التصنيفات
بلدان ومدن

تعرف الي جانت عاصمة اتاسلي حصري على منتدانا

تعليمية

تحية طيبة اخواني اخواتي اعضاء مشرفين و زوار منتدانا الغالي منتديات خنشلة التليمية
احببت اخواني اخواتي ان اضع امامكم صفحة خاصة بمدينة جانت
هذه المدينة التي حيرت العالم و الباحثين في العالم في ما تحتويه من جمال الطبيعة الصحراوية الفريدة من نوعها
هذا الموضوع منقول من كتب عطوات عبد القادر
القصور القديمة لمدينة جانت

هنا اقدم صورة في العالم جانت

عام 1942
تعليمية
قصرزالواز اغرم

المقدمة

إن المضي في الحديث عن هذا الموضوع هو سرد لتاريخ يمتد في الزمن الماضي إلى أبعد النقاط.

والحديث عن قصور مدينة جانت هو الحديث عن تقنيات بنائها و كذا عادات سكانها و أشياء أخرى….

و تطرقنا لقصر زلواز دون قصر الميهان ( تغـرفيت ) و قصر غاون بمنطقة أجاهيل ما هو إلا نتيجة لمجموعة من الظروف أو العوامل و أهمها سهولة الاتصال بالشيوخ و كذا وفرة البحوث الجامعية وخاصة منها التي تتطرق لموضوع القصر من
ناحية الهندسة المعمارية .

كما غابت البحوث التي تهتم بالناحية الاجتماعية و لهذا نضع هذا البحث كمحاولة
لسد هذه الثغرة و التي نعتبرها لا تقل أهمية ممن سابقاتها لما تهدف إليه من محافظة
و كذا بقت روحها من خلالها نراجع ذواتنا و نظرتها إلى الأشياء .

عطـوات .

قصر المهان قبل سنة 1940م

المــمــرات في قصر زالواز اغرم1993م

قــصــر زلواز هو أحد القصور الثلاثة القديمة و هي قصر الميهان المسمى
تغــرفيت وبيوت منطقة جاهيل كما يقع قصر زلواز بين جبل تجارت و الضفة
الشرقية لنخيل واحة المدينة .

و عند تجولنا في هذا القصر الذي يعود عمره إلى أكثر من تسعة قرون أوقفتنا
تلك الممرات العديدة التي يسن للمار من خلالها التنقل داخل القصر في مختلف
الاتجاهات و على ذكر الاتجاهات فإننا رأينا أن نتخذ ( حجر قوما ) المتواجد في
أعلى القصر بمنطقة (( تساجيت )) هو المنطلق في تحديدها .
و بداية الممر الرابط بين حجر قوما و المسجد العتيق و الذي يطلق عليه اسم
ممر قومـــا .
و أما الممر الذي ينطلق من حجر قوما نحو الشمال و المسمى بممر تساجيت
فهو الممر الرئيسي و يعتبر أول ممر في القصر حيث تتفرع منه ثلاث ممرات
و نبدأها بالممرين المتواجدين في الناحية الشمالية الشرقية للقصر و المسميان
بالممرين المؤديان إلى ( إيسغ ) و ( داق إسغ ) و الممر الثالث من الممرات../..

داق أمندر و الممر الذي يأخذنا نحو تساجيت صعوداً

و الممر الثالث من ممرات تساجيت المسمى بممر ( إمندر ) الذي ينتهي عند
نقطة ( داق إمندر ) أي بنحو البساتين من الناحية الغربية و هو ممر كان حيوياً
في ما يخص النشاط الفلاحي .
و ألان لنتخذ ممر قوما المتجه نحو المسجد الذي تحدثنا عنه سالفاً حيث ينحدر
منه ممر أمندر الثاني نحو البساتين أيضاً و ينتهي إلى داق أمندر و هذا الممر
يعرف بحركته المسائية حيث يعتبر الأقرب للمتجهين نحو المسجد العتيق .
فأما الممر الثاني الذي ينطلق من المسجد نحو (( داو تجارت )) فهو المسمى
بالممر المؤدي إلى (( داو تجارت )) و بدوره ينحدر منه ممر أخر يسمى بممر
(( أرز كنار )) و هو يتجه نحو الجنوب بداية من المسجد و ممر أرز اكنار بدوره
ينحدر منه ممر يتجه مباشرة نحو (( الزاوية )) يعرف بممر الزاوية و هذا الأخير
يلتقي بممر داو تاجرت الذي يلتحم بممر اسغ و بذلك يشكل هذين الممرين طريق
مستقيم تقريباً يخترق القصر طولياً نحو الشمال كما يعتبر طريقاً مختصراً دون
اللجوء إلى طريق البساتين الذي يشكل منحنى حول القصر و للتوضيح أكثر أطلع
على مخطط الممرات الرئيسية للقصر .

