التصنيفات
السير والتراجم

حكم من اتهم أم المؤمنين بالفاحشة

حكم من اتهم أم المؤمنين بالفاحشة

هذه أقوال أهل العلم في حكم من سب أم المؤمنين رضي الله عنها واتهمها بالفاحشة :

1- ساق أبو محمد بن حزم الظاهري في المحلى (13/504) بإسناده إلى هشام بن عمار قال : سمعت مالك بن أنس يقول: من سب أبا بكر و عمر جلد ، و من سب عائشة قتل ، قيل له : لم يقتل في عائشة ؟ قال : لأن الله تعالى يقول في عائشة رضي الله عنها : ( يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبداً إنكنتم مؤمنين ) ، قال مالك : فمن رماها فقد خالف القرآن ، و من خالف القرآن قتل . قال أبو محمد رحمه الله : قول مالك هانا صحيح و هي ردة تامة و تكذيب لله تعالى في قطعهببراءتها.

2- حكى أبو الحسن الصقلي كما في الشفاء للقاضي عياض (2/267-268) أن القاضي أبا بكر الطيب قال : إن الله تعالى إذا ذكر في القرآن ما نسبه إليه المشركون سبح نفسه لنفسه ، كقوله : ( وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه ) ، و ذكر تعالى ما نسبه المنافقون إلى عائشة فقال : ( ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك ( ، سبح نفسه في تبرئتها من السوء كما سبح نفسه في تبرئته من السوء ، و هذا يشهد لقول مالك في قتل من سب عائشة ، ومعنى هذا و الله أعلم أن الله لما عظم سبها كما عظم سبه وكان سبها سباً لنبيه ، و قرن سب نبيه وأذاه بأذاه تعالى ، وكان حكم مؤذيه تعالى القتل ، كان مؤذي نبيه كذلك .
3- قال أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن (3/1356( : إن أهل الإفك رموا عائشة المطهرة بالفاحشة فبرأها الله ، فكل من سبها بما برأها الله منه فهو مكذب لله ، و من كذبالله فهو كافر ، فهذا طريق قول مالك ، و هي سبيل لائحة لأهل البصائر ولو أن رجلاً سب عائشة بغير ما برأها الله منه لكان جزاؤه الأدب .

4- ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الصارم المسلول (566-586) بعض الوقائع التي قتل فيها من رماها رضي الله عنها بما برأها الله منه ، حيث يقول : و قال أبو بكر بن زياد النيسابوري : سمعت القاسم بن محمديقول لإسماعيل بن إسحاق أتى المأمون بالرقة برجلين شتم أحدهما فاطمة و الآخر عائشة، فأمر بقتل الذي شتم فاطمة و ترك الآخر ، فقال إسماعيل : ما حكمهما إلا أن يقتلا لأن الذي شتم عائشة رد القرآن .

قال شيخ الإسلام : وعلى هذا مضت سيرة أهل الفقه والعلم من أهل البيت وغيرهم .

قال أبو السائب القاضي : كنت يوماً بحضرة الحسن بن زيد الدعي بطبرستان ، و كان بحضرته رجل فذكر عائشة بذكر قبيح من الفاحشة ، فقال : يا غلام اضرب عنقه ، فقال له العلويون : هذا رجل من شيعتنا ، فقال : معاذ الله إن هذا رجل طعن على النبي صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى : ( الخبيثات للخبيثين و الخبيثون للخبيثات ، والطيبات للطيبين و الطيبون للطيبات ،أولئك مبرءون مما يقولون ، لهم مغفرة و رزق كريم ) ، فإن كانت عائشة خبيثة فالنبي صلى الله عليه وسلم خبيث ، فهو كافر فاضربوا عنقه ، فضربوا عنقه و أنا حاضر .

و روي عن محمد بن زيد أخي الحسن بن زيد أنه قدم عليه رجل من العراق فذكرعائشة بسوء فقام إليه بعمود فضرب دماغه فقتله ، فقيل له : هذا من شيعتنا و من بني الآباء ، فقلا : هذا سمى جدي قرنان – أي من لا غيرة له – ، و من سمى جدي قرناناستحق القتل فقتلته .

و قال القاضي أبو يعلى : من قذف عائشة بما برأها الله منه كفر بلا خلاف ، و قد حكي الإجماع على هذا غير واحد ، و صرح غير واحد من الأئمة بهذا الحكم .

و قال أبي موسى – و هو عبد الخالق بن عيسى بن أحمد بن جعفرالشريف الهاشمي إمام الحنابلة ببغداد في عصره – : و من رمى عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه فقد مرق من الدين ولم ينعقد له نكاح على مسلمة .

