التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

فضل الايام العشر الاوائل من ذي الحجة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد ؛ أيها الأخ المسلم الكريم ؛ فها هي أيام العشر الأول من ذي الحجة ، أيام الخير والبركة تهل علينا حاملة بشائر الأجر ونسائم الفضل ، يستعد لها الموفقون ، ويسعد بها الطائعون ، ويطمع في بركتها الصالحون ، فأين أنت في هذه الأيام العشر المباركة ؟ وماذا أعددت لاستقبالها واغتنامها والتزود فيها ؟ .
في هذه الورقات نقدم لك أيها الأخ الكريم والأخت الكريمة بيانا بفضيلة هذه الأيام المباركة ، ودعوة للاستفادة من هذه الأوقات الفاضلة ، سائلين الله أن يرزقنا وإياكم التوفيق لما يحبه ويرضاه .

فضيلة هذه الأيام

أخرج البخاري وأبو داود والترمذي وغيرهم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ» فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ،وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ» .
وفي رواية عند الطبراني في الكبير: «مَا مِنْ أَيَّامٍ يُتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ فِيهَا بِعَمَلٍ أَفْضَلَ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ» .
وفي رواية عند الدارمي :« مَا مِنْ عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلاَ أَعْظَمَ أَجْراً مِنْ خَيْرٍ تَعْمَلُهُ فِي عَشْرِ الأَضْحَى » .
وأخرج الطيالسي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر عنده أيام الْعَشْرِ فقال : «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْعَمَلُ فِيهِ مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ » .
ذلك بعض ما أشار إليه حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم من فضيلة هذه الأيام ، ولما كان الصحابة رضي الله عنهما قد استقر عندهم أن الجهاد ذروة سنام الإسلام وأعظم الأعمال ، فقد سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن العمل الصالح في هذه الأيام هل يسبق في الأجر والدرجة تلك الفريضة الكريمة السامية ؟ فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الجهاد لا يسبق العمل الصالح في هذه الأيام إلا في حالة واحدة ، وهي أن يخرج المجاهد مخاطراً بماله ونفسه فينال الشهادة ويفقد المال ولا يرجع بشيء.
قال ابن رجب في فتح الباري : « هذا الحديث نص في أن العمل المفضول يصير فاضلا إذا وقع في زمان فاضل ، حتى يصير أفضل من غيره من الأعمال الفاضلة ؛ لفضل زمانه ، وفي أن العمل في عشر ذي الحجة أفضل من جميع الأعمال الفاضلة في غيره . ولا يستثنى من ذلك سوى أفضل أنواع الجهاد ، وهو أن يخرج الرجل بنفسه وماله ، ثم لا يرجع منهما بشيء .
وقد سئل صلى الله عليه وسلم : أي الجهاد أفضل ؟ قالَ : «مَنْ عُقِرَ جَوَادُهُ ، وَأُهْرِيقَ دَمُهُ» .
وسمع رجلا يقول : اللَّهُمَّ اعطني أفضل ما تعطي عبادك الصالحين، فقالَ لهُ : «إِذَنْ يُعْقَرُ جَوَادُكَ ، وَتُسْتَشْهَدُ» .
فهذا الجهاد بخصوصه يفضل على العمل في العشر ، وأما سائر أنواع الجهاد مع سائر الأعمال ، فإن العمل في عشر ذي الحجة أفضل منها . انتهى كلام ابن رجب.
ومن ثم اجتهد الموفقون في صالح الأعمال في هذه الأيام ، وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ -راوي الحديث عن ابن عباس- إِذَا دَخَلَ أَيَّامُ الْعَشْرِ اجْتَهَدَ اجْتِهَاداً شَدِيداً حَتَّى مَا يَكَادُ يَقْدِرُ عَلَيْهِ (أخرجه الدارمي) .
وكان يدعو إلى عدم إطفاء السرُج ، كناية عن طول القيام وكثرة الأعمال الصالحة في هذه الأيام المباركة .
فأين أنت من هذا الخير العظيم ؟

(1) أين أنت من التعرض لنفحات رحمة الله في أيام العشر ؟

أخرج الطبراني في الكبير وفي الدعاء ، والبيهقي في الشعب وفي الأسماء والصفات ، وأبو نعيم في معرفة الصحابة ، والقضاعي في مسند الشهاب عَنْ أَنَسِ بن مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «افْعَلُوا (وفي رواية : اطلبوا) الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ (زاد في رواية : كله)، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ ، فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ، وَسَلُوا اللَّهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ».
قال الهيثمي في المجمع: رواه الطبراني وإسناده رجاله رجال الصحيح غير عيسى بن موسى بن إياس بن البُكير وهو ثقة .
وأخرجه الطبراني في الدعاء والبيهقي في الشعب وابن أبي الدنيا في (الفرج بعد الشدة) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « اطلبوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ كُلَّهُ » فذكره بمثله .

والتعرض لنفحات رحمة الله يكون بكثرة الدعاء والسؤال في هذه الأوقات الفاضلة باعتبارها أوقات إجابة وتفضل من الله تعالى ، فهل تحرص أيها الأخ الحبيب على ورد من الدعاء فيها ؟ وهل تحرص على أن تجعل لدعوتك ولإخوانك ولأمتك نصيبا موفورا من الدعوات المباركة في هذه الأيام ؟ وهل تخص بمزيد من صادق الدعوات إخوانك المجاهدين أهل الرباط في فلسطين وغيرها من ديار الإسلام ؟ أسأل الله أن يوفقنا وإياك لما يرضيه ، وأن يستر عوراتنا ويؤمن روعاتنا وينصر مجاهدينا ، إنه على كل شيء قدير .

(2) أين أنت من التوبة النصوح في الأيام العشر ؟

فهذه أيام يقبل الله فيها على خلقه، ويقبل التوبة ممن تاب ، فهل تكون مع أولياء الرحمن المؤمنين الذين استجابوا لنداء الله ]وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[ (النور: 31) ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً[ (التحريم: 8)
ها هو الحق سبحانه ينادي على المذنب الذي يئس من رحمته ]إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ القَوْمُ الكَافِرُونَ[ (يوسف:87) .
ويقول لمن قنط من رحمة ربه ]وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ[ (الحجر: 57).
يقول للذي ملأت الذنوب حياته، وشغلت الشهوات أيامه، وغرق فيها غرقا إلى أذنيه: «لَوْ أَتَيْتَنِي ‏ ‏بِقُرَابِ ‏ ‏الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ ‏ ‏بِقُرَابِهَا ‏ ‏مَغْفِرَةً».
فلنبادر إلى اغتنام نفحات رحمة الله في هذه الليالي والأيام المباركة ، بدءاً بالاصطلاح مع الله والتوبة الصادقة إليه ، والله يتولى توفيقنا جميعا لما يحب ويرضى .

(3) أين أنت من الذكر في أيام العشر ؟

أخرج أحمد وأبو عوانة وأبو نعيم في الحلية عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنْ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ» . وهو حديث حسن بمجموع طرقه .
قال البخاري : وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا ، وَكَبَّرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ خَلْفَ النَّافِلَةِ.
وهؤلاء الصحابة رضي الله عنهما إنما يفعلون ذلك امتثالاً لقوله تعالى )لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ المُحْسِنِينَ( (الحج : 37).
فلنكثر من التكبير والتهليل والتحميد والذكر ، وبخاصة أذكار الصباح والمساء والأحوال المختلفة ، وفي أدبار الصلوات .

(4) أين أنت من الصيام في أيام العشر ؟

الصيام من أفضل الأعمال التي ندب إليها الإسلام وحض عليها ، فقد أخرج الشيخان عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا بَاعَدَ اللَّهُ بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» .
وأفضل ما يكون صيام النوافل في الأيام الفاضلة المباركة ، وأعلاها فضلا وأكملها أجرا هذه الأيام العشر المباركة ، ومن ثَمَّ كان صيامُها من أفضل الأعمال ، وحديث ابن عباس رضي الله عنهما في فضل الأيام العشر أورده الأئمة تحت عنوان (باب فضل صيام العشر) وقال ابن حجر في فتح الباري: «اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى فَضْلِ صِيَامِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِانْدِرَاجِ الصَّوْمِ فِي الْعَمَلِ ، وَاسْتَشْكَلَ بِتَحْرِيمِ الصَّوْمِ يَوْمَ الْعِيدِ ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ»
وأما الحديث الذي أخرجه مسلم وغيره عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ .
فقد قال النووي في شرح مسلم : «قَالَ الْعُلَمَاء : هَذَا الْحَدِيث مِمَّا يُوهِم كَرَاهَة صَوْم الْعَشَرَة ، وَالْمُرَاد بِالْعَشْرِ هُنَا : الْأَيَّام التِّسْعَة مِنْ أَوَّل ذِي الْحِجَّة ، قَالُوا : وَهَذَا مِمَّا يُتَأَوَّل فَلَيْسَ فِي صَوْم هَذِهِ التِّسْعَة كَرَاهَة ، بَلْ هِيَ مُسْتَحَبَّة اِسْتِحْبَابًا شَدِيدًا لَا سِيَّمَا التَّاسِع مِنْهَا ، وَهُوَ يَوْم عَرَفَة … فَيَتَأَوَّل قَوْلهَا : لَمْ يَصُمْ الْعَشْر ، أَنَّهُ لَمْ يَصُمْهُ لِعَارِضِ مَرَض أَوْ سَفَر أَوْ غَيْرهمَا ، أَوْ أَنَّهَا لَمْ تَرَهُ صَائِمًا فِيهِ، وَلَا يَلْزَم عَنْ ذَلِكَ عَدَم صِيَامه فِي نَفْس الْأَمْر، وَيَدُلّ عَلَى هَذَا التَّأْوِيل حَدِيث هُنَيْدَة بْن خَالِد عَنْ اِمْرَأَته عَنْ بَعْض أَزْوَاج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ : كَانَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَصُوم تِسْع ذِي الْحِجَّة ، وَيَوْم عَاشُورَاء ، وَثَلَاثَة أَيَّام مِنْ كُلّ شَهْر : الِاثْنَيْنِ مِنْ الشَّهْر وَالْخَمِيس وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَهَذَا لَفْظه وَأَحْمَد وَالنَّسَائِيُّ وَفِي رِوَايَتهمَا (وَخَمِيسَيْنِ) . وَاَللَّه أَعْلَم» .
وزاد ابن حجر تأويلاً آخر لحديث عائشة ، وهو «احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ كَانَ يَتْرُكُ الْعَمَلَ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَهُ خَشْيَةَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَى أُمَّتِهِ ، كَمَا رَوَاهُ الصَّحِيحَانِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَيْضًا» .
ويؤيد فضيلة صيام هذه الأيام ما أخرجه الترمذي وابن ماجه بسند فيه ضعف عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ أَنْ يُتَعَبَّدَ لَهُ فِيهَا مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ ، يَعْدِلُ صِيَامُ كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا بِصِيَامِ سَنَةٍ، وَقِيَامُ كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْهَا بِقِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ» ,
قال ابن حجر: «وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ السَّبَبَ فِي اِمْتِيَازِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِمَكَانِ اِجْتِمَاعِ أُمَّهَاتِ الْعِبَادَةِ فِيهِ ، وَهِيَ الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَالْحَجُّ ، وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ » .

(5) أين أنت من قيام الليل في أيام العشر ؟

يقول الصالحون : دقائق الليل غالية، فلا ترخّصوها بالغفلة . وأغلى ما تكون دقائق الليل في الأيام والليالي الفاضلة .
في هذه الأيام والليالي المباركة ينادي رب العزة المتأخرين ليتقدموا ، والمقصرين لينشطوا، ومن فاتته الحسنات فيما مضى ليدرك نفسه ويعوض خسارته في هذه الأيام بقيام الليل، ]وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مُّحْمُوداً[ (الإسراء: 79) ]يَا أَيُّهَا المُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً * نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلاً[ (المزمل: 1-4) ]إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ[ (المزمل: 20)، فهل تحب أن تكون مع الطائفة التي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
هل تحب أن تدخل في هذه الآية التي خُتمت بالمغفرة والرحمة؟
كلما أوغلت في الليل كان القيام بين يدي الله ألذَّ لك، حيث يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ : مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ (أخرجه الشيخان) .
إذا وجدت قدميك خفيفتان إلى صلاة الليل ؛ فاعلم أن هذه علامة حب الله لك، إذ لولا أنه يحبك لما جعلك أهلا لمناجاته .
أخرج ابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : «مَا تَوَطَّنَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ الْمَسَاجِدَ لِلصَّلاَةِ وَالذِّكْرِ إِلاَّ تَبَشْبَشَ اللَّهُ لَهُ كَمَا يَتَبَشْبَشُ أَهْلُ الْغَائِبِ بِغَائِبِهِمْ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ».
الله ينتظرك في شوق ، ويلقاك بحب ، فأين أنت؟!

يا رجال الليل جدوا — رب داع لا يرد
لا يقوم الليل إلا — من له عزم وجد فليكن لنا نصيب موفور من هذا الخير في هذه الأيام المباركة .

(6) أين أنت من القرآن في أيام العشر ؟

القرآن كلمة الله الخالدة ، ليس مجرد مجموعة من الحروف والكلمات، ولكن وراء كل حرف روحا تحيي القلوب الميتة، وتطمئن النفوس القلقة المضطربة .
فهلموا إلى مائدة الله . أرأيتم لو أن أحد الملوك صنع مائدة، ودعا الناس إليها، ولم يمنع منها أحدا، ألا يكون المتخلف عنها عظيم الخسارة؟! الذي يُسمح له أن يجلس على موائد الملوك، ثم يأبى إلا أن يعيش بين الصعاليك، أيعدّ من العقلاء ؟!
هذا ربك قد بسط لك مائدته، وأنت حين تقرأ القرآن فإنك تلتمس روحا وتغذي قلبك إيمانا ويقينا . إن كنت قلقا فتحت كتاب الله فإذا به يناديك ]أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ[ (الرعد: 28)، إن ضاقت بك الحال واشتد عليك الأمر ويئست من الفلاح فتحت كتاب الله فنادي عليك ]وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ المُؤْمِنِينَ[ (الروم:47)، ووجهك إلى ]إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ القَوْمُ الكَافِرُونَ[ (يوسف: 87).
إن كنت عصبيّ المزاج، لا تعرف كيف تضبط أعصابك، وفتحت القرآن، وجدته يناجيك ]خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ[ (الأعراف: 199).
إن كنت مذنبا، فتحت القرآن فيناديك الحق ]فَمَن تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ[ (المائدة: 39).
ماذا أُعدّد لك؟ .
هذا القرآن ربى جيلا لم تر الدنيا مثله، في أخلاقهم ، في سموهم ، في عقولهم في عطائهم. فهل نغتنم أيام النفحات المباركة لنغذي أرواحنا وقلوبنا من مائدة القرآن المباركة ؟

(7) أين أنت في أيام العشر من الصدقة ؟

كان الحبيب صلى الله عليه وسلم أجود الناس، ما في ذلك شك، لا يلحقه في ذلك أحد، لكنه في الأوقات الفاضلة كان يتجاوز حدود الجود المعهود عنه صلى الله عليه وسلم إلى آفاق لا يحيط بها البشر.
فأين أنت في هذه الأيام الفاضلة من سد حاجة محتاج؟ أين أنت من إطعام جائع؟ أين أنت من كسوة عار؟ أين أنت من إخوانك المسلمين المحتاجين الضعفاء؟
نحن على أبواب عيد مبارك ، وقد جعل الله من شعائره ذبح الأنعام وإطعام القانع والمعتر )وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا القَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ( (الحج :36) الفقراء ينتظرون هذا اليوم لأنهم يعرفون أن أيدي الصالحين تمتد فيه بالعطاء ، والصالحون ينتظرونه لأنهم يترقون فيه درجات عالية في العطاء والسخاء .
أنت إن أعطيت لم تعط للمسكين ولا للفقير ولا للمسجد ولا للعمل الخيري ، أنت تعطي لأكرم الأكرمين الذي يرد على المحسن إحسانه أضعافا. ]هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ[ (الرحمن: 60)، وهو لا يرد الإحسان بإحسان، بل يرد الإحسان الواحد بسبعمائة إحسان، بل بألوف وأضعاف مضاعفة.
فهل تعامل الله بالصدقة في هذه الأيام أم تستجيب لنداء الشيطان الذي يقول عنه الرحمن جل وعلا: ]الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً[، والشيطان لا يملك شيئا، ولكن الرحمن يملك كل شيء ]وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ[.

(8) أين أنت من تحسين الأخلاق في أيام العشر ؟

لقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم متمماً لمكارم الأخلاق ، داعياً لأحمدها وأرشدها ، موصياً يحسن الخلق سائر أصحابه وأحبته ، فقد أخرج مَالِك أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ tقَالَ : آخِرُ مَا أَوْصَانِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ وَضَعْتُ رِجْلِي فِي الْغَرْزِ أَنْ قَالَ: «أَحْسِنْ خُلُقَكَ لِلنَّاسِ يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ».
وعدَّ حسن الخُلُق تمام البر ، فأخرج مسلم عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سِمْعَانَ الْأَنْصَارِيِّ tقَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ فَقَالَ : «الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ»…الحديث
وعبر صلى الله عليه وسلم عن الدرجة العليا والأجر العظيم لحسن الخلق،فيما أخرجه أبو داود وغيره عَنْ عَائِشَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ».
ولم لا وحسن الخُُلُق هو أثقل ما يوضع في الميزان يوم القيامة ، فقد أخرج أبو داود والترمذي وصححه عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء ِtعَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : «مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ».
وفي رواية الترمذي : «مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ».
وفي رواية أخرى للترمذي : «وَإِنَّ صَاحِبَ حُسْنِ الْخُلُقِ لَيَبْلُغُ بِهِ دَرَجَةَ صَاحِبِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ».
وأخرج الترمذي وصححه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ tقَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ؟ فَقَالَ: «تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ».
وبين النبي صلى الله عليه وسلم أكمل المؤمنين إيمانا ، فقال فيما أخرجه أبو داود والترمذي وصححه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t :«أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا».
فأين أنت من التدرب على تحسين أخلاقك ، وبخاصة في هذه الأيام العشر ؟ .

(9) أين أنت من صلة الأرحام في هذه الأيام العشر؟

صلة الرحم من أفضل الأعمال وأعظمها أجراً ، وقد قرن الله تعالى قطع الأرحام بالفساد في الأرض ، فقد أخرج الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : «خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتْ الرَّحِمُ فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ ، فَقَالَ لَهُ : مَهْ ! قَالَتْ : هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنْ الْقَطِيعَةِ . قَالَ : أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ ؟ قَالَتْ : بَلَى يَا رَبِّ . قَالَ : فَذَاكِ» . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ )فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ( .
وفضلا عن كون صلة الرحم محبة للأهل وسببا في بركة الرزق والعمر وتعجيل الثواب ؛ فقد جعله النبي صلى الله عليه وسلم أحب الأعمال إلى الله بعد الإيمان بالله ، فقد أخرج ابن أبي عاصم وأبو يعلى عن رجل من خثعم أنه قال : يا رسول الله ، أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل ؟ قال : «إٍيمَانٌ بِاللهِ تَعَالَى» . قال : يا رسول الله ، ثم مَهْ ؟ قال : «ثُمَّ صِلَةُ الرَّحِمِ» .
فاحرص أخي المسلم الكريم على اغتنام هذه الأيام المباركة لتصل رحمك وبخاصة ما انقطع منها لأي سبب ، واعلم أن الوصل لا يعني أن تصل أولئك الذين يصلونك ويجاملونك ، بل الوصل الحقيقي هو وصل من قطعوك أو قطعت بينك وبينهم الظروف أو الخصومات ، فقد أخرج البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو y عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : «لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا» .
فلتحرص على صلة رحمك في هذه العشر المباركة ، جعلنا الله وإياكم من الواصلين .

(10) أين أنت من إعداد الأضحية ؟

هذه الشعيرة الكريمة هي في أصلها تشبه بأبي الأنبياء خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام ، حين فدى الله ولده سيدنا إسماعيل من الذبح بكبش عظيم أنزله إليه فذبحه الخليل بيده ؛ ليكون ذلك تصديقا لرؤياه ، وذلك في قصة الذبح المعروفة المشهورة .
وقد داوم النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الشعيرة الكريمة وحث عليها إعلانا بالشكر لله على نعمه ، وتوسعة ومواساة للفقراء والمساكين ، وتقربا مخلصا لله رب العالمين ، على حد قول الله تعالى ) لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ المُحْسِنِينَ ( (الحج :37).
والأضحية من أفضل القربات وأعظم الشعائر التي يمارسها المسلم في أيام العيد الأكبر ، إعلانا بشكر نعمة الله وامتثالاً لأمر الله ) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ( .
وقد روي في فضلها آثارٌ حِسانٌ ، منها ما أخرجه ابن عبد البر والخطيب عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « مَا مِنْ نَفَقَةٍٍ بَعْدَ صِلَةِ الرَّحِمِ أَفْضَلُُ عِنْدَ اللهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ ».
وأخرج عبد الرزاق وابن عبد البر عن عائشة رضي الله عنها قالت : يا أيها الناس ضَحُّوا وطِيبوا أنْفُساً ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « مَا مِنْ عَبْدٍ تَوَجَّهَ بِأُُضْحِيَتِهِ إِلَى الْقِبْلَةِ إِلَّا كَانَ دَمُهَا وَفَرْثُهَا وَصُوفُهَا حَسَنَاتٍ مُحْضَرَاتٍ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَإِنَّ الدَّمَ وَإِنْ وَقَعَ فِي التُّرَابِ فَإِنَّمَا يَقَعُ فِي حِرْزِ اللهِ حَتَّى يُوَفِّيَهُ صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » .
وأخرج الترمذي وحسنه عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : «مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ ، إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا وَأَنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنْ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنْ الْأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا».
فهل أعددت نفسك وميزانيتك لأداء هذه الشعيرة الكريمة على الوجه الأكمل ، فاخترت أفضلَ الأضاحي وأسمنَها وأغلاها وأنفسَها ، كما كان حبيبك صلى الله عليه وسلم يفعل ؟
أخرج الشيخان عَنْ أَنَسٍ tقَالَ : ضَحَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ (وفي رواية : أَقْرَنَيْنِ) فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ .
وفي لفظ لمسلم : وَيَقُولُ : بِاسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ .
وعند ابن ماجه وأحمد عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ اشْتَرَى كَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ، فَذَبَحَ أَحَدَهُمَا عَنْ أُمَّتِهِ لِمَنْ شَهِدَ لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ وَشَهِدَ لَهُ بِالْبَلَاغِ، وَذَبَحَ الْآخَرَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم .
وكذا روى أبو داود عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : ذَبَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الذَّبْحِ كَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مُوجَأَيْنِ، فَلَمَّا وَجَّهَهُمَا قَالَ : «إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ ، بِاسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ ذَبَحَ» .
أسأل الله العظيم أن يتقبل نسكنا وأن يغفر ذنوبنا إنه جواد كريم .




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

العمرة في العشر الأواخر من رمضان

تعليمية تعليمية

العمرة في العشر الأواخر من رمضان

تعليمية



هل من المستحب أداء العمرة في العشر الأواخر من رمضان، وهل هي أفضل من العشر الأوائل؟، وما مكانة محاولة تقبيل الحجر الأسود؟


العمرة في رمضان تعدل حجة؛ كما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي العشر الأخيرة فهي أفضل؛ لأن العشر الأخيرة هي أفضل الشهر، وهكذا في العشر الأول من ذي الحجة لها فضل عظيم، لأن عشر ذي الحجة أفضل الأيام، والعمل الصالح فيها أفضل الأعمال، فإذا اعتمر في العشر الأول من ذي الحجة فلها فضل عظيم العمرة، لكن في رمضان أفضل، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (عمرة في رمضان تعدل حجة).

الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

تعليمية تعليمية




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكِ الله خيرا ونفع بكِ




بارك الله فيكم على الموضوع القيم

اللهم ارزقنا عمرة في رمضان




السلآم عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا اختي على الافادة

مشكورة




يرفع للفائدة ،،
وفقكم الله




جزاكم الله خير

للرفع بمناسبة قدوم شهر رمضان 2022

اعاده الله علينا بالاجر والثواب




جزاكم الله خير

للرفع بمناسبة قدوم شهر رمضان 2022

اعاده الله علينا بالاجر والثواب




التصنيفات
الشعر والنثر

المعلقات العشر

تعليمية تعليمية
المعلقات

هي من يا أشهر ما كتب العرب في الشعر وسميت معلقات. و قد قيل لها معلقات لأنها مثل العقود النفيسة تعلق بالأذهان. و يقال أن هذه القصائد كانت تكتب بماء الذهب وتعلق على استار الكعبة قبل مجيء الاسلام، وتعتبر هذه القصائد أروع وأنفس ما قيل في الشعر العربي القديم لذلك اهتم الناس بها ودونوها وكتبوا شروحا لها, وهي عادة ما تبدأ بذكر الأطلال وتذكر ديار محبوبة الشاعر وتكون هذه المعلقات من محبته له شهاره الخاص.

