التصنيفات
الفقه واصوله

صلاة الضحى وفضلها وأهمية المحافضة عليها

صلاة الضحى وفضلها وأهمية المحافضة عليها

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي جعل الآجال مقادير للأعمار ، وجعل هذه الأعمار مواقيت للأعمال ، وكتب الفلاح لمن شغلها بالأعمال الصالحات والخسارة لمن فرط فيها فأضاعها ، وشغلها بالأعمال السيئات ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب الأرض والسماوات ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل المخلوقات صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان ما تعاقبت الأزمان والأوقات وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد إن الصلاة هي من أعظم القربات لله عز وجل فقد فرض الله علينا خمس صلاوات في اليوم والليلة وجعل أجرها إلى خمسين صلاة كما سَنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا صلاة التطوع للتقرب بها الى الله عز وجل ورفع الدرجات وزيادة الحسنات ومن بين هاته الصلاوات (صلاة الضحى ) فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها وأرشد أصحابه على المواظبة عليها ورغبهم في أدائها وعدم تركها وذلك لأهميتها فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (أوصاني خليلي بثلاث، لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر.)(1) . والشاهد من هذا الحديث (لا أدعهن حتى أموت) فقد وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا هريرة رضي الله عنه على عدم ترك هاته الطاعات حتى الممات .
كما أن صلاة الضحى تجزأ عن المرء صدقة يومه فعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن الني صلى الله عليه وسلم قال:(
يصبح على كلِّ سلامى من ابن آدم صدقةٌ: تسليمه على من لقي صدقةٌ، وأمره بالمعروف صدقةٌ، ونهيه عن المنكر صدقةٌ، وإماطته الأذى عن الطريق صدقةٌ، وبضعة أهله صدقةٌ، ويجزىء من ذلك كله ركعتان من الضحى)(2)
السلامى: هي الأعضاء أو العظام والمفاصل وقد قال العلماء من أهل الفقه والحديث وعدد السلامى في كل إنسان ثلاثمائة وستون عضوا أو مفصلا

إذا فعلى كل واحد من الناس أن يتصدق كل يوم تطلع فيه الشمس بثلاثمائة وستين صدقة
، وهذا مما لا يقدر الإنسان على فعله ولذلك فقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم على ركعتين من الضحى تجزئ عن كل الصدقات التي تلزم الإنسان على كل عضو من أعضاءه وكل مفصل من مفاصله
إخوة الايمان لا تدعوا هاته العبادة العظيمة تفوتكم ولا تضيعوا أجرها ، والمداومة عليها تجلب محبة الله لعبده كما جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله جل وعلا يقول : وما يزال يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها فإن سألني عبدي أعطيته وإن استعاذني أعذته) (3)
وكما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من حافظ علي العمل الصالح وهو صحيحا مقيما فلا يفوته أجره إذا حبسه المرض أو أشغله السفر كما في الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(إذا مرض العبد، أو سافر، كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا).(4)
وقد قال أهل العلم أن وقت صلاة الضحى يبدأ من إرتفاع الشمس قيد رمح (5) إلى قبيل الزوال وأداؤها في آخر الوقت أحسن إن تيسر ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال) (6)ومعنى ترمض الفصال حين تحتر الشمس على أولاد الإبل (7)، واقلها ركعتين وإن صليت أربعا أو ستا أو ثمانا أو أكثر من ذلك فلا بأس على حسب التيسير وليس فيها حد محدود ولكن النبي صلى الله عليه وسلم حث على ركعتين اثنتين كما ورد في الحديث السابق (أوصاني خليلي بثلاث، لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر.) (8) وصلاها أربع كما جاء في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : (
كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء الله ) (9) وصلاها ثمانية كما ورد في سنن أبي داود عن أم هانئ رضي الله عنها : أنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم (صلى يوم فتح مكة الضحى ثمان ركعات ) (10) ومن زاد على ذلك فلا حرج عليه لانه جاء في حديث عائشة رضي الله عنها ( ويزيد ما شاء الله ) والامر في هذا واسع
فلا نترك هذا الخير الكثير يفوتنا ولا نترك أوقتنا تذهب سدى فالكيس من دان نفسه ، وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من اتبع نفسه هواها ، وتمنى على الله الأماني: ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ) (آل عمران: 185)