5- قال ابن قدامة المقدسي في لمعة الاعتقاد (29 (: ومن السنة الترضي عن أزواج رسول الله صلى الله عليه و سلم أمهات المؤمنين المطهرات المبرآت من كل سوء ، أفضلهم خديجة بن خويلد وعائشة الصديقة بنت الصديق التي برأها الله في كتابه ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة ، فمن قذفها بما برأها الله منه فقد كفر بالله العظيم .

6- قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم(17/ 117-118( في صدد تعداده الفوائد التي اشتمل عليها حديث الإفك : الحادية والأربعون : براءة عائشة رضي الله عنها من الإفك ، وهي براءة قطعية بنص القرآن العزيز، فلو تشكك فيها إنسان والعياذ بالله صار كافراً مرتداً بإجماع المسلمين ، قال ابن عباس و غيره : لم تزن امرأة نبي من الأنبياء صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين ، وهذا إكرام من الله تعالى لهم .

7- حكى العلامة ابن القيم في زاد المعاد (1/106) اتفاق الأمةعلى كفر قاذف عائشة رضي الله عنها ، حيث قال : واتفقت الأمة على كفر قاذفها .

8- قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (5/76) عند قوله تعالى : ( إن الذين يرمون المحصنات الغافلاتالمؤمنات لعنوا في الدنيا و الآخرة و لهم عذاب عظيم ) ، قال : أجمع العلماء رحمهم الله قاطبة على أن من سبها بعد هذا ورماها بما رماها به بعد هذا الذي ذكر في هذه الآية ، فإنه كافر لأنه معاند للقرآن .
9- قال السيوطي في كتابه الإكليل في استنباط التنزيل ( ص 19 )عند آيات سورة النور التي نزلت في براءة عائشة رضي الله عنها من قوله تعالى : ( إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم .. الآيات ) ، قال : نزلت في براءة عائشة فيما قذفت به ، فاستدلبه الفقهاء على أن قاذفها يقتل لتكذيبه لنص القرآن ، قال العلماء : قذف عائشة كفرلأن الله سبح نفسه عند ذكره فقال سبحانك هذا بهتان عظيم ، كما سبح نفسه عند ذكر ماوصفه به المشركون من الزوجة والولد .
10- سئل الشيخ ابن باز رحمه الله كما في الأسئلة اليامية (1/7) عمن اتهم عائشة رضي الله عنها بالزنا وعن فضلها فرد رحمه الله بمايلي :

عائشة – رضي الله عنها – بنت الصديق هي أم المؤمنين بإجماع المسلمين ، ومن زعم أنها زنت فقد كفر لأنه مكذب لله في قوله جل وعلا : ( إنالذين جاءوا بالأفك عصبةٌ منكم لا تحسبوه شر لكم بل هو خير لكم ) سماه إفكا ؛فالمقصود أن عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها – هي أفضل أزواج النبي عليه الصلاة والسلام ، ما عدا خديجة قد اختلف العلماء في أيهما أفضل ، ومن زعم أنها زنت ، أواتهمها بذلك فهو كافر عند أهل العلم ، بإجماع المسلمين ، مكذب لله ولرسوله ، وهي براء من ذلك وهي الصديقة بنت الصديق ، وهي أفضل أزواج النبي عليه الصلاة والسلام ،ماعدا خديجة في تفضيلها عليها نزاع بين أهل العلم ، وزوجات النبي صلى الله عليه وسلم كلهن مطهرات مؤمنات تقيات أمهات المؤمنين رضي الله عنهن وأرضاهن ، يجب الإيمان بذلك والتصديق بذلك ، واعتقاد أنهن من أطهر النساء وخير النساء ، وأفضل النساء .




مشكوووووورة والله يعطيك الف عافيه




مشكوووووورة والله يعطيك الف عافيه




بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




جزاك الله خيرا.




التصنيفات
السير والتراجم

تراجم مختصرة لأمهات المؤمنين رضي الله عنهن

تراجم مختصرة لأمهات المؤمنين رضي الله عنهن للشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر حفظه الله


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد :
فهذه تراجم مختصرة لأمهات المؤمنين مستلة من كتاب الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر حفظه الله تعالى (تأملات في قوله تعالى ( وأزواجه أمهاتهم ))، مع التنبيه على بعض المسائل المتعلقة بأمهات المؤمنين رضي الله عنهن.

