التصنيفات
العقيدة الاسلامية

رسالة في مسألة التكفير للشيخ عبد اللطيف

تعليمية
تعليمية
رسالة في مسألة التكفير للشيخ عبد اللطيف

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة للعلامة الشيخ
عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ
في مسألة التكفير

من : عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ، إلى عبد العزيز الخطيب السلام على من اتبع الهدى ، وعلى عباده الصالحين .
وبعد : فقرأت رسالتك ، وعرفت مضمونها ، وما قصدته من الاعتذار ، ولكن أسأت في قولك : أن ما أنكره شيخنا الوالد، من تكفيركم أهل الحق ، واعتقاد إصابتكم؛ أنه : لم يصدر منكم ؛ وتذكر أن إخوانك من أهل النقيع ، يجادلونك ، وينازعونك في شأننا، وأنهم ينسبوننا إلى السكوت عن بعض الأمور ، وأنت تعرف : أنهم يذكرون هذا غالباً، على سبيل القدح في العقيدة ، والطعن في الطريقة ، وإن لم يصرحوا بالتكفير ، فقد حاموا حول الحمى ، فنعوذ بالله من الضلال بعد الهدى ، ومن الغي عن سبيل الرشد والعمى .
وقد رأيت سنة أربع وستين ، رجلين من أشباهكم المارقين بالإحساء ، قد اعتزلا الجمعة والجماعة ، وكفّرا مَن في تلك البلاد ، من المسلمين ، وحجـتهم مـن جنس حجتكم ، يقولون : أهل الإحساء يجالسون ابن فيروز ،ويخالطونه هو وأمثاله،ممن لم يَكفُر بالطاغوت ، ولم يصرح بتكفير جده ، الذي ردَّ دعوة الشيخ محمد ، ولم يقبلها، وعاداها.
[ص-1] قالا : ومن لم يصرح بكفره ، فهو كافر بالله ، لم يكفر بالطاغوت ؛ ومن جالسه ، فهو مثله ؛ ورتبوا على هاتين المقدمتين ، الكاذبتين ، الضالتين ، وما يترتب على الردة الصريحة ، من الأحكام ، حتى تركوا رد السلام ، فرفع إليَّ أمرهم ، فأحضرتهم ، وتهددتهم ، وأغلظت لهم القول ؛ فزعموا أولاً : أنهم على عقيدة الشيخ ، محمد بن عبد الوهاب ، وأن رسائله عندهم ، فكشفت شبهتهم ، وأدحضت ضلالتهم ، بما حضرني في المجلس .
وأخبرتهم ببراءة الشيخ ، من هذا المعتقد ، والمذهب ، وأنه لا يُكفِّر إلا بما أجمع المسلمون على تكفير فاعله ، من الشرك الأكبر ، والكفر بآيات الله ورسله ،أو بشيء منها، بعد قيام الحجة ، وبلوغها المعتبر ، كتكفير من عبَدَ الصالحين ، ودعاهم إلى الله ، وجعلهم أنداداً له ، فيما يستحقه على خلقه ، من العبادات ، والإلهية ، وهذا : مجمع عليه أهل العلم والإيمان ، وكل طائفة من أهل المذاهب المقلدة ، يُفردون هذه المسألة ، بباب عظيم ، يذكرون فيه حكمها ، وما يوجب الردة ، ويقتضيها ، وينصون على الشرك ؛ وقد أفرد ابن حجر ، هذه المسألة ، بكتاب سماه : الإعلام بقواطع الإسلام .
وقد أظهر الفارسيان ، المذكوران ، التوبة والندم ، وزعما : أن الحق ظهر لهما ، ثم لحقا بالساحل، وعادا إلى تلك المقالة ، وبلغنا عنهم : تكفير أئمة المسلمين ، بمكاتبة الملوك المصريين ؛ بل كفروا : من خالط من كاتبهم ، من مشايخ المسلمين ، نعوذ بالله من الضلال بعد الهدى ، والحور بعد الكور.
وقد بلغنا عنكم نحوا من هذا ، وخضتم في مسائل من هذا الباب ،كالكلام في الموالاة، والمعاداة ، والمصالحة ، والمكاتبات ، وبذل الأموال ، والهدايا ، ونحو ذلك ، من مقالة أهل الشرك بالله ، والضلالات ، والحكم بغير ما أنزل الله عند البوادي ، ونحوهم من الجفاة ، لا يتكلم فيها إلا العلماء من ذوي الألباب ، ومن رزق الفهم عن الله ، وأوتي الحكمة ، وفصل الخطاب .
والكلام في هذا : يتوقف على معرفة ما قدمناه ، ومعرفة أصول عامة ، كلية ، لا يجوز الكلام في هذا الباب ، وفي غيره ، لمن جهلها ، وأعرض عنها ، وعن تفاصيلها ؛ فإن : الإجمال ، والإطلاق ، وعدم العلم ، بمعرفة مواقع الخطاب [ص-2] ، وتفاصيله ، يحصل به من اللبس، والخطأ ، وعدم الفقه عن الله ، ما يفسد الأديان ، ويشتت الأذهان ، ويحول بينها ، وبين فهم السنة والقرآن ؛ قال : ابن القيم ، في كافيته ، رحمه الله تعالى :

فعليك بالتفصيل والتبيين فالـ إطلاق والإجـمال دون بيـان
قد أفسدا هذا الوجود وخبطا الـ أذهان والآراء كل زمان

وأما : التكفير بهذه الأمور ، التي ظننتموها ، من مكفرات أهل الإسلام فهذا مذهب الحرورية ، المارقين ، الخارجين على علي بن أبي طالب ، أمير المؤمنين ، ومن معه من الصحابة ، فإنهم : أنكروا عليه ، تحكيم أبي موسى الأشعري ، وعمرو بن العاص ، في الفتنة التي وقعت ، بينه وبين معاوية ، وأهل الشام ؛ فأنكرت الخوارج عليه ذلك ، وهم في الأصل من أصحابه ، من قراء الكوفة ، والبصرة ؛ وقالوا : حكّمت الرجال في دين الله ، وواليت معاوية ، وعَمْراً ، وتوليتهما ، وقد قال الله تعالى: سورة يوسف الآية 40 إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ وضربت المدة بينك وبينهم ، وقد قطع الله هذه الموادعة والمهادنة ، منذ أنزلت : براءة .
وطال بينهما النـزاع والخصام ، حتى أغاروا على سرح المسلمين ، وقتلوا من ظفروا به من أصحاب علي، فحينئذ شمر رضي الله عنه لقتالهم، وقتلهم دون النهروان ، بعد الإعذار والإنذار، والتمس: المخدج المنعوت في الحديث الصحيح ، الذي رواه مسلم ، وغيره من أهل السنن ، فوجده علي ، فَسُّرَ بذلك ، وسجد لله شكراً على توفيقه ، وقال : لو يعلم الذين يقاتلونهم ، ماذا لهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، لنكلوا عن العمل ، هذا : وهم أكثر الناس عبادة، وصلاة ، وصوماً.

للامانة الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.