توضيح المصطلحات التي جاءت في النص الممرات و مخطط ممرات القصر

أحد العائلات الساكنة في القصر .

الصورة توضح الواجهة الشمالية أعلى القصر (( تساجيت )) و (( داق أسغ ))

إن الزائر لهذه المدينة ولأول وهلة يلاحظ أن القصور بنيت على قمة مرتفعة مبتعدة
عن كل العوامل كالوديان التي تصب في بعض الأحيان بشدة أو الرياح و الزوابع الرملية التي تأخذ من الرمل الوادي نحو الجنوب في أغلب الأحيان و إن تجولنا في
إحدى هذه القصور و ليكن ذلك في القصر زلواز الذي نحن بصدد الحديث عنه فنلاحظ
أن بالرغم من عمر القصر الذي يفوق السبعة قرون بكثير إلا أن مبانيه ما زالت وافقه
تتحدى الزمن إلى يومنا هذا و إن تأملت فيه لوجدتها مبنية بمواد بسيطة كالحجارة
الصغيرة التي تجلب من منطقة تاجوافت التي تقع في الجبل الغربي للقصر و أما الطين فهي تجلب من واد تاغزيت و كذا مناطق عديدة أخرى ويشترك الجميع في بناء أي بيت تطلق عليه عملية (( أمنيلال )) و يتخذون من الحجارة المتوسطة الحجم قاعدة
صلبة كما يدرك المرء هنا عدم الحفر الأساس لأن الأرضية صخرية و لذلك يبنون
على الصخر مباشرة و هذا ما أعطى للقصر منظره الجميل و بعد وضع الحجارة المتوسطة في الأسفل يتعمدون وضع حجارة أصغر من تلك الموضوعة في القاعدة
و هكذا يمكننا القول أن كلما ازداد المبنى ارتفاعا كلما أصبح حجم الحجارة المستعملة
أصغر إلى نهاية المبنى .
و أما البيت الواحد فيتخذ شكلاً مائلاً نحو الداخل و هذا يعني أن كل ما ارتفع
البيت أو الجدران أصبح ضيقاً لحد ما ، و بعض الأخصائيين يربطون هذه الظاهرة
بعملية بناء الزريبة المعروفة في بعض بالأكواخ المصنوعة بالخشب و القش و عند
دخولنا البيوت نلاحظ أنها تتكون من غرفتين إلى ثلاثة و في إحدى الغرف نلاحظ
وجود ساحة صغيرة لا تتعدى المترين مربع و هي تعتبر مخزن للأشياء الثمينة
و هذه المخازن الصغيرة تتغير أشكالها من منزل إلى أخر و في الغرفة الواحدة
تكون هناك رفوفا مثلثة الشكل تدعى أخدخان و في هذه الأخير توضع عليها أشياء
كالمصاحف مــثلاً ، و أمــا النــوافـذ فهـي صـغيرة و لـها شـكل مستـطيل ينبعث
من خلالها شئ من الضوء ينير الغرفة التي اتخذت من البياض لونها لها بياضاً
استمد من حجر الطبشور يسمى محلياً (( تباريغت )) و يجلب هذا الأخير من مغارة
تقع في الجبل المقابل للقصر غرباً .
و للبيت مساحة صغيرة تدعى توخى (( فسحة البيت )) كما نصادف ما يدعى تفالكات
و هي عبارة عن مكان مظلل يجلسون فه خلال المواسم الحارة .

صورة توضح الواجهـة الشرقية و يظهر حجر قومـا .

و الآن سنتحدث عن تكون السقوف التي رأينا في تعقيد بنيتها السبب المباشر لدرستها
على حدي و ننطلق بعملية قطع النخيل فتحط أرضاً و تفصل النخلة الواجدة إلى قسمين
الرأس أو القسم العلوي تنتزع منه الجريد و تنتزع من قلب النخلة مادة بيضاء حلوة المذاق تدعى (( الاجبي )) أما الجدع و الذي يقسم و يفصل طولياً و يترك ليجف
و بذلك يستعمل في الجدار حتى لا يسبب الشقوق .

الصورة نحو الشرق توضح بيت من داق أمندر لبككان .

و أما الجريد الذي سبق ذكرناه فهو يقسم إلى قسمين ، القسم الأول هو أوراق الجريد و الثاني عصى الجريد و العنصر الأخر و الهام في تشكيل السقف هو الجبل المصنوع من نسيج ينتزع من جذع النخلة و يسمى (( أســان )) .
و تبداء عملية و ضع السقف بعد الانتهاء من هيكل الغرفة التي تثبت به الجذوع
عرضياً ثم تجمع العصي و تربط ببعضها عرضياً بعصي أخر و تكون أقل عدد
و يتوسع البساط المصنوع من العصي طولياً خلفا للجذوع كما تشد ألهيا بحبل ((أسان))
و في الأخير تضع فوق العصي طبقة سميكة و متراصة من أوراق جريد النخلة
و تصب فوقها كمية من الطين و هكذا يتم بناء السقف في جو ملئ بالحماس الجماعي .

البيت من الناحية داق أمندر (( الحاج الطاهر تقابو )) و الثقب الموجود يمين الباب
في الصورة هو مخصص لفتح و غلق الباب

التــعاون – أمــنيــلال .

إن المتحدث عن العادات في المجتمع الرقي لن يستطيع تأجيل الحديث عن ظاهرة
أمنيلال و التي تعتبر بمثابة القلب النابض الذي يجعل سكان قصر زلواز أفراد تربطهم
صلة القرابة العميقة أولاً الأخوة المثالية ثانياً ليس من المعجزة أن يبني قصر زلواز على قمة جبل ما دام هناك هذا العامل النفسي الذي يجعل من إرادة المجتمع قوة خارقة
تقلب القواعد و تخرق قوانين الطبيعة .
الواجهة الغربية لتساجيت و قد بسطت النخيل في الأسفل و أمنيلال ظاهرة يجتمع
عندها أغلب سكان أصول الجنوب و هي تعرف في بعض المناطق بمصطلح التويزة
و هي ظاهرة متكررة بقصر زلواز حيث نجدها مغروسة متأصلة في أغلب مراسم
العادات مثلاً ظاهرة متكررة بقصر زلواز حيث نجدها مغروسة متأصلة في التقاء
الأباء لجمع مصاريف المناسبة (( الطهارة )) و ما الأطفال فهم ذوي سن متقارب جداً
يأتون من جميع نواحي القصر و هكذا أمنيلال يدخل في جميع نشاطات المجتمع كالفلاحة و البناء و الأزمات التي تمر بها بعض عائلات القصر و أفضل الأوقات
و التي يعلن فيها أمنيلال فهي قبل أو بعد صلاة العشاء بالمسجد

العتيق حيث يقف أحدهم أي المعني بالأمر و يعلن عن غرضه محددا الزمان و المكان
و أمـا الزمان فأغلب ما يكون في الصباح الباكر ، يقبل الجميع في الوقت المحدد
و يبداء العمل ، و النساء يحضرن المأكولات و الشاي للرجال ….
و للنساء أيضاً طريقتهن الخاصة في التبليغ عن (( أمنيلال )) و هي طريقة بسيطة
جدا تقوم على أساس التبليغ قس البيوت و ذلك بتجول المرأة المعنية رفقة قريبتها معلنة
غرضها موضحة الزمان و المكان أيضاً .

