المفعول المُطلق
تعريفه : اسم مشتق من لفظ الفعل يدل على حدث غير مقترن بزمن ، ويعمل فيه فعله ، أو شبهه ، على أن يذكر معه . نحو : أقدر الأصدقاء تقديرا عظيما . فتقديرا : مفعول مطلق منصوب ، العامل فيه فعله وهو : أقدر . وسوف نتعرض لعامله بالتفصيل في موضعه عن شاء الله . ويتنوع المفعول المطلق فيكون نكرة كما في المثال السابق ، وقد يكون معرفا بأل نحو 59 ـ قوله تعالى : { فيعذبه الله العذاب الأكبر }1 . 60 ـ أو بالإضافة . نحو قوله تعالى : { وقد مكروا مكرَهم } 2 . وقوله تعالى : { ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها }3 . ويأتي المفعول المطلق لإحدى غايات ثلاث توضح أنواعه ، ويكون منصوبا دائما . أنواعه : 1 ـ يأتي المصدر لتوكيد فعله . نحو : قفز النمر قفزا . وأجللت الأمير إجلالا . 61 ـ ومنه قوله تعالى : { وكلم الله موسى تكليما }4 . فالكلمات : قفزا ، وإجلالا ، وتكليما مفاعيل مطلقة ، وهي مصادر لكل من الأفعال قفز ، وأجلّ ، وكلم ، وقد جاءت مؤكدة حدوثها . ومنه قوله تعالى : { إذا رجت الأرض رجا وبست الجبال بسا }5 . وقوله تعالى : { كلا إذا دكت الأرض دكا دكا }6 . ــــــــــ 1 ـ 24 الغاشية . 2 ـ 46 إبراهيم . 3 ـ 19 الإسراء . 4 ـ 164 النساء . 5 ـ 4 ، 5 الواقعة . 6 ـ 21 الفجر . 28 ـ ومنه قول الشاعر : أحبك حبا لو تحبين مثله أصابك من وجد عليّ جنون 2 ـ لبيان نوعه . نحو : تفوق المتسابق تفوقا كبيرا . ونحو : انطلقت السيارة انطلاق السهم . فكلمة تفوقا جاءت مفعولا مطلقا مبينا لنوع فعله ، لأنه موصوف بكلمة " كبيرا " ، وكذلك كلمة انطلاق جاءت مفعولا مطلقا مبينا لنوع فعله ، لأنه مضاف لما بعده ، وهو كلمة " السهم " وهكذا كل مصدر جاء موصوفا ، أو مضافا يكون مبينا لنوع فعله . 62 ـ ومنه قوله تعالى : { ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما }1 . ومنه قوله تعالى : { إنا فتحنا لك فتحا مبينا }2 . وقوله تعالى : { يرونهم مثليهم رأي العين }3 . وقوله تعالى : { ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى }4 . 29 ـ ومنه قول المتنبي : لا تكثر الأمواتُ كثرةَ قلة إلا إذا شقيت بك الأحياءُ 3 ـ أو لبيان عدده . نحو : ركعت ركعة . وسجدت سجدتين . " فركعة ، وسجدتين " كل منهما وقع مفعولا مطلقا مبينا لعدد مرات حدوث الفعل . فركعة بينت وقوع الفعل مرة واحدة ، وسجدتين بينت وقوع الفعل مرتين ، وكلاهما مصدر أسم مرة . 63 ـ ومنه قوله تعالى : { وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة }5 . ــــــــــ 3 ـ 13 آل عمران . 4 ـ 33 الأحزاب . 5 ـ 14 الحاقة . * تثنية المفعول المطلق وجمعه : 1 ـ المفعول المطلق المؤكد لفعله لا يثنى ولا يجمع ، فلا نقول : انطلقت انطلاقا : انطلقت انطلاقين ، ولا انطلقت انطلاقات . 2 ـ المفعول المطلق المبين للنوع يجوز تثنية وجمعه على قلة . نحو : وقفت وقوفي محمد وأحمد . بمعنى أنك وقفت مرة وقوف محمد ، ومرة أخرى وقفت وقوف أحمد . 3 ـ المفعول المبين للعد فإنه يثنى ويجمع على الإطلاق ، لأن هذه هي طبيعته . نقول : جلدت اللص جلدة . وجلدت اللص جلدتين ، وجلدته جلدات . * عامل المفعول المطلق : يعمل في المفعول المطلق كل من الأتي : 1 ـ الفعل وهو الأصل . نحو : احترم أصدقائي احتراما عظيما . وقد مر معنا عمل الفعل في مصدره من خلال جميع الأمثلة السابقة . 