التصنيفات
مادة الفلسفة 3 ثانوي : باشراف الاساتذة أم يحيى

الفن بين الموضوعية و الذاتية

سؤال مهم: هل الفن حقيقة موضوعية أم ذاتية؟

بمعنى هل يجب على الفنان أن يكون "موضوعيا" في ترجمة واقعه أم يكون "ذاتيا" في التعبير عن وجدانه وأفكاره؟
ونستطيع أن نجيب بسرعة عن هذا التساؤل بأن الحقيقة الفنية هي"ذاتية موضوعية" في آن واحد
لأن الفن لو اقتصر على "الذات" دون "الموضوع" قد لا يستطيع المتلقي من الجمهور أن يدرك الرسالة الموجهة من المبدع وقد يسبب ذلك نوعا من الثرثرة والغموض داخل عقل المتلقي حيث أن رسالة الفنان لابد وان تنتقل في قوالب يعرفها الناس وتمثل بين الجميع أرضية مشتركة.
و أيضا ليس بالضرورة أن استخدام النظرة "الموضوعية" دون "الذاتية" في العمل الفني إن ذلك يعنى النقل الحرفي الخالي من الإبداع، وإنما الحل يكمن في انصهار "الموضوعية" من ناحية مع "ذاتية" الفنان من ناحية أخرى.
وبهذه المعادلة المتوازنة فقط تقوم العلاقة الصحية بين المبدع والمتلقي وكلما أحكم الفنان هذه المعادلة المتوازنة كلما أدى هذا إلى راحة المتلقي والتأثير فيه. فالأعمال الفنية تنجح بقدر ما تؤثر وتستثير مشاعر الجمهور وهذا لا يتم إلا بالجمع بين الحقيقة الموضوعية من أشكال ومرئيات وبين الحقيقة الذاتية من معاني دفينة في عقل ووجدان الفنان .. أي بين الواقع الملموس وبين الإيحاء.
وللاستدلال على ذلك دعونا نتصور أن فنان يرسم الشمس كمجرد "دائرة" دون التعبير عن وجدانه ومشاعره الذاتية تجاه تلك الشمس، فسوف تصبح الدائرة في هذه الحالة غير محددة الخصائص وليس لها دور وقد يتوه المتلقي بين التفسيرات المجردة للدائرة أهي قمر أم كرة أم بالونة أم برتقالة؟!.
وإذا لم يضع الفنان بصمته ومشاعره ورؤيته على هذه الدائرة، فهو لا يحقق فناً وإنما ينتج أشكالاً مجردة بلا معنى ولا هدف سوى نوع من الإدعاء والتعالي.
كان شعور الإنسان بالجميل أسبق من خلقه له ، فلقد انبهر الإنسان بمظاهر الجمال في الطبيعة واستمتع بها ، غير أنَّ صنعه للجميل جاء متأخراً عن مراحل الشعور والدهشة ، ومما لا ريب فيه أنَّ الجمال في الطبيعة لم يكن من خلق الإنسان ولم تتدخل فيه إرادته ووعيه ، غير أنَّما خلقه الإنسان في مراحل لاحقة في الفنون والآداب من جمال إنما هو خاضع لإرادته ووعيه ، إذن هناك جمال خارجي لم يتدخل الإنسان في صنعه ، وهناك جمال داخلي أبدعته الذات الإنسانية ، وهو خاضع لمعطياتها ومعاييرها ، ولا ينفي هذا الفصل بين الجمال الطبيعي والفني القوانين الكامنة في الجمال الطبيعي ، وإلا لو لم يكن هناك قانون يحكم الجمال الطبيعي لما استمتع الإنسان به وشعر بوجوده واندهش بمرآه ، غير أنَّ هناك سؤالاً يطرح نفسه : ما هو الجمال ؟ أي ما هي المكونات التي تحدد إنْ كان هذا الشيء جميلاً أو قبيحاً ، وهل هي خصائص قارة في الشيء الجميل أو قارة في الذات الإنسانية ؟ وبمعنى آخر ، هل يصح أن تطلق كلمة الجمال على الموضوع سواء أكان الإنسان موجودا أم غير موجود ؟ أي هل للجمال وإدراكه خاصية إنسانية توجد بوجوده وتنتهي بعدمه؟ .
ونلتقي في هذا السياق بتصورين متعارضين ، يرى أحدهما أنَّ للجمال وجوداً موضوعياً مادياً خارج الذات المدركة ، ويتمثل في الوجود المادي للموضوع الجميل وكيفية ترتيبه وتشكيله ، وما دام للجمال وجود موضوعي فإنه يمكن تذوقه والاستمتاع به ليس لدى مبدع الموضوع الجميل فحسب وإنما لدى الناس جميعا .
ويرجع الجمال لدى التصور الآخر إلى الذات الإنسانية فهي التي تحدد للجمال وجوداً في الخارج وهو في حقيقته انعكاس الذات على المظاهر الخارجية أو الفنية ، ويكون إدراك الجميل وتذوقه ، في هذه الحالة ، بمدى تأثيره بالمتلقي .
ويشتمل الموضوع الجميل على عنصرين متداخلين :

أولهما : المادة التي يتكون منها الموضوع الجميل سواء أكان كتلة الحجر في النحت أم الأصوات في الموسيقى أم الألفاظ في الأدب .
ثانيهما : كيفية التشكيل ، أي التدخل الإرادي للإنسان الذي يعمل على تحويل المادة من كونها موضوعاً لا قيمة فنية له إلى موضوع له قيمة فنية وجمالية ، ويلتقي الموضوع الجميل ، طبيعياً كان أم فنياً ، في هذه الخاصية وهي المادة والتشكيل;غير أنَّ تشكيل الجمال الطبيعي قد تم عفوياً واعتباطياً ، ولكنه في الجمال الفني تشكيل مقصود عمد إليه الفنان بوعي وإرادة.
ويتميز الجميل عن النافع بعدة أمور من حيث الحكم عليه ، إذ نقول عن النافع إنه حسن الصنع أو رديء الصنع.; في حين نطلق الحكم القيمي على الموضوع الجميل فنقول : إنه جميل أو قبيح ، وهذا يعني أنَّ الموضوع النفعي يدعونا إلى أنْ نستخدمه دون أن نتذوقه ، في حين يكون الموضوع الجمالي مجالاً للتذوق ، ولذلك فإن اللوحة الفنية « لا تزيد في صلابة الحائط في شيء …. وأما هذا الكرسي الذي تجلس عليه فإنه قد يكون مريحاً دون أن يكون جميلاً على الإطلاق » وإذا انتقلنا إلى تطبيق ذلك على الأدب وعلى لغة الأدب بخاصة لألفينا لغة النفع « لا تحمل أية دلالة فردية شخصية »في حين أنَّ لغة الجميل لغة « شخصية تحدثنا عن صاحبها ».
ويبدو أنَّ هناك خصائص جوهرية لا بد من توافرها لتحديد ماهية الجمال وتتمثل في العناصر الآتية :
الانسجام بين الجزئي والكلي ، ويتحقق ذلك من خلال العلاقة والتفاعل الذي تولد بين الجزئي والكلي ، لأنَّ الكل ليس حاصل مجموع الأجزاء وإنما هو علاقة الأجزاء وتفاعلها ببعضها في إطار الكل ، ويمكننا تمثيل ذلك بوحدة البناء ، وبخاصة بناء المسجد ، فإن هناك تناغماً وانسجاماً بين الحائط والمئذنة ، وانسجاما وتناغما بين كل مكون من المسجد وآخر في لون من التفاعل يشكل الوحدة النهائية الكلية للبناء .
التكرار بين الوحدة والتنوع ، أما التكرار فإنه يمثل جانبا آخر من الجمال ، سواء أكان حسياً بصرياً أم مسموعاً ، إن التكرار هو « إعادتك للوحدة التي بدأت بها على النظام المخصوص »والتنويع « هو أن تستبدل الوحدة بعد فترة بوحدة أخرى مباينة لها شيئا يسيراً، وتعيد هذا النسق فيما بعد » فالشبابيك في الجامع تتكرر بوحدات معينة ، وتقع بين مسافاتاها أبعاد متنوعة ، وأعمدة الجامع تتكرر وتتنوع بينها مسافات مختلفة ، وكذلك الزخرفة خطوط ودوائر ورسوم تتكرر عبر مسافات معينة ، وكذلك الشعر تتكرر فيه أصوات موسيقية إيقاعية ، مكونة الإيقاع وتنوعه .




نرجو التوفيق و النجاح للجميع و شكرا .لكل من ساهم و لو بالكلمة الطيبة في تسهيل التحصيل العلمي للتلاميذ.




جزاك الله خيرا على هذا الموضوع

واسهامتك الطيب

حقا افدتنا وافدت الجميع باعمالك

ننتضر دوما منك المزيد فانت تحفزنا للعمل

تقبل مروري المتواضع




أشكرك جزيل الشكر و أندتمنى التوفيق للجميع




بارك الله فيك على المجهود .




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.