———

معلقة عنتره بن شداد

هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ منْ مُتَـرَدَّمِ

أم هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ بعدَ تَوَهُّـمِ

يَا دَارَ عَبْلـةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمِـي

وَعِمِّي صَبَاحاً دَارَ عبْلةَ واسلَمِي

فَوَقَّفْـتُ فيها نَاقَتي وكَأنَّهَـا

فَـدَنٌ لأَقْضي حَاجَةَ المُتَلَـوِّمِ

وتَحُـلُّ عَبلَةُ بِالجَوَاءِ وأَهْلُنَـا

بالحَـزنِ فَالصَّمَـانِ فَالمُتَثَلَّـمِ

حُيِّيْتَ مِنْ طَلَلٍ تَقادَمَ عَهْـدُهُ

أَقْـوى وأَقْفَـرَ بَعدَ أُمِّ الهَيْثَـمِ

حَلَّتْ بِأَرض الزَّائِرينَ فَأَصْبَحَتْ

عسِراً عليَّ طِلاَبُكِ ابنَةَ مَخْـرَمِ

عُلِّقْتُهَـا عَرْضاً وأقْتلُ قَوْمَهَـا

زعماً لعَمرُ أبيكَ لَيسَ بِمَزْعَـمِ

ولقـد نَزَلْتِ فَلا تَظُنِّي غَيْـرهُ

مِنّـي بِمَنْـزِلَةِ المُحِبِّ المُكْـرَمِ

كَـيفَ المَزارُ وقد تَربَّع أَهْلُهَـا

بِعُنَيْـزَتَيْـنِ وأَهْلُنَـا بِالغَيْلَـمِ

إنْ كُنْتِ أزْمَعْتِ الفِراقَ فَإِنَّمَـا

زَمَّـت رِكَائِبُكُمْ بِلَيْلٍ مُظْلِـمِ

مَـا رَاعَنـي إلاَّ حَمولةُ أَهْلِهَـا

وسْطَ الدِّيَارِ تَسُفُّ حَبَّ الخِمْخِمِ

فِيهَـا اثْنَتانِ وأَرْبعونَ حَلُوبَـةً

سُوداً كَخافيةِ الغُرَابِ الأَسْحَـمِ

إذْ تَسْتَبِيْكَ بِذِي غُروبٍ وَاضِحٍ

عَـذْبٍ مُقَبَّلُـهُ لَذيذُ المَطْعَـمِ

وكَـأَنَّ فَارَةَ تَاجِرٍ بِقَسِيْمَـةٍ

سَبَقَتْ عوَارِضَها إليكَ مِن الفَمِ

أوْ روْضـةً أُنُفاً تَضَمَّنَ نَبْتَهَـا

غَيْثٌ قليلُ الدَّمنِ ليسَ بِمَعْلَـمِ

جَـادَتْ علَيهِ كُلُّ بِكرٍ حُـرَّةٍ

فَتَرَكْنَ كُلَّ قَرَارَةٍ كَالدِّرْهَـمِ

سَحّـاً وتَسْكاباً فَكُلَّ عَشِيَّـةٍ

يَجْـرِي عَلَيها المَاءُ لَم يَتَصَـرَّمِ

وَخَلَى الذُّبَابُ بِهَا فَلَيسَ بِبَـارِحٍ

غَرِداً كَفِعْل الشَّاربِ المُتَرَنّـمِ

هَزِجـاً يَحُـكُّ ذِراعَهُ بذِراعِـهِ

قَدْحَ المُكَبِّ على الزِّنَادِ الأَجْـذَمِ

تُمْسِي وتُصْبِحُ فَوْقَ ظَهْرِ حَشيّةٍ

وأَبِيتُ فَوْقَ سرَاةِ أدْهَمَ مُلْجَـمِ

وَحَشِيَّتي سَرْجٌ على عَبْلِ الشَّوَى

نَهْـدٍ مَرَاكِلُـهُ نَبِيلِ المَحْـزِمِ

هَـل تُبْلِغَنِّـي دَارَهَا شَدَنِيَّـةَ

لُعِنَتْ بِمَحْرُومِ الشَّرابِ مُصَـرَّمِ

خَطَّـارَةٌ غِبَّ السُّرَى زَيَّافَـةٌ

تَطِـسُ الإِكَامَ بِوَخذِ خُفٍّ مِيْثَمِ

وكَأَنَّمَا تَطِـسُ الإِكَامَ عَشِيَّـةً

بِقَـريبِ بَينَ المَنْسِمَيْنِ مُصَلَّـمِ

تَأْوِي لَهُ قُلُصُ النَّعَامِ كَما أَوَتْ

حِـزَقٌ يَمَانِيَّةٌ لأَعْجَمَ طِمْطِـمِ

يَتْبَعْـنَ قُلَّـةَ رأْسِـهِ وكأَنَّـهُ

حَـرَجٌ على نَعْشٍ لَهُنَّ مُخَيَّـمِ

صَعْلٍ يعُودُ بِذِي العُشَيرَةِ بَيْضَـةُ

كَالعَبْدِ ذِي الفَرْو الطَّويلِ الأَصْلَمِ

شَرَبَتْ بِماءِ الدُّحرُضينِ فَأَصْبَحَتْ

زَوْراءَ تَنْفِرُ عن حيَاضِ الدَّيْلَـمِ

وكَأَنَّما يَنْأَى بِجـانبِ دَفَّها الـ

وَحْشِيِّ مِنْ هَزِجِ العَشِيِّ مُـؤَوَّمِ

هِـرٍّ جَنيبٍ كُلَّما عَطَفَتْ لـهُ

غَضَبَ اتَّقاهَا بِاليَدَينِ وَبِالفَـمِ

بَرَكَتْ عَلَى جَنبِ الرِّدَاعِ كَأَنَّـما

بَرَكَتْ عَلَى قَصَبٍ أَجَشَّ مُهَضَّمِ

وكَـأَنَّ رُبًّا أَوْ كُحَيْلاً مُقْعَـداً

حَشَّ الوَقُودُ بِهِ جَوَانِبَ قُمْقُـمِ

يَنْبَاعُ منْ ذِفْرَى غَضوبٍ جَسرَةٍ

زَيَّافَـةٍ مِثـلَ الفَنيـقِ المُكْـدَمِ

إِنْ تُغْدِفي دُونِي القِناعَ فإِنَّنِـي

طَـبٌّ بِأَخذِ الفَارسِ المُسْتَلْئِـمِ

أَثْنِـي عَلَيَّ بِمَا عَلِمْتِ فإِنَّنِـي

سَمْـحٌ مُخَالقَتي إِذَا لم أُظْلَـمِ

وإِذَا ظُلِمْتُ فإِنَّ ظُلْمِي بَاسِـلٌ

مُـرٌّ مَذَاقَتُـهُ كَطَعمِ العَلْقَـمِ

ولقَد شَربْتُ مِنَ المُدَامةِ بَعْدَمـا

رَكَدَ الهَواجرُ بِالمشوفِ المُعْلَـمِ

بِزُجاجَـةٍ صَفْراءَ ذاتِ أَسِـرَّةٍ

قُرِنَتْ بِأَزْهَر في الشَّمالِ مُقَـدَّمِ

فإِذَا شَـرَبْتُ فإِنَّنِي مُسْتَهْلِـكٌ

مَالـي وعِرْضي وافِرٌ لَم يُكلَـمِ

وإِذَا صَحَوتُ فَما أَقَصِّرُ عنْ نَدَىً

وكَما عَلمتِ شَمائِلي وتَكَرُّمـي

وحَلِـيلِ غَانِيةٍ تَرَكْتُ مُجـدَّلاً

تَمكُو فَريصَتُهُ كَشَدْقِ الأَعْلَـمِ

سَبَقَـتْ يَدايَ لهُ بِعاجِلِ طَعْنَـةٍ

ورِشـاشِ نافِـذَةٍ كَلَوْنِ العَنْـدَمِ

هَلاَّ سأَلْتِ الخَيـلَ يا ابنةَ مالِـكٍ

إنْ كُنْتِ جاهِلَةً بِـمَا لَم تَعْلَمِـي

إِذْ لا أزَالُ عَلَى رِحَالـةِ سَابِـحٍ

نَهْـدٍ تعـاوَرُهُ الكُمـاةُ مُكَلَّـمِ

طَـوْراً يُـجَرَّدُ للطَّعانِ وتَـارَةً

يَأْوِي إلى حَصِدِ القِسِيِّ عَرَمْـرِمِ

يُخْبِـركِ مَنْ شَهَدَ الوَقيعَةَ أنَّنِـي

أَغْشى الوَغَى وأَعِفُّ عِنْد المَغْنَـمِ

ومُـدَّجِجٍ كَـرِهَ الكُماةُ نِزَالَـهُ

لامُمْعـنٍ هَـرَباً ولا مُسْتَسْلِـمِ

جَـادَتْ لهُ كَفِّي بِعاجِلِ طَعْنـةٍ

بِمُثَقَّـفٍ صَدْقِ الكُعُوبِ مُقَـوَّمِ

فَشَكَكْـتُ بِالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابـهُ

ليـسَ الكَريمُ على القَنا بِمُحَـرَّمِ

فتَـركْتُهُ جَزَرَ السِّبَـاعِ يَنَشْنَـهُ

يَقْضِمْـنَ حُسْنَ بَنانهِ والمِعْصَـمِ

ومِشَكِّ سابِغةٍ هَتَكْتُ فُروجَهـا

بِالسَّيف عنْ حَامِي الحَقيقَة مُعْلِـمِ

رَبِـذٍ يَـدَاهُ بالقِـدَاح إِذَا شَتَـا

هَتَّـاكِ غَايـاتِ التَّجـارِ مُلَـوَّمِ

لـمَّا رَآنِي قَـدْ نَزَلـتُ أُريـدُهُ

أَبْـدَى نَواجِـذَهُ لِغَيـرِ تَبَسُّـمِ

عَهـدِي بِهِ مَدَّ النَّهـارِ كَأَنَّمـا

خُضِـبَ البَنَانُ ورَأُسُهُ بِالعَظْلَـمِ

فَطعنْتُـهُ بِالرُّمْـحِ ثُـمَّ عَلَوْتُـهُ

بِمُهَنَّـدٍ صافِي الحَديدَةِ مِخْـذَمِ

بَطـلٌ كأَنَّ ثِيـابَهُ في سَرْجـةٍ

يُحْذَى نِعَالَ السِّبْتِ ليْسَ بِتَـوْأَمِ

ياشَـاةَ ما قَنَصٍ لِمَنْ حَلَّتْ لـهُ

حَـرُمَتْ عَلَيَّ وَلَيْتَها لم تَحْـرُمِ

فَبَعَثْتُ جَارِيَتي فَقُلْتُ لها اذْهَبـي

فَتَجَسَّسِي أَخْبارَها لِيَ واعْلَمِـي

قَالتْ : رَأيتُ مِنَ الأَعادِي غِـرَّةً

والشَاةُ مُمْكِنَةٌ لِمَنْ هُو مُرْتَمـي

وكـأَنَّمَا التَفَتَتْ بِجِيدِ جَدَايـةٍ

رَشَـاءٍ مِنَ الغِـزْلانِ حُرٍ أَرْثَـمِ

نُبّئـتُ عَمْراً غَيْرَ شاكِرِ نِعْمَتِـي

والكُـفْرُ مَخْبَثَـةٌ لِنَفْسِ المُنْعِـمِ

ولقَدْ حَفِظْتُ وَصَاةَ عَمِّي بِالضُّحَى

إِذْ تَقْلِصُ الشَّفَتَانِ عَنْ وَضَحِ الفَمِ

في حَوْمَةِ الحَرْبِ التي لا تَشْتَكِـي

غَمَـرَاتِها الأَبْطَالُ غَيْرَ تَغَمْغُـمِ

إِذْ يَتَّقُـونَ بـيَ الأَسِنَّةَ لم أَخِـمْ

عَنْـها ولَكنِّي تَضَايَقَ مُقْدَمـي

لـمَّا رَأيْتُ القَوْمَ أقْبَلَ جَمْعُهُـمْ

يَتَـذَامَرُونَ كَرَرْتُ غَيْرَ مُذَمَّـمِ

يَدْعُـونَ عَنْتَرَ والرِّماحُ كأَنَّهـا

أشْطَـانُ بِئْـرٍ في لَبانِ الأَدْهَـمِ

مازِلْـتُ أَرْمِيهُـمْ بِثُغْرَةِ نَحْـرِهِ

ولِبـانِهِ حَتَّـى تَسَـرْبَلَ بِالـدَّمِ

فَـازْوَرَّ مِنْ وَقْـعِ القَنا بِلِبانِـهِ

وشَـكَا إِلَىَّ بِعَبْـرَةٍ وَتَحَمْحُـمِ

لو كانَ يَدْرِي مَا المُحاوَرَةُ اشْتَكَى

وَلَـكانَ لو عَلِمْ الكَلامَ مُكَلِّمِـي

ولقَـدْ شَفَى نَفْسي وَأَذهَبَ سُقْمَهَـا

قِيْلُ الفَـوارِسِ وَيْكَ عَنْتَرَ أَقْـدِمِ

والخَيـلُ تَقْتَحِمُ الخَبَارَ عَوَابِسـاً

مِن بَيْنَ شَيْظَمَـةٍ وَآخَرَ شَيْظَـمِ

ذُللٌ رِكَابِي حَيْثُ شِئْتُ مُشَايعِي

لُـبِّي وأَحْفِـزُهُ بِأَمْـرٍ مُبْـرَمِ

ولقَدْ خَشَيْتُ بِأَنْ أَمُوتَ ولَم تَـدُرْ

للحَرْبِ دَائِرَةٌ على ابْنَي ضَمْضَـمِ

الشَّـاتِمِيْ عِرْضِي ولَم أَشْتِمْهُمَـا

والنَّـاذِرَيْـنِ إِذْ لَم أَلقَهُمَا دَمِـي

إِنْ يَفْعَـلا فَلَقَدْ تَرَكتُ أَباهُمَـا

جَـزَرَ السِّباعِ وكُلِّ نِسْرٍ قَشْعَـمِ

********

معلقة عمرُ بن كلثوم

أَلاَ هُبِّي بِصَحْنِكِ فَاصْبَحِيْنَـا

وَلاَ تُبْقِي خُمُـوْرَ الأَنْدَرِيْنَـا

مُشَعْشَعَةً كَأَنَّ الحُصَّ فِيْهَـا

إِذَا مَا المَاءَ خَالَطَهَا سَخِيْنَـا

تَجُوْرُ بِذِي اللَّبَانَةِ عَنْ هَـوَاهُ

إِذَا مَا ذَاقَهَـا حَتَّـى يَلِيْنَـا

تَرَى اللَّحِزَ الشَّحِيْحَ إِذَا أُمِرَّتْ

عَلَيْـهِ لِمَـالِهِ فِيْهَـا مُهِيْنَـا

صَبَنْتِ الكَأْسَ عَنَّا أُمَّ عَمْـرٍو

وَكَانَ الكَأْسُ مَجْرَاهَا اليَمِيْنَـا

وَمَا شَـرُّ الثَّـلاَثَةِ أُمَّ عَمْـرٍو

بِصَاحِبِكِ الذِي لاَ تَصْبَحِيْنَـا

وَكَأْسٍ قَدْ شَـرِبْتُ بِبَعْلَبَـكٍّ

وَأُخْرَى فِي دِمَشْقَ وَقَاصرِيْنَـا

وَإِنَّا سَـوْفَ تُدْرِكُنَا المَنَـايَا

مُقَـدَّرَةً لَنَـا وَمُقَـدِّرِيْنَـا

قِفِـي قَبْلَ التَّفَرُّقِ يَا ظَعِيْنـَا

نُخَبِّـرْكِ اليَقِيْـنَ وَتُخْبِرِيْنَـا

قِفِي نَسْأَلْكِ هَلْ أَحْدَثْتِ صَرْماً

لِوَشْكِ البَيْنِ أَمْ خُنْتِ الأَمِيْنَـا

بِيَـوْمِ كَرِيْهَةٍ ضَرْباً وَطَعْنـاً

أَقَـرَّ بِـهِ مَوَالِيْـكِ العُيُوْنَـا

وَأنَّ غَـداً وَأنَّ اليَـوْمَ رَهْـنٌ

وَبَعْـدَ غَـدٍ بِمَا لاَ تَعْلَمِيْنَـا

تُرِيْكَ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى خَـلاَءٍ

وَقَدْ أَمِنْتَ عُيُوْنَ الكَاشِحِيْنَـا

ذِرَاعِـي عَيْطَلٍ أَدَمَـاءَ بِكْـرٍ

هِجَـانِ اللَّوْنِ لَمْ تَقْرَأ جَنِيْنَـا

وثَدْياً مِثْلَ حُقِّ العَاجِ رَخِصـاً

حَصَـاناً مِنْ أُكُفِّ اللاَمِسِيْنَـا

ومَتْنَى لَدِنَةٍ سَمَقَتْ وطَالَـتْ

رَوَادِفُهَـا تَنـوءُ بِمَا وَلِيْنَـا

وَمأْكَمَةً يَضِيـقُ البَابُ عَنْهَـا

وكَشْحاً قَد جُنِنْتُ بِهِ جُنُونَـا

وسَارِيَتِـي بَلَنْـطٍ أَو رُخَـامٍ

يَرِنُّ خَشَـاشُ حَلِيهِمَا رَنِيْنَـا

فَمَا وَجَدَتْ كَوَجْدِي أُمُّ سَقبٍ

أَضَلَّتْـهُ فَرَجَّعـتِ الحَنِيْنَـا

ولاَ شَمْطَاءُ لَم يَتْرُك شَقَاهَـا

لَهـا مِن تِسْعَـةٍ إلاَّ جَنِيْنَـا

تَذَكَّرْتُ الصِّبَا وَاشْتَقْتُ لَمَّـا

رَأَيْتُ حُمُـوْلَهَا أصُلاً حُدِيْنَـا

فَأَعْرَضَتِ اليَمَامَةُ وَاشْمَخَـرَّتْ

كَأَسْيَـافٍ بِأَيْـدِي مُصْلِتِيْنَـا

أَبَا هِنْـدٍ فَلاَ تَعْجَـلْ عَلَيْنَـا

وَأَنْظِـرْنَا نُخَبِّـرْكَ اليَقِيْنَــا

بِأَنَّا نُـوْرِدُ الـرَّايَاتِ بِيْضـاً

وَنُصْـدِرُهُنَّ حُمْراً قَدْ رُوِيْنَـا

وَأَيَّـامٍ لَنَـا غُـرٍّ طِــوَالٍ

عَصَيْنَـا المَلِكَ فِيهَا أَنْ نَدِيْنَـا

وَسَيِّـدِ مَعْشَـرٍ قَدْ تَوَّجُـوْهُ

بِتَاجِ المُلْكِ يَحْمِي المُحْجَرِيْنَـا

تَرَكْـنَ الخَيْلَ عَاكِفَةً عَلَيْـهِ

مُقَلَّـدَةً أَعِنَّتَهَـا صُفُـوْنَـا

وَأَنْزَلْنَا البُيُوْتَ بِذِي طُلُـوْحٍ

إِلَى الشَامَاتِ نَنْفِي المُوْعِدِيْنَـا

وَقَدْ هَرَّتْ كِلاَبُ الحَيِّ مِنَّـا

وَشَـذَّبْنَا قَتَـادَةَ مَنْ يَلِيْنَـا

مَتَى نَنْقُـلْ إِلَى قَوْمٍ رَحَانَـا

يَكُوْنُوا فِي اللِّقَاءِ لَهَا طَحِيْنَـا

يَكُـوْنُ ثِقَالُهَا شَرْقِيَّ نَجْـدٍ

وَلُهْـوَتُهَا قُضَـاعَةَ أَجْمَعِيْنَـا

نَزَلْتُـمْ مَنْزِلَ الأَضْيَافِ مِنَّـا

فَأَعْجَلْنَا القِرَى أَنْ تَشْتِمُوْنَـا

قَرَيْنَاكُـمْ فَعَجَّلْنَـا قِرَاكُـمْ

قُبَيْـلَ الصُّبْحِ مِرْدَاةً طَحُوْنَـا

نَعُـمُّ أُنَاسَنَـا وَنَعِفُّ عَنْهُـمْ

وَنَحْمِـلُ عَنْهُـمُ مَا حَمَّلُوْنَـا

نُطَـاعِنُ مَا تَرَاخَى النَّاسُ عَنَّـا

وَنَضْرِبُ بِالسِّيُوْفِ إِذَا غُشِيْنَـا

بِسُمْـرٍ مِنْ قَنَا الخَطِّـيِّ لُـدْنٍ

ذَوَابِـلَ أَوْ بِبِيْـضٍ يَخْتَلِيْنَـا

كَأَنَّ جَمَـاجِمَ الأَبْطَالِ فِيْهَـا

وُسُـوْقٌ بِالأَمَاعِـزِ يَرْتَمِيْنَـا

نَشُـقُّ بِهَا رُؤُوْسَ القَوْمِ شَقًّـا

وَنَخْتَلِـبُ الرِّقَـابَ فَتَخْتَلِيْنَـا

وَإِنَّ الضِّغْـنَ بَعْدَ الضِّغْنِ يَبْـدُو

عَلَيْـكَ وَيُخْرِجُ الدَّاءَ الدَّفِيْنَـا

وَرِثْنَـا المَجْدَ قَدْ عَلِمَتْ مَعَـدٌّ

نُطَـاعِنُ دُوْنَهُ حَـتَّى يَبِيْنَـا

وَنَحْنُ إِذَا عِمَادُ الحَيِّ خَـرَّتْ

عَنِ الأَحْفَاضِ نَمْنَعُ مَنْ يَلِيْنَـا

نَجُـذُّ رُؤُوْسَهُمْ فِي غَيْرِ بِـرٍّ

فَمَـا يَـدْرُوْنَ مَاذَا يَتَّقُوْنَـا

كَأَنَّ سُيُـوْفَنَا منَّـا ومنْهُــم

مَخَـارِيْقٌ بِأَيْـدِي لاَعِبِيْنَـا

كَـأَنَّ ثِيَابَنَـا مِنَّـا وَمِنْهُـمْ

خُضِبْـنَ بِأُرْجُوَانِ أَوْ طُلِيْنَـا

إِذَا مَا عَيَّ بِالإِسْنَـافِ حَـيٌّ

مِنَ الهَـوْلِ المُشَبَّهِ أَنْ يَكُوْنَـا

نَصَبْنَـا مِثْلَ رَهْوَةِ ذَاتَ حَـدٍّ

مُحَافَظَـةً وَكُـنَّا السَّابِقِيْنَـا

بِشُبَّـانٍ يَرَوْنَ القَـتْلَ مَجْـداً

وَشِيْـبٍ فِي الحُرُوْبِ مُجَرَّبِيْنَـا

حُـدَيَّا النَّـاسِ كُلِّهِمُ جَمِيْعـاً

مُقَـارَعَةً بَنِيْـهِمْ عَـنْ بَنِيْنَـا

فَأَمَّا يَـوْمَ خَشْيَتِنَـا عَلَيْهِـمْ

فَتُصْبِـحُ خَيْلُنَـا عُصَباً ثُبِيْنَـا

وَأَمَّا يَـوْمَ لاَ نَخْشَـى عَلَيْهِـمْ

فَنُمْعِــنُ غَـارَةً مُتَلَبِّبِيْنَــا

بِـرَأْسٍ مِنْ بَنِي جُشْمٍ بِنْ بَكْـرٍ

نَـدُقُّ بِهِ السُّـهُوْلَةَ وَالحُزُوْنَـا

أَلاَ لاَ يَعْلَـمُ الأَقْـوَامُ أَنَّــا

تَضَعْضَعْنَـا وَأَنَّـا قَـدْ وَنِيْنَـا

أَلاَ لاَ يَجْهَلَـنَّ أَحَـدٌ عَلَيْنَـا

فَنَجْهَـلَ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِيْنَـا

بِاَيِّ مَشِيْئَـةٍ عَمْـرُو بْنَ هِنْـدٍ

نَكُـوْنُ لِقَيْلِكُـمْ فِيْهَا قَطِيْنَـا

بِأَيِّ مَشِيْئَـةٍ عَمْـرَو بْنَ هِنْـدٍ

تُطِيْـعُ بِنَا الوُشَـاةَ وَتَزْدَرِيْنَـا

تَهَـدَّدُنَـا وَتُوْعِـدُنَا رُوَيْـداً

مَتَـى كُـنَّا لأُمِّـكَ مَقْتَوِيْنَـا

فَإِنَّ قَنَاتَنَـا يَا عَمْـرُو أَعْيَـتْ

عَلى الأَعْـدَاءِ قَبَلَكَ أَنْ تَلِيْنَـا

إِذَا عَضَّ الثَّقَافُ بِهَا اشْمَـأَزَّتْ

وَوَلَّتْـهُ عَشَـوْزَنَةً زَبُـوْنَـا

عَشَـوْزَنَةً إِذَا انْقَلَبَتْ أَرَنَّـتْ

تَشُـجُّ قَفَا المُثَقِّـفِ وَالجَبِيْنَـا

فَهَلْ حُدِّثْتَ فِي جُشَمٍ بِنْ بَكْـرٍ

بِنَقْـصٍ فِي خُطُـوْبِ الأَوَّلِيْنَـا

وَرِثْنَـا مَجْدَ عَلْقَمَةَ بِنْ سَيْـفٍ

أَبَـاحَ لَنَا حُصُوْنَ المَجْدِ دِيْنَـا

وَرَثْـتُ مُهَلْهِـلاً وَالخَيْرَ مِنْـهُ

زُهَيْـراً نِعْمَ ذُخْـرُ الذَّاخِرِيْنَـا

وَعَتَّـاباً وَكُلْثُـوْماً جَمِيْعــاً

بِهِـمْ نِلْنَـا تُرَاثَ الأَكْرَمِيْنَـا

وَذَا البُـرَةِ الذِي حُدِّثْتَ عَنْـهُ

بِهِ نُحْمَى وَنَحْمِي المُلتَجِينَــا

وَمِنَّـا قَبْلَـهُ السَّاعِي كُلَيْـبٌ

فَـأَيُّ المَجْـدِ إِلاَّ قَـدْ وَلِيْنَـا

مَتَـى نَعْقِـد قَرِيْنَتَنَـا بِحَبْـلٍ

تَجُـذَّ الحَبْلَ أَوْ تَقْصِ القَرِيْنَـا

وَنُوْجَـدُ نَحْنُ أَمْنَعَهُمْ ذِمَـاراً

وَأَوْفَاهُـمْ إِذَا عَقَـدُوا يَمِيْنَـا

وَنَحْنُ غَدَاةَ أَوْقِدَ فِي خَـزَازَى

رَفَـدْنَا فَـوْقَ رِفْدِ الرَّافِدِيْنَـا

وَنَحْنُ الحَابِسُوْنَ بِذِي أَرَاطَـى

تَسَـفُّ الجِلَّـةُ الخُوْرُ الدَّرِيْنَـا

وَنَحْنُ الحَاكِمُـوْنَ إِذَا أُطِعْنَـا

وَنَحْنُ العَازِمُـوْنَ إِذَا عُصِيْنَـا

وَنَحْنُ التَّارِكُوْنَ لِمَا سَخِطْنَـا

وَنَحْنُ الآخِـذُوْنَ لِمَا رَضِيْنَـا

وَكُنَّـا الأَيْمَنِيْـنَ إِذَا التَقَيْنَـا

وَكَـانَ الأَيْسَـرِيْنَ بَنُو أَبَيْنَـا

فَصَالُـوا صَـوْلَةً فِيْمَنْ يَلِيْهِـمْ

وَصُلْنَـا صَـوْلَةً فِيْمَنْ يَلِيْنَـا

فَـآبُوا بِالنِّـهَابِ وَبِالسَّبَايَـا

وَأُبْـنَا بِالمُلُـوْكِ مُصَفَّدِيْنَــا

إِلَيْكُـمْ يَا بَنِي بَكْـرٍ إِلَيْكُـمْ

أَلَمَّـا تَعْـرِفُوا مِنَّـا اليَقِيْنَـا

أَلَمَّـا تَعْلَمُـوا مِنَّا وَمِنْكُـمْ

كَتَـائِبَ يَطَّعِـنَّ وَيَرْتَمِيْنَـا

عَلَيْنَا البَيْضُ وَاليَلَبُ اليَمَانِـي

وَأسْيَـافٌ يَقُمْـنَ وَيَنْحَنِيْنَـا

عَلَيْنَـا كُـلُّ سَابِغَـةٍ دِلاَصٍ

تَرَى فَوْقَ النِّطَاقِ لَهَا غُضُوْنَـا

إِذَا وَضِعَتْ عَنِ الأَبْطَالِ يَوْمـاً

رَأَيْـتَ لَهَا جُلُوْدَ القَوْمِ جُوْنَـا

كَأَنَّ غُضُـوْنَهُنَّ مُتُوْنُ غُـدْرٍ

تُصَفِّقُهَـا الرِّيَاحُ إِذَا جَرَيْنَـا

وَتَحْمِلُنَـا غَدَاةَ الرَّوْعِ جُـرْدٌ

عُـرِفْنَ لَنَا نَقَـائِذَ وَافْتُلِيْنَـا

وَرَدْنَ دَوَارِعاً وَخَرَجْنَ شُعْثـاً

كَأَمْثَـالِ الرِّصَائِـعِ قَدْ بَلَيْنَـا

وَرِثْنَـاهُنَّ عَنْ آبَـاءِ صِـدْقٍ

وَنُـوْرِثُهَـا إِذَا مُتْنَـا بَنِيْنَـا

عَلَـى آثَارِنَا بِيْـضٌ حِسَـانٌ

نُحَـاذِرُ أَنْ تُقَسَّمَ أَوْ تَهُوْنَـا

أَخَـذْنَ عَلَى بُعُوْلَتِهِنَّ عَهْـداً

إِذَا لاَقَـوْا كَتَـائِبَ مُعْلِمِيْنَـا

لَيَسْتَلِبُـنَّ أَفْـرَاسـاً وَبِيْضـاً

وَأَسْـرَى فِي الحَدِيْدِ مُقَرَّنِيْنَـا

تَـرَانَا بَارِزِيْـنَ وَكُلُّ حَـيٍّ

قَـدْ اتَّخَـذُوا مَخَافَتَنَا قَرِيْنـاً

إِذَا مَا رُحْـنَ يَمْشِيْنَ الهُوَيْنَـا

كَمَا اضْطَرَبَتْ مُتُوْنُ الشَّارِبِيْنَـا

يَقُتْـنَ جِيَـادَنَا وَيَقُلْنَ لَسْتُـمْ

بُعُوْلَتَنَـا إِذَا لَـمْ تَمْنَعُـوْنَـا

ظَعَائِنَ مِنْ بَنِي جُشَمِ بِنْ بِكْـرٍ

خَلَطْـنَ بِمِيْسَمٍ حَسَباً وَدِيْنَـا

وَمَا مَنَعَ الظَّعَائِنَ مِثْلُ ضَـرْبٍ

تَـرَى مِنْهُ السَّوَاعِدَ كَالقُلِيْنَـا

كَـأَنَّا وَالسُّـيُوْفُ مُسَلَّـلاَتٌ

وَلَـدْنَا النَّـاسَ طُرّاً أَجْمَعِيْنَـا

يُدَهْدِهنَ الرُّؤُوسِ كَمَا تُدَهْـدَي

حَـزَاوِرَةٌ بِأَبطَحِـهَا الكُرِيْنَـا

وَقَـدْ عَلِمَ القَبَـائِلُ مِنْ مَعَـدٍّ

إِذَا قُبَـبٌ بِأَبطَحِـهَا بُنِيْنَــا

بِأَنَّـا المُطْعِمُـوْنَ إِذَا قَدَرْنَــا

وَأَنَّـا المُهْلِكُـوْنَ إِذَا ابْتُلِيْنَــا

وَأَنَّـا المَانِعُـوْنَ لِمَـا أَرَدْنَـا

وَأَنَّـا النَّـازِلُوْنَ بِحَيْثُ شِيْنَـا

وَأَنَّـا التَـارِكُوْنَ إِذَا سَخِطْنَـا

وَأَنَّـا الآخِـذُوْنَ إِذَا رَضِيْنَـا

وَأَنَّـا العَاصِمُـوْنَ إِذَا أُطِعْنَـا

وَأَنَّـا العَازِمُـوْنَ إِذَا عُصِيْنَـا

وَنَشْرَبُ إِنْ وَرَدْنَا المَاءَ صَفْـواً

وَيَشْـرَبُ غَيْرُنَا كَدِراً وَطِيْنَـا

أَلاَ أَبْلِـغْ بَنِي الطَّمَّـاحِ عَنَّـا

وَدُعْمِيَّـا فَكَيْفَ وَجَدْتُمُوْنَـا

إِذَا مَا المَلْكُ سَامَ النَّاسَ خَسْفـاً

أَبَيْنَـا أَنْ نُقِـرَّ الـذُّلَّ فِيْنَـا

مَـلأْنَا البَـرَّ حَتَّى ضَاقَ عَنَّـا

وَظَهرَ البَحْـرِ نَمْلَـؤُهُ سَفِيْنَـا

إِذَا بَلَـغَ الفِطَـامَ لَنَا صَبِـيٌّ

تَخِـرُّ لَهُ الجَبَـابِرُ سَاجِديْنَـا

************

معلقة امرىء القيس

قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ

بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ

فَتُوْضِحَ فَالمِقْراةِ لَمْ يَعْفُ رَسْمُها

لِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبٍ وشَمْألِ

تَرَى بَعَرَ الأرْآمِ فِي عَرَصَاتِهَـا

وَقِيْعَـانِهَا كَأنَّهُ حَبُّ فُلْفُــلِ

كَأنِّي غَدَاةَ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُـوا

لَدَى سَمُرَاتِ الحَيِّ نَاقِفُ حَنْظَلِ

وُقُوْفاً بِهَا صَحْبِي عَلَّي مَطِيَّهُـمُ

يَقُوْلُوْنَ لاَ تَهْلِكْ أَسَىً وَتَجَمَّـلِ

وإِنَّ شِفـَائِي عَبْـرَةٌ مُهْرَاقَـةٌ

فَهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ

كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الحُوَيْرِثِ قَبْلَهَـا

وَجَـارَتِهَا أُمِّ الرَّبَابِ بِمَأْسَـلِ

إِذَا قَامَتَا تَضَوَّعَ المِسْكُ مِنْهُمَـا

نَسِيْمَ الصَّبَا جَاءَتْ بِرَيَّا القَرَنْفُلِ

فَفَاضَتْ دُمُوْعُ العَيْنِ مِنِّي صَبَابَةً

