التصنيفات
اسلاميات عامة

النهي عن التشبه بالكفار في اللباس


قال عليه الصلاة السلام: (كُلْ ما شئتَ، والبسْ ما شئتَ، ما جاوزك سرف ومخيلة)، فكلْ ما شئتَ، والبسْ ما شئتَ؛
لكن بشرط واحد: لا تضيِّع شخصيتك المسلمة بأن تَنْماعَ في مظهرك متشبهاً بشعب من الشعوب أو أمة من الأمم الأخرى التي لا تؤمن بالله ورسوله؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن التشبه بالكفار، وهذه الناحية -مع الأسف الشديد- مما تعرَّى منه جمهور المسلمين اليوم، فلا يكادون يقيمون وزناً لمثل هذا البحث من الناحية الفكرية العلمية، فلا تجد خطيباً، ولا واعظاً، ولا مرشداً، ولا مؤلفاً يؤلف ولو بطريق المرور سريعاً، فيكتب في تبليغ الناس عن هذه الظاهرة التي انتشرت بين المسلمين، وهي إعراضهم عن تقاليد آبائهم وأجدادهم وأزيائهم إلى تقليدهم لأزياء الكفار. وأصبح هذا مع الأسف الشديد دَيْدَن شباب اليوم! فأي موضة تأتيهم فإنهم لا يدخلون فيها أي تغيير أو تبديل، ولو أنهم حرصوا على الشرع مثل هذا الحرص في عدم التغيير والتبديل لكانوا منصورين على أعدائهم الكافرين.
أنا يؤسفني جداً أن أدخل المسجد وأجد فيه شباباً مسلمين يصلون، وبعضهم ممن تبنوا دعوة الكتاب والسنة، فيصلي أمامي فأتعجب! هل هذا مسلم يصلي أم أنه رجل منافق يصلي؟! لِمَ؟! لأنه يلبس لباس الكفار، فما يسمونه بالبنطلون يَعَضُّ على فخِذَيه وعلى إلْيَتَيه عضاً، وربما إذا سجد ظهر لِمَن خلفه ما بينهما، هل هذا هو اللباس الإسلامي يا جماعة؟! حاشا لله عز وجل! لكن هذا هو التقليد، كان هناك تقليد نشكو منه كثيراً وكثيراً، وإذا بنا نبتلى بتقليد أفظع منه؛ لأن ذلك كيفما كان فنحن نقلد مسلمين ونقلد أئمة في الدين؛ لكن الإسلام يريدنا أن نأخذ الدين مباشرة من الرسول صلى الله عليه وسلم، فما بالنا اليوم نقلد أئمة الكافرين الذين يضعون هذه النظم في اللباس، سواءً للنساء أو للرجال أو للشباب، فالذي يأتينا نقبله دون أي بحث أو سؤال أو تفتيش؟! والحق أقول: أنا لا أعتقد أن الأمة المسلمة -ولا أريد التعميم على مائة مليون مسلم، فهذا مستحيل، وإنما نخبة منهم- لا يمكن أبداً أن تعود إليهم العزة بالإسلام وهم على هذا الوضع الذي يعيشون فيه!!
وكثيرٌ من الكتاب الإسلاميين اليوم ومن المحاضرين وأمثالهم يصرِّحون بأن هذه القضايا التي جعلها الإسلام مبادئ وقواعد؛ مثل: (مَنْ تشبَّه بقوم فهو منهم)، يقولون: هذه مسائل تافهة، وهذه أمور تعتبر من القشور! نحن لا بد أن نشتغل الآن باللباب!! وليتهم يشتغلون باللباب؛ لأن الذي لا يحافظ على القشر لا يمكن أن يحافظ على اللباب؛ لأن ربنا عز وجل بحكمته كما حصَّن لباباً مادياً ببعض القشور المتنوعة، كذلك أيضاً حصَّن لباباً روحياً معنوياً بأمور أخرى يسميها هؤلاء بالقشور، ونحن نسميها بمثل ما قال الله في الحديث القدسي: (ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به… إلخ) . لذلك فإن الأمة المسلمة الحية لا يمكن أبداً أن تكون مسلمة في قلبها، وغير مسلمة في قالبها، لأن الإسلام كلٌّ لا يتجزأ أبداً.

