السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لم تكمل عامها الثالث..
تتلعثم بالحروف…
تقف خلف أمها تشد فستانها..
ماما ماما لم نبني اليوم قصراً في الجنة..،
اعتقدت أني سمعت خطأً…
إلا أن الفتاة كررتها، ثم وقف أخوتها إلى جانبها وأخذوا يرددون ما قالته أختهم الصغيرة..
رأت الفضول في عيني
فابتسمت وقالت لي
أتحبين أن تري كيف أبني وأبنائي قصراً في الجنة..
فوقفت أرقب ما سيفعلونه
جلست الأم وتحلق أولادها حولها ..
أعمارهم تتراوح بين العاشرة إلى السنة والنصف،
جلسوا جميعهم مستعدين ومتحمسين.
بدأت الأم وبدؤوا معها في قراءة سورة الإخلاص:
{ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ }
ثم كرروها عشر مرات..
عندما انتهوا صرخوا بصوت واحد فرحيين..
"الحمد لله بنينا بيتاً في الجنة"
سألتهم الأم وماذا تريدون أن تضعوا في هذا القصر..
رد الأطفال نريد كنوزاً يا أمي،
فبدؤوا يرددون "لا حول ولا قوة إلا بالله.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
ثم عادت فسألتهم
من منكم يريد أن يشرب من يد رسول الله
ويبلغه صلاتكم عليه..
فشرعوا جميعهم يقولون
" اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد".
تابعوا بعدها التسبيح والتكبير والتهليل..
ثم انفضوا كل إلى عمله..
فمنهم من تابع مذاكرة دروسه
ومنهم من عاد إلى مكعباته يعيد بنائها..
فقلت لها ما كان ذلك؟..
قالت أبنائي يحبون جلوسي بينهم ويفرحون عندما أجمعهم
وأجلس وسطهم أحببت أن استغل فرحتهم بوجودي بأن أعلّمهم وأعودهم على ذكر الله،
فمتى ما اعتادوه انتظموا عليه وهذا ما آمل منهم..
وما أعلّمه لهم استندت فيه على
أحاديث لرسول الله حيث قال:
{ من قرأ قل هو الله أحد حتى يختمها عشر مرات بنى الله له قصرا في الجنة}
كما قال رسول الله – صلى الله عليه واله سلم في حديث آخر – :
{يا عبد الله بن قيس ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة ؟[ فقلت : بلى يا رسول الله ، قال : {قل لا حول ولا قوة إلا بالله} .رواه البخاري ومسلم.
و قال عليه أفضل الصلاة والسلام (صلوا على حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني) فأحببت أن أنقل لهم
هذه الأحاديث وأعلّمها لهم بطريقة يمكن لعقلهم الصغير أن يفهمها فهم يروون القصور
في برامج الأطفال ويتمنون أن يسكنوها..
ويشاهدون أبطال الكرتون وهم يتصارعون للحصول على الكنز..
تركتها وأنا أفكر في بيوتنا المسلمة..
على أي من الكلام يجتمعون..
وماذا يقولون.. وهل هم يجتمعون؟…
وأي علاقة تلك التي تنشأ بين الأم وأبناءها عندما يجلسون يقرؤون القرآن ويذكرون..؟
خرجت من عندها وأنا أردد هذه الآية:
{ وَأَن لَّيْسَ للا نسَانِ الا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الاوْفَى وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى}
تمت القراءة وأخذ الفائدة ولله الحمد
شكرا لك ياشهد
وبارك الله فيك
لكن
نتوقف قليلا، هذه القصة بالرغم مما حملته من معان إلا أنها تحمل بين طياتها أمرا محدثا لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو الذكر الجماعي، و أنا هنا أنقل لكن هذا الأثر عن حكم الذكر الجماعي:
عن عمر بن يحيى بن عمرو بن سلمة الهمداني قال : حدثني أبي قال : كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة ، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد ، فجاءنا أبو موسى الأشعري ، فقال : أخرج إليكم أبو عبد الرحمن بعد ؟ قلنا:لا ، فجلس معنا حتى خرج ، فلما خرج قمنا إليه جميعا ، فقال له أبو موسى : يا أبا عبد الرحمن ! إني رأيت في المسجد آنفا أمرا أنكرته ، ولم أر والحمد لله إلا خيرا ، قال : فما هو ؟ فقال : إن عشت فستراه ، قال : رأيت في المسجد قوما حلقا جلوسا ، ينتظرون الصلاة ، في كل حلقة رجل ، وفي أيديهم حصى ، فيقول : كبروا مائة ، فيكبرون مائة ، فيقول : هللوا مائة ، فيهللون مائة ، ويقول سبحوا مائة ، فيسبحون مائة ، قال : فماذا قلت لهم ؟ قال : ما قلت لهم شيئا انتظار رأيك ، قال : أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم ، وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء ؟ ثم مضى ومضينا معه ، حتى أتى حلقة من تلك الحلق ، فوقف عليهم ، فقال : ما هذا الذي أراكم تصنعون ؟ قالوا : يا أبا عبد الرحمن ! حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح ، قال : فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء ، ويحكم يا أمة محمد ! ما أسرع هلكتكم ! هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون ، وهذه ثيابه لم تبل ، وآنيته لم تكسر ، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد ، أو مفتتحو باب ضلالة ؟ ! قالوا : والله يا أبا عبد الرحمن ! ما أردنا إلا الخير ، قال : وكم من مريد للخير لن يصيبه ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا : أن قومًا يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم. أخرجه الدارمي و صححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة
، وأيم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم ! ثم تولى عنهم ، فقال عمرو بن سلمة : فرأينا عامة أولئك الحلق يطاعنوننا يوم النهروان مع الخوارج .
ويستفاد منه أن العبرة ليست بكثرة العبادة ، وإنما بكونها على السنة ، بعيدة عن البدعة ، وقد أشار إلى هذا ابن مسعود رضي الله عنه بقوله أيضا : اقتصاد في سنة ، خير من اجتهاد في بدعة . ومنها : أن البدعة الصغيرة بريد إلى البدعة الكبيرة .
فهذه الأم يا شهد تعلم أبناءها لكن شرط أن يكون على السنة..
تحية خالصة
جزاك الله كل خير