التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

فضائل صيام ست من شوال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضلّ له، ومَن يُضللِ فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان، وسلَّم تسليمًا .
أما بعد:
أيها الناس، فلقد كنتم ترتقبون مجيء شهر رمضان فجاء شهر رمضان ثم خلّفتموه وراء ظهوركم، وهكذا كل مستقبلٍ لكم ترتقبونه ثم يَمُرُّ بكم وتُخلّفونه وراء ظهوركم حتى يأتيكم الموت، لقد حَلَّ بكم شهر رمضان ضيفًا كريمًا فأودعتموه ما شاء الله من الأعمال ثم فارَقَكم شاهدًا لكم أو عليكم بِما أودعتموه، لقد فرح قوم بفراقهِ؛ لأنهم تخلَّصوا منه، تخلّصوا من الصيام والعبادات التي كانت ثقيلةً عليهم، وفرح قوم بتمامه؛ لأنهم تخلّصوا به من الذنوب والآثام بِما قاموا به من أعمال صالحة استحقوا بها وعدَ الله بالمغفرةِ والرحمة، والفرق بين الفرحين عظيمٌ جدًّا .
إن علامة الفرحين بفراقه: أن يعاودوا المعاصي بعده فيتهاونوا بالواجبات ويتجرَّؤوا على المحرمات، وتظهر آثار ذلك بالمجتمع، فيقِلُّ المصلّون في المساجد وينقصون نقصًا ملحوظًا، ومَن ضيّعَ صلاته فهو لِمَا سواها أضيع؛ لأن الصلاة هي التي تنهى عن الفحشاء والمنكر .
إن المعاصي بعد الطاعات ربما تُحيط بثوابها فلا يكون للعامل سوى التعب، قال بعضهم: «ثواب الحسنة الحسنة بعدها، فمَن عمل حسنة ثم أتبعها بحسنه كان ذلك علامةً على قبول الحسنة الأولى، كما أن مَن عمل حسنة ثم أتبعها بسيئة كانَ ذلك علامةً على ردّ الحسنة وعدم قبولها»(م1) .
أيها الناس، إن عمل المؤمن لا ينقضي بانقضاء مواسم العمل، إن عمل المؤمن عملٌ دائم لا ينقضي إلا بالموت، واتْلوا قول ربكم تبارك وتعالى: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾[الحجر:99]، وقال الله سبحانه: ﴿يَا أيها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران: 102]، فلئن انقضى شهر الصيام وهو موسم عمل؛ فإن زمن العمل لم ينقطع، ولئن انقضى صيام رمضان؛ فإن الصيام لا يزال مشروعًا ولله الحمد، «فمَن صام رمضان وأتبعه بستة أيام من شوال كان كصيام الدهر»(1)، وقد سَنَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – صيام يوم الإثنين والخميس وقال: «إن الأعمال تُعرض فيهما على الله فأحبُ أن يعرضَ عملي وأنا صائم»(2)، وأوصى ثلاثةً من أصحابه: أبا هريرة، وأبا ذر، وأبا الدرداء، «أوصاهم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر»(3)، وقال: «صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله»(4)، وحَث على العمل الصالح في عشر ذي الحجة ومنه الصيام، وروي عنه صلى الله عليه وسلم «أنه كان لا يدعُ صيامها»(5)، وقال في صوم يوم عرفة: «يكفّر سنةً ماضية ومستقبلة»(6)؛ يعني: لغير الحاج، فأما الحاج فلا يصوم بعرفة، وقال صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم»(7)، وقال في صوم يوم العاشر منه: «يكفّر سنةً ماضية»(8)، وقالت عائشة رضي الله عنها: «ما كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يصوم في شهرٍ- تعني: صومَ تطوّع -ما كان يصوم في شعبان كان يصومه إلا قليلاً بل كان يصومه كله»(9).
