قارة آسيا متصلة مع أوروبا بحيث إنه يمكن إعتبارهما قارة واحدة ولكنهما تعتبران قارتين لأسباب تاريخية، وتعتبر جبال الاورالونهر الاورال الحد الفاصل بينهما. وترتبط مع أفريقيا بشبه جزيرة سيناء وتعتبر قناة السويس الخط الفاصل بينهما ويقطن آسيا أكبر عدد من السكان مقارنة بالقارات الأخرى وفيها أكبر تجمعين سكانيين في دولتين وهما الصين (1.3 بليون نسمة) والهند (1.1 بليون نسمة)، كما أن بها أكبر دول العالم وأصغرها مساحة روسيا و هي أكبر دولة عالمية من حيث المساحة بحث تغطي مساحة قدرها 17 مليون كيلومتر مريع، وفيها أصغر الدول مثل البحرين، والمالديف، وسنغافورة مساحة كل منها أقل من 780 كيلومتر مربع. وأكثر من خمسي بلاد آسيا بها سكان أقل من ستة مليون نسمة. وقامت بها أكبر عدد من الحضارات القديمة كحضارات الهندوبابلوسومروآشوروالفرسوالصين. وحضارةالفينقيينوالحيثيينوالحضارة الإسلامية.
وتعتبر قارة آسيا مزيجا من التضايس والمعالم الأرضية ففيها أطول أنهر الأرض وأكبر الصحارى، وأكثف الغابات. بالاضافة إلى أعلى وأخفض نقطتين في الأرض، حيثقمة افرست في جبال الهملايا ترتفع 8,848 متر عن سطح البحر وبذلك تكون أعلى نقطة في سطح الأرض، بينما اخفض نقطة على سطح الأرض تكون قرب البحر الميتوعمقها 399 متر تحت سطح البحر بين الضفة الغربية والاردن. وزيادة على ذلك فإن دول آسيا فيها نظم سياسية متنوعة، فبعض الأنظمة الشيوعية تحكم بلدان في آسياكالصينوفيتنام. وبعض الدول لها ملوك كالمملكة العربية السعوديةومملكة البحرين.
الفهرس الخاص بمواضيع القارة :
الناقل الرسمي للحضاره الاسلاميه
تاريخ لبنان
تاريخ ايران
تاريخ الكويت
تاريخ البحرين
تاريخ فلسطين
تاريخ القدس منذ الفتح العربي
نبذه عن افغانستان
تاريخ كوريا
تاريخ المملكه الاردنيه الهاشميه
تاريخ الامارات العربيه المتحده
تاريخ المملكه العربيه السعوديه
اليابان
الجولان
حضاره بلاد الشام "سوريا "
تاريخ سوريا المصور
نبذه عن تاريخ افغانستان
نبذه عن مدينه حلب
نبذه عن سامراء
مدينه دقه الاثريه "تاريخ فنيقي _ارض قرطاجيه _عماره رومانيه "
مملكة سبأ
التاريخ القديم (ما قبل 636م)
هناك أثار تدل أن مناطق غربي أسيا ومنها لبنان كانت مستوطنة منذ العصر النياندرتالي
الا أن ذكرَ اسم لبنان بشكلٍ مؤرَخ يعود لأثار من 3000 سنة قبل المسيح. وكان سكان هذا الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط من الكنعانيين
الساميين من صلب سام بن نوح.
دعا الإغريق سكان هذه المناطق بالفوينيكوس (phoinikies) والتي تعني البنفسجيين و ذلك نسبة للون البنفسجي الذي طغى على البستهم وللصباغ الأرجواني الذي اشتهروا به. وهكذا عرفوا بالفينيقيون في الأثار القديمة.
الا أن اهالي هذه البلاد أطلقوا على أنفسهم اسم "تجار من صيدا" وعلى بلادهم باسم "لبنان" بسبب موقعه و طبيعته.
خلال الفترة الفينيقية، كانت شعوب غربي اسيا مؤلفة من ممالك مستقلة كل في مدينة ساحلية. وكانت تشتهر كل مدينة بحسب صنعة أبناءها. فمدينتي صيداوصور اشتهرتا بتجارتيهما البحرية. أما مدينة جبلا التي اشتهرت ببييلوس (واليوم تعرف بمدينة جبيل) فاشتهرت بمراكزها الدينية وتجارتها مع مصرالفرعونية ما بين 2686ق.م و 2181 ق.م بحيث صدّرت خشب شجر الأرزوزيت الزيتونوالنبيذ واستوردت الذهب من وادي النيل. واشتهرت مدينة بيريتوس (الإسم ألإغريقي لبيروت) بتجارتها ومراكز العبادة.
الفراعنة
وخلال طرد الفراعنة للهكسووسمن مصر، احتل تحتموس الثالث الساحل الشرقي للبحر المتوسط وضم المدن الفينