الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الغديان رحمه الله
ــ يقول السائل : حفظت القرآن الكريم ونسيته وأريد أن أُرجعه ولكن لم أستطع ، مالطريقة للعودة لمراجعة القرآن أحسن الله إليكم ؟
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء و المرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
الجواب :الشخص الذي يريد أن يجمع بين حفظ القرآن و فهمه لبدا أن يسلك طريقة تجمع له هذين الأمرين وهذه الطريقة تشتمل على عشر خطوات :
الخطوة الأولى : هي أن يحدد الآيات التي تتكلم عن موضوع واحد لأن كثيراً من سور القرآن تشتمل على موضوعات متعددة فسورة البقرة إذا نظرنا إليها وجدنا فيها الطلاق والصيام والحج وبعض العدد ووجدنا فيها الرضاعة وكذلك وجدنا فيها الربا إلى غير ذلك من الأحكام فيحدد الآيات التي تتكلم عن موضوع واحد وبإمكانه إستعمال تفسير من التفاسير لأن كثيراً من المفسرين يحددون الآيات التي تتكلم عن موضوع ويجعلونها متجاورة وإذا أنتهوا من الكلام على هذه الآيات التي تتكلم عن موضوع واحد يبدأون بالآيات التي تتكلم على الموضوع الذي يلي هذا الموضوع وهكذا فيستعين بتفسير من التفاسير.
الخطوة الثانية : أن هذه الآيات تشتمل على جملة من الكلمات التي تحتاج الى معرفة سواء كانت المعرفة من جهة اللغة أو كانت المعرفة من جهة الإصطلاح فالمعاني الإصطلاحية موجودة في كلام المفسرين وكذلك المعاني اللغوية ولكن فيه كتاب (جامع البيان في مفردات غريب القرآن) بالإمكان أن الشخص يستعين به .
الخطوة الثالثة : أن القرآن منه ما نزل على سبب مقرون به وهذا يندرج تحته جميع الأسئلة التي جاءت في القرآن مثل {يسألونك عن الأهلة} ، {يسألونك عن الشهر الحرام} الى غير ذلك وهذا لا إشكال فيه ، والثاني ماورد على أسباب لكنها لم تذكر وقد تكلم كثير من المؤلفين على أسباب النزول فمن ذلك كتاب (لُباب النقول في معرفة أسباب النزول) وكتاب (المحرر في أسباب النزول) وفي كتب كثيرة يمكن الشخص أن يرجع إليها في فهارس المكتبات ، فلبذا من معرفة سبب النزول.
الأمر الرابع : أن القرآن يشتمل على ناسخ ومنسوخ والشخص لما يريد أن يحفظ الآية لابد أن يتأكد هل هذه الآية محكمة أم أنها منسوخة .
والأمر الخامس : أن القرآن يشتمل على مشكل لفظي وهذا المشكل اللفظي هو الآيات المتشابهات كقوله تعالى في سورة البقرة {وما أهل به لغير الله} وفي سورة المائدة والأنعام وسورة النحل {وما أهل لغير الله به } فكلمة {به} مقدمة في سورة البقرة ومأخرة في هذه السور ، وعلى هذا الأساس ،يحتاج الشخص الى معرفة هذه الآيات المتشبهات مثل {سبح لله}، {ويسبح لله} الى غير ذلك وفيه كتاب أسمه (دليل الآيات المتشبهات) هذا إعتنى بهذا الجانب .