عَلَى النَّحْرِ حَتَّى بَلَّ دَمْعِي مِحْمَلِي

ألاَ رُبَّ يَوْمٍ لَكَ مِنْهُنَّ صَالِـحٍ

وَلاَ سِيَّمَا يَوْمٍ بِدَارَةِ جُلْجُـلِ

ويَوْمَ عَقَرْتُ لِلْعَذَارَي مَطِيَّتِـي

فَيَا عَجَباً مِنْ كُوْرِهَا المُتَحَمَّـلِ

فَظَلَّ العَذَارَى يَرْتَمِيْنَ بِلَحْمِهَـا

وشَحْمٍ كَهُدَّابِ الدِّمَقْسِ المُفَتَّـلِ

ويَوْمَ دَخَلْتُ الخِدْرَ خِدْرَ عُنَيْـزَةٍ

فَقَالَتْ لَكَ الوَيْلاَتُ إنَّكَ مُرْجِلِي

تَقُولُ وقَدْ مَالَ الغَبِيْطُ بِنَا مَعـاً

عَقَرْتَ بَعِيْرِي يَا امْرأَ القَيْسِ فَانْزِلِ

فَقُلْتُ لَهَا سِيْرِي وأَرْخِي زِمَامَـهُ

ولاَ تُبْعـِدِيْنِي مِنْ جَنَاكِ المُعَلَّـلِ

فَمِثْلِكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْتُ ومُرْضِـعٍ

فَأَلْهَيْتُهَـا عَنْ ذِي تَمَائِمَ مُحْـوِلِ

إِذَا مَا بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْصَرَفَتْ لَهُ

بِشَـقٍّ وتَحْتِي شِقُّهَا لَمْ يُحَـوَّلِ

ويَوْماً عَلَى ظَهْرِ الكَثِيْبِ تَعَـذَّرَتْ

عَلَـيَّ وَآلَـتْ حَلْفَةً لم تَحَلَّـلِ

أفاطِـمَ مَهْلاً بَعْضَ هَذَا التَّدَلُّـلِ

وإِنْ كُنْتِ قَدْ أزْمَعْتِ صَرْمِي فَأَجْمِلِي

أغَـرَّكِ مِنِّـي أنَّ حُبَّـكِ قَاتِلِـي

وأنَّـكِ مَهْمَا تَأْمُرِي القَلْبَ يَفْعَـلِ

وإِنْ تَكُ قَدْ سَـاءَتْكِ مِنِّي خَلِيقَـةٌ

فَسُلِّـي ثِيَـابِي مِنْ ثِيَابِكِ تَنْسُـلِ

وَمَا ذَرَفَـتْ عَيْنَاكِ إلاَّ لِتَضْرِبِـي

بِسَهْمَيْكِ فِي أعْشَارِ قَلْبٍ مُقَتَّـلِ

وبَيْضَـةِ خِدْرٍ لاَ يُرَامُ خِبَاؤُهَـا

تَمَتَّعْتُ مِنْ لَهْوٍ بِهَا غَيْرَ مُعْجَـلِ

تَجَاوَزْتُ أحْرَاساً إِلَيْهَا وَمَعْشَـراً

عَلَّي حِرَاصاً لَوْ يُسِرُّوْنَ مَقْتَلِـي

إِذَا مَا الثُّرَيَّا فِي السَّمَاءِ تَعَرَّضَتْ

تَعَـرُّضَ أَثْنَاءَ الوِشَاحِ المُفَصَّـلِ

فَجِئْتُ وَقَدْ نَضَّتْ لِنَوْمٍ ثِيَابَهَـا

لَـدَى السِّتْرِ إلاَّ لِبْسَةَ المُتَفَضِّـلِ

فَقَالـَتْ : يَمِيْنَ اللهِ مَا لَكَ حِيْلَةٌ

وَمَا إِنْ أَرَى عَنْكَ الغَوَايَةَ تَنْجَلِـي

خَرَجْتُ بِهَا أَمْشِي تَجُرُّ وَرَاءَنَـا

عَلَـى أَثَرَيْنا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرَحَّـلِ

فَلَمَّا أجَزْنَا سَاحَةَ الحَيِّ وانْتَحَـى

بِنَا بَطْنُ خَبْتٍ ذِي حِقَافٍ عَقَنْقَلِ

هَصَرْتُ بِفَوْدَي رَأْسِهَا فَتَمَايَلَـتْ

عَليَّ هَضِيْمَ الكَشْحِ رَيَّا المُخَلْخَـلِ

مُهَفْهَفَـةٌ بَيْضَـاءُ غَيْرُ مُفَاضَــةٍ

تَرَائِبُهَـا مَصْقُولَةٌ كَالسَّجَنْجَــلِ

كَبِكْرِ المُقَـانَاةِ البَيَاضَ بِصُفْــرَةٍ

غَـذَاهَا نَمِيْرُ المَاءِ غَيْرُ المُحَلَّــلِ

تَـصُدُّ وتُبْدِي عَنْ أسِيْلٍ وَتَتَّقــِي

بِـنَاظِرَةٍ مِنْ وَحْشِ وَجْرَةَ مُطْفِـلِ

وجِـيْدٍ كَجِيْدِ الرِّئْمِ لَيْسَ بِفَاحِـشٍ

إِذَا هِـيَ نَصَّتْـهُ وَلاَ بِمُعَطَّــلِ

وفَـرْعٍ يَزِيْنُ المَتْنَ أسْوَدَ فَاحِــمٍ

أثِيْـثٍ كَقِـنْوِ النَّخْلَةِ المُتَعَثْكِــلِ

غَـدَائِرُهُ مُسْتَشْزِرَاتٌ إلَى العُــلاَ

تَضِلُّ العِقَاصُ فِي مُثَنَّى وَمُرْسَــلِ

وكَشْحٍ لَطِيفٍ كَالجَدِيْلِ مُخَصَّــرٍ

وسَـاقٍ كَأُنْبُوبِ السَّقِيِّ المُذَلَّــلِ

وتُضْحِي فَتِيْتُ المِسْكِ فَوْقَ فِراشِهَـا

نَئُوْمُ الضَّحَى لَمْ تَنْتَطِقْ عَنْ تَفَضُّـلِ

وتَعْطُـو بِرَخْصٍ غَيْرَ شَثْنٍ كَأَنَّــهُ

أَسَارِيْعُ ظَبْيٍ أَوْ مَسَاويْكُ إِسْحِـلِ

تُضِـيءُ الظَّلامَ بِالعِشَاءِ كَأَنَّهَــا

مَنَـارَةُ مُمْسَى رَاهِـبٍ مُتَبَتِّــلِ

إِلَى مِثْلِهَـا يَرْنُو الحَلِيْمُ صَبَابَــةً

إِذَا مَا اسْبَكَرَّتْ بَيْنَ دِرْعٍ ومِجْـوَلِ

تَسَلَّتْ عَمَايَاتُ الرِّجَالِ عَنْ الصِّبَـا

ولَيْـسَ فُؤَادِي عَنْ هَوَاكِ بِمُنْسَـلِ

ألاَّ رُبَّ خَصْمٍ فِيْكِ أَلْوَى رَدَدْتُـهُ

نَصِيْـحٍ عَلَى تَعْذَالِهِ غَيْرِ مُؤْتَــلِ

ولَيْلٍ كَمَوْجِ البَحْرِ أَرْخَى سُدُوْلَــهُ

عَلَيَّ بِأَنْـوَاعِ الهُـمُوْمِ لِيَبْتَلِــي

فَقُلْـتُ لَهُ لَمَّا تَمَطَّـى بِصُلْبِــهِ

وأَرْدَفَ أَعْجَـازاً وَنَاءَ بِكَلْكَــلِ

ألاَ أَيُّهَا اللَّيْلُ الطَّوِيْلُ ألاَ انْجَلِــي

بِصُبْحٍ وَمَا الإصْبَاحُ منِكَ بِأَمْثَــلِ

فَيَــا لَكَ مَنْ لَيْلٍ كَأنَّ نُجُومَـهُ

بِـأَمْرَاسِ كَتَّانٍ إِلَى صُمِّ جَنْــدَلِ

وقِـرْبَةِ أَقْـوَامٍ جَعَلْتُ عِصَامَهَــا

عَلَى كَاهِـلٍ مِنِّي ذَلُوْلٍ مُرَحَّــلِ

وَوَادٍ كَجَـوْفِ العَيْرِ قَفْرٍ قَطَعْتُــهُ

بِـهِ الذِّئْبُ يَعْوِي كَالخَلِيْعِ المُعَيَّــلِ

فَقُلْـتُ لَهُ لَمَّا عَوَى : إِنَّ شَأْنَنَــا

قَلِيْلُ الغِنَى إِنْ كُنْتَ لَمَّا تَمَــوَّلِ

كِــلاَنَا إِذَا مَا نَالَ شَيْئَـاً أَفَاتَـهُ

ومَنْ يَحْتَرِثْ حَرْثِي وحَرْثَكَ يَهْـزَلِ

وَقَـدْ أغْتَدِي والطَّيْرُ فِي وُكُنَاتِهَـا

بِمُنْجَـرِدٍ قَيْـدِ الأَوَابِدِ هَيْكَــلِ

مِكَـرٍّ مِفَـرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِـرٍ مَعــاً

كَجُلْمُوْدِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ

كَمَيْتٍ يَزِلُّ اللَّبْـدُ عَنْ حَالِ مَتْنِـهِ

كَمَا زَلَّـتِ الصَّفْـوَاءُ بِالمُتَنَـزَّلِ

عَلَى الذَّبْلِ جَيَّاشٍ كأنَّ اهْتِـزَامَهُ

إِذَا جَاشَ فِيْهِ حَمْيُهُ غَلْيُ مِرْجَـلِ

مَسْحٍ إِذَا مَا السَّابِحَاتُ عَلَى الوَنَى

أَثَرْنَ الغُبَـارَ بِالكَـدِيْدِ المُرَكَّـلِ

يُزِلُّ الغُـلاَمُ الخِفَّ عَنْ صَهَـوَاتِهِ

وَيُلْوِي بِأَثْوَابِ العَنِيْـفِ المُثَقَّـلِ

دَرِيْرٍ كَخُـذْرُوفِ الوَلِيْـدِ أمَرَّهُ

تَتَابُعُ كَفَّيْـهِ بِخَيْـطٍ مُوَصَّـلِ

لَهُ أيْطَـلا ظَبْـيٍ وَسَاقَا نَعَـامَةٍ

وإِرْخَاءُ سَرْحَانٍ وَتَقْرِيْبُ تَتْفُـلِ

ضَلِيْعٍ إِذَا اسْتَـدْبَرْتَهُ سَدَّ فَرْجَـهُ

بِضَافٍ فُوَيْقَ الأَرْضِ لَيْسَ بِأَعْزَلِ

كَأَنَّ عَلَى المَتْنَيْنِ مِنْهُ إِذَا انْتَحَـى

مَدَاكَ عَرُوسٍ أَوْ صَلايَةَ حَنْظَـلِ

كَأَنَّ دِمَاءَ الهَـادِيَاتِ بِنَحْـرِهِ

عُصَارَةُ حِنَّاءٍ بِشَيْـبٍ مُرَجَّـلِ

فَعَـنَّ لَنَا سِـرْبٌ كَأَنَّ نِعَاجَـهُ

عَـذَارَى دَوَارٍ فِي مُلاءٍ مُذَبَّـلِ

فَأَدْبَرْنَ كَالجِزْعِ المُفَصَّـلِ بَيْنَـهُ

بِجِيْدٍ مُعَمٍّ فِي العَشِيْرَةِ مُخْـوَلِ

فَأَلْحَقَنَـا بِالهَـادِيَاتِ ودُوْنَـهُ

جَوَاحِـرُهَا فِي صَرَّةٍ لَمْ تُزَيَّـلِ

فَعَـادَى عِدَاءً بَيْنَ ثَوْرٍ ونَعْجَـةٍ

دِرَاكاً وَلَمْ يَنْضَحْ بِمَاءٍ فَيُغْسَـلِ

فَظَلَّ طُهَاةُ اللَّحْمِ مِن بَيْنِ مُنْضِجٍ

صَفِيـفَ شِوَاءٍ أَوْ قَدِيْرٍ مُعَجَّـلِ

ورُحْنَا يَكَادُ الطَّرْفُ يَقْصُرُ دُوْنَـهُ

مَتَى تَـرَقَّ العَيْـنُ فِيْهِ تَسَفَّـلِ

فَبَـاتَ عَلَيْـهِ سَرْجُهُ ولِجَامُـهُ

وَبَاتَ بِعَيْنِـي قَائِماً غَيْرَ مُرْسَـلِ

أصَاحِ تَرَى بَرْقاً أُرِيْكَ وَمِيْضَـهُ

كَلَمْـعِ اليَدَيْنِ فِي حَبِيٍّ مُكَلَّـلِ

يُضِيءُ سَنَاهُ أَوْ مَصَابِيْحُ رَاهِـبٍ

أَمَالَ السَّلِيْـطَ بِالذُّبَالِ المُفَتَّـلِ

قَعَدْتُ لَهُ وصُحْبَتِي بَيْنَ ضَـارِجٍ

وبَيْنَ العـُذَيْبِ بُعْدَمَا مُتَأَمَّـلِ

عَلَى قَطَنٍ بِالشَّيْمِ أَيْمَنُ صَوْبِـهِ

وَأَيْسَـرُهُ عَلَى السِّتَارِ فَيَذْبُـلِ

فَأَضْحَى يَسُحُّ المَاءَ حَوْلَ كُتَيْفَةٍ

يَكُبُّ عَلَى الأذْقَانِ دَوْحَ الكَنَهْبَلِ

ومَـرَّ عَلَى القَنَـانِ مِنْ نَفَيَانِـهِ

فَأَنْزَلَ مِنْهُ العُصْمَ مِنْ كُلِّ مَنْـزِلِ

وتَيْمَاءَ لَمْ يَتْرُكْ بِهَا جِذْعَ نَخْلَـةٍ

وَلاَ أُطُمـاً إِلاَّ مَشِيْداً بِجِنْـدَلِ

كَأَنَّ ثَبِيْـراً فِي عَرَانِيْـنِ وَبْلِـهِ

كَبِيْـرُ أُنَاسٍ فِي بِجَـادٍ مُزَمَّـلِ

كَأَنَّ ذُرَى رَأْسِ المُجَيْمِرِ غُـدْوَةً

مِنَ السَّيْلِ وَالأَغثَاءِ فَلْكَةُ مِغْـزَلِ

وأَلْقَى بِصَحْـرَاءِ الغَبيْطِ بَعَاعَـهُ

نُزُوْلَ اليَمَانِي ذِي العِيَابِ المُحَمَّلِ

كَأَنَّ مَكَـاكِيَّ الجِـوَاءِ غُدَّبَـةً

صُبِحْنَ سُلافاً مِنْ رَحيقٍ مُفَلْفَـلِ

كَأَنَّ السِّبَـاعَ فِيْهِ غَرْقَى عَشِيَّـةً

بِأَرْجَائِهِ القُصْوَى أَنَابِيْشُ عُنْصُـلِ

*********

معلقة طرفة ابن العبد

لِخَـوْلَةَ أطْـلالٌ بِبُرْقَةِ ثَهْمَـدِ
تلُوحُ كَبَاقِي الوَشْمِ فِي ظَاهِرِ اليَدِ
وُقُـوْفاً بِهَا صَحْبِي عَليَّ مَطِيَّهُـمْ
يَقُـوْلُوْنَ لا تَهْلِكْ أسىً وتَجَلَّـدِ
كَـأنَّ حُـدُوجَ المَالِكِيَّةِ غُـدْوَةً
خَلاَيَا سَفِيْنٍ بِالنَّوَاصِـفِ مِنْ دَدِ
عَدَوْلِيَّةٌ أَوْ مِنْ سَفِيْنِ ابْنَ يَامِـنٍ
يَجُوْرُ بِهَا المَلاَّحُ طَوْراً ويَهْتَـدِي
يَشُـقُّ حَبَابَ المَاءِ حَيْزُومُهَا بِهَـا
كَمَـا قَسَمَ التُّرْبَ المُفَايِلَ بِاليَـدِ
وفِي الحَيِّ أَحْوَى يَنْفُضُ المَرْدَ شَادِنٌ
مُظَـاهِرُ سِمْطَيْ لُؤْلُؤٍ وزَبَرْجَـدِ
خَـذُولٌ تُرَاعِـي رَبْرَباً بِخَمِيْلَـةٍ
تَنَـاوَلُ أطْرَافَ البَرِيْرِ وتَرْتَـدِي
وتَبْسِـمُ عَنْ أَلْمَى كَأَنَّ مُنَـوَّراً
تَخَلَّلَ حُرَّ الرَّمْلِ دِعْصٍ لَهُ نَـدِ
سَقَتْـهُ إيَاةُ الشَّمْـسِ إلاّ لِثَاتِـهِ
أُسِـفَّ وَلَمْ تَكْدِمْ عَلَيْهِ بِإثْمِـدِ
ووَجْهٍ كَأَنَّ الشَّمْسَ ألْقتْ رِدَاءهَا
عَلَيْـهِ نَقِيِّ اللَّـوْنِ لَمْ يَتَخَـدَّدِ
وإِنِّي لأُمْضِي الهَمَّ عِنْدَ احْتِضَارِهِ
بِعَوْجَاءَ مِرْقَالٍ تَلُوحُ وتَغْتَـدِي
أَمُـوْنٍ كَأَلْوَاحِ الإِرَانِ نَصَأْتُهَـا
عَلَى لاحِبٍ كَأَنَّهُ ظَهْرُ بُرْجُـدِ
جُـمَالِيَّةٍ وَجْنَاءَ تَرْدَى كَأَنَّهَـا
سَفَنَّجَـةٌ تَبْـرِي لأزْعَرَ أرْبَـدِ
تُبَارِي عِتَاقاً نَاجِيَاتٍ وأَتْبَعَـتْ
وظِيْفـاً وظِيْفاً فَوْقَ مَوْرٍ مُعْبَّـدِ
تَرَبَّعْتِ القُفَّيْنِ فِي الشَّوْلِ تَرْتَعِي
حَدَائِـقَ مَوْلِىَّ الأَسِـرَّةِ أَغْيَـدِ
تَرِيْعُ إِلَى صَوْتِ المُهِيْبِ وتَتَّقِـي
بِذِي خُصَلٍ رَوْعَاتِ أَكْلَف مُلْبِدِ
كَـأَنَّ جَنَاحَيْ مَضْرَحِيٍّ تَكَنَّفَـا
حِفَافَيْهِ شُكَّا فِي العَسِيْبِ بِمِسْـرَدِ
فَطَوْراً بِهِ خَلْفَ الزَّمِيْلِ وَتَـارَةً
عَلَى حَشَفٍ كَالشَّنِّ ذَاوٍ مُجَدَّدِ
لَهَا فِخْذانِ أُكْمِلَ النَّحْضُ فِيْهِمَا
كَأَنَّهُمَـا بَابَا مُنِيْـفٍ مُمَـرَّدِ
وطَـيٍّ مَحَالٍ كَالحَنِيِّ خُلُوفُـهُ
وأَجـْرِنَةٌ لُـزَّتْ بِرَأيٍ مُنَضَّـدِ
كَأَنَّ كِنَـاسَيْ ضَالَةٍ يَكْنِفَانِهَـا
وأَطْرَ قِسِيٍّ تَحْتَ صَلْبٍ مُؤَيَّـدِ
لَهَـا مِرْفَقَـانِ أَفْتَلانِ كَأَنَّمَـا
تَمُـرُّ بِسَلْمَـي دَالِجٍ مُتَشَـدِّدِ
كَقَنْطَـرةِ الرُّوْمِـيِّ أَقْسَمَ رَبُّهَـا
لَتُكْتَنِفَـنْ حَتَى تُشَـادَ بِقَرْمَـدِ
صُهَابِيَّـةُ العُثْنُونِ مُوْجَدَةُ القَـرَا
بَعِيْـدةُ وَخْدِ الرِّجْلِ مَوَّارَةُ اليَـدِ
أُمِرَّتْ يَدَاهَا فَتْلَ شَزْرٍ وأُجْنِحَـتْ
لَهَـا عَضُدَاهَا فِي سَقِيْفٍ مُسَنَّـدِ
جَنـوحٌ دِفَاقٌ عَنْدَلٌ ثُمَّ أُفْرِعَـتْ
لَهَـا كَتِفَاهَا فِي مُعَالىً مُصَعَّـدِ
كَأَنَّ عُـلُوبَ النِّسْعِ فِي دَأَبَاتِهَـا
مَوَارِدُ مِن خَلْقَاءَ فِي ظَهْرِ قَـرْدَدِ
تَـلاقَى وأَحْيَـاناً تَبِيْنُ كَأَنَّهَـا
بَنَـائِقُ غُـرٍّ فِي قَمِيْصٍ مُقَـدَّدِ
وأَتْلَـعُ نَهَّـاضٌ إِذَا صَعَّدَتْ بِـهِ
كَسُكَّـانِ بُوصِيٍّ بِدَجْلَةَ مُصْعِـدِ
وجُمْجُمَـةٌ مِثْلُ العَـلاةِ كَأَنَّمَـا
وَعَى المُلْتَقَى مِنْهَا إِلَى حَرْفِ مِبْرَدِ
وَخَدٌّ كَقِرْطَاسِ الشَّآمِي ومِشْفَـرٌ
كَسِبْـتِ اليَمَانِي قَدُّهُ لَمْ يُجَـرَّدِ
وعَيْنَـانِ كَالمَاوِيَّتَيْـنِ اسْتَكَنَّتَـا
بِكَهْفَيْ حِجَاجَيْ صَخْرَةٍ قَلْتِ مَوْرِدِ
طَحُـورَانِ عُوَّارَ القَذَى فَتَرَاهُمَـا
كَمَكْحُـولَتَيْ مَذْعُورَةٍ أُمِّ فَرْقَـدِ
وصَادِقَتَا سَمْعِ التَّوَجُّسِ للسُّـرَى
لِهَجْـسٍ خَفيٍّ أَوْ لِصوْتٍ مُنَـدَّدِ
مُؤَلَّلَتَـانِ تَعْرِفُ العِتْـقَ فِيْهِمَـا
كَسَامِعَتَـي شَـاةٍ بِحَوْمَلَ مُفْـرَدِ
وأَرْوَعُ نَبَّـاضٌ أَحَـذُّ مُلَمْلَــمٌ
كَمِرْدَاةِ صَخْرٍ فِي صَفِيْحٍ مُصَمَّـدِ
وأَعْلَمُ مَخْرُوتٌ مِنَ الأَنْفِ مَـارِنٌ
عَتِيْـقٌ مَتَى تَرْجُمْ بِهِ الأَرْضَ تَـزْدَدِ
وَإِنْ شِئْتُ لَمْ تُرْقِلْ وَإِنْ شِئْتُ أَرْقَلَتْ
مَخَـافَةَ مَلْـوِيٍّ مِنَ القَدِّ مُحْصَـدِ
وَإِنْ شِئْتُ سَامَى وَاسِطَ الكَوْرِ رَأْسُهَا
وَعَامَـتْ بِضَبْعَيْهَا نَجَاءَ الخَفَيْـدَدِ
عَلَى مِثْلِهَا أَمْضِي إِذَا قَالَ صَاحِبِـي
ألاَ لَيْتَنِـي أَفْـدِيْكَ مِنْهَا وأَفْتَـدِي
وجَاشَتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ خَوْفاً وَخَالَـهُ
مُصَاباً وَلَوْ أمْسَى عَلَى غَيْرِ مَرْصَـدِ
إِذَا القَوْمُ قَالُوا مَنْ فَتَىً خِلْتُ أنَّنِـي
عُنِيْـتُ فَلَمْ أَكْسَـلْ وَلَمْ أَتَبَلَّـدِ
أَحَـلْتُ عَلَيْهَا بِالقَطِيْعِ فَأَجْذَمَـتْ
وَقَـدْ خَبَّ آلُ الأمْعَـزِ المُتَوَقِّــدِ
فَذَالَـتْ كَمَا ذَالَتْ ولِيْدَةُ مَجْلِـسٍ
تُـرِي رَبَّهَا أَذْيَالَ سَـحْلٍ مُمَـدَّدِ
فَإن تَبغِنـي فِي حَلْقَةِ القَوْمِ تَلْقِنِـي
وَإِنْ تَلْتَمِسْنِـي فِي الحَوَانِيْتِ تَصْطَدِ
وَإِنْ يَلْتَـقِ الحَيُّ الجَمِيْـعُ تُلاَقِنِـي
إِلَى ذِرْوَةِ البَيْتِ الشَّرِيْفِ المُصَمَّـدِ
نَـدَامَايَ بِيْضٌ كَالنُّجُـومِ وَقَيْنَـةٌ
تَرُوحُ عَلَينَـا بَيْـنَ بُرْدٍ وَمُجْسَـدِ
رَحِيْبٌ قِطَابُ الجَيْبِ مِنْهَا رَقِيْقَـةٌ
بِجَـسِّ النُّـدامَى بَضَّةُ المُتَجَـرَّدِ
إِذَا نَحْـنُ قُلْنَا أَسْمِعِيْنَا انْبَرَتْ لَنَـا
عَلَـى رِسْلِهَا مَطْرُوقَةً لَمْ تَشَـدَّدِ
إِذَا رَجَّعَتْ فِي صَوْتِهَا خِلْتَ صَوْتَهَا
تَجَـاوُبَ أَظْـآرٍ عَلَى رُبَـعٍ رَدِ
وَمَـا زَالَ تَشْرَابِي الخُمُورَ وَلَذَّتِـي
وبَيْعِـي وإِنْفَاقِي طَرِيْفِي ومُتْلَـدِي
إِلَـى أنْ تَحَامَتْنِي العَشِيْرَةُ كُلُّهَـا
وأُفْـرِدْتُ إِفْـرَادَ البَعِيْـرِ المُعَبَّـدِ
رَأَيْـتُ بَنِـي غَبْرَاءَ لاَ يُنْكِرُونَنِـي
وَلاَ أَهْـلُ هَذَاكَ الطِّرَافِ المُمَــدَّدِ
أَلاَ أَيُّها اللائِمي أَشهَـدُ الوَغَـى
وَأَنْ أَنْهَل اللَّذَّاتِ هَلْ أَنْتَ مُخْلِـدِي
فـإنْ كُنْتَ لاَ تَسْطِيْـعُ دَفْعَ مَنِيَّتِـي
فَدَعْنِـي أُبَادِرُهَا بِمَا مَلَكَتْ يَـدِي
وَلَـوْلاَ ثَلاثٌ هُنَّ مِنْ عَيْشَةِ الفَتَـى
وَجَـدِّكَ لَمْ أَحْفِلْ مَتَى قَامَ عُـوَّدِي
فَمِنْهُـنَّ سَبْقِـي العَاذِلاتِ بِشَرْبَـةٍ
كُمَيْـتٍ مَتَى مَا تُعْلَ بِالمَاءِ تُزْبِــدِ
وَكَرِّي إِذَا نَادَى المُضَافُ مُجَنَّبــاً
كَسِيـدِ الغَضَـا نَبَّهْتَـهُ المُتَـورِّدِ
وتَقْصِيرُ يَوْمِ الدَّجْنِ والدَّجْنُ مُعْجِبٌ
بِبَهْكَنَـةٍ تَحْـتَ الخِبَـاءِ المُعَمَّـدِ
كَـأَنَّ البُـرِيْنَ والدَّمَالِيْجَ عُلِّقَـتْ
عَلَى عُشَـرٍ أَوْ خِرْوَعٍ لَمْ يُخَضَّـدِ
كَـرِيْمٌ يُرَوِّي نَفْسَـهُ فِي حَيَاتِـهِ
سَتَعْلَـمُ إِنْ مُتْنَا غَداً أَيُّنَا الصَّـدِي
أَرَى قَبْـرَ نَحَّـامٍ بَخِيْـلٍ بِمَالِـهِ
كَقَبْـرِ غَوِيٍّ فِي البَطَالَـةِ مُفْسِـدِ
تَـرَى جُثْوَنَيْنِ مِن تُرَابٍ عَلَيْهِمَـا
صَفَـائِحُ صُمٌّ مِنْ صَفِيْحٍ مُنَضَّــدِ
أَرَى المَوْتَ يَعْتَامُ الكِرَامَ ويَصْطَفِـي
عَقِيْلَـةَ مَالِ الفَاحِـشِ المُتَشَـدِّدِ
أَرَى العَيْشَ كَنْزاً نَاقِصاً كُلَّ لَيْلَـةٍ
وَمَا تَنْقُـصِ الأيَّامُ وَالدَّهْرُ يَنْفَـدِ
لَعَمْرُكَ إِنَّ المَوتَ مَا أَخْطَأَ الفَتَـى
لَكَالطِّـوَلِ المُرْخَى وثِنْيَاهُ بِاليَـدِ
فَمَا لِي أَرَانِي وَابْنَ عَمِّي مَالِكـاً
مَتَـى أَدْنُ مِنْهُ يَنْـأَ عَنِّي ويَبْعُـدِ
يَلُـوْمُ وَمَا أَدْرِي عَلامَ يَلُوْمُنِـي
كَمَا لامَنِي فِي الحَيِّ قُرْطُ بْنُ مَعْبَدِ
وأَيْأَسَنِـي مِنْ كُـلِّ خَيْرٍ طَلَبْتُـهُ
كَـأَنَّا وَضَعْنَاهُ إِلَى رَمْسِ مُلْحَـدِ
عَلَى غَيْـرِ شَيْءٍ قُلْتُهُ غَيْرَ أَنَّنِـي
نَشَدْتُ فَلَمْ أَغْفِلْ حَمَوْلَةَ مَعْبَـدِ
وَقَـرَّبْتُ بِالقُرْبَـى وجَدِّكَ إِنَّنِـي
مَتَـى يَكُ أمْرٌ للنَّكِيْثـَةِ أَشْهَـدِ
وإِنْ أُدْعَ للْجُلَّى أَكُنْ مِنْ حُمَاتِهَـا
وإِنْ يِأْتِكَ الأَعْدَاءُ بِالجَهْدِ أَجْهَـدِ
وَإِنْ يِقْذِفُوا بِالقَذْعِ عِرْضَكَ أَسْقِهِمْ
بِكَأسِ حِيَاضِ المَوْتِ قَبْلَ التَّهَـدُّدِ
بِلاَ حَـدَثٍ أَحْدَثْتُهُ وكَمُحْـدَثٍ
هِجَائِي وقَذْفِي بِالشَّكَاةِ ومُطْرَدِي
فَلَوْ كَانَ مَوْلايَ إِمْرَأً هُوَ غَيْـرَهُ
لَفَـرَّجَ كَرْبِي أَوْ لأَنْظَرَنِي غَـدِي
ولَكِـنَّ مَوْلايَ اِمْرُؤٌ هُوَ خَانِقِـي
عَلَى الشُّكْرِ والتَّسْآلِ أَوْ أَنَا مُفْتَـدِ
وظُلْمُ ذَوِي القُرْبَى أَشَدُّ مَضَاضَـةً
عَلَى المَرْءِ مِنْ وَقْعِ الحُسَامِ المُهَنَّـدِ
فَذَرْنِي وخُلْقِي إِنَّنِي لَكَ شَاكِـرٌ
وَلَـوْ حَلَّ بَيْتِي نَائِياً عِنْدَ ضَرْغَـدِ
فَلَوْ شَاءَ رَبِّي كُنْتُ قَيْسَ بنَ خَالِدٍ
وَلَوْ شَاءَ رَبِّي كُنْتُ عَمْروَ بنَ مَرْثَدِ
فَأَصْبَحْتُ ذَا مَالٍ كَثِيْرٍ وَزَارَنِـي
بَنُـونَ كِـرَامٌ سَـادَةٌ لِمُسَـوَّدِ
أَنَا الرَّجُلُ الضَّرْبُ الَّذِي تَعْرِفُونَـهُ
خَشَـاشٌ كَـرَأْسِ الحَيَّةِ المُتَوَقِّـدِ
فَـآلَيْتُ لا يَنْفَكُّ كَشْحِي بِطَانَـةً
لِعَضْـبِ رَقِيْقِ الشَّفْرَتَيْنِ مُهَنَّـدِ
حُسَـامٍ إِذَا مَا قُمْتُ مُنْتَصِراً بِـهِ
كَفَى العَوْدَ مِنْهُ البَدْءُ لَيْسَ بِمِعْضَدِ
أَخِـي ثِقَةٍ لا يَنْثَنِي عَنْ ضَرِيْبَـةٍ
إِذَا قِيْلَ مَهْلاً قَالَ حَاجِزُهُ قَـدِي
إِذَا ابْتَدَرَ القَوْمُ السِّلاحَ وجَدْتَنِـي
مَنِيْعـاً إِذَا بَلَّتْ بِقَائِمَـهِ يَـدِي
وَبَرْكٍ هُجُوْدٍ قَدْ أَثَارَتْ مَخَافَتِـي
بَوَادِيَهَـا أَمْشِي بِعَضْبٍ مُجَـرَّدِ
فَمَرَّتْ كَهَاةٌ ذَاتُ خَيْفٍ جُلالَـةٌ
عَقِيْلَـةَ شَيْـخٍ كَالوَبِيْلِ يَلَنْـدَدِ
يَقُـوْلُ وَقَدْ تَرَّ الوَظِيْفُ وَسَاقُهَـا
أَلَسْتَ تَرَى أَنْ قَدْ أَتَيْتَ بِمُؤَيَّـدِ
وقَـالَ أَلا مَاذَا تَرَونَ بِشَـارِبٍ
شَـدِيْدٌ عَلَيْنَـا بَغْيُـهُ مُتَعَمِّـدِ
وقَـالَ ذَروهُ إِنَّمَـا نَفْعُهَـا لَـهُ
وإلاَّ تَكُـفُّوا قَاصِيَ البَرْكِ يَـزْدَدِ
فَظَـلَّ الإِمَاءُ يَمْتَلِـلْنَ حُوَارَهَـا
ويُسْغَى عَلَيْنَا بِالسَّدِيْفِ المُسَرْهَـدِ
فَإِنْ مُـتُّ فَانْعِيْنِـي بِمَا أَنَا أَهْلُـهُ
وشُقِّـي عَلَيَّ الجَيْبَ يَا ابْنَةَ مَعْبَـدِ
ولا تَجْعَلِيْنِي كَأَمْرِىءٍ لَيْسَ هَمُّـهُ
كَهَمِّي ولا يُغْنِي غَنَائِي ومَشْهَـدِي
بَطِيءٍ عَنْ الجُلَّى سَرِيْعٍ إِلَى الخَنَـى
ذَلُـولٍ بِأَجْمَـاعِ الرِّجَالِ مُلَهَّـدِ
فَلَوْ كُنْتُ وَغْلاً فِي الرِّجَالِ لَضَرَّنِي
عَـدَاوَةُ ذِي الأَصْحَابِ والمُتَوَحِّـدِ
وَلَكِنْ نَفَى عَنِّي الرِّجَالَ جَرَاءَتِـي
عَلَيْهِمْ وإِقْدَامِي وصِدْقِي ومَحْتِـدِي
لَعَمْـرُكَ مَا أَمْـرِي عَلَـيَّ بُغُمَّـةٍ
نَهَـارِي ولا لَيْلِـي عَلَيَّ بِسَرْمَـدِ
ويَـوْمٍ حَبَسْتُ النَّفْسَ عِنْدَ عِرَاكِـهِ
حِفَاظـاً عَلَـى عَـوْرَاتِهِ والتَّهَـدُّدِ
عَلَى مَوْطِنٍ يَخْشَى الفَتَى عِنْدَهُ الرَّدَى
مَتَى تَعْتَـرِكْ فِيْهِ الفَـرَائِصُ تُرْعَـدِ
وأَصْفَـرَ مَضْبُـوحٍ نَظَرْتُ حِـوَارَهُ
عَلَى النَّارِ واسْتَوْدَعْتُهُ كَفَّ مُجْمِـدِ
سَتُبْدِي لَكَ الأيَّامُ مَا كُنْتَ جَاهِـلاً
ويَأْتِيْـكَ بِالأَخْبَـارِ مَنْ لَمْ تُـزَوِّدِ
وَيَأْتِيْـكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تَبِعْ لَـهُ
بَتَـاتاً وَلَمْ تَضْرِبْ لَهُ وَقْتَ مَوْعِـدِ