ولئن انقضى قيامُ رمضانَ فإن القيام لا يزال مشروعًا كلَ ليلة من ليالي السنة حثّ عليه النبي – صلى الله عليه وسلم – ورغّب فيه وقال: «أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاة في جوف الليل»(10)، وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم: «أنَّ الله تعالى يَنزِلُ كلّ ليلةٍ إلى السماءِ الدنيا حين يبقَى ثُلثُ الليلِ الآخِر فيقول: مَن يَدعُوني فأَستجيبَ له ؟ مَن يَسْألُني فأُعْطِيَهُ ؟ مَن يَسْتَغْفِرُني فَأَغْفِرَ لَهُ ؟»(11).
فاتّقوا الله – عباد الله – وبادروا أعماركم بأعمالكم، وحقِّقوا أقوالكم بأفعالكم؛ فإن حقيقة عمر الإنسان ما أمضاه في طاعة الله، و«إن الكيّس مَن دانَ نفسه – أي: حاسبها – وعملَ لِما بعد الموت والعاجزُ مَن اتْبَعَ نفسه هواها وتمنى على الله الأماني»(12) .
أيها المسلمون، لقد يسّر الله لكم سبلَ الخيرات وفتح أبوابها، ودعاكم لدخولها وبيَّن لكم ثوابها، «فهذه الصلوات الخمس آكدُ أركان الإسلام بعد الشهادتين هي خمس بالفعل وخمسون في الميزان»(13)، «مَن أقامها كانت كفارةً له ونجاةً يوم القيامة»(14)، شرعها الله لكم و«أكملها بالرواتب التابعة لها، والرواتب التابعة لها اثنتا عشر ركعة، أربع ركعات قبل الظهر بسلامين، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر، مَن صَلاَّهُنَّ بنى الله له بيتًا في الجنة»(15)، و«هذا الوتر سنّةُ مؤكدة، سَنَّهُ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بقولهِ وفعله، وقال: مَن خاف أن لا يقوم من آخر الليل فلْيُوتر أوله، ومَن طمع أن يقوم آخره فلْيوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل»(16)، فالوتر سنّةٌ مؤكدة لا ينبغي للإنسان أن يدعه حتى قال بعض العلماء: إن الوتر واجب يأثمُ بتركه، وقال الإمام أحمد: مَن ترك الوتر فهو رجلٌ سوء لا ينبغي أن تُقبلَ له شهادة(م2)،«وأقل الوتر ركعة بعد صلاة العشاء وسنّتها، أقلهُ ركعة وأكثره إحدى عشرة ركعة»(17) «ووقته من صلاة العشاء الآخرة إلى طلوع الفجر»(18)،«فمَن أوتر بركعةٍ كفَتْه، ومَن أوتر بثلاث فإن شاء سردها جميعًا بتشهّد واحد وإن شاء سلّمَ من ركعتين وأوتر بثالثة، ومَن أوتر بخمس سردها جميعًا ولم يتشهّد إلا في آخرها، ومَن أوتر بسبع سردها جميعًا ولم يتشهّد إلا في آخرها، ومَن أوتر بتسع سردها جميعًا وتشهّدَ بعد الثامنة ثم قام بدون سلام وصلى التاسعة وتشهّد وسلّم»(19)،«ومَن أوتر بإحدى عشرة ركعة سلّم من كل ركعتين وأوتر بواحدة»(20)، وفي صحيح مسلم عن عائشة – رضي الله عنها – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – «كان إذا غلبه نومٌ أو وجعٌ عن قيامِ الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة»(21)؛ وعلى هذا: فإذا فاتك الوتر في الليل فأنت تقضيه في النهار ولكنك لا تقضِهِ وترًا بل تقضِهِ شِفعًا، إذا كان من عادتك أن توتر بثلاث وفاتتك في الليل فصلِّ في النهار أربع ركعات، وإذا كان من عادتك أن توتر بخمس فصلِّ في النهار ست ركعات، وهكذا كما كان – النبي صلى الله عليه وسلم – يفعلهُ فيما إذا غلبه النوم يصلي من النهار ثنتي عشرة ركعة .
