الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي حفظه الله
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله لا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً أما بعد :
فكلمتي ( نصائح لطلاب العلم وطالبات العلم ولجميع المسلمين ) ، فإن الله يقول : (( والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )) ، فالتواصي بالحق مما يجب على المسلمين أن يتواصوا به ، وهذه النصائح يحتاجها كل مسلمة ومسلمة ولا سيما طلاب العلم وطالبات العلم .
النصيحة الأولى : الإخلاص ، إخلاص العمل لله وإخلاص النية لله ، وأنت يا طالب العلم في طلب العلم ما أحوجنا جميعاً إلى الإخلاص أن تبتغي بعلمك وجه الله وأن تبتغي بعملك وعباداتك ودعوتك وجه الله سبحانه وتعالى ، فالله يقول : (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء )) ، ويقول سبحانه : (( فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً )) ، والرسول يقول عليه الصلاة والسلام : ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئٍ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) متفق عليه عن عمر رضي الله عنه ، وتعرفون حديث أبي هريرة الذي رواه الإمام مسلم : ( أول من تسعر بهم النار والعياذ بالله من النار ثلاثة : ـ وهم كما تعملون ـ العالم الذي لم يبتغي بعلمه وجه الله ، والقارئ الذي لم يبتغي بقراءته وجه الله ـ ويدخل في ذلك الطالب الذي لم يبتغي بطلبه العلم وجه الله ـ والمجاهد الذي لم يبتغي بجهاده وجه الله ، وكذا المنفق الذي لم يبتغي بنفقته وجه الله ) . أول ما تُسعر بهم النار ويُسحبون سحباً على وجوههم حتى يُقذفون بالنار والذي فاتهم هو الإخلاص وإلا فالعمل بحسب الظاهر عملاً صالح ، فشرط الظاهر تَيسر وشرط الباطن الذي هو الإخلاص لله لم يتيسر ، فكانوا أول النار دخولاً إلى النار سحباً على وجوههم عياذاً بالله في ذلك ، فالله الله علينا جميعاً بالإخلاص ، يا طالب العلم إذا أردت أن يرفعك الله في الدنيا والآخرة فأخلص النية لله في طلبك للعلم ، فإن الإمام البخاري رحمة الله عليه حين ألف كتابه < الجامع الصحيح > بدأ بكتاب بدء الوحي وبدأ بحديث ( إنما الأعمال بالنيات ) لينبه طلاب العلم والعلماء على إخلاص النية لله ، وأن العمل إذا لم يكن خالصاً لوجه الله وإلا كان مردوداً على صاحبه ، وهكذا فعل الإمام النووي رحمة الله عليه في < رياض الصالحين > وفي كتابه < الأذكار > وفي كتابه < الأربعين النووية > ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئٍ ما نوى ) ، وكذلك فعل المقدسي رحمة الله عليه في كتابه < عمدة الأحكام > بدأ بحديث عمر ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئٍ ما نوى ) ، وكذلك فعل البيحاني رحمة الله عليه في كتابه < إصلاح المجتمع > بدأ بحديث ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئٍ ما نوى ) ، وغيرهم وغيرهم تنبيهاً لطالب العلم الذي وفقه الله لسلوك العلم بأن يُجرد النية لله ، وبأن يخلص العمل لله سبحانه وتعالى ، فقد قال الله عز وجل في الحديث القدسي الذي رواه الإمام مسلم في < صحيحه > عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( قال الله عز وجل : أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ) ، فأحذر من الرياء وأحذر من السمعة وأحذر من حب الظهور وابتغي بعملك وجه الله سبحانه وتعالى ، وإذا أخلصت النية لله فأبشر بقبول العمل وأبشر أيضاً بعِظم المثوبة عليك ، فإن العمل إذا لم يكن خالصاً لوجه الله لو أنفقت مثل جبل أحد ذهباً رياءً وسمعة يجعله الله هباءً منثوراً وهو مثل جبل أحد أو أعظم من ذلك ، كما قال الله : (( وقدمنا إلى ما عملوا من عملٍ فجعلناه هباءً منثوراً )) ، وإذا تصدقت ولو بنصف تمرة تبتغي بها وجه الله يُربيها الله لك حتى تكون يوم القيامة مثل جبل أحد ، فقليل العمل مع الإخلاص عظيم عند الله وكثير العمل بدون إخلاص لا شيء يكون هباءً منثوراً .
هذه الوصية الأولى لطالب العلم وطالبة العلم وللعالم ولداعي إلى الله ولكل مسلم ، ونسأل الله عز وجل أن يرزقنا جميعاً الإخلاص في القول والعمل .
الوصية الثانية لطالب العلم وطالبة العلم ولكل مسلم : أن نحذر من المعاصي ، أحذر يا طالب العلم من المعصية فربما كانت سبباً في ظلمة قلبك ، وفي ظلمة القبر ، وفي ظلمة الوجه ، وفي العيشة النكدة الظنكى ، المعصية هي حرب الشيطان للمؤمنين يُحارب الشيطان المؤمنين بالمعاصي ، لأنه يعلم أن من عصى فقد غوى ، كما قال الله : (( فعصى آدم ربه فغوى )) ، ومن عصى فقد ضل ، ومن عصى فقد عَرض نفسه لعقوبة الله عاجلاً أو آجلاً ، فأحذر المعاصي أحذرها على نفسك أشد مما تحذر على نفسك الحية والثعبان والتماس الكهرباء ، فكم من إنسان أظلم قلبه بسبب المعاصي فما استطاع أن يحفظ ولا استطاع أن يقرأ ولم يجد لذةً لا للقراءة لا للحفظ و ولا للصلاة في جماعة لظلمةٍ في قلبه حالت بينه وبين ما يريد ، فأنت إذا فعلت المعصية فقد أعنت الشيطان على تحطيم نفسك فاستقم كما قال الله : (( فاستقم كما أمرت ومن تاب معك )) استقم وتمسك بالكتاب وبالسنة وأعمل بما تعلم ، أعمل بما تعلمت حتى يُبارك الله لك في علمك وفي عملك وفي عمرك وفي أقوالك وفي أفعالك ، يقول الشافعي رحمة الله عليه :
شكوت إلى وكيعٍ سوء حفظي فأرشدي إلى ترك المعاصي
وقال أعلم بأن العلم نورٌ ونور الله لا يأتاه لعاصي
فكم حاول من محاول أن يطلب العلم وأن يحفظ فما استطاع ، والسبب في ذلك المعاصي ، فالطاعة نور للقلب يَنجلي بها ، والمعصية ظلمة على القلب والعياذ بالله ، فالله الله في الابتعاد عن المعاصي ، وعليك بالإكثار من الاستغفار ، اكثر من الاستغفار لعل الله أن يغفر لك ، وأكثر من الدعاء والتضرع إلى الله بأن يثبتك الله على دينه وعلى كتابه وسنة نبيه محمد صلوات الله وسلامه عليه ، وراجع < الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ) للإمام العلامة ابن القيم رحمة الله عليه ، وانظر كم من مخاطر تأتيك من قِبل المعصية .