مفرغة من شريط ( الالبسة والازياء في الاسلام )
لفظيلة الشيخ الألباني رحمه الله




جزاكم الله خيرا
كإضافة:
حرمة التشبه بالكفار




بارك لله فيك

وجعلك دخراا للمنتدى بمواضيعك




اللهم اهدهم واهدينا شكرا لك ننتضر جديدك




جزاك الله كل خير




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




شكراااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااا




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

حرمة التشبه بالكفار

حرمة التشبه بالكفار

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

من مقاصد الشريعة الإسلامية المطهرة : أن يكون المسلم متميزا عن جميع الكفرة والفجار في عقيدته وأخلاقه وسلوكه وتفكيره، بل وفي مظهره ولغته أيضاً، وقطع جميع علائق المحبة والولاء والنصرة لكل كافر بالله ورسوله، وقد تكاثرت الدلائل الشرعية نصية واستنباطية مؤكدة هذا الأصل الإسلامي، محذرة من نقضه أو التساهل به، عن طريق المحاكاة والتشبه بالذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ، فقال الله – عز وجل: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ وقال سبحانه: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ وقال جل وعلا: ﴿وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ وقال جل وتقدس: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ والآيات في هذا المعنى كثيرة معلومة . وقال عليه الصلاة والسلام لما رأى على عبد الله بن عمرو بن العاص ثوبين معصفرين : «إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها» خرجه مسلم في (صحيحه)، وثبت في (الصحيحين) «أن النبي – صلى الله عليه وسلم – خالف أهل الكتاب في سدل الشعر» . وقال عليه الصلاة والسلام : «خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب» أخرجاه في (الصحيحين).

والأحاديث والآثار عن السلف الصالح في هذا الأمر كثيرة مشهورة.

ومما تقدم يعلم أن المرء لا يكون عاملا بحقيقة الإسلام حتى يكون ظاهره وباطنه موافقا لأمر الله ورسوله ، فيكون ولاؤه لله ولرسوله ولإخوانه المؤمنين ، كما قال الله سبحانه : ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ويجب على المؤمن البراءة من الكفر وأهله، سواء كانوا من النصارى أو اليهود أو المجوس أو الملحدين أو غيرهم من سائر الملل والنحل المخالفة للإسلام.

ومن أجل المحافظة على الأصل المتقدم لدى المسلم وصيانة لإسلامه من الزيغ والانحراف، جاءت النصوص الشرعية بتحريم التشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم في الأقوال والأفعال والألبسة والهيئة العامة؛ لما في ذلك من الخطر على عقيدة المسلم، وخشية أن يجره ذلك إلى استحسان ما هم عليه من الكفر والضلال، فقال عليه الصلاة والسلام: «بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له ، وجعل رزقي تحت ظل رمحي ، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري ، ومن تشبه بقوم فهو منهم » رواه الإمام أحمد وغيره بسند جيد، وقال عليه الصلاة والسلام: «ليس منا من تشبه بغيرنا ، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى » حديث حسن ، رواه الترمذي وغيره.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – مبينا حكمة الشريعة في تحريم التشبه بالكفار، ووجوب مخالفتهم في الأمور الظاهرة؛ كالألبسة ونحوها:

(وقد بعث الله محمدا – صلى الله عليه وسلم – بالحكمة التي هي سنته، وهي الشرعة والمنهاج الذي شرعه له، فكان من هذه الحكمة: أن شرع له من الأعمال والأقوال ما يباين سبيل المغضوب عليهم والضالين، فأمر بمخالفتهم في الهدي الظاهر -وإن لم يظهر لكثير من الخلق في ذلك مفسدة- لأمور:

منها : أن المشاركة في الهدي الظاهر تورث تناسبا وتشاكلا بين المتشابهين، يقود إلى موافقة ما في الأخلاق والأعمال، وهذا أمر محسوس، فإن اللابس لثياب الجند المقاتلة مثلا يجد من نفسه نوع تخلق بأخلاقهم، ويصير طبعه متقاضيا لذلك، إلا أن يمنعه مانع.

ومنها : أن المخالفة في الهدي الظاهر توجب مباينة ومفارقة، توجب الانقطاع عن موجبات الغضب وأسباب الضلال، والانعطاف على أهل الهدى والرضوان، وتحقق ما قطع الله من الموالاة بين جنده المفلحين وأعدائه الخاسرين.

وكلما كان القلب أتم حياة وأعرف بالإسلام الذي هو الإسلام – لست أعني مجرد التوسم به ظاهرا أو باطنا بمجرد الاعتقادات، من حيث الجملة – كان إحساسه بمفارقة اليهود والنصارى باطنا وظاهرا أتم، وبعده عن أخلاقهم الموجودة في بعض المسلمين أشد.

ومنها : أن مشاركتهم في الهدي الظاهر توجب الاختلاط الظاهر، حتى يرتفع التميز ظاهرا بين المهديين المرضين، ومن المغضوب عليهم والضالين، إلى غير ذلك من الأسباب الحكمية.

هذا إذا لم يكن ذلك الهدي الظاهر إلا مباحا محضا، لو تجرد عن مشابهتهم، فأما إن كان من موجبات كفرهم كان شعبة من شعب الكفر، فموافقتهم فيه موافقة في نوع من أنواع معاصيهم ، فهذا أصل ينبغي أن يتفطن له) اهـ.

وبناء على ما تقدم فمما لا شك فيه أن من مظاهر الولاء للكفار:

التشبه بهم، وارتداء ملابس تحمل شعاراتهم؛ كالصليب ونحوه، والعناية بصورهم، وتشجيع أنديتهم الرياضية، وتعليقأعلامهم على السيارات والبيوتات والمحال التجارية، والتسمي بأسمائهم الخاصة بهم، والدعوة إلى محبتهم وصداقتهم، والافتخار بالانتساب إليهم، وإلى رؤسائهم وأعيانهم، والانبهار بأهوائهم وأفكارهم المخالفة للإسلام . . إلى آخر تلك المحن والبلايا التي وقع فيها كثير من المنتسبين للإسلام، وما دروا أنهم بصنيعهم هذا يهدمون أصلا من أصول الإسلام في أنفسهم وفي نفوس المسلمين، ويزيدون الأمة وهنا على وهن، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

والواجب على جميع المسلمين التمسك بهدي الإسلام المستقيم، والحذر من الانحراف عنه إلى طريق المغضوب عليهم والضالين، من اليهود والنصارى وسائر المشركين، والتواصي بالبر والتقوى، وكل ما فيه خير وعز للإسلام والمسلمين، وترك كل ما فيه ضرر على المسلمين والإعانة عليه، وترويجه ونشره.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو عضو عضو نائب الرئيس

بكر أبو زيد … صالح الفوزان … عبد الله بن غديان … عبد العزيز آل الشيخ

الرئيس

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ( 26 / 303 )

الفتوى رقم ( 19857 )




نعم جزاك الله خيرا يا امة الله

موضوع يستحق الوقوف عنده




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

هل عبارة: التخلق بأخلاق الله، أوالتشبه بصفات الله سائغة؟ وأيها أولى عبارة: التعبد أم

تعليمية تعليمية
هل عبارة: التخلق بأخلاق الله، أوالتشبه بصفات الله سائغة؟ وأيها أولى عبارة: التعبد أم الدعاء بصفات الله؟ بحث مختصر


هذا الفائدة مقتطفة من ردي على الشعراوي الذي كنت نشرت بعضه في هذا المنتدى، فرأيت إفراد بعض أجزائه لما فيها من الفائدة، لينتفع بها من لم يطلع على السلسلة وبانتظار إضافات الأعضاء:
قال الشعراوي:
[3. ص9 "فمن أحصى الأسماء الحسنى مع إدراك معانيها, والتخلق بأخلاقها تجعل الإنسان المؤمن يعيش في الدنيا برضاه"ا.هــ وكذا قال ص 114 "يعني حفظها مع فهم معناها والتخلُّق بآدابها"ا.هـ وقيد كلامه في موضع آخر بالصفات التي يصح للإنسان التخلق بها.]

وعلى كلٍ فالعبارة مشهورة عند الصوفية:
قال الغزالي في الإحياء "
فالذى يذكر هو قرب العبد من ربه عز و جل في الصفات التى أمر فيها بالاقتداء والتخلق بأخلاق الربوبيه حتى قيل تخلقوا بأخلاق الله[6] وذلك في اكتساب محامد الصفات التى هى من صفات الإلهية من العلم والبر والإحسان واللطف وإفاضة الخير والرحمة على الخلق والنصيحة لهم وإرشادهم إلى الحق ومنعهم من الباطل إلى غير ذلك من مكارم الشريعة" ا.هـ

وكذا قال في المقصد الأسنى "الفصل الرابع في بيان أن كمال العبد وسعادته في التخلق بأخلاق الله تعالى والتحلي بمعاني صفاته وأسمائه بقدر ما يتصور في حقه" ا.هـ وهذا كثير في كتبهم.

قال شيخ الإسلام في الصفدية:
ولهذا ضل من سلك سبيل هؤلاء فصار مقوصدهم هو التشبه بالله واحتجوا بما يروون تخلقوا بأخلاق الله ,وصنف أبو حامد شرح أسماء الله الحسنى وضمنه التشبه بالله في كل اسم من أسمائه وسماه التخلق حتى في اسمه الجبار والمتكبر والإله ونحو ذلك من الأسماء التي ثبت بالنص والإجماع أنها مختصة بالله وأنه ليس للعباد فيها نصيب ا.هـ

قال ابن القيم في بدائع الفوائد:
المرتبة الثالثة دعاؤه بها كما قال تعالى ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها الأعراف 180 وهو مرتبتان:
إحداهما دعاء ثناء وعبادة والثاني دعاء طلب ومسألة فلا يثنى عليه إلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى وكذلك لا يسأل إلا بها فلا يقال يا موجود أو يا شيء أو يا ذات اغفر لي وارحمني بل يسأل في كل مطلوب باسم يكون مقتضيا لذلك المطلوب فيكون السائل متوسلا إليه بذلك الإسم
ومن تأمل أدعية الرسل ولا سيما خاتمهم وإمامهم وجدها مطابقة لهذا وهذه العبارة أولى من عبارة من قال يتخلق بأسماء الله فإنها ليست بعبارة سديدة وهي منتزعة من قول الفلاسفة بالتشبه بالإله على قدر الطاقة ,وأحسن منها عبارة أبي الحكم بن برهان وهي التعبد وأحسن منها العبارة المطابقة للقرآن وهي الدعاء المتضمن للتعبد والسؤال.
فمراتبها أربعة أشدها إنكارا عبارة الفلاسفة وهي التشبه وأحسن منها عبارة من قال التخلق وأحسن منها عبارة من قال التعبد وأحسن من الجميع الدعاء وهي لفظ القرآن ا.هـ
إذن هذه التعبير منتقد من وجوه:
1- أنه منتزع من قول الفلاسفة كما ذكر ابن القيم رحمه الله.
2- أن من صفات الله ما لا يجوز للعبد التخلق به قال ابن تيمية رحمه الله بعد الكلام السابق:
والإله ونحو ذلك من الأسماء التي ثبت بالنص والإجماع أنها مختصة بالله وأنه ليس للعباد فيها نصيب كقول النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم وغيره يقول الله تعالى العظمة إزاري والكبرياء ردائي فمن نازعني واحدا منهما عذبته.
وسلك هذا المسلك ابن عربي وابن سبعين وغيرهما من ملاحدة الصوفية وصار ذلك مع ما ضموا إليه من البدع والإلحاد موقعا لهم في الحلول والإتحاد وقد أنكر المازري وغيره على أبي حامد ما ذكره في التخلق وبالغوا في النفي حتى قالوا ليس لله اسم يتخلق به العبد ا.هـ