وهذه الأذكار خلف الصلوات المفروضة كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – «إذا سلّمَ من صلاته استغفر ثلاثًا وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام»(22)، «ومَن سبّحَ الله دبرّ كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وحمد ثلاثًا وثلاثين، وكبَّر ثلاثًا وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، وقال تمامَ المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غُفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر»(23).
والوضوء:«مَن توضأ فأسبغ الوضوء ثم قال: أَشْهَدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوّابين واجعلني من المتطهّرين، فُتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخلُ من أيها شاء»(24) .
وهذه النفقات المالية من الزكوات والصدقات والمصروفات على الأهل والأولاد حتى على نفسك أيها الإنسان، «ما من مؤمن ينفق نفقة يبتغي بها وجه الله إلا أُثيب عليها»(25) «وإن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمدهُ عليها، ويشرب الشربة فيحمدهُ عليها»(26)، «والساعي على الأرملة والمساكين كالمجاهد في سبيل الله أو كالصائم لا يفطر والقائم لا يفتر»(27)، والساعي عليهم هو الذي يسعى بطلب رزقهم ويقوم بحاجتهم، والعائلةُ الصغار والضعفاء الذين لا يستطيعون القيام بأنفسهم هم من المساكين، فالسعي عليهم كالجهاد في سبيل الله أو كالصيام الدائم والقيام المستمر .
فيا عباد الله، إن طرق الخير كثيرة فأين السالكون ؟ وإن أبوابها لمفتوحة فأين الداخلون ؟ وإن الحق لواضحٌ لا يزيغُ عنه إلا الهالكون، فخذوا – عباد الله – من كل طاعةٍ بنصيب؛ فإن الله يقول: ﴿يَا أيها الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[الحج: 77]، واعلموا أنكم مفتقرون لعبادةِ الله في كل وقت، ليست العبادة في رمضان فقط؛ لأنكم تعبدون الله وهو حيٌ لا يموت، وليست العبادة في وقت محدد من أعماركم؛ لأنكم في حاجة لها على الدوام، وسيأتي اليوم الذي يتمنى الواحدُ منَّا زيادة ركعة أو تسبيحة في حسناته، ويتمنى نقص سيئة أو خطيئة من سيئاته، يقول الله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾[المؤمنون: 99-100] .
اللهم وفِّقنا جميعًا لاغتنام الأوقات، اللهم وفّقنا جميعًا لاغتنام الأوقات وعمارتها بالأعمال الصالحات، وارزقنا اجتناب الخطايا والسيئات، وطهّرنا من هذه الموبقات؛ إنك قريب مجيبُ الدعوات .
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولكافةِ المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمدُ لله حمدًا كثيرًا كما أمر، وأشكره وقد تأذن بالزيادة لِمَن شكر، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كَرِهَ ذلك مَن أشركَ به وكفر، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله سيّد البشر، الشافع المشفع في المحشر، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خير صحب ومعشر، وعلى التابعين لهم بإحسان ما ظهرَ الفجر وأنَور، وسلَّمَ تسليمًا .
أما بعد:
أيها الناس، اتَّقوا الله تعالى واشكروا نعمة الله عليكم بإتمام رمضانَ صيامًا وقيامًا، واسألوا الله تعالى أن يتقبّل ذلك منكم؛ فإن المعوّل على القبول، وإن المرء قد يعمل العمل فيأتيه ما يُحبطه إما مِنْ مَنٍّ به على الله يَمُنُّ به على ربه ويعتقد أن له فضلاً على الله بطاعته، وإما أن يكون مفتخرًا بعلمه على غيره فيرى أنه أكمل من غيره بسبب ما عمل، وقد أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – «أن رجلاً كان عابدًا يَمُرُّ برجلٍ عاصٍ فينهاه عن معصيته، ولكن هذا العاصي لا يزال يعصي الله عزَّ وجل، فمرَّ به ذات يوم فقال: واللهِ لا يغفرُ اللهُ لفلان، قال ذلك استبعادًا لرحمة الله – عزَّ وجل – في هذا الشخص العاصي وإعجابًا بنفسه وعمله الذي كان يَمُنُّ به على ربه، فقال الله عزَّ وجل: مَن ذا الذي يتألَّى عليَّ ألا أغفر لفلان، قد غفرتُ لفلان وأحبطت عملَك»(28)، فهذا الرجل تكلمَ بكلمة واحدة أوبَقَت دنياه وآخرته، فعلى المرء أن يكون خائفًا أن يُردَ عَمله ولا يُقبل، وعليه أن يكون راجيًا يرجو رحمة الله؛ حيث تقرّب إلى الله تعالى بِما أمره به من طاعة، والنبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: «مَن صامَ رمضان إيمانًا واحتسابًا غفرَ الله له ما تقدّم من ذنبه، ومَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفرَ الله له ما تقدّم من ذنبه»(29)،«ومَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفرَ الله ما تقدَّم من ذنبه»(30).
