ما حكم الأجبان المصنوعة من مواد مستخرجة من حيوان لم يذبح ذبحاً شرعياً ؟ مع بيان حرمة التحايل على الأحكام الشرعية
السائل: تبين أن الأجبان تصنع باستخدام مادة مستخلصة من معدة الضأن، هذا الكلام في أوروبا وليس هنا، وإن كانت هذه الكمية صغيرة جداً تكادُ تكون أقل من النصف بالمائة من الحليب الذي تصنع الأجبانُ منه، فما الحُكم ؟
الشيخ الألباني رحمه الله : الجواب أن هذه المادة التي يفترض أنها نجسة لأنها استخرجت من حيوان لم يذبح ذبحاً شرعياً ولو كان في الأصل حلال الأكل، لكن إذا لم يٌذبَح هذا الحيوان الذي أصله حلالٌ فيصبح كالميتة، والميتة نجسة كما يُفترض أن تكونوا على علمٍ بذلك، فهذه المادة التي تُصنع منها الأجبان لها حالة من حالتين:
1- إما أن يتغير عينُها بسبب التفاعل الكيماوي بينها وبين مادة الحليب الذي يتحول إلى جُبن.
2- وإما أن تبقى محتفظة بشخصيتها وعينيتها.
فإن كانت الحالة هي الصورة الأولى ، أي إنها تحولت فالتحول من المطهرات شرعاً، ومن الدليل على ذلك تحول الخمر إلى خل، فالخل يصبح طاهراً حلال مع أن أصله كان حراماً، وكذلك.. وهذا نص ، لكن بعض العلماء يأتون بأمثلة أخرى، ينظرون فيها إلى واقع النجاسة المحرّمة والتي تحولت إلى شخصية ونوعية أخرى، فمن الأمثلة على أن تحول العين النجسة أو المحرمة إلى حقيقة أخرى أنها ، أن هذا التحول من المطهرات، الحيوان الميّت الإفطيسي قد تتحول بسبب العوامل الطبيعية كالرياح والأمطار والشمس ونحو ذلك إلى ملح، مع الزمن هالميتة النجسة تتحول مع الزمن إلى ملح، فهل يُنظر شرعاً إلى واقع هذا الذي تحول وهو الملح أما يُنظر إلى أصله ؟
أحد الأخوة : السلام عليكم .
الشيخ الألباني رحمه الله : وعليكم السلام ، أمّا إذا افترضنا أن هذه المادة لا تزال محتفظة بشخصيتها وعينيتها وهي النجاسة والحُرمة فحينئذ يُنظر إلى المسألة على التفصيل الآتي:
إن كانت هذه النجاسة التي احتفظت بشخصيتها وعينيتها في ذاك المركب الذي هو الحليب مثلاً أو الدواء، فحينئذ ننظر إلى نسبة هذه النجاسة مع الحليب أو مع أي سائل آخر كالدواء، فإن كانت هذه النجاسة تغلبت على طهارة الذي دخل فيه أو دخلت فيه هذه النجاسة فقد تنجس كل ذلك، وإن بقي الممزوج به محتفظاً بشخصيته، الحليب طعمه معروف ، الدواء المركب من أجزاء كثيرة وكثيرة جداً أيضاً معروف، فإذا تحوّل بسبب هذه المخالطة إلى عينية أخرى الممزوج به وهو الحليب والدواء فهو نجس، وإلا فهو طاهر وإن كان فيه نجاسة، لأن الحكم الشرعي المقطوع به أنه ليسَ كل سائل وقعت فيه نجاسة تنجسه وحرُم استعماله، لا ، ومن الأمثلة الواقعية الحساسة في الموضوع: تَنْك الزيت، تقع فيها فأرة أو سمن في [صيف] سائل يقع فيه فأر، هل يجوز أولاً بيعُ هذا الزيت أو ذاك السمن ثم هل يجوز أكله واستعماله ؟
الشحم هو طيب وهو تابعٌ للحم في شريعتنا، القاهرة المهيمنة المسيطرة على كل الشرائع إلى يوم القيامة، أما في شريعة اليهود فقد كانَ اللهُ –عزّ وجلّ- حرّم عليهم شحومَ الدواب الحلال أكل لحومها، وقد صرّح بالقرآن بسبب هذا التحريم الذي قد يتساءل عنه بعض الجالسين فيقول: لماذا حرّم اللهُ على اليهود الشحوم ؟
أمّا إذا كان الأمر كما ذكرنا آنفاً، أن المادة النجسة التي وقعت فيه لم تؤثر في تغيير أحد أوصافه الثلاثة فيجوز استعمال هذا السمن أو ذاك الزيت بعد إخراج العين التي يمكن أنها إذا بقيت في هذا السائل مع الزمن تتفسخ و يُنتن هذا المُتفسخ ذاك السائل فيتنجس ولا يجوز أكله ولا بيعه ولا شراؤه، هذا ما يتعلق بذاك السؤال.
السائل : جزاك الله خير
الشيخ الألباني رحمه الله : وإيّاك.
نسأل الله أن ينفع به كل من عَرَجَ على هاته الصفحة
نترقب المزيد
بالتوفيق