القصة طريفة وفيها الكثير من الحكم وتظهر جانب من جوانب الطمع والجشع كما تدعو للتحفظ عن ما لديك من أسرار وثروة !
هناك مقطع في القصة يذكرنا ببعض قصص ألف ليلة وليلة أو قصص بعض الأقدمين وهو : (( فأخذه الحطاب إلى زوجته وجرباه فوجداه صحيحا فقال لامرأته : هات لنا ماعوناً من عند الجيران نضع فيه الذهب حتى أنزل إلى السوق واشتري مواعين ، فذهبت إلى جارتها وقالت لها : أعطيني ماعونا وسأعيده بك فأعطتها ماعونا وألصقت في قاعته من الداخل بعضاً من الغراء لترى ماذا سيضعون في الماعون ، ولما أعادت لها جارتها الماعون رأت في قاعته جنيه من الذهب لم تنتبه لوجوده الجاره فأخذته وذهبت إلى جارتها وقالت : لقد لقيت هذا في الماعون وهو من مالكم ، قالت لها أمرأة الحطاب : خذيه يا أختي وكبشت لها من الذهب كبشة وقالت لها : وهذا زيادة والحمد لله خير ربي كثير )) .
وهذا المقطع يظهر أنه حيله متعارفة عند الأقدمين وإن ذكر الراوي أنها ألصقت القرى والمتعارف أن ما يوضع في الوعاء هو ( عسل ) أو ( زيت ) أو مايشبهه …
قال الراوي عفا الله عنه :
فأعطاه الشاه وانصرف بها ولما وصل الحطاب إلى بيته أخبر زوجته بالقصة وأمرها بحلب الشاه فحلبتها فوجدت كلام الرجل صحيحاً وفي الصباح أخذ الحطاب الشاه وأعطاها الراعي ليرعاها مع أغنام أهل البلد وقال له : لا تطمع في الشاه وتأخذها لأن شقاً منها يجلب عسلاً وشقاً يجلب لبناً فقال الراعي : معاذ الله أن أفعل ذلك ، ولما حلبها وجد كلامه صحيحاً فطمع فيها وأخفاها وأتى له بشاه أخرى شبيهة لها ولما أتت امرأة الحطاب تحلب الشاه وجدتها شاه عادية فأخبرت زوجها فذهب للراعي وطالبه بشاته الأصلية قال له الراعي : هذه هيا شاتك الأصلية . وفي الصباح ذهب واشتكاه الحطاب لدى القاضي فحضر الراعي للقاضي وقال له : هذا مجنون فهل سمعتم يا فضيلة القاضي بشاه تحلب لبناً وعسلاً فحكم القاضي على الحطاب وانصرف .
وفي اليوم التالي ذهب الحطاب إلى الغابة وأخذ يضرب بالفأس في أصول الشجر فأتاه الرجل وقال له ألم نتفق على أن لا تعود هنا قال : لقد نهبت الشاه التي أعطيتني إياها وعدت إلى صنعتي قال الرجل : : خذ هذا المكيال وإذا احتجت قل امتلئ ذهباً فيمتلئ ذهباً وأحرص أن تفرط فيه .
فأخذه الحطاب إلى زوجته وجرباه فوجداه صحيحا فقال لامرأته : هات لنا ماعوناً من عند الجيران نضع فيه الذهب حتى أنزل إلى السوق واشتري مواعين ، فذهبت إلى جارتها وقالت لها : أعطيني ماعونا وسأعيده بك فأعطتها ماعونا وألصقت في قاعته من الداخل بعضاً من الغراء لترى ماذا سيضعون في الماعون ، ولما أعادت لها جارتها الماعون رأت في قاعته جنيه من الذهب لم تنتبه لوجوده الجاره فأخذته وذهبت إلى جارتها وقالت : لقد لقيت هذا في الماعون وهو من مالكم ، قالت لها أمرأة الحطاب : خذيه يا أختي وكبشت لها من الذهب كبشة وقالت لها : وهذا زيادة والحمد لله خير ربي كثير ، قالت لها جارتها : ومن أين لكم هذا ، فأخبرتها بالقصة .
وفي الصباح من اليوم التالي جاءت تستعير منها المكيال فأعطته لها وقالت : كيلوا به ولا تطلبوا منه ذهباً ، قالت : سنكيل به فقط ونعيده لكم في الحال ، ولما جربته هي وزوجها وجدا كلامها صحيحاً فطمعا فيه أعادت لها مكيالاً مشابهاً له فلما طلب منه الحطاب وزوجته لم يحصلا منه على شيء وعرفا أن جارتهم وزوجها بدلاه ولكن ما جدوى الشكوى .
وفي صباح اليوم التالي عاد إلى غابته وبدا يضرب غب الأغصان بفأسه فأتا الرجل ولامه وأعطاه سفره وقال له أي طعام تشتهيه فاطلبه من هذه السفره وستجده بها في الحال فذهب إلى بيته وطلبا من السفره ما أردا فحضر لهم في الحال وتسرب أمر السفره حتى وصل إلى والي البلد فانتزعها منه وقال له : هذه السفره تصلح للملوك وليست للصعاليك .
وفي الصباح عاد إلى غابته فقابله الرجل وقال له : لقد تعبت معك ولكن خذ هذا السوق واقفل على نفسك في حجرة وقل له املأ الحجرة ذهباً ولا تدع أحداً يفتح باب الحجرة مهما حدث من أصوات حتى يملاً هذا السوط الحجرة بالذهب فشكره الحطاب ومضى فقفل على نفسه في الحجرة وحذر زوجته وأولاده من فتح الحجرة مهما سمعوا من أصوات وثال : يا سوط أملأ الحجرة ذهباً فتحول السوط إلى مارد كالنخلة السحوق وأخذ يضرب الحطاب حتى غشي عليه من شدة الضرب وعاد الوسط إلى حالته ولما أفاق الحطاب من غشيته طرق باب الحجرة من الداخل ففتحت له زوجته الباب وهي تبحث في الحجرة عن الذهب ولما فاق الحطاب تماماً أخبر زوجته بما حدث له وقال : سأرمي بهذا السوط اللعين ، فقالت له زوجته : كلا فهذا السوط هو الذي سيرد بإذن الله حقوقنا ، لكن نام الآن وفي الصباح رباح .
وفي الصباح قالت له : أذهب إلى الراعي وأعطه هذا السوط وقل له هش به على غنمك ولا تقل له أعطني ذهباً فيعطيك الذهب ولا تطمع فيه كما طمعت في الشاه .
فأخذ الحطاب السوط وذهب إلى الراعي وقال له ما قالته زوجته فقال الراعي : لا تخف يا صديقي وأخذ السوط وهو فرحان وعندما عاد إلى بيته قفل الباب على نفسه وأوصى زوجته ألا تفتح الباب مهما جرى وقال للسوط : أملأ الحجرة ذهباً فخرج له المارد فضرب فيه حتى دوخه وقال له أرجع شاة الحطاب المسكين له فحلف الراعي له ألف يمين أن يعيدها من صباح رب العالمين وبالفعل طرق باب الصياد مع النجمة وسلمه شاته وسوطه .
فعمل الحطاب ذلك مع جارته فأعادت المكيال ، وصنع ذلك مع الوالي وأعاد الوالي السفره بعد علقة ساخنة وقال الحطاب لزوجته : يا فلانة اليوم سلمت كل مدخراتنا وفي غد لا ندري ماذا يكون فلنرحل من هنا فرحلوا هم وأولادهم في ليلة ما لها قمر وانتقلوا إلى بلاد أخرى بعيدة وعاشوا في رغد ويسر من العيش بفضل الله ثم بفضل هذه الكنوز الغالية أما السوط فقد وضعه في دولاب وقفل عليه وأخفى مفتاحه في جيبه وقال له نم هنا يا صديقي في وقت الحاجة ))
قصة الرجل الفقير وزوجته جرادة
تمهيد : هذه القصة إن قرأتها تأكد لك تشابهها مع بعض قصص ألف ليلة وليلة فهي تعتمد على المصادفات العجيب الغريبة غير المنطقية كما أن ذكر السلطان واللصوص وخزينة السلطان كلها تذكرنا بقصص ألف ليلة وليلة .
وأظرف ما في الأمر اسم زوجة صاحب القصة ( جرادة ) ولا أجد من سبب لتسميتها بهذا الاسم إلا لوضع هذا الموقف مع السلطان ووزيره ، وربما يؤكد التقاط السلطان للجرادة تواجد الجراد وانتشاره في تلك الفترة 🙂
ولما جاء زوجها أخبرته بما دار بينها وبين جارتها فقال لها : أنت تعرفين أنني لا أعرف مثل هذا الكلام ، قالت له زوجته : يقول المثل العازه لزازه فأعمل أي شيء عسى ربنا يأخذ باليد ، فتناول ورقة نتيجة من ورق التقويم وقال : ضعي هذه في قطعة من الجلد وأخرزيه عليها وقولي لها تضعه تحت وسادة نومها وإن شاء الله يرجع زوجها .
فأعطته لها وأوصتها بذلك وبعد يومين أتتها جارتها وهي تحمل لها نقودا وأرزاقاً وأخبرتها أن زوجها قد عاد .
ومرة كان الزوج يصلي بالمسجد وعند خروجه من المسجد صادف وجود السلطان ووزيره عند المسجد فقال السلطان هذا العالم الشيخ الذي يتحدث عنه الناس فقال الوزير : هذا كذاب دجال فاختبره الآن فإذا كان صادقاً يظهر صدقه الآن ، وكان يحوم في الجو بعض الجراد فالتقط السلطان جرادة وخبأها في كفه وزهم الوزير الرجل الفقير وقال له إذا كنت عالماً حقيقياً فأخبرنا بما خبأ مولانا السلطان في كفه ، فأخذ الرجل يفكر في هذا الامتحان وأسبابه من زوجته جرادة فهي التي ورطته في هذه المشكلة فقال يخاطب نفسه كل هذا منك يا جرادة ، يعني زوجته ، فأطلق السلطان الجرادة من كفه وقال لوزير هل صدقت الآن ولكن الوزير لم يصدق وقال للسلطان إعمل له خبيئة أخرى كآخر امتحان .
فدفن الملك ووزيره ثلاث زبادي تحت الأرض في الأولى عسل وفي الثانية خل وفي الثالثة يقول الراوي في غير وجه السامعين زفت وأحضراه وقال له الوزير أخبر مولانا السلطان عما خبأه ففكر الرجل الفقير في حاله ومآل إليه أمره وتذكر قصته الأولى مع زوج جارتهم والقصة الثانية مع الملك والوزير في قصة الجرادة وأخيراً في هذه الواقعة التي لا يدري كيف تنتهي فقال : الأولى عسل ويعني قصة جاره التي انتهت على خير والثانية خل يعني قصة الجرادة التي انتهت بإظهار الجرادة المخبأة صدفة لاتفاقها مع اسم زوجته والثالثة ويعني المشكلة التي هو متورط فيها الآن زفت ، فقال السلطان للوزير : والآن هل بقيت لديك أي ذرة من الشك فسكت الوزير على مضض .
وكان هناك لصوص يسطون على البلد ويسرقون أهلها وفي ليلة سرق اللصوص خزينة السلطان فقال الوزير للسلطان هذا وقت الامتحان الحقيقي فإذا كان صاحبنا عالماً حقيقياً فليكشف سر اللصوص فطاوعه السلطان على ذلك وبعثا إليه رسولاً فحضر وأخبره الوزير بالموضوع وطلب منه عن أمر السلطان الكشف عن سر اللصوص وإعادة المسروقات فاستعد بذلك وطلب مهلة لمدة ثلاثة أيام فأعطي المهلة ورجع لزوجته وهو كاسف البال وقال لزوجته : كل هذه المصائب أتت منك ومن أين أجيء بهؤلاء اللصوص ولكن أنا طلبت مهلة ثلاثة أيام فنهرب من البلد في آخر هذه الملهى ولكن قبل ذلك عندنا ثلاثة ديكه فلو حملناها معنا صاحت وكشفت سفرنا فدعينا نذبح في كل يوم ديكاً ونتعشى عليه وبعدها يحلها حلال فقالت زوجته : هذا هو الرأي الصواب وعزما على تنفيذ هذه الخطة .