وهناك عبارات أخرى في الباب ذكرها ابن القيم بقوله :
فمراتبها أربعة أشدها إنكارا عبارة الفلاسفة وهي التشبه وأحسن منها عبارة من قال التخلق وأحسن منها عبارة من قال التعبد وأحسن من الجميع الدعاء وهي لفظ القرآن ا.هـ
وقال ابن تيمية رحمه الله:
ولهذا عدل أبو الحكم بن برجان عن هذا اللفظ إلى لفظ التعبد ولبسط الكلام على ذلك موضع آخر فإن من أسمائه وصفاته ما يحمد العبد على الإتصاف به كالعلم والرحمة والحكمة وغير ذلك ومنها ما يذم العبد على الإتصاف به كالإلهية والتجبر والتكبرا.هـ
فصار لدينا أربع عبارات مستخدمة في هذا الباب:
عبارتان باطلتان:
أ- التشبه وهي أضلها, ب- التخلق.

عبارتان صحيحتان:
أ- التعبد وهي من كلام ابن برجان, ب- الدعاء وهي أفضلهما
قال ابن القيم:

وأحسن منها عبارة أبي الحكم بن برهان وهي التعبد وأحسن منها العبارة المطابقة للقرآن وهي الدعاء المتضمن للتعبد والسؤال ا.هـ

