ليس فيهما عظم يمس ولا عرق يجس ركبت فيهما كفان دقيق قصبهما لين عصبهما تعقد إن شئت منهما الأنامل نتأك في ذلك الصدر ثديان كالرمانتين يخرقان عليها ثيابها تحت ذلك بطن طوي طي القباطي المدمجة كسر عكنا كالقراطيس المدرجة تحيط بتلك العكن سرة كالمدهن المجلو خلف ذلك ظهر فيه كالجدول ينتهي إلى خصر لولا رحمة الله لانبتر لها كفل يقعدها إذا نهضت وينهضها إذا قعدت كأنه دعص الرمل لبده سقوط الطل يحمله فخذان لفا كأنما قلبا على نضد جمان تحتهما ساقان خدلتان كالبرديتين وشيتا بشعر أسود كأن حلق الزرد يحمل ذلك قدمان كحذو اللسان فتبارك الله مع صغرهما كيف تطيقان حمل ما فوقهما فأرسل الملك إلى أبيها فخطبها فزوجها إياه وبعث بصداقها فجهزت فلما أراد أن يحملوها إلى زوجها قالت لها أمها أي بنية إن الوصية لو تركت لفضل أدب تركت لذلك منك ولكنها تذكرة للغافل ومعونة للعاقل ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها كنت أغنى الناس عنه ولكن النساء للرجال خلقن ولهن خلق الرجال أي بنية إنك فارقت الجو الذي منه خرجت وخلفت العش الذي فيه درجت إلى وكر لم تعرفيه وقرين لم تألفيه فأصبح بملكه عليك رقيبا ومليكا فكوني له أمة يكن لك عبدا وشيكا يا بنية احملي عني عشر خصال تكن لك ذخرا وذكرا الصحبة بالقناعة والمعاشرة بحسن السمع والطاعة والتعهد لموقع عينه والتفقد لموضع أنفه فلا تقع عينه منك على قبيح ولا يشم منك إلا طيب ريح والكحل أحسن الحسن والماء أطيب الطيب المفقود والتعهد لوقت طعامه والهدو عنه عند منامه فإن حرارة الجوع ملهبة وتنغيص النوم مبغضة والاحتفاظ ببيته وماله والإرعاء على نفسه وحشمه وعياله فإن الاحتفاظ بالمال حسن التقدير والإرعاء على العيال والحشم جميل حسن التدبير ولا تفشي له سرا ولا تعصي له أمرا فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره وإن عصيتأمره أوغرت صدره ثم اتقي مع ذلك الفرح إن كان ترحا والاكتئاب عنده إن كان فرحا فإن الخصلة الأولى من التقصير والثانية من التكدير وكوني أشد ما تكونين له إعظاما يكن أشد ما يكون لك إكراما وأشد ما تكونين له موافقة يكن أطول ما تكونين له مرافقة واعلمي أنك لا تصلين إلى ما تحبين حتى تؤثري رضاه على رضاك وهواه على هواك فيما أحببت وكرهت والله يخير لك فحملت فسلمت إليه فعظم موقعها منه وولدت له الملوك السبعة الذين ملكوا بعده اليمن". انتهى.

الحلقة الرابعة:

على كل مسلمة تريد ما عند الله تعالى؛ أن تحفظ لسانها من الغيبة والنميمة والقيل والقال وكثرة السؤال، ومن كُفر العشير، فإن الغالب على مجالس النساء أن أوقاتها تنقضي في هذه الأمور، وكأنها كالملح على الطعام، لا يحلو المجلس إلا بها.
فعن حكيم بن حزام قال خطب النبي صلى اله عليه وسلم النساء ذات يوم فوعظهن وأمرهن بتقوى الله والطاعة لأزواجهن وقال: ( إن منكن من تدخل الجنة) وجمع بين أصابعه (ومنكن حطب جهنم) وفرق بين أصابعه، فقالت: الماردة أو المرادية يا رسول الله! ولم ذلك؟ قال: (تكفرن العشير وتكثرن اللعن وتسوفن الخير). ابن حبان في "صحيحه".
وعلى كل مسلمة أن تبتعد عن التشبه بالكافرات والفاسقات؛ في اللباس كله، والهيئات، فتمتنع من لبس الضيق، والمفتوح ـ من أي جهة ومن أي جنب كان ـ، والشفاف، والقصير، والبنطال، والكعب العالي، وتجتنب متابعة الموضة ـ كما يقال ـ من لباس وقصاتٍ للشعر.
ولقد قال صلى الله عليه وسلم: ( من تشبه بقوم فهو منهم). أبو داود.
و في وصف صنف من النساء قال عليه الصلاة والسلام:
(صنفان من أهل النار لم أرهما ـ وذكر ـ، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا). مسلم، وغيره. قال النووي في شرحه على مسلم:
" هذا الحديث من معجزات النبوة فقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم، أما الكاسيات ففيه أوجه أحدها معناه كاسيات من نعمة الله عاريات من شكرها والثانى كاسيات من الثياب عاريات من فعل الخير والاهتمام لآخرتهن والاعتناء بالطاعات والثالث تكشف شيئا من بدنها إظهارا لجمالها فهن كاسيات عاريات والرابع يلبسن ثيابا رقاقا تصف ما تحتها كاسيات عاريات فى المعنى واما مائلات مميلات فقيل زائغات عن طاعة الله تعالى وما يلزمهن من حفظ الفروج وغيرها ومميلات يعلمن غيرهن مثل فعلهن وقيل مائلات متبخترات فى مشيتهن مميلات أكتافهن وقيل مائلات يتمشطن المشطة الميلاء وهي مشطة البغايا معروفة لهن مميلات يمشطن غيرهن تلك المشطة وقيل مائلات إلى الرجال مميلات لهم بما يبدين من زينتهن وغيرها وأما رؤوسهن كأسنمة البخت فمعناه يعظمن رؤوسهن بالخمر والعمائم وغيرها مما يلف على الرأس حتى تشبه أسنمة الابل البخت هذا هو المشهور فى تفسيره قال المازرى ويجوز أن يكون معناه يطمحن إلى الرجال ولا يغضضن عنهم ولا ينكسن رؤوسهن واختار القاضي أن المائلات تمشطن المشطة الميلاء قال وهى ضفر الغدائر وشدها إلى فوق وجمعها فى وسط الرأس فتصير كأسنمة البخت قال وهذا يدل على أن المراد بالتشبيه بأسنمة البخت انما هو لارتفاع الغدائر فوق رؤوسهن وجمع عقائصها هناك وتكثرها بما يضفرنه حتى تميل إلى ناحية من جوانب الرأس". انتهى.
قال ابن العربي:"وإنما جعلهن كاسيات لأن الثياب عليهن وإنما وصفهن بأنهن عاريات لأن الثواب إذا رق يصفهن ويبدي محاسنهن وذلك حرام".
وقال القرطبي: "قلت: هذا أحد التأويلين للعلماء في هذا المعنى، والثاني أنهن كاسيات من الثياب عاريات من لباس التقوى الذي قال الله تعالى فيه (ولباس التقوى ذلك خير ). وأنشدوا:
إذا المرء لم يلبس ثياب من التقى تقلب عريانا وإن كان كاسيا
وخير لباس المرء طاعة ربه ولا خير فيمن كان لله عاصيا"
وفي الحديث عن دحية بن خليفة الكلبي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم حين بعثه إلى هرقل فلما رجع أعطاه رسول الله صلى الله عليه و سلم قبطية، فقال: ( اجعل صديعها قميصاً وأعط صاحبتك صديعاً تختمر به ) فلما ولي قال: ( مرها تجعل تحتها شيئاً لئلا يصف ). الحاكم، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وذكر أبو هريرة رقة الثياب للنساء فقال: "الكاسيات العاريات الناعمات الشقيات".
ودخل نسوة من بني تميم على عائشة رضي الله عنها عليهن ثياب رقاق فقالت عائشة: "إن كنتن مؤمنات فليس هذا بلباس المؤمنات وإن كنتن غير مؤمنات فتمتعينه".
وأدخلت امرأة عروس على عائشة رضي الله عنها وعليها خمار قبطي معصفر فلما رأتها قالت: "لم تؤمن بسورة النور امرأة تلبس هذا".
هذا وأسأل الله العلي القدير أن يجعل عملي صالحا، وأن يجعله لوجهه ـ سبحانه وتعالى ـ خالصاً، وأن لا يجعل لأحد معه منه شيئاً، وأن يتقبلني في الصالحين، آمين.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم أجمعين ،،

كتبه أبو فريحان
جمال بن فريحان الحارثي




بارك الله فيكم

انا عن نفسي اعجبني الموضوع





جزاكم الله خيرا على النقل الطيب




التصنيفات
اسلاميات عامة

حين نبكي _ الشيخ سالم العجمي

حين نبكي

إذا ما اكتظت الهموم في القلوب، ورحت تبحث عن وسيلة تلقي بها هموم قلبك المثخن بالجراح والمثقل بالأحزان ربما كانت هذه الراحة في دمعة حارة تسيل من عينيك التي اجتمعت بها ظلمة الهموم.

ولأن الدمعة علاج للهموم، والهموم مرض عضال، فلربما كان العلاج ثمنه غال لا يستطيع أن يصل إليه كل أحد، ولربما عظم المصاب حتى تتحجر معه المدامع في المآقي، ولعل هذا مرض أعظم وأخطر من الهموم المتراكمة في القلب.

على حد قول القائل:

فــزعت الى الدمـوع فلم تجـبني """ وفقد الدمع عند الحـزن داء
ومـا قـصـرت في حزن ولكــن """ إذا عظم الأسى فقد البكــاء

وربما منعتك رجولتك (أحيانا) من الدموع، في الوقت الذي تحتاج فيه إلى قطرة تنفس فيها عن متاهات قلبك الشارد، كما قيل:

نحن الرجال وإن أبدى الزمان لنا """ ناباً! من الهول نلقى الهول بالقاني
ولا نريق دموع الضعف يمنعنا """ حياؤنا ومقال العاذل الشـــاني

ولكن.. ألا تدري أن شجعان الرجال كانوا يبكون شجاعة ومروءة وكرما لا ضعفاً.

تلفت في كل ناحية..

تجد الصديق الذي يبكي صديقاً له وقد فرقت بينهم المسافات.

وتجد حبيبا يبكي حبيبه الذي أدخل في ظلمات القبور الموحشة غير موسد ولا ممهد..

ولربما جربت دمعة بينك وبين نفسك مخافة لله، إعلاناً للتوبة بين يديه وانطراحاً ببابه رجاء عفوه وخوف حسابه، ومحبة له وشكراً على نعمه التي لا تعد ولا تحصى.

فهو الذي إن ابتلى من جهة عافى من جهات، وإن منع من وجه أعطى من وجوه.

تبكي لحلمه عليك وقد كنت قائماً على الذنب وهو قادر على أن يأخذك أخذ عزيز مقتدر، ومع ذلك أمهلك لترجع إليه.

ولما تبت فتح لك أبواب التوبة والرجوع والمآب إليه.

فما أجمل هذه الدمعة، ويا لذتها من دمعة.

ولذا كان من السبعة الذين يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: رجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه.

ولربما سالت منك دمعة منك لجفاء صديق، أو لبعد قريب أو لظلم ظالم، أو لفقد عزيز، فهل هذا ضعف؟ بل هو منتهى الرجولة حين تعبر عن مشاعرك وأنت لست جباناً.

وإذا كنت تريد أن تعرف منتهى الضعف.. فانظر إذا أصابك هم وأردت أن تذرف دمعة ولم تستطع فستعرف أن الضعف ليس بالبكاء، بل أن الضعف يكمن في أنك أردت أن تذرف دمعة وعجزت عن ذلك.

حين نبكي للشيخ سالم العجمي حفظه الله




بارك الله فيكم وجعل عملكم هذا في ميزان حساتك




بارك الله فيك و نفع بك اخي نقل رائع خصوصا انك تحمل هذا التوجيه المفيد جدا من احد الدعاة الذين نحسبهم من اهل الفضل و الصلاح ، و محبة الخير للأمة الاسلامية جميعا ، و اهل السنة على وجه الخصوص ، سالم العجمي من دعاة السنة الموثوق في علمهم و دعوتهم وفق مذهب السلف الصالح .




شكرا لكي اختاه على الموضوع وبارك الله فيكي




وإذا كنت تريد أن تعرف منتهى الضعف.. فانظر إذا أصابك هم وأردت أن تذرف دمعة ولم تستطع فستعرف أن الضعف ليس بالبكاء، بل أن الضعف يكمن في أنك أردت أن تذرف دمعة وعجزت عن ذلك.

بارك الله فيك
وشكرا
على الموضوع القيم




و فيكم بارك الله

جزاكم الله خيرا




التصنيفات
اسلاميات عامة

لا اعتزاز إلا بالإسلام

تعليمية



لا اعتزاز إلا بالإسلام

قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: نحن أمة أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله. فلا اعتزاز إلا بالإسلام ولا انتماء إلا إلى الإسلام.

قال أبو بكرة رضي الله عنه:

أبي الإسلام لا أب لي سواه * * * إذا افتخروا بقيس أو تميم

فالانتماء والاعتزاز بغير الإسلام من أمور الجاهلية. لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم من يقول: يا للأنصار ومن يقول: يا للمهاجرين قال صلى الله عليه وسلم: "أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم". وقال: "دعوها فإنها منتنه".

فالاعتزاز بالقبيلة أو بالقومية أو بالعروبة أو بالإنسانية اعتزاز وانتماء بأمور الجاهلية ولما ظهر قبل فترة قريبة من يدعوا إلى القومية العربية أنكر عليه العلماء أشد الإنكار ورد عليهم الشيخ عبدالعزيز بن باز برد مطول قوي سماه: نقد القومية العربية. وهو مطبوع ومتداول.

وذلك لأن الإسلام دين الرحمة (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) ودين البشرية: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) والإنسانية بدون دين الإسلام لا تغني شيئا فقبل الإسلام كانت الإنسانية في وحشية وخصام وقتال ونهب وسلب وتناحر: (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً) فكل رحمة وكل إحسان إلى الناس فذلك في دين الإسلام: (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) حتى البهائم عند ذبحها ومن يستحون القتل من بني آدم أمر الإسلام بالإحسان إليهم عن الذبح والقتل قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته"، وغفر الله لبغي سقت كلباً وعذب امرأة حبست هرة حتى ماتت.

إن الإنسانية وحدها بدون الإسلام لا تغني شيئا ولا تجلب خيرا ولا تدفع ضرا وما سفكت الدماء ولا استبيحت الأعراض ولا استحلت الأموال إلا من بني الإنسانية ولا حفظت هذه الحرمات إلا بالإسلام وإننا نسمع في هذا الوقت من يعتز بالإنسانية وينسب إليها كل إحسان ومعروف ناسياً أو متناسياً أو قاصداً جحود فضل الإسلام. والله سبحانه قال: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً) ولم يقل: وما كان لإنسان إن يقتل إنساناً وما خالف الإسلام فهو من أمور الجاهلية التي أمرنا بتركها والاعتزاز بديننا والانتماء إليه وإظهار فضله والدعوة إليه.

وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح والإصلاح للإسلام والمسلمين.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

كتبه:

صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء





الحمد لله على نعمة الإسلام
الحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله
اللهم اعز الإسلام
بارك الله فيكي اختاه وجزاكي الفردوس




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الغزالة تعليمية
الحمد لله على نعمة الإسلام
الحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله
اللهم اعز الإسلام
بارك الله فيكي اختاه وجزاكي الفردوس

نعم أختي ، الحمد لله على نعمة الإسلام

بوركـت أخيتي على مروركـِ الطيب




بارك الله فيك

شكرا على النقل المفيد




و فيكم بارك الله




اللهم اعز الاسلام والمسلمين
بارك الله فيكم




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حفيدة السلف تعليمية
اللهم اعز الاسلام والمسلمين
بارك الله فيكم
اللهم آمين

و فيكـِ بارك الله أخيتي ،،




التصنيفات
اسلاميات عامة

كلمة للنساء اللاتي يعتبرن بأن المنزل سجن

كلمة للنساء الاتي يعتبرن بأن المنزل سجن
للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

السؤال:

هل من كلمة للنساء اللاتي يعتبرن بأن المنزل سجن؟

الجواب:

الشيخ:نعم الكلمة أن أقول للمرأة :
الذي جعل البيت سجنا إن صح التعبير هو الله عز وجل قال الله تعالى (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ)
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في النساء (بيوتهن خير لهن)
والمرأة في بيتها طليقة تذهب إلى كل ناحية من البيت وتعمل حوائج البيت وتعمل لنفسها فأين الحبس؟!!!أين السجن ؟!!!
نعم هو سجن على من تريد أن تفرح وان تكون كالرجل ومن المعلوم أن الله تعالى جعل للرجال خصائص وللنساء خصائص وميز بين الرجال والنساء خلقة وخلقا وعقلاً ودينا حسب ما تقتضيه حدود الله عز وجل
ونقول إن المرأة التي تقول إن بقاء المرأة في بيتها سجن أقول إنها معترضة على قول الله تعالى (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ)
كيف نجعل ما أمر الله به سجنا؟!!!
لكنه كما قلت سجن على من تريد الفراهة والالتحاق بالرجال وإلا فإنه سرور البقاء في البيت هو السرور وهو الحياء وهو الحشمة وهو البعد عن الفتنة وهو البعد عن تطلع المرأة للرجال .
لأن المرأة إذا خرجت ورأت هؤلاء الرجال هذا شاب جميل وهذا كهل جميل وهذا لابس ثيابا جميلة وما أشبه ذلك تفتتن بالرجال
كما أن الرجال يفتتنون بالنساء فعلى النساء أن يتقين الله وأن يرجعن إلى ما قال ربهن وخالقهن وإلى ما قاله رسول رب العالمين إليهن وإلى غيرهن وليعلمن أنهن سيلاقين الله عز وجل وسيسألهن ماذا أجبتم المرسلين ؟
وهن لا يدرين متي يلاقين الله قد تصبح المرأة في بيتها وقصرها وتمسي في قبرها أو تمسى في بيتها وتصبح في قبرها
ألا فليتقي الله هؤلاء النسوة وليدعن الدعايات الغربية المفسدة فإن هؤلاء الغربيين لما أكلوا لحوم الفساد جعلوا العصب والعظام لنا نتلقف هذه العصب والعظام بعد أن سلب فائدتها
هؤلاء الغربيون وهم الآن يئنون ويتمنون أن تعود المرأة بل أن تكون المرأة كالمرأة المسلمة في بيتها وحيائها وبعدها عن مواطن الفتن
لكن أنى لهم ذلك أنى لهم التناوش من مكان بعيد!!
أفيجدر بنا ونحن مسلمون لنا ديننا ولنا كياننا ولنا آدابنا ولنا أخلاقنا أن نلهث وراءهم تابعين لهم في المفاسد!!
سبحان الله العظيم
لا حول ولا قوة إلا بالله.




بــارك الله فيــك وبارك ورحــمالله الشيخ محمد بن صالح العثيمين
شكـرا




تعليمية

تعليمية




بارك الله فيك يا اختاه




بارك الله فيك




بارك الله فيكي اختاه وجزاكي الخير المديد
تحياتي




جزاك الله خيرا وسدد خطاك