بين الأمس واليوم..
استحوذت مأساة فلسطين ..منذ أن وقعت في براثن الاستعمار البريطاني..وما تلا ذلك من نكبات احاقت بالشعب الفلسطيني..كان آخرها اغتصاب فلسطين من قبل العصابات الصهيونية..وقيام دولة إسرائيل..إلى غير ذلك من مآس ٍ عايشها شعب فلسطين..
نقول ..استحوذت تلك المأساة على مشاعر عدد كبير من الشعراء..فنظموا قصائد رائعة..صوروا فيها تلك الأحداث الدامية..وصوروا تجاوزات المعتدين وطغيانهم..وسعيهم الدؤوب إلى سلب الشعب الفلسطيني حقوقه..واقتلاعه من أرضه..وتشريده في شتى أصقاع الدنيا..كما تحدثت تلك القصائد عن بشاعة تلك الجرائم..التي ارتكبها المعتدون الصهاينة الحاقدون..في حق الشعب الآمن المسالم..
وكثير من تلك القصائد..كانت إلى جانب تصويرها بشاعة الاستعمار..وممارساته اللاإنسانية بحق شعبنا الفلسطيني..كانت تدعو العرب..وتستنهض هممهم ليجردوا سيوفهم..ويهبوا هبّة رجل واحد للدفاع عن الحرمات..ولتحرير المقدّسات من ربقة الاستعمار الغاشم..والوقوف صفّا واحدا في وجه التحدّيات..ومن تلك القصائد تلك القصيدة الرائعة..التي نظمها الشاعر المصري الكبير"علي محمود طه"..والتي أصبحت مغناة على كل لسان..حيث غناها المطرب الكبير" محمد عبد الوهاب"..وفي تلك القصيدة يقول الشاعر :
أخي جاوز الظالمون المدى ==== فحـُق ّ الجهاد ُ وحـُـقّ الفــدا
أنتركهم يغصبون العروبة ===== مـجــد الأبـــوّة والســــّؤددا
وليسوا بغير صليل السّيوف==== يجيبون صـوتـا ً لنا أو صدى
فجـرّد حسـامـك من غـمـده==== فـلـيس لــه بـعـدُ أن يغـــمـــدا
وتبلغ هذه الدّعوة ُ مسامع شاعرنا اليوم..فإذا به يمتطي صهوة الشاعريّة الفذّة..ويتدرّع (يلبس الدروع) بالقريحة الوقّادة..فيصول ويجول في ساحات الوغى..ويستلّ سيف الوطنية اللاهبة..وإذا به ــ لا فضّ فوه ــ يقول :
أخي جاوز الظالمون المدى ==== فـخلّ الجهاد وخلّ الفـدا
ودعهم أخي يغصبون العروبة===مـجـد الأبوّة والسّــــؤددا
فما كان يوما ً صليلُ السّـيـوف=== بمـُجـد ٍ لنا في لقـاء العدا
فأبــق ِ الحسام وفـي غـمــد ه === فقـد آن للسّيف أن يغمـدا !!
وبالأمس نظم الشاعر الكبير"بشارة الخوري"..قصيدة رائعة أيضا..يتحسّر فيها على ضياع فلسطين..ويؤكد على تلك المكانة التي لها في نفوس العرب والمسلمين..كما يؤكد على تعهد العرب بالجهاد والدفاع عن الثرى المقدّس..فيقول :
يا فلسطين التي كـدنا لـما ++++ كا بـَد تـهُ من أسى ننسى أسانا
نحن يا أخت على العهد الذي++ قد رضعناه من المهــد كـلا نــا
يثـرب ٌ والقـدسُ منذ احتلما +++ كعبـتـانـا..وهوى العرب هوانا
أما شاعر عروبتنا اليوم..فيرد على هذا قائلا :
يا فلسطين كفانا مـا بـنـا ++++ فأسـاك ِ لم يـعـد حـقـّـا أسـانـا
قـد قطعنا أي عـهـد ٍ بيننا +++ قـد رضـعـنـاه من المهـد كـلانا
يثرب ٌ والقـدس ُ ليسا كعبتانا++ وهوى العرب بعيـد ٌ عن هوانا
هذا هو واقعنا المؤلم اليوم..أترانا والحال هذه..قادرون حقا على تحرير الأوطان؟ وكيف يمكن أن يتأتى لنا ذلك..ونحن لم نحرر أنفسنا من ربقة الذلّ؟..ومن هوان أنفسنا على أنفسنا؟..وقد صدق الشاعر الذي يقول:
من يهـُن يسـهل الهـوان عليه +++ ما لجـرح ٍ بمـيّـت ٍ إيلام
منقول من بريدي