للامانة الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




التصنيفات
الفقه واصوله

النهي عن التشبه ببعض الحيوانات في الصلاة

النهي عن التشبه ببعض الحيوانات في الصلاة
الشيخ د. رضا بوشامة

إنَّ الله عزَّ وجلَّ خلق الخلق وأمرهم بطاعته، وفرض عليهم واجبات وشرائع لبلوغ مرضاته، ومن أعظم الواجبات قدرًا، وأرفعها ذكرًا؛ الصَّلاة الَّتي هي عمود الدِّين، وأسّه المتين، تشتمل على أركان وواجبات، وقيام وخفض ورفع ومستحبَّات، بيَّنها الرَّسول صلى الله عليه وسلم في سنَّته وأمر المسلمين بمتابعته، ونهى عن أفعال تخلُّ بتمامها وأركانها، وحذَّر من أعمال تَذهب بجمالها وخشوعها.
وممَّا نهى عنه ـ عليه الصَّلاة والسَّلام ـ أفعال فيها مشابهة لأفعال بعض الحيوانات؛ وذلك أنَّ هدي المصلِّي مخالف لهديها، فكما أنَّ الشَّريعة جاءت بالنَّهي عن التَّشبُّه بالكفَّار والشَّياطين، وعن مشابهة الرِّجال للنِّساء والنِّساء للرِّجال، بل عن مشابهة كلِّ ناقص، جاءت أيضًا بالنَّهي عن التَّشبُّه بالحيوان في أفعال مخصوصة في الصَّلاة؛ يقع في كثيرٍ منها الجهَّال الَّذين هم بعيدون كلَّ البعد عن الاقتداء بسيِّد الخلق وإمام المصلِّين الَّذي أمرنا بالتَّشبُّه به في الصَّلاة؛ إذ قال: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»([1])، وكان الأليق والواجب على المسلم المتابع لنبيِّه صلى الله عليه وسلم أن يحذو حذوه في أفعال الصَّلاة، إلَّا أنَّ الجهل بسنَّته صيَّر كثيرًا من النَّاس لا يتشبَّهون به في صلاته، بل تشبَّهوا بما نُهوا عن التَّشبُّه بهم من الحيوانات والبهائم.
والتَّشبُّه بالشَّيء يقتضي من الحمد والذمِّ بحسب الشَّبَه، فمَن تشبَّه بخير الخلق حُمد، ومن تشبَّه بغيره ممَّن أمرنا بمفارقته وعدم مشابهته ذُمَّ بحسب شبهه به.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «إنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لعن المتشبِّهين من الرِّجال بالنِّساء، والمتشبِّهات من النِّساء بالرِّجال؛ وذلك لأنَّ الله خلق كلَّ نوع من الحيوان وجعل صلاحَه وكمالَه في أمر مشتَرك بينه وبين غيره وبين أمر مختصٍّ به، فأمَّا الأمور المشتركة فليست من خصائص أحدِ النَّوعين، ولهذا لم يكن من مواقع النَّهي وإنَّما مواقع النَّهي الأمور المختصَّة، فإذا كانت الأمور الَّتي هي من خصائص النِّساء ليس للرِّجال التَّشبُّه بهنَّ فيها، والأمورُ الَّتي هي مِن خصائص الرِّجال ليس للنِّساء التَّشبُّه بهم فيها، فالأمورُ الَّتي هي من خصائص البهائم لا يجوز للآدمي التَّشبُّه بالبهائم فيها بطريق الأولى والأحرى، وذلك لأنَّ الإنسان بينه وبين الحيوان قدرٌ جامع مشترَك، وقدرٌ فارق مختَصّ، ثمَّ الأمرُ المشترك كالأكل والشُّرب والنِّكاح والأصوات والحركات لما اقترنت بالوصف المختصِّ كان للإنسان فيها أحكامٌ تخصُّه ليس له أن يتشبَّه بما يفعله الحيوان فيها، فالأمورُ المختصَّة به أولى مع أنَّه في الحقيقة لا مشترك بينه وبينها، ولكن فيه أوصاف تشبه أوصافها من بعض الوجوه والقدر المشترك إنَّما وجوده في الذِّهن لا في الخارج، وإذا كان كذلك فالله تعالى قد جعل الإنسان مخالفًا بالحقيقة للحيوان، وجعل كمالَه وصلاحه في الأمور الَّتي تناسبُه وهي جميعها لا يماثل فيها الحيوان، فإذا تعمَّد مماثلةَ الحيوان وتغيير خلق الله فقد دخل في فسادِ الفطرة والشِّرعة وذلك محرَّم»([2]).
وهذا الذي ذكره ابن تيمية من مفارقة الآدمي للحيوان وعدم التَّشبُّه به عام في أوقاته كلِّها، فكيف التَّشبُّه به في أعظم عبادة أوجبها الله تعالى على عباده، وألزمهم بمتابعة سيِّد خلقه، فالمفارقة وعدم التَّشبُّه في مثل هذا آكد وأوجب، ولا يتمُّ ذلك إلَّا إذا عرف المكلَّف الأفعال والصِّفات والهيئات الَّتي ورد النَّهي عن فعلها في الصَّلاة تشبُّهًا بأفعال وصفات الحيوانات، فمن ذلك:
1 ـ النَّهي عن النَّقر كنقرة الدِّيك أو الغراب:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أمرني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ ونهاني عن ثلاث؛ أمرني بركعتي الضُّحى كلَّ يوم، والوتر قبل النَّوم، وصيام ثلاثةِ أيَّام من كلِّ شهر، ونهاني عن نَقرة كنقرَةِ الدِّيك، وإقعاءٍ كإقعاءِ الكَلب، والْتِفاتٍ كالْتِفاتِ الثعلب»([3]).
فتضمَّن الحديث النَّهي عن نَقْرِ الصَّلاة كنقر الدِّيك، وهو ما يفعله كثيرٌ من العوام وكبار السِّنِّ من عدم الاطمئنان في الرَّفع والخفض والسُّجود والرُّكوع، فتراه ينقر صلاته كما ينقر الدِّيك الأرض بحثًا عن الحَبِّ والطَّعام، وسببه الجهل والاهتمام بشواغل الدُّنيا، فإذا قام إلى الصَّلاة نقرها نقر الدِّيك فلم يتمَّ ركوعَها ولا سجودها، وهو يحسب أنَّه صلَّى وأتمَّ صلاته.
وقد جاء ما يفسِّر ذلك في حديث آخر وأنَّه من عمل المنافقين لا من عمل عِبَاد الله الخاشعين، فعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِصَلَاةِ المُنَافِقِ؛ يَدَعُ العَصْرَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ ـ أَوْ عَلَى قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ ـ قَامَ فَنَقَرَهَا نَقَرَاتِ الدِّيكِ، لَا يَذْكُرُ اللهَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا»([4]).