2 ـ المصدر . 64 ـ نحو قوله تعالى : { إن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا }1 . فجزاء مفعول مطلق مبين لنوع العامل فيه وهو المصدر : جزاؤكم . 3 ـ اسم الفاعل . 65 ـ نحو قوله تعالى : { والصافات صفا }2 . صفا : مفعول مطلق مؤكد لعامله وهو اسم الفاعل : الصافات . 4 ـ الصفة المشبهة . نحو : هذا قبيح قبحا شديدا . قبحا : مفعول مطلق مبين لنوع عامله وهو الصفة المشبهة : قبيح . 5 ـ اسم التفضيل . نحو : عليّ أشجعهم شجاعة . ومحمد أكرمهم كرما . فشجاعة ، وكرما كل منهما مفعول مطلق جاء مؤكدا لعامله وهو اسم التفضيل : أشجعهم في المثال الأول ، وأكرمهم في الثاني . ـــــــــــ 1 ـ 63 الإسراء . 2 ـ 1 الصافات . ما ينوب عن المفعول المطلق وردت بعض الألفاظ التي تذكر بعد الفعل لتؤكده ، أو لتبين نوعه ، أو مرادفه ، أو صفته ، أو عدده ، وغيرها من الأنواع الأخرى ، ولكنها غير مشتقة من لفظه ، لذلك عدها علماء النحو مما ينوب عن المفعول المطلق ، ولها أحكامه ، فهي منصوبة مثله . وسنتحدث عنها بالتفصيل : 1 ـ مرادف المفعول المطلق . نحو : فرحت جذلا . ووقفت نهوضا . فجذلا جاء نائبا عن المفعول المطلق ، وهو مرادف لمصدر الفعل فرح : فرحا . الذي لم يذكر في الجملة ، وذكر مرادفه عنه . وكذلك المصدر نهوضا جاء مرادفا لمصدر الفعل وقف وهو : وقوفا . ونحو : سرت مشيا ، وجريت ركضا ، وأكرهه بغضا . وقعدت جلوسا . غير أن بعض النحاة لا يجعل الجلوس مرادفا للقعود بل هو مقارب له ، لأن القعود يكون من قيام ، أما الجلوس فيكون من اتكاء . (1) . 66 ـ ومنه قوله تعالى : { فمهل الكافرين أمهلهم رويدا }2 . 2 ـ ينوب عنه أسم المصدر . واسم المصدر ما دل على معنى المصدر الأصلي ، وكان أقل منه أحرفا نحو : أعنته عونا . فعونا نائبا عن المفعول المطلق ، وليس مفعولا مطلقا ، لأنه ليس مشتقا من الفعل أعان المذكور في الجملة ، والذي مصدره : إعانة ، وإنما هي مصدر الفعل : عان . ومنه : اغتسلت غسلا ، وأعنته عونا ، وأعطيته عطاء ، وكلمته كلاما . 67 ـ ومنه قوله تعالى : { فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا }3 . وقوله تعالى : { والله أنبتكم من الأرض نباتا }4 . ــــــــــــ 1 ـ الواضح في النحو والصرف ص239 لمحمد خير الحلواني . 2 ـ 17 الطارق . 3 ـ 37 آل عمران . 4 ـ 17 نوح . 4 ـ ملاقيه في الاشتقاق . وهذا يختلف عن اسم المصدر ، لأنه قد يكون أكثر أحرفا من المصدر الأصلي . 68 ـ نحو قوله تعالى : { وتبتل إليه تبتيلا}1 . فالفعل " تبتَّل " مصدره تبتُّل ، لذلك كان المصدر " تبتيلا " في الآية السابقة ملاقيا للمصدر بالاشتقاق . 30 ـ ومنه قول امرئ القيس : فصرنا إلى الحسنى ورق كلامنا ورضْت فذلتْ صعبة أيَّ إذلالِ 4 ـ صفة المصدر المحذوف . نحو : ضحكت كثيرا . فكثيرا : نائب عن المفعول المطلق المحذوف ، وهو في الأصل صفة له ، كما لو قلت : ضحكت ضحكا كثيرا . ومنه : صرخت عاليا ، وسرت سريعا ، وهاجمته عنيفا ، ومشيت حثيثا . 