تحية طتحية طتحية طتحية ط
زيدان الذي يفتخر أهله وسكان قرية أقمون ببجاية بجزائريته وأعماله الخيرية الإنسانية المقدّمة للجزائر بمناسبة أو بدونها، ليس إلا الجزء الظاهر من جبل الجليد الذي يخفي ”زخما” هائلا من الرياضيين واللاعبين الجزائريين الذين حملوا، لأسباب مختلفة، الألوان الفرنسية وأبلوا البلاء الحسن في صنع مجدها الرياضي•
وكان غالبية هؤلاء الجزائريين اضطروا للدفاع عن الألوان الفرنسية وبأسماء فرنسية بسبب وجود البلد (الجزائر) تحت نير الإستعمار الفرنسي، بينما دفع لامبالاة المسؤولين الجزائريين وعدم اهتمامهم بِطاقاتهم إلى تغيير ”الموقع” خلال الفترة التي أعقبت استقلال البلد عام1962 وبالتحديد خلال عقد التسعينيات•
ولعل أبرزهم في هذا السياق عداء الماراطون ” الوافي بوقرة ” الذي حل في المركز السابع في أولمبياد باريس العام 1924 قبل أن يحرز إنجازا تاريخيا أربع سنوات بعد ذلك -وبالضبط في أولمبياد أمستردام 1928 – بحصوله على الميدالية الذهبية في الماراطون بعد نجاحه في تجاوز تسعة عدائين في الكيلومترات السبعة الأخيرة•
ولم تمر سنوات حتى عاد الفرنسيون ذو الأصل الجزائري إلى مسرح الأحداث، وتألق الجزائري ” ألان ميمون ”، واسمه الحقيقي عكاشة بشكل لافت بالألعاب الأولمبية لعام 1956 محرزا الميدالية الذهبية لمسابقة الماراطون• ثم أحرز بطولة العالم للمنافسة سنوات 49 و50 و1956، غير أن الذي حدث لاحقا أن ميمون تنكّر، غير مأسوف عليه، لأصله ووطنه•
ونجح العداء صالح بضياف بإضافة اسمه ضمن لائحة المتوّجين ”باسم فرنسا” على رغم مجيئه إلى عالم الرياضة والعدو الريفي تحديدا بالصدفة•• والصدفة وحدها هي جعلت منه اسما في عالم الرياضة الفرنسية• تقول التقارير أن بضياف سافر في العام 1950 إلى مدينة مرسيليا الساحلية بحثا عن لقمة العيش فاشتغل بنّاءً، لكنه ما لبث أن أدرك أن مواهبه ليست في إعلاء أساس البناء ولا بتبليط الأرضية، إنما في الرياضة وبالتحديد في ألعاب القوى، فتحول إلى عداء اشتهر بإحرازه في العام 1959 ذهبية مسابقة عشرة 10 آلاف متر متقدما العداء ”المتنكر لجزائريته” آلان ميمون• وخلال نفس الموسم، حلّ في المركز الثالث في أول سباق فرنسي للعدو الريفي الدولي (يعادل بطولة العام حاليا)•
في غضون ذلك كان العداء الجزائري الأصل علي براكشي يصنع الحدث في اختصاص القفز الطويل الذي برز فيه بشكل جعل منه خلال عقدي الخمسينيات والستينيات أحد أفضل الإختصاصيين فيه• فقد أحرز لقب البطولة الفرنسية في اختصاصه أربع مرات وحطم الرقم القياسي في عام 1960 قبل أن يضع حدا ”لولائه” لفرنسا بتحوله إلى الجزائر بعد الإستقلال وحمل الألوان الوطنية خلال تظاهرة ”ألعاب الأخوة” التي أقيمت العام 1963 بداكار السينغالية محرزا ذهبية الإختصاص هي الأولى في تاريخ ألعاب القوى للجزائر المستقلة في هذا الاختصاص•
نجحت ”’ هند نايكو ”’ خلال تربص نظّم بجزر موريس في إحراز نتيجة غير متوقعة بقفزها علو 60,1 متر قبل أن ”تقفز” إلى قلب العداء الموريسي (في نفس الإختصاص) ”خالراج نايكو” لترتبط معه لاحقا ارتباطا شرعيا•
