حاول الأنسان القديم تعويض أسنانه بشتى الطرق فالأسنان هي رمز الصحة والشباب وأول من حاول تعويض الأسنان المفقودة هم الفراعنة فقد دلت الاكتشافات الأثرية على المومياوات الفرعونية الكثيرة وجود بعض العلاجات على الأسنان بهدف تعويض الأسنان كما يظهر في هذه الصورة
وفي العصور اللاحقة ومن خلال الاكتشافات الأثرية حصل العلماء على بعض الأدلة التي تثبت محاولة الأنسان القديم زراعة الأسنان مستخدماً الأخشاب أو عظم الحيوانات بعد تشكيلها وتشذيبها معتقداً أنه بإمكانه تعويض الأسنان بهذه الطريقة والتي ثبت عدم صحتها بسبب عدم تقبل جسم الأنسان للأجسام الغريبة وعدم اندماج هذه الأجسام الغريبة مع العظام البشرية والصورة التالية تثبت استخدام الأنسان الأجسام الغريبة في زراعة الأسنان
أما من هو الذي أكتشف زراعة الأسنان ومن الذي تغلب على رفض جسم الأنسان لهذه الزرعات هنا نبدأ موضوعنا الشيق :
بير إنجفار برونمارك هو جراح عظام سويدي بدرجة أستاذ بروفيسور ولد في ١٩٢٩/٥/٣ ويُلقب بأبو زراعة الأسنان الحديثة. تلقى تعليمه الجامعي في جامعة لوند الشهيرة بالسويد ثم تدرج وأصبح بروفيسور بقسم التشريح بجامعة جوتنبرج في عام ١٩٦٩م.
Professor Per- Ingvar Brånemark
حصل على العديد من الجوائز والشهادات المحلية والعالمية لأعماله وأبحاثه العلمية من ضمنها جائزة الجمعية السويدية للطب بسودربرج في عام ١٩٩٢م والتي تقلب بالنسخة المصغرة من جائزة نوبل الشهيرة وحصل أيضاً على جائزة أكاديمية الهندسة السويدية للإبتكار التقني وهي إحدى الجوائز المرموقة في السويد. أما على الصعيد العالمي فقد مُنح برونمارك ميدالية طب الأسنان بجامعة هارفارد في الولايات المتحدة الأمريكية لأبحاثه في مجال زراعة الأسنان بخلاف أنه يحمل أكثر من ٣٠ منصب فخري في أوروبا وأمريكا الشمالية بما فيهم الزمالة الفخرية للجمعية الملكية للطب بالمملكة المتحدة. في عام ٢٠٠٣م حصل على الدكتوراة الفخرية من الجامعة الأوروبية في مدريد بأسبانيا. وفي عام ٢٠١١م فاز بجائزة المخترع الأوروبي في فئة الإنجاز مدى الحياة وذلك لأن إختراعه وأبحاثه في مجال زراعة الأسنان غيرت مفاهيم وأولويات علم تركيبات الأسنان وستظل مدى الحياة. في عام ١٩٧٨ عقد أول مؤتمر لزراعة الأسنان برعاية مشتركة من قبل المعاهد الوطنية للصحة وجامعة هارفارد. كان ذلك حدثاً بارزًا حيث تم فيه جمع البيانات بأثر رجعي على زراعة الأسنان وتحليلها وأُنشئت المعايير والمقاييس لزراعة الأسنان. وفي عام ١٩٨٢ في تورونتو بكندا قدم برونمارك العمل الذي كان وقد بدأه قبل ١٥ عاماً في جامعة جوتنبرج وتحديداً مبنى وقسم التشريح الذي كان يعمل به أستاذاً. إكتشافه وتطبيقه لنظرية الإندماج العظمي Osseointegration أو الإلتحام البيولوجي بين العظام والمواد الأجنبية والغريبة عن جسم الإنسان.
لتقريب فكرة الاندماج العظمي بين الزرعات وبين عظم الأنسان يمكنكم مشاهدة فيلم توضيحي من خلال هذا الرابط في اليوتويب
كان ذلك عملاً فريداً لا مثيل له ولم يسبق لأحدٍ أن وصل لما وصل له برونمارك مما جعل المؤتمر يجمع إعتراف واسع النطاق لأساليب برونمارك لزراعة الأسنان التي تعد واحدة من أهم الإكتشافات العلمية الأكثر أهمية في طب الأسنان منذ أواخر السبعينيات من القرن المنصرم. إكتشاف برونمارك للإندماج العظمي أحدث ثورة في عالم زراعة الأسنان وغيرته من كونه مجال منبوذ غير مستخدم إلى أن أصبح معترف به وتم دمجه في المناهج الدراسية والتدريب في كليات طب الأسنان حول العالم. فقبل إكتشاف هذه الظاهرة إقتصرت زراعة الأسنان على إما على إستخدام شريحة تُوضع في شق يتم فتحه في عظام الفك السفلي فقط وتُثبت بواسطة مجموعة من المسامير ثم يثبت بها زرعة الأسنان بعد شفاء الجرح أو على شريحة تحوي زرعة الأسنان كجزء واحد ويتم وضعها وتثبيتها بنفس الطريقة وإعتمدت في ثباتها على الثبات الميكانيكي وليس الإندماج العظمي.
إكتشاف برونمارك جاء عن طريق الصدفة البحتة في عام ١٩٥٢ خلال دراسات مجهرية حيوية على الأرانب بإستخدام دوائر التيتانيوم البصرية حيث وجد هو وفريقه أن الدعامات التيتانيوم التي تم وضعها في أرجل الأرانب لا يمكن إزالتها بعد فترة من الشفاء فطور واكتشف بفضل هذه التجربة زراعة الأسنان وسماها Fixtures ولازال هذا هو الإسم المستخدم حتى الأن.
Radiograph showing osseointegration of titanium splints in rabbits’ femur is
لازال برونمارك على قيد الحياة في جامعة جوتنبرج وشرفت بأنني درست في ذلك القسم.
Department of Anatomy- University of Gothenburg
ريكارد نجل برونمارك إتخذ هذا النجاح وعمل على تطوير الأطراف الصناعية في شكل أذرع وأرجل يتم زراعتها و تثبيتها بالهيكل العظمي للإنسان.