69 ـ ومنه قوله تعالى : { واذكروا الله كثيرا }2 . وقوله تعالى : { واذكر ربك كثيرا }3 . 5 ـ لبيان نوعه . نحو : رجع العدو القهقرى . فالقهقرى : نائب عن المفعول المطلق جاء لبيان نوع الفعل . والأصل : رجع العدو رجوع القهقرى . ومنه : جلست القرفصاء ، وسرت الهوينى . 6 ـ لبيان عدده . نحو : صليت ركعتين . ركعتين : نائب عن المفعول المطلق مبينة لعدده ، وليس مفعولا مطلقا ، لأنه غير مشتق من لفظ الفعل المذكور في الجملة وهو : صلى . ـــــــــ 1 ـ 8 المزمل . 2 ـ 10 الجمعة . 3 ـ 41 آل عمران . ومنه : قرعت الجرس ست مرات . يدور عقرب الساعة ستين دورة في الدقيقة . فستين : نائب عن المفعول المطلق مبين لعدده ، ودورة : تمييز منصوب . 70 ـ ومنه قوله تعالى : { فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة }1 . 7 ـ ما يدل على آلته . نحو : ضربت المهمل عصا . عصا نائب عن المفعول المطلق ، وهي الآلة التي ضربت بها المهمل . والأصل : ضربت المهمل ضربة عصا .
ومنه : ركلت الكرة رجلا . وضربت الكرة رأسا . ورشقنا العدو قنبلة . 8 ـ الإشارة إليه . نحو : أقدره هذا التقدير . هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب نائب عن المفعول المطلق . التقدير : بدل منصوب من اسم الإشارة ، وهو في الأصل المفعول المطلق . ومنه : غضبت ذلك الغضب . وقاوم المجاهدون تلك المقاومة البطولية . 9 ـ كل وبعض مضافة إلي المفعول المطلق . نحو : أحترمه كل الاحترام . كل : أضيفت إلى المفعول المطلق ، فصارت نائبة عنه ، وأخذت حكمة وهو النصب . ونحو : أسفت بعض الأسف . وقصرت بعض التقصير . وفي كلا المثالين أضيفت أي إلى المفعول المطلق ونابت عنه . 71 ـ ومنه قوله تعالى : { فلا تميلوا كل الميل }2 . وقوله تعالى : { ولا تبسطها كل البسط }3 . 31 ـ ومنه قول الشاعر : وقد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن ألا تلاقيا ــــــــــــ 1 ـ 3 النور . 2 ـ 129 النساء . 3 ـ 29 الإسراء . 10 ـ الضمير المتصل العائد إلى المفعول المطلق . نحو : كافأت المتفوق مكافأة لم أكافئها لطالب من قبل . فالضمير المتصل في " أكافئها " يعود على المفعول المطلق " مكافأة " . والأصل : لم أكافئ المكافأة ، فالضمير المذكور نائب عن المفعول المطلق ، وليس مفعولا به . ومنه : سأجتهد في عملي اجتهادا لم يجتهده غيري . 72 ـ ومنه قوله تعالى : { فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين }1 . 11 ـ بعض الألفاظ المضافة إلى المفعول المطلق . وهي : أفضل ، أجود ، أحسن ، أتم … إلخ . نقول : اجتهدت أفضل الاجتهاد . واجتهدت أجود الاجتهاد . واجتهدت أحسن الاجتهاد . واجتهدت أتم الاجتهاد ، أو تمام الاجتهاد . فكل من كلمة : أفضل ، وأجود ، وأحسن ، وأتم ، وتمام ، جاءت نائبة عن المفعول المطلق ، لكونها أضيفت إليه . 12 ـ ينوب عن المفعول المطلق ما ، وأي الاستفهاميتان . نحو : ما كافأت الفائز ؟ وما كتبت ؟ وأي شراب تناولت ؟ ونحو : أي عمل تعملُ ؟ 73 ـ ومنه قوله تعالى : { وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون }2 . 13 ـ وينوب عنه ما ومهما وأي الشرطيات . نحو : ما تفعل أفعل . ومهما تقرأ أقرأ . وأي رياضة تمارس تفدك . 