قال الشيخ حفظه الله تعالى :

المسألة الحادية عشرة: في ذكر عدد أزواجه صلى الله عليه وسلم والتعريف بهن رضي الله عنهن :
لا ريب أن من تمام تدبر الآية معرفة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وعددهن وشيء من حياتهن رضي الله عنهن ، وكتب السيرة والتراجم حافلة ببيان ذلك ، لكن المفيد هنا أن نشير إلى شيء من ذلك ولو على وجه الاختصار (1) .
عدد أزواجه صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة امرأة توفي في حياته اثنتان منهن ، ومات صلى الله عليه وسلم عن التسع الباقيات .
1 – أولهن خديجة بنت خويلد القرشية الأسدية ، تزوجها قبل النبوة ولها أربعون سنة ، ولم يتزوج عليها حتى ماتت ، وأولاده كلهم منها إلا إبراهيم رضي الله عنه فإنه من سريته مارية ، وهي التي آزرته على النبوة وجاهدت معه ، وواسته بنفسها ومالها ، وماتت قبل الهجرة بثلاث سنين .
ومن خصائصها : أن الله سبحانه بعث إليها السلام مع جبريل فبلغها النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: « أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ، هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب ، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني ، وبشرها ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ولانصب » (2) .
ومن خصائصها: أنها لم تسؤه قط ولم تغاضبه ، ولم ينلها منه إيلاء ولا عتب قط ولا هجر .
ومن خصائصها: أنها أول امرأة آمنت بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم من هذه الأمة .

2 – ثم تزوج بعد موتها بأيام سودة بنت زمعة بن قيس القرشية رضي الله عنها ، وكبرت عنده ، وأراد طلاقها فوهبت يومها لعائشة رضي الله عنها ، فأمسكها (3) ، وهذا من خواصها أنها آثرت يومها حب النبي صلى الله عليه وسلم تقربا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبا له ، وإيثارا لمقامها معه ، فكان يقسم لنسائه ولا يقسم لها ، وهي راضية بذلك ، مؤثرة لرضى رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها ، وتوفيت في آخر خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعنها ، وعن الصحابة أجمعين .
3 – ثم تزوج عائشة بنت أبي بكر ، الصديقة بنت الصديق ، في شوال قبل الهجرة بسنتين وقيل بثلاث وهي بنت ست سنين ، وبنى بها بالمدينة أول مقدمه في السنة الأولى وهي بنت تسع سنين ، وقد عرضها عليه الملك قبل نكاحها في سرقة من حرير ، ففي الصحيحين عنها رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
« أريتك في المنام مرتين إذا رجل يحملك في سرقة من حرير ، فيقول: هذه امرأتك . فأكشف فإذا هي أنت . فأقول: إن يكن هذا من عند الله يمضه » (4) .
ومن خصائصها : أنها كانت أحب أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه ، كما ثبت عنه ذلك في البخاري ومسلم ، وقد « سئل: أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة " قيل: فمن الرجال؟ قال: " أبوها » (5) .
ومن خصائصها أيضا: أنه لم يتزوج امرأة بكرا غيرها ، وقد جاء في البخاري « عن عائشة رضي الله عنها قالت: "قلت يا رسول الله ، أرأيت لو نزلت واديا فيه شجرة قد أكل منها ، وشجرة لم يؤكل منها ، ففي أيها كنت ترتع بعيرك ، قال: " في التي لم يرتع فيها » (6) . تعني أنه لم يتزوج بكرا غيرها .
ومن خصائصها: أنه كان ينزل عليه الوحي صلى الله عليه وسلم وهو في لحافها دون غيرها . ففي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « يا أم سلمة ! لا تؤذيني في عائشة ، فإني والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها » (7) .
ومن خصائصها: أن الله سبحانه برأها مما رماها به أهل الإفك ، وأنزل في عذرها وبراءتها وحيا يتلى في محاريب المسلمين وصلواتهم إلى يوم القيامة ، وشهد لها بأنها من الطيبات ، ووعدها المغفرة والرزق الكريم ، وكانت رضي الله عنها تتواضع وتقول: " ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بوحي يتلى . . . " (
ومن خصائصها: أنها كانت أفقه نسائه صلى الله عليه وسلم وأعلمهن ، بل أفقه نساء الأمة وأعلمهن على الإطلاق ، وكان الأكابر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرجعون إلى قولها ويستفتونها .
ومن خصائصها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتها ، وفي يومها ، وبين سحرها ونحرها ، ودفن في بيتها (9) .
وقد مات عنها صلى الله عليه وسلم وهي بنت ثماني عشرة سنة ، وتوفيت بالمدينة ودفنت بالبقيع ، وأوصت أن يصلي عليها أبو هريرة رضي الله عنه ، سنة ثمان وخمسين من الهجرة .
واختلف أهل العلم هل هي أفضل أو خديجة على ثلاثة أقوال: فقال بعضهم: هي أفضل . وقال بعضهم: خديجة أفضل . وتوقف آخرون .
قال السيوطي في ألفيته في علم الحديث:
وأفضل الأزواج بالتحقيق … خديجة مع ابنة الصديق
وفيهما ثالثها الوقف وفي … عائشة وابنته الخلف قفي
يليهما حفصة فالبواقي … وآخر الصحاب باتفاق (10)

قال ابن القيم رحمه الله: " وسألت شيخنا ابن تيمية فقال: اختص كل واحدة منهما بخاصة ، فخديجة كان تأثيرها في أول الإسلام ، وكانت تسلي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتثبته وتسكنه ، وتبذل دونه مالها فأدركت غرة الإسلام ، واحتملت الأذى في الله وفي رسوله ، وكان نصرتها للرسول في أعظم أوقات الحاجة ، فلها من النصرة والبذل ما ليس لغيرها . 0 وعائشة -رضي الله عنها- تأثيرها في آخر الإسلام ، فلها من التفقه في الدين ، وتبليغه إلى الأمة ، وانتفاع بنيها بما أدت إليهم من العلم ما ليس لغيرها ، هذا معنى كلامه " (11) .
4 – ثم تزوج حفصة بنت عمر بن الخطاب -رضي الله عنها- وعن أبيها في السنة الثالثة من الهجرة ، وكانت قبله عند خنيس ابن حذافة ، وكان من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وممن شهد بدرا ، وقد توفيت عام سبع أو ثمان وعشرين من الهجرة .

5- ثم تزوج زينب بنت خزيمة بن الحارث القيسية من بني هلال بن عامر ، وتوفيت عنده -صلى الله عليه وسلم- بعد ضمه لها بشهرين ، وكانت تسمى أم المساكين لكثرة إطعامها للمساكين -رضي الله عنها- .
0 6– ثم تزوج أم سلمة هند بنت أبي أمية بن المغيرة القرشية المخزومية وقيل هي آخر نسائه موتا ، وقد توفيت سنة اثنتين وستين للهجرة ، ودفنت في البقيع ، وقد تزوجها النبي -صلى الله عليه وسلم- في السنة الرابعة . من الهجرة . ومن خصائصها: أن جبرائيل دخل على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي عنده ، فرأته في صورة دحية الكلبي . ففي صحيح مسلم « عن أبي عثمان قال: " نبئت أن جبرائيل أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- وعنده أم سلمة ، قال: فجعل يتحدث ثم قام ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأم سلمة من هذا؟ » (12) الحديث .
7- ثم تزوج زينب بنت جحش من بني أسد بن خزيمة ، وهي ابنة عمته أميمة بنت عبد المطلب ، وكانت قبل عند مولاه زيد ابن حارثة ، فطلقها فزوجها الله إياه من فوق سبع سماوات ، وأنزل عليه: { فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا } (13) فقام فدخل عليها بلا استئذان ، وكانت تفخر بذلك على سائر أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتقول: " زوجكن أهاليكن ، وزوجني الله من فوق سبع سماوات " (14) .
وهذا من خصائصها . توفيت بالمدينة سنة عشرين ، ودفنت في البقيع . وهي أول نسائه لحوقا به بعد موته -عليه الصلاة والسلام- . « فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " أسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا" قالت: فكانت أطولنا يدا زينب ، لأنها كانت تعمل بيدها وتتصدق » (15) .

8- وتزوج جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار المصطلقية ، وكانت سبيت في غزوة بني المصطلق ، فوقعت في سهم ثابت بن قيس ، فكاتبها ، فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كتابها ، وتزوجها سنة ست من الهجرة ، وتوفيت سنة ست وخمسين .
ومن فضائلها: أن المسلمين أعتقوا بسببها مائة أهل بيت من الرقيق ، وقالوا: أصهار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (16) .
وكان هذا من بركاتها على قومها .
9 – ثم تزوج أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب القرشية الأموية ، وقيل: اسمها هند ، تزوجها وهي ببلاد الحبشة مهاجرة ، وأصدقها عنه النجاشي أربعمائة دينار ، وسيقت إليه من هناك ، وماتت في أيام أخيها معاوية بن أبي سفيان .
10 – وتزوج في السنة السابعة صفية بنت حيي بن أخطب سيد بني النضير من ولد هارون بن عمران أخي موسى عليهما السلام ، فهي ابنة نبي وعمها نبي وزوجها نبي ، وكانت من أجمل نساء العالمين ، وكانت قد صارت له من الصفي أمة فأعتقها وجعل عتقها صداقها . وهذا من خصائصها -رضي الله عنها- .
11 – ثم تزوج ميمونة بنت الحارث الهلالية ، وهي آخر من تزوج بها ، تزوجها بسرف ، وبنى بها بسرف ، تزوجها في السنة السابعة من الهجرة بعد عمرة القضاء ، وماتت بسرف سنة ثلاث وستين من الهجرة في أيام معاوية -رضي الله عنه- وعنها وعن الصحابة أجمعين .
فهؤلاء . نساؤه المعروفات اللاتي دخل بهن وهن إحدى عشرة امرأة ، وهن فقط أمهات المؤمنين -رضي الله عنهن- أجمعين .