وعن أبي عبد الله الأشعريِّ قال: «صلَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه ثمَّ جلس في طائفةٍ منهم، فدخل رجلٌ فقام يُصلِّي، فجعل يركع ويَنقرُ في سُجودِه، فقال: أتَرَونَ هَذَا؛ مَنْ مَاتَ عَلَى هَذَا مَاتَ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ، يَنْقُرُ صَلَاتَهُ كَمَا يَنْقُرُ الغُرَابُ الدَّمَ، إِنَّمَا مَثَل الَّذِي يَرْكَعُ وَيَنْقُرُ فِي سُجُودِهِ كَالجَائِعِ لَا يَأْكُلُ إلَّا تَمْرةً أَوْ تَمْرَتَيْنِ، فَمَا تُغْنِيَانِ عَنْهُ!؟ فَأَسْبِغُوا الوُضُوءَ، وَوَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ، أَتِمُّوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ»، قال أبو صالح: فقلت لأبي عبد الله الأشعري: مَن حدَّثك بهذا الحديث؟ قال: أمراءُ الأجناد؛ عَمرو بن العاص وخالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان وشُرحبيل ابن حَسَنة ، كلُّ هؤلاء سمعوه من النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم»([5]).
ووصَف رسول الله صلى الله عليه وسلم من يَنقر الصَّلاةَ نقرَ الدِّيك، ولا يتمُّ ركوعها وسجودها باللِّصِّ، وجعل لِصَّ الصَّلاةِ وسارقَها شرًّا من لِصِّ الأموال وسارقِها، فعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَسْوَأُ النَّاسِ سَرِقَةً الَّذِي يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ، قالوا: يا رسول الله، وكيف يَسرِق من صلاته؟ قال: لَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا، أو قال: لَا يُقِيمُ صُلْبَه فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ»([6])، فصرَّح بأنَّه أسوأُ حالًا مِن سارق الأموال، ولا رَيب أنَّ لِصَّ الدِّين شرٌّ مِن لصِّ الدُّنيا.
وعن أبي وائل، عن حُذيفة: «رأى رجلًا لا يُتمُّ رُّكوعَه ولا سجوده، فلمَّا قضى صلاته قال له حذيفة: ما صليتَ، قال: وأحسبه قال: لو مُتَّ مُتَّ على غير سنَّة محمَّد صلى الله عليه وسلم»([7]).
وعن سلمان الفارسي قال: «الصَّلَاةُ مِكْيَالٌ، فَمَنْ أَوْفَى أُوفِيَ [لَهُ]، وَمَنْ طَفَّفَ فَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا لِلْمُطَفِّفِينَ»([8]).
لذا كان الإمام مالك رحمه الله يقول: «ويُقال: لكلِّ شيء وفاءٌ وتطفيف»([9])، فإذا توعَّد الله سبحانه بالويل للمطفِّفين في الميزان والأموال، فما الظَّنُّ بالمطفِّفين في الصَّلاة!؟
وعَن عمرو بن راشد اللَّيثيّ قال: «والله إنِّي لأصلِّي أمام المسور بن مخرمة، فصلَّيت صلاةَ الشَّباب كنقر الدِّيك([10])، فزحف إليَّ فقال: قم فصلِّ، قلت: قد صلَّيتُ عافاك الله، قال: كذبتَ، والله ما صلَّيتَ! والله لا تريم حتى تصلِّي، فقمتُ فصلَّيتُ فأتممتُ، فقال المسور: والله لا تعصون الله ونحن ننظرُ ما استطعنا»([11]).
والأحاديث والآثار في هذا الباب كثيرة، فحريٌّ بالمسلم أن يكون ذا وَقَارٍ وسكينة وطمأنينة في صلاته ليسلم من الوعيد الشَّديد، وتسلم له صلاتُه الَّتي إذا صلحت صلح سائرُ عمله.
2 ـ الإقعاء كإقعاء الكلب أو القرد:
وتقدَّم في حديث أبي هريرة النَّهيُ عن الإقعاء كإقعاء الكلب، وفي بعض الطُّرق كإقعاء القرد([12])، والإقعاء نوعان: أحدهما مشروع، والآخر منهيٌّ عنه، فالمنهيُّ عنه هو ما قاله أبو عبيدة مَعمر بن المثنى: أن يلصق إِلْيَتَيْهِ بالأرض وينتصب على ساقَيه ويضعَ يديه بالأرض، وقال في موضع آخر: الإقعاءُ: جلوسُ الإنسان على إليتيه، ناصبًا فخذيه مثلَ إقعاء الكلب والسَّبُع([13]).
ويُقال: أقعى الكلب ولا يُقال: قَعدَ ولا جلس، وقعودُه إقعاؤُه، ويُقال: إنَّه ليس شيء يكون إذا قام أقصر منه إذا قعد إلَّا الكلب إذا أقعى([14]).
هذا الَّذي ورد النَّهي عنه في الحديث المتقدِّم وغيره، وأمَّا الإقعاء المحمود فليس فيه تشبُّه بالكلب والسَّبع، أن يضع إليَتيه على عقِبيه ورُكبتيه على الأرض، لما روى مسلم في «صحيحه» عن طاوس قال: «قلنا لابن عبَّاس في الإقعاء على القدمين؟ فقال: هي السُّنَّة، فقلنا له: إنَّا لنراه جفاءً بالرَّجل؟ فقال ابن عباس: بل هي سنَّة نبيِّك صلى الله عليه وسلم!»([15]).
3 ـ الالتفات كالتفات الثَّعلب:
وتقدَّم الحديث في ذلك، وشبَّه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم الملتفتَ في صلاته بالثَّعلب؛ لأنَّ الثَّعلب يُكثر الالتفات؛ إذ هو في يقين دائم أنَّه مَطرود مطلوبٌ، فإذا التفت العبدُ في صلاته نقصَ خشوعُه بقدر التفاته، والواجب عليه الإقبال على الله بقلبه وجسده، وأن لا يلتفت إلى غيره ما دام في صلاته، والالتفات إنَّما هو خَطفة يخطفها الشَّيطان من صلاة العبد، إذا ترك الإقبال على الله والتفت إلى غيره، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصَّلاة؟ فقال: هو اختلاسٌ يختلسه الشَّيطانُ من صلاة العبد»([16]).
وعن الحارث الأشعري رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللهَ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا وَيَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا…» الحديث، إلى أن قال: «وَإِنَّ اللهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا، فَإِنَّ اللهَ يَنْصِبُ وَجْهَه لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ…» الحديث([17]).