*********

معلقة زهير ابن آبي سلمى

أَمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَـةٌ لَمْ تَكَلَّـمِ

بِحَـوْمَانَةِ الـدُّرَّاجِ فَالمُتَثَلَّـمِ

وَدَارٌ لَهَـا بِالرَّقْمَتَيْـنِ كَأَنَّهَـا

مَرَاجِيْعُ وَشْمٍ فِي نَوَاشِرِ مِعْصَـمِ

بِهَا العِيْنُ وَالأَرْآمُ يَمْشِينَ خِلْفَـةً

وَأَطْلاؤُهَا يَنْهَضْنَ مِنْ كُلِّ مَجْثَمِ

وَقَفْتُ بِهَا مِنْ بَعْدِ عِشْرِينَ حِجَّةً

فَـلأيَاً عَرَفْتُ الدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّـمِ

أَثَـافِيَ سُفْعاً فِي مُعَرَّسِ مِرْجَـلِ

وَنُـؤْياً كَجِذْمِ الحَوْضِ لَمْ يَتَثَلَّـمِ

فَلَـمَّا عَرَفْتُ الدَّارَ قُلْتُ لِرَبْعِهَـا

أَلاَ أَنْعِمْ صَبَاحاً أَيُّهَا الرَّبْعُ وَاسْلَـمِ

تَبَصَّرْ خَلِيْلِي هَلْ تَرَى مِنْ ظَعَائِـنٍ

تَحَمَّلْـنَ بِالْعَلْيَاءِ مِنْ فَوْقِ جُرْثُـمِ

جَعَلْـنَ القَنَانَ عَنْ يَمِينٍ وَحَزْنَـهُ

وَكَـمْ بِالقَنَانِ مِنْ مُحِلٍّ وَمُحْـرِمِ

عَلَـوْنَ بِأَنْمَـاطٍ عِتَاقٍ وكِلَّـةٍ

وِرَادٍ حَوَاشِيْهَـا مُشَاكِهَةُ الـدَّمِ

وَوَرَّكْنَ فِي السُّوبَانِ يَعْلُوْنَ مَتْنَـهُ

عَلَيْهِـنَّ دَلُّ النَّـاعِمِ المُتَنَعِّــمِ

بَكَرْنَ بُكُورًا وَاسْتَحْرَنَ بِسُحْـرَةٍ

فَهُـنَّ وَوَادِي الرَّسِّ كَالْيَدِ لِلْفَـمِ

وَفِيْهـِنَّ مَلْهَـىً لِلَّطِيْفِ وَمَنْظَـرٌ

أَنِيْـقٌ لِعَيْـنِ النَّـاظِرِ المُتَوَسِّـمِ

كَأَنَّ فُتَاتَ العِهْنِ فِي كُلِّ مَنْـزِلٍ

نَـزَلْنَ بِهِ حَبُّ الفَنَا لَمْ يُحَطَّـمِ

فَـلَمَّا وَرَدْنَ المَاءَ زُرْقاً جِمَامُـهُ

وَضَعْـنَ عِصِيَّ الحَاضِرِ المُتَخَيِّـمِ

ظَهَرْنَ مِنْ السُّوْبَانِ ثُمَّ جَزَعْنَـهُ

عَلَى كُلِّ قَيْنِـيٍّ قَشِيْبٍ وَمُفْـأَمِ

فَأَقْسَمْتُ بِالْبَيْتِ الذِّي طَافَ حَوْلَهُ

رِجَـالٌ بَنَوْهُ مِنْ قُرَيْشٍ وَجُرْهُـمِ

يَمِينـاً لَنِعْمَ السَّـيِّدَانِ وُجِدْتُمَـا

عَلَى كُلِّ حَالٍ مِنْ سَحِيْلٍ وَمُبْـرَمِ

تَدَارَكْتُـمَا عَبْسًا وَذُبْيَانَ بَعْدَمَـا

تَفَـانَوْا وَدَقُّوا بَيْنَهُمْ عِطْرَ مَنْشَـمِ

وَقَدْ قُلْتُمَا إِنْ نُدْرِكِ السِّلْمَ وَاسِعـاً

بِمَالٍ وَمَعْرُوفٍ مِنَ القَوْلِ نَسْلَـمِ

فَأَصْبَحْتُمَا مِنْهَا عَلَى خَيْرِ مَوْطِـنٍ

بَعِيـدَيْنِ فِيْهَا مِنْ عُقُوقٍ وَمَأْثَـمِ

عَظِيمَيْـنِ فِي عُلْيَا مَعَدٍّ هُدِيْتُمَـا

وَمَنْ يَسْتَبِحْ كَنْزاً مِنَ المَجْدِ يَعْظُـمِ

تُعَفِّـى الكُلُومُ بِالمِئينَ فَأَصْبَحَـتْ

يُنَجِّمُهَـا مَنْ لَيْسَ فِيْهَا بِمُجْـرِمِ

يُنَجِّمُهَـا قَـوْمٌ لِقَـوْمٍ غَرَامَـةً

وَلَـمْ يَهَرِيقُوا بَيْنَهُمْ مِلْءَ مِحْجَـمِ

فَأَصْبَحَ يَجْرِي فِيْهِمُ مِنْ تِلاَدِكُـمْ

مَغَـانِمُ شَتَّـى مِنْ إِفَـالٍ مُزَنَّـمِ

أَلاَ أَبْلِـغِ الأَحْلاَفَ عَنِّى رِسَالَـةً

وَذُبْيَـانَ هَلْ أَقْسَمْتُمُ كُلَّ مُقْسَـمِ

فَـلاَ تَكْتُمُنَّ اللهَ مَا فِي نُفُوسِكُـمْ

لِيَخْفَـى وَمَهْمَـا يُكْتَمِ اللهُ يَعْلَـمِ

يُؤَخَّـرْ فَيُوضَعْ فِي كِتَابٍ فَيُدَّخَـرْ

لِيَـوْمِ الحِسَـابِ أَوْ يُعَجَّلْ فَيُنْقَـمِ

وَمَا الحَـرْبُ إِلاَّ مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُـمُ

وَمَا هُـوَ عَنْهَا بِالحَـدِيثِ المُرَجَّـمِ

مَتَـى تَبْعَـثُوهَا تَبْعَـثُوهَا ذَمِيْمَـةً

وَتَضْـرَ إِذَا ضَرَّيْتُمُـوهَا فَتَضْـرَمِ

فَتَعْـرُكُكُمْ عَرْكَ الرَّحَى بِثِفَالِهَـا

وَتَلْقَـحْ كِشَـافاً ثُمَّ تُنْتَجْ فَتُتْئِـمِ

فَتُنْتِـجْ لَكُمْ غِلْمَانَ أَشْأَمَ كُلُّهُـمْ

كَأَحْمَـرِ عَادٍ ثُمَّ تُرْضِـعْ فَتَفْطِـمِ

فَتُغْـلِلْ لَكُمْ مَا لاَ تُغِـلُّ لأَهْلِهَـا

قُـرَىً بِالْعِـرَاقِ مِنْ قَفِيْزٍ وَدِرْهَـمِ

لَعَمْـرِي لَنِعْمَ الحَـيِّ جَرَّ عَلَيْهِـمُ

بِمَا لاَ يُؤَاتِيْهِم حُصَيْنُ بْنُ ضَمْضَـمِ

وَكَانَ طَوَى كَشْحاً عَلَى مُسْتَكِنَّـةٍ

فَـلاَ هُـوَ أَبْـدَاهَا وَلَمْ يَتَقَـدَّمِ

وَقَـالَ سَأَقْضِي حَاجَتِي ثُمَّ أَتَّقِـي

عَـدُوِّي بِأَلْفٍ مِنْ وَرَائِيَ مُلْجَـمِ

فَشَـدَّ فَلَمْ يُفْـزِعْ بُيُـوتاً كَثِيـرَةً

لَدَى حَيْثُ أَلْقَتْ رَحْلَهَا أُمُّ قَشْعَـمِ

لَدَى أَسَدٍ شَاكِي السِلاحِ مُقَـذَّفٍ

لَـهُ لِبَـدٌ أَظْفَـارُهُ لَـمْ تُقَلَّــمِ

جَـريءٍ مَتَى يُظْلَمْ يُعَاقَبْ بِظُلْمِـهِ

سَرِيْعـاً وَإِلاَّ يُبْدِ بِالظُّلْـمِ يَظْلِـمِ

دَعَـوْا ظِمْئهُمْ حَتَى إِذَا تَمَّ أَوْرَدُوا

غِمَـاراً تَفَرَّى بِالسِّـلاحِ وَبِالـدَّمِ

فَقَضَّـوْا مَنَايَا بَيْنَهُمْ ثُمَّ أَصْـدَرُوا

إِلَـى كَلَـأٍ مُسْتَـوْبَلٍ مُتَوَخِّـمِ

لَعَمْرُكَ مَا جَرَّتْ عَلَيْهِمْ رِمَاحُهُـمْ

دَمَ ابْـنِ نَهِيْـكٍ أَوْ قَتِيْـلِ المُثَلَّـمِ

وَلاَ شَارَكَتْ فِي المَوْتِ فِي دَمِ نَوْفَلٍ

وَلاَ وَهَـبٍ مِنْهَـا وَلا ابْنِ المُخَـزَّمِ

فَكُـلاً أَرَاهُمْ أَصْبَحُـوا يَعْقِلُونَـهُ

صَحِيْحَـاتِ مَالٍ طَالِعَاتٍ بِمَخْـرِمِ

لِحَـيِّ حَلالٍ يَعْصِمُ النَّاسَ أَمْرَهُـمْ

إِذَا طَـرَقَتْ إِحْدَى اللَّيَالِي بِمُعْظَـمِ

كِـرَامٍ فَلاَ ذُو الضِّغْنِ يُدْرِكُ تَبْلَـهُ

وَلا الجَـارِمُ الجَانِي عَلَيْهِمْ بِمُسْلَـمِ

سَئِمْـتُ تَكَالِيْفَ الحَيَاةِ وَمَنْ يَعِـشُ

ثَمَانِيـنَ حَـوْلاً لا أَبَا لَكَ يَسْـأَمِ

وأَعْلـَمُ مَا فِي الْيَوْمِ وَالأَمْسِ قَبْلَـهُ

وَلكِنَّنِـي عَنْ عِلْمِ مَا فِي غَدٍ عَـمِ

رَأَيْتُ المَنَايَا خَبْطَ عَشْوَاءَ مَنْ تُصِبْ

تُمِـتْهُ وَمَنْ تُخْطِىء يُعَمَّـرْ فَيَهْـرَمِ

وَمَنْ لَمْ يُصَـانِعْ فِي أُمُـورٍ كَثِيـرَةٍ

يُضَـرَّسْ بِأَنْيَـابٍ وَيُوْطَأ بِمَنْسِـمِ

وَمَنْ يَجْعَلِ المَعْروفَ مِنْ دُونِ عِرْضِهِ

يَفِـرْهُ وَمَنْ لا يَتَّقِ الشَّتْـمَ يُشْتَـمِ

وَمَنْ يَكُ ذَا فَضْـلٍ فَيَبْخَلْ بِفَضْلِـهِ

عَلَى قَوْمِهِ يُسْتَغْـنَ عَنْـهُ وَيُذْمَـمِ

وَمَنْ يُوْفِ لا يُذْمَمْ وَمَنْ يُهْدَ قَلْبُـهُ

إِلَـى مُطْمَئِـنِّ البِرِّ لا يَتَجَمْجَـمِ

وَمَنْ هَابَ أَسْـبَابَ المَنَايَا يَنَلْنَـهُ

وَإِنْ يَرْقَ أَسْـبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّـمِ

وَمَنْ يَجْعَلِ المَعْرُوفَ فِي غَيْرِ أَهْلِـهِ

يَكُـنْ حَمْـدُهُ ذَماً عَلَيْهِ وَيَنْـدَمِ

وَمَنْ يَعْصِ أَطْـرَافَ الزُّجَاجِ فَإِنَّـهُ

يُطِيـعُ العَوَالِي رُكِّبَتْ كُلَّ لَهْـذَمِ

وَمَنْ لَمْ يَذُدْ عَنْ حَوْضِهِ بِسِلاحِـهِ

يُهَـدَّمْ وَمَنْ لا يَظْلِمْ النَّاسَ يُظْلَـمِ

وَمَنْ يَغْتَرِبْ يَحْسَبْ عَدُواً صَدِيقَـهُ

وَمَنْ لَم يُكَـرِّمْ نَفْسَـهُ لَم يُكَـرَّمِ

وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امْرِئٍ مَنْ خَلِيقَـةٍ

وَإِنْ خَالَهَا تَخْفَى عَلَى النَّاسِ تُعْلَـمِ

وَكَاءٍ تَرَى مِنْ صَامِتٍ لَكَ مُعْجِـبٍ

زِيَـادَتُهُ أَو نَقْصُـهُ فِـي التَّكَلُّـمِ

لِسَانُ الفَتَى نِصْفٌ وَنِصْفٌ فُـؤَادُهُ

فَلَمْ يَبْـقَ إَلا صُورَةُ اللَّحْمِ وَالـدَّمِ

وَإَنَّ سَفَاهَ الشَّـيْخِ لا حِلْمَ بَعْـدَهُ

وَإِنَّ الفَتَـى بَعْدَ السَّفَاهَةِ يَحْلُـمِ

سَألْنَـا فَأَعْطَيْتُـمْ وَعُداً فَعُدْتُـمُ

وَمَنْ أَكْـثَرَ التّسْآلَ يَوْماً سَيُحْـرَمِ

***********

معلقة لبيد ابن ربيعة العامري

عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَـا

بِمِنىً تَأَبَّـدَ غَـوْلُهَا فَرِجَامُهَـا

فَمَـدَافِعُ الرَّيَّانِ عُرِّيَ رَسْمُهَـا
خَلِقاً كَمَا ضَمِنَ الوُحِىَّ سِلامُهَا
دِمَنٌ تَجَـرَّمَ بَعْدَ عَهْدِ أَنِيسِهَـا
حِجَـجٌ خَلَونَ حَلالُهَا وَحَرامُهَا
رُزِقَتْ مَرَابِيْعَ النُّجُومِ وَصَابَهَـا
وَدَقُّ الرَّوَاعِدِ جَوْدُهَا فَرِهَامُهَـا
مِنْ كُـلِّ سَارِيَةٍ وَغَادٍ مُدْجِـنٍ
وَعَشِيَّـةٍ مُتَجَـاوِبٍ إِرْزَامُهَـا
فَعَلا فُرُوعُ الأَيْهُقَانِ وأَطْفَلَـتْ
بِالجَهْلَتَيْـنِ ظِبَـاؤُهَا وَنَعَامُهَـا
وَالعِيْـنُ سَاكِنَةٌ عَلَى أَطْلائِهَـا
عُـوذاً تَأَجَّلُ بِالفَضَاءِ بِهَامُهَـا
وَجَلا السُّيُولُ عَنْ الطُّلُولِ كَأَنَّهَا
زُبُـرٌ تُجِدُّ مُتُونَهَـا أَقْلامُهَـا
أَوْ رَجْعُ واشِمَةٍ أُسِفَّ نَؤورُهَـا
كَفِـفاً تَعَرَّضَ فَوْقَهُنَّ وِشَامُهَـا
فَوَقَفْـتُ أَسْأَلُهَا وَكَيفَ سُؤَالُنَـا
صُمًّـا خَوَالِدَ مَا يَبِيْنُ كَلامُهَـا
عَرِيتْ وَكَانَ بِهَا الجَمِيْعُ فَأَبْكَرُوا
مِنْهَـا وغُودِرَ نُؤيُهَا وَثُمَامُهَـا
شَاقَتْكَ ظُعْنُ الحَيِّ حِيْنَ تَحَمَّلُـوا
فَتَكَنَّسُـوا قُطُناً تَصِرُّ خِيَامُهَـا
مِنْ كُلِّ مَحْفُوفٍ يُظِلُّ عَصِيَّـهُ
زَوْجٌ عَلَيْـهِ كِلَّـةٌ وَقِرَامُهَـا
زُجَلاً كَأَنَّ نِعَاجَ تُوْضِحَ فَوْقَهَا
وَظِبَـاءَ وَجْرَةَ عُطَّفاً آرَامُهَـا
حُفِزَتْ وَزَايَلَهَا السَّرَابُ كَأَنَّهَا
أَجْزَاعُ بِيشَةَ أَثْلُهَا وَرِضَامُهَـا
بَلْ مَا تَذَكَّرُ مِنْ نَوَارِ وقَدْ نَأَتْ
وتَقَطَّعَـتْ أَسْبَابُهَا ورِمَامُهَـا
مُرِّيَةٌ حَلَّتْ بِفَيْد وجَـاوَرَتْ
أَهْلَ الحِجَازِ فَأَيْنَ مِنْكَ مَرَامُهَا
بِمَشَارِقِ الجَبَلَيْنِ أَوْ بِمُحَجَّـرٍ
فَتَضَمَّنَتْهَـا فَـرْدَةٌ فَرُخَامُهَـا
فَصُـوائِقٌ إِنْ أَيْمَنَتْ فَمِظَنَّـةٌ
فِيْهَا رِخَافُ القَهْرِ أَوْ طِلْخَامُهَا
فَاقْطَعْ لُبَانَةَ مَنْ تَعَرَّضَ وَصْلُـهُ
وَلَشَـرُّ وَاصِلِ خُلَّةٍ صَرَّامُهَـا
وَاحْبُ المُجَامِلَ بِالجَزِيلِ وَصَرْمُهُ
بَاقٍ إِذَا ظَلَعَتْ وَزَاغَ قِوَامُهَـا
بِطَلِيـحِ أَسْفَـارٍ تَرَكْنَ بَقِيَّـةً
مِنْهَا فَأَحْنَقَ صُلْبُهَا وسَنَامُهَـا
وَإِذَا تَعَالَى لَحْمُهَا وتَحَسَّـرَتْ
وتَقَطَّعَتْ بَعْدَ الكَلالِ خِدَامُهَـا
فَلَهَـا هِبَابٌ فِي الزِّمَامِ كَأَنَّهَـا
صَهْبَاءُ خَفَّ مَعَ الجَنُوبِ جَهَامُهَا
أَوْ مُلْمِعٌ وَسَقَتْ لأَحْقَبَ لاحَـهُ
طَرْدُ الفُحُولِ وضَرْبُهَا وَكِدَامُهَـا
يَعْلُو بِهَا حُدْبَ الإِكَامِ مُسَحَّـجٌ
قَـدْ رَابَهُ عِصْيَانُهَـا وَوِحَامُهَـا
بِأَحِـزَّةِ الثَّلْبُـوتِ يَرْبَأُ فَوْقَهَـا
قَفْـرُ المَـرَاقِبِ خَوْفُهَا آرَامُهَـا
حَتَّـى إِذَا سَلَخَا جُمَادَى سِتَّـةً
جَـزْءاً فَطَالَ صِيَامُهُ وَصِيَامُهَـا
رَجَعَـا بِأَمْرِهِمَـا إِلىَ ذِي مِـرَّةٍ
حَصِـدٍ ونُجْعُ صَرِيْمَةٍ إِبْرَامُهَـا
ورَمَى دَوَابِرَهَا السَّفَا وتَهَيَّجَـتْ
رِيْحُ المَصَايِفِ سَوْمُهَا وسِهَامُهَـا
فَتَنَـازَعَا سَبِطاً يَطِيْرُ ظِـلالُـهُ
كَدُخَانِ مُشْعَلَةٍ يُشَبُّ ضِرَامُهَـا
مَشْمُـولَةٍ غُلِثَتْ بِنَابتِ عَرْفَـجٍ
كَدُخَـانِ نَارٍ سَاطِعٍ أَسْنَامُهَـا
فَمَضَى وقَدَّمَهَا وكَانَتْ عَـادَةً
مِنْـهُ إِذَا هِيَ عَرَّدَتْ إِقْدَامُهَـا
فَتَوَسَّطَا عُرْضَ السَّرِيِّ وصَدَّعَـا
مَسْجُـورَةً مُتَجَـاوِراً قُلاَّمُهَـا
مَحْفُـوفَةً وَسْطَ اليَرَاعِ يُظِلُّهَـا
مِنْـهُ مُصَـرَّعُ غَابَةٍ وقِيَامُهَـا
أَفَتِلْـكَ أَمْ وَحْشِيَّةٌ مَسْبُـوعَـةٌ
خَذَلَتْ وهَادِيَةُ الصِّوَارِ قِوَامُهَـا
خَنْسَاءُ ضَيَّعَتِ الفَرِيرَ فَلَمْ يَـرِمْ
عُرْضَ الشَّقَائِقِ طَوْفُهَا وبُغَامُهَـا
لِمُعَفَّـرٍ قَهْـدٍ تَنَـازَعَ شِلْـوَهُ
غُبْسٌ كَوَاسِبُ لا يُمَنُّ طَعَامُهَـا
صَـادَفْنَ مِنْهَا غِـرَّةً فَأَصَبْنَهَـا
إِنَّ المَنَـايَا لا تَطِيْشُ سِهَامُهَـا
بَاتَتْ وأَسْبَلَ واكِفٌ مِنْ دِيْمَـةٍ
يُرْوَى الخَمَائِلَ دَائِماً تَسْجَامُهَـا
يَعْلُـو طَرِيْقَةَ مَتْنِهَـا مُتَوَاتِـرٌ
فِي لَيْلَةٍ كَفَرَ النُّجُومَ غَمامُهَـا
تَجْتَـافُ أَصْلاً قَالِصاً مُتَنَبِّـذَا
بِعُجُـوبِ أَنْقَاءٍ يَمِيْلُ هُيَامُهَـا
وتُضِيءُ فِي وَجْهِ الظَّلامِ مُنِيْـرَةً
كَجُمَانَةِ البَحْرِيِّ سُلَّ نِظَامُهَـا
حَتَّى إِذَا حَسَرَ الظَّلامُ وأَسْفَرَتْ
بَكَرَتْ تَزِلُّ عَنِ الثَّرَى أَزْلامُهَا
عَلِهَتْ تَرَدَّدُ فِي نِهَاءِ صُعَائِـدٍ
سَبْعـاً تُـؤَاماً كَامِلاً أَيَّامُهَـا
حَتَّى إِذَا يَئِسَتْ وَأَسْحَقَ حَالِقٌ
لَمْ يُبْلِـهِ إِرْضَاعُهَا وفِطَامُهَـا
فَتَوَجَّسَتْ رِزَّ الأَنِيْسِ فَرَاعَهَـا
عَنْ ظَهْرِ غَيْبٍ والأَنِيْسُ سَقَامُهَا
فَغَدَتْ كِلاَ الفَرْجَيْنِ تَحْسِبُ أَنَّهُ
مَوْلَى المَخَافَةِ خَلْفُهَا وأَمَامُهَـا
حَتَّى إِذَا يِئِسَ الرُّمَاةُ وأَرْسَلُـوا
غُضْفاً دَوَاجِنَ قَافِلاً أَعْصَامُهَـا
فَلَحِقْنَ واعْتَكَرَتْ لَهَا مَدْرِيَّـةٌ
كَالسَّمْهَـرِيَّةِ حَدُّهَا وتَمَامُهَـا
لِتَذُودَهُنَّ وأَيْقَنَتْ إِنْ لَمْ تَـذُدْ
أَنْ قَدْ أَحَمَّ مَعَ الحُتُوفِ حِمَامُهَا
فَتَقَصَّدَتْ مِنْهَا كَسَابِ فَضُرِّجَتْ
بِدَمٍ وغُودِرَ فِي المَكَرِّ سُخَامُهَـا
فَبِتِلْكَ إِذْ رَقَصَ اللَّوَامِعُ بِالضُّحَى
واجْتَابَ أَرْدِيَةَ السَّرَابِ إِكَامُهَـا
أَقْضِـي اللُّبَـانَةَ لا أُفَرِّطُ رِيْبَـةً
أَوْ أنْ يَلُـومَ بِحَاجَـةٍ لَوَّامُهَـا
أَوَلَـمْ تَكُنْ تَدْرِي نَوَارِ بِأَنَّنِـي
وَصَّـالُ عَقْدِ حَبَائِلٍ جَذَّامُهَـا
تَـرَّاكُ أَمْكِنَـةٍ إِذَا لَمْ أَرْضَهَـا
أَوْ يَعْتَلِقْ بَعْضَ النُّفُوسِ حِمَامُهَـا
بَلْ أَنْتِ لا تَدْرِينَ كَمْ مِنْ لَيْلَـةٍ
طَلْـقٍ لَذِيذٍ لَهْـوُهَا وَنِدَامُهَـا
قَـدْ بِتُّ سَامِرَهَا وغَايَةَ تَاجِـرٍ
وافَيْـتُ إِذْ رُفِعَتْ وعَزَّ مُدَامُهَـا
أُغْلِى السِّبَاءَ بِكُلِّ أَدْكَنَ عَاتِـقِ
أَوْ جَوْنَةٍ قُدِحَتْ وفُضَّ خِتَامُهَـا
بِصَبُوحِ صَافِيَةٍ وجَذْبِ كَرِينَـةٍ
بِمُـوَتَّـرٍ تَأْتَـالُـهُ إِبْهَامُهَـا
بَاكَرْتُ حَاجَتَهَا الدَّجَاجَ بِسُحْرَةٍ
لأَعَـلَّ مِنْهَا حِيْنَ هَبَّ نِيَامُهَـا
وَغـدَاةَ رِيْحٍ قَدْ وَزَعْتُ وَقِـرَّةٍ
قَد أَصْبَحَتْ بِيَدِ الشَّمَالِ زِمَامُهَـا
وَلَقَدْ حَمَيْتُ الحَيَّ تَحْمِلُ شِكَّتِـي
فُرْطٌ وِشَاحِي إِذْ غَدَوْتُ لِجَامُهَـا
فَعَلَـوْتُ مُرْتَقِباً عَلَى ذِي هَبْـوَةٍ
حَـرِجٍ إِلَى أَعْلامِهِـنَّ قَتَامُهَـا
حَتَّـى إِذَا أَلْقَتْ يَداً فِي كَافِـرٍ
وأَجَنَّ عَوْرَاتِ الثُّغُورِ ظَلامُهَـا
أَسْهَلْتُ وانْتَصَبَتْ كَجِذْعِ مُنِيْفَةٍ
جَـرْدَاءَ يَحْصَرُ دُونَهَا جُرَّامُهَـا
رَفَّعْتُهَـا طَـرْدَ النَّعَـامِ وَشَلَّـهُ
حَتَّى إِذَا سَخِنَتْ وخَفَّ عِظَامُهَـا
قَلِقَـتْ رِحَالَتُهَا وأَسْبَلَ نَحْرُهَـا
وابْتَـلَّ مِنْ زَبَدِ الحَمِيْمِ حِزَامُهَـا
تَرْقَى وتَطْعَنُ فِي العِنَانِ وتَنْتَحِـي
وِرْدَ الحَمَـامَةِ إِذْ أَجَدَّ حَمَامُهَـا
وكَثِيْـرَةٍ غُـرَبَاؤُهَـا مَجْهُولَـةٍ
تُـرْجَى نَوَافِلُهَا ويُخْشَى ذَامُهَـا
غُلْـبٍ تَشَذَّرُ بِالذَّحُولِ كَأَنَّهَـا
جِـنُّ البَـدِيِّ رَوَاسِياً أَقْدَامُهَـا
أَنْكَـرْتُ بَاطِلَهَا وبُؤْتُ بِحَقِّهَـا
عِنْـدِي وَلَمْ يَفْخَرْ عَلَّي كِرَامُهَـا
وجَـزُورِ أَيْسَارٍ دَعَوْتُ لِحَتْفِهَـا
بِمَغَـالِقٍ مُتَشَـابِهٍ أَجْسَامُهَــا
أَدْعُـو بِهِنَّ لِعَـاقِرٍ أَوْ مُطْفِــلٍ
بُذِلَـتْ لِجِيْرَانِ الجَمِيْعِ لِحَامُهَـا
فَالضَّيْـفُ والجَارُ الجَنِيْبُ كَأَنَّمَـا
هَبَطَـا تَبَالَةَ مُخْصِبـاً أَهْضَامُهَـا
تَـأْوِي إِلَى الأطْنَابِ كُلُّ رَذِيَّـةٍ
مِثْـلِ البَلِيَّـةِ قَالِـصٍ أَهْدَامُهَـا
ويُكَلِّـلُونَ إِذَا الرِّيَاحُ تَنَاوَحَـتْ
خُلُجـاً تُمَدُّ شَـوَارِعاً أَيْتَامُهَـا
إِنَّـا إِذَا الْتَقَتِ المَجَامِعُ لَمْ يَـزَلْ
مِنَّـا لِزَازُ عَظِيْمَـةٍ جَشَّامُهَـا
ومُقَسِّـمٌ يُعْطِي العَشِيرَةَ حَقَّهَـا
ومُغَـذْمِرٌ لِحُقُوقِهَـا هَضَّامُهَـا
فَضْلاً وَذُو كَرَمٍ يُعِيْنُ عَلَى النَّدَى
سَمْحٌ كَسُوبُ رَغَائِبٍ غَنَّامُهَـا
مِنْ مَعْشَـرٍ سَنَّتْ لَهُمْ آبَاؤُهُـمْ
ولِكُـلِّ قَـوْمٍ سُنَّـةٌ وإِمَامُهَـا
لا يَطْبَعُـونَ وَلا يَبُورُ فَعَالُهُـمْ
إِذْ لا يَمِيْلُ مَعَ الهَوَى أَحْلامُهَـا
فَاقْنَـعْ بِمَا قَسَمَ المَلِيْكُ فَإِنَّمَـا
قَسَـمَ الخَـلائِقَ بَيْنَنَا عَلاَّمُهَـا
وإِذَا الأَمَانَةُ قُسِّمَتْ فِي مَعْشَـرٍ
أَوْفَـى بِأَوْفَـرِ حَظِّنَا قَسَّامُهَـا
فَبَنَـى لَنَا بَيْتـاً رَفِيْعاً سَمْكُـهُ
فَسَمَـا إِليْهِ كَهْلُهَـا وغُلامُهَـا
وَهُمُ السُّعَاةُ إِذَا العَشِيرَةُ أُفْظِعَـتْ
وَهُمُ فَـوَارِسُـهَا وَهُمْ حُكَّامُهَـا
وَهُمُ رَبيـْعٌ لِلْمُجَـاوِرِ فِيهُــمُ
والمُرْمِـلاتِ إِذَا تَطَـاوَلَ عَامُهَـا
وَهُمُ العَشِيْـرَةُ أَنْ يُبَطِّئَ حَاسِـدٌ
أَوْ أَنْ يَمِيْـلَ مَعَ العَـدُوِّ لِئَامُهَـا

معلقة امرىء القيس

قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ

بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ

فَتُوْضِحَ فَالمِقْراةِ لَمْ يَعْفُ رَسْمُها

لِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبٍ وشَمْألِ

تَرَى بَعَرَ الأرْآمِ فِي عَرَصَاتِهَـا

وَقِيْعَـانِهَا كَأنَّهُ حَبُّ فُلْفُــلِ

كَأنِّي غَدَاةَ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُـوا

لَدَى سَمُرَاتِ الحَيِّ نَاقِفُ حَنْظَلِ

وُقُوْفاً بِهَا صَحْبِي عَلَّي مَطِيَّهُـمُ

يَقُوْلُوْنَ لاَ تَهْلِكْ أَسَىً وَتَجَمَّـلِ

وإِنَّ شِفـَائِي عَبْـرَةٌ مُهْرَاقَـةٌ

فَهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ

كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الحُوَيْرِثِ قَبْلَهَـا

وَجَـارَتِهَا أُمِّ الرَّبَابِ بِمَأْسَـلِ

إِذَا قَامَتَا تَضَوَّعَ المِسْكُ مِنْهُمَـا

نَسِيْمَ الصَّبَا جَاءَتْ بِرَيَّا القَرَنْفُلِ

فَفَاضَتْ دُمُوْعُ العَيْنِ مِنِّي صَبَابَةً

عَلَى النَّحْرِ حَتَّى بَلَّ دَمْعِي مِحْمَلِي

ألاَ رُبَّ يَوْمٍ لَكَ مِنْهُنَّ صَالِـحٍ

وَلاَ سِيَّمَا يَوْمٍ بِدَارَةِ جُلْجُـلِ

ويَوْمَ عَقَرْتُ لِلْعَذَارَي مَطِيَّتِـي

فَيَا عَجَباً مِنْ كُوْرِهَا المُتَحَمَّـلِ

فَظَلَّ العَذَارَى يَرْتَمِيْنَ بِلَحْمِهَـا

وشَحْمٍ كَهُدَّابِ الدِّمَقْسِ المُفَتَّـلِ

ويَوْمَ دَخَلْتُ الخِدْرَ خِدْرَ عُنَيْـزَةٍ

فَقَالَتْ لَكَ الوَيْلاَتُ إنَّكَ مُرْجِلِي

تَقُولُ وقَدْ مَالَ الغَبِيْطُ بِنَا مَعـاً

عَقَرْتَ بَعِيْرِي يَا امْرأَ القَيْسِ فَانْزِلِ

فَقُلْتُ لَهَا سِيْرِي وأَرْخِي زِمَامَـهُ

ولاَ تُبْعـِدِيْنِي مِنْ جَنَاكِ المُعَلَّـلِ

فَمِثْلِكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْتُ ومُرْضِـعٍ

فَأَلْهَيْتُهَـا عَنْ ذِي تَمَائِمَ مُحْـوِلِ

إِذَا مَا بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْصَرَفَتْ لَهُ

بِشَـقٍّ وتَحْتِي شِقُّهَا لَمْ يُحَـوَّلِ

ويَوْماً عَلَى ظَهْرِ الكَثِيْبِ تَعَـذَّرَتْ

عَلَـيَّ وَآلَـتْ حَلْفَةً لم تَحَلَّـلِ

أفاطِـمَ مَهْلاً بَعْضَ هَذَا التَّدَلُّـلِ

وإِنْ كُنْتِ قَدْ أزْمَعْتِ صَرْمِي فَأَجْمِلِي

أغَـرَّكِ مِنِّـي أنَّ حُبَّـكِ قَاتِلِـي

وأنَّـكِ مَهْمَا تَأْمُرِي القَلْبَ يَفْعَـلِ

وإِنْ تَكُ قَدْ سَـاءَتْكِ مِنِّي خَلِيقَـةٌ

فَسُلِّـي ثِيَـابِي مِنْ ثِيَابِكِ تَنْسُـلِ

وَمَا ذَرَفَـتْ عَيْنَاكِ إلاَّ لِتَضْرِبِـي

بِسَهْمَيْكِ فِي أعْشَارِ قَلْبٍ مُقَتَّـلِ

وبَيْضَـةِ خِدْرٍ لاَ يُرَامُ خِبَاؤُهَـا

تَمَتَّعْتُ مِنْ لَهْوٍ بِهَا غَيْرَ مُعْجَـلِ

تَجَاوَزْتُ أحْرَاساً إِلَيْهَا وَمَعْشَـراً

عَلَّي حِرَاصاً لَوْ يُسِرُّوْنَ مَقْتَلِـي

إِذَا مَا الثُّرَيَّا فِي السَّمَاءِ تَعَرَّضَتْ

تَعَـرُّضَ أَثْنَاءَ الوِشَاحِ المُفَصَّـلِ

فَجِئْتُ وَقَدْ نَضَّتْ لِنَوْمٍ ثِيَابَهَـا

لَـدَى السِّتْرِ إلاَّ لِبْسَةَ المُتَفَضِّـلِ

فَقَالـَتْ : يَمِيْنَ اللهِ مَا لَكَ حِيْلَةٌ

وَمَا إِنْ أَرَى عَنْكَ الغَوَايَةَ تَنْجَلِـي

خَرَجْتُ بِهَا أَمْشِي تَجُرُّ وَرَاءَنَـا

عَلَـى أَثَرَيْنا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرَحَّـلِ

فَلَمَّا أجَزْنَا سَاحَةَ الحَيِّ وانْتَحَـى

بِنَا بَطْنُ خَبْتٍ ذِي حِقَافٍ عَقَنْقَلِ

هَصَرْتُ بِفَوْدَي رَأْسِهَا فَتَمَايَلَـتْ

عَليَّ هَضِيْمَ الكَشْحِ رَيَّا المُخَلْخَـلِ

مُهَفْهَفَـةٌ بَيْضَـاءُ غَيْرُ مُفَاضَــةٍ

تَرَائِبُهَـا مَصْقُولَةٌ كَالسَّجَنْجَــلِ

كَبِكْرِ المُقَـانَاةِ البَيَاضَ بِصُفْــرَةٍ

غَـذَاهَا نَمِيْرُ المَاءِ غَيْرُ المُحَلَّــلِ

تَـصُدُّ وتُبْدِي عَنْ أسِيْلٍ وَتَتَّقــِي

بِـنَاظِرَةٍ مِنْ وَحْشِ وَجْرَةَ مُطْفِـلِ

وجِـيْدٍ كَجِيْدِ الرِّئْمِ لَيْسَ بِفَاحِـشٍ

إِذَا هِـيَ نَصَّتْـهُ وَلاَ بِمُعَطَّــلِ

وفَـرْعٍ يَزِيْنُ المَتْنَ أسْوَدَ فَاحِــمٍ

أثِيْـثٍ كَقِـنْوِ النَّخْلَةِ المُتَعَثْكِــلِ

غَـدَائِرُهُ مُسْتَشْزِرَاتٌ إلَى العُــلاَ

تَضِلُّ العِقَاصُ فِي مُثَنَّى وَمُرْسَــلِ

وكَشْحٍ لَطِيفٍ كَالجَدِيْلِ مُخَصَّــرٍ

وسَـاقٍ كَأُنْبُوبِ السَّقِيِّ المُذَلَّــلِ

وتُضْحِي فَتِيْتُ المِسْكِ فَوْقَ فِراشِهَـا

نَئُوْمُ الضَّحَى لَمْ تَنْتَطِقْ عَنْ تَفَضُّـلِ

وتَعْطُـو بِرَخْصٍ غَيْرَ شَثْنٍ كَأَنَّــهُ

أَسَارِيْعُ ظَبْيٍ أَوْ مَسَاويْكُ إِسْحِـلِ

تُضِـيءُ الظَّلامَ بِالعِشَاءِ كَأَنَّهَــا

مَنَـارَةُ مُمْسَى رَاهِـبٍ مُتَبَتِّــلِ

إِلَى مِثْلِهَـا يَرْنُو الحَلِيْمُ صَبَابَــةً

إِذَا مَا اسْبَكَرَّتْ بَيْنَ دِرْعٍ ومِجْـوَلِ

تَسَلَّتْ عَمَايَاتُ الرِّجَالِ عَنْ الصِّبَـا

ولَيْـسَ فُؤَادِي عَنْ هَوَاكِ بِمُنْسَـلِ

ألاَّ رُبَّ خَصْمٍ فِيْكِ أَلْوَى رَدَدْتُـهُ

نَصِيْـحٍ عَلَى تَعْذَالِهِ غَيْرِ مُؤْتَــلِ

ولَيْلٍ كَمَوْجِ البَحْرِ أَرْخَى سُدُوْلَــهُ

عَلَيَّ بِأَنْـوَاعِ الهُـمُوْمِ لِيَبْتَلِــي

فَقُلْـتُ لَهُ لَمَّا تَمَطَّـى بِصُلْبِــهِ

وأَرْدَفَ أَعْجَـازاً وَنَاءَ بِكَلْكَــلِ

ألاَ أَيُّهَا اللَّيْلُ الطَّوِيْلُ ألاَ انْجَلِــي

بِصُبْحٍ وَمَا الإصْبَاحُ منِكَ بِأَمْثَــلِ

فَيَــا لَكَ مَنْ لَيْلٍ كَأنَّ نُجُومَـهُ

بِـأَمْرَاسِ كَتَّانٍ إِلَى صُمِّ جَنْــدَلِ

وقِـرْبَةِ أَقْـوَامٍ جَعَلْتُ عِصَامَهَــا

عَلَى كَاهِـلٍ مِنِّي ذَلُوْلٍ مُرَحَّــلِ

وَوَادٍ كَجَـوْفِ العَيْرِ قَفْرٍ قَطَعْتُــهُ

بِـهِ الذِّئْبُ يَعْوِي كَالخَلِيْعِ المُعَيَّــلِ

فَقُلْـتُ لَهُ لَمَّا عَوَى : إِنَّ شَأْنَنَــا

قَلِيْلُ الغِنَى إِنْ كُنْتَ لَمَّا تَمَــوَّلِ

كِــلاَنَا إِذَا مَا نَالَ شَيْئَـاً أَفَاتَـهُ

ومَنْ يَحْتَرِثْ حَرْثِي وحَرْثَكَ يَهْـزَلِ

وَقَـدْ أغْتَدِي والطَّيْرُ فِي وُكُنَاتِهَـا

بِمُنْجَـرِدٍ قَيْـدِ الأَوَابِدِ هَيْكَــلِ

مِكَـرٍّ مِفَـرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِـرٍ مَعــاً

كَجُلْمُوْدِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ

كَمَيْتٍ يَزِلُّ اللَّبْـدُ عَنْ حَالِ مَتْنِـهِ

كَمَا زَلَّـتِ الصَّفْـوَاءُ بِالمُتَنَـزَّلِ

عَلَى الذَّبْلِ جَيَّاشٍ كأنَّ اهْتِـزَامَهُ

إِذَا جَاشَ فِيْهِ حَمْيُهُ غَلْيُ مِرْجَـلِ

مَسْحٍ إِذَا مَا السَّابِحَاتُ عَلَى الوَنَى

أَثَرْنَ الغُبَـارَ بِالكَـدِيْدِ المُرَكَّـلِ

يُزِلُّ الغُـلاَمُ الخِفَّ عَنْ صَهَـوَاتِهِ

وَيُلْوِي بِأَثْوَابِ العَنِيْـفِ المُثَقَّـلِ

دَرِيْرٍ كَخُـذْرُوفِ الوَلِيْـدِ أمَرَّهُ

تَتَابُعُ كَفَّيْـهِ بِخَيْـطٍ مُوَصَّـلِ

لَهُ أيْطَـلا ظَبْـيٍ وَسَاقَا نَعَـامَةٍ

وإِرْخَاءُ سَرْحَانٍ وَتَقْرِيْبُ تَتْفُـلِ

ضَلِيْعٍ إِذَا اسْتَـدْبَرْتَهُ سَدَّ فَرْجَـهُ

بِضَافٍ فُوَيْقَ الأَرْضِ لَيْسَ بِأَعْزَلِ

كَأَنَّ عَلَى المَتْنَيْنِ مِنْهُ إِذَا انْتَحَـى

مَدَاكَ عَرُوسٍ أَوْ صَلايَةَ حَنْظَـلِ

كَأَنَّ دِمَاءَ الهَـادِيَاتِ بِنَحْـرِهِ

عُصَارَةُ حِنَّاءٍ بِشَيْـبٍ مُرَجَّـلِ

فَعَـنَّ لَنَا سِـرْبٌ كَأَنَّ نِعَاجَـهُ

عَـذَارَى دَوَارٍ فِي مُلاءٍ مُذَبَّـلِ

فَأَدْبَرْنَ كَالجِزْعِ المُفَصَّـلِ بَيْنَـهُ

بِجِيْدٍ مُعَمٍّ فِي العَشِيْرَةِ مُخْـوَلِ

فَأَلْحَقَنَـا بِالهَـادِيَاتِ ودُوْنَـهُ

جَوَاحِـرُهَا فِي صَرَّةٍ لَمْ تُزَيَّـلِ

فَعَـادَى عِدَاءً بَيْنَ ثَوْرٍ ونَعْجَـةٍ

دِرَاكاً وَلَمْ يَنْضَحْ بِمَاءٍ فَيُغْسَـلِ

فَظَلَّ طُهَاةُ اللَّحْمِ مِن بَيْنِ مُنْضِجٍ

صَفِيـفَ شِوَاءٍ أَوْ قَدِيْرٍ مُعَجَّـلِ

ورُحْنَا يَكَادُ الطَّرْفُ يَقْصُرُ دُوْنَـهُ

مَتَى تَـرَقَّ العَيْـنُ فِيْهِ تَسَفَّـلِ

فَبَـاتَ عَلَيْـهِ سَرْجُهُ ولِجَامُـهُ

وَبَاتَ بِعَيْنِـي قَائِماً غَيْرَ مُرْسَـلِ

أصَاحِ تَرَى بَرْقاً أُرِيْكَ وَمِيْضَـهُ

كَلَمْـعِ اليَدَيْنِ فِي حَبِيٍّ مُكَلَّـلِ

يُضِيءُ سَنَاهُ أَوْ مَصَابِيْحُ رَاهِـبٍ

أَمَالَ السَّلِيْـطَ بِالذُّبَالِ المُفَتَّـلِ

قَعَدْتُ لَهُ وصُحْبَتِي بَيْنَ ضَـارِجٍ

وبَيْنَ العـُذَيْبِ بُعْدَمَا مُتَأَمَّـلِ

عَلَى قَطَنٍ بِالشَّيْمِ أَيْمَنُ صَوْبِـهِ

وَأَيْسَـرُهُ عَلَى السِّتَارِ فَيَذْبُـلِ

فَأَضْحَى يَسُحُّ المَاءَ حَوْلَ كُتَيْفَةٍ

يَكُبُّ عَلَى الأذْقَانِ دَوْحَ الكَنَهْبَلِ

ومَـرَّ عَلَى القَنَـانِ مِنْ نَفَيَانِـهِ

فَأَنْزَلَ مِنْهُ العُصْمَ مِنْ كُلِّ مَنْـزِلِ

وتَيْمَاءَ لَمْ يَتْرُكْ بِهَا جِذْعَ نَخْلَـةٍ

وَلاَ أُطُمـاً إِلاَّ مَشِيْداً بِجِنْـدَلِ

كَأَنَّ ثَبِيْـراً فِي عَرَانِيْـنِ وَبْلِـهِ

كَبِيْـرُ أُنَاسٍ فِي بِجَـادٍ مُزَمَّـلِ

كَأَنَّ ذُرَى رَأْسِ المُجَيْمِرِ غُـدْوَةً

مِنَ السَّيْلِ وَالأَغثَاءِ فَلْكَةُ مِغْـزَلِ

وأَلْقَى بِصَحْـرَاءِ الغَبيْطِ بَعَاعَـهُ

نُزُوْلَ اليَمَانِي ذِي العِيَابِ المُحَمَّلِ

كَأَنَّ مَكَـاكِيَّ الجِـوَاءِ غُدَّبَـةً

صُبِحْنَ سُلافاً مِنْ رَحيقٍ مُفَلْفَـلِ

كَأَنَّ السِّبَـاعَ فِيْهِ غَرْقَى عَشِيَّـةً

بِأَرْجَائِهِ القُصْوَى أَنَابِيْشُ عُنْصُـلِ

**********

معلقة النابغة الذبياني

يا دارَ مَيّةَ بالعَليْاءِ فالسَّنَد

أقْوَتْ وطَالَ عليها سالفُ الأبَدِ
وقفتُ فيها أُصَيلانًا أُسائِلُها

عَيَّتْ جَوابًا وما بالرَّبعِ مِن أحَدِ
إلاّ الأواريَّ لأيًا ما أُبَيّنُهَا

والنُّؤيُ كالحَوْضِ بالمَظلومَةِ الجَلَدِ
رُدَّتْ عليَهِ أقاصيهِ ، ولَبَّدَهُ

ضَرْبُ الوليدةِ بالمِسْحاة ِ في الثَّأَدِ
خلَّتْ سَبيلَ أتيٍّ كانَ يَحبسُهُ
ورَفَّعتْهُ إلى السَّجْفينِ فالنَّضَدِ
أمسَتْ خَلاءً وأمسَى أهلُها احْتمَلُوا
أخْنَى عَليها الذي أخْنَى على لُبَدِ
فعَدِّ عَمَّا ترَى إذْ لا ارتِجاعَ لهُ

وانْمِ القُتُودَ على عَيْرانةٍ أُجُدِ
مَقْذوفةٍ بدَخيس النَّحْضِ بازِلُها

له صَريفٌ صَريفَ القَعْوِ بالمَسَدِ
كأنَّ رَحْلي وقد زالَ النّهارُ بنا

يَومَ الجَليلِ على مُستأنِسٍ وحَدِ
مِن وَحشِ وَجرةَ مَوشيٍّ أكارِِعهُ
طَاوِي المَصيرِ كَسِيفِ الصَّيقَلِ الفَرَدِ
سَرتْ عليه مِن الجَوزاءِ سَاريةٌ

تُزجي الشَّمالُ عليهِ جامِدَ البَرَدِ
فَارتاعَ مِن صَوتِ كلابٍ فباتَ لهُ

طَوْعَ الشَّوامتِ مِن خَوْفٍ ومِن صَرَدِ
وكانَ ضُمْرانُ مِنهُ حيثُ يُوزِعُهُ

طَعنَ المُعارِكِ عند المَحجَرِ النَّجُدِ
شكَّ الفَريصةَ بالمِدْرَى فأنفَذَها

طَعنَ المُبَيطِرِ إذ يَشفي مِن العَضَدِ
كأنّهُ خارجًا من جَنبِ صَفْحَتَهِ

سَفُّودُ شَرْبٍ نَسُوهُ عِندَ مُفْتَأدِ
فظَلَّ يَعجَمُ أعلَى الرَّوْقِ مُنقبضًا

في حَالكِ اللَّوْنِ صدقٍ غَيرِ ذي أوَدِ
لمَّا رأى واشقٌ إقعاصَ صاحبِهِ

ولا سَبيلَ إلى عَقلٍ ولا قَوَدِ
قالتْ له النفسُ : إنِّي لا أرَى طَمعًا

وإنَّ مَوْلاكَ لم يَسْلمْ ولم يَصِدِ
فَتلكَ تُبلِغُني النُّعمانَ أنَّ لهُ

فضلاً على النَّاسِ في الأدنَى وفي البَعَدِ
ولا أرَى فاعِلاً في النَّاسِ يُشبِهُهُ