• و أمنيلال ظاهرة حاضرة في النشاط الفلاحي و ذلك خلال مواسم الحرث أو سنوات
الجفاف حيث يصبح ضروري إعادة حفر الآبار لجلب أكبر كمية ممكنة من الماء
و يطلق على العملية مصطلح (( أيغار )) أي الحفر و الهدف من هذه العملية هو تفادي
جفاف الآبار التي تستخدم مياهها في سقي الأراضي و الشرب أيضاً و هي مياهاً غير
مالحة و حلوة المذاق .
• و هكذا يبقى أمنيلال ظاهر تعتبر عن الانتماء إلى تلك الأخوة المنبعثة من الجذور
الصادقة في إبراز مدى رغبة هذا الإنسان في الحياة الطيبة و الترابط و لهذا فأمنيلال
كظاهرة تمتد عن هذا المجتمع في عاداته برغم من هجرة أهل القصر لقصرهم
و تأثرهم بالحضارات الحديثة فمازال يحي أمنيلال بحياة عاداتهم المحفورة في ذاكرة
الأحفاد .

الـزواج

المتأمل في النسيج الاجتماعي لسكان القصور القديمة يدرك أنه يقف أمام
نسيج شكلته ثوابت يجتمع عندها أغلبية الأفراد و هذا يعود إلى أسباب عديدة من أهمها
ما سنتحدث عنه عند تطرقنا لموضوع الزواج عند التوارق و بصفة أدق عند سكان قصر زلواز .

و من مقدمات الزفاف كما عاهدناه عند أغلبية المجتمعات و هو منبع فكر الزفاف
و هي الخطوبة كما تعرف عندنا سكان القصور بكلمة " أجموي " و هي ذات صفتين
أولهما الاتصال و ثانيهما ما يدعى " إزنهجيه " و إن أردنا شرح الكلمة الأخيرة لقلنا
الملائمة أي فلان يلائم فلانة و غالباً ما يكون عند الأقارب .

و الأمر الذي سألنا في شأنه هو : هل هناك مراسيم للخطوبة أو تجمع .
القصد منه الاحتفال بالخطوبة عند التوارق في قصر زلواز ؟ فكانت الإجابة بالسبب !!
و نستخلص من هذا أن الخطوبة " آجميوي " بحكم تنقلها عن طريق الشفاه كدعاية
و ثبوتها بعدم نفيها يجرنا إلى القول بأن الخطوبة مقدمة بسيطة و لكن لها وزنها الجماعي لدى السكان القصر تاقالت أو الصداق قلب الزفاف عند سكان القصر بصفة
خاصة لماذا ؟

لأنها تعبر عن استمرارية النمط الاجتماعي للحياة أي أن تقديس الأرض و خدمتها
لشيء واحد و شريف هو البقاء و الشرف و كذلك الانتماء و المتجدر في هذه العادات
الطيبة .

ثمانون نخلة ذلك هو الصداق المرأة الترقية في القصر زلواز رهان صعب و لكن
هو الحل في بيئة تمتاز بمناخ جاف و خدمة الأرض هي سر البقاء في كل واحاتنا كما
هو واجب علينا أن نذكر الأشياء بأسمائها فإن تلك الفترة التي ازدهرت فيها هذا النمط
من الصداق هي بمثابة أروع فترات المواسم رطوبة حيث عند تصفحنا لشواهد تلك الفترة التي تمتد حتى الثلاثينات من القرن الحالي و أول شيء يصادفنا هو فترة المياه
سطحية و كذلك توسيع الواحة في كل اتجاهات كما لا ننسى أن هذا النمط من الصداق
لا يعتبر من السلوك الانطواء بقدر ما يعتبر حل لمعطيات عشها سكان الواحات في
ذلك الزمان …

في الماضي البعيد :

عندما كان كل شيء ينطق
عندما كان كل شيء يتكلم
عندما كان الحجر ينطــق
عندما كانت الأشجار تنطق
عندما كان كل شيء ينطق حدث هذا

بهذه المقدمة البسيطة و التي اقتبست من القرآن الكريم و سورة النمل الآيات من 17 و18و19 وكذا قصة سيدنا سليمان عليه السلام والطائر الهدهد

و التي سنمضي نحو يوم من الأيام سنة1910م المكان إحدى بيوت قصر زلواز
" تساجيت " كانت الزغاريد تنبعث من هناك فقلت ماذا يحدث فقيل لي : لقد ازداد
اليوم طفلاً ، فبقينا في المكان كنا ننظر إلى النساء يغادرن المكان فتراءت لنا صورة
ذلك الطفل و هو يشق أول خطوته نحو مستقبل مجهول بالنسبة له هي تلك اللحظات
و تلك الفرحة التي ستدوم … و تليها من بعد سنوات صعبة جداً ستمر على أهالي
القصر و بعد لحظات انسحبنا لنترك صاحبنا ينطلق به الزمان نحو الأفق .

