من ابن قدامة المقدسي إلى من يراه من المسلمين :
( ينبغي( للوالد )أن يصونه ويؤدبه ( يقصد الصبي ) ويهذبه ويعلمه محاسن الأخلاق
ويحفظه من قرناء السوء ، ولا يعوده التنعم ولا يحبب إليه أسباب الرفاهية فيضيع عمره
في طلبها إذا كبر فإذا بدت فيه مخايل التمييز .
وأولها " الحياء " ، وذلك علامة النجابة
وهي مبشرة بكمال العقل عند البلوغ ،
فهذا يُستعان على تأديبه بحيائه.
وأول ما يغلب
عليه من الصفات : شره الطعام فينبغي أن يُعلم آداب الأكل … ويقبح عنده كثرة الأكل
بأن يُشبه كثير الأكل بالبهائم ، … ويمنعه من مخالطة الصبيان الذين عُوّدوا التنعم ،
ثم يشغله
في المكتب بتعليم القرآن والحديث وأحاديث الأخيار ليغرس في قلبه حب الصالحين ،
ولا يحفظ من الأشعار التي فيها ذكر العشق .
ومتى ظهر من الصبي خلق جميل وفعل محمود ،
فينبغي أن يكرم عليه ، ويجازى بما يفرح به ، ويُمدح بين أظهر الناس ،
فإن خالف ذلك في بعض الأحوال تُغوفل
عنه ولا يُكاشف ،
فإن عاد عُوتب سراً وخوّف من اطلاع الناس عليه . ولا يكثر عليه العتاب ؛
لأن ذلك يهوّن عليه سماع الملامة ،
وليكن حافظاً هيبة الكلام معه . وينبغي للأم أن تخوفه بالأب
وينبغي أن يمنع النوم نهاراً ، فإنه يورث الكسل ، ولا يمنع النوم ليلاً ،
ولكنه يمنع الفرش الوطيئة
لتتصلب أعضاؤه ، ويُعود الخشونة في المفرش والملبس والمطعم ، ويُعود المشي .
ويمنع أن يفتخرعلى أقرانه بشيء مما يملكه أبواه ،
إن بمطعمه أو ملبسه ، ويُعود التواضع والإكرام لمن يعاشره .
ويمنع أن يأخذ شيئاً من صبي مثله ، ويُعلم أن الأخذ دناءة ، وأن الرفعة في الإعطاء .
ويُعود ألا يبصق في مجلسه ، ولا يتمخط ولا يتثاءب بحضرة غيره ،
ولا يضع رجلاً على رجل ، ويُمنع
من كثرة الكلام ، ويُعود ألا يتكلم إلا جواباً وأن يحسن الاستماع إذا تكلم غيره ممن هو أكبر منه .
ويمنع من فحش الكلام ، ومن مخالطة من يفعل ذلك ، فإن أصل حفظ الصبيان
حفظهم من قرناء السوء . ويحسن أن يفسح له بعد خروجه من المكتب في لعب جميل ،
ليستريح به من تعب التدريب .
كمـا قـيل : " روّح القلوب تَع الذكر " .
وينبغي أن يعلم طاعة والديه ومعلمه وتعظيمهم ، وإذا بلغ سبع سنين أُمر بالصلاة
ولم يسامح في ترك الطهارة ليتعود ، ويُخوَّف من الكذب والخيانة . )
انتهى كلامه رحمه الله .
منقول
بارك الله فيكـ أخي