«وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم أعظم الناس صدقة بما ملكت يده. كان لا يستكثر شيئًا أعطاه الله تعالى، ولا يستقله، وكان عطاؤه عطاء من لا يخاف الفقر، وكان العطاء والصدقة أحب شيء إليه، وكان سروره وفرحه بما يعطيه أعظم من سرور الآخذ بما يأخذ».
وكان أجود الناس بالخير، يمينه كالريح المرسلة، وكان إذا عرض له محتاج آثره على نفسه؛ تارة بطعامه، وتارة بالهدية، وتارة بشراء الشيء ثم يعطي البائع الثمن والسلعة جميعًا، وكان تارة يقترض الشيء فيرد أكثر منه وأفضل وأكبر، ويشتري الشيء فيعطي أكثر من ثمنه، ويقبل الهدية ويكافئ عليها بأكثر منها وبأضعافها تلطفًا وتنوعًا في ضروب الصدقة والإحسان بكل ممكن، ويأمر بالصدقة ويحض عليها ويدعو بحاله وقوله؛ فإذا رآه البخيل الشحيح دعاه إلى البذل والعطاء، وكان من خالطه وصحبه صلى الله عليه و سلم ورأى هديه لا يملك نفسه من السماحة والندى.
ولذا كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أشرح الخلق صدرًا وأطيبهم نفسًا وأنعمهم قلبًا؛ فإن للصدقة وفعل المعروف تأثيرًا عجيبًا في شرح الصدور. ولرسولنا صلى الله عليه و سلم أسوة حسنة حيث يخبرنا أن ثلاثة يدخلون الجنة بسبب القليل من الطعام. وذلك فيما رواه أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال«إن الله عز وجل ليدخل اللقمة الخبز، وقبضة التمر، ومثله مما ينتفع به المسكين ثلاثة الجنة.. رب البيت الآمر به، والزوجة تصلحه، والخادم الذي يناول المسكين» فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : «الحمد لله الذي لم ينس خدمنا».