[فوائد مستخلصة] من كنوز القرآن الكريم – قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته (( – قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُور} [آل عمران: 185]. في هذه الآية إخبار من الله عزَّ وجلَّ بحصول الموت لكل نفس، وأنه بعد الموت يجازى كلٌّ بما عمل، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، والموت هو الفاصل بين الدنيا والآخرة، وكل من مات جاءت ساعته وقامت قيامته، وانتقل من دار العمل إلى دار الجزاء، ومن كان موجوداً في آخر الزمان يموت عند النفخ في الصور النفخة الأولى، وبذلك يكون الموت قد حصل للأولين والآخرين. ومثل هذه الآية قول الله عزَّ وجلَّ: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُون} [العنكبوت: 57]، وقوله: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُون} [الأنبياء: 35]، وقد أورد البخاري في كتاب الرقاق من صحيحه (بابٌ في الأمل وطوله) أثراً عن عليّ رضي الله عنه فقال: (( وقال عليّ بن أبي طالب: ارتحلت الدنيا مدبرة، وارتحلت الآخرة مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل )). قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: (( يخبر تعالى إخباراً عاماً يعم جميع الخليقة بأن كل نفس ذائقة الموت، كقوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَان * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَام}، فهو تعالى وحده هو الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون، وكذلك الملائكة وحملة العرش، وينفرد الواحد الأحد القهار بالديمومة والبقاء، فيكون آخراً كما كان أوّلاً )). وفي قول الله عزَّ وجلَّ: { فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ } بيان أن من أحسن عمله في الحياة الدنيا يفوز بهذا الجزاء العظيم من الله عزَّ وجلَّ، وهو السلامة من النار ودخول الجنّة، ويقابله من أساء العمل في الدنيا، فإن كان كافراً خلد في النار ولا سبيل له إلى دخول الجنّة، ومن كان مؤمناً مقترفاً شيئاً من المعاصي، فأمره إلى الله عزَّ وجلَّ، إن شاء عفا عنه وأدخله الجنّة، وإن شاء عذّبه وأدخله النار، لكنه لا يخلد فيها، بل يخرج منها ويدخل الجنّة، ومن أسباب الزحزحة عن النار ودخول الجنّة: ثبات المسلم على الإسلام وأن يدوم عليه حتى الممات، وأن يعامل الناس بمثل ما يحب أن يعاملوه به، لقوله صلى الله عليه وسلَّم في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: (( فمن أحب أن يزحزح عن النار ويُدخل الجنّة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه )) رواه مسلم (4776). ولما بيّن عظم الجزاء في الدار الآخرة، وهو الفوز بدخول الجنّة، والسلامة من النار، بيّن حقارة الدنيا وهوانها، وأنها ليست بشيء، فقال: { وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُور} ، والغرور بضم الغين وهو ما يحصل به الاغترار، وأما الغَرور بفتح الغين كما في قوله تعالى: { وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُور } [لقمان: 33]، فالمراد به الشيطان. ونقل القرطبي في تفسيره عن ابن عرفة أنه قال: (( الغُرور ما رأيت له ظاهراً تحبه، وفيه باطن مكروه أو مجهول، والشيطان غَرور لأنه يحمل على محاب النفس، ووراء ذلك ما يسوء. قال: ومن هذا بيع الغرر، وهو ما كان له ظاهر بيع يغرّ وباطن مجهول )). ومما يبيّن حقارة الدنيا وهوانها عند الله عزَّ وجلَّ قوله صلى الله عليه وسلَّم: (( غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها، ولقاب قوس أحدكم ـ أو موضع قدم ـ من الجنّة خير من الدنيا وما فيها، ولو أن امرأة من نساء أهل الجنّة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما، ولملأت ما بينهما ريحاً، ولنصيفها ـ يعني الخمار ـ خير من الدنيا وما فيها )) رواه البخاري (6568)، وقوله صلى الله عليه وسلَّم: (( والله ما الدنيا في الآخرة إلاّ مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم، فلينظر أحدكم بم ترجع )) رواه مسلم (2858). ))
المصدر : من كنوز القرآن الكريم (تفسير آيات من الكتاب العزيز) – تأليف عبد المحسن بن حمد العباد – من صفحة رقم 62 إلى صفحة رقم 64 – طبعة دار نور الكتاب – القبة – الجزائر وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. |
||
|||~~~|||~~~|||~~~اللهم ارزقنا الجــــــــــــــنه امين
|||ردد معي|||سبحان|||~~~|||الله| ||~~~|||وبحمده||
بارك الله فيك في ميزان حسناتك ان شاء الله
|||ردد معي|||~~~|||~~~|||الله||| ~~~|||أكبر|||
|||~~~|||~~~|||~~~اللهم ارزقنا الجــــــــــــــنه امين
|||ردد معي|||سبحان|||~~~|||الله| ||~~~|||وبحمده||