الأمر السادس : المتشابه المعنوي والمتشابه المعنوي هو عبارة عن الآيات التي يظهر فيها التعارض كما في قوله جلا وعلا { وقيفوهم إنهم مسؤولون } مع قوله جلا وعلا{ فيومئذ لايُسأل عن ذنبه إنس ولاجآن} فالآية الأولى مثبتة لسّؤال والثانية نافية لسّؤال ، فعندما يقرأهما الشخص الذي يريد أن يحفظ الآيات ، عندما يريد أن يحفظ لبدا أن يتنبه الى معرفة الجواب بين هذه الآيات وفيه كتب كثيرة إعتنى العلماء بهذا الجانب يعني خدمة هذا الجانب فمن ذلك كتاب (درة التنزيل وغرة التأويل في متشابه التنزيل) ، وكتاب (باهل البرهان في متشابه القرآن) ، وكتاب (دفع إيهام الإضطراب عن آيات الكتاب) وفي كتب كثيرة موجودة في فهارس القرآن في المكتبات الخيرية وكذلك موجودة في المكتبات التجارية بالإمكان الإنسان أن يسأل عنها فلابد من معرفة المتشابه اللفظي .
بعد ذلك الفقرة السابعة : هي أن القرآن يشتمل على علامات الوقف وعلامات الوقف هذه هي موضوعة من أجل المعنى فيعرف تفسير هذه الجملة على ماتقتضيه علامات الوقف من وجوب ومن تحريم ومن كراهة ومن ندب ومن جواز الى غير ذلك من علامات الوقف المرصودة في آخر الكتاب بعد فهرس الآيات أو قبلها بعض الناس يجعله قبلها وبعضهم يجعله بعدها فلبدا من معرفة ذلك وفيه كتاب موجود في الأسواق أسمه (علل الوقوف) يعني يعطيك الحكمة من الوقوف مثلاً على هذا الموضع وكذلك عدم الوقوف على هذا الموضع وهو ثلاثة مجلدات .
ثم بعد ذلك يعرف المعنى العام .
ثم بعد ذلك يعرف المناسبات التي بين الجمل وفيه كتاب أسمه (نظم الدرر في تناسب الآي والسور).
ثم بعد ذلك يعرف الأحكام التي أشتملت عليها هذه الآيات وفيه كتاب (أحكام القرآن لأبن العربي) وكتاب (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي) وفيه أيضاً كتاب (تفسير الطبري) (تفسير ابن كثير) هذه التفاسير يمكن أن يستعين بها الشخص.
فعندما ينتهي من هذه الخطوات بعد ذلك يكرر الآيات على حسب قدرته على الحفظ ، فإن بعض الناس يقرأ الشيء مرة واحدة ويحفظه وبعضهم يقرأه مائة مرة ولا يحفظه ، فيكرر بحسب ما يعلم من نفسه من قدرة ثبات الآيات في فكره وعندما يحفظها لابد أن يعيدها كل يوم يعيد ما مضى كل يوم ويضيف إليه الآيات التي يريد أن يفهمها ويحفظها من جديد وهكذا ولا يستعجل لأن بعض الناس يريد أن يحفظ القرآن كله في شهر ولاّ في شهرين ولاّ في ثلاثة لكن إذا سلك هذه الطريقة جمعة له بين فهم القرآن ثم حفظه و بالله التوفيق .
قال المقدم : أحسن الله إليكم سؤال قريب من القضية المهمة التي تفضلتم بالإجابة عنها بما يتعلق بالأطفال تعليمهم وتحفيظهم كتاب الله عزوجل وهم في السابعة والثامنة الى العاشرة ربما يصعب ماتفضلتم بذكره من هذه الطرق كيف يكون تعليمهم ونطقهم للحروف ؟
الجواب هذه الطريقة هي لمن يستطيعها ، أما من لايستطيعها فلامانع من أن يتعلم الطفل لكن إذا بلغ درجة يستطيع أن يفهم القرآن بعدما حفظه ، لأن قد يُستعجل في حفظه مادام صغيراً لكن لابد من فهم القرآن سواء كان الإنسان يفهمه مقدما ً وهذا هو الأفضل ، أما إذا عُلّم وهو صغير وتدرج هذا مايمنع إنه يعني يُرشد الى هذه الطرق يعني في الوقت الذي يستطيعه وبالله التوفيق .
يوم السبت تاريخ :09/02/1429هـ