وفي أول يوم ذبحوا الديك الصغير ووضعوه في العشاء وكان اللصوص ثلاثة أخوه أكبر وأوسط وأصغر وقد لج الناس بما حدث وقالوا أن الشيخ فلاناً سيكشفهم للناس وانتقل الخبر إلى اللصوص فخافوا من العاقبة خاصة بعد التجارب التي أجراها معه السلطان والوزير وكانت جميعاً ناجحة .
وبعد أن صلى الفقير المغرب عاد إلى بيته وأحضرت زوجته العشاء ولما حضر العشاء قال الفقير : هذا الأصغر وسنتخلص منه وكان اللصوص قد أرسلوا الأخ الأصغر إلى بيت الفقير ليقف بجانب النافذة ويستكشف الخبر ولما سمع هذه العبارة ذهب إلى أخوته جرياً وهو يحلف الإيمان المقلظه بأنه سمعه وهو يقول هذه العبارة .
وفي اليوم الثاني عاد الفقير إلى بيته بعد صلاة العشاء ولما وضع العشاء قال هذا الأوسط سنتخلص منه وكان الأخوة اللصوص قد أرسلوا الأخ الأوسط ليجس النبض فوقف بجانب النافذة وسمع العبارة فذهب لأخوته جرياً وذكر لهم ما سمع فزاد خوفهم وفي اليوم الثالث عاد الرجل إلى بيته بعد صلاة العشاء ولما حضر العشاء قال والآن نتخلص من الثلاثة وكان الأخوة اللصوص الثلاثة قد حضروا فلما سمعوا هذه الكلمات دخلوا وأخذوا يقبلون رأسه ويديه ورجليه ويعترفون له بجميع السرقات ويرجونه آلا يفضحهم بين الناس وهو يتظاهر بقوة المعرفة ويهددهم بإزالتهم من الأرض .
وأخيراً اتفق معهم على أن يحضروا في هذه الليلة جميع ما سرقوه للناس وللسلطان ويضعوه في حوش بيته وألا يسرقوا مرة أخرى وأن يخرجوا من البلد من ليلتهم وقال لهم بأنهم لو أخلوا بهذه الشروط فإنه قادر بإذن الله على إحضارهم قسراً عنهم وقد أحضروا كل المسروقات .
وفي الصباح وبعد صلاة الفجر ذهب إلى قصر السلطان وأخبر السلطان والوزير بالعثور على اللصوص والمسروقات فأمر السلطان بمن ينادي في البلد بأن كل من سرق له شيء يحضر إلى منزل الشيخ فلان ويذكر أمارية ما سرق له ويأخذه وقد تم القبض على اللصوص ورد المسروقات بفض الله ثم بجهد الشيخ العالم فلان بن فلاني الفلاني وقال الملك للشيخ وأين اللصوص قال لقد عفوت عنهم لوجه الله قال السلطان : اخشى أن يعودا لسرقتهم قال الرجل الفقير : وأين يذهبون مني .
قال الراوي وحضر الناس وأخذوا مفقوداتهم بعد أن ذكروا علاماتها وأخذ السلطان المال الذي سرق من الخزينة وآعاده فيها وأعطى الرجل الفقير والشيخ المزعوم مبلغاً كبير من المال وعرض عليه وضيفة شيخ البلاط السلطاني ولكنه اعتذر عن قبولها وقال أنا في خدمة مولانا السلطان دائماً دون التقيد بوظيفة وعاد الرجل الفقير لزوجته باموال طائلة وقال لها : يا ستي جرادة ما كل مرة تسلم الجرة فلنهرب في ليلة ما لها قمر وفعلاً غادرا البلد إلى جهة مجهولة وقال العامة الشيخ انكشف سره للناس فاختفى ..
قال الراوي وكما يقول إخواننا من الرواة المعاصرين وسافرت معهم وأعطوني مبلغاً مجزيا من المال ))
تمهيد : هذه القصة إن قرأتها تأكد لك تشابهها مع بعض قصص ألف ليلة وليلة فهي تعتمد على المصادفات العجيب الغريبة غير المنطقية كما أن ذكر السلطان واللصوص وخزينة السلطان كلها تذكرنا بقصص ألف ليلة وليلة .
وأظرف ما في الأمر اسم زوجة صاحب القصة ( جرادة ) ولا أجد من سبب لتسميتها بهذا الاسم إلا لوضع هذا الموقف مع السلطان ووزيره ، وربما يؤكد التقاط السلطان للجرادة تواجد الجراد وانتشاره في تلك الفترة 🙂
ولما جاء زوجها أخبرته بما دار بينها وبين جارتها فقال لها : أنت تعرفين أنني لا أعرف مثل هذا الكلام ، قالت له زوجته : يقول المثل العازه لزازه فأعمل أي شيء عسى ربنا يأخذ باليد ، فتناول ورقة نتيجة من ورق التقويم وقال : ضعي هذه في قطعة من الجلد وأخرزيه عليها وقولي لها تضعه تحت وسادة نومها وإن شاء الله يرجع زوجها .
فأعطته لها وأوصتها بذلك وبعد يومين أتتها جارتها وهي تحمل لها نقودا وأرزاقاً وأخبرتها أن زوجها قد عاد .