قال الحافظ العراقي في ألفيته في السيرة النبوية:
زوجاته اللاتي بهن قد دخل … ثنتا أو إحدى عشرة خلف نقل
خديجة الأولى تليها سودة … ثم تلي عائشة الصديقة
وقيل قبل سودة فحفصة … فزينب والدها خزيمة
فبعدها هند أي أم سلمة … فابنة جحش زينب المكرمة
تلي ابنة الحارث أي جويرية … فبعدها ريحانة المسبية
وقيل بل ملك يمين فقط … لم يتزوجها وذاك أضبط
بنت أبي سفيان وهي رملة … أم حبيبة تلي صفية
من بعدها فبعدها ميمونة … حلا وكانت كاسمها ميمونة
وابن المثنى معمر قد أدخلا … في جملة اللاتي بهن دخلا
بنت شريح واسمها فاطمة … عرفها بأنها الواهبة
ولم أجد من جمع الصحابة … ذكرها ولا بأسد الغابة
وعلها التي استعاذت منه … وهي ابنة الضحاك بانت منه
وغير من بنى بها أو وهبت … إلى النبي نفسها أو خطبت
ولم يقع تزويجها فالعدة … نحو الثلاثين بخلف أثبتوا (17)
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: " وقال بعضهم هن ثلاثون امرأة ، وأهل العلم بسيرته وأحواله -صلى الله عليه وسلم- لا يعرفون هذا ، بل ينكرونه ، والمعروف عندهم أنه بعث إلى الجونية ليتزوجها فدخل عليها ليخطبها فاستعاذت منه فأعاذها ولم يتزوجها ، وكذلك الكلبية ، وكذلك التي رأى بكشحها بياضا فلم يدخل بها ، والتي وهبت نفسها له فزوجها غيره على سور من القرآن ، هذا هو المحفوظ ، والله أعلم " (1 .

__________
(1) من المصادر والمراجع التي يمكن الإفادة منها في ترجمة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ما يلي: 1 – طبقات ابن سعد (8 52 وما بعدها). 2 – تسمية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأولاده لأبي عبيدة معمر بن المثنى. 3 – الاستيعاب لابن عبد البر (1 44 وما بعدها). 4 – الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر ” كتاب النساء ” (4 224 وما بعدها). 5 – زاد المعاد لابن القيم (1 105) وما بعدها. 6 – جلاء الأفهام له (ص 154 وما بعدها). 7 – أمهات المؤمنين رضي الله عنهن دراسة حديثية، للدكتور عبد العزيز العبد اللطيف، رسالة دكتوراه مطبوعة على الآلة الكاتبة.
( 2 ) صحيح البخاري المناقب (3610),صحيح مسلم فضائل الصحابة (2432),مسند أحمد بن حنبل (2/231).
(3) رواه البخاري (9 312 فتح).
(4) صحيح البخاري النكاح (4790),صحيح مسلم فضائل الصحابة (243,سنن الترمذي المناقب (3880),مسند أحمد بن حنبل (6/12.
(5) صحيح البخاري المناقب (3462),صحيح مسلم فضائل الصحابة (2384),سنن الترمذي المناقب (3885),مسند أحمد بن حنبل (4/203).
(6) صحيح البخاري النكاح (4789).
(7) صحيح البخاري المناقب (3564),سنن الترمذي المناقب (3879),سنن النسائي عشرة النساء (3950),مسند أحمد بن حنبل (6/293).
( 50 رواه البخاري (7 431 فتح) ومسلم (4 2129).
(9) رواه البخاري (8 144 فتح)، ومسلم (4 1893).
(10) ألفية السيوطي في علم الحديث (196)
(11 ) جلاء الأفهام (154).
(12) صحيح البخاري فضائل القرآن (4695),صحيح مسلم فضائل الصحابة (2451).
(13) سورة الأحزاب الآية 37
(14) رواه البخاري (13 403 فتح).
(15) رواه مسلم (4 1907 ).
(16 ) رواه أحمد في مسنده (6 277 ).
(17) العجالة السنية على ألفية السيرة النبوية للعراقي تأليف عبد الرزاق المناوي ص 255 هـ 256.
(1 زاد المعاد (1 113).
************************* ***
من كتاب تأملات في قوله تعالى ( وأزواجه أمهاتهم )- ص 66- 83





المسألة الثانية عشرة: في ذكر بعض فضائلهن وخصائصهن:

