إصلاح السريرة
لأبي جهاد الجزائري بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله فهذه كلمات انتقيتها من كتاب "روضة العقلاء ونزهة الفضلاء" للحافظ ابن حبان رحمه الله سائلا الله الإخلاص في القول والعمل . قال الحافظ رحمه الله أول شعب العقل هو لزوم تقوى الله، وإصلاح السريرة، لأن من صَلُح جُوّانيه أصلح الله بَرّانيه، ومن فَسد جُوَّانيه أفسد الله برانيه.
ولقد أحسن الذي يقول: إذا ما خلوتَ الدهر يوماً فلا تَقُلْ … خلوتُ، ولكن قُل: عليّ رقيبُ ولا تحسبنَّ يغفُل ساعة … ولا أنَّ ما يَخْفيَ عليه يغيبُ ألم تر أنَّ اليوم أسرع ذاهبٍ … وأنَّ غداً للناظرين قريبُ؟
قال مالك بن دينار اتخذْ طاعة الله تجارة تأتك الأرباح من غير بضاعة. قال أبو حاتم: قطبُ الطاعات للمرءِ في الدنيا: هو إصلاح السرائر، وترك إفساد الضمائر. والواجب على العاقل الاهتمام بإصلاح سريرته، والقيام بحراسة قلبه عند إقباله وأدباره، وحركته وسكونه؛ لأن تكدُّر الأوقات وتنغُّص اللذات لا يكون إلا عند فساده. ولو لم يكن لإصلاح السرائر سبب يؤدي العاقلَ إلى استعماله إلا إظهار الله عليه كيفية سريرته، خيراً كان أو شراً، لكان الواجبُ عليه قلةِ الإغضاء عن تعاهدها.
أنشدني عبد العزيز سليمان الأبرش: يُلبس اللهُ في العلانية العب … دَ الذي كان يَخْتفي في السريرهْ حسناً كان، أو قبيحاً سَيُبْدَى … كلُّ ما كان ثَمَّ من كلَّ سيِرهْ فاستحِ من اللهِ أن تُرائِيَ للن … اس فإنَّ الرياء بئسَ الذَّخيرهْ أنشدني محمد بن مبد الله بن زنجي البغدادي: وأنشدني المنتصر بن بلال بن المنتصر الأنصاري: أخبرنا أحمد بن الحسين بن عبد الجبار الصوفي ببغداد حدثنا أبو نصر التمار حدثنا أبو الأشهب عن خالد الربعي قال كان لقمان عبداً حبشياً نجارا، فأمره سيده أن يذبح شاة، فذبح شاة، فقال: أئتني بأطيب مُضْغَتين في الشاة، فأتاه باللسان والقلب، ثم مكث أياما، فقال: اذبح شاة، فذبح، فقال: ائتني بأخبث مضغتين في الشاة، فألقى إليه اللسان والقلب، فقال له سيده: قلت لك حين ذبحت ائتني بأطيب مضغتين في الشاه، فأتيتني باللسان والقلب، ثم قلت لك الآن حين ذبحت الشاة: ائتني بأخبث مضغتين في الشاة، فألقيت اللسان والقلب؟ فقال: إنه لا أطيب منها إذا طابا، ولا أخبث منهما إذا خَبُثا.
وأنشدني منصور بن محمد الكُرَيْزي: وما المرء إلا قلبُه ولسانهُ … إذا حصلت أخبارُهُ ومَدَاخله إذا ما رِداءُ لم يَكُ ظاهراً … فهيهات أن يُنقِيه بالماء غاسلُه وما كلُّ من تخشى ينالُك شَرُّه … وما كلُّ ما أمَّلْتَه أنتَ نائُله أنشدني علي بن محمد البسامي:
وأنشدني عبد العزيز بن سليمان الأبرش: ولقد أحسن الذي يقول: وأنشدني منصور بن محمد الكُرْيزي: وأنشدني محمد بن إسحاق بن حبيب الوسطي:
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
|
||