هل يجب علينا وجوبًا أن ننبه الناس على ما في بعض التفاسير من التأويل والتحريف والتعطيل ؟
أما قضية ذكر ما في بعض التفاسير من بعض التأويلات؛ فهذا يبيَّن لطلبة العلم، أما أن يبيَّن لعموم الناس الذين لا يستفيدون من هذا؛ فهذا لا ينبغي؛ لأن هذا يكون من التشويش ومن إشغال الناس بما لا يعرفون، وفي الأثر: (حَدِّثوا النّاسَ بِمَا يَعرِفونَ، أتريدونَ أن يُكَذَّبَ الله ورسولُهُ ؟(2).
فالعوام لهم طريقة، وطلبة العلم لهم طريقة: العوامُّ يبلَّغون مجملات العقيدة ومجملات الأوامر والنواهي والوعد والوعيد والموعظة، ويعلمون أصول الدين وأركان الإسلام الخمسة وأركان الإيمان، يُدَرَّسُون هذه الأصول، ويُحَفَّظُون إياها؛ كما كان في هذه البلاد إلى عهد قريب، كانوا يُحَفَّظُون في المساجد الدين؛ يُحَفَّظُون أركان الإسلام، وأركان الإيمان، ومعنى الشهادتين؛ شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمدًا رسول الله، يُحَفَّظُون أركان الصلاة وشروط الصلاة وواجباتها، ويُحَفَّظُون ما يحتاجون إليه من أمور دينهم.
أما طلبة العلم؛ فعند الشرح لهم والتوضيح يُبَيَّن لهم التأويل، لكن من غير أن يتعرض للمؤلف، ويقال: المؤلف مبتدع وضال. بل يقال: هذا التفسير خطأ، والصواب كذا، فيه تأويل الآية الفلانية، فيه تأويل الصفة الفلانية؛ من غير أن يتعرض للعلماء، فيبَدَّعون، ويتناول أشخاصهم، هذا لا يستفيد الناس منه، بل هذا يسبب نفرة طلبة العلم من العلماء، ويسبب سوء الظن بالعلماء، والغرض هو بيان الصواب في هذا الخطأ فقط، وليس تناول الأشخاص بالتبديع أو بالتجهيل أو بالتضليل؛ فهذا لا يفيد شيئًا، بل يفيد أمورًا عكسية، ويفيد سوء الظن بالعلماء، ويفيد بلبلة الأفكار، والخوض في أعراض العلماء الميتين والأحياء، هذا لا يأتي بخير.
يُبَيَّنُ الحق لمن يتحمل هذا الشيء من طلبة العلم الذين يفهمون هذا الشيء، أما العوامُّ، فلا يتحملون هذا الشيء، ولا وصلوا إليه، وإنما يُبيَّن لهم ما هم بحاجة إليه من أمور دينهم وأمور عبادتهم وأمور صلاتهم وأمور زكاتهم وأمور صيامهم، وأهم شيء توضيح العقيدة لهم بمعنى مختصر؛ يستفيدون منه، ولا يكون فيه تطويل يثقلهم ويملهم، بل يكون بطريقة مختصرة.
المصدر: المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان
|
||