جئت والجرح غائر في فؤادي *** وحكايا بطولتي كالرماد
وأنا واقف ألملم أشتاتي *** وأرنو إلى وجوه العباد
أتقي الشمس باليدين وأحيا *** في زمان ينوء بالأصفاد
أيُّ شيء لم يقتلوه جهاراً *** أو يبيعوه جملة في المزاد؟
حملوا جثَّة الضمير إلى القبر *** وعادوا في خشعة الزُّهاد!
أخمدتني ضراوة الغزو حتى *** بتُّ أغزو من شقوتي أولادي
وعلى وقع خُطوتي نبتَ الإثم *** وضجَّت في مخلبي أحقادي
عصرنا يا شقيقي عصر صيدٍ *** كم هتفنا لجرأة الصيَّاد
جئت يا شهرنا العظيم فإني ***خجلٌ منك من خُطاي وزادي
جئت بالسيف والجواد ولكن *** أين من أدمنوا ظُهور الجياد
ها هو السيفُ قد تكفَّن بالصمت ***توارى في عتمة الأغماد
أكلته السُّنون.. بال عليه الدهر *** أضحى ألعوبة للقراد
فَقَدَ الشهوة الحميمة للضرب *** توارى عن مسرح الأمجاد
وعلى بابنا يموء جوادُ *** لم أجد فيه (ملمحاً) للجواد
لم تفجِّره عاصفات الليالي *** لا ولا هزَّهُ الأسى في بلادي
إيه يا شهرنا العظيم فإني *** سَقَطت أصبعي وضاع زنادي!
منذ قرن وفي فمي أغنيات *** لم تحرِّك شرارة في الرَّماد
لطمتْ وجهي الأعاصير هانت *** في عروقي عراقةُ الأجداد
بين كأسٍ وقينة بتُّ أحيا *** مستهاماً بقدِّها الميَّاد
نحن يا شهرنا العظيم غدونا *** أرنبات تفرُّ من صيَّاد
وغدت خيمةُ الأخوة في الريح *** بلا أعمدٍ ولا أوتاد
كتبتنا الأيام في هامش السَّطر *** روتنا من غير منا إسناد
كم بترنا يد الأثيم فصرنا *** نلثُمُ اليوم خنجر الجلاَّد
سيِّداً واحداً عَبَدنا وها نحن *** نعاني من تخمة الأسياد
عفو طهر الأنفاس منك فإني *** قد فقدت النجيب من أولادي
ملعبٌ للنجوم أنت وفوق النَّجم *** شعَّت فيما مضى أعيادي
فيك غنَّت بمسمع الدهر "بدر" *** وحداً موكبَ الرجالِ الحادي
وتلونا الأوراد فيك فراح *** النصرُ يجري على خطا الأوراد
وهدمنا منابر الشرك حتى *** فَقَدَ الشركُ ظلَّه في بلادي
منحتنا الآياتُ وجهاً فكنَّا *** وانبلاج السَّنَى ظلَّه في بلادي
ايه يا شهرنا العظيم شموخاً *** قد تنسَّمتُ من شميم الوادي
ضُمَّنا.. ضُمَّنا إليك فإنَّا *** لم نزل من بنيك والأحفاد
أطلق الرُّوح من عقال التوابيت *** وزيِّن أيامنا بالجهاد