ومرة كان الزوج يصلي بالمسجد وعند خروجه من المسجد صادف وجود السلطان ووزيره عند المسجد فقال السلطان هذا العالم الشيخ الذي يتحدث عنه الناس فقال الوزير : هذا كذاب دجال فاختبره الآن فإذا كان صادقاً يظهر صدقه الآن ، وكان يحوم في الجو بعض الجراد فالتقط السلطان جرادة وخبأها في كفه وزهم الوزير الرجل الفقير وقال له إذا كنت عالماً حقيقياً فأخبرنا بما خبأ مولانا السلطان في كفه ، فأخذ الرجل يفكر في هذا الامتحان وأسبابه من زوجته جرادة فهي التي ورطته في هذه المشكلة فقال يخاطب نفسه كل هذا منك يا جرادة ، يعني زوجته ، فأطلق السلطان الجرادة من كفه وقال لوزير هل صدقت الآن ولكن الوزير لم يصدق وقال للسلطان إعمل له خبيئة أخرى كآخر امتحان .
فدفن الملك ووزيره ثلاث زبادي تحت الأرض في الأولى عسل وفي الثانية خل وفي الثالثة يقول الراوي في غير وجه السامعين زفت وأحضراه وقال له الوزير أخبر مولانا السلطان عما خبأه ففكر الرجل الفقير في حاله ومآل إليه أمره وتذكر قصته الأولى مع زوج جارتهم والقصة الثانية مع الملك والوزير في قصة الجرادة وأخيراً في هذه الواقعة التي لا يدري كيف تنتهي فقال : الأولى عسل ويعني قصة جاره التي انتهت على خير والثانية خل يعني قصة الجرادة التي انتهت بإظهار الجرادة المخبأة صدفة لاتفاقها مع اسم زوجته والثالثة ويعني المشكلة التي هو متورط فيها الآن زفت ، فقال السلطان للوزير : والآن هل بقيت لديك أي ذرة من الشك فسكت الوزير على مضض .
وكان هناك لصوص يسطون على البلد ويسرقون أهلها وفي ليلة سرق اللصوص خزينة السلطان فقال الوزير للسلطان هذا وقت الامتحان الحقيقي فإذا كان صاحبنا عالماً حقيقياً فليكشف سر اللصوص فطاوعه السلطان على ذلك وبعثا إليه رسولاً فحضر وأخبره الوزير بالموضوع وطلب منه عن أمر السلطان الكشف عن سر اللصوص وإعادة المسروقات فاستعد بذلك وطلب مهلة لمدة ثلاثة أيام فأعطي المهلة ورجع لزوجته وهو كاسف البال وقال لزوجته : كل هذه المصائب أتت منك ومن أين أجيء بهؤلاء اللصوص ولكن أنا طلبت مهلة ثلاثة أيام فنهرب من البلد في آخر هذه الملهى ولكن قبل ذلك عندنا ثلاثة ديكه فلو حملناها معنا صاحت وكشفت سفرنا فدعينا نذبح في كل يوم ديكاً ونتعشى عليه وبعدها يحلها حلال فقالت زوجته : هذا هو الرأي الصواب وعزما على تنفيذ هذه الخطة .
وفي أول يوم ذبحوا الديك الصغير ووضعوه في العشاء وكان اللصوص ثلاثة أخوه أكبر وأوسط وأصغر وقد لج الناس بما حدث وقالوا أن الشيخ فلاناً سيكشفهم للناس وانتقل الخبر إلى اللصوص فخافوا من العاقبة خاصة بعد التجارب التي أجراها معه السلطان والوزير وكانت جميعاً ناجحة .
وبعد أن صلى الفقير المغرب عاد إلى بيته وأحضرت زوجته العشاء ولما حضر العشاء قال الفقير : هذا الأصغر وسنتخلص منه وكان اللصوص قد أرسلوا الأخ الأصغر إلى بيت الفقير ليقف بجانب النافذة ويستكشف الخبر ولما سمع هذه العبارة ذهب إلى أخوته جرياً وهو يحلف الإيمان المقلظه بأنه سمعه وهو يقول هذه العبارة .
وفي اليوم الثاني عاد الفقير إلى بيته بعد صلاة العشاء ولما وضع العشاء قال هذا الأوسط سنتخلص منه وكان الأخوة اللصوص قد أرسلوا الأخ الأوسط ليجس النبض فوقف بجانب النافذة وسمع العبارة فذهب لأخوته جرياً وذكر لهم ما سمع فزاد خوفهم وفي اليوم الثالث عاد الرجل إلى بيته بعد صلاة العشاء ولما حضر العشاء قال والآن نتخلص من الثلاثة وكان الأخوة اللصوص الثلاثة قد حضروا فلما سمعوا هذه الكلمات دخلوا وأخذوا يقبلون رأسه ويديه ورجليه ويعترفون له بجميع السرقات ويرجونه آلا يفضحهم بين الناس وهو يتظاهر بقوة المعرفة ويهددهم بإزالتهم من الأرض .
وأخيراً اتفق معهم على أن يحضروا في هذه الليلة جميع ما سرقوه للناس وللسلطان ويضعوه في حوش بيته وألا يسرقوا مرة أخرى وأن يخرجوا من البلد من ليلتهم وقال لهم بأنهم لو أخلوا بهذه الشروط فإنه قادر بإذن الله على إحضارهم قسراً عنهم وقد أحضروا كل المسروقات .
وفي الصباح وبعد صلاة الفجر ذهب إلى قصر السلطان وأخبر السلطان والوزير بالعثور على اللصوص والمسروقات فأمر السلطان بمن ينادي في البلد بأن كل من سرق له شيء يحضر إلى منزل الشيخ فلان ويذكر أمارية ما سرق له ويأخذه وقد تم القبض على اللصوص ورد المسروقات بفض الله ثم بجهد الشيخ العالم فلان بن فلاني الفلاني وقال الملك للشيخ وأين اللصوص قال لقد عفوت عنهم لوجه الله قال السلطان : اخشى أن يعودا لسرقتهم قال الرجل الفقير : وأين يذهبون مني .