في اليوم السابع عدنا فوجدنا تلك الوليمة التي ازدحمت فيها الأطباق التقليدية
اجتمع الكبار في المسجد بعد صلاة الصبح عندها و في تلك اللحظة سمى صباحنا
باسمه .

تواصلت الفرحة إلى الليل فكانت تلك الساعات كأنها صورة لوداع سيدوم طويلاً.

فعلاً حدث هذا حيث قبل انقضاء ذلك العام بدأت المقاومة تحضر نفسها لتصد الاستعمار الفرنسي من دخول و احتلال حانت فكانت ذلك في السنة التي تليها
حصار المدينة من الجنوب و الغرب و بدأت القوات الفرنسية تستقر في المنطقة
إفري كقاعدة خلفية فكانت المواجهة .

و بعد زمن بدأت المقاومة تتقهقر و حصري القصر "زلواز" من الناحية الغربية
و الجنوبية فكان آخر نقطة تسقط بين أيادي الفرنسيين و ذلك بعدما و جدوا القصر خالياً
من أهاليه حيث كانت النسوة و الأطفال متجهون نحو منطقة تامغيت للاختفاء و إيقاء
أنفسهم شر ما سيحدث فكانت تلك اللحظات بالنسبة لصاحبنا و هو محمول على كتف
والدته لا يدري ماذا يحدث و لكنه يعلم أنه شيء ما ليس في مكانه .

و بعد ذلك هدأت الأمور و عاد الأهالي إلى قصرهم و بدأت المعاناة الحقيقية حيث
صفحات الكتاب الكريم مبعثرة في أزقة القصر ، أموال الأهالي أخذت و ما خرب
خرب ، معاناة كان ، و عنوانها القوة و القهر .

بالرغم من هذا عادت الحياة إلى القصر و لكن آثار تلك النكسة و الانكسار كما أطلق
عليها الأهالي مصطلح عام " الانكسار " ‘ أوتادئ وان ترازء ‘ .

كانت آثارها بدائية على و جوه كبار القوم أنهم الآن أمام وضع صعب و صعب جداً و بالرغم من انسحاب الجيش الفرنسي و عودة جيش الأخوان الذي فعل ما فعل في الأهالي و بدوره محاولاً بسط سيطرته بالقوة ثم عودة الفرنسيين مرة أخرى بعد التدعيم
المكثف لقواته كانت أيام صعبة عاشها كبار القوم كيف لا ومدينتهم هي مساحة المعركة
من يسيطر يكسب أهم النقاط الإستراتيجية في ذلك الوقت .

و توالت الأيام و السنوات و هاهو صاحبنا و هو يتأهب للدخول إلى المدرسة القرآنية .
مرة ذات صباح برفقة والده يشقان أزقة القصر حاملاً في يده تلك القطعة الخشبية الملساء يعلوها مقبض صغير كان صاحبنا فرحاً بها كثيراً حتى أنها لم تغادر منامه
هكذا كانت دمى أطفالنا إلى اليوم …..

و راح صاحبنا يشق طريقه في حفظ القرآن و يمضي بعض من وقته بين أزقة القصر
و بساتينها و كان من الطلبة الممتازين و برهن على ذلك في جميع المنافسات التي
شارك فيها فكانت سنوات حتى أنهى دراسته القرآنية بالختم أو ما يدعى " أزابوا " .

وكانت له بمثابة مرحلة و بدأت مرحلة جديدة .

