السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
تامر أبو العينين-زيورخ
تمكن فريق من الباحثين بالمعهد السويسري الفدرالي للتقنية في زيورخ من ابتكار آلية جديدة يمكن بواسطتها اقتفاء أثر جميع البروتينات الموجودة في الخلية والحصول على تفاصيل تفاعلاتها بدقة متناهية.
وقالت الباحثة صاحبة الابتكار باولا بيكوتي "إن الدافع وراء هذه الطريقة كان الرغبة في متابعة أدق لمسار جميع البروتينات في الخلايا لفهم طبيعة عملها وتفاعلاتها مع الإنزيمات بصورة أفضل".
كما تشير إلى أن النتائج أظهرت "صورة هائلة وضخمة لشبكة البروتينات النشطة داخل الخلية الواحدة، ويمكن بتلك الطريقة الجديدة التعرف على تركيز كل بروتين ونسبة حضوره في الخلية ونوع نشاطه فيها، لا سيما وأن هناك أنواعا من البروتينات تتكرر بنسب تتراوح بين خمسين مرة ومليون مرة في الخلية الواحدة".
تطبيقات متعددة
وتؤكد بيكوتي، الباحثة بمعهد نظم الجزيئات البيولوجية في زيورخ، أن تلك التقنية قد ساعدت في فهم أعمق لكيفية تأثير تركيز بروتين ما على آخر في الخلية وأنشطته مع مكونات الخلية الأخرى، بدقة متناهية حتى وإن كانت نسبة البروتين ضئيلة للغاية. وتتوقع أن تمتد تطبيقات تلك التقنية إلى مجالات حيوية أخرى تمثل البروتينات فيها أحد المكونات الهامة، مثل عمليات تشخيص الأمراض الناجمة عن خلل في أنظمة البروتينات، ورصد تأثير العقاقير الجديدة على العمليات الحيوية داخل الخلية، فضلا عن تطبيقات أخرى تتعلق بالتلوث البيولوجي للبيئة والصناعات ذات العلاقة بالتقنيات الحيوية.
كما تشير بيكوتي في حديثها مع الجزيرة نت إلى "الآفاق الجديدة التي سيفتحها هذا الاكتشاف في علاج أمراض لها علاقة بالخلل في عمل بروتينات الخلية مثل عدم انتظام نسبة السكر بالجسم".
ويمكن -حسب قولها- "تتبع مسار أحد بروتينات الخلية، إذا تشكك الأطباء في أنه يتسبب في خلل في وظائف الأعضاء أو عملية التمثيل الغذائي على سبيل المثال، حيث تكشف التقنية الجديدة مسار البروتين داخل الخلية بكل دقة، ما سيسهل في تشخيص الداء".
وتعتمد الطريقة الجديدة على تطوير تقنية معروفة باسم "رصد التفاعلات المحددة" المعروفة اختصارا بـ(SRM) حيث يسفر تفاعل الإنزيمات مع بروتينات الخلية عن إنتاج مجموعة من الأحماض الأمينية تختلف حسب نوع البروتين، فيتم رصدها بواسطة مقياس طيف الكتلة، ومنها يمكن التعرف على تركيز ونوع البروتينات في الخلية.
"
علماء يعتقدون أن الاكتشاف خطوة هامة لاستكمال مشروع "البروتيوم البشري" الذي يسعى العلماء من خلاله لرسم خريطة متكاملة لجميع بروتينات الخلية وتفاعلاتها ومساراتها " نحو "البروتيوم البشري" من المعروف أن منظومة البروتينات وآليات تفاعلها داخل الخلايا من أكثر العمليات البيولوجية تعقيدا، فعلى سبيل المثال تضم خلية واحدة من الخميرة (وهي أبسط أنواع الخلايا) حوالي ستة آلاف نوع من البروتين، وتقوم الخلية على الدوام بتخليق أنواع مختلفة من البروتينات بما يتماشى مع وظائفها في الخلية والعوامل المحيطة بها. ويعتقد علماء استطلعت الجزيرة نت آرائهم حول هذا الاكتشاف أنه خطوة هامة لاستكمال مشروع "البروتيوم البشري" الذي يسعى العلماء من خلاله لرسم خريطة متكاملة لجميع بروتينات الخلية وتفاعلاتها ومساراتها والعمليات الحيوية المسؤولة عنها كل مجموعة أو نوع من البروتينات.
ومن المتوقع، حسب رأيهم، أن تساهم تلك التقنية في استكمال الخريطة المتكاملة لشبكة البروتينات المنتشرة في الخلية والعلاقة بينها وتفاعلاتها والمركبات التي تنشأ عن تفككها ومسارها والعوامل المؤثرة فيها، كما يمكن تحويل تلك البيانات إلى برنامج للحاسوب يحاكي آلية عمل الخلية.
ومن المؤمل أن يتكامل تطوير مشروع "البروتيوم البشري" العملاق مع مشروع "الجينوم البشري" لتسجيل جميع الجينات البشرية، ما قد يساعد في الإجابة على العديد من التساؤلات الغامضة حول أسرار جسم الإنسان.
وقد اهتمت الدوائر العلمية بالاكتشاف ونشرته دورية "سيل" المعنية بأبحاث الخلايا في عددها الأخير.
|
||