الوصية الثالثة لطالب العلم ولطالبات العلم وللعالم والداعي إلى الله : أن نحذر من الدنيا ، يا طالب العلم أحذر الدنيا ، أحذر حب الدنيا ، وأحذر أن يتعلق قلبك بها ، فإن القلب إذا تعلق بالدنيا وبحب الدنيا وبحب المال سرعان ما ينخدع ويُضحي بالعلم في سبيل الدنيا الفانية الملعونة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( الدنيا ملعونة ملعون ما فيها ، إلا ذكر الله وما والاه وعالماً أو متعلماً ) رواه الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه ، بل الله سبحانه وتعالى يقول : (( يا أيها الناس إن وعد الله حقٌ فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور )) قال : )) فلا تغرنكم الحياة الدنيا )) أي لا تغتروا بها ، والرسول يقول صلوات الله وسلامه عليه : ( اتقوا الدنيا واتقوا النساء ) رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، اتقوا الدنيا واتقوا النساء ، أحذروا الدنيا أحذروا الدنيا ولا تتعلق قلوبكم بها ، ليس معنى أنك لا تأكل ولا تشرب ولا تبع ولا تشتري لا بد لك من هذه الأمور ، لكن أحذر أن يتعلق القلب بحبها ، وأحذر أن تنغمس فيها ، فكم من إنسان انغمس فيها فضيع دينه إلا من رحم الله ، وجاء أيضاً في سنن ابن ماجه بإسنادٍ حسن من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونحن نتذاكر الفقر ونتخوفه ، فقال : ( آلفقر تخشون ، والذي نفسي بيده لتصبن عليكم الدنيا صباً حتى لا يزبغ قلب أحدكم إزاعةً غلا هي ، وأيم الله لقد تركتم على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء ) فقال أبو الدرداء رضي الله عنه : نعم والله تركنا والله على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء ، فانتبه انتبه أن تتعلق بالدنيا فإن من تعلق بها زاغ قلبه ، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( حتى لا يزيغ قلب أحدكم إزاغةً إلا هي ) ، وهكذا يقول عليه الصلاة والسلام : ( ما الفقر أخشى عليكم ، ولكن أخشى عليكم الدنيا ) وقال أيضاً : ( لا الشرك أخشى عليكم ، ولكن يخشى علينا زهرة الحياة الدنيا ) حديثان في البخاري وغيره ، فكن على حذر فإنه لا يجتمع في قلب امرئ حب العلم وحب الدنيا ، فإما أن يغلب هذا على هذا أو هذا على هذا ، وإذا غلب حب الدنيا على قلبك تركت العلم وضيعت نفسك ، وكم من أناس ضاعوا وقد كانوا طلبة علم ومنهم من كان قد استكمل حفظ القرآن ، ومنهم من حفظ من الأحاديث الشيء الكثير والكثير ، ثم تعلقت قلوبهم بالدنيا فضاعوا وأضاعوا .
النصيحة الرابعة لطالب العلم وطالبة العلم وللعالم والداعي إلى الله : أن يحذر من الكبر فإن الشيطان إذا عَجز عن صرفك عن طلب العلم ما استطاع ربما آتاك من الباب الآخر ونفخ فيك روح الكبر ، وقال : أنت عالم وأنت زاهد وأنت صالح وأنت قارئ أو طالب علم وانظر إلى زملائك أين هم منك لا يسوون أصبع من أصابع يديك أو رجليك ، وأعطاك من هذا الثناء والإطراء والمدح ، فإذا بك تنخدع ويكون في هذه الحالة قد قضى عليك وأهلكك إلا أن يشاء الله أن يتغمدك برحمته فقد قال الرسول صلوات الله وسلامه عليه : ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ) مثقال ذرة من كبر ، فقال رجلٌ : يا رسول الله إن أحدنا يحب أن يكون نعله حسناً ، وثوبه حسناً أي فهل هذا من الكبر ؟ ، فقال عليه الصلاة والسلام : ( إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق ، وغمط الناس ) رواه مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، فبين الرسول عليه الصلاة والسلام ما هو الكبر بشيئين : بطر الحق أي دفعه وعدم قبوله ، وغمط الناس أي احتقار الناس ، هذا هو الكبر ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ) إذاً كلما أراد الشيطان أن ينفخ فيك روح الكبر والفخر والإعجاب بالنفس فتذكر أنت لا شيء ، قد سُبقت بعلماء كالجبال وما أنت إلا حصاد ، وقد سُبقت بعبادٍ وزاهدين وصالحين عُظماء ، وما أنت إلا شعرة في ظهر أحدهم ، وخاصةً حين تقرأ في سير الصحابة وسير الصالحين وسير الأنبياء ، وحين تقرأ أيضاً عن الملائكة عليهم السلام تجد نفسك لا شيء من حيث العبادة ، وأيضاً إذا قرأت في سير العلماء تجد نفسك لا شيء في العلم ، فأحذر يا أخي الطالب بارك الله فيك وفي علمك وكذلك أنتِ أيتها الطالبة بارك الله فيكِ وفي علمكِ ، علينا جميعاً أن نحذر من مداخل الشيطان التي يُغرقنا بها إن عجز من هذا الباب أتى من الباب الثاني ، إن عجز من أن يدخل عليك من الباب دخل عليك من النافذة حاول بكل ما يستطيع أن يضلك ضلالاً مبيناً وبعيداً وأن يُغويك ، فكن على حذر من كل المداخل ، وتذكر قول الله : (( والذين جاهدوا فينا لنهد ينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين )) جاهد نفسك في ذات الله ، ومهما كان صوتك جميلاً فمن الذي أعطاك الصوت الحسن ؟ أليس هو الله ؟ من الذي أعطاك الشعر الحسن ؟ أليس هو الله ؟ من الذي أعطاك اللون الحسن ؟ أليس هو الله ؟ من الذي أعطاك العقل والذكاء ؟ أليس هو الله ؟ من الذي أعطاك الحفظ والذاكرة ؟ أليس هو الله ؟ الجواب : بلى ، فإذاً تفتخر بأي شيء ؟ تفتخر بشيء ليس هو منك وإنما هو من الله أما تتقي الله في نفسك ، أما تعلم أن الله سبحانه وتعالى إذا أراد أن يأخذ ما أعطاك أخذه ، فإنه لا يُسئل عما يفعل وهم يُسألون ، أخبرني رجلٌ عن شخصٍ وقد رأيت ذلك الشخص ، قال : كان ذاك الرجل ذا شعرٍ جميل وكان يتفاخر به ، قال : وبعد فترة ما نشعر إلا وشعر بدنه بكامله تساقط الذي على رأسه الذي على وجه والذي في يديه كل الجسم حتى الذي على حاجبيه ، فرأيته في الحالة الثانية لا شعر وهو يعرفه في الحالة الأولى والثانية ، والذي أخبرني ثقة والله يفعل ما يشاء ، (( لا يُسئل عما يفعل وهم يُسألون )) انظر لما تفاخر بشعره الوسيم الجميل وما حمد الله وما شكره وما تواضع وما أدى شكر هذه النعمة ، وكأنه هو الذي خلق هذا الشعر أستغفر الله كيف سلب الله منه هذه النعمة ، وهكذا الذاكرة إن تفاخرت فما تشعر إلا وقد سلب منك الذاكرة والعقل والذكاء والحفظ والفطنة ، فتصبح بليد من أرذل الناس في البلادة فتواضع لله وأعمل بكتاب الله وبسنة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه .
الوصية الخامسة : الاهتمام بالعبادة ، يا طالب العلم يا طالبة العلم يا أيها العالم يا أيها الداعي إلى الله ، أحذر هذا المدخل أن يدخل عليك الشيطان منه وهو إهمال العبادة بدعوى أنك مشغول بالحفظ والمذاكرة والمراجعة في النحو في المصطلح في الحديث في المواريث في الفقه في الأصول إلى غير ذلك انتبه ، العلم يدعو إلى العمل الصالح ، والعلم يدعو إلى العبادة ، والعلم يدعو إلى التقوى ، والعلم يدعو إلى الاستقامة ، والعلم يدعو إلى التواضع ، فإذا لم تنتفع أنت بعلمك فكيف تريد من الناس أن ينتفعوا بعلمك وأنت مضيع لصلاة الضحى ، وقد تضيع صلاة الوتر وقد لا تهتم بالرواتب القبلية والبعدية في الصلوات المكتوبة ، وقد لا تهتم بالأذكار أذكار الصباح والمساء ، وقد لا تهتم بالصيام النوافل ، وقد لا تهتم بالدعاء والتضرع ، فالعلم الذي أنتفع به صاحبه هو الذي أثمر العمل وأثمر العبادة ، فهو كثير الاستغفار وكثير التهليل وكثير التكبير التسبيح وهو محافظ على صلاة الضحى على صلاة الوتر وقيام الليل محافظ على صيام النوافل ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ، يُنفق مما أعطاه الله من علمٍ أو مالٍ أو وقتٍ ويبتغي بذلك وجه الله ، يعمل بعلمه يصبر يحلم يعفو يصفح أنتفع بعلمه قبل أن ينتفع الناس بعلمه ، فبدأ بنفسه قبل أن يبدأ بالناس فأنتبه عليك بالعبادة ، إذا أردت أن يُوفقك الله وأن يثبتك وأن يُسددك فأحرص على الطاعة وعلى العبادة ، حافظ على الصف الأول بدون مضايقة ، حافظ على صلاة الضحى صلاة الإشراق صلاة الاستخارة إذا دعت الحاجة ، حافظ على صلاة قيام الليل وعلى صوم النوافل ، قال عليه الصلاة والسلام : ( من صام رمضان ثم اتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر ) رواه مسلم عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه ، وتعرفون أيضاً حث الرسول عليه الصلاة والسلام على صيام يوم عرفة وأنه يكفر ذنوب سنتين سنة ماضية وسنة مستقبلة ، وحث على صيام تاسوعا وعاشورا وأن صوم عاشورا يكفر الله به ذنوب سنة ، إلى غير ذلك من نوافل الطاعات ونوافل العبادات ، أنت أحق بها من غيرك تتعلم وتعمل كلما مررت بآية أو بحديث حاول على أن تعمل بهذه الآية أو بهذا الحديث إن كان في باب العقيدة تعتقد وإن كان من باب الوجوب تعمل وإن كان من باب فضائل الأعمال فأحرص ، وإن كان من باب المحرم فأبتعد عنه وإن كان من باب الكراهة فتنزه عنه وهكذا .
الوصية السادسة : الفتوى ، يا طالب العلم ويا طالبة العلم التسرع بالفتوى ليس بالأمر الهين ، الفتوى لأهل العلم للعلماء الراسخين بالعلم البارزين ، أما أن يقوم الطالب في مسجد من المساجد وهو طالب ويلقي نصيحة طيبة جزاه الله خيراً ، ثم يقول للناس من كان عنده أسئلة فبعد صلاة العشاء إن شاء الله نجيب على الأسئلة ، ألا ترون أن هذه مهزلة وأن هذا يعتبر حطاً من قدر العلم ومن قدر العلماء ، طالب ما قد أجاز له العلماء بالفتوى ، أما لو كان من المتمكنين ومن المستفيدين قد أجاز له شيخه أجاز له أن يفتي هذا شيء آخر يستثنى من ذلك ، لكن شيخه ما أجاز له أن يفتي الناس ، فكلما ألقى كلمةً في أي مسجد قال : والإجابة على الأسئلة بعد صلاة العشاء ، سواءً هو يقول أم من حوله ، فعلى طلبة العلم أن يتقوا الله في أنفسهم وأن يعلموا أن أمر الفتوى ليس بالأمر الهين ، الله يقول : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) وأهل الذكر هم أهل العلم ، وهم أهل الفقه في الدين ، وكيف كان سلفنا الصالح رحمة الله عليهم كانوا يتدافعون الفتوى من شخصٍ إلى آخر ، يأتي السائل إلى أحدهم يستفتيه فيقول : أذهب عند فلان ، فيذهب عند فلان فيقول له : أذهب عند فلان ومن واحد إلى واحد كل واحد خائف على نفسه من أن يفتي بغير علم ، والله يقول : (( ولا تقفُ ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً )) ، ويقول سبحانه : (( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلالٌ وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاعٌ قليل ولهم عذابٌ أليم )) ، ويقول سبحانه : (( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والأثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )) فيعتبر القول على الله من غير علم من أكبر الكبائر ، ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كما في مقدمة < سنن الدارمي > قال : من أفتى الناس بكل شيء فهو مجنون ، وتعلمون قصة ذلك الرجل الذي أتى إلى الإمام مالك رحمة الله عليه من مكان بعيد فسأله عن أربعين مسألة فأجابه عن ثلاث ، فقال : أنت الإمام مالك الذي ذاع صيتك وشاع وقد جئتك من مكان بعيد بأربعين مسألة تفتيني بثلاث ؟ ، قال : أصعد على جبل سلع وقل للناس أتيت من مكانٍ بعيد إلى مالك بأربعين مسألة فما أجابني إلا بثلاث أو كما قال رحمه الله ، طالب علم يتجرأ على الفتوى قلة أدب والله وقلة خوف من الله وقلة خشية من الله ، ما يفتي إلا العالم ، أو من أجاز له العالم بعد الاختبار بعد اختباره إذا أجاز له لا بأس ، وإلا يُحيل ويقول : أذهب إلى العالم أنا لست بعالم ، فإن شاء الله تتنبهوا لهذا الوصايا ولهذه النصائح التي هي في صالح الجميع إن شاء الله ، ولا بأس أن تعطي السائل رقم التلفون للعالم وتقول : أسأل الشيخ فلان هذا التلفون ، وإذا عرفت حكم المسألة فلا بأس أن تدله على الكتاب أو على الشريط على إنها فتوى للعالم ، إذا كنت قد وقفت على فتوى لعالم فتقول الشيخ الفلاني في الكتاب الفلاني أو في الشريط الفلاني أجاب عن هذه المسألة فتحيله على مليء على عالم ، أما أنك أنت تقوم تفتي الناس هذا مع وجود العلماء وكيف بعد موتهم ، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يُبقي عالماً أتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علمٍ فأضَلوا وأَضلوا ) متفق عليه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما .
الوصية السابعة : هي عدم التسرع في فتح المراكز ، يا طالب العلم إياك والتسرع في فتح المراكز ، تتعلم عند شيخ من المشايخ فترة ثم تطمع في أن تبرز كما برز هذا الشيخ قبل أن تتمكن من العلم قبل أن يُجيزك الشيخ بذلك ، فما يشعر إلا وقيل فلان فتح مركز بالمكان الفلاني في القرية الفلانية في الحي الفلاني في المسجد الفلاني وعنده طلاب وحوله الناس و الشباب وهم حوله يا شيخ يا شيخ يا شيخ وهو طالب ، هذا أمرٌ لا تظنوا أنه يُبشر بخير ، هذا يُنذر بشر لأن هذه المراكز لا بد لها من علماء يُسيرون الدعوة ويفتون الناس في القضايا الهامة ، ويُصلحون بين الناس وهم على هدى وهم على نور ، أما طالب ولد ولد ويفتح مركز فهذا إذا لم يظهر خطره الآن سيظهر بعد الآن بل قد ظهر خطره الآن أي نعم ، ويعرف هذا من تجول في الدعوة إلى الله وعرف أحوال الناس يعرف هذا ، فالله الله اثبتوا عند شيخكم يا طلبة العلم وإياكم والانقطاع عن طلب العلم ، ثم إياكم والتسرع بفتح المراكز احذروا ، إلا أن يكون أستأذن شهر من شيخه كبير أهل بلده في رمضان مثلاً أو في غيره ، تقول يا شيخ هل أنا أهل إلى أن أصلي بالناس صلاة التراويح ويحدثهم بما أستطيع فإن قال نعم فذاك ، فترة ثم تعود شهر نصف شهر عشرين يوم بما فتح الله عليك إن أجازك أن تمكث هذه الفترة داعي إلى الله لا بأس هو أخبر بك ثم تعود ، لا تنقطع عن أبيك فالعالم يعتبر أباً روحياً لا تنقطع عن طلب العلم إلا إذا رأى الشيخ أنك تستحق أن تفتح مركزاً ، فكل شيخ هو أدرى بطلابه وعليه أن يحتاط ، أنصح المشايخ أن يحتاطوا في مثل هذه الأمور وأن لا يتسرعوا حتى الشيخ أيضاً لا يتسرع ، فلا بأس أن يقول الشيخ لتلميذه أذهب إلى المكان الفلاني وعلم الناس الكتاب والسنة بما يفتح الله عليك لمدة كذا يربطه بمدة شهرين ثلاثة أربعة ستة أشهر من أجل لا يظن هذا الطالب أنه خلاص استقل فإذا انتهت المدة تعود إن شاء الله إلينا وننظر غيرك يواصل لهم الفوائد وأنت تَعود لطلب العلم ، ويقول له : إياك والفتوى بغير علم إلا فيما قد عَرف الحق والصواب فيه لأن هذا قد صار الآن مكلف من قِبل الشيخ بالذهاب بخلاف من ذهب من ذات نفسه ، وما أشكل عليك فارفعه إلينا أكتب في ذلك رسالة وأرسل بها إلينا حتى لا تنقل الفتوى بغير حق ، ففتح المراكز من جاء فتح هذا نذير بشر إلا مركز فُتح بأمر من الشيخ ، فهذا يُبشر بخير ، أما من جاء فتح نذير بشر ويعتبرون الذين يفتحون مراكز بدون أستاذان من مشايخهم يعتبرون قطاع طريق يقطعون الطريق بين الشباب وبين طلبة العلم وبين أهل العلم ، سواءً قال : لماذا تذهب هاهو المركز بجانب بيتك أو لم يقل هذا لكن هذا هو المراد ، فقد يأتي الكسل لذلك الطالب فيقول : أنا أذهب إلى المكان البعيد عن الشيخ الفلاني وقد في فلان الفلاني قد فتح دروساً فيكون سبب في قطع الطريق وسبب في تثبيط الناس عن طلب العلم .
الوصية الثامنة : الجرح والتعديل ، يا طالب العلم ليس لك أن تجرح وأن تُعدل لا في إخوانك ولا في غيرهم ، فإن الجرح والتعديل من فروض الكفاية وليس من فروض العين إذا قام به البعض سقط الإثم عن الآخرين وهو من وظائف أهل العلم الراسخين في العلم ، انتبهوا لهذه المكيدة الشيطانية التي أبعدت ووسعت الشقة بين الأمة وبين العالم والعامة حين من جاء تكلم ، العالم إذا تتكلم يتكلم بعلم ويتعلم بسداد إن شاء الله ويعرف متى يقول ومتى يسكت وإذا قال ماذا يقول ، أما الطالب والعامي ومن جاء جرح وعدل ويصبح حديث القوم في مجالسهم فلان كذا وفلان كذا هذه فوضى علمية لسنا راضين عنها ولا عن من يقوم بها ممن لم يُأهل لذلك ، فليتقِ الله طلبة العلم وليكونوا بارين بمشايخهم مطيعين فإن الله أمر بطاعة العلماء كما قال سبحانه : (( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسن تأويلاً )) وأولوا الأمر هم العلماء والأمراء ، فالعلماء يجب على العامة وعلى طلبة العلم أن يُطيعوهم في حدود كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، وطاعة العالم أوجب عليك من طاعة أبيك فاتقِ الله يا طالب العلم ، ولا تشوه بمنبر العلماء عند العامة ، بما تثرثره في تلك المجالس من القيل والقال والطعن في الأعراض والتجريح في المسلمين فلست أهلاً لذلك ، إلا من أُجيز من أهل العلم بأن فلان أهل بأن يفتي أو أهل لأن يدعو أو أهل لأن يُجرح ويُعدل ، أما من جاء تكلم وتصبح المسألة فوضى بلا ثبات بلا سداد بلا صواب وهذا هو الحاصل ، وأنا والله أخشى على أهل العلم إن لم يتنبهوا لهذه الأمور وإن لم يُحيطوا طلابهم بالنصح أخشى عليهم من عقاب الله ، وأيما طالب لا يلتزم بالنصائح والتوجيهات التي لا تخالف الكتاب ولا السنة فإنه يُضرب إن لم يلتزم إذا كان يبقى يثرثر في الجرح والتعديل أو يفتي الناس بغير علم ويحاول أن يُظهر نفسه بمظهر العلماء مثل هذا وجوده وبال على المجتمع ، لأن ضرره سيكون أكبر وإذا تُرك على هذه الحالة ربما تطور في الضلال وأفسد أكثر مما يصلح ، فإن شاء الله المشايخ وعلى رأسهم فضيلة الشيخ الوالد الشيخ مقبل حفظه الله علينا جميعاً أن نتنبه لهذا وعليه بوجه الخصوص أن يتنبه لهذا حتى تُحزم الأمور ويسود المجتمع الأمن والأمان والاستقرار والهدوء والدعوة بعلم وببصيرة من كتاب الله ومن سنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، وكما أن الطالب يُمنع من الجرح والتعديل يُمنع نثراً كذلك يُمنع شعراً فلا يقولُ الشعر جرحاً وتعديلاً ولا يقول النثر جرحاً وتعديلاً ، حسبك يا طالب العلم أن تطلب العلم وكثر الله خيرك أنك طالب علم ، وكثر الله خير الشيخ أنه قَبل طلبة العلم ويعلمهم قال الله وقال الرسول عليه الصلاة والسلام ، فإنها ربما كان سبب كان سبباً لانقطاعك عن طلب العلم .