ولا أُحاشِي مِن الأقْوَامِ من أحَدِ
إلاّ سُليمانَ إذ قالَ الإلهُ لهُ

قًُمْ في البريَّةِ فاحْدُدْها عنِ الفَنَدِ
وخيِّسِ الجِنَّ إنّي قد أَذِنْتُ لهمْ

يَبْنُونَ تَدْمُرَ بالصُّفَّاحِ والعَمَدِ
فمَنْ أطاعَكََ فانفَعْهُ بطاعتهِ

كما أطاعَكَ وادْلُلْهُ على الرَّشَّدِ
ومنْ عَصاكَ فعاقِبْهُ مُعاقَبَةً

تَنْهَى الظَّلومَ ولا تَقعُدْ على ضَمَدِ
إلاّ لِمثْلِك َ، أوْ مَنْ أنتَ سَابِقُهُ
سبقَ الجوادِ إذا اسْتَولَى على الأمَدِ
أعطَى لفارِهَةٍ حُلوٍ توابِعُها

منَ المَواهِبِ لا تُعْطَى على نَكَدِ
الواهِبُ المائَةَ المعْكاءَ زيَّنَها

سَعْدانُ توضِحُ في أوْبارِها اللِّبَدِ
والراكضَاتِ ذُيولَ الرَّيْطِ فَنَّقَها
بَرْدُ الهَواجرِ كالغزلانِ بالجَردِ
والخَيلَ تَمزَغُ غربًا في أعِنَّتِها

كالطَّيرِ تَنجو من الشُّؤْبوبِ ذي البَرَدِ
والأُدمُ قدْ خُيِّسَتْ فُتلاً مَرافِقُها

مَشدودَةً برِحَالِ الحِيِرة ِ الجُدَدِ
واحْكمْ كَحُكمِ فَتاة ِ الحيِّ إذْ نَظَرتْ

إلى حَمامِ شِراعٍ وَارِدِ الثَّمَدِ
يَحفُّهُ جانبًا نيقٍ وتُتْبِعُهُ

مِثلَ الزُّجاجَةِ لم تَكْحلْ من الرَّمَدِ
قالتْ ألا لَيْتَما هذا الحَمامُ لنا

إلى حَمامَتِنا ونِصفُهُ فَقَدِ
فَحسَّبُوهُ فألْفَوْهُ كما حَسَبَتْ

تِسعًا وتِسعينَ لم تَنقُصْ ولم تَزِدِ
فَكمَّلتْ مائةً فيها حَمامتُها

وأسْرَعتْ حِسْبةً في ذلكَ العَدَدِ
فلا لَعَمْرُ الذي مَسَّحتُ كَعبتَهُ

وما هُريقَ على الأنْصابِ من جَسَدِ
والمؤمنِ العائِذاتِ الطّيرَ تمسَحُها

رُكْبانَ مكَّة َ بينَ الغَيْلِ والسَّعَدِ
ما إنْ أتيتُ بشَيءٍ أنتَ تَكْرهُهُ

إذًا فلا رَفَعَتْ سَوْطي إليَّ يَدِي
إلاّ مقالة َ أقوامٍ شَقيتُ بها

كانَتْ مقالَتُهُمْ قَرْعًا على الكَبِدِ
إذًا فَعاقبني ربِّي مُعاقبةً

قَرَّتْ بها عَينُ منْ يأتيكَ بالفَنَدِ
هذا لأبرأَ مِنْ قَوْلٍ قُذِفْتُ بِهِ

طَارَتْ نَوافِذُهُ حَرًّا على كَبِدي
أُنْبِئْتُ أنَّ أبا قابوسَ أوْعَدَني

ولا قَرارَ على زَأْرٍ منَ الأسَدِ
مَهْلاً فِداءٌ لك الأقوامِ كُلّهُمُ

وما أُثَمِّرُ من مالٍ ومنْ وَلَدِ
لا تَقْذِفْني بِرُكْنٍ لا كَفاءَ لهُ

وإنْ تَأثَّفَكَ الأعداءُ بالرَّفَدِ
فما الفُراتُ إذا هَبَّ الرِّياحُ لهُ

تَرمي أواذيُّهُ العبْرَينِ بالزَّبَدِ
يَمُدُّهُ كلُّ وادٍ مُتْرَعٍ لَجِبٍ

فيهِ رِكامٌ من اليَنْبوتِ والخَضَدِ
يظَلُّ مِن خَوفِهِ المَلاَّحُ مُعتَصِمًا

بالخَيْزرانَةِ بَعدَ الأيْنِ والنَّجَدِ
يومًا بِأجْوَدَ منهُ سَيْبَ نافِلَةٍ

ولا يَحُولُ عَطاءُ اليومِ دونَ غَدِ
هذا الثَّناءُ فإنْ تَسمَعْ به حَسَنًا

فلم أُعرِّض أبَيتَ اللّعنَ بالصَّفَدِ
ها إنَّ ذي عِذرَة ٌ إلاَّ تكُنْ نَفَعَتْ

فإنَّ صاحبَها مُشاركُ النَّكَدِ
*****
معلقة الأعشى

ودِّع هريرةَ إنَّ الركبَ مرتحلُ
وهل تطيقُ وداعاً أيُّها الرجلُ
غرّاءُ فرعاءُ مصقولٌ عوارضها
تمشي الهوينا كما يمشي الوجيُ
كأنَّ مشيتها من بيتِ جارتها
مرُّ السحابةِ لاريثٌ ولا عجلٌ
ليست كمن يكرهُ الجيرانُ طلعتها
ولا تراها لسرِّ الجارِ تختتلُ
تكادُ تصرعها لولا تشدُّدها
إذا تقومُ إلى جاراتها الكسلُ
إذا تقومُ يضوعُ المسكُ أصورةً
والزنبقُ الوردُ من أردانها شملُ
ما روضةٌ من رياضِ الحزنِ معشبةٌ
خضراءُ جادَ عليها مسيلٌ هطلُ
يضاحكُ الشمسَ منها كوكبٌ شرقٌ
مؤزَّرٌ بعميمِ النبتِ مكتهلُ
يوماً بأطيبَ منها نشرَ رائحةٍ
ولا بأحسنَ منها إذ دنا الأُصُلُ
قالت هريرةُ لمّا جئتُ زائرها
ويلي عليكَ وويلي منكَ يا رجلُ
إمّا ترينا حفاةً لا نعالَ لنا
إنّا كذلكَ ما نحفى وننتعلُ
وبلدةً مثلِ ظهرِ الترسِ موحشةٍ
للجنِّ بالليلِ في حافاتها زجلُ
جاوزنها بطليحٍ جسرةٍ سرحٍ
في مرفقيها إذا استعضتها فتَلُ
بل هل ترى عارضاً قد بتُّ أرمقهُ
كأنما البرقُ في حافاتهِ شعلُ
لهُ ردافٌ وجوزٌ مفأَمٌ عملٌ
منطَّقٌ بسجالِ الماءِ متصلُ
لم يلهني اللهو عنهُ حينَ أرقبهُ
ولا اللذاذةُ في كأسٍ ولا شغلُ
فقلتُ للشربِ في درني وقد ثملوا
شيموا وكيفَ يشيمُ الشاربُ الثملُ

أبلغ يزيدَ بني شيبانَ مألكةً
أبا ثبيتٍ أما تنلكُّ نأتكلُ
ألستَ منتهياً عن نحتِ أثلتنا
ولستَ ضائرها ما أطَّت الإبلُ
كناطحٍ صخرةً يوماً ليفلقها
فم يضرها وأوهى قرنهُ الوعلُ
تغري بنا رهطَ مسعودٍ وإخوتهِ
عندَ اللقاءِ فتردي ثمَّ تعتزلُ
لا تقعدنَّ وقد أكَّلتها حطباً
تعوذُ من شرِّها يوماً وتبتهلُ
سائل بني أسدٍ عنا فقد علموا
أن سوفَ يأتيكَ من أنبائنا شكلُ
واسأل قشيراً و عبدَاللهِ كلُّهمُ
واسأل ربيعةَ عنّا كيفَ نفتعلُ
إنا نقاتلهم ثمَّتَ نقتلهم
عند اللقاءِ وهم جاروا وهم جهلوا
لئن قتلتم عميداً لم يكن صدداً
لنقتلن مثلهُ منكم فنمتثلُ
لئن منيتَ بنا عن غبّ معركةٍ
لم تلفنا من دماءِ القومِ تنتفلُ
لاتنهونَ ولن ينهى ذوي شططٍ
كالطعن يذهبُ فيه الزيتُ والفتلُ
حتى يظلَّ عميدُ القومِ مرتفقاًَ
يدفعُ بالراحِ عنه نسوةٌ عجلُ
أصابهُ هندوانيٌّ فأقصدهُ
أو ذابلٌ من رماحِ الخطِّ معتدلُ
كلاّ زعمتم بأنا لانقاتلكم
إنا لأمثالكم يا قومنا قتلُ
نحن الفوارسُ يومَ الحنو ضاحيةً
جنبي فطيمةَ لا ميلٌ ولا غزلُ
قالوا الطرادُ فقلنا تلكَ عادتنا
أو تنزلونَ فإنّا معشرٌ نزل

*****

معلقة الحارث بن حلـزة

آذَنَتنَـا بِبَينهـا أَسـمَــاءُ ….. رُبَّ ثَـاوٍ يَمَـلُّ مِنهُ الثَّـواءُ

بَعـدَ عَهـدٍ لَنا بِبُرقَةِ شَمَّـاءَ ….. فَأَدنَـى دِيَـارِهـا الخَلْصَـاءُ

فَالـمحيّاةُ فَالصّفاجُ فَأعْنَـاقُ ….. فِتَـاقٍ فَعـاذِبٌ فَالوَفــاءُ

فَـريَاضُ القَطَـا فَأوْدِيَةُ الشُـ ….. ـربُبِ فَالشُعبَتَـانِ فَالأَبْـلاءُ

لا أَرَى مَن عَهِدتُ فِيهَا فَأبْكِي ….. اليَـومَ دَلهاً وَمَا يُحَيِّرُ البُكَـاءُ

وبِعَينَيـكَ أَوقَدَت هِندٌ النَّـارَ ….. أَخِيـراً تُلـوِي بِهَا العَلْيَـاءُ

فَتَنَـوَّرتُ نَارَهَـا مِن بَعِيـدٍ ….. بِخَزَازى هَيهَاتَ مِنكَ الصَّلاءُ

أَوقَدتها بَينَ العَقِيقِ فَشَخصَينِ ….. بِعُـودٍ كَمَا يَلُـوحُ الضِيـاءُ

غَيرَ أَنِّي قَد أَستَعِينُ عَلَىالهَـمِّ ….. إِذَا خَـفَّ بِالثَّـوِيِّ النَجَـاءُ

بِـزَفُـوفٍ كَأَنَّهـا هِقَلـةٌ ….. أُمُّ رِئَـالٍ دَوِيَّـةٌ سَقْفَــاءُ

آنَسَت نَبأَةً وأَفْزَعَها القَنَّـاصُ ….. عَصـراً وَقَـد دَنَا الإِمْسَـاءُ

فَتَـرَى خَلْفَها مِنَ الرَّجعِ وَالـ ….. ـوَقْـعِ مَنِيناً كَـأَنَّهُ إِهْبَـاءُ

وَطِـرَاقاً مِن خَلفِهِنَّ طِـرَاقٌ ….. سَاقِطَاتٌ أَلوَتْ بِهَا الصَحـرَاءُ

أَتَلَهَّـى بِهَا الهَوَاجِرَ إِذ كُـلُّ ….. ابـنَ هَـمٍّ بَلِيَّـةٌ عَميَــاءُ

وأَتَانَا مِنَ الحَـوَادِثِ والأَنبَـاءِ ….. خَطـبٌ نُعنَـى بِـهِ وَنُسَـاءُ

إِنَّ إِخـوَانَنا الأَرَاقِمَ يَغلُـونَ ….. عَلَينَـا فِـي قَيلِهِـم إِخْفَـاءُ

يَخلِطُونَ البَرِيءَ مِنَّا بِذِي الـ ….. ـذَنبِ وَلا يَنفَعُ الخَلِيَّ الخِلاءُ

زَعَمُوا أَنَّ كُلَّ مَن ضَرَبَ العِيرَ ….. مُـوَالٍ لَنَـا وَأَنَـا الــوَلاءُ

أَجـمَعُوا أَمرَهُم عِشاءً فَلَمَّـا ….. أَصبَحُوا أَصبَحَت لَهُم ضَوْضَـاءُ

مِن مُنَـادٍ وَمِن مُجِيـبٍ وَمِـن ….. تَصهَالِ خَيلٍ خِلالَ ذَاكَ رُغَـاءُ

أَيُّهَـا النَاطِـقُ المُرَقِّـشُ عَنَّـا ….. عِنـدَ عَمـروٍ وَهَل لِذَاكَ بَقَـاءُ

لا تَخَلنَـا عَلَى غِـرَاتِك إِنّــا ….. قَبلُ مَا قَد وَشَـى بِنَا الأَعْــدَاءُ

فَبَقَينَـا عَلَـى الشَنــــاءَةِ ….. تَنمِينَـا حُصُونٌ وَعِزَّةٌ قَعسَــاءُ

قَبلَ مَا اليَـومِ بَيَّضَت بِعُيــونِ ….. النَّـاسِ فِيهَـا تَغَيُّـظٌ وَإِبَــاءُ

فَكَـأَنَّ المَنونَ تَردِي بِنَا أَرعَــنَ ….. جَـوناً يَنجَـابُ عَنهُ العَمــاءُ

مُكفَهِراً عَلَى الحَوَادِثِ لا تَرتُـوهُ ….. للدَهـرِ مُؤَيِّـدٌ صَمَّـــاءُ

إِرمِـيٌّ بِمِثلِـهِ جَالَتِ الخَيــلُ ….. فَـآبَت لِخَصمِهَـا الإِجــلاَءُ

مَلِكٌ مُقسِطٌ وأَفضَلُ مَن يَمشِـي ….. وَمِـن دُونَ مَا لَـدَيـهِ الثَّنَـاءُ

أَيَّمَـا خُطَّـةٍ أَرَدتُـم فَأَدوهَـا ….. إِلَينَـا تُشفَـى بِهَـا الأَمــلاءُ

إِن نَبَشتُـم مَا بَيـنَ مِلحَـةَ فَالـ ….. ـصَاقِبِ فِيهِ الأَموَاتُ وَالأَحَيَـاءُ

أَو نَقَشتُـم فَالنَّقـشُ يَجشَمُــهُ ….. النَّـاسُ وَفِيهِ الإِسقَامُ وَالإِبــرَاءُ

أَو سَكَتُّم عَنَّا فَكُنَّا كَمَن أَغمَـضَ ….. عَينـاً فِـي جَفنِهَـا الأَقــذَاءُ

أَو مَنَعتُم مَا تُسأَلُونَ فَمَن حُــدِّ ….. ثتُمُـوهُ لَـهُ عَلَينَـا العَـــلاءُ

هَل عَلِمتُم أَيَّامَ يُنتَهَبُ النَّــاسُ ….. غِـوَاراً لِكُـلِّ حَـيٍّ عُــواءُ

إِذ رَفَعنَا الجِمَـالَ مِن سَعَفِ الـ ….. ــبَحرَينِ سَيراً حَتَّى نَهَاهَا الحِسَاءُ

ثُمَّ مِلنَـا عَلَى تَمِيمٍ فَأَحرَمنَــا ….. وَفِينَـا بَنَـاتُ قَـومٍ إِمَـــاءُ

لا يُقِيـمُ العَزيزُ بِالبَلَدِ السَهــلِ ….. وَلا يَنفَـعُ الـذَّلِيـلَ النِجَــاءُ

لَيـسَ يُنجِي الذِي يُوَائِل مِنَّــا ….. رَأْسُ طَـوْدٍ وَحَـرَّةٌ رَجــلاءُ

مَلِكٌ أَضلَـعَ البَرِيَّةِ لا يُوجَــدُ ….. فِيهَـا لِمَـا لَدَيـهِ كِفَـــاءُ

كَتَكَـالِيفِ قَومِنَا إِذَا غَزَا المَنـذِرُ ….. هَلِ نَحـنُ لابنِ هِنـدٍ رِعَــاءُ

مَا أَصَابُوا مِن تَغلَبِي فَمَطَلــولٌ ….. عَلَيـهِ إِذَا أُصِيـبَ العَفَـــاءُ

إِذَ أَحَـلَّ العَلاةَ قُبَّةَ مَيسُــونَ ….. فَأَدنَـى دِيَارِهَـا العَوصَــاءُ

فَتَـأَوَّت لَـهُ قَرَاضِبَـةٌ مِــن ….. كُـلِّ حَـيٍّ كَأَنَّهُـم أَلقَــاءُ

فَهَداهُم بِالأَسـوَدَينِ وأَمـرُ اللهِ ….. بَالِـغٌ تَشقَـى بِهِ الأَشقِيَــاءُ

إِذ تَمَنَّونَهُم غُـرُوراً فَسَاقَتهُـم ….. إِلَيكُـم أُمنِيَّـةٌ أَشــــرَاءُ

لَم يَغُـرّوكُم غُرُوراً وَلَكــن ….. رَفـَعَ الآلُ شَخصَهُم وَالضَحَـاءُ

أَيُّهـا النَاطِـقُ المُبَلِّـغُ عَنَّــا ….. عِنـدَ عَمروٍ وَهَل لِذَكَ انتِهَـاءُ

مَن لَنَـا عِنـدَهُ مِـنَ الخَيـرِ ….. آيَاتٌ ثَلاثٌ فِي كُلِّهِـنَّ القَضَـاءُ

آيَةٌ شَارِقُ الشّقِيقَةِ إِذَا جَـاءَت ….. مَعَـدٌّ لِكُـلِّ حَـيٍّ لِـوَاءُ

حَولَ قَيسٍ مُستَلئِمِينَ بِكَبـشٍ ….. قَـرَظِـيٍ كَـأَنَّـهُ عَبـلاءُ

وَصَتِيتٍ مِنَ العَواتِكِ لا تَنهَـاهُ ….. إِلاَّ مُبيَضَّــةٌ رَعــــلاءُ

فَرَدَدنَاهُمُ بِطَعنٍ كَمَا يَخـرُجُ ….. مِـن خُـربَةِ الـمَزَادِ المَـاءُ

وَحَمَلنَاهُمُ عَلَى حَزمِ ثَهـلانِ ….. شِـلالاً وَدُمِّـيَ الأَنسَــاءُ

وَجَبَهنَـاهُمُ بِطَعنٍ كَمَا تُنهَـزُ ….. فِي جَـمَّةِ الطَـوِيِّ الـدِلاءُ

وَفَعَلنَـا بِهِـم كَمَا عَلِـمَ اللهُ ….. ومَـا أَن للحَائِنِيـنَ دِمَــاءُ

ثُمَّ حُجـراً أَعنَي ابنَ أُمِّ قَطَـامٍ ….. وَلَـهُ فـَارِسِيَّـةٌ خَضــرَاءُ

أَسَـدٌ فِي اللِقَاءِ وَردٌ هَمُـوسٌ ….. وَرَبِيـعٌ إِن شَمَّـرَت غَبــرَاءُ

وَفَكَكنَا غُلَّ امرِيِء القَيسِ عَنـهُ ….. بَعـدَ مَا طَالَ حَبسُـهُ والعَنَـاءُ

وَمَعَ الجَـونِ جَونِ آلِ بَنِي الأَوسِ ….. عَتُـودٌ كَـأَنَّهـا دَفـــوَاءُ

مَا جَزِعنَا تَحتَ العَجَاجَةِ إِذ وَلُّوا ….. شِـلالاً وَإِذ تَلَظَّـى الصِــلاءُ

وَأَقَـدنَاهُ رَبَّ غَسَّـانَ بِالمُنـذِرِ ….. كَـرهاً إِذ لا تُكَـالُ الدِمَــاءُ

وأَتَينَـاهُمُ بِتِسعَـةِ أَمـــلاكٍ ….. كِـرَامٍ أَسـلابُهُـم أَغــلاءُ

وَوَلَـدنَا عَمـرو بنِ أُمِّ أنَـاسٍ ….. مِن قَـرِيبٍ لَمَّـا أَتَانَا الحِبَـاءُ

مِثلُهَـا تُخرِجُ النَصِيحةَ للقَـومِ ….. فَـلاةٌ مِـن دُونِهَـا أَفــلاءُ

فَاتْرُكُوا الطَيخَ والتَعَاشِي وَإِمّـا ….. تَتَعَاشَـوا فَفِـي التَعَاشِي الـدَّاءُ

وَاذكُرُوا حِلفَ ذِي المَجَازِ وَمَـا ….. قُـدِّمَ فِيهِ العُهُـودُ وَالكُفَـلاءُ

حَذَرَ الجَورِ وَالتَعدِّي وَهَل يَنقُضُ ….. مَـا فِـي المَهَـارِقِ الأَهـوَاءُ

وَاعلَمُـوا أَنَّنَـا وَإِيَّاكُم فِي مَـا ….. إِشتَرَطنَـا يَومَ إِختَلَفنَـا سَـوَاءُ

عَنَنـاً بَاطِلاً وَظُلماً كَمَا تُعتَـرُ ….. عَن حَجـرَةِ الرَبِيـضِ الظَّبَـاءُ

أَعَلَينَـا جُنَـاحُ كِندَةَ أَن يَغنَـمَ ….. غَـازِيهُـمُ وَمِنَّـا الجَـــزَاءُ

أَم عَلَينَـا جَرَّى إيَادٍ كَمَا نِيـطَ ….. بِـجَـوزِ المُحمَّـلِ الأَعبَــاءُ

لَيـسَ منَّا المُضَـرَّبُونَ وَلا قَيــسٌ ….. وَلا جَـندَلٌ وَلا الحَــــذَّاءُ

أَم جَـنَايَا بَنِي عَتِيـقٍ فَـإِنَّـا ….. مِنكُـم إِن غَـدَرتُـم بُــرَآءُ

وَثَمَانُـونَ مِن تَمِيـمٍ بِأَيدِيهِـم ….. رِمَـاحٌ صُـدُورُهُـنَّ القَضَـاءُ

تَرَكُـوهُـم مُلَحَّبِيـنَ فَآبُـوا ….. بِنَهـابٍ يَصَـمُّ مِنهَا الحُــدَاءُ

أَم عَلَينَـا جَـرَّى حَنِيفَةَ أَمَّــا ….. جَمَّعَـت مِن مُحَـارِبٍ غَبـرَاءُ

أَم عَلَينَا جَـرَّى قُضَاعَةَ أَم لَيـسَ ….. عَلَينَـا فِـي مَا جَـنَوا أَنــدَاءُ

ثُمَّ جَاؤوا يَستَرجِعُونَ فَلَم تَرجِـع ….. لَهُـم شَـامَـةٌ وَلا زَهـــرَاءُ

لَم يُخَـلَّوا بَنِـي رِزَاحٍ بِبَرقَـاءِ ….. نِطَـاعٍ لَهُـم عَلَيهُـم دُعَــاءُ

ثُمَّ فَـاؤوا مِنهُم بِقَاصِمَةِ الظَّهـرِ ….. وَلا يَبـرُدُ الغَلِيـلَ المَــــاءُ

ثُمَّ خَيلٌ مِن بَعدِ ذَاكَ مَعَ الغَـلاَّقِ ….. لا رَأَفَــةٌ وَلا إِبقَـــــاءُ

وَهُوَ الرَّبُّ وَالشَّهِيـدُ عَلَى يَـومِ ….. الحَيـارَينِ وَالبَـلاءُ بَــــلاءُ

*******

معلقة عبيد بن الأبـرص

أَقـفَـرَ مِـن أَهلِـهِ مَلحـوبُ ….. فَالقُـطَـبِـيّـاتُ فَالـذُّنـوبُ

وبُـدِّلَـت أَهلُهـا وُحـوشـاً ….. وَغَيَّـرَت حالَهـا الخُـطـوبُ

أَرضٌ تَـوارَثَـهـا الـجُـدودُ ….. فَكُـلُّ مَـن حَلَّهـا مَحـروبُ

إِمّـا قَـتـيـلاً وَإِمّـا هُلكـاً ….. وَالشَّيـبُ شَيـنٌ لِمَـن يَشِيـبُ

عَيـنـاكَ دَمعُهُـمـا سَـروبُ ….. كَـأَنَّ شَـأنَيهِمـا شَـعـيـبُ

واهِـيَـةٌ أَو مَعـيـنٌ مَـعـنٌ ….. مِن عَضَّــةٍ دُونَهـا لُـهـوبُ

تَصبـو وَأَنَّـى لَـكَ التَّصابِـي ….. أَنّـى وَقَـد راعَـكَ الـمَشيبُ

فَكُـلُّ ذي نِعمَـةٍ مَخـلـوسٌ ….. وَكُـلُّ ذي أَمَـلٍ مَـكـذوبُ

وَكُـلُّ ذي إِبِــلٍ مَــوروثٌ ….. وَكُـلُّ ذي سَلَـبٍ مَسـلـوبُ

وَكُـلُّ ذي غَـيـبَـةٍ يَـؤوبُ ….. وَغـائِـبُ الـمَوتِ لا يَـؤوبُ

أَعـاقِـرٌ مِـثـلُ ذاتِ رِحــمٍ ….. أَم غَانِـمٌ مِثـلُ مَـن يَخـيـبُ

مَن يَسـألِ النَّـاسَ يَحـرِمـوهُ ….. وَسـائِـلُ اللهِ لا يَـخـيـبُ

بـالله يُـدركُ كُـلُّ خَـيـرٍ ….. والقَـولُ فِـي بَعضِـهِ تَلغِيـبُ

وَاللهُ لَـيـسَ لَـهُ شَـرِيـكٌ ….. عَـلاَّمُ مَـا أَخفَـتِ القُلُـوبُ

أَفلِـحْ بِمَا شِئـتَ قَـد يُبلَـغُ ….. بالضَّعـفِ وَقَد يُخدَعُ الأَرِيـبُ

لاَ يَعِـظُ النَّـاسُ مَـن لاَ يَعِـظِ ….. الـدَّهـرُ وَلا يَنـفَـعُ التَلبيـبُ

سَاعِـد بِـأَرضٍ تَكُـونُ فِيـهَا ….. وَلا تَـقُـل إِنَّـنِـي غَـريـبُ

وَالمَـرءُ مَا عَـاشَ فِي تَكذِيـبٍ ….. طـولُ الحَيـاةِ لَـهُ تَعـذيـبُ

تعليمية تعليمية




تعليمية




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




التصنيفات
القران الكريم

شرح الوصايا العشر من سورة الأنعام

شرح الوصايا العشر من سورة الأنعام

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له،

ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله

إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا

عبده ورسوله، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } (آل عمران :102 ) ،{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } (النساء:1 )

، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً.} ( الأحزاب : 70 – 71 ) .

ألا وإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار .

أما بعد :

فسوف أفسِّر لكم بعض الآيات من سورة الأنعام ألا وهي قول الله تبارك وتعالى :

{ قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } ( الأنعام :151 – 153 ) .

كان العرب في الجاهلية يُحلِّلون ويٌحرّمون بأهوائهم وبجهلهم وبضلالهم؛ كانوا يعبدون الأوثان، ويتقربون إليها بالقرابين من الأنعام والحرث والأولاد، فأنكر الله تبارك وتعالى عليهم هذا الشرك، وأنكر عليهم هذه التشريعات؛ يُحلّلون ويحرِّمون كما شاءوا بجهلهم وضلالهم ! قال الله تبارك وتعالى : { مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَـكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } (المائدة : 103) .

البحيرة : الناقة يُمنَع درّها فلا تُحلَب إلا للطواغيت وسدنتها .

والسائبة : هي التي يسيبونها فلا يحمل عليها أحد شيئا؛ يسيبونها من أجل الأصنام والأوثان.

والوصيلة : هي الناقة البكر تلد أنثى ثم تلد أنثى وليس بينهما ذكر، فيسيبونها لطواغيتهم.

والحام : الفحل من الإبل يضرب الضراب المعيّن، ثم بعد ذلك يُطلق سراحه فلا يُحمل عليه ولا يُركَب من أجل الأوثان، فأنكر الله ذلك وقال: ما شرع الله ذلك بل حرمه وهذا كذب وافتراء على الله عز وجل، { وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَـذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا } ( الأنعام : 139 )

يحِلُّون لأنفسهم ما يشاءون ويحرِّمون على نسائهم ما يشاءون؛ من أمهاتهم وبناتهم وزوجاتهم -والعياذ بالله- .

وتشريعات أخرى أنكرها الله تبارك وتعالى عليهم، ومنها قول الله تبارك وتعالى :

{ قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ } ( الأنعام : 145 ) .

هذا الذي ورد في الكتاب، ثم أضاف الله بعد ذلك على لسان رسوله تحريم أكل الحمر الأهلية، وأكل كل ذي ناب من السباع، وأكل كل ذي مخلب من الطير .

وفي الحديث عن ابن عباس 🙁 نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل ذي ناب من السباع وعن كل ذي مخلب من الطير(1) ) وكل ذلك من تشريع الله سبحانه وتعالى .