شريف حامية•• ”أمير الحلبة”
وفي الفن النبيل يبقى الجزائري الأصل شريف حامية أحد أبرز ما أنجبت الحلبة ”الفرنسية” خلال الخمسينيات إلى حد وصفه بـ”أمير الحلبة”• فقد توج تحت المظلة الفرنسية بلقب البطولة الجزائرية (بالعهد الإستعماري) وشمال إفريقيا قبل أن يضطر إلى حمل الألوان الفرنسية بالبطولة الأوروبية بفرسوفيا البولندية، قبل أن يخطف الأضواء في العام 57 بباريس من خلال تتويجه باللقب العالمي بوزن الريشة متفوقا على منافسه البلجيكي جون سيتر بالنقاط• وبعد استقلال الجزائر انضم شريف حامية إلى قافلة مُشيّدي الحركة الرياضية للجزائر الحديثة وكلّف بترقية رياضة الفن النبيل على مستوى شركة سوناطراك بين سنتي 69 و74 قبل أن يتولى الإشراف على المغتربين الجزائريين بين عامي 74 و.1978 ولم يكن حامية وحده نجم الحلبة، وإن كان أميرها بلا منازع، فقد كان إلى جانبه عبد القادر ولد مـخلوفي الذي اعتبر أحد أفضل نجوم الحلبة وأحد أفضل من مثّل فرنسا ببطولة العالم بطوكيو•
وقبلهما بسنوات سطع نجم ملاكمين جزائريين بالألوان الفرنسية بالساحتين الفرنسية والأوروبية على غرار يوسف بن تيفور المدعو ”عمر الأسود”، و عمر محبوب المدعو ”بوب عمر” و عمر قويدري الذي أسال، في إحدى المناسبات، العرق البارد للملاكم الشهير مارسيل سيردان•
ونجح الملاكم حسين خالفي في بطولة عالمية بالإطاحة بالملاكم الفرنسي ”سالادار” الذي لم يكن سوى أحد أفضل الملاكمين الفرنسيين بعد مارسيل سييردان، قبل أن يطيح به بالنقاط في العام 57 زميله هواري فوديح الذي توج بلقب البطولة الفرنسية في الوزن الخفيف•
وخلال الثمانينيات اكتشف الفرنسيون الملاكم الجزائري الأصل ناصر نفروش الذي توج بقلب بطولة فرنسا العام 86 فاستدعي لحمل الألوان الفرنسية في صنف الأواسط في 32 منازلة فاز في 27 وانهزم في خمس منازلات، وكذا إبراهيم أسلوم المتوج بذهبية الألعاب الأولمبية في سيدني العام .2000
وفي رياضة الجيدو يشار بالبنان للجزائري الأصل الفرنسي ال***ية الجيدوكا جمال بوراس الذي توج قبل سنوات قليلة باللقب العالمي باختصاصه مانحا فرنسا مكانا تحت الشمس•
مخلوفي زيدان ودحلب•• ثلاثي من ذهب
ربما كان اشتراك هؤلاء برياضات أقل شعبية حجبت عنهم العالمية رغم بلائهم البلاء الحسن بالدفاع عن ”جزائريتهم” تحت المظلة الفرنسية، بخلاف نجوم كرة القدم الذين كان لهم وحدهم فصل مهم من فصول ”صناعة الفرح” لفرنسا ابتدأ منذ الخمسينيات من القرن الماضي ولم ينته إلى اليوم•
وكان لاعبو فريق ”جبهة التحرير الوطني” أبرز مثل حين ترك في العام 1957 جزائريون مفعمون بالروح الجزائرية والموهبة الكروية العالية مجدا وتاريخا كبيرين مع الكرة الفرنسية والتحقوا بتونس، حيث أنشئ فريق الجبهة•
كان بين هؤلاء فيرود (سبع مشاركات مع المنتخب الفرنسي بين سنتي1952/51) وإبرير (ست مشاركات بين 49 / 50) و بن تيفور (أربع مشاركات من 52 إلى 1957) و ميهوبي (مشاركة واحدة عام 53) و ابراهيمي (مشاركة واحدة 1957) وزيتوني (أربع مشاركات من 1958/57) فضلا عن لاعبين آخرين على غرار عريبي وكرمالي وبخلوفي وشابي وبوتوك وبوتال ودفنون ووجاني وستاتي ومعزوزة وزوبا وبن فضة•