الوصية التاسعة : عدم الرجوع إلى العلماء ، يا سبحان الله هذه ظاهرة خبيثة منتنة أن الطالب وأن الطالبة يكتفي بنفسه في الفتاوى وبغيرها وكأنه لا يلزمه أن يعود إلى العلماء في للاستشارة وللسؤال وللتفقه يتعلم شيئاً قليلاً من العلم ثم يرى نفسه ابن حجر الثاني أو ابن تيميه عصره أو الإمام الذهبي وربما نظر إلى شيخه أيضاً بأنه شيخ معلوماته محدودة يا سبحان الله نعوذ بالله من الغرور ونعوذ بالله من الكبر والظلم ، تنظر إلى شيخك الذي له الفضل بعد الله في تعليمك وكأنه ابن لهيعة عبد الله بن لهيعة وأنت الليث بن سعد ، أو رشدين بن سعد وأنت علي بن المديني ، هذا والله مرض والله مرض ، أنا ما أقل كلكم والحمد لله فيكم ناس نسأل الله أن يُوفقهم وأن يُبارك فيهم لكن قد يدخل قد يحصل من البعض وقد يكون هذا المرض ما هو من ذات نفسه الشيطان أوقعه فيه وهو ما عنده الحصانة حتى يتنبه للمكائد والخطط الشيطانية ، فإذا رأى نفسه أتقن شيئاً وأحسن شيئاً من الفنون بعضهم يحتقر حتى شيخه ، أما احتقاره لزملائه فحدث ولا حرج يراهم عصافير وكتاكيت إلا من رحم الله ، وهذا هو العلم وهذه هي الثمرة التي نحن نريدها ؟ أنك حفظت مسألةً فرأيت من حولك كأنهم ذر أو نمل اتقِ الله في نفسك ، كلما أزداد المؤمن علماً كلما أزداد تواضعاً وقال : أيش عندي من أنا إلى فلان وفلان هذا هو الصحيح كلما أزدت من العلم والإيمان والصلاح والاستقامة والتمسك كلما ترى نفسك صغيراً ، الشيخ ابن باز رحمة الله عليه في العام الماضي وأنا موجود في الدرس في مكة وهو يفتي الناس رحمه الله قبل أن يموت في حياته بفتي الناس جاء إليه سؤال في ورقة ، يا شيخ أنا من سكان مكة يقول السائل هكذا أنا من سكن مكة ولي بيت وما أشعر إلا ودخل بيتي مجموعة من النحل وتراكم في بيتي فما عرفت ماذا أصنع فيه هل أخرجه من بيتي وهي في الحرم ومن دخل الحرم كان آمناً وإلا كيف أصنع أنا محتار أجيبوني أثابكم الله ؟ يقدم هذا السؤال لرئيس العلماء رحمة الله عليه ، وأنا في أتم الانتباه ماذا سيجيب هذا الشيخ الفاضل عن هذا السؤال ، وإذا به يقول رحمه الله : تُبحث هذه المسألة تبحث خلوها على جنب هكذا بالمكرفون ، انظروا على تواضع هذا هو العلم رئيس العلماء بل رئيس كبار العلماء يأتيه هذا السؤال وفي آخر حياته وليس في شبابه في آخر حياته والإنسان كلما طال عمره كلما زاد علمه ، ومع ذلك من تواضعه رحمة الله عليه ما تسرع في الإجابة قدام الناس في مكة المكرمة والناس ملتفون يريدون إجابة والمسألة نحل دخل بيته بيت هذا الرجل قال : تُدرس إن شاء الله ، هذه إن شاء الله ذكرى لنا جميعاً فأحذر يا أخي أن تستقل بنفسك والله مرض والله مرض وتأكدوا أن الذي يستقل بنفسه ما هي إلا فترة وإذا به ينحط ويصبح في مصاف العوام إلا أن يُوفقه الله ويعرف لأهل العلم فضلهم وقدرهم ويعود إليهم ويسألهم ويستشيرهم وإلا تأكدوا أنه سينحط سينحط .
الوصية العاشرة : عدم الجدل ، الوصية العاشرة لطالب العلم ولطالبة العلم عدم الجدل ، يا طالب العلم إذا فتحت على نفسك هذه المسألة الجدال مع الزملاء وإظهار العضلات وأنك أنت صاحب العلم وصاحب الباع الطويل فقد فتحت على نفسك باب مرضٍ وباب فتنة ، وكذلك أنتِ يا أيتها الطالبة إذا لم يَترك الطالب الجدل وإلا فهو على خطر ، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( ما ضل قوم بعد هدىً كانوا عليه إلا اُتوا الجدل ، ثم قرأ : (( ما ضربوه لك إلا جدلاً بل هم قومٌ خصِمون )) ) رواه الترمذي وغيره من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه ، وأذكر زميلاً من زملائي في بداية الدراسة قبل تقريباً أربعة أو خمس وعشرين سنة ونحن في مدينة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان كثير الجدل ، وربما جادل من بعد صلاة العشاء إلى آخر الليل ثم كانت النتيجة أنه انتكس ، نتيجة الجدل وعدم حفظ الوقت وعدم الإكثار من الاستغفار والتسبيح والتهليل وقيام الليل وعدم التأسي بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام ، الرسول ما كان يُجادل صلوات الله وسلامه عليه ، كانت النتيجة أنه انتكس ، لما ذهب النبي عليه الصلاة والسلام إلى بيت فاطمة وعلي رضي الله عنهما يُقضهما لصلاة الليل طرق الباب عليهما وقال : ( ألا تصليان ) أي صلاة الليل فقال علي رضي الله عنه من الداخل : يا رسول الله إنما نفوسنا بيد الله يطلبها متى شاء ، رجع النبي عليه الصلاة والسلام وهو يضرب فخذيه ويقول : ( وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدلاً ، وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدلاً ) ورجع ، ما قال : يا علي أيش أنا ما أعرف هذا الكلام الذي أنت تقوله أنت تعلمني وإلا أنا الذي علمتك رجع ويقرأ الآية ، واعتبر أن هذا الرد من علي جدالاً وقرأ عليه الآية وهو ماشي سمعه علي من الداخل وهو يضرب فخذيه ويقول ويقرأ : (( وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدلاً )) ، فيا طالب العلم إياك والجدل ابتعد عنه فإنه يُوغر الصدور ويجلب الأحقاد والبغضاء في القلوب تقول بما تعرف وتقول لزميلك بما تعرف ، فإن قال لا تقول : الشيخ موجود أسأله أنا وإلا أنت إن شاء الله وقت الظهر إذا خرج أو العصر والفائدة لنا جميعاً واقطع باب الجدال ، قال عليه الصلاة والسلام : ( إذا اختلفتم بالقرآن فقوموا ) متفق عليه ، يعني أنتم تقرءون في حلقة وقال واحد : الآية هذه كذا والثاني قال لا هي كذا ، قال : ( اقرءوا القرآن فإذا اختلفتم عنه فقوموا ) لا تجلسوا اقطع باب الجدال ، فانتبه يا طالب العلم لا جدال ، تحفظ وقتك وتبقى المودة بينك وبين زميلك والحمد لله أنتم بين يدي عالم من علماء المسلمين ومن الراسخين في العلم إن شاء الله تسألونه والفائدة للجميع .
الوصية الحادية عشرة : الزهد والورع ، يا طالب العلم كن زاهداً وكن ورعاً ولا تكن طماعاً فإنك إن فتحت على رأسك هذا الباب باب الطمع والهلع والجشع فقد فتحت على نفسك باب فتنة أيُ والله كما قال الله : (( إنما أموالكم وأولادكم فتنة )) وكما قال الرسول عليه الصلاة السلام : ( إن لكل أمةٍ فتنة وفتنة أمتي المال ) ، والله يقول : (( كلا إن الإنسان ليطغى * أن رءاه استغنى )) ، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يقول : ( اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ) رواه مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه ، والعفاف والغنى غنى النفس القناعة فأحذر الطمع فكم من إنسان جره الطمع فترك طلب العلم ، وبعضهم جره الطمع وترك العبادة والطاعة ، فكن قانعاً راضياً بما قسم الله لك حتى تنال العزة في الدنيا والآخرة إن شاء الله وتذكروا حديث الرسول عليه الصلاة والسلام كما في < الصحيحين > لما قال هرقل عظيم الروم لأبي سفيان رضي الله عنه سأله عن دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام فقال : فما يأمركم ؟ ، قال : يقول : اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ، واتركوا ما يعبد آباءكم ، ويأمرنا بالصلاة ، والصدق ، والصلة ، والعفاف ، فكان الرسول عليه الصلاة والسلام يأمر بالعفاف وكان يقول : ( اللهم إنا نسألك التقى والهدي والعفاف والغنى ) ، وكان يقول : ( اللهم ارزق آل محمدٍ قوتاً ) وفي رواية ( كفافاً ) متفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه ، فعليك بالعفاف واترك الطمع .