ثم قال الله تبارك وتعالى في هذه الآيات : { قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ } لا آباؤكم ولا أجدادكم، وإنما الله هو الذي يمتلك حقّ التحليل والتحريم والتشريع وحده سبحانه وتعالى؛ إذ هو الربّ الخالق، البارئ، المصوِّر، الذي خلق هذا الكون ودبّره، وخلق الجنّ والإنس لعبادته، فالحقّ التشريعي له سبحانه وتعالى، فحرّم الشرك به؛ أول المحرمات وأعظمها وأخطرها : الشرك بالله تبارك وتعالى؛ ذلكم الذنب العظيم الذي تهتزّ له السماوات والأرض، بل تكاد تتفطّر وتكاد تنشقّ الأرض وتخرّ الجبال هدّاً منه، ذلكم الذنب الذي لا يغفره: { إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ } (النساء : 116)

{ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ }( الحج : 31 )

فهذا ذنب لا يُغفَر، فيجب على البشرية جميعا أن يخلصوا الدين لله وأن يعبدوه وحده وأن يحققوا الغاية التي خلقهم من أجلها .

{ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً }

شيئا من الأشياء؛ يعني (شيئا) مفعولا؛ فلا تشركوا بالله شيئا من الأشياء، لا من الملائكة ، ولا من الأنبياء، ولا من الأوثان، ولا من الأشجار، ولا الشمس ولا القمر، ولا شيئا من المعبودات التي يعبدها الناس على اختلاف مللهم ونحلهم .

أو : لا تشركوا به شيئا من الشرك، و (شيئا) على هذا مصدر؛ لا تشركوا به شيئا من الأشياء، من كل ألوان الشرك صغيره وكبيره .

{ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً }

الوالدان لهما حقّ عظيم؛ لذا يقرن الله حقهما بحقه في آيات كثيرة، واعتبر العقوق من أكبر الكبائر؛ لأنه نكران للمعروف ونكران للجميل، كما قال الله تبارك وتعالى : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً. وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً } ( الإسراء : 23 – 24 ) .

يعني منّة عظيمة للوالدين عليك، وأيادٍ بيضاء، لا تستطيع أن تكافئهما مهما أطعتهما ومهما بالغت في البرّ والإحسان إليهما، إلا أن تجد أحدهما مملوكا فتشتريه فتعتقه كما جاء في الحديث، أما لو بذلت ما بذلت من البرّ والإحسان إلى أبويك والطاعة لهما، والإكرام لهما، والتواضع لهما، فلن تبلغ شكرهما .

فيجب أن يعرف المسلم حقّ أبويه، قال تعالى:{ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ } ( لقمان : 14 )، قرن شكرهما بشكره سبحانه وتعالى .

كثير من الناس يتهاون في حقّ أبويه -مع الأسف الشديد- وينسى ذلك المعروف العظيم، يعني من الحمل إلى الولادة…المتاعب والمشقات، إلى كدّ الأب عليه وبرِّه به ورأفته به والإنفاق عليه، إلى أن يكبر ، ثم في الأخير ينسى أبويه ! هذا بلاء والعياذ بالله، ونكران للجميل والمعروف، ومن أحطّ أنواع نكران الجميل والمعروف .

فلابدّ من الإحسان إليهما، { وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } : أحسنوا بالوالدين إحسانا؛ (إحسانا) مفعول لفعل محذوف، تأكيدٌ لهذا الفعل .

الإحسان ما هو ؟ كل ما يطلق عليه إحسان لابدّ أن تبذله لأبويك؛ استخدم كل ما تستطيع من إحسان وإكرام لأبويك .

{ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ }

كان هناك في الجاهلية عادة خبيثة؛ يقتل ولده خشية الإملاق سواء كان ذكرا أو أنثى، أو يقتل البنت خشية العار ! {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ} (النحل :58 ) والعياذ بالله، كانوا يأنفون من البنات ويقتلونهنّ خشية العار، يئدوهنّ وهنّ أطفال لا ذنب لهنّ : { وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ. بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ }( التكوير : 8 – 9 ) يُسأل القاتل الذي وأد فلذة كبده؛ يسأل الموؤودة تنكيلاً به وتشهيرا به في ارتكابه لهذا الذنب.

والله تبارك وتعالى أكرم المرأة في الإسلام إكراما عظيما، وقد كانت من سقط المتاع، وكانت تمتهن، تورث ولا ترث ويعضلها الرجل ويتحكم فيها فيتزوجها ويطلق ويرجِّع، ويطلق ويرجِّع، وكم أهينت المرأة في الجاهلية وفي الجاهليات كلّها فأكرمها الإسلام وجعلها ترث وتورث، وأمًّا تُبرّ، وابنة تُحتَرم، وأختا توصل، وهكذا رفع من شأنها، ولكن أعداء الإسلام لا يرون هذا الإحسان إلى المرأة في الإسلام، فيشيرون من قريب أو من بعيد إلى أن الإسلام قد هضم المرأة – قاتلهم الله – !

أما المساواة التي يريدونها -والعياذ بالله- فهي ليست من العدل : { قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَــدْراً } ( الطلاق : 3 )، والله تبارك وتعالى أعطى للرجال على النساء درجة، وكلّف الرجل بالإنفاق عليها وإسكانها ورعايتها وحمايتها وإلى آخره، فهي في راحة وهناء .

وإذا قارنت بين وضعها حتى الآن في بلدان غير بلاد المسلمين؛ المرأة لا تزال ممتهنة، بينما المرأة في الإسلام محجبة، محترمة، يعولها زوجها أو أبوها أو أخوها؛ يكفلها الرجل حماية لها وصيانة لها .

{ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ }

يعني من الفقر؛ يعني لا تقتل ولدك ولو كنت فقيرا وتعيش في غاية من الفقر لتتخلص منه، يعني تخاف يشاركك في رزقك -والعياذ بالله- ! .

وقال في آية الإسراء : { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ } فلا تقتله؛ لا خشية إملاق -إذا كنت غنيا وفي حال السعة ترقبا للفقر-، ولا تقتله وأنت فقير، حماية وصيانة من هذه الوحشية التي كانت تمارس في تلك الجاهلية الجهلاء والعياذ بالله .

فيحمي الإسلام المرء صغيرا وكبيرا ويصونه، وهذا من فضل الله ورحمته سبحانه وتعالى بعباده؛ بالأطفال والنساء والأيتام وإلى آخره، كل ذلك تحدث عنه القرآن والسنة، حتى بالحيوانات كما قال صلى الله عليه وسلم: ( عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار لا هي أطعمتها ولا سقتها إذ حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض (2) ) فكيف بالبشر ؟! كيف ببني الإنسان ؟! الذي كرمه الله : { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً } (الإسراء :70 ) .

قال تعالى: { نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ } قدّم رزق الآباء هنا؛ لأنهم في حال الفقر، فقدم ذكرهم وذكر رزقهم على رزق الأبناء، وفي سورة الإسراء قال : { نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم} يقدم الأهم فالأهم .

وقوله : { وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ }

حماية للمجتمعات من الفواحش والرذائل والعياذ بالله؛ لأن الله خلق الناس لعبادته وطاعته، وشرّع لهم التشريعات لتكون المجتمعات في غاية النظافة والنزاهة والحياة الكريمة، ليست الحياة الجاهلية؛ سواء الجاهلية المتوحشة أو هذه الجاهلية المتحللة والعياذ بالله، يريد للبشر -الذين كرمهم الله- أن يحيوا حياة طيبة كريمة لا فحش فيها ولا فواحش، لا فحش اللسان ولا فحش الجوارح والقلوب، والعياذ بالله .
{ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ } فضلا عن ممارستها ،نهاك عن قربانها ،والنهي عن ممارستها والوقوع فيها أولى وأولى، فإذا نهاك عن قربانها؛ يعني الدندنة حول الشيء ، فكيف بالوقوع فيها والعياذ بالله ؟!

{ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ } ما يخفى منها وما يُعلَن، لا تقربوا الفواحش؛ منها الزنا والعياذ بالله ومقدماته؛ لا تقربوها، والنظر مقدمة للوقوع في هذه الفاحشة، فأمر الله تبارك وتعالى بغضّ الأبصار من الجانبين؛ من الرجال والنساء : { قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} ( النور : 30 )؛ يعني هذا سدّ لذرائع الزنا والفواحش، { وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} ( النور : 31 )، كل هذا لسدّ الذرائع إلى الوقوع في الفواحش لتبقى المجتمعات التي تؤمن بالله نظيفة طاهرة من الفواحش الظاهرة والخفية :{ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ } .

{ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ }

حماية للدماء التي يستبيحها البشر إذا تمردوا على شرائع الله عز وجل واستباحوا لأنفسهم سفك الدماء وارتكاب الفواحش، وهذه توجد في المجتمعات الجاهلية .

أما الإسلام فإنه يصون الأعراض ويحفظ الدماء ويحميها، { وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ }، { مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً } ( المائدة : 32 )،

{ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً } (النساء : 93) : حماية، وعيد شديد؛ يعني بيان فظاعة القتل، الذي يقتل نفسا واحدة فكأنما قضى على الإنسانية كلها: { فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً }، وشرع القصاص من أجل ذلك { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى } الآية . (البقرة : 187)، فأيّ حماية للدماء مثل هذه الحماية ؟!.

وقوله : { إِلاَّ بِالْحَقِّ } ؛يعني لا تقتلوها بحال من الأحوال إلا بالحقّ؛ وهو أن يَقتُل فيُقتَل، يُقاد منه، أو يرتكب وينتهك حرمة الإنسان، فيزني وهو مُحصَن فيُقتَل، أو يرتدّ عن دين الإسلام، يفتح بابا للشرّ على الإسلام فيرتدّ، فيُقتَل كما في الحديث : ( لا يحلّ دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة (3) ) ،فهذا هو الحقّ الذي يستحقّ أن يُقتَل؛ أن تقتل هذه النفس التي حرم الله قتلها؛ لأنها هي انتهكت حرمات الله تبارك وتعالى، فيعدو على نفس مسلمة فيقتلها، أو نفس حماها الإسلام بالعهد فيقتلها؛ لأن نفس المسلم ونفس الذمّي محرّمة، لأنه في ذمّة الله وذمّة رسوله فلا نخفر ذمّة الله عز وجل فنقتل الذمّي : ( من قتل نفسا معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما (4) ) هذا احترام لنفس المسلم ولنفس من يأوي ويعيش في ظلّ الإسلام وفي ذمّة المسلمين، هل يوجد دين كهذا ؟! الله أكبر، ما أعظم الإسلام .

{ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }

الإشارة ترجع إلى هذه الأمور التي سلفت؛ من تجنب الشرك بالله تبارك وتعالى، ومن تجنب عقوق الوالدين، والقيام ببرهما، ومن قتل الأبناء، ومن قتل النفس، الإشارة تعود إلى هذه الخمس { ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ } والوصية هي الأمر المؤكد اللازم الذي يجب القيام به، { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } تعقلون الأمور وتدركون الأخطار التي تترتب على ارتكاب هذه الجرائم، وتدركون الفوائد العظيمة من التزام تشريع الله تبارك وتعالى تجاه هذه الأمور .

{ وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }

انظر كيف يعتني الإسلام باليتيم؛ لا تقربوا مال اليتيم في حال من الأحوال، إلا بالخصلة التي هي أحسن، وهي رعاية ماله وحفظه وتنميته، وبعضهم يفسر { بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } بالتجارة فيه، لينمو، ويحرِّم عليك أن تأكل من مال اليتيم شيئا، والوصي عليه إن كان غنياً فليستعفف، وإن كان فقيراً فليأكل بالمعروف : { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً }(النساء :10) وأوصى الله باليتيم في آيات كثيرة؛ انظروا هذه الرحمة في الإسلام والعناية بالكبير والصغير، والعناية بكل مخلوقات الله عز وجل ولا سيما اليتيم : { فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ. وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ } ( الضحى : 9- 10 )
{ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ. فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ } ( الماعون : 1- 2 ) أي لا يحترمه، يهينه ويدفعه بعنف، فيدخل في الويل وهذا الوعيد الشديد -والعياذ بالله- فلابد من الرحمة والرأفة باليتيم والعناية به، والذي يعول يتيما يُبعث مع رسول الله، يقيم معه في الجنة : ( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا ) . وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئا (5) ) عليه الصلاة والسلام، كافل اليتيم؛ تكفل يتيما لك أو لغيرك تنال منزلة عظيمة وجزاء عظيماً عند الله عز وجلّ، والوعيد الشديد على من لا يحترمه ويأكل ماله أو يهينه، ويل له إن أهانه والنار له إن أكل ماله .

ثم يقول تعالى: { وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ }؛ {وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ} ( الأعراف : 85 )،

لابد من العدل، سواء أخذت أو أعطيت، لابد من العدل .

{ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا }؛ يعني إذا اجتهدت غاية الاجتهاد على أن لا تخسر الميزان أو الكيل؛ اجتهدت فحصل خلل؛ نقص من حيث لا تدري، فلا يؤاخذك الله به لأن التكاليف كلها مقيدة بالقدرة والطاقة؛ فالذي يخرج عن طاقة الإنسان لا يكلِّفه الله به : { لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا }في هذه الآية وفي غيرها : { لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } ( البقرة : 286 )، { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ }( الحج : 78 )؛ فالتكاليف في حدود القدرة والطاقة، فيجتهد الإنسان ويبذل أقصى وسعه في أن لا يظلم هذا الإنسان الذي يتعامل معه، سواء أخذ منه؛ كال له أو اكتال منه، يحرص أن يكون مقسطا في ذلك، عادلا في ذلك، فإن غُلِب على أمره من حيث لا يدري فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، أما أن يتعمد فالله أكبر : { وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ. الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ. وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ }( المطففين : 1-3 ) حتى لو كان كافرا أوف له الكيل؛ لو كان كافرا فضلا عن المسلم، فلابد أن تتعامل بالعدل مع كل الناس في الأقوال والأفعال، فقوله : { لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا}؛ يعني إذا اجتهد الإنسان وبلغ أقصى طاقته في التحرز من الوقوع في الإثم، ونقص من يتعامل معه بكيل أو وزن أو نحو ذلك، ثم حصل زيادة حبة أو حبتين من حيث لا يدرك الإنسان أنه نقص أو زاد لنفسه فإنه لا يؤاخذ به؛ لأن الله لا يؤاخذك إلا بما تعمدت فيه، أما الخطأ والنسيان فمرفوع عن هذه الأمة .

ثم يقول تعالى : { وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ }

انظروا ! الآية السابقة في الفعل وهنا في القول؛ إذا قلت فاعدل سواء في الإخبار والأخبار أو في الشهادة، أو في الجرح والتعديل، أيّ قول تقوله فاعدل فيه، تكليف من الله تبارك وتعالى بهذا العدل، الذي قامت عليه السماوات والأرض، فلابد من العدل؛ إذا قلت فاعدل، والله تعالى يقول : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا } ( النساء : 135 )

الله أكبر ! فالعدل في القريب والبعيد، العدل في القول في أيّ مقام من المقامات وفي أيّ حال من الأحوال، بالنسبة للعدو والصديق ، والكافر والمسلم، لابد من العدل، فإن العدل واجب في كل حال، وعلى كل حال، ولكل أحد وعلى كل أحد .

العدل أمر عظيم، لا يحملنّك شفقة على قريب أو التعصب له أن تقول غير العدل، ولا يحملنّك شدّة العداوة والشنآن للعدوّ أن تتجاوز العدل، لابد من العدل، وإذا ظلمتَ كافرا، فاسقا، مجرما لإجرامه، واستجزتَ أن تظلمه ولا تقيم فيه ميزان الله العدل فإنك تحاسب على هذا؛ لأن الله هو العدل سبحانه وتعالى، الذي تنـزه عن الظلم، ولا يرضى أن تظلم أحدا مهما كان، لا بقول ولا بفعل، لا في مال ولا في عرض .

تشهد على قريبك ولو كان أبوك، تقوم بالقسط، وتشهد للعدو إذا كان له حقّ مهما بلغ بالعداوة إذا كنت تعرف أن له حقّا على شخص وطُلب منك الشهادة، عليك أن تدلي بهذه الشهادة على وجه العدل ولو كان على أبيك .

الظلم للناس في أموالهم وأعراضهم هذا ديوان لا يترك، ذنب لا يُغفر وهو الشرك، وذنب لا يُترك وهو تظالم العباد فيما بينهم، حتى لو جاز المسلمون الصراط؛ المؤمنون الناجون لو جاوزوا الصراط يوقفون على قنطرة بين الجنة والنار ليؤخذ لبعضهم البعض، فالله لا يترك هذا، ويأتي الإنسان بحسنات أمثال الجبال وهو المفلس، سماه رسول الله المفلس؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أتدرون ما المفلس ؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع . فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار (6) ) هذا هو المفلس، فليصن الإنسان لسانه من الغيبة والنميمة والظلم وقول الباطل وشهادة الزور، كل هذه الأشياء تنافي العدل الذي شرعه الله تبارك وتعالى في القول .

ثم قال تعالى : { وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ }

الله أكبر ! رسول الله ضرب أروع الأمثلة في صلح الحديبية، عليه الصلاة والسلام، كان قد جاءه مندوب قريش وآخرهم سهيل بن عمرو واصطلحوا على هدنة عشر سنين ومن الشروط أن لا يدخلوا البيت في هذا العام، وأن لا يطوفوا ولا يسعوا، ومن ضمن الشروط المجحفة أن من ذهب إلى المدينة لابد أن يُعاد إلى مكة، ومن ذهب من المسلمين من المدينة إلى مكة لا يعود، فجاء أبو جندل ابن سهيل يرسف في القيود يقول: يا معشر المسلمين كيف أعود، كيف أرجع إلى هؤلاء فيفتنوني ؟! وسهيل يصرّ على أنه لابد أن يرجع، ورسول الله يتلطف به؛ يقول له : اترك هذا لي، يقول له: لا أتركه أبدا، ولن يبرم هذا العهد ولا ينفذ إلا إذا عاد هذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي جندل: ( أبا جندل اصبر واحتسب فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا إنا قد صالحنا هؤلاء القوم وجرى بيننا وبينهم العهد وإنا لا نغدر (7) ) هذا من الوفاء بالعهود :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ }( المائدة : 1 )، { إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً }( الإسراء : 34 )

أمر العهود عظيم جدا في الإسلام، فلابد من الوفاء بالعهود سواء على مستوى الدول أو على مستوى الأفراد، وأولى الأمور بالوفاء عهد الله علينا: { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ. وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } (ياسين : 60 – 61 )

فنفي بعهد الله بأن نلتزم الإسلام، ونلتزم ما جاء في كتابه، وفي سنة نبيه عليه الصلاة والسلام، من الأوامر فننفذها، والنواهي فنجتنبها، ونجتنب كل ما حرم الله علينا سبحانه وتعالى، كما قال صلى الله عليه وسلم: ( فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه (8) ) فنفي بعهد الله ونفي بالعهود؛ إذا كانت بيننا وبين دول أخرى يجب أن نوفي بها، وإذا كانت بين أفراد وأفراد، الإنسان يدخل في ذمّة المسلم؛ إذا دخل كافر حربي في ذمة امرأة أو عبد فإنه يلزم المسلمين جميعا أن يفوا بعهد هذه المرأة أو هذا العبد، انظروا إلى أي حد يحترم الإسلام العهود ؟!

{ وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }

يؤكد ويكرر هذه الوصايا : ( ذلكم وصاكم )، ( ذلكم وصاكم )؛ يعني أمور حازمة، جازمة لابد أن نقوم بها، ولماذا يوصينا بهذا ؟ يوصينا لنتذكر، فندرك ونعتبر ونتّعظ وننزجر، هذه أمور عظيمة جدا يجب أن يرعاها المسلمون؛ أفرادا ومجتمعات .
ثم قال بعد ذلك :{ وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ }

ويدخل في هذا الصراط المستقيم هذه الأمور التي وصانا الله بها؛ من توحيده وإخلاص الدين له، ومن اجتناب الشرك، ومن اجتناب العقوق، والقيام بالبرّ ومن، ومن ..إلى آخر الأشياء التي ذُكرت في هذه الوصايا؛ كلها داخلة في صراط الله المستقيم، وعلينا أن نتبعه { وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ } وهذه الوصية باتباع الصراط جاءت في آيات كثيرة، بأساليب مختلفة، منها : الأمر بالاعتصام بحبل الله وأن لا نتفرق، وهنا قال { وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ } فنتبع صراط الله المستقيم، في عقائدنا وفي عباداتنا، وفي معاملاتنا، وفي مناهجنا وفي سياستنا، وفي كل أمر شرعه الله تبارك وتعالى؛ فإنه صراطه، وإنه عدله سبحانه وتعالى، ولن تستقيم للمسلمين حياة إلا إذا اتبعوا صراط الله المستقيم، وإلا فهي حياة منحرفة، وحياة حقيرة ودنيئة، حياة الذلّ والهوان، لعدم التزامنا وسلوكنا هذا الصراط المستقيم وعدم إتباعنا لمنهج الله الحقّ .

( وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ ) نهي عن التفرق ونهي عن الضلال: ( وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ) : كل الملل والنحل لا يجوز أن نتبع منها شيئا، طرق البدع والضلال لا نتبع منها شيئا، نلتزم صراط الله المستقيم، لا عوج فيه ولا أمتا، ( الصراط المستقيم ) هو المعتدل الذي يوصلك إلى الله تبارك وتعالى ومرضاته .

أما السبل الأخرى فكما جاء في حديث ابن مسعود وحديث جابر وغيرهما : قال : ( خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا وقال : " هذا سبيل الله " ثم خط خطوطا عن يمينه وعن يساره وقال : " هذه سبل على كل سبيل شيطان يدعو إليه (9) )

فللشيطان سبل كثيرة؛ سبيل اليهود، سبيل النصارى، سبيل الوثنيين؛ المجوس، الهندوك، سبيل مشركي العرب آنذاك، ولمن بقي منهم على الشرك، سبل للروافض وللخوارج، للمعتزلة، للمرجئة، لاثنتين والسبعين فرقة، على كل سبيل منها شيطان يزينه ويزخرفه ويلمعه للسخفاء الذين لا يعقلون ولا يتبصرون ولا يتّعظون ولا يتذكرون !!

{ وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }

انظروا ! قال في الوصية الأولى : ( لعلكم تعقلون ) ثم قال في الثانية : ( لعلكم تذكرون) ثم قال هنا : (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، قال بعض العلماء وأظن منهم ابن عطية : لأنه إذا عقِل تذكر، وإذا عقل وتذكر حصلت التقوى؛ إذا عقل وصية الله وعمل بها، وإذا تذكر هذه الوصايا العظيمة واستفاد من هذه الذكرى، قاده ذلك إلى تقوى الله ومراقبته وخشيته، استقام على الصراط المستقيم، وأخذ بمواعظ الله ونصائحه ووصاياه، لابدّ أن يكون من أفضل المتقين إن شاء الله .

وفي هذه الآيات رعاية وحفاظ على مقاصد الشريعة والمصالح العظيمة ودرء المفاسد الكبرى؛ حفظ المال، حفظ النفس، حفظ النسب، وحفظ الدين.

فمن هذه المقاصد العظيمة:

– الحفاظ على الدين وحماية العقيدة، ولهذا شرع الجهاد لإعلاء كلمة الله، وحرّم الشرك وأوجب التوحيد وشرع الجهاد لتحقيق هذه الغاية؛ توحيد الله ونبذ الشرك بالله تبارك وتعالى .

– الحفاظ على الدماء، فحرّم قتل النفس وأوجب فيها القصاص .

– الحفاظ على المال: { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، {وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّام} (البقرة: 188 ) إلى آخره من الآيات التي حرمت الاعتداء على المال بأي شكل من الأشكال؛ لأن المال به قوام الحياة أو كما يقال : عصب الحياة، فلابد من حمايته .

– حماية الأعراض {وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ } هذا لحماية الأعراض.

فهذه آيات عظيمة جامعة لمصالح الدين والدنيا، فلابد من العناية بها؛ فهما وتطبيقا .

نسأل الله تبارك وتعالى أن يفقهنا وإيّاكم في دينه، وأن يوفقنا لالتزام شريعته، وأن يثبتنا عليها، وأن يجنبنا هذه المعاصي والكبائر ما ظهر منها وما بطن، إن ربنا لسميع الدعاء، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

الشيخ ربيع المدخلي




السلام عليكم و رحمة الله و بركآآته
بارك الله فيـكم و جزاكم خيرا




التصنيفات
الامثال والحكم

الإيجابيات العشر

الإيجابيـات العشــر

تفاءل

التفاؤل من الإيمان والتشاؤم من الشيطان، ولا تتذمر منواقعك

تحمس

أوجد الحماس في الأعمال اليوميةوالمتكررة حتى لا تمل، ابحث عن اهتمامات جديدة، جدِّد هواياتك, فعِّلمواهبك

تحدث عن النجاح

قلص الحديث عن الفشل،من لا يعمل لا يفشل والذي يعمل يفشل.. وينجح

شارك الناس

تبادل وجهات النظر، واجه مشاكلك معالآخرين، لا تحقر أحداً أبداً، اقبل النقد ولا تتأثر سلبياً فبعضه نافع، تعلمالعطاء والسخاء

خطط للنجاح

ضع برنامجاًلغاياتك وطموحاتك، كن طموحاً في إنجاز الأعمال وتقدم نحو الامتيازات

جدِّد ما حولك

كل ما حولك, ملبسك, مسكنك, سيارتك،برنامجك, صم يوماً, قم ليلاً, نوِّع بين السنن

ارق بالبيئة الإجتماعية

احذر من مصاحبة الفاشلين, والمحبطين, والجدليين, وتذكر أن من البرمجة اللاواعية: الرفقة

لا تستجب للمغالطات

مثل أن السجائر تريح الأعصاب أماالواقع فهي تؤذي الجهاز العصبي وبقية الجسم، ولا تستجب لبعض الأمثال العربية مثل: مدرجلك على قدر غطائك، واتق شر من أحسنت إليه

اهتم بنفسك

ابن ثقتك بنفسك، وتعلَّم كيف تهتم بنفسك؟ , كيف تسعد نفسك؟ , كيف تريح ذهنك؟البس المريح الذي يعجبك, تطيب ونوِّع بينالأطياب ادهن نفسك من رأسك إلى أخمص قدميك

أصدقمع نفسك

لا تخادعها ولا تكذب فالخداع يفقد الثقة ويخل التوازن، تعلم الدعاء فهومحض الصدق مع النفس، احتسب الأجر في كل عمل خير تقوم به للغير، الزم ذكر الرحمنفإنه أنس الروح، ثبت عقيدة التوحيد لا إله إلا الله فالعقل الباطن لا يستريح إلابها

يجب علينا أن نمشي على مبادئ تمنحنا الثقة في حياتنا حتـىنعيش مطمئنين

[/frame]




امثال وحكم رائعة

شكرا لك

لا تبخلي علينا بمثل هذه المواضيع




بارك الله فيك على هذه السطور الايجابية

يعطيك العافية




وفقنا الله لما يحب ويرضى ,وجزاكم الله خير




التصنيفات
القران الكريم

مصحف القراءات العشر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مصحف القراءات العشر المتواترة

بالرموز الميسرة

(مجرد فكرة لتسير القراءات)

يقول صاحب الكتاب :

"هذه محاولة لتيسر القراءات العشر عن طريق الشاطبية والدرة و ذلك من خلال الرموز الملونة

والمبسطة للقراء العشر ورواتهم وذلك من خلال النظر"

هذه فكرة رائعة لربط الفرش القراءات في مصحف واحد أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يثبت

صاحبها جنات الفردوس ويرزقه أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة


الرابط من هنا

تعليميةتعليميةتعليمية

منقوول




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكِ الله خيرا أختي ندى

لكن

تأكدي من وضع الرابط

وفقكِ الله




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




السلام عليكم و رحمة الله و بركآآته
بارك الله فيك أختي فاتن تم التعديل




التصنيفات
الحياة الزوجية

الوسائل العشر للحب الدائم

• أولاً:
تعود على استخدام العبارات الإيجابية، كالدعوات الصالحة، أو كلمات الثناء.
قل لزوجتك: لو عادت الأيام؛ ما اخترت زوجة غيرك!
إن الكلام العاطفي يثير المرأة، وهو السلاح الذي استطاع به اللصوص اقتحام الحصون والقلاع الشريفة، وسرقة محتوياتها الثمينة.
إن الكلمة الطيبة تنعش قلب المرأة؛ فقلها أنت قبل أن تسمعها من غيرك.

• ثانياً:
التصرفات الصغيرة المعبرة.
==> مثل: إن وجدتها نائمة؛ فضع عليها الغطاء.
اتصل بها من العمل لتسلم عليها فقط وأشعرها بذلك.
==> أرأيت كيف قال النبي – صلى الله عليه وسلم-:"حَتَّى اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا فِي فِيِّ امْرَأَتِكَ" صحيح البخاري (5354)، وصحيح مسلم (1628).
==> إن ذلك جزء من الذوق، إذا تعود المرء عليه؛ فإنه لا يحتاج إلى كبير جهد لممارسته.
ومن لم يتعود ذلك، ربما إذا سمع هذا الكلام يشعر بالخجل وبالإحراج ويفضل بقاء الأمور كما هي عليه، بدلاً من هذه المحاولة، التي ربما يعتبرها مغامرة.
أنت بحاجة إلى أن تدخل عادات و سلوكيات جديدة في حياتك، وإلا سوف تظل تواجه المشكلات.