قال الراوي وحضر الناس وأخذوا مفقوداتهم بعد أن ذكروا علاماتها وأخذ السلطان المال الذي سرق من الخزينة وآعاده فيها وأعطى الرجل الفقير والشيخ المزعوم مبلغاً كبير من المال وعرض عليه وضيفة شيخ البلاط السلطاني ولكنه اعتذر عن قبولها وقال أنا في خدمة مولانا السلطان دائماً دون التقيد بوظيفة وعاد الرجل الفقير لزوجته باموال طائلة وقال لها : يا ستي جرادة ما كل مرة تسلم الجرة فلنهرب في ليلة ما لها قمر وفعلاً غادرا البلد إلى جهة مجهولة وقال العامة الشيخ انكشف سره للناس فاختفى ..
قال الراوي وكما يقول إخواننا من الرواة المعاصرين وسافرت معهم وأعطوني مبلغاً مجزيا من المال ))
تمهيد : هذه القصة إن قرأتها تأكد لك تشابهها مع بعض قصص ألف ليلة وليلة فهي تعتمد على المصادفات العجيب الغريبة غير المنطقية كما أن ذكر السلطان واللصوص وخزينة السلطان كلها تذكرنا بقصص ألف ليلة وليلة .
وأظرف ما في الأمر اسم زوجة صاحب القصة ( جرادة ) ولا أجد من سبب لتسميتها بهذا الاسم إلا لوضع هذا الموقف مع السلطان ووزيره ، وربما يؤكد التقاط السلطان للجرادة تواجد الجراد وانتشاره في تلك الفترة 🙂
ولما جاء زوجها أخبرته بما دار بينها وبين جارتها فقال لها : أنت تعرفين أنني لا أعرف مثل هذا الكلام ، قالت له زوجته : يقول المثل العازه لزازه فأعمل أي شيء عسى ربنا يأخذ باليد ، فتناول ورقة نتيجة من ورق التقويم وقال : ضعي هذه في قطعة من الجلد وأخرزيه عليها وقولي لها تضعه تحت وسادة نومها وإن شاء الله يرجع زوجها .
فأعطته لها وأوصتها بذلك وبعد يومين أتتها جارتها وهي تحمل لها نقودا وأرزاقاً وأخبرتها أن زوجها قد عاد .
ومرة كان الزوج يصلي بالمسجد وعند خروجه من المسجد صادف وجود السلطان ووزيره عند المسجد فقال السلطان هذا العالم الشيخ الذي يتحدث عنه الناس فقال الوزير : هذا كذاب دجال فاختبره الآن فإذا كان صادقاً يظهر صدقه الآن ، وكان يحوم في الجو بعض الجراد فالتقط السلطان جرادة وخبأها في كفه وزهم الوزير الرجل الفقير وقال له إذا كنت عالماً حقيقياً فأخبرنا بما خبأ مولانا السلطان في كفه ، فأخذ الرجل يفكر في هذا الامتحان وأسبابه من زوجته جرادة فهي التي ورطته في هذه المشكلة فقال يخاطب نفسه كل هذا منك يا جرادة ، يعني زوجته ، فأطلق السلطان الجرادة من كفه وقال لوزير هل صدقت الآن ولكن الوزير لم يصدق وقال للسلطان إعمل له خبيئة أخرى كآخر امتحان .
فدفن الملك ووزيره ثلاث زبادي تحت الأرض في الأولى عسل وفي الثانية خل وفي الثالثة يقول الراوي في غير وجه السامعين زفت وأحضراه وقال له الوزير أخبر مولانا السلطان عما خبأه ففكر الرجل الفقير في حاله ومآل إليه أمره وتذكر قصته الأولى مع زوج جارتهم والقصة الثانية مع الملك والوزير في قصة الجرادة وأخيراً في هذه الواقعة التي لا يدري كيف تنتهي فقال : الأولى عسل ويعني قصة جاره التي انتهت على خير والثانية خل يعني قصة الجرادة التي انتهت بإظهار الجرادة المخبأة صدفة لاتفاقها مع اسم زوجته والثالثة ويعني المشكلة التي هو متورط فيها الآن زفت ، فقال السلطان للوزير : والآن هل بقيت لديك أي ذرة من الشك فسكت الوزير على مضض .
وكان هناك لصوص يسطون على البلد ويسرقون أهلها وفي ليلة سرق اللصوص خزينة السلطان فقال الوزير للسلطان هذا وقت الامتحان الحقيقي فإذا كان صاحبنا عالماً حقيقياً فليكشف سر اللصوص فطاوعه السلطان على ذلك وبعثا إليه رسولاً فحضر وأخبره الوزير بالموضوع وطلب منه عن أمر السلطان الكشف عن سر اللصوص وإعادة المسروقات فاستعد بذلك وطلب مهلة لمدة ثلاثة أيام فأعطي المهلة ورجع لزوجته وهو كاسف البال وقال لزوجته : كل هذه المصائب أتت منك ومن أين أجيء بهؤلاء اللصوص ولكن أنا طلبت مهلة ثلاثة أيام فنهرب من البلد في آخر هذه الملهى ولكن قبل ذلك عندنا ثلاثة ديكه فلو حملناها معنا صاحت وكشفت سفرنا فدعينا نذبح في كل يوم ديكاً ونتعشى عليه وبعدها يحلها حلال فقالت زوجته : هذا هو الرأي الصواب وعزما على تنفيذ هذه الخطة .
وفي أول يوم ذبحوا الديك الصغير ووضعوه في العشاء وكان اللصوص ثلاثة أخوه أكبر وأوسط وأصغر وقد لج الناس بما حدث وقالوا أن الشيخ فلاناً سيكشفهم للناس وانتقل الخبر إلى اللصوص فخافوا من العاقبة خاصة بعد التجارب التي أجراها معه السلطان والوزير وكانت جميعاً ناجحة .
