السـلام عليكم و رحمة الله و بركاته
للحكايات وظيفة تربوية أساسية ومهمة , كونها تساعد الطفل على فهم العالم الذي يحيط به وتحاول تنمية خياله..
إن الحكاية تبسط المواقف أمام الطفل , وتقول للطفل أن الصراع ومقابلة الصعاب ضروريان في الحياة , ولا يمكن تجنبهما , مع اعطائه الأمل في الفوز..
لكن يجب أولا معرفة كيف نختار الحكاية التي تروى للطفل ,
لذا لا بد من اللجوء للأساليب التالية:
الاختيار,الواقع والخيال , حيوان الحكايات , فن السرد..
1- الإختيار_
يجب اختيار الحكاية التي تناسب سن الطفل مع مراعاة حساسيته الزائدة..
_ يجب تجنب العنف (القسوة , الغيلان , كل ما هو وحشي ومخيف للطفل). كذلك يجب تجنب الألفاظ السوقية ..و باختصار علينا تجنب كل ما يمكن أن يقلق الطفل , مع مراعاة تغير المضمون والشكل بحيث يتناسب مع سن الطفل..
_ يشمل الاختيار ايضا وقت الحكاية,, واختيار الشكل: كيف يمكننا روايتها ؟ وكذلك الصوت والحركة والتعبيرات , وبداية ونهاية الحكاية, حيث أن الصوت يجب ان يكون معبرا , رقيقا , أليفا ,حزينا ..قاسيا او جامدا تبعا للموقف..
_ لا بد من اختيار الكلمات المعبرة والتعبيرات المصورة الشاعرية والغامضة أحيانا , والهدف من ذلك هو الجمع بين الواقع والخيال,, حيث يمكن أن نجد الواقع في ال***فة والخيال..
2- الواقع والخيال
بتنمية هذين الوجهين للإنسان نساعد الطفل على حفظ توازنه
"احك لي حكاية حقيقية".. هذا ما يطلبه الطفل..لأن تقارب الأحداث مع الواقع يسعده..
كما أن الحلم (العالم الداخلي الخاص) يساعد الانسان على التغلب على سلبية وقسوة الواقع..هذا العالم الخاص اذا كان غنيا يساعد الطفل ويمنحه الثقة والسعادة في أكثر اللحظات صعوبة..
ولكن,, كيف نجمع بين الخيال والواقع؟؟
يجب أن نشير هنا الى اهمية وجود الواقع الذي يحدثنا عن حقيقتنا .. وكذلك الخيال الذي يمكننا من الهروب من هذا الواقع في عالم الطفل..
ومن الضروري أيضا ان نختار حكايات مألوفة , بمعنى انها ترتبط بالحياة اليومية العادية حيث تختلط الحيوانات بالانسان وتساعده وتعاونه..
3- حيوان الحكايات :
نجد في رياض الاطفال ان حكايات الحيوان أكثرها طلبا , حيث يعجب بها الطفل في هذا السن .. ففي اعماق الطفل لا يوجد فرق بين الحيوان والانسان.. فالحيوان في الحكايات يتكلم ويتحرك مثل الانسان ..
ولان الحجم بالنسبة للطفل هو الذي يدل على السن فهو يضع نفسه ضمن مجموعة الحيوانات الضعيفة التي لا تنفذ الاوامر ولا تطيع : الحمل .. العنزة..الغزالة..هذه المخلوقات الصغيرة تتناقض مع المخلوقات الشريرة : الذئب .. العملاق .. الغيلان .. او اي حيوان ضخم يوحي بالتهديد بالالتهام او القيام بالاعمال الشريرة..
ان الذئب هو الحيوان المعتدي دائما .. وهو الذي يخيف الطفل للونه الرمادي او الاسود وبسبب العلامات المخيفة .. مثل الفم الكبير والاسنان والمخالب..
الطفل اذا يتقمص شخصية الحيوان الضعيف الصغير .. كما ان حاجته للامان تجعله يحدد موقفه في هذا العالم .. فهو يستطيع ان يسحق (النمل) لكنه يخشى ان يعقره الكلب الكبير..
وفي الحكايات كائنات ومخلوقات ***فية لها شكل ومشاعر ادمية (سحرة .. عمالقة .. اقزام .. جان ) تحتاج الى دراسة وافية لانها قد تشكل خطرا على اطفالنا الصغار اذا لم تستخدم بوعي وذكاء..
وحين تأخذ الحكايات من الاصل او المنبع تكون اكثر قربا من خيال الطفل.. فالحيوانات الاليفة تكون في صحبة الحيوانات المفترسة والانسان وكل شيء يكون أقرب الى الطبيعة ويشبه أكثر المجتمع الانساني..
وتعرض الحكايات للطفل صورا للمجتمعات المختلفة , حيث نجد شخصيات متنوعة ومتعددة وهناك نقد موجه للحكايات لانها تمثل وجهة نظر رجعية وتصور مجتمعا متجمدا بنظمه ومؤسساته .. هذا النقد ينطبق على جميع الحكايات التي تصور مجتمعات قديمة.. لذلك برزت اهمية اخذ الحكايات من المنبع وكتابتها كما هي .. وكما تروى شفاهة او عبر الادب الشعبي حيث يكون المجتمع أقرب الى الحياة الشعبية التي يعيش فيها معظم الاطفال .. انها مجتمعات يألفونها ويعرفونها..
ان الطفل يعيش في عالم الحكاية بخياله ويندمج مع الاحداث ويرتبط بالبطل او البطلة ..
وتسمح كلمات الحكاية بجنوح الخيال للحصول على الاميرة والتغلب على ظلمات الليالي والتوصل الى القدرة السحرية بعبور الحوائط واجتياز الممنوع..
ويعطينا الخيال الحق في ان نكون شخصا آخر ..
ان الطفل غالبا ما يندمج ويتلاشى في صور خياله .. ويعتقد احد علماء النفس بأن هذا يعد عاملا غير صحي لأنه يسهم في أن ينفصل الطفل عن عالم الحقيقة .. ويجعله عبدا لخياله , كما ان الطفل الصغير يحتاج الى ان يستيقظ من خياله ليعيش الحقيقة والواقع .. واقع الاشخاص والكلمات والاشياء..
وتتكون الحكايات من انماط اصلية تجمع بين الواقع والخيال .. فكل طفل يحمل في اعماقه عند ميلاده صورا ونماذج تتحدد من خلالها علاقته بالعالم المحيط به.
ويكون الطفل دائما مستعدا لاثارة واستقبال اي شيء وتلمس الحكاية فيه ما نستطيع أن نسميه (عالمية الخيال ) .. فهي تعتمد على رد الفعل القوي عند الانسان وتتناول مواضيع متغلغلة في الجذور .. وهي مواضيع بدائية أصبحت أنماطا أصلية للجنس البشري ..
يجب اذا اختيار الحكايات التي تناسب مراحل نمو الطفل والمشكلات النفسية التي يتعرض لها .. وتكون الحكايات حقيقية من حيث كونها رموزا لاحداث او مشكلات نفسية .. فهي تخبرنا بما سنتعرض له من صعاب .. والجهد الذي يجب ان نبذله..
دمتم سالميــن