التصنيفات
الخواطر

قال الليل لي للاستاذ حسين ليشوري

قال اللَيْلُ لِي !

جلستُ وحدي ساهرا في غرفة المكتب بينما هجع من في البيت كلهم أجمعون و أخلدوا إلى النوم لعلهم يحلمون بما يتمنون، جلست أداعب القلم و أعبث به بين أصابعي و أخط من حين لآخر كلمة أو عبارة أو جملة على الصفحة البيضاء الناصعة لعلي أسودها "بكلمات ليست كالكلمات" أوفي بها ما التزمت به من توفير مقالات للقراء هنا أو هناك، و الوقت يمر بهدوء يجرجر رداءه في صمت رهيب لا تنبهني إلا ساعة الجدار عند الجار عندما تدق كل ساعة، و تمضي الساعات…
و بينما أنا جالس أفكر فيما سأكتبه و إذا بهاتف يهمس بصوت واضح فصيح كاد يسمعه من في البيت من فرط الصمت المخيم على المكان و الهدوء السائد في ذاك الزمان، قال لي:" أنا الليل قد أرخيت سُدُولي على الدنيا، فسكت الضجيج و سكن العجيج و آوى الناس إلى مساكنهم و ها أنت جالس هنا شارد الذهن لا يستقر لك قرار فيما ستكتبه لقرائك، فهلاَ كتبت عما يجري تحت غطائي في هذه البلاد؟ أ لا تفكر أن تخصص مقالة و لو صغيرة عني أنا الليل المليء بالأسرار و المتخم بالأخبار؟
أما سمعت السمار يتناجون في سكوني و يتجاذبون أطراف الحديث في هدوئي أو تراهم يحملقون في ذهول تام في شاشاتهم الصغيرة و الكبيرة الملونة و غير الملونة إلى أن تفاجئهم الأسحار كأنهم عُبَاد يقومون الليل بالتهجد لكنه بدون تعبد؟ ألا تحدث القُراء عما يحدث عندما أحل بأرديتي الداكنة أرسلها رداء رداء على الأرض فأجعلها سوداء حالكة هادئة بعدما كانت مضيئة نشيطة، و تغدو الخلائق إلى مساكنها لترتاح من كد النهار و من تعب السعي على العيال و تخرج هوامي من كل صنف و نوع و جنس لتطارد الفرائس الوديعة و تقتحم عليها مساكنها أو منازلها فتغتالها أو تفترسها أو تشردها؟

أما تحدثهم عن الثَكالى و الأيامى و اليتامى الذين غاب عنهم الولي و العائل فبقوا لصروف الزمان تعبث بهم و تذيقهم ألوان الهوان و الضياع بعدما كانوا في عز و أمان؟
أما تحدثهم عن اللَاهين السَاهين مقيمي السهرات الصاخبة الحمراء حيث تعبث الكؤوس بالرؤوس فتختان النفوس؟ ليت شعري لو يعلمون ما يغتنمه الكيِّسون من المؤمنين الذين يحيون لياليهم متهجدين قائمين لله قانتين عابدين يدَّخرون أعمالهم ليوم الدين، يوم لا ينفع جاه و لا سلطان إلا من جاء بقلب سليم ؟
أما تحدثهم عن الذين يسهرون لبناء الوطن و الآخرين الذين يبيتون يخططون لهدمه و تدميره خاب سعيهم و ضل حسابهم؟
أما تحدثهم عنك أيها الغافل، أو المتغافل، كيف تقضي ساعاتك تسود الأوراق بعد الأوراق كأنك كاتبٌ لا شغل له سوى ذلك، قد نسيت نفسك و غفلت عن عيالك؟ ما لي أراك شاحب الوجه ذابل العينين مُنْكبا على أوراقك تكتب و تشطب لا يقر لك قرار على موضوع، فهلاَ جعلت هذه الكلمات وقفة ليوم ما ؟
قال الليل لي هذا و مضى متباطئا و إذا بالمؤذن ينادي :" الله أكبرُ، ألله أكبرْ !"

__________________




الله أكبـــــــــر

رائعة اختي زنبقة الوادي

بارك الله فيك




بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين وعليه التكلان من الخذلان
اللهم صلي على المبعوث رحمة للعالمين محمد
وآله وصحبه أجمعين ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين
اللهم أرحمنا فإنك بنا راحم ولاتعذبنا فإنك علينا قادر
استغفر الله العظيم وأتوب إليه من كل ذنبٍ عظيم
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
سبحان الله العظيم عدد خلقه
وزنة عرشه ومداد كلماته
ورضاء نفسه




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.