• ثالثاً:
تخصيص وقت للحوار بين الزوجين.
==> الحوار عن الماضي، وذكرياته الجميلة؛ فإن الحديث عنها يجددها كما لو كانت وقعت بالأمس.
==> الحوار عن الحاضر وإيجابياته وسلبياته وكيف نستطيع التغلب على مشكلاته.
==> الحوار عن المستقبل، وعن وعوده، و خططه، وحظوظه الجيدة.

• رابعاً:
التقارب الجسدي.
ليس فقط من خلال الوصال والمعاشرة، بل الاعتياد على التقارب في المجالس و في المسير.
وإن كان هناك من لا يزال يستحي أن يرى الناس امرأته تمشي بجانبه، أو حتى تمشي وراءه.

• خامساً:
تأمين المساعدة العاطفية عند الحاجة إليها.
فقد تكون المرأة حاملاً، أو في فترة الدورة الشهرية؛ و تحتاج إلى الوقوف معها معنويًّا؛ وذلك بتقدير حالتها النفسية؛ فقد قال أهل الطب: إن معظم النساء في حالة الحمل أو الحيض أو النفاس يعانين من توتر نفسي تضطرب معه بعض تصرفاتها.ومن هنا تحتاج المرأة إلى مؤازرة عاطفية تشعرها بحاجة الزوج لها وعدم استغنائه عنها خاصة في مثل هذه الحالة

• سادساً:
التعبير المادي عن الحب.
من خلال الهدية سواء كان ذلك بمناسبة أو بغير مناسبة، والمفاجأة لها وقع جميل.
اختر هدية معبرة، وليس المهم في الهدية قيمتها المادية عند المرأة؛ بل بمناسبتها وملاءمتها لذوقها وما تحبه، وتعبيرك عن شعورك بها، واستذكارك لها.

• سابعاً :
إشاعة روح التسامح والتغافل عن السلبيات.
كرر الصفح ونسيان الأخطاء خاصة في الأمور الحياتية البسيطة التي ينبغي لكريم النفس ألا يتعاهدها
بالسؤال.

• ثامناً:
التفاهم حول القضايا المشتركة:

• تاسعاً:
التجديد وإذابة الجليد.
بإمكان الإنسان – رجلاً, أو امرأة – أن يقرأ كتاباً, أو يسمع شريطاً؛ حتى يستطيع أن يجدد الحياة الزوجية! وأن يضيف عليها من المعاني، والتنويع في: الملبس، والمأكل، والمشرب، والأثاث، والمنزل، وطرق المعاملة، والمعاشرة. ما يجعل الحياة تستمر، وتجدّ، ولا يتسرب إليها الملل, أو السأم.

• عاشراً:

حماية العلاقة من المؤثرات السلبية مثل: المقارنة مع الأخريات.
و في الاخيراتمنى السعادة و الهناء لجميع الازواج.




لو عادت الأيام؛ ما اخترت زوجة غيرك!
إن الكلام العاطفي يثير المرأة، وهو السلاح الذي استطاع به اللصوص اقتحام الحصون والقلاع الشريفة، وسرقة محتوياتها الثمينة.
إن الكلمة الطيبة تنعش قلب المرأة؛ فقلها أنت قبل أن تسمعها من غيرك.

عبارة رائعة …شكرا على تميزك




بارك الله فيك ليلية على الانتقاء الجميل




العفو و شكرا لمروركما على موضوعي وهذا شرف لي ووسام على صدري




هاااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااااااااااا ااااايل بارك الله فيك




وفيك بركة و شكراااااااااااااااااااااا اااااالك




بارك الله فيك.




التصنيفات
اسلاميات عامة

العمرة في العشر الأواخر من رمضان

تعليمية تعليمية

العمرة في العشر الأواخر من رمضان

تعليمية



هل من المستحب أداء العمرة في العشر الأواخر من رمضان، وهل هي أفضل من العشر الأوائل؟، وما مكانة محاولة تقبيل الحجر الأسود؟


العمرة في رمضان تعدل حجة؛ كما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي العشر الأخيرة فهي أفضل؛ لأن العشر الأخيرة هي أفضل الشهر، وهكذا في العشر الأول من ذي الحجة لها فضل عظيم، لأن عشر ذي الحجة أفضل الأيام، والعمل الصالح فيها أفضل الأعمال، فإذا اعتمر في العشر الأول من ذي الحجة فلها فضل عظيم العمرة، لكن في رمضان أفضل، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (عمرة في رمضان تعدل حجة).

الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

تعليمية تعليمية




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكِ الله خيرا ونفع بكِ




بارك الله فيكم على الموضوع القيم

اللهم ارزقنا عمرة في رمضان




السلآم عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا اختي على الافادة

مشكورة




يرفع للفائدة ،،
وفقكم الله




جزاكم الله خير

للرفع بمناسبة قدوم شهر رمضان 2022

اعاده الله علينا بالاجر والثواب




جزاكم الله خير

للرفع بمناسبة قدوم شهر رمضان 2022

اعاده الله علينا بالاجر والثواب




التصنيفات
السنة الرابعة ابتدائي

خطوات النجاح العشر

تعليمية

النجاح

النجاح مطلب الجميع وتحقيق النجاح الدراسي يعتبر من أولويات الأهداف لدى الطالب ..ولكل نجاح مفتاح وفلسفة وخطوات ينبغي الاهتمام بها …ولذلك أصبح النجاح علما وهندسة ..
النجاح فكرا يبدأ وشعورا يدفع ويحفز وعملا وصبرا يترجم ..وهو في الأخير رحلة ..
سافر فإن الفتى من بات مفتتحا * * * قفل النجاح بمفتاح من السفر
وسنحاول في هذا الحوار التطرق لبعض من هذه الخطوات ..

المفاتيح العشرة للنجاح الدراسي

الطموح كنز لا يفنى: لا يسعى للنجاح من لا يملك طموحا ولذلك كان الطموح هو الكنز الذي لا يفنى ..فكن طموحا وانظر إلى المعالي ..
هذا عمر بن عبد العزيز خامس الخلفاء الراشدين يقول معبرا عن طموحه:" إن لي نفسا تواقة ،تمنت الإمارة فنالتها،وتمنت الخلافة فنالتها ،وأنا الآن أتوق إلى الجنة وأرجو أن أنالها "
العطاء يساوي الأخذ:النجاح عمل وجد وتضحية وصبر ومن منح طموحه صبرا وعملا وجدا حصد نجاحا وثمارا ..فاعمل واجتهد وابذل الجهد لتحقق النجاح والطموح والهدف ..فمن جدّ وجد ومن زرع حصد..
وقل من جد في أمر يحاوله * * * وأستعمل الصبر إلا فاز بالظفر
غير رأيك في نفسك : الإنسان يملك طاقات كبيرة وقوى خفية يحتاج أن يزيل عنها غبار التقصير والكسل ..فأنت أقدر مما تتصور وأقوى مما تتخيل وأذكى بكثير مما تعتقد..اشطب كل الكلمات السلبية عن نفسك من مثل " لا أستطيع – لست شاطرا.." وردّد باستمرار " أنا أستحق الأفضل – أنا مبدع – أنا ممتاز – أنا قادر .."
النجاح هو ما تصنعه .(فكر بالنجاح – أحب النجاح..)
النجاح شعور والناجح يبدأ رحلته بحب النجاح والتفكير بالنجاح ..فكر وأحب وابدأ رحلتك نحو هدفك ..
تذكر : " يبدأ النجاح من الحالة النفسية للفرد ، فعليك أن تؤمن بأنك ستنجح – بإذن الله – من أجل أن يكتب لك فعلا النجاح ."
الناجحون لا ينجحون وهم جالسون لاهون ينتظرون النجاح ولا يعتقدون أنه فرصة حظ وإنما يصنعونه بالعمل والجد والتفكير والحب واستغلال الفرص والاعتماد على ما ينجزونه بأيديهم .
الفشل مجرد حدث..وتجارب : لا تخش الفشل بل استغله ليكون معبرا لك نحو النجاح لم ينجح أحد دون أن يتعلم من مدرسة النجاح ..وأديسون مخترع الكهرباء قام ب 1800 محاولة فاشلة قبل أن يحقق إنجازه الرائع ..ولم ييأس بعد المحاولات الفاشلة التي كان يعتبرها دروسا تعلم من خلالها قواعد علمية وتعلم منها محاولات لا تؤدي إلى اختراع الكهرباء ..
تذكر : الوحيد الذي لا يفشل هو من لا يعمل ..وإذا لم تفشل فلن تجدّ ..الفشل فرص وتجارب ..لا تخف من الفشل ولا تترك محاولة فاشلة تصيبك بالإحباط ..
وما الفشل إلا هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النجاح.
املأ نفسك بالإيمان والأمل :الإيمان بالله أساس كل نجاح وهو النور الذي يضيء لصاحبه الطريق وهو المعيار الحقيقي لاختيار النجاح الحقيقي ..الإيمان يم*** القوة وهو بداية ونقطة الانطلاق نحو النجاح وهو الوقود الذي يدفعك نحو النجاح ..
والأمل هو الحلم الذي يصنع لنا النجاح ..فرحلة النجاح تبدأ أملا ثم مع الجهد يتحقق الأمل ..
اكتشف مواهبك واستفد منها : لكل إنسان مواهب وقوى داخلية ينبغي العمل على اكتشافها وتنميتها ومن مواهبنا الإبداع والذكاء والتفكير والاستذكار والذاكرة القوية ..ويمكن العمل على رعاية هذه المواهب والاستفادة منها بدل أن تبقى معطلة في حياتنا ..
الدراسة متعة .. طريق للنجاح : المرحلة الدراسية من أمتع لحظات الحياة ولا يعرف متعتها إلا من مرّ بها والتحق بغيرها ..متعة التعلم لا تضاهيها متعة في الحياة وخصوصا لو ارتبطت عند صاحبها بالعبادة ..فطالب العلم عابد لله وما أجمل متعة العلم مقرونا بمتعة العبادة .. الدراسة وطلب العلم متعة تنتهي بالنجاح ..وتتحول لمتعة دائمة حين تكلل بالنجاح .
الناجحون يثقون دائما في قدرتهم على النجاح :
الثقة في النجاح يعني دخولك معركة النجاح منتصرا بنفسية عالية والذي لا يملك الثقة بالنفس يبدأ معركته منهزما ..
النجاح والتفوق = 1% إلهام وخيال + 99%جهد واجتهاد:
الإلهام والخيال لا يشكل أكثر من 1% من النجاح بينما الطريق الحقيقي للنجاح هو بذل الجهد والاجتهاد وإن ما نحصل عليه دون جهد أو ثمن فليس ذي قيمة..
لا تحسبن المجد تمرا أنت آكله * * * لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
(الجهد المبذول تسعة أعشار النجاح )

11خطوة للاستعداد للمذاكرة
اخلص النية لله واجعل طلب العلم عبادة.
تذكر دائما أن التوفيق من الله والأسباب من الإنسان
احذف كلمة " سوف " من حياتك ولا تؤجل .
أحذر الإيحاءات السلبية :أنا فاشل – المادة صعبة ..
ثق بتوفيق الله وابذل الأسباب.
ثق في أهمية العلم وتعلمه.
أحذر رفقاء السوء وقتلة الوقت ..
نظم كراستك ترتاح مذاكرتك ..
أد واجباتك وراجع يوما بيوم..
تزود بأحسن الوقود ..(أفضل التغذية أكثر من الفواكه والخضراوات وامتنع عن الأكلات السريعة ..)
لا تذاكر أبدا وأنت مرهق ..

نظم وقتك

تذكر أن أحسن طريقة لاستغلال الوقت أن تبدأ الآن.!!
حدد أولوياتك الدراسية وفق الوقت المتاح.
ضع جدولا يوميا – أسبوعيا لتنظيم الوقت والأولويات .
تنظيم الوقت :
رغبة + إرادة + ممارسة + جهد = متعة.

من طرق تقوية الذاكرة

الفهم أولا..يساعد على الحفظ والتخزين ..
استذكر موضوعات متكاملة .
الترابط بين ما تستذكر وما لديك من معلومات يقوي الذاكرة..
الصحة بشكل عام عامل أساسي لتقوية الذاكرة:
النوم المريح – غذاء متكامل – الرياضة البدنية – الحالة النفسية التفاؤل – الاسترخاء – التعامل مع الناس …
خلق الاهتمام – الفرح – حب الاستطلاع – التمعن –التركيز الفكري – كلها وسائل لتقوية ذاكرتك.
تصنيف المواد حسب المواضيع وحسب البساطة والصعوبة يسهل عملية الاستذكار.

من أجل حفظ متقن
صمم على تسميع ما ستحفظ. (استمع لنفسك)
افهم ثم احفظ.
قسم النص إلى وحدات ثم احفظ.
وزع الحفظ على فترات زمنية.
كرر ثم كرر …كرر..
اعتمد على أكثر من حاسة في الحفظ.
10% تقرأ –20% تسمع –30% ترى –50%ترى وتسمع –80%مما تقوله –90% تقوا وتفعل -)
ارسم صورا تخطيطية – لوّن بعض الرسوم أو الفقرات الرئيسية-
لا تؤجل الحفظ – أسرع إلى الحفظ.
قاوم النسيان ودعم التذكر.(الحماس-الراحة- التخيل والربط-التكرار-التلخيص- المذاكرة قبل النوم..)
تجنب المعاصى
شكوت إلى وكيع سوء حفظي * * * فأرشدني إلى ترك المعاصي
والنجاح حقيقة لكل حق لكل فرد ما دام هو يبذل من أجله وليس فقط للطال فعلينا جميعا أن نبذل من أجله ،
فهو بحق يستحقنا ونستحقه

تعليمية




تعليمية

شكرا وبارك الله فيك




مشكوووووووووووووووووووور اخي يحيى على الردووووووووود والتشجيع برك الله فيك




اشكركم جزيل الشكر انا احب هدا المنتدى لما يقدمه لنا من فوائد ترقى بنا الى اعلى المستويات .




شكرا على المرور وجازاك الله خيرا




بارك الله فيك وشكرا على المرور




شكرا لك علا هذا المجهود




التصنيفات
اسلاميات عامة

الوصيا العشر في الأيام العشر


بسم الله الرحمن الرحيم

الوصية الأولى:

اغتنام هذا الزمن الفاضل بكثرة الأعمال الصالحة قبل فواتها فقد جاء عن ابن عباس – رضي الله عنهما – عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر»، فقالوا: "يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ، فلم يرجع من ذلك بشيء» [رواه الترمذي وصححه الألباني].

وفيه دليل على أن كل عمل صالح في هذه الأيام فهو أحب إلى الله تعالى منه في غيرها، وهذا يدل على فضل العمل الصالح فيها وكثرة ثوابه، وأن جميع الأعمال الصالحة تضاعف في العشر من غير استثناء شيء منها. وعن ابن عباس – رضي الله عنهما – عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: «ما من عمل أزكى عند الله عز وجل، ولا أعظمُ أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى»، قيل: "ولا الجهاد في سبيل الله؟"، قال: «ولا الجهاد في سبيل الله – عز وجل – إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء» [حسنه الألباني]، وهذا شأن سلف هذه الأمة، كما قال أبو عثمان النهدي – رحمه الله -: "كانوا يعظمون ثلاث عشرات: العشر الأخير من رمضان، والعشر الأَوَّلَ من ذي الحجة، والعشر الأَوَّلَ من المحرم ".

وفي العشر أعمال فاضلة وطاعة كثيرة، ومن ذلك:
الإكثار من نوافل الصلاة، والصدقة، وسائر الأعمال الصالحة، كبرّ الوالدين، وصلة الأرحام، والتوبة النصوح، وحسن الإنابة، الإكثار من ذكر الله تعالى، وتكبيره، وتلاوة كتابه والصيام.

الوصية الثانية:

الالتزام بسنة المصطفى وعمل الصحابة رضوان الله عليهم في هذه العشر فإن العمل بالسنة أكثر أجراً وأعظم من كثرة العمل مع مخالفة السنة، وكذلك تعظيم الحرمات وعدم الجرأة في مخالفة أوامر الله ورسوله ومن هذه الأوامر مثلاً امتثال أمر الرسول صلى الله عليه و سلم في عدم أخذ شيء من الشعر والبشر والظفر إذا أراد الإنسان أن يضحي من أول العشر إلى حين ذبح الأضحية فقد جاء عن أم سلمة – رضي الله عنها – أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: «إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره» [رواه مسلم]، وفي رواية: «إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره وبشره شيئا» [رواه مسلم]. ومن أخذ شيئاً من شعره وظفره فعليه بالتوبة والاستغفار ولا فدية عليه وأضحيته صحيحة مقبولة بإذن الله وهذا لا يعم الزوجة ولا الأولاد ولكنه خاص بمن يريد أن يضحي وهو رب الأسرة أو من اشترى أضحية بماله ولو كان امرأة، ولا يشمل النهي لمن كان وكيلاً عن غيره في ذبح الأضحية أو من يطبق وصية غيره فإن النهي لا يشمله، ويشمل النهي كذلك من وكل غيره فإنه ما دام أنه يريد أن يضحي فإن النهي متوجه إليه، ومن أراد الأضحية وأراد الحج أيضاً فعليه بأن يمسك عن أخذ الشعر والظفر وعند أداء نسك العمرة فيشرع له أن يأخذ من شعره ليتحلل فقط ويبقى ممسكاً حتى يذبح أضحيته على الراجح من أقوال أهل العلم، وصدق الله إذ يقول: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ}[سورة الحج: 30]، وقال سبحانه: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [سورة الحج: 32].

الوصية الثالثة: المبادرة إلى أداء الركن العظيم، وهو الحج إلى بيت الله الحرام فهو واجب على كل بالغ عاقل قادر، كما قال تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [سورة آل عمران: 97].

ومن فضل الله تعالى ورحمته وتيسيره أن الحج فَرْضٌ مرةً في العمر، لقوله صلى الله عليه و سلم:
«الحج مرةً، فمن زاد فتطوع» [صححه الألباني]. وقد ورد عن ابن عباس عن الفضل أو أحدهما عن الآخر قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «تعجلوا إلى الحج – يعني الفريضة – فإن أحدكم لا يدري ما يَعْرِضُ له» [صححه الألباني]، فالواجب على كل مسلم ومسلمة أن يبادر إلى أداء هذا الركن العظيم متى استطاع إلى ذلك سبيلاً، وعلى المستطيع من الآباء والأولياء العمل على حَجِّ من تحت ولايتهم من الأبناء والبنات وغيرهم، لعموم قوله صلى الله عليه و سلم: «كلكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رعيته» [رواه البخاري ومسلم].

ويتأكد ذلك في حق البنت قبل زواجها، لأن حجها قبل أن تتزوج سهل وميسور، بخلاف ما إذا تزوجت فقد يعتريها الحمل والإرضاع والتربية، ونحو ذلك من العوارض الطارئة. وليس للزوج أن يمنع زوجته من حجة الإسلام، لأنها واجبة بأصل الشرع، وينبغي للزوج إن كان قادراً أن يكون عوناً لزوجته على أداء فريضتها، ولا سيما من كان حديث عهد بالزواج، فيسهل مهمتها، إما بسفره معها، أو بالإذن لأحد إخوانها أو غيرهم من محارمها بالحج بها، وعليه أن يَخْلُفَها في حفظ الأولاد والعناية بالمنزل، فهو بذلك مأجور. وليتذكر عظيم الأجر المترتب على أداء الحج «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» [رواه البخاري].

الوصية الرابعة:

موجهة إلى من أراد أن يحج أو يعتمر وهي وصية رسول الله صلى الله عليه و سلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: «من حج فلم يَرْفُثْ ولم يَفْسُقْ رجع من ذنوبه كيومَ ولدته أمه» [أخرجه البخاري ومسلم]، وفي لفظ لمسلم: «من أتى هذا البيت فلم يَرْفُثْ ولم يَفْسُقْ رجع كما ولدته أمه» الحديث دليل على فضل الحج وعظيم ثوابه عند الله تعالى، وأن الحاج يرجع من حجه نقياً من الذنوب، طاهراً من الأدناس، كحاله يوم ولدته أمه، إذا تحقق له وصفان:

الأول: قوله: «فلم يَرْفُثْ» والرَّفَثُ – بفتح الراء والفاء -: ذِكْرُ الجماع ودواعيه إما إطلاقاً، وإما في حضرة النساء بالإفضاء إليهن بجماع أو مباشرة لشهوة.

الوصف الثاني: «ولم يَفْسُقْ» أي: ولم يخرج عن طاعة الله تعالى بفعل المعاصي، ومنها محظورات الإحرام، قال تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}[سورة البقرة: 197] والمعنى: فمن أوجب فيهن الحج على نفسه بأن أحرم به فليحترم ما التزم به من شعائر الله، وَلْيَنْتَهِ عن كل ما ينافي التجردَ لله تعالى وقَصْدَ بيته الحرام، فلا يرفث ولا يفسق ولا يخاصم أو ينازع في غير فائدة، لأن ذلك يخرج الحج عن الحكمة منه، وهي الخشوع لله تعالى والاشتغال بذكره ودعائه.

فالواجب على حجاج بيت الله الحرام أن يحرصوا على تحقيق أسباب هذه المغفرة الموعود بها، وأن يحذروا كل الحذر من الذنوب والمعاصي التي يتساهل بها كثير من الناس في زماننا هذا.

الوصية الخامسة:

مما يشرع في هذه العشر ذكر الله عز وجل وأعظم الذكر قراءة كتاب الله عز و جل، ومن السنة كذلك التكبير وهو مطلق ومقيد فأما المطلق فيبدأ من أول العشر في الأماكن العامة وفي الأسواق والبيوت وهناك تكبير مقيد يشرع بعد صلاة الفجر من يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق، وصفته: "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد". قيل لأحمد – رحمه الله -: "بأي حديث تذهب إلى أن التكبير من صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق؟"، قال: "بالإجماع: عمرَ وعليٍّ وابنِ عباس وابنِ مسعود رضي الله عنهم"، وعن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – قال: «غدونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من منى إلى عرفات منا الملبي ومنا المكبر» [أخرجه مسلم] ومثله ورد عن أنس رضي الله عنه متفق عليه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: "أصح الأقوال في التكبير الذي عليه جمهور السلف الفقهاء من الصحابة والأئمة أن يكبر من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق عقب كل صلاة".

الوصيةالسادسة:

ومن العبادات العظيمة في هذه العشر الصيام، ويدل عليه عموم الحديث بالحث على العمل في هذه العشر وأن له مزية عن غيره من الأيام، وقد جاء في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم صائماً العشر قط" أي أنه لم يصمها كلها كما قال الإمام أحمد وليس المراد أنه ما صامها مطلقاً وقد جاء في بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصوم هذه العشر ولكن ليس دائماً بدليل قول عائشة السابق.

الوصية السابعة:

ومن أعظم الأيام التي تصام في العشر هو اليوم التاسع يوم عرفة فقد جاء عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل عن صوم يوم عرفة، قال:«يكفر السنة الماضية والسنة القابلة» [أخرجه مسلم].

الحديث دليل على فضل صوم يوم عرفة وجزيل ثوابه عند الله تعالى حيث إن صيامه يكفر ذنوب سنتين. وإنما يستحب صيام يوم عرفة لأهل الأمصار، أما الحاج فلا يسن له صيامه، بل يفطر تأسياً بالنبي صلى الله عليه و سلم. فعلى المسلم المقيم أن يحرص على صيام هذا اليوم العظيم اغتناماً للأجر، وإذا وافق يوم عرفة يوم الجمعة فإنه يصام، وأما ما ورد من النهي عن إفراد يوم الجمعة في الصوم فإنما هو لذات يوم الجمعة، وأما يوم عرفة فإنما يُصام لهذا المعنى وافق جمعةً أو غيرها، فدل على أن الجمعة غير مقصودة.

والذنوب التي تكفَّر بصيام يوم عرفة هي الصغائر، وأما الكبائر كالزنا وأكل الربا والسحر وغير ذلك، فلا تكفرها الأعمال الصالحة بل لابد لها من توبة أو إقامة الحد فيما يتعلق به حد، وهذا قول الجمهور.

ومما جاء في فضل هذا اليوم ما جاء في صحيح مسلم عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة وإنه ليدنوا ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول ما أراد هؤلاء»، وعلى المسلم أن يحرص على الدعاء اغتناماً لفضله ورجاءً للإجابة، فإن دعاء الصائم مستجاب، وإذا دعا عند الإفطار فما أقرب الإجابة وما أحرى القبول!.

الوصية الثامنة:

هذه العشر فرصة للتوبة إلى الله وترك المعاصي وتجديد العهد مع الله يا مسلم يا عبد الله لا تفوت على نفسك الفرصة فهذه الأيام هي من أفضل أيام عمرك، جاهد نفسك على اغتنام الأوقات في الأعمال الصالحة والبعد عن كل ما يغضب الله ولا تكن من المحرومين الخاسرين الذين يتلاعب بهم الشيطان ويضيع عليه أغلى أوقات العمر، وهي مواسم الطاعات، اللهم وفقنا لما تحب وترضى، وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

الوصية التاسعة:

فيما يتعلق بيوم العيد من أحكام. ورد في الحديث عن عبد الله بن قُرْطٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم: «إن أعظم الأيام عند الله تعالى يوم النحر ثم يوم القَرِّ» [أخرجه أبو داود بإسناد جيد]، والحديث دليل على فضل يوم النحر وأنه أعظم الأيام عند الله تعالى وهو يوم الحج الأكبر، كما قال النبي صلى الله عليه و سلم: «يوم الحج الأكبر يوم النحر» [أخرجه أبو داود بسند صحيح]. وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «يومُ عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق، عيدنا أهلُ الإسلام…» [أخرجه أصحاب السنن إلا ابن ماجة بإسناد صحيح]، وعيد النحر أفضل من عيد الفطر، لأن عيد النحر فيه الصلاة والذبح، وذلك فيه الصدقة والصلاة، والنحر أفضل من الصدقة، كما أن يوم النحر يجتمع فيه شرف المكان والزمان لأهل الموسم.

وفي هذا اليوم وظائف نرتبها كما يلي:

أولاً: الخروج إلى مصلى العيد على أحسن هيئة، متزيناً بما يباح، تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا يترك التنظف والتزين حتى يذبح أضحيته، كما يفعله بعض الناس، ويبكر إلى المصلى، ليحصل له الدنو من الإمام، وفضل انتظار الصلاة.

ثانياً: يسن التكبير في طريقه إلى المصلى حتى يخرج الإمام للصلاة، وإذا شرع الإمام في الخطبة ترك التكبير، إلا إذا كبر فيكبر معه.

ثالثاً: تسن مخالفة الطريق، وهو أن يذهب من طريق ويرجع من آخر، لما ورد عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق» [أخرجه البخاري].

رابعاً: يسن في عيد الأضحى ألا يأكل شيئاً حتى يصلي، لما ورد عن عبد الله ابن بريدة عن أبيه قال: «كان النبي صلى الله عليه و سلم لا يخرج يوم الفطر حتى يَطْعَمَ، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي» [أخرجه الترمذي].

خامساً: صلاة العيد واجبة على كل مسلم ومسلمة على الصحيح من أقوال أهل العلم وليحرص المسلم على أدائها، وينبغي حث الأولاد على حضورها، حتى الصبيان، إظهاراً لشعائر الإسلام.

سادساً: بعد الصلاة والخطبة يذبح أضحيته بيده إن كان يحسن الذبح، ويأكل منها، ويهدي للأقارب والجيران، ويتصدق على الفقراء، ويجوز ادخار لحوم الأضاحي.

ولا تجوز الاستهانة بلحوم الأضاحي أو رَمْيُ ما يحتاج منها إلى تنظيف بحجة مشقة تنظيفه، بل من تمام الشكر الاستفادة منها كلِّها أو إعطائها من يستفيد منها ولو كلف ذلك جهداً.

سابعاً: لا بأس بالتهنئة بالعيد، و أحسن الصيغ ما ثبت عن الصحابة أنهم كانوا يهنئ بعضهم بعضا بقولهم تقبل الله منا و منكم.

الوصية العاشرة:

أيها المسلم يا عبد الله إن من علامة توفيق الله لك أن توفق للعمل الصالح فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: «إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله»، قالوا يا رسول الله: "وكيف يستعمله؟"، قال: «يوفقه لعمل صالح قبل موته»، وجاء أيضا في الحديث عنه صلى الله عليه و سلم: عن أبي بكرة أن رجلا قال: "يا رسول الله أي الناس خير؟"، قال: «من طال عمره وحسن عمله»، قيل: "فأي الناس شر؟"، قال: «من طال عمره وساء عمله».

اللهم أحسن ختامنا وأحسن عملنا يا أرحم الراحمين.

منقول




شكرا جزيلا لك.




بارك الله فيك




بوركت بما قدمت وجعله الله فى ميزان حسناتك
تقبل مرورى




بارك الله بقولك وعملك الطيب جزاك الله عنا




بارك الله فيك