كانت الفلاحة و التجارة أهم الموارد لسكان الواحات فكانت الفلاحة و ممارستها
ضماناً للتجارة و ذلك بحمل المحصول على الجمال و مقايضته في أرض السودان
بمواد تدخل في حاجيتهم فكانت القوافل تتبادل السلع فيما بين المدن فلم يكن صاحبنا
بعيداً عن هذا المحيط الذي يفرض هذه الطريقة في كسب القوت و أهم شيء في
ذلك تكوين الرجل حيث أن سفر مع قافلة لمدة شهر كامل ليس بالأمر الهين فدوام
مع أخوته و من يصطحبهم فكانت تلك الأسفار بمثابة دروساً استفاد منها صاحبنا من
بعد كما كانت قصصهم مثيرة جداً مغامرات كثيراً ما تحمل من الحين إلى مرواً بها .

هكذا هم يفلحون الأرض و يبنون بيوتهم و في الشتاء يرحلون من البساطة إلى
أفق نحن اليوم نجني ثماره ، الفلاحة كانت هي الأساس حيث يجب على الجميع العمل
حتى يجنون محصولاً يقايضون في الموسم القادم .

في ذلك الزمان كان الشباب يسارعون في غرس النخيل و هذا لشيء واحد و هو أن
صداق الزوجة يتم بعدد من النخيل ثمانون ( 80 ) أو سبعون ( 70 ) نخلة ، ذلك هو
صداق المرأة الترقية في قصر زلواز رهان صعب و لكن هو الحل في بيئة تمتاز بمناخ
صعب و خدمة الأرض هي سر البقاء في كل واحتنا كانت رحلة السنوات بالنسبة لصاحبنا و هو الآن يتأهب لخوض مغامرات أخرى أصعب ما سيمر عليه .

كان ذلك في الصباح يوم و صلنا ووجدنا جمع من المشايخ جالسون فسألنا من هؤلاء ؟
فقيل لنا أنهم ممثلون عن القصور الأخرى ثم سألنا و لماذا هم هنا ، فقيل لنا اليوم سيتم
صداق صاحبنا إلى زوجته ، كان الإمام يتوسط القوم بجانبه موكل الزوج و على الجانب الآخر موكل الزوجة جالسين واضعاً أمامه تلك الأوراق الصفراء و قلم من القصب مغروساً في قارورة من المداد الأسود يبدون في تحضير سند قانوني ألا و هو
وثيقة الصداق " تاقالت " حيث تكتب الوثيقة و في مقدمتها تاريخ ذلك اليوم و البسملة
ثم المقدمة التي يذكر فيها الاسم الكامل للزوج و الزوجة ، و تليها عبارة من خلالها
إهداء الزوج للصداق و ذلك على أوراق خشنة و صفراء جلبت من الشرق وأما الخط
فأغلبه كوفي و القلم فهو من القصب و الحبر أسود و الخطوط متباعدة و واضحة كما
نلمس في بعض من هذه الوثائق أن الكلمات تكتب كما تنطق .

كما نجد أسماء بعض المناطق و التي تغيرت بمرور الزمن ، و يبدأ الإمام في كتابة
الوثيقة بعد أن وضحى ما هو عليه مجتمعين من أجله ثم يطلب من الزوج أو موكله أن
يبدأ في إحصاء ما لديه من نخيل بذكر نوع النخلة و مكان و جودها و يوصل الإمام
كتابة الوثيقة و الجميع ينظرون نحوه مستمعين إلى من يسرد ما تضمنه الشهود و كذا
اسم كاتب الوثيقة و تاريخ كتابتها ، و هكذا يتم كتابة وثيقة تاقالت .

و بعض لحظات من ذلك ينهض الجميع ليلتحق ببيت لتناول الغذاء ، و بعد صلاة
العصر ينطلق الجميع نحو البساتين لمعايرة ما جاء في الوثيقة مع ما هو في الواقع
و يدوم ذلك زمن طويل حيث في نفس الوقت يجتمعن النساء في بيت أهل الزوج و ينطلق لتحضير شاي و مأكولات محلية متعددة و كذا آلة للغناء و الفرح ، و كل هذا
يحدث و الرجال يتنقلون من بستان إلى أخر و بعض من النسوة و الأطفال ينظرون
من القصر نحو الأسفل نحز البساتين الخضراء و الدهشة تغشيهم لما تبصر أعينهم
ذلك المنظر الجذاب و بعد لحظات تتجلى من عليهم الدهشة ليعودوا إلى عالمهم الصغير
متخذين من الأزقة و الممرات متاهة يقضون فيها ما تبقى من الزمن لعودة آبائهم .