الوصية الثانية عشرة لطالب العلم ولطالبة العلم : بعدم فتح العيادات ، يا طالب العلم أحذر أن تفتح عيادة إذا رجعت إلى بلدك تقرأ على الممسوسين وعلى المسحورين فما نشعر إلا وقد انزلقت وراء الأطماع ووراء الدنيا ، كما انزلق غيرك إلا من رحم الله ، أقول إلا من رحم الله وقليلٌ ما هم ، فكم من أناس كانوا طلبة علم ثم فتحوا على أنفسهم هذا الباب تركوا الجمعة والجماعة بعضهم وبعضهم الجماعة وبقي عنده الجمعة وبعضهم بعض الجماعة ويحضر بعض الصلوات مع الجماعة والبعض في البيت وبعضهم خزن وتنبك وإلى غير ذلك ، وأما عن مسك المرأة فحدث ولا حرج منهم من يمسك الرأس ومنهم الظهر ومنهم الحلق ومنهم البطن ومنهم محل ما يكون يمسك بدعوى أنه يطارد الشيطان ، وبعضهم يقول : اكشفي عن وجهك قيل لِمَ ؟ قال : من أجل أُحدَ النظر في عينيها فأقهر الشيطان ، كم لبس الشيطان على هؤلاء الجهلة وأنت طالب علم ما أنت عالم أو أنت طالبة علم فما يكون همكم الدنيا والمصالح ثم تبيعون دينكم بعرض من الدنيا قليل ، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً ، يبيع دينه بعرض من الدنيا ) رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه .
الوصية الثالثة عشرة : أحذر يا طالب العلم مدخل الشيطان عليك ، يدخل عليك من باب فتقول : أنا لا آخذ العلم الفلاني عن الشيخ الفلاني ، فقد دخل الشيطان على بعض المغفلين وقال : أنا لا آخذ الفقه عن الشيخ مقبل وهو من طلابه ، انظروا على بلية وعلى فتنة من طلاب الشيخ يقول الشيخ ليس بفقيه ، يا سبحان الله من أين دب إليك هذا البلاء من أصحاب البدع من الحزبيين تأخذ تقول فلان كذا وفلان كذا ، والثاني قال : لا آخذ التاريخ عن الشيخ مقبل وهذا من أهل السنة وذاك من أهل السنة ، لكن من الجهلة هذا جاهل وذاك جاهل ، فاتقوا الله في هذه العبارات التي تأخذونها عن المبتدعة فتطلقونها على مشايخ السنة بدعوى أنه لا يتقن هذا الفن ، وأنا لا أقول أن العالم عالم بكل شيء قد يحصل أنه يتقن فنوناً وبعض المسائل يُشيرها على غيره كما قال الله : (( وفوق كل ذي علمٍ عليم )) لكن ما حاجة لذكر هذا الكلام أمام الناس فإن هذا يؤدي إلى احتقار العلماء واليوم تدعي أنك لا تأخذ عنه الفقه وغداً ستقول : ولا آخذ أيضاً عنه التجويد وبعد غد ستقول لا آخذ عنه الصرف ، ويوم آخر تقول لا آخذ عنه علم المواريث والمسألة طعن قد تكون من أعداء السنة وطعن وطعن وفي الأخير سيقول حتى علم الحديث ، فانتبهوا جزاكم الله خير أحذروا المداخل الشيطانية ، الشيخ مقبل حفظه الله يُعتبر من علماء الحديث ومن علماء التفسير ومن علماء التوحيد ومن علماء الفقه إلى غير ذلك من العلوم والفنون جزاه الله خيره ويعتبر من كبار علماء السنة في العصر الحاضر ، وهذا من فضل الله عليه ، وعليه أن يشكر الله على ما آتاه من هذا الخير فهذا دينٌ عليه يحتاج إلى شكر وثناء على الله ، ولكن هذا من باب (( وأما بنعمة ربك فحدث )) وحتى قالوا عن الشيخ ابن باز رحمة الله عليه لا يتقن الفن الفلاني والشيخ الألباني لا يتقن الفن الفلاني نحن ما نسمع هذا الكلام إلا من مبتدعة وأنا ما ذكرت هذا إلا لما سُمع من أناس من طلبة العلم وإلا ما سأذكره لأنه كونه يُسمع من المبتدعة ما نبالي بهم لكن أنت طالب علم وتدعي أنك سني ثم تتفوه بهذا الكلام البذيء أمام الناس ما تتقِ الله في نفسك .
الوصية الرابعة عشرة : التصدر للدعوة ، وإن كان هذا الكلام قد دخل في ضمن كلامي السابق حول فتح المراكز ، لكن قد جعلت له بنداً مستقلاً ، التصدر للدعوة من الطلاب المبتدئين هذا يُشكل خطورة فما كل واحد يصلح للدعوة وبسم السنة ما كل واحد يصلح أن يقوم ، أعجب والله بعضهم يُسئ إلى لدعوة أكثر مما يُحسن إليها ، قيل لبعضهم لا تذهب إلى المكان الفلاني إلى المسجد الفلاني فذهب وتكلم وأثار المشاكل وصاح الناس وسبوا أهل السنة بسببه ، وأذكر مرة قبل سبع سنين من الشيخ مقبل حفظه الله أنه أُخبر عن طالب ذهب إلى جامع الهادي بصعده وتكلم أو أراد أن يتكلم وقام الناس عليه ، ثم أُخبر الشيخ حفظه الله فقال : من هذا الذي ذهب إلى جامع الهادي لا بارك الله فيه ، لا بارك الله فيه ، لا بارك الله فيه ، تذهبون إلى أناس لا يُريدكم وكم من أناس يُطالبون بكم ما قد سدينا الفراغ أو كما قال حفظه الله ، فيا طالب العلم يا أخي اشتغل بالعلم قبل أن تشتغل بالدعوة وفتح المراكز والقراءة على الممسوسين لا تتعجل الأمور تأنى ، من استعجل الشيء قبل أوانه عُوقب بحرمانه ، فإذا كان الشيخ يراى أنك أهل لذلك فلا بأس ، مرة واحد استأذنني في الدعوة قلت له أولاً تلكم عندنا بكلمة فإذا سمعتها طيبة لا بأس قال : أنا مشغول قلنا خير إن شاء الله وذهب ، يعني ما أراد أن يتكلم عندنا حتى لا نقول لا أنت غلطان عليك مآخذ إلا في المساجد سيقول وسيتكلم ولو حتى خبط لما يشبع ، فأنتبهوا من كان قد عُرف أنه يتكلم بكلام طيب ويجمع الأدلة ولا يُثير الناس ولا يأتي بالمشاكل يصلح أن يحاضر يصلح أن يخطب جمعة لا بأس ، أما الصغير يرى الكبير يقول وأنا كذلك لا تستعجل أول تحصن من العلم واحفظ واستفد جزاك الله خيراً .
الوصية الخامسة عشرة : عدم الجلوس مع أهل البدع والأهواء ، هذا بحمد الله واضح إن شاء الله ابتعد ما أمكن ألا تجالس المبتدعة وألا تجالس المتحزبة ، وعُد إلى كتاب < إجماع العلماء على هجر أصحاب البدع والأهواء > كتابٌ طيب هو مصور مخطوط بخط اليد لكنه طيب جمع قول عشرين عالماً من علماء الإسلام ينقلون إجماع العلماء وإجماع أهل السنة والجماعة على عدم الجلوس مع المبتدعة ، وأنت بابتعادك عن الجلوس مع المبتدعة والمتحزبه تُحصن نفسك من هذا البلاء ، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) رواه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة باسنادٍ حسن ، الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ، والله يقول : (( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجه ولا تعدُ عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً )) .
