الفتاوى البهيّة في توجيه استعمال الجرائد والمجلاّت العربيّة والأجنبيّة
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أفضلِ الأنبياء والمرسَلين، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدِّين.
وبعد:
فإنَّ تعظيم شعائر الله وحدوده وحُرماته مما تُمتحَن به القلوب، فأعرفُ القلوب بربِّها أكثرُها له خشيةً وتعظيمًا، ولا يستخفُّ بأمر من أمور الله إلا مَن رقَّ دِينه، وطُبع على قلبه بطابع الجفاء، وذهب عنه الأدَب مع الله، ولما كان المسلِم قد يقَع في شيء من ذلك جهلاً أو تهاونًا أو غفلةً، أردت أن أجمع مِن كلام العلماء ما فيه الزجرُ عن مسألة عمَّت بها البلوى في هذا الزمان، وهي امتهان الصحف والمجلاَّت التي قد يكون فيها شيءٌ من أسماء الله أو آيات قرآنية أو أحاديث نبويَّة، وما هو واجب المسلم تُجاه ذلك، واللهَ أسأل أن يوفِّق الجميع لما فيه مرضاته وهو وليُّنا ونِعم الوكيل.
سؤال: هل يجوز استخدام الجرائد كسُفرة للأكْل عليها؟ وإذا كان لا يجوز فما العمل فيها بعدَ قراءتها؟
جواب: لا يجوز استعمالُ الجرائد سُفرة للأكْل عليها، ولا جعلها ملفًّا للحوائج ولا امتهانها بسائرِ أنواع الامتهان إذا كان فيها شيءٌ مِن الآيات القرآنية أو من ذِكْر الله – عزَّ وجلَّ – والواجب إذا كان الحال ما ذكَرْنا حفظُها في محل مناسِب أو إحراقها أو دفْنها في أرض طيِّبة.
فتاوى إسلامية ابن باز رحمه الله (3 / 634).
سؤال: لديَّ جرائد قديمة كثيرة مطروحة بعدَ القراءة، فهل يجوز إعطاءُ الجرائد للغسَّال وبيَّاع العيش أو الخبز لاستعمالها في ذلك عندَ اللزوم؟
جواب: لا يجوز إعطاءُ الجرائد للغسَّال ليلفَّ فيها الملابس، ولا لبائِع العيش أو الخبز ليستعملَها لفافة للخبز أو العيش؛ لأنَّ الغالب في الجرائد أنَّ فيها مقالاتٍ إسلامية تشتمل على آياتٍ قرآنية وأحاديثَ نبويَّة، ويُكتب فيها الكثير مِن أسماء الله تعالى، واستعمالها فيما ذُكِر امتهانٌ لآيات القرآن والأحاديث النبويَّة وأسماء الله تعالى، فالواجب صيانتُها، أو إحراقها، أو دفْنها في مكان طاهِر.
فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى – (4 / 76).
سؤال: هل يجوز لنا إحراقُ الجرائد بعدَ القراءة؟ وهل يجوز إحراقُ أوراق القرآن الكريم التي نجِدها في الشوارع؟
جواب: نعم، يجوز إحراقُ أوراق الجرائد؛ صيانةً لما قد يكون فيها مِن آية قرآنية أو حديث نبوي، أو نحو ذلك ممَّا يجب احترامه، ويجوز أيضًا إحراق أوراق المصحف صيانةً لها من الإهانة، ومحافظةً على حرمتها، ولك أيضًا أن تحفظَها من الإهانة بدفْنها في أرضٍ طيبة.
فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى – (4 / 77).
سؤال: بعض الناس يستعملون الجرائدَ سُفرةً لأكلهم، علمًا بأنَّ هذه الجرائد تحتوي على أسماء الله وبعضِ الأحاديث، أرجو أن توضِّحوا حُكم هذا – بارك الله فيكم؟
جواب: إذا علِم أنَّ في هذه الجرائد آيات مِن القرآن أو أسماء مِن أسماء الله – عزَّ وجلَّ – أو أحاديث مِن أحاديث النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – فإنَّه لا يجوز استخدامُها في الأكْل أو للجُلوس عليها أو ما أشبه ذلك؛ لما في هذا مِن ابتذال كلامِ الله وأسمائه وأحاديث النبيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – وامتهانها، وإنَّك لتعجَب من قوم يستعملون هذا مع أنَّ في الإمكان أن يستعملوا بدلَ ذلك السُّفَر المعروفة أو الأوراق التي تُباع وتجعل سفرًا وهي رخيصة قليلة الكلفة، ولكن بعض الناس – نسأل الله السلامة – يُزيّن له سوء عمله، فيختار هذه الجرائدَ مع تيسُّر غيرها تيسرًا ظاهرًا، ثم يُبتلَى بوضعها – كما ذكَر السائل – سُفرًا للأكْل، وربَّما يضعها بعض الناس فيجلِس عليها أيضًا إذا كانتِ الأرض ترابيةً، وكل هذا مِن الأمور الذي يجب على المسلِم أن يتنبهَ لها، وأن يُعظِّم كلام الله – عزَّ وجلَّ – وأسماء الله وكلام نبيِّه – صلَّى الله عليه وسلَّم – حتى يكون بذلك معظِّمًا للرب – عزَّ وجلَّ – تمام التعظيم.
فتاوى نور على الدرب – لابن عثيمين – (35).
سؤال: هل يجوز دفْنُ الأوراق التي فيها ذِكْر الله – عزَّ وجلَّ – مثل الجرائد ونحوها؟
جواب: إي نعم، لا تكون في أرض قذرةً تكون في أرض نظيفة، كذلك أيضًا: ما يَتلف مِن المصاحف ادفنه في أرْضٍ نظيفة، وأحسن مِن هذا أن تحرقه أولاً ثم تدفنه ثانيًا؛ لأنَّك إذا دفنته ربَّما تأتيك السواقي وتطلعه، فإذا أحرقتَه أولاً ثم دفنتَه صار أحسن.
لقاء الباب المفتوح؛ ابن عثيمين – (223 / 29).
سؤال: ما رأي الشَّرْع في استعمال الجرائد العربيَّة التي قد يكون مكتوبًا فيها أسماء لله – سبحانه وتعالى – وذلك بقصْد استعمالِها في المسْح والتغليف؟
جواب: الصُّحف أو الجرائد التي فيها كُتب وفيها كتابة باللغة العربية تشتمل على آيةٍ من كتاب الله، أو على أقوال مِن سنة الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – لا يَنبغي أن تُستعملَ في التغليف؛ تغلف بها الثياب أو الأواني أو الحوائج الأخرى؛ لأنَّ في ذلك امتهانًا لها، فإن غلف بها أشياء قذرةً نجسة كان ذلك أشدَّ وأعظمَ وأدْهى، وإذا كان ذلك يعد امتهانًا واضحًا لهذه الصحف والجرائد، وتيقَّن الإنسان أنَّ فيها آياتٍ من كتاب الله أو أحاديث عن الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – فإنَّ ذلك محرَّم؛ لأنه لا يجوز امتهان كلام الله وكلام رسوله – صلَّى الله عليه وسلَّم.
ومِن العجب أنَّ هؤلاء الذين يُغلِّفون بهذه الصحف والجرائد يسهُل عليهم ويَتَيَسَّر أن يشتروا الأوراقَ البيضاء التي تعدُّ لمِثل هذا الأمْر، ولكنَّهم يعدلون عنها إلى هذه الجرائد والله – سبحانه وتعالى – قد جعَل لنا غِنًى عن هذه الصُّحف والجرائد بهذه الأوراق التي تملأ الأسواق.
فتاوى نور على الدرب – لابن عثيمين – (31 / 7).
سؤال: نحن نستعمل الجرائدَ والصُّحف والمجلاَّت التي فيها اسمُ الله، ثم نرميها في القُمامة؛ هل هذا جائز؟
جواب: لا يجوز إلقاءُ شيءٍ فيه آيات الله أو أحاديث الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – في مكان تُمتهن فيه، فكلام الله عظيم يجِب احترامه؛ ولذا لا يقرؤه الجُنُب، ولا يمس المصحَفَ إلا المتوضِّئ على رأي كثيرٍ مِن أهل العلم، بل أكثرهم، ولكن ينبغي إحراقها إحراقًا كاملاً أو تمزيقها بالآلات الحديثة التي لا تُبقى شيئًا.
فتاوى إسلامية ابن عثيمين – (4 / 685).
سؤال: ما حُكم مَن يأكل على الصُّحُف والجرائد ويجلس عليها؟
جواب: لا يجوز الأكْل والجلوس على الصُّحف والجرائد التي تشتمل على شيءٍ مِن ذِكْر الله، أو شيءٍ من الآيات أو الأحاديث النبويَّة، أو تتضمن شيئًا مِن الفتاوى والأحكام الشرعيَّة؛ لأنَّ هذا العمل يُعتبر امتهانًا لذِكْر الله وآياته وأحاديث رسولِ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – وللأحكام الشرعيَّة، والواجِب أنْ تُرفع هذه الصحف والجرائد المتضمنة لشيءٍ ممَّا ذُكِر، أو يُؤخذ الجزء المشتمل منها على شيءٍ مما ذكر ويُستعمل الباقي الخالي من ذلك.
أمَّا الصحف والجرائد التي لا تشتمل على شيءٍ مِن ذِكر الله أو شيء مِن القرآن أو الأحاديث؛ فلا بأسَ في استعمالها؛ لعدم المحذور في ذلك، والله أعلم.
ويجِب على المسؤولين عن إصدارِ الصُّحُف والمجلاَّت التي تشتمل على ذِكر الله أو على شيءٍ مِن الآيات والأحاديث أن يُنبِّهوا القرَّاء على وجوب احترامها والعناية بها، وذلك بكتابة تنبيهٍ يُوضَع في أوَّل الصحيفة، أو على غِلاف المجلَّة.
المنتقى من فتاوى الفوزان – (63 / 14).
سؤال: ما حُكم استعمال الجرائد والمجلاَّت والصُّحُف العربية التي لا تحتوي على آيات قرآنيَّة وأحاديث نبويَّة في تغليف السِّلع التجارية وغيرها؟ وهل هو نفسه بالنسبة للجرائد والمجلاَّت المكتوبة باللُّغات الأجنبيَّة؟
جواب: الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرْسله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين.
أمَّا بعد:
فلا نستطيع أن نَنفيَ عن الصُّحُف والجرائد والمجلاَّت العربية خلوَّها مِن أسماء الله تعالى أو ذِكْر تضمَّنته بعضُ الآيات أو أطراف الحديث؛ لذلك فالواجب الحيطةُ بالاحتفاظ بها وصيانتها عن الابتذال، فلا يجوز اتِّخاذُها ملفَّات للحاجات من السِّلع الغذائية والخُضر، أو تنظيف السيَّارات بها، أو مسْح الزجاج بها أو طرْحها في الشوارع والأسواق، أو إلقاؤها في القمامات، ونحو ذلك، والأفضل إنْ فرغ منها أن يحرِقها أو أن يدفنَها في مكانٍ طاهر، أو يعزلها في مكانٍ خاص عن بقيَّة المخلَّفات المنزلية يصونها عن الامتهان.
أمَّا الجرائد والمجلاَّت المكتوبة باللُّغة الإفرنجية (الفرنسية) إذا تأكَّد خلوَّ صفحاتها ممَّا يَنبغي أن يُصان ويُحفظ، فلا أعْلم ممنوعيتَها في استعمالها لأغراضٍ وحاجات.
محمد علي فركوس (مجلة الإصلاح العدد الثالث. ص 60).