وبعد أن صلى الفقير المغرب عاد إلى بيته وأحضرت زوجته العشاء ولما حضر العشاء قال الفقير : هذا الأصغر وسنتخلص منه وكان اللصوص قد أرسلوا الأخ الأصغر إلى بيت الفقير ليقف بجانب النافذة ويستكشف الخبر ولما سمع هذه العبارة ذهب إلى أخوته جرياً وهو يحلف الإيمان المقلظه بأنه سمعه وهو يقول هذه العبارة .
وفي اليوم الثاني عاد الفقير إلى بيته بعد صلاة العشاء ولما وضع العشاء قال هذا الأوسط سنتخلص منه وكان الأخوة اللصوص قد أرسلوا الأخ الأوسط ليجس النبض فوقف بجانب النافذة وسمع العبارة فذهب لأخوته جرياً وذكر لهم ما سمع فزاد خوفهم وفي اليوم الثالث عاد الرجل إلى بيته بعد صلاة العشاء ولما حضر العشاء قال والآن نتخلص من الثلاثة وكان الأخوة اللصوص الثلاثة قد حضروا فلما سمعوا هذه الكلمات دخلوا وأخذوا يقبلون رأسه ويديه ورجليه ويعترفون له بجميع السرقات ويرجونه آلا يفضحهم بين الناس وهو يتظاهر بقوة المعرفة ويهددهم بإزالتهم من الأرض .
وأخيراً اتفق معهم على أن يحضروا في هذه الليلة جميع ما سرقوه للناس وللسلطان ويضعوه في حوش بيته وألا يسرقوا مرة أخرى وأن يخرجوا من البلد من ليلتهم وقال لهم بأنهم لو أخلوا بهذه الشروط فإنه قادر بإذن الله على إحضارهم قسراً عنهم وقد أحضروا كل المسروقات .
وفي الصباح وبعد صلاة الفجر ذهب إلى قصر السلطان وأخبر السلطان والوزير بالعثور على اللصوص والمسروقات فأمر السلطان بمن ينادي في البلد بأن كل من سرق له شيء يحضر إلى منزل الشيخ فلان ويذكر أمارية ما سرق له ويأخذه وقد تم القبض على اللصوص ورد المسروقات بفض الله ثم بجهد الشيخ العالم فلان بن فلاني الفلاني وقال الملك للشيخ وأين اللصوص قال لقد عفوت عنهم لوجه الله قال السلطان : اخشى أن يعودا لسرقتهم قال الرجل الفقير : وأين يذهبون مني .
قال الراوي وحضر الناس وأخذوا مفقوداتهم بعد أن ذكروا علاماتها وأخذ السلطان المال الذي سرق من الخزينة وآعاده فيها وأعطى الرجل الفقير والشيخ المزعوم مبلغاً كبير من المال وعرض عليه وضيفة شيخ البلاط السلطاني ولكنه اعتذر عن قبولها وقال أنا في خدمة مولانا السلطان دائماً دون التقيد بوظيفة وعاد الرجل الفقير لزوجته باموال طائلة وقال لها : يا ستي جرادة ما كل مرة تسلم الجرة فلنهرب في ليلة ما لها قمر وفعلاً غادرا البلد إلى جهة مجهولة وقال العامة الشيخ انكشف سره للناس فاختفى ..
قال الراوي وكما يقول إخواننا من الرواة المعاصرين وسافرت معهم وأعطوني مبلغاً مجزيا من المال ))
وفي قصة الامتحان من مارد البئر والرد عليها بقول بطلها : ((حبيبك اللي تحب ولو كان دب )) يظهر لي أنها كلمة مشهورة قديماً وإن كنت أذكر أني شاهدت مسرحية مصرية لسعيد صالح تذكر مثل هذا الموقف وهذا الرد مع المارد مما يدل على اشتهار هذه القصة أو قل هذا المقطع على الأقل وامتداده الجغرافي وإن اختلفت تفاصيلها ..
وبالمثل في قوله : (( وقال له إذا أردت أن تخرج فقل : الثور الأسود غلب الثور الأبيض وأحذر أن تغلط وذهب هو والمرأتان .
وبعد ما انتهى الفتى من سقي القافلة رفع الدلو وبه الرمان وقال لكبير القافلة ضع الرمان مع باقي متاعي وعندما أراد أن يخرج نسى من شدة الفرح فقال : الثور الأبيض غلب الثور الأسود ولم يشعر إلا ومارد ويحمله ويرميه في آخر الدنيا )) قد ذكر الراوي أيضا في قصة أخرة أسماها (( قصة الشاب والنسر والبنتان )) ما يشبه هذا المقطع بالتمام وإن كان خطأه قد خسف به إلى أسفل الأرض ! والآن إلى القصة ..
(( قالت الوالدة رحمها الله حدثت أن أحد السلاطين عاش في بحبوبة ورغد من العيش وكانت له ابنة جميلة وعاقلة وكان كلما ذكر لها فعلاً حسناً لشخص قالت من امرأته وإذا ذكر لها فعلاً سيئاً من شخص قالت من امرأته وكأنها تقول إن نجاح وفشل الرجل يعود إلى نوعية المرآة التي تشاركه حياته أو كأنه تطبق مدلول القول الذي يقول ( وراء كل رجل عظيم امرأة ) فاغتاظ منها والدها وأراد أن يجازيها أو يمتحنها ليرى مدى صحة قولها ورأى فتى مع أمه يقيمان تحت ظل جبل ولا فراش لهما سوى الأرض ولا غطاء سوء السماء وليس من الأثاث والمتاع سوى القدر الذي يطبخان فيه والصحن الذي يأكلان فيه والماعون الذي يشربان به والفتى كسول تضع الطعام في فمه فبالكاد يأكل وإذا لحقت به الشمس تسحبه أمه من الشمس إلى الظل فقال هذا الامتحان الصحيح والمحك الحقيقي وأتى بابنته إليهما وقال زوجت ابنك هذا ابنتي هذه فقال الفتى رضيت وقالت الفتاه رضيت وعقد له عليها وتركها عندهم وانصرف .