وقد ورد ترهيب شديد ووعيد أليم فيمَن يرفع بصرَه إلى السَّماء في الصَّلاة ولا يُقبل على الله، وهو من الالتفات المنهيِّ عنه في الأحاديث المتقدِّمة، فعن أنس بن مالك قال: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلَاتِهِمْ، فَاشْتَدَّ قَوْلُه في ذلك حتَّى قال: لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ»([18]).
وعن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ»([19]).
4 ـ الافتراش كافتراش السَّبُع أو الكلب:
ومن الأمور الَّتي يتشبَّه بها بعضُ المصلِّين الجاهلين ببعض الحيوانات المفترسة أن يفترش افتراش السَّبع في الصَّلاة، والمراد به افتراش الذِّراعين في السُّجود، قال الزَّبيدي: «وافتَرش ذِرَاعَيْهِ : بَسَطَهُما على الأرض، وفي الحديث: نَهَى في الصَّلاةِ عن افْتِراشِ السَّبُعِ، وهو أَن يَبْسُطَ ذِرَاعَيْهِ في السُّجُودِ ولا يُقِلَّهُما ويرفَعَهُما عن الأَرْضِ إِذا سَجَدَ كما يَفْتَرِشُ الذِّئْبُ والكَلْبُ ذِرَاعَيْه ويَبْسُطُهُمَا، ويُقَالُ: افْتَرَشَ الأَسَدُ ذِرَاعَيْه : إِذا رَبَضَ عَلَيْهِمَا ومَدَّهُمَا وكذلِكَ الذِّئْبُ قال:
تَرَى السِّرْحَانَ مُفْتَرِشًا يَدَيْهِ كَأَنَّ بَيَاضَ لَبَّتِهِ الصَّدِيعُ»([20]).
وقد ورد النَّهي عن هذا التَّشبُّه في أحاديث منها: ما روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها: «أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَفرِشُ رجلَه اليُسرى ويَنصِب رِجلَه اليُمنى، وكان ينهى عن عقبة الشَّيطان، وينهى أن يَفرشَ الرَّجل ذِرَاعَيْه افترَاشَ السَّبُع»([21]).
وعن أنس بن مالك، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ، وَلَا يَبْسُطْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الكَلْبِ»([22]).
وعن جابر رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَعْتَدِلْ وَلَا يَفْتَرِشْ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ الكَلْبِ».
قال التِّرمذي: «حديث جابر حديث حسن صحيح، والعمل عليه عند أهل العلم، يختارون الاعتـدالَ في السُّجـود، ويَكرهون الافـتـرَاشَ كافتِراشِ السَّبُع»([23]).
والاعتدال في السُّجود هو أن يضع يديه، وهما الكفَّان، على الأرض كما أمر بذلك النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، وأن لا يفترش ذراعيه.
5 ـ البُروك كبروكِ البَعير:
بَرَكَ البعيرُ إذا أناخ في موضع فلَزِمه، وقد جاء النَّهيُّ عن التَّشبُّه بالبعير في بروكه من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَبْرُكْ كَمَا يَبْرُكُ البَعِيرُ؛ وَلْيَضَعْ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ»([24]).
وقد اختلف العلماء فيما يقدِّمه المصلِّي عند إرادة السُّجود، رُكبتيه أم يديه؟ فمَن قال بتقديم الرُّكبتين أجاب عن الحديث الوارد بأنَّه مقلوب، ـ والحديث المقلوب في علم المصطلح مشتقٌّ من القلب وهو تبديل شيء بآخر، أو ما وقعت المخالفة فيه بالتَّقديم والتَّأخير ـ، قالوا: إنَّ متنَ الحديث انقلبَ على أحدِ الرُّواة، والصَّواب فيه أن يقول: «فلَيضَع رُكبتيه قبل يديه»؛ لأنَّ البعيرَ يَبرُك على رُكبَتيه قبل يديه.
وأجاب القائلون بظاهر الحديث، فقالوا: إنَّ الحديث ليس فيه قلب، وهو على بابه، وذلك أنَّ البعيرَ رُكبتاه في يديه، وبنو آدم ليسوا كذلك كما هو مقرَّرٌ عند أهل اللُّغة، ومعنى الحديث: لا يَبرك على ركبتيه اللَّتين في رِجليه كما يَبرك البعيرُ على ركبتيه اللَّتين في يديه؛ ولكن يبدأ فيضع أوَّلًا يديه اللَّتين ليس فيهما رُكبتاه، ثمَّ يضع ركبتيه فيكون ما يفعل في ذلك بخلاف ما يفعل البعير.
ومن رام تفصيل المسألة فعليه بكتب الحديث والفقه، والغرضُ هو مخالفة البعير في بروكه، فمَن رأى أنَّ الصَّواب هو البدء بالرُّكبتين قبل اليدين فليفعل ذلك مخالفة للبعير، ومن ترجَّح لديه ظاهر الحديث ـ وهو الذي تدلُّ عليه الأدلة ـ فليبدأ بيديه، وكلٌّ على خير ما دام الاعتماد على الدَّليل لا مجرَّد التَّعصُّب والتَّقليد.
6 ـ رفع الأيدي وقتَ السَّلام كأذناب الخيل:
ورد النَّهي في السُّنَّة عن رفع الأيدي إشارةً إلى السَّلام من الجانبين، فعَن جابر بن سمرة قال: «كنَّا إذا صلَّينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا: السَّلام عليكم ورحمة الله، السَّلام عليكم ورحمة الله، وأشار بيده إلى الجانبين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عَلَى مَا تُومِئُونَ بِأَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْل شُمْس؟ إِنَّمَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَخِذِهِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ عَلَى أَخِيهِ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ»([25]).
قال النَّووي في شرح هذا الحديث: «قوله صلى الله عليه وسلم: «مَالِي أَرَاكُمْ رَافِعِي أَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْل شُمْس» هو بإسكان الميم وضمِّها، وهي الَّتي لا تستقرُّ، بل تضطرب وتتحرَّك بأذنابها وأرجلها، والمراد بالرَّفع المنهيِّ عنه هنا رفعهم أيديهم عند السَّلام مشيرين إلى السَّلام من الجانبين»([26]).
فهذه ستُّ خصال نُهي المصلِّي عن التَّشبُّه بها ببعض الحيوانات، فجدِيرٌ بمَن أراد الخيرَ لنفسه، واتِّباع نبيِّه صلى الله عليه وسلم في صلاته وسائر تصرُّفاته أن يجتهِدَ في تعلُّم سنَّته ومعرفة حديثه، وأن يعرف قدر هذه الصَّلاة ويُعظِّمها بالحرص على إتمامها والإتيان بها كما صلاَّها أفضل الخلق عليه الصَّلاة والسَّلام، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.