و بعد صبر تشير إحداهن إلى عودة الرجال الذين يتجهون نحو المسجد و هناك تقرأ
سورة الفاتحة ثم تؤخذ الوثيقة مع بعض من البلح المأخوذ من نخل الصداق و تربط بعضها البعض بورق النخل و بعد ذلك يؤخذ جريد النخل و تشق خل الصداق و تربط بعضها البعض بورق النخل و بعد ذلك يؤخذ جريد النخل و تشق إلى نصفين و توضع
في وسطها الوثيقة و تربط ثانياً بورق النخيل و بهذه الطريقة تقدم إلى النساء لتأخذها
إحدهن و ترفعها عالياً بقبضة يدها ، و تبدأ في الدوران في حلقة إيروان كشاهدة للنساء
عن صداق الزوج لزوجته و إيروان رقصة تقام بالمناسبة و تكون شبيهة برقصة السبيبة .

و هكذا يتواصل الفرح إلى الليل فأما صاحبنا فعدنا إليه و الإرهاق باد على وجهه
بعد هذا اليوم المتعب جداً و بعد ذلك انسحبنا في صمت و هدوء مؤكدين له بأن اللقاء
سيتجدد بعد سنوات .

* و بعد سنوات من ذلك .

عدنا إلى صاحبنا نسأل عنه فكان ذلك في أواخر الخمسينات من القرن كانت الثورة
التحريرية قد انطلقت منذ ستة سنوات ، و هذه السنوات قاضها صاحبنا في التدريس
القرآن و ذلك بعد أن تعب من السفر ، كانت تلك المقايضات من طرف الاستعمار كثيرة
هي و أشهرها تلك التي أخذ فيها الحاكم الفرنسي كتب صاحبنا الذي قال له كل تلك الكتب حفظتها .

و راح يواصل تعليم القرآن لطلابه ، كان ينتقل من مكان إلى آخر كانت المدارس
القرآنية آنذاك مجرد زريبة في إحدى البساتين ثم توجه صاحبنا ليدرس في مسجد الرحمة و بعد أن أصبح هذا المسجد مهدد بالانهيار قام أهالي ببناء مسجد صغير في
نفس الحي كان الكثير من الناس يصلون وراء صاحبنا الذي أتخذ إحدى البيوت مدرسة
قرآنية تاليه مراحلا في الطريق الذي استمر فيه منذ زمن طويل و كان الطلبة يدرسون
في الصباح و عندما ينتهي من ذلك ينتقل إلى بستانه و يبدأ في خدمة الأرض خلال يوم ثم يعود بعد الظهيرة يدرس طلبته ، و بعد ذلك يعود إلى بستانه و يبدأ في خدمة الأرض خلال يوم ثم يعود بعد صلاة المغرب يجتمع الصبية و الطلبة يدرسون من حوله ذلك الضوء الأتي من الموقد الذي أعده لطلبه .

وهكذا كان البعض منهم ينطلقون من فمهم البسيط و العميق للحياة .

و آخر يوم التقينا فيه صاحبنا كان في أواخر الثمانينات و قد تقدم به العمر ولكن
مزال يواصل مع جيل أبناء هذه البيوت بل مع جيل آخر من أبنائه .

و هكذا هو الزواج عند التوارق ظاهرة لن تختصرها الكلمات و لا سنوات و لكن نقول ما قالته الجدة لأبنائها :

" عندما كان كل شيء ينطق حدث هذا ……. "

اقدم صورة لمطار جانيت
تعليمية

و هذا شريط وثائقي عن الطوارق

[youtube]يتبع




شكرا لك أخ حمودي لأنـك أتحت لنا فرصة التعرف عليـها

بارك الله فيك




جزاك الله كل خير على الموضوع القيم
شكرا لك




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.