وقالت الفتاة للأم من أين تأكلون قالت من حزمة حطب أنقلها فوق ظهري من الغابة قالت وهل الحطب متوفر بالغابة قالت : بكثرة قالت : لننم الآن .
وفي الصباح أيقظت الفتاة الفتى وأمه وقالت لنذهب كلنا إلى الغابة ونحتطب وكان الفتى قد كسل عن القيام ولكنها ضغطت عليه بالقوة فذهبوا إلى الغابة وأتوا بثلاث حزم من الحطب وقالت له : بع الحطب واشتر لنا بقيمة حزمة طعاماً نأكله وبقيمة حزمه حريراً ملونا وقصباً وأتني بقيمة الحزمة الثالثة فعمل ما طلبته منه وأكلوا وشربوا ووضعت لهم صندوق توفير تضع به ما توفره أما الحرير والغصب فصنعت منه مناديل جيب وقال له أذهب به السوق وبعه فتسابق الناس إلى شراء المناديل وأصبحوا يدفعون له عربوناً ويتعاقدون معه لشراء هذه المناديل .
واستمروا على هذه الحال ولما توفر لها بعض المال بنت بيتاً صغيراً لهم من اللبن وفرشته وأثثته وسمعت بأن قافلة تريد أن تسافر لطلب التجارة فأمرته بالذهاب معها قال لها أنا لا أملك مالاً مثلهم قالت : أنت أخدم كل واحد من التجار بما يطلبه منك وخذ أجرا مقابل ذلك فسافر مع القافلة وصار يخدم الجميع ويتلقى منهم ما تجود به أيديهم وأحبه كبير القافلة وقال له طعامك وشرابك على وأنا أحفظ لك كل ما تحصل عليه حتى تعود إلى أهلك فوافق على ذلك .
وأصبح يخدمه ويخدم تجار القافلة وما حصل عليه يضعه عند كبير القافلة وذات يوم انقطع الماء عند أهل القافلة ورأوا بئراً فعرجوا عليه ليستقوا منه وأنزلوا أدليتهم ولكن كل هذه الأدلية حجزت بالبئر ونزل شخص ليرى السبب فلم يعد ثم نزل شخص آخر ولم يعد أيضاً فقال الفتى لكبير القافلة : أنا أنزل لأرى ما القصة فقال له يا ابني النزول خطر ولكنه صمم ونزل فرأى رجلاً جالساً بحجلاة بداخل البئر وبجانبه امرأتان واحدة في غاية الجمال والأخرى في منتهى الدمامة وسأل الرجل الفتى أي المرأتين أجمل فنظر الفتى إلى هذه ثم هذه وقال : حبيبك اللي تحب ولو كان دب وأشار إلى الدميمة وقال هذه أحسن قال الرجل أحسنت فاسق لقوك وأطلب جنيهاً ذهباً على الدلو الواحد فكلمهم بذلك فصار كل من أراد دلواً أو دلوين أو ثلاثة يدفع القيمة لوكيل الفتى وهو كبير القافلة حتى استقوا جميعاً وأعطاه الرجل خمس رمانات هدية من عنده وقال له إذا أردت أن تخرج فقل : الثور الأسود غلب الثور الأبيض وأحذر أن تغلط وذهب هو والمرأتان .
وبعد ما انتهى الفتى من سقي القافلة رفع الدلو وبه الرمان وقال لكبير القافلة ضع الرمان مع باقي متاعي وعندما أراد أن يخرج نسى من شدة الفرح فقال : الثور الأبيض غلب الثور الأسود ولم يشعر إلا ومارد ويحمله ويرميه في آخر الدنيا .
وانتظر أهل القافلة طلوع الفتى دون جدوى ونادوا عليه في البئر ولكن ما من مجيب وأخيراً قطعوا الأمل من عودته وسافروا وأتموا الرحلة وعندما عادت القافلة إلى مقرها ذهب كبير القافلة إلى أم الفتى وزوجته وأخبرهما عن فقده وأعطاهما محصوله فأخذت الفتاة المال ورمت الرمانات الخمس في طاقة إحدى الحجر .
أما الفتى فقد أخذ يهيم على وجه الدنيا حتى وصل إلى مدينته ودخل على أمه وزوجته ففرحتا به غاية الفرح ومره سأل زوجته أين الرمان هدية رجل البئر قالت في الطاقة قال هاتي واحدة لنأكلها فلما كسرها ليأكلها وجدها متروسة بالجواهر التي تساوي كل واحدة منها خزنة مال ولا يوجد عند السلاطين مثلها ثم كسروا الرمانات الأربع الباقية فوجدوها متروسة بمثل ذلك فأخذ حفنة الجواهر وباعها عند الجواهرجية بثروة طائلة وقالت له زوجته : ابن لنا بيتاً كبيراً محاذياً لبيت أبي وزينه وأثثه وافرشه حتى يكون أحسن من بيت أبي في جميع أنحائه وأغرس بجانبه حدائق بساتين تفوق حدائق وبساتين أبي في جميع جوانبها ولما عمل كل ذلك سكن هو وزوجته وأم زوجته وولداه وقد رزق بولدين كأنهما لؤلؤتان بهذا البيت .