([1]) رواه البخاري في «صحيحه» (631).
([2]) «مجموع الفتاوى» (32/260).
([3]) رواه أحمد في «المسند» (13/468)، وحسَّنه الألباني في «صفة الصَّلاة» (ص 132).
([4]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (1/434)، وأحمد في «المسند» (31/211)، وهذا لفظه.
([5]) رواه ابن خزيمة في «صحيحه» (1/332)، وصحَّحه الألباني في «صفة الصَّلاة» (ص 132).
([6]) رواه أحمد في «المسند» (37/319)، ورواه مالك في «الموطَّأ» (462) من حديث النُّعمان بن مرَّة مرسلًا.
([7]) «صحيح البخاري» (389).
([8]) «مصنَّف عبد الرزَّاق» (2 /373)، وفي إسناده سالم بن أبي الجعد: وهو ثقة إلا أنه كثير الإرسال، ولم يذكر في شيوخه سلمان، ولم يثبت سماعه من ثوبان، وقد توفي بعد سلمان بعشرين سنة.
([9]) «الموطَّأ» (1/42).
([10]) في الزَّمن الماضي كان نقر الصَّلاة وعدم إتمام ركوعها وسجودها خاصًّا ببعض الشَّباب وصغار السِّنِّ لطيشهم وبُعدهم عن مجالس الذِّكر، وأمَّا اليوم فالأمر صار خاصًّا ـ في الغالب ـ بكبار السِّنِّ، والله المستعان.
([11]) «كتاب الزُّهد» لابن المبارك (ص 486).
([12]) عند أحمد (7595) وغيره، وحسنه الشيخ الألباني في «صفة الصلاة» (ص131).
([13]) «السُّنن الكبرى» للبيهقي (2/120).
([14]) «موسوعة شروح الموطَّأ» (التَّمهيد ـ 4/397).
([15]) «صحيح مسلم» (1/380).
([16]) «صحيح البخاري» (751).
([17]) رواه التِّرمذي (2863)، وقال حديث: «حسن صحيح».
([18]) «صحيح البخاري» (750).
([19]) «صحيح مسلم» (1/321).
([20]) «تاج العروس» (17/308، 309 ـ مادة: فرش).
([21]) «صحيح مسلم» (1/357).
([22]) «صحيح البخاري» (822).
([23]) «جامع التِّرمذي» ( 275).
([24]) أخرجه أبو داود (840)، وغيره، وهو صحيح.
([25]) «صحيح مسلم» (1/322).
([26]) «شرح صحيح مسلم» (3/152).




جزاكــِ الله خيرًا و نفع بكــِ ،،




جعله الله في ميزان حسناتك وأنار دربك كما أضاءت مداخلتك فضاء المنتدى




السلام عليكم شكرا لك يأخي على هده النصائح القيمة هذا كل ما يحتاجه شبابنا اليوم من وعي ديني كل ما ينقص مجتمعنا الأخلاق .الاحترام المتبادل والتربية وتقبل النصائح كتلك التي تفضلتم بها




جزاكــِ الله خيرًا و نفع بكــِ ،،




بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




بارك الله فيك