14 ـ وينوب عنه أي الكمالية مضافة إلى المصدر . نحو : اجتهد أي اجتهاد . والتقدير : اجتهدت اجتهادا أي اجتهاد . وأصل " أي " صفة للمصدر . ــــــــــــ 2 ـ 115 المائدة . 3 ـ 227 الشعراء . حذف عامل المفعول المطلق : يحذف عامل المفعول المطلق جوازا ووجوبا وذلك على النحو التالي : أولا : حذف العامل جوازا : 1 ـ يجوز حذف عامل المفعول المطلق المبين للنوع ، والمبين للعدد ، وذلك في الجواب عن السؤال . كأن يقال لك : كيف سبحت ؟ فتقول : سباحة جيدة . أي : سبحت سباحة جيدة . ونحو : كيف قرأت ؟ فتقول : قراءة متأنية . أي : قرأت قراءة متأنية . وكأن يقال لك : كم سافرت ؟ فتقول : سفرتين . أي : سافرت سفرتين . ونحو : كم قفزت ؟ فتجيب : قفزتين ، أو ثلاث . أي : قفزت قفزتين ، أو ثلاث . 2 ـ يجوز حذفه أيضا في المواقف التي يوحي بها . كأن تقول لمن قدم من الحج : حجا مبرورا ، وسعيا مشكورا . وأنت تريد : حججت حجا مبرورا ، وسعيت سعيا مشكورا . غير أن المقام يوحي بمحذوف مقدر في الجملة . أما عامل المفعول المطلق المؤكد فلا يجوز حذفه ، لأنه في حاجة إلى توكيد ، والذي يكون في حاجة إلى توكيد كيف يمكن حذفه ؟ ثانيا ـ حذف العامل وجوبا : يجب حذف عامل المفعول المطلق ، ولا يجوز ذكره في المواضع التالية : 1 ـ إذا جاء المفعول المطلق مفصلا لمجمل قبله . نحو : سأجاهد في سبيل الله فإما فوزا ، وإما شهادة . ففوزا وشهادة كل منهما وقع مفعولا مطلقا لفعل محذوف وجوبا . والتقدير : فإما تفوز فوزا ، وإما تستشهد شهادة . 2 ـ إذا ذكر المفعول المطلق وكان عامله خبرا لمبتدأ اسم عين ( شخص ) . نحو : محمدٌ قياما قياما . فقياما الأولى : مفعول مطلق . وقياما الثانية : توكيد لفظي . وفعل المفعول المطلق محذوف تقديره : يقوم . والفعل يقوم وفاعله المستتر في محل رفع خبر المبتدأ : محمد . ونصب المصدر قياما لنه لا يصلح أن يكون خبرا للمبتدأ إلا على سبيل المجاز ، فلا يقال على وجه الحقيقة محمد قيامٌ قيامٌ . لأن محمد ليس السير نفسه ، بل هو صاحبه . أما إذا أريدت المبالغة في الإخبار قيل : محمدٌ قيامٌ . 32 ـ ومنه قول الخنساء : ترتع ما ترتعت حتى إذا ادّكرت فإنما هي إقبال وإدبار 3 ـ ويحذف عامل المفعول المطلق وجوبا في الحصر بما وإلا . نحو : ما يوسف إلا اتكالا . والتقدير : إلا يتكل اتكالا . وكما ذكرنا سابقا فإن المصدر " اتكالا " لا يصلح ان يكون خبرا للمبتدأ " يوسف " إلا على سبيل المجاز ، إذ لا يقال على وحه الحقيقة ما يوسف إلا اتكالٌ ، لأن يوسف ليس الاتكال ، وإنما هو صاحبه . 4 ـ ويحذف إذا كان المفعول المطلق مؤكدا لمضمون الجملة . نحو : هذا صديقي حقا . ولم أفعله البتة . وهذا عملي فعلا . وله عليّ ألف عرفا . وأحمد صديقي قطعا . والتقدير : أحق حقا ، وأبت البتة ، وأفعل فعلا ، وأعرف عرفا ، وأقطع قطعا . وقد حذف الفعل من النماذج السابقة وجوبا ، وكل من المفاعيل المطلقة الواردة آنفا يؤكد المعنى الذي تقوم عليه الجملة . 