مر معنا في المسألة السابقة بعض الفضائل والخصائص التي تميز بها بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وفي هذه المسألة سأشير إلى بعض فضائلهن وخصائصهن إجمالا ، أو الفضائل والخصائص المشتركة بينهن -رضي الله عنهن- أو بين أكثرهن .
أولا : فمن خصائصهن أن الله أكرمهن وشرفهن بأن كن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وهذه فضيلة عظيمة ومنقبة كبيرة من الله عليهن بها ، وهن أزواجه في الدنيا والآخرة .
ثانيا : ما ترتب على ذلك ، وهو أنهن صرن بذلك أمهات للمؤمنين ، كما قال تعالى: { وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } (سورة الأحزاب الآية 6
) فهذه فضيلة أخرى وخاصية ثانية نلنها لما أكرمهن بأن كن أزواجا للنبي -صلى الله عليه وسلم- .
ثالثا : وصف الله لهن في القرآن بأنهن لسن كأحد من النساء ، قال تعالى: { يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ } (سورة الأحزاب الآية 32) بل أحسن وأفضل .
رابعا : ومن خصائصهن أنهن لا يجوز نكاحهن من بعده ، كما قال تعالى: { وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا } (سورة الأحزاب الآية 53) وهذه خاصة بهن دون سائر النساء .
خامسا : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نص على الصلاة عليهن ، ففي الصحيحين من حديث أبي حميد الساعدي : أنهم قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قولوا: « اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم ، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد » (1) .
سادسا : إيثارهن البقاء مع النبي -صلى الله عليه وسلم- على الحياة الدنيا وزينتها لما خيرن في ذلك ، قال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا } (سورة الأحزاب الآية 2 { وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا } (سورة الأحزاب الآية 29) فاخترن البقاء معه -صلى الله عليه وسلم- .
سابعا : أنهن داخلات في آل النبي -صلى الله عليه وسلم- ، ويدل على دخولهن في الآل أمور عديدة ، منها: 1
– قوله تعالى في حقهن: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } (الأحزاب الآية 33)
2- قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي حميد المتقدم: « اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته » (2) وفي غيره من الأحاديث: « اللهم صل على محمد وعلى آل محمد » (3) . وهذا غايته أن يكون الأول منهما قد فسره اللفظ الآخر .
3 – ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا » (4) .
وكان رزق أزواجه -صلى الله عليه وسلم- قوتا ، وما كان يحصل له بعد من الأموال كن يتصدقن بها ويجعلن رزقهن قوتا .
4 – ما ثبت في الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: « ما شبع آل محمد -صلى الله عليه وسلم- من خبز بر مأدوم ثلاثة أيام حتى لحق بالله عز وجل » (5) وأزواجه كان أمرهن كذلك .
5 – وإنما دخل أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- في الآل تشبيها لذلك؛ لأن اتصالهن بالنبي -صلى الله عليه وسلم- غير مرتفع ، وهن محرمات على غيره في حياته وبعد مماته ، وهن زوجاته في الدنيا والآخرة ، فالسبب الذي لهن بالنبي -صلى الله عليه وسلم- قائم مقام النسب (6) .
ثامنا : أنهن تحرم عليهن الصدقة ، وهذا مترتب على الذي قبله؟ لقوله -صلى الله عليه وسلم- : « إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد » .
وهن داخلات في الآل كما تقدم ، فالصدقة تحرم عليه؛ لأنها من أوساخ الناس ، وقد صان الله سبحانه ذلك الجناب الرفيع من كل أوساخ بني آدم (7) .
تاسعا : أنهن من الذين يؤتون أجرهم مرتين ، قال الله تعالى: { وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا } (سورة الأحزاب الآية 31 )

" فقنتن لله ورسوله وعملن صالحا ، فعلم بذلك أجرهن " (رضي الله عنهن أجمعين .
وقد أفرد السيوطي رسالة لطيفة فيمن يؤتى أجره مرتين ، جمع فيها من ورد في حقهم هذا الأجر المضاعف ، بدأها بأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- (9) ، وأورد ، الآية الكريمة المتقدمة ، ثم ساق ما رواه الطبراني (10) عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « أربعة يؤتون أجرهم مرتين: أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- ، ومن أسلم من أهل الكتاب ، ورجل كانت عنده أمة فأعجبته فأعتقها ثم تزوجها ، وعبد مملوك أدى حق الله وحق ساداته » (11) .
إلا أن الحديث غير ثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لضعف إسناده (12) ، والآية كافية في الدلالة على هذه الفضيلة وإثباتها .
وقد قال السيوطي في آخر رسالته المتقدمة (13) نظما:
وجمع أتى فيما روينا أنهم … يثنى لهم أجر حووه محققا
فأزواج خير الخلق أولهم ومن … على زوجها أو القريب تصدقا
فهذه بعض خصائص وفضائل أمهات المؤمنين -رضي الله عنهن- . والمقصود الإشارة ليس إلا ، والله أعلم