فأنت – أيها المؤمن – بعد أن كنت من هؤلاء البررة ينبغي لك ألا ترجعَ إلى معصية الله، ألا تدنِّس ثيابك بعد نظافتها، ألا تسوّد قلبك بعد إيقاظه؛ فإن الله تعالى قد يبتلي العبد بالمعصيةِ بعد الطاعة وتكون هذه المعصية محبطةً للعمل؛ لأن وزرها يكونُ بقدر أجر الطاعة وحينئذٍ يتقابلان فيسقطُ أحدهما بالآخر، واعلموا أنه قد ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أن «مَن صام رمضان ثم أتبعه بستة أيام من شوال كان كصيام الدهر»(31) ولا فرقَ بين أن يصوم الإنسان هذه الأيام الستة بعد العيدِ مباشرة أو يؤخّرها بعدَ ذلك، ولا فرق بين أن يصومها تباعًا أو يفرّقها، لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – أطلق ذلك ولم يقيّده، ولكن لا بدّ أن تكون بعد انتهاء كل رمضان، فمَن عليه قضاءٌ من رمضان فإنه لا ينفعه أن يصومَ الأيام الستة قبل أن يقضي رمضان كلّه؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: «مَن صام رمضان ثم أتبعه» فلا بدّ من صيام رمضان أولاً ثم إتباعه بستةِ أيام من شوال؛ وعلى هذا فمَن عليه قضاء من رمضان فلْيبدأ به ثم إن شاء فلْيصم ستة أيام من شوال .
ولقد كان بعض الناس يجعلون اليوم الثامن من هذا الشهر يجعلونه عيدًا يطبخون فيه الطعام ويفرّقونه على الجيران والأقارب ويسمّون هذا اليوم الثامن عيدَ الأبرار، وهذه التسمية خطأ؛ فإن هذا اليوم الثامن ليس عيدًا للأبرار ولا غيرهم، وكذلك أيضًا لا ينبغي أن يُظهر فيه شيءٌ يختص به من إطعام طعامٍ أو نفقات؛ لأن هذا من الأمور البدعية؛ فإنه لا يجوز لأحدٍ أن يُخصص يومًا من الأيام بزيادة عمل صالح إلا ما جاءت به السنّة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعظمُ من ذلك أن بعض الناس يظن أن صوم اليوم الثامن من هذا الشهر صومٌ محرّم؛ لأنه يوم عيد وهذا خطأ؛ فإن هذا اليوم كغيره من الأيام يجوز صومه وليس عيدًا للأبرار ولا غيرهم كما ذكرنا .
فاتّقوا الله – أيها المسلمون – واعرفوا حدود ما أنزل الله على رسوله، وتعبّدوا لله تعالى بالهدى لا بالهوى؛ فإن مَن تعبّد لله بهواه ضَلَّ سواء السبيل، ومَن تعبَّد لله بالهدى أصابَ الحق وهُدِيَ إلى صراطٍ مستقيم .
واعلموا أن خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ في دين الله بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال جلَّ من قائل عليمًا: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أيها الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾ [الأحزاب: 56] .