ومرة كان السلطان والوزير يمشيان بجانب بيت السلطان ورأى السلطان هذا البيت الذي يفوق بيته شكلا ومضموناً فقال لوزيره لمن هذا البيت الضخم الفخم قال الوزير هذا البيت لتاجر نزل حديثاً ولا ندري من أين أتى فقال أما كان الواجب أن نتعرف عليه ونعرفه ونهدي له هدية لنكسب وده قال الوزير إن الوقت لم يفت بعد قال السلطان : أذهب إليه عن أمري وأعزمه بعد أن تأخذ له هدية سنية قال الوزير سمعاً وطاعة وذهب ليقوم باللازم فأخذ هدية فاخرة ولما طرق الباب رأى من الخدم والحشم والزينة والفرس والأثاث والحدائق والبساتين ما خلب لبه وجعله يستصغر هديته ، ثم قدم الهدية للفتى وعزمه عن أمر السلطان فاستجاب لأمر العزيمة وقالت له زوجته بنت السلطان خذ لهم هدية تليق بالمقام وعزمهم فذهب للعزيمة وقدم الهدية وهي تفوق هدية السلطان بأضعاف الأضعاف ثم عزم السلطان وحاشيته وعند دخول السلطان لبته أخذه الذهول من حسن وفخامة ما رأى ولما مدت الموائد التي لم يملك مثلها السلاطين وأكلوا وشربوا ولذوا وطربوا .
وبعد ذلك أعطت بنت السلطان لولديها الصغيرين فنجان القهوة وقال لهما قولا له اشرب القهوة يا جدنا الذي رمي أمنا فدخل الطفلان وقدما الفنجان وقالا له العبارة ودخلت أمهما ورمت بنفسها بين أحضان والدها وبكت وبكى وقالت : هل صدقت في قولي كل شيء من امرأته قال : صدقت يا ابنتي .. )
قصة الرجل وصاحبه وامرأته الخائنة
تمهيد : هذه القصة عن الخيانة الزوجية ، ذكر الملعقة هنا وقد اشتهر أكل الملعقة منذ زمن قديم عند العرب وذكرت الكتب الأدبية ما يثبت ذلك لذلك فذكر الملعقة هنا ليس بالغريب !
وقصة الدولاب ذكرني بأحد قصص ألف ليلة وليلة عن مكر بعض النساء وهي زوجة أحد التجار عندما اعتقل عشيقها فأرادت أخراجه وتعرضت للسلطان وللوالي والوزير والقاضي ووعدوها بزيارتها فجاءوها جميعاً معاً فأدخلتهم في خزينة واحد بعد أن صنعتها في قصة طويلة راجعها إن أردت ..
وذكره للبر وأن الأرض شربت والموسم موسم أمطار يحكي ويمثل حياة المنطقة التي تروى بها القصة وقد يشمل هذا كثير من مناطق جزيرتنا العربية ..
وفي نهاية القصة يقول الزوج لزوجته ((جاء مطر كثر السمن الي كتيتوه وفيه برد كبر البيض اللي فقعتوه ولو ما تلحفنا بالخسفه اللي كبر القرص اللي سويتوه كان متنا مثل الديك اللي ذبحتوه )) وهذه المقطع يظهر لي أنه محفوظ ومتداول في أصل القصة فقد تختلف الرواية في سردها للقصة ولكن المقطع هنا يجب أن يحفظ ويسجل هكذا كما في كثير من بعض المقاطع في القصص التي روينها من قبل وكمثال قول البقيرة (( قرني ساطع قلبي حديده )) وأمثاله …
قال الراوي :
واتفقا على أن يذكر لزوجته أنه سيذهب إلى البر حيث سمع أن له بلاداً شربت والموسم موسم أمطار فقد تنزل عليها أمطار أخرى ويدخله صاحبه في دولاب من الخشب يرى منه ما يجري أمامه على أن يمهد لذلك قبل سفره وهكذا حبكت القصة وفي الصباح اليوم الثاني قال لزوجته : أنا أريد السفر لأرى بلادنا الفلانية من اليوم وربما أقعد هناك يومين أو ثلاثة فجهزي لي الزاد وملابس شتويه فقد تنزل أمطار أخرى ، وعلى فكرة سيأتي صاحبي فلان بدولاب لحفظه عندنا ووضعه في مكان يكون دائماً تحت نظرك والأحسن أن يكون في المطبخ قالت له : مرحباً وعلى عيني وراسي ثم ودعها .
وذهب إلى دار صاحبه وصنعا الدولاب وأدخله فيه وحمله وجاء للبيت فنادي : يا فلان باسم صاحبه فقالت له : زوجي سافر قال : أنا وعدته إنني أحفظ عنده دولاباً لي لمدة يوم واحد قالت لقد أوصانا فأدخله في المطبخ فأدخله وخرج وبعد قليل سمع طرقاً على الباب وخرجت وفتحت الباب وجاءت ومعها رجل ويده في يدها قالت : أبشر فزوجي قد سافر قال : إلى أين قالت : إلى بلاد له بالبر وسيعود بعد يومين أو ثلاثة ، قال : عساه ما يعود ، قالت : أمين يارب العالمين ومن فمك لباب السماء ، ثم قالت : اجلس لنعمل لنا غذاء ونتهنى بالأكل ثم مسكت ديكا من الدجاج وأمرته بذبحه فذبحه وطبخته على النار وأحضرت بعض البيض وقلته بالسمن البلدي وعملت قرصاً من خبز الحنطة على جمر النار ووضعا كل ذلك وأخذا يأكلان بشهية ونهم وبعدما تغذيا وانبسطا خرج على أن يعود لها في صباح اليوم التالي .
وبعد المغرب جاء الصاحب وطرق الباب فقال : من الطارق قال : أنا فلان جئت أسترد الأمانة فقالت : أدخل وخذ أمانتك وسألها ألم يعد فلان قالت : لا لم يعد . ولما وصلا إلى بيت الصاحب سأله عما رأى قال : كل ما توقعته رأيته حقيقة وفي الصباح عاد الزوج إلى بيته فحيت به وأظهرت الفرح بقدومه وسألته هل جاءكم مطر قال : جاء مطر كثر السمن الي كتيتوه وفيه برد كبر البيض اللي فقعتوه ولو ما تلحفنا بالخسفه اللي كبر القرص اللي سويتوه كان متنا مثل الديك اللي ذبحتوه أخرجي من بيتي فأنت طالق ، وصدقت توقعات صديقه المخلص . ))
لاتنسو الدعاء لاخواننا الشهداء في غزة
جزاك الله كل خير