غير أن أبرزهم على الإطلاق يبقى نجم الفريق والكرة الجزائرية ونادي سانت إيتيان الفرنسي " رشيد مخلوفي " الذي لعب للمنتخب الفرنسي في أربع مباريات لم يخسر في واحدة منها كما قال لي، وكان ضمن التشكيلة الأساسية التي اختيرت للدفاع عن المنتخب الفرنسي بمونديال السويد العام 58 قبل أن يقرر الفرار والإلتحاق بمنتخب ”الجبهة” بتونس• وقد ترك فرار مخلوفي مع زملائه فراغا كبيرا للمنتخب الفرنسي بشكل دفع المدرب الفرنسي آنذاك إلى القول بأن فريقه كان يمكنه إحراز كأس العالم الذي توج به المنتخب البرازيلي لولا خسارته لنجومه الجزائريين•
وبعد استقلال الجزائر واصل الجزائريون عطاءهم بالملاعب الفرنسية ”خدمة” للأندية الفرنسية التي صنعوا أفراحها لفترة من الزمن، كان أبرزهم على الإطلاق الثنائي مصطفى دحلب وزين الدين زيدان•
فالأول أو ”موموس” كما تلقبه الصحافة الفرنسية، كان نجما حقيقيا لنادي العاصمة الباريسية الكبير ”سان جيرمان” وكان معبود الجماهير به منذ قدومه إليه عام 74 من نادي سيدان وحتى اعتزاله في العام .84 فقد أتاحت له فنياته العالية في المراوغة ومداعبة الكرة ”احتلال” حيّز بقلوب جماهير النادي الذين لم يبخلوا عليه بتشجيعاتهم•
وغداة اعتزاله طالب بعض مشجعي الفريق إقامة تمثال له أمام ملعب حظيرة الأمراء تكريما له واعترافا له بإنجازاته• ومع كل الإغراءات التي تلقاها لأجل تجنيسه بهدف حمل الألوان الفرنسية، إلا أنه ظل مرتبطا بالجزائر فلعب مونديال إسبانيا 82 وكان أحد نجومه•
وكان الرئيس الفرنسي جاك شيراك أهداه، قبل سنوات، وسام شرف عالٍ نظير الخدمات الجليلة التي قدمها طيلة ثلاثين عاما للكرة الفرنسية -والباريسية تحديدا- التي أهدى فريقها ”سان جيرمان” كأس فرنسا مرتين في 82 و.83 واختير في استفتاء لجمهور النادي الباريسي العام الماضي كأحد أفضل اللاعبين الذين حملوا قميص ”بي• أس• جي” خلال الثلاثين عاما الأخيرة•
بينما يبقى زين الدين يزيد زيدان أو ”زيزو” كما تسميه الصحافة الفرنسية، عصارة الإبداع الكروي الجزائري بالملاعب الفرنسية وأفضلهم تتويجا وشهرة ومجدا لا يضاهيه آخر ابتدئ منذ أواسط التسعينيات وتألق بكأس العالم الذي نظمته فرنسا سنة 1998 وربما أعاد الكرة ببرلين (أمس) بعد أن توّج بالكأس الأوروبية عام 2000 وقبلها توّج ثلاث مرات كأفضل لاعب بالعالم وغيرها من الألقاب والتتويجات الشخصية والإشادات بموهبته ومهارته التي تهاطلت عليه من نجوم اللعبة يتقدمهم عظماؤها بيلي ومارادونا وكرويف وبيكنباور وبلاتيني ودي ستيفانو، مما جعل منه أسطورة للكرة الفرنسية أفضل لاعب في تاريخ الكرة الفرنسية حسب الصحافة الفرنسية•
هذا حال فرنسا مع هؤلاء النجوم الجزائريين، وربما طلع غدا نجم آخر في مثل قامة هؤلاء النجوم والأساطير•• لكن هل تعترف فرنسا يوما أن للجزائر فضل عليها لا يمحى بجرة قلم؟