اللهم صلِّ وسلّم على عبدك ونبيّك محمد، اللهم ارزقنا محبتَه واتّباعه ظاهرًا وباطنًا، اللهم توفَّنا على ملّته، اللهم احشرنا في زمرته، اللهم أسْقنا من حوضه، اللهم أدخلنا في شفاعته، اللهم اجمعنا به في جنّات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين، والصديقين، والشهداء والصالحين .
اللهم ارضَ عن خلفائه الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي وعلى سائر الصحابة أجمعين، اللهم ارضَ عن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم ارضَ عنّا معهم وأصْلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين، ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾[الحشر: 10]،﴿رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾[آل عمران: 201] .
عباد الله، ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾[النحل:90-91]،واذكروا الله العظيم الجليلَ يذكركم، واشكروه على نِعَمِهِ يزيدكم، ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾[العنكبوت: 45] .
­———————-
(1) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، من حديث أبي أيوب الأنصاري -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: استحباب صيام ستة أيام من شوال اتباعًا لرمضان، رقم [1984] ت ط ع .
(2) أخرجه الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: ما جاء في صوم يوم الإثنين والخميس، رقم [678]، وأخرجه ابن ماجة -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: صيام يوم الإثنين والخميس، رقم [1730] ت ط ع .
(3) أخرجه الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أبي ذر -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: في صوم ثلاثة أيام من شهر، رقم [692]، وأخرجه النسائي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أبي ذر -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] رقم [2381] ت ط ع .
(4) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الصوم] باب: حق الجسم في الصوم، رقم [1839]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الصيام] باب: النهي عن صيام الدهر لِمَن تضرر به أو فوت به حقًا أو لم يفطر العيدين والتشريق وبيان تفضيل صيام يوم وإفطار يوم، رقم [1962] ت ط ع .
(5) أخرجه الإمام النسائي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث هُنيدة بن خالد عن امرأته -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الصيام]، عن بعض زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن وأرضاهن، رقم [2332] ت ط ع .
(6) أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب [الصيام] باب: استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفه وعاشوراء والإثنين والخميس، من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله تعالى عنه، رقم [1977]، وأخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده في باقي مسند الأنصار، من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله تعالى عنه، رقم [21496- 21598] واللفظ له، ت ط ع .
(7) أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: فضل صوم المحرم، رقم [1982] ت ط ع .
(8) سبق تخريجه في حديث رقم [6] .
(9) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث عائشة أم المؤمنين -رضي الله تعالى عنها- في كتاب [الصوم] باب: صوم شعبان، رقم [1834]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث عائشة أم المؤمنين -رضي الله تعالى عنها- في كتاب [الصيام] باب: صيام النبي -صلى الله عليه وسلم- في غير رمضان واستحباب ألا يخُلِيَ شهرًا عن صوم، رقم [1957] ت ط ع .
(10) أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب [الصيام] باب: فضل صوم المحرم، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، رقم [1983]، وأخرجه أيضًا في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: الترغيب في الدعاء والذكْر في آخر الليل والإجابة فيه، رقم [1261] ت ط ع .
(11) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الجمعة] باب: الدعاء في الصلاة من آخر الليل، قال الله تعالى: ﴿كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾[الذاريات: 17-18]، ما يهجعون أي ما ينامون، رقم [1077]، أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه، رقم [1261] ت ط ع .
(12) أخرجه الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث شداد بن أوس -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [صفة القيامة والرقائق والورَع] باب: ما جاء في صفة أواني الحوض، باب منه، رقم [2383]، وأخرجه ابن ماجة -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث شداد بن أوس -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الزهد] باب: ذكر الموت والاستعداد له، رقم [4250] ت ط ع .
(13) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب [التوحيد] باب قوله تعالى: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النساء: 164]، رقم [6963]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب [الإيمان] باب: الإسراء برسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى السماوات وفرض الصلوات، من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما، رقم [234] ت ط ع .