الوصية السادسة عشرة : قول بعض الناس : لا أحب الكلام في الجماعات ، هذا الذي يقوله إنسان جاهل نعم نحن كذلك لا نحب الكلام في الجماعات ، لكن لا نحبه من العامي ومن الطالب المبتدئ ، أما العالم الراسخ في العلم الذي وفقه الله وبصره إذا تكلم على سبيل النصيحة فالدين النصيحة كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( الدين النصيحة ) قلنا لمن ؟ ، قال : ( لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم عن تميم رضي الله عنه ، فيعتبر من التعالي إذا قال الطالب لماذا الشيخ مقبل أو الشيخ الألباني أو الشيخ فلان تكلم في فلان أو في الجماعة الفلانية ؟ العلماء أعلم وإذا تكلموا فإنما يتكلمون بعلم ومن باب النصيحة وجزاهم الله خيراً أنهم يحذرون الناس من الخطأ ، أنت يا أيها الطالب المبتدئ أو العامي صح أنت ابتعد عن هذا لأنك إذا تكلمت ربما أثرت المشاكل وأساءت من تحسن وتصلح .
الوصية السابعة عشرة : عدم التعجل بالتأليف ، يا طالب العلم ويا طالبة العلم أعلموا أن من ضمن المداخل على طالب العلم التسرع في التأليف والتسرع في إخراج هذا المؤلف ، هذا مدخل من مداخل الشيطان ، فلا تستعجل في التأليف ، أول تمكن من العلم والفقه في الدين والعقيدة والتفسير والحديث والمصطلح والنحو إلى غير ذلك سنتين ثلاث سنين أربع خمس ست بحسب ما أعطاك الله من فهمٍ ومن حفظ وبعد ذلك إذا شاورت الشيخ يا شيخ ما رأيك هل ترى لي أن أبحث وأن أجمع في مسألة من المسائل ؟ فإن قال : نعم لا بأس أنت أهل لذلك فقل فما رأيك أيش تختار لي من موضوع ؟ فإذا اختار لك موضوعاً فاستعن بالله ثم كن على صلة بشيخك في الاستشارة والسؤال ولا تستعجل في إخراجه للناس حتى لو يبقى عندك سنين طويلة تُؤلف لنفسك لا للناس ، فبعض الطلاب هدانا الله وإياهم ونحن يا أخواني في الله فولا ضرورة النصيحة وأهل السنة ما عندهم مجاملة أهل السنة ليسوا كغيرهم إذا كان الشخص معنا جاملناه وإذا هو ماهو معنا نزلناه لا حتى ولو كان معنا ولو كان أبني أو أخي أو أبي أو على نفسي إذا أنا غلطان أو أبني أو طالبي الدين النصيحة ، من غشنا فليس منا ، ما عندنا المحاباة والمجاملة ، كما أنه يوجد عند المبتدعة والمتحزبه الدين النصيحة ، فهذا يا أخي من تلبيس الشيطان إذا كنت تتسرع وأنت مبتدئ بعضهم ما قد درس النحو ولا المصطلح وأخذ يؤلف كتاب ينظر مع المشايخ جزاهم الله خيراً معهم مؤلفات يقول وأنا لماذا لم أؤلف فيحاول ويخبط خبط عشواء ثم يحاول على طبعه وعلى إخراجه للناس لا ، لا تؤلف إلا بعد مدة وبعد مشورة وإذا ألفت لا تخرجه للناس ليكن عندك وفي مكتبتك إلا بعد مدة وبعد مشورة وبعد عرضه على الشيخ .
وبهذه المناسبة بالنسبة للسابعة عشرة : عدم التعجل بالتأليف ، كذلك هناك ظاهرة أخرى وهي حب التزاكي من المشايخ ، والإجازات هذه ظاهرة ماهي جيده أن يكون الطالب مبتدئ ويحاول من الشيخ أن يعطيه تزكية من أجل أن يظهر أمام الناس بأنه كيت وكيت الشيخ المحدث الفاضل ، فيا أخي في الله أطلب العلم لوجه الله لا تشغل شيخك بالتزاكي والتعاريف ومن أجل أن تصبح معك هذه الورقة أنك درست على الشيخ ، بعض الناس يأخذون هذه التزاكي ويذهبون يشحذون بها أنا طالب وأنا وأنا يريد مساعدة أنا طالب عند الشيخ مقبل ويريد مساعدة في زوجه في بيت في سيارة في مكتبة ، أين العفة اتقوا الله يا عباد الله ، أين العفة أين القناعة أين الغنى غنى النفس الرضا بما قسم الله ، فبعضهم ما قد درس إلا فترة قصيرة ويريد إجازة أو تزكية أو تعريف الآن سائدة وقع فيها بعض طلاب العلم إلا من رحم الله .
الوصية الثامنة عشرة : التعجل في التمشيخ يعني مستعجل بده أن يقال له : الشيخ فلان أنا يا أخواني في الله حتى أنا ما أحب منكم أن تقولوا عني بأني شيخ جزاكم الله خيراً ، أو بأني عالم فضلاً عن كلمة علامة أستغفر الله وأتوب إليه ، فاتقوا الله واتركوا المدح ولنا أسوة برسول الله عليه الصلاة والسلام لما قال : ( لا تطروني كما اطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبدٌ فقولوا عبد الله ورسوله ) رواه البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وإذا كان هذا سيد الأولين والآخرين صلوات الله وسلامه عليه وعلى جميع النبيين والمرسلين ينهى أمته ( لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم ، إنما أنا عبدٌ فقولوا عبد الله ورسوله ) فنحن من باب أولى اتقوا الله لا تقصموا ظهورنا اتقوا الله ولا تعينوا الشيطان علينا أعينونا على الخير وارفقوا بنا فإذا كان المشايخ يكرهون المدح والإطراء فكيف بالطالب الذي يُحب أن يقال له شيخ الأستاذ الشيخ الداعية المحاضر الخطيب المفوه كل واحد يقسم ظهر الثاني حتى نصل إلى التراب إلى الأرض نبقى مكسرين يا أخي قل أخي وقل الأخ كما قال الله : (( إنما المؤمنون أخوة )) ما قال مشايخ (( إنما المؤمنون أخوة )) ، وكما قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( المسلم أخو المسلم ) فنحن مسلمون والمسلم أخو المسلم فربي هو أعلم من هو العابد ومن هو الطالح ومن هو الطالب ومنهم هو العالم ومن هو الجاهل وكفى ، أما أن تبقى حريص على المدح والإطراء والثناء ، وعلى الشيخ أيضاً حفظه الله أن يرفق بطلابه أي شيخ من مشايخ السنة عليه أن يرفق بطلابه وأن يُعينهم على إصلاح أنفسهم ، لا يقول للطالب الصغير المحدث الفقيه نقسم ظهره من البداية الأخ الفاضل أو تقول الطالب النجيب ما ضرك لو قلت أنا لو قلتها لي أنا أفرح الطالب ، أمس كنا في قرية ورقة في ذمار فقام الأخ عائض قليص جزاه الله خيراً فقال : عليكم يا أخواني في الله إذا جاءكم طلبة العلم أن تستفيدوا منهم مثل أبي أبراهيم كلمة أعجبتني أي والله أعجبتني ، إذا جاءكم طلبة العلم أن تستفيدوا منهم مثل أبي إبراهيم حتى ما كلمته بها إلا الآن كلمة طيبة هكذا نهضم أنفسنا حتى لا نعين على قصم ظهورنا فتواضع لله جزاك الله خيراً يا طالب العلم وكذلك أنتِ يا طالبة العلم وأنت يا مدرس وأنتِ يا مدرسة ، ومن تواضع لله رفعه الله وأهم شيء أن يرضى عنا الله لا أن نظهر أمام الناس بأننا الشعراء والخطباء والفقهاء والمحدثين و و و أهم شيء أن يرضى الله عنا وأن نعمل أعمالاً توافق كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام .
الوصية التاسعة عشرة : عدم تمييع الدعوة بعض الناس لأنه ما تمكن من العلم ما تشعر إلا وقد ميع الدعوة في التغني بالأشعار وفي تميع في لبسه أنت طالب علم وأنت شيخ مركز كما يقال شيخ مركز تميع الدعوة وأشعار وذهاب إلى المخزنين ويجلس معهم الساعات الطوال يا ليت النصيحة فإذا انتهت أنطلق ، لا أنت هات النصيحة ربع ساعة أو الثلث يبقى إلى ساعة إلى ساعة ونصف قيل وقال وضحك مع الناس تميع نفسك وتميع الدعوة استقم على الكتاب وعلى السنة جالس طلبة العلم ، وبعضهم أيضاً يحب الجلوس مع المسؤولين وفلان وفلان وفلان يا أخي أنت بهذا تهين نفسك ، لا تذهب إلا ناصح وبدون إطراء ثم انصرف وأنت خائف على نفسك وما كل واحد يصلح يدخل على المسؤولين فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( من بدا جفى ، ومن اتبع الصيد عفل ، ومن أتى أبوب السلطان افتتن ) كما في < صحيح الجامع > ويصححه الشيخ الألباني ( ومن أتى أبواب السلطان افتتن ) طالب علم وأنت تدخل على كبار المسؤولين أما تخاف على نفسك من أن تفتن .
آخر وصية لطالب العلم وهي العشرون : التحذير من الديِن ، أحذر الدين فإن كثيراً من طلاب العلم يقع في ديون للناس فكانت سبباً في انصرافهم لطلب العلم هذا يطالبه بدينه وهذا يطالبه بدينه وهذا يطالبه بدينه وهذا قد أتى له إحضار من القسم وذاك من النيابة فهرب ، فيا طالب العلم تقشف يا طالب العلم تقشف وأزهد في الدنيا واقنع بما آتاك الله وأترك الطمع وأترك سلفني بعضهم يحتال على الشحاذة بدل ما يشحذ يقل له سلفني عشرة ألف ويقول للثاني سلفني خمسة عشر ألف ويقول للثالث سلفني عشرين ألف وهكذا وعند السداد الذي أعطاه عشرة ألف يقول ما عندي إلا ثمانية يأخذها منه ويقول : سامحني بالألفين ، انظروا على شحاذة يا أخواني اتقوا الله والله نحن بحاجة إلى الضرب بالعصا من مشايخنا جزاهم الله خيراً الذي لا يتمسك بالكتاب ولا بالسنة ويكون عفيفاً ، وإلا فنحن بحاجة إلى ضرب بالعصا وما يأتي تعليم بدون تربية لا يأتي التعليم بدون التربية ، فالرسول عليه الصلاة والسلام علم وربى ما علم فقط علم وربى ( أفتانٌ أنت يا معاذ ، أفتانٌ أنت يا معاذ ، أفتانٌ أنت يا معاذ ) متفقٌ عليه عن جابر تعليم وتربية يربيه هل عنده الصبر والتحمل وقبول الحق وقبول النصيحة وإلا ما يحب إلا أن يقال له دائماً يا شيخ يا أيها الطالب يا أيها الفاضل ويا أيها الأخ الكريم لا بد مع التعليم من التربية ( أنك امرئٌ فيك جاهلية ) قالها الرسول عليه الصلاة والسلام لأبي ذر متفق عليه عن أبي ذر ، كخ كخ وأخرجها من في الحسن بن علي التمرة ، تربية وتعليم ، ( أرجع فصلِ فإنك لم تصلِ ) تربية وتعليم ، ( يا سليك أصليت ) قال : لا ، قال ( قم واركع ركعتين خفيفتين ) تربية وتعليم ، فطالب العلم إذا لم يأخذ عن شيخه التربية والتعليم وإلا سيكثر ضرره على المجتمع .
أسأل الله عز وجل أن يُوفقني وإياكم لما يحبه ويرضاه ، وإلى هنا وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم .
بارك الله فيك على الموضوع القييم وجعله الله في ميزان حسناتك
وحفظ الله الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي ونفعنا بعله
ونسال الله ان يجعلني وإياكم من طلبة العلم الصحيح المتمسكين به والجادين في طلبه وأن ييسر لنا الطريق الى ذلك
وبالمناسبة هذه نصيحة الشيخ ابن باز عليه رحمة الله
فلا ريب أن طلب العلم من أفضل القربات، ومن أسباب الفوز بالجنة والكرامة لمن عمل به، ومن أهم المهمات الإخلاص في طلبه، وذلك بأن يكون طلبه لله لا لغرض آخر؛ لأن ذلك هو سبيل الانتفاع به، وسبب التوفيق لبلوغ المراتب العالية في الدنيا والآخرة.
وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة)) يعني ريحها، أخرجه أبو داود بإسناد حسن.
وأخرج الترمذي بإسناد فيه ضعف عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من طلب العلم ليباهي به العلماء أو ليماري به السفهاء، أو ليصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار))، فأوصي كل طالب علم، وكل مسلم يطلع على هذه الكلمة، بالإخلاص لله في جميع الأعمال عملا بقول الله سبحانه وتعالى: فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا[1]، وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يقول الله عز وجل: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه)).
كما أوصى كل طالب علم، وكل مسلم، بخشية الله سبحانه، ومراقبته في جميع الأمور؛ عملاً بقوله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ[2]، وقوله سبحانه: وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ[3]، قال بعض السلف: (رأس العلم خشية الله)، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (كفى بخشية الله علماً، وكفى بالاغترار به جهلاً)، وقال بعض السلف: (من كان بالله أعرف كان منه أخوف)، ويدل على صحة هذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ((أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له))، فكلما قوي علم العبد بالله كان ذلك سببا لكمال تقواه وإخلاصه ووقوفه عند الحدود وحذره من المعاصي.
ولهذا قال الله سبحانه وتعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ[4]، فالعلماء بالله وبدينه، هم أخشى الناس لله، وأتقاهم له، وأقومهم بدينه، وعلى رأسهم الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ثم أتباعهم بإحسان.
ولهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من علامات السعادة أن يفقه العبد في دين الله، فقال عليه الصلاة والسلام: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) أخرجاه في الصحيحين من حديث معاوية رضي الله عنه، وما ذاك إلا لأن الفقه في الدين يحفز العبد على القيام بأمر الله، وخشيته وأداء فرائضه، والحذر من مساخطه ويدعوه إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، والنصح لله ولعباده.
فأسأل الله عز وجل أن يمنحنا وجميع طلبة العلم وسائر المسلمين الفقه في دينه، والاستقامة عليه، وأن يعيذنا جميعاً من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه.
[2] سورة الملك الآية 12.
[3] سورة الرحمن الآية 46.
[4] سورة فاطر الآية 28.
امين و اياكم
رحم الله الشيخ ابن باز و اسكنه فسيح جنانه
بارك الله فيكم على الاضافة الطيبة