هذا الموضوع طويل, أنا أعطيك كلمة مختصرة إن فهمتها سينفعك الله بها, وأقسم بالله العظيم إني من عشرين سنة بستعمل هذه القاعدة مع الإخوان المسلمين ومع التكفير والهجرة ومع الجماعة الإسلامية, أقسم بالله ما أحد في يوم إستطاع أن يخرج من هذه القاعدة في المناقشة العلمية إلى يومك, علماء السلف الصالح وعلى رأسهم عبدالله إبن عباس فسّر هذه الآية:( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) فسّر ذلك إبن عباس قال:( كفرٌ دون كفر) أي أن الحكم بغير ما أنزل الله تارةً يكون كفراً أكبر وتارةً يكون كفراً أصغر, ولمّا سئل الإمام أحمد إبن حنبل عن هذه الآية قال:( هي كما قال إبن عباس كفرٌ دون كفر), الحاكم إذا حكم بغير الشريعة منكراً للشريعة أو زاعماً أنها لا تصلح أو زاعماً أنه لا يلزمه أن يطبّق شرع الله أو رأى أن الشرع لا ينفع أو أن القانون أصلح , إذا ما أقترن شئٌ من هذا مع كونه حكم بغير ما أنزل الله فلا شك ولا ريب أنه يكون كافراً , وأما إذا كان حكم بغير ما أنزل الله كما قال إبن عباس :(كفرٌ دون كفر) ولم ينكر شرع الله؛ ولم يوجد شئٌ من هذه القرائن التي ذكرتها فعندئذٍ يكون عاصياً فاسقاً ظالماً لكن لا يكفر, الآن ما هي القاعدة التي (كلمة غير مفهومة وأظنها تزن) هؤلاء المكفرين؟
هؤلاء يفرّقون تفريقاً عجيباً يقولون: نحن لا ننكر كلام إبن عباس ولا ننكر كلام الإمام أحمد لكننا نقول (هم يقولون) أن الحاكم لا يكفر إذا عطّل حكم الله في جزئية أو جزئيات ولكن الأصل عنده الشريعة كما كان يحصل في زمن بني أمية فعندئذٍ نقول ( هم يعني) أنه كفرٌ دون كفر, قال وأما أن يعطّل الشريعة وأن يضع قانوناً وضعياً يحمل الناس عليه فهذا لا يندرج في كلام السلف كفرٌ دون كفر.
إذاً بإختصارٍ شديد: هم ماذا يقولون, يفرّقون بين الحاكم إذا عطّل الشريعة كلها وبين الحاكم إذا طبّق شرع الله ثم جاء في جزئية وعطّل؛ مثاله: رجلٌ يحكم بالشريعة فجاء لإبن أخيه أو لقريبٍ له وحكم لقرابته , هذا حكم بغير ما أنزل الله يقولون عندئذٍ يقال أنه عاصي لأنه ترك حكم الله في جزئية, وأما إذا وضع قانوناً عاماً فهذا يكون كافراً , إذاً هم يفرّقون بين الجزئية وبين التشريع العام ؛ فيسمون التشريع العام يسمون صاحبه مستبدلاً؛ فقالوا إن إستبدل الشريعة بقانون وضعي هذا كافر؛ وأما إذا ترك جزئية أو جزئيتن والأصل عنده الشريعة هذا عاصي, هذا كلامهم كلهم حول هذه الكلمة يدندنون؛ هناك في السعودية سلمان وسفر وهنا في مصر محمد عبدالمقصود,ياسر برهامي,فوزي السعيد , في الأردن في الجزائر في اليمن في بريطانيا محمد سرور نايف, المسعري ؛ كلهم يقولون بهذه التفرقة .
ما هي القاعدة التي تُبطل هذه الدعوى ؟ الآن إنتبه: الكفر عند أهل السنة كفرٌ بجنسه وليس كفراً بنسبته ؛ ما معنى هذا الكلام؟
نحن نسأل هؤلاء نقول لهم: ماذا تقولون في رجلٍ سجد لصنمٍ سجدةً واحدةً ؟ من طبيعة الجواب سيقولون: كافر طيب, رجلٌ منذ أن وُلد إلى أن مات وهو يسجد للأصنام ماذا تقولون؟ يقولون أيضاً كافر .
طيب ما الفرق الآن بين من سجد سجدة واحدة وبين من سجد طيلة عمره؟ لا فرق, لماذا لا فرق؟ لأن جنس الفعل كفرٌ وهو السجود للصنم .
طيب مثالٌ آخر: رجلٌ أنكر آيةً من كتاب الله ماذا تقولون؟ يقولون: كافر, طيب.