(14) أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أم المؤمنين حبيبة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن وبيان عددهن، رقم [1199]، وأخرجه الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أم حبيبة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- في كتاب [الصلاة] باب: ما جاء فيمَن صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة من السنّة وما له فيه من الفضل، رقم [380] ت ط ع .
(15) أخرجه الإمام الحبر أحمد بن حنبل -رحمه الله تعالى- في مسنده في مسند المكثرين من الصحابة، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، رقم [6288]، وأخرجه الإمام الدارمي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الرقاق] باب: في المحافظة على الصلاة، رقم [2605] ت ط ع .
(16) أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: مَن خاف ألا يقوم من آخر الليل فلْيوتر أوله، رقم [1255] ت ط ع .
(17) أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: صلاة الليل وعدد ركعات النبي -صلى الله عليه وسلم- في الليل وأن الوتر ركعة وأن الركعة صلاة صحيحة من الحديث، رقم [1215 – 1232] ت ط ع .
(18) أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: صلاة الليل وعدد ركعات النبي -صلى الله عليه وسلم- في الليل وأن الوتر ركعة وأن الركعة صلاة صحيحة، رقم [1216] ت ط ع .
(19) أخرجه الإمام النسائي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أبي أيوب الأنصاري وعائشة -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [قيام الليل وتطوع النهار] باب: ذكر الاختلاف على الزهري، من حديث أبي أيوب في الوتر، رقم [1691]، وباب: الوتر بتسع، رقم [1701] ت ط ع .
(20) سبق تخريجه في الحديث رقم [18] .
(21) أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أم المؤمنين أم عبد الله الصديقة بنت الصديق -رضي الله تعالى عنهما- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: جامع صلاة الليل مَن نام عنه أو مرض، رقم [1233] .
(22) أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث ثوبان -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [المساجد ومواضع الصلاة] باب: استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، رقم [931] ت ط ع .
(23) أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [المساجد ومواضع الصلاة] باب: استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، رقم [939] ت ط ع .
(24) أخرجه الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الطهارة] باب: فيما يقال بعد الوضوء، رقم [50]، وأخرجه غيره من أصحاب السنن، ت ط ع .
(25) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الإيمان] باب: ما جاء أن الأعمال بالنيَّة – الباب، رقم [54]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الوصية] باب: الوصية بالثلث، رقم [3076] ت ط ع .
(26) أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار] رقم [4915] ت ط ع .
(27) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الأدب] باب: الساعي على المساكين، رقم [5548]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الزهد والرقائق] باب: الإحسان إلى الأرملة والمساكين واليتيم، رقم [5295] ت ط ع .
(28) أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث جندب -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [البر والصلة والأدب] باب: النهي عن تقنيط الإنسان من رحمة الله تعالى، رقم [4753] ت ط ع .
(29) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا ونِيَّةً، وقالت عائشة -رضي الله تعالى عنها- عن النبي صلى الله عليه وسلم: «يبعثون على نيَّاتهم»، رقم [1768]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح، رقم [1268]، وأخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في باقي مسند المكثرين من الصحابة، رقم [10133] ت ط ع .
(30) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الإيمان] باب: تطوع قيام رمضان من الإيمان، رقم [36]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح، رقم [1266] ت ط ع .
(31) أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي أيوب الأنصاري -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: استحباب صوم ستة أيام من شوال اتباعًا لرمضان، رقم [1984] ت ط ع .
(م1) انظر إلى هذه المقولة التي ذكرها صاحب كتاب [لطائف المعارف] الجزء [1] الصفحة [244] .
(م2) انظر إلى هذه المقولة ذكرها صاحب كتاب [المغني] في فقه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- لابن قدامه المقدسي -رحمه الله تعالى- في الجزء [1] الصفحة [827] ت م ش .

موقع الشيخ العثيمين رحمه الله




السلام عليكم و رحمة الله و بركآته
جزاكم الله خيرا




تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.