والله الموفق إلى الخير والهادي إلى سبيل الرشاد

أعده أخوكم في الله عبد الرحمن الأثري غفر الله له ولوالديه

_________________________ _____ ______________
(1)
رواه البخاري في كتاب الصلاة، باب صلاة الضحى عن مسلم بن إبراهيم عن شعبة: عن عباس الجريري، وهو ابن فروخ، عن أبي عثمان النهدي برقم 1124 وروى مسلم نحوه وزاد عليه (لا أتركهن في حضر ولا سفر)
(2)
رواه أبو داود في كتاب الصلاة باب صلاة الضحى عن أحمد بن منيع عن عباد بن عباد عن مسدد عن ثنا حماد بن زيدعن المعنى عن واصل عن عن يحيى بن عُقَيلٍ عن عن يحيى بن يَعمر برقم 1285 وصححه الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة برقم 577
(3)
راواه البخاري في كتاب الرقاق باب التواضع قال حدثني محمد بن عثمان بن كرامة: حدثنا خالد بن مخلد: حدثنا سليمان بن بلال: حدثني شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن عطاء، عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينَّه، ولئن استعاذني لأعيذنَّه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته). برقم 6137 ورواه البيهقي في سننه
عن أبو عبد الله الحافظ عن أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى المركي إملاء عن أبو العباس محمد بن إسحاق عن محمد بن عثمان في كتاب صلاة الخوف باب الخروج من المظالم والتقرب إلى الله تعالى بالصدقة ونوافل الخير رجاء الإجابة
(4)
راواه البخاري في كتاب الجهاد والسَير باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامةقال حدثنا مطر بن الفضل: حدثنا يزيد بن هارون: حدثنا العوام: حدثنا إبراهيم أبو إسماعيل السكسكي قال:
سمعت أبا بردة، واصطحب هو ويزيد بن أبي كبشة في سفر، فكان يزيد يصوم في السفر، فقال له أبو بردة: سمعت أبا موسى مرارا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا مرض العبد، أو سافر، كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا).
برقم 2834
(5)
قيد رمح : نحو ربع ساعة
(6)
قال مسلم في صحيحه حدثنا زهير بن حرب وابن نمير. قالا: حدثنا إسماعيل (وهو ابن علية) عن أيوب، عن القاسم الشيباني؛ أن زيد بن أرقم رأى قوما يصلون من الضحى. فقال:أما لقد علموا أن الصلاة في غير هذه الساعة أفضل. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "صلاة الأوابين حين ترمض الفصال".
(7)
يقال: رمض يرمض كعلم يعلم، والرمضاء الرمل الذي اشتدت حرارته بالشمس أي حين يحترق اخفاف الفصال وهي الصغار من أولاد الإبل جمع فصيل من شدة حر الرمل.
(8)
سبق تخريجه
(9)
رواه مسلم في صحيحه قال: حدثنا شيبان بن فروخ. حدثنا عبدالوارث. حدثنا يزيد (يعني الرشك) حدثتني معاذة؛ أنها سألت عائشة رضي الله عنها:كم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الضحى؟ قالت: أربع ركعات. ويزيد ما شاء.
(10)
رواه أبو داود في سننه قال حدثنا حفص بن عمر، ثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى قال:ما أخبرنا أحد أنه رأى النبي صلى اللّه عليه وسلم صلى الضُّحى غير أمِّ هانىء فإِنها ذكرت أن النبي صلى اللّه عليه وسلم يوم فتح مكة اغتسل في بيتها وصلى ثمان ركعاتٍ، فلم يرَهُ أحد صلاّهنّ بعد.




بارك الله فيك و نفع بك




وفيكم بارك الله وجزاكم خيرا على المرور




بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.