رجلٌ أنكر القرآن كله ماذا يقولون؟ يقولون: كافر, يا أخي هذا أنكر آية فقط, قال لا فرق بين من أنكر آية وبين من أنكر القرآن كله, لماذا؟ لأن القاعدة عند أهل السنة أن الكفر كفرٌ بجنس الفعل لا بنسبته قلةً وكثرةً؛ فإذا كان أصل الفعل أو القول أو الإعتقاد كفرٌ لم تضرّ النسبة قلة أو كثرةً, طيب.
وإن لم يكن جنس الفعل كفر؛ رجلٌ شرب الخمر مرة كفر؟ الجواب لا, هذا عاصي , طيب.
رجلٌ أدمن شرب الخمر طيلة دهره وهو يقول أسأل الله مغفرته غلبتني نفسي كفر؟ لا , يا رجل هذا يشرب مرةً واحدة وهذا مدمن لماذا لا تكفّره؟ يقولون: لأن هذا الذي يشرب الخمر طيلة دهره جنس الفعل وهو شرب الخمر من الكبائر وليس من المكفرات.
إذن من هنا نقول : الكفر كفرٌ بإعتبار جنسه أم بإعتبار نسبته؟
الجواب: بإعتبار جنسه , فقليله وكثيره إن كان كفراً فهو كفرٌ , وقليله وكثيره إن كان أصل جنسه معصيةً فهو معصية.
الآن نقول لهؤلاء : أخبرونا عن مسألة الحكم بغير ما أنزل الله أهي من جنس الكفر أم من جنس المعاصي ؟ لهم حالة من حالتين:
إما أن يقولوا أن جنس الحكم بغير الشرع من الكفر الأكبر أو يقولوا من المعاصي التي لا يكفر صاحبها, فيه إحتمال ثالث, لا, طيب.
إن قالوا أنها من جنس الكفر الأكبر, قلنا لهم: وأنتم لا تكفرّونه إذا ترك حكم الله في جزئية واحدة!! .
إذن لو كان جنس الحكم بغير ما أنزل الله من الكفر الأكبر للزمكم أن تكفّروا من ترك جزئيةً واحدةً كما تكفّرون من سجد لصنمٍ سجدةً واحدة وكما تكفّرون من أنكر آيةً واحدةً من القرآن لأنكم نظرتم إلى جنس الفعل لكنهم لا يكفّرون بذلك بل هم يتوافقون معنا؛ لو أن رجلاً حكّم الشريعة وأتى في بعض الجزئيات وترك تطبيق بعض الشرع؛ يقولون: هذا عاصي, والذي يكفّره من الخوارج , إذن يتوافقون معنا في هذه الصورة.
إذن هذا دليلٌ وحجة عليهم أنهم جعلوا جنس الحكم بغير ما أنزل الله من الكفر الأكبر أو من المعاصي ؟ من المعاصي وإن كفّروه ؛ وإن نحّى الشريعة في جزئيةٍ واحدة .
لذلك هذا يجرّهم إلى قاعدة الخوارج ؛ الآن أنت في بيتك ظلمت إبناً من أبنائك هل حكمت بما أنزل الله في هذا الولد؟ ,هل تكفّره؟.
إذن الإعتبار الآن في الحكم بغير ما أنزل الله يدخل في القاعدة السابقة النظرُ إلى جنس الفعل, فإما أن يكفّروا كلّ من عطّل جزئيةً واحدة ؛ وإما أن لا يكفّروا من إستبدل الشرع بقانون وضعي؛ لأن الأمر الآن مداره على جنس الفعل دون النظر إلى قلته أو كثرته, أنا أقسم لك بالله العظيم
وأُشهد الله أني صادق منذُ أن نزلتُ مصر وناقشت هؤلاء أُلزمهم بهذه القاعدة مع أني كنت صغير السن ورب الكعبة ما أحدٌ منهم يستطيع أن يجيب , لماذا؟ هذا كلام الأئمة ولا نكفّر مسلماً بذنبٍ ما لم يستحله , أهل السنة ينظرون إلى جنس الفعل ؛ فإن كان جنس الفعل كفر لم ينظروا إلى قلته وكثرته ؛ وإذا كان جنس الفعل معصية لم ينظروا إلى قلته وكثرته, فمن نحّى جزئية من الشريعة كمن نحّى ألفاً , ومن أنكر آيةً كمن أنكر القرآن كله , إذن لمّا الآن يقول إبن عباس:( كفرٌ دون كفر) والسلف يقولون ذلك , من الجهل أننا نحمل كلام السلف على أنهم فرّقوا بين القليل وبين الكثير …