_______________
(1) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (3189),صحيح مسلم الصلاة (407),سنن النسائي السهو (1294),سنن أبو داود الصلاة (979),سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (905),مسند أحمد بن حنبل (5/424),موطأ مالك النداء للصلاة (397).
(2) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (3189),صحيح مسلم الصلاة (407),سنن النسائي السهو (1294),سنن أبو داود الصلاة (979),سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (905),مسند أحمد بن حنبل (5/424),موطأ مالك النداء للصلاة (397).
(3) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (3190),صحيح مسلم الصلاة (406),سنن الترمذي الصلاة (483),سنن النسائي السهو (128,سنن أبو داود الصلاة (976),سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (904),مسند أحمد بن حنبل (4/244),سنن الدارمي الصلاة (1342).
(4) صحيح البخاري الرقاق (6095),صحيح مسلم الزكاة (1055),سنن الترمذي الزهد (2361),سنن ابن ماجه الزهد (4139),مسند أحمد بن حنبل (2/446).
(5) صحيح البخاري الأطعمة (5107),صحيح مسلم الزهد والرقائق (2970),سنن الترمذي الزهد (2357),سنن النسائي الضحايا (4432),سنن ابن ماجه الأطعمة (3344),مسند أحمد بن حنبل (6/187),سنن الدارمي الأضاحي (1959).
(6) انظر: جلاء الأفهام لابن القيم (ص 142 ، 143 ).
(7) جلاء الأفهام لابن القيم (ص 143).
( تيسير الكريم الرحمن لابن سعدي (6 106 ).
(9) مطلع البدرين فيمن يؤتى أجره مرتين للسيوطى (ص 19- 22).
(10) في معجمه الكبير (8 252 رقم 7856).
(11) صحيح البخاري الجهاد والسير (2849),صحيح مسلم الإيمان (154),سنن الترمذي النكاح (1116),سنن النسائي النكاح (3344),سنن أبو داود النكاح (2053),سنن ابن ماجه النكاح (1956),مسند أحمد بن حنبل (4/405),سنن الدارمي النكاح (2244).
(12) ففي إسناده علي بن يزيد الألهاني ” ضعيف ” كما في التقريب لابن حجر (ص 707). وقد أورد الهيثمي الحديث في مجمع الزوائد (4 260 ) وقال: رواه الطبراني، وفيه علي بن يزيد الألهاني وهو ضعيف وقد وثق. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1 255 ).
(13) مطلع البدرين (ص 5.




المسألة الثالثة عشرة: في واجبنا نحو أزواجه -صلى الله عليه وسلم-:

يمكن أن نلخص الواجب علينا نحو أزواجه -صلى الله عليه وسلم- أمهات المؤمنين في النقاط التالية:

1 – تولي أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحبهن ، ومعرفة فضلهن وقدرهن ومنزلتهن العظيمة التي شرفهن الله بها .

2 – احترامهن وتوقيرهن واعتقاد أنهن أمهات للمؤمنين ، وأنهن أزواج للرسول -صلى الله عليه وسلم- في الآخرة . قال أبو عثمان الصابوني في رسالته في اعتقاد أهل السنة وأصحاب الحديث والأئمة (ص (107)- : " وكذلك يرون تعظيم قدر أزواجه -رضي الله عنهن- والدعاء لهن ومعرفة فضلهن والإقرار بأنهن أمهات المؤمنين " .
3 – سلامة الصدر تجاههن من الغل أو الغش ، وملؤه بالحب والنصح .
4 – إحسان القول فيهن ، وسلامة اللسان تجاههن . يقول الطحاوي رحمه الله: " ومن أحسن القول في أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأزواجه الطاهرات من كل دنس ، وذريته المقدسين من كل رجس ، فقد برئ من النفاق " . قال الشارح: " وإنما قال: " بريء من النفاق " لأن أصل الرفض إنما أحدثه منافق زنديق قصده إبطال دين الإسلام والقدح في الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، كما ذكر ذلك العلماء " (14) .
5 – البراءة من طريقة الروافض ومن نحا نحوهم تجاه أزواج النبي عليه الصلاة والسلام من تكفير أو سب أو وقيعة أو سخرية أو تنقص أو نحو ذلك .
6 – الذب عنهن ، والرد على من يريد التنقص من قدرهن أو يحط من شأنهن أو يقلل من مكانتهن .
7 – دراسة سيرتهن ، ومعرفة أخبارهن وآدابهن وعبادتهن ، فإنهن أعظم النساء تعلما في مدرسة النبوة ، بل إن هناك أمورا عديدة من هديه -صلى الله عليه وسلم- لا يمكن العلم بها إلا من طريقهن -رضي الله عنهن- أجمعين
_______________

( 14 ) شرح العقيدة الطحاوية (ص 737، 73

من كتاب (وأزواجه أمهاتهم – ص 87-95)




بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




جزاك الله خيرا.




التصنيفات
اسلاميات عامة

خطورة السخرية والاستهزاء بالمؤمنين

خطورة السخرية والاستهزاء بالمؤمنين


الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فيقول الله جل وعلا في كتابه الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) [الحجرات:11] يبين الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة مسائل أربع، ويحذر منها جل وعلا:

حرمة السخرية

الأولى: السخرية من الرجال بعضهم ببعض، أو النساء، وأن الواجب على المؤمن أن يحذر السخرية من أخيه والاستهزاء بأخيه، فربما كان المستهزأ به أفضل عند الله وخيراً من هذا المستهزئ الساخر المتنقص، وهكذا النساء مع بعضهن، ولهذا قال عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) ذكرهم بالإيمان الذي يجب أن يمنعهم مما حرم الله.. (لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ ) [الحجرات:11] لا تسخر من فقره، أو دمامته، أو عرجه.. أو غير هذا من الأسباب، وكذلك المرأة لا تسخر من أختها ولا من أخيها، بل يجب على المؤمن أن يشكر الله إذا حباه فضلاً على غيره، وأن يحمد الله الذي عافاه مما ابتلى به غيره، أما أن يسخر ويستهزئ فذلك من نقص العقل والدين.

حرمة اللمز والعيب

المسألة الثانية: يقول جلا وعلا: ( وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ ) [الحجرات:11] اللمز: العيب، لا يعب بعضكم بعضاً، لا تعب أخاك بشيء ابتلاه الله به، من نقص في ماله، أو في جاهه، أو في خلقته.. أو نحو ذلك، فإن هذا يشبه الاستهزاء، فالواجب عليك أن تحمد الله وتشكره على ما أعطاك من النعم، وألا تعيب أخاك وتلمزه. واللمز هو المسمى: العيارة، أن يعيره بشيء فيه من النقص، هذا لا يجوز، وهو من أسباب البغضاء والشحناء، ومن أسباب العداوة والفرقة ( وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ ) [الحجرات:11] أي: لا يلمز بعضكم بعضاً ولا يعيب بعضكم بعضاً؛ سواء بأشياء خارجية من فقر أو غير ذلك، أو داخلية من نقص في خلقته يعيبه بذلك.

حرمة التنابز بالألقاب

المسألة الثالثة: قال تعالى: (( وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ))[الحجرات:1] التنابز التداعي بالألقاب القبيحة: يا حمار! يا فاجر! يا كافر! يا قبيح! يا أعرج! يا كذا! يدعوه بألقاب لا يرضاها، هذا -أيضاً- من أسباب الشحناء والعداوة والبغضاء، وربما أفضى إلى القتال والفتن، فالواجب أن يدعوه بالأسماء الطيبة، والأسماء التي يحبها: يا فلان.. يا محمد.. يا أبا عبد الله.. أما أن يدعوه بأسماء أو بعبارات وألقاب يكرهها، فهذا هو التنابز بالألقاب، فيجب الحذر من ذلك؛ لئلا يجر إلى الفتن والشحناء والعداوة والبغضاء، ولهذا قال جل وعلا: (وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ ) [الحجرات:11] فبين لنا أن من تعاطى هذه الأمور يكون فاسقاً، فكيف يرضى بحاله أن يكون بعد الإيمان فاسقاً خارجاً عن طاعة الله جل وعلا؟ والفسوق هو الخروج عن الطاعة.

التوبة إلى الله تعالى من جميع المعاصي
المسألة الرابعة: ثم قال بعد ذلك: (وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) [الحجرات:11] يبين سبحانه أن من أصر على المعاصي فهو ظالم، ومن تاب فقد أفلح.. من أصر على المعصية ولم يتب فهو ظالم لنفسه، متعرض لغضب الله، فالواجب البدار بالتوبة من المعصية، وعدم الإصرار عليها، فمن بادر بالندم والإقلاع وعدم الإصرار والعزم الصادق ألا يعود؛ سلم من شر الذنب وتاب الله عليه، ومن أصر فقد ظلم نفسه، ويبقى عليه إثم ذلك الذنب وخطره لو نزل به الأجل. رزق الله الجميع العافية، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

للشيخ ابن باز رحمه الله




جزاك الله خيرا أخي