5 ـ إذا جاء المفعول المطلق فعلا علاجيا بعد جملة قائمة على التشبيه ، وفيها فاعله من حيث المعنى . ومعنى الفعل العلاجي أن يكون الحدث عملا حسيا ظاهرا ، وأن يكون طارئا غير ثابت كالضرب ، والبكاء ، والصياح ، والشتم . ويقابله المعنوي الذي ليس بظاهر . نحو : لعليٍّ عملٌ عملَ الأبطال . لعليٍّ : جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر مقدم . عملٌ : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة . عملَ : مفعول مطلق منصوب ، وهو مضاف ، والأبطال مضاف إليه . فجاء المفعول المطلق " عملَ " بعد جملة المبتدأ والخبر القائمة على التشبيه ، والتي فيها فاعل المفعول المطلق من حيث المعنى وهو : عليّ . ومنه : لخالدٍ قولٌ قولَ العقلاء . ولمحمدٍ تفكيرٌ تفكيرَ العلماء . ومنه : مررت به فإذا له بكاءٌ بكاءَ ثكلى . 6 ـ يحذف عامل المفعول المطلق مع بعض المفاعيل المطلقة التي كثر جريانها على الألسنة ، وصارت كالأمثال . نحو : صبرا على المكاره . وشكرا لله وحمدا . وسمعا وطاعة ، وعفوا . والتقدير : أصبر صبرا ، وأشكر الله شكرا ، وأحمده حمدا ، وأسمعك سمعا ، وأطيعك طاعة . 7 ـ ويحذف مع بعض المصادر التي تبقى دائما على حالها ، ولا تستعمل إلا مفاعيل مطلقة . نحو : سبحان ، ومعاذ ، ولبيك ، وسعديك ، وحنانيك ، ودواليك . المصدر النائب عن فعله : مصدر ينوب عن فعله ، ويؤدي معناه ، ولا يجوز أن يجتمع مع فعله ما دام ينوب عنه ويؤدي ما يؤديه . وهو يختلف عن المفعول المطلق بأنه يكون طلبيا ، أو مُشبها الطلبي ، ويختلف عنه أيضا بأنه يعمل عمل فعله فيأخذ فاعلا من الفعل اللازم ، وفاعلا ومفعولا من الفعل المتعدي . وهو على النحو التالي : 1 ـ مصدر يقع موقع الأمر والنهي . مثال الأمر : انقضاضا على العدو . انقضاضا : مصدر نائب عن فعله منصوب بالفتحة ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت ، أو أنتم . وقد ناب عن فعله انقض ، ولا يجوز أن تحضره فتقول : انقض انقضاضا ، وإلا فإن المصدر هنا يتحول إلى مفعول مطلق مؤكد لفعله ، وقد أفاد المصدر هنا الأمر ، كما أفاد فعله . ومنه : استعدادا للمسابقة ، وتكريما للفائزين ، وتخليدا للشهداء ، واعتزازا بالمناضلين . 74 ـ ومنه قوله تعالى : { فسحقا لأصحاب السعير }1 . 33 ـ ومنه قول قطري بن الفجاءة : فصبرا في مجال الموت صبرا فما نيل الخلود بمستطاع ومثال النهي : حلاّ لا ارتحالا . خلاّ : مصدر منصوب ناب عن فعله ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت . لا : حرف نهي . ارتحالا : مصدر منصوب ناب عن فعله ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت . ومنه : قياما لا قعودا ، وفعلا لا قولا ، واجتهادا لا كسلا ، وجدا لا لهوا . 2 ـ مصدر يقع بعد استفهام يفيد التوبيخ . نحو : أتلاعبا وقد وثق فيك الناس . أتلاعبا : الهمزة للاستفهام . وتلاعبا : مصدر منصوب ناب عن فعله ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت . ومنه : أتهاونا وقد وضعنا فيك الثقة . وأتوانيا وقد علاك الشيب . 34 ـ ومنه قول الشاعر : أذلا إذا شب العدو نار حربهم وزهوا إذا ما يجنحون إلى السلم وقد يراد به التعجب . نحو : أبؤسا وضعفَ جسد . أبؤسا : مصدر منصوب ناب عن فعله ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. وقد يراد به التوجع . 35 ـ كقول سحيم عبد بني الحسحاس : أشوقا ولما يمض لي غيرُ ليلة فكيف إذا خف المطيُّ بنا عشرا فوائد وتنبيهات : 1 ـ المفعول المطلق نوعان : مبهم وهو المؤكِّد ، ومختص وهو المبين للنوع والمبين للعدد . فلأول نحو : قفز قفزا . والثاني ما كان مختصا بوصف أو إضافة . نحو : زحف الطفل زحفا سريعا ، وانطلقت السيارة انطلاق السهم . أما المبين للعدد فنحو : سجدت سجدتين . 2 ـ بله : مصدر متروك الفعل ، وهو منصوب على المصدرية بفعله المهمل ، أو بفعل من معناه تقديره : دع ، وهو إما أن يستعمل مضافا ، أو منونا . نحو : بلهَ الكسلِ . وبلهاً الكسلَ . 3 ـ سمعا وطاعة : كل منهما مفعول مطلق لفعل محذوف ، فإذا قلت : سمعٌ وطاعةٌ رفعت على أنهما مبتدأ والخبر محذوف ، أو بالعكس ، أي : خبر والمبتدأ محذوف ، وقدر المحذوف على ما تراه مناسبا . 4 ـ قد يتقدم المفعول المطلق على عامله مع أن الأصل التأخير . فيكون التقدم وجوبا إذا كان المفعول المطلق استفهاما ، أو شرطا كما ذكرنا سابقا . وقد يكون التقدم جوازا . نحو : رؤية بعيني رأيت اللص يجلد . ونحو : سمعا بأذني سمعت محمدا يلقي شعره . 5 ـ عندما نقول : سافر عليّ بغتة . وحضر المدير فجأة . فإن المعربون يعربون " بغتة ، أو فجأة " مفعولا مطلقا بناء على أن المضاف الذي هو في الأصل " المفعول المطلق " محذوف ، فأقيم المضاف إليه مقامه وهو " بغتة " . والتقدير : سافر عليّ سفر بغتة ، وحضر المدير حضور فجأة . 6 ـ في قولهم : له بكاءٌ بكاءَ الثكلى . نعرب بكاءَ الثانية مفعولا مطلقا ، لأن تقدير الكلام : إنه يبكي بكاء الثكلى . شريطة أن يكون المصدر المنصوب واقعا بعد مصدر مشعر بالحدوث ، يحوي معنى المصدر المنصوب . ومنه : مررت به فإذا له خوارٌ خوارَ الثور . والعامل في كل من المصدرين السابقين النصب هو المصدر المذكور في الجملة لصلاحيته للعمل ، لا بمحذوف . والتقدير : فإذا هو يخور خوارا مثل خوار الثور . أما مثل التي ذكرت في التقدير فإنها تعرب حالا ، والتقدير : مشبها خوار الثور . 7 ـ المصدر المتصرف ، والمصدر غير المتصرف : المتصرف ما يكون منصوبا على المصدرية ، وأن ينصرف عنها إلى وقوعه فاعلا . نحو : يكثر الرعي في المناطق المعشبة . فالرعي : مصدر رعى ، وقد وقع فاعلا . أو نائب فاعل . نحو : تستثمر الزراعة في كثير من البلاد . فالزراعة مصدر زرع ، وقد وقع نائبا للفاعل . أو مفعولا به ، أو اسم كان وأخواتها ، أو اسم إن وأخواتها ، وغيرها من المواقع الإعرابية الأخرى غير المفعول المطلق . أما المصدر غير المتصرف ، فهو المصدر الملازم النصب على المفعولية المطلقة ، ولا ينصرف عنها إلى غيرها من مواقع الإعراب التي ذكرنا آنفا ، ومن هذه المصادر : سبحان ، ومعاذ ، ولبيك ، وسعديك ، وحنانيك ، ودواليك ، وحذاريك . 8 ـ مر معنا " أي " الكمالية ، وقد سميت بهذا الاسم لأنها تدل على معنى الكمال ، وهي إذا وقعت بعد النكرة كانت صفة لها . نحو : شوقي شاعر أي شاعر . أي : هو كامل في صفات الشعراء . وإذا وقعت بعد المعرفة كانت حالا منها . نحو : مررت بمحمد أيَّ رجل . ولا تستعمل أي الكمالية إلا مضافة ، وتطابق موصوفها في التذكير والتأنيث ، تشبيها لها بالصفات المشتقات ، ولا تطابقه في غيرها . 9 ـ من المصادر المؤكدة لمضمون الجملة قولهم : لا أفعله بتَّا وبتاتا وبتَّة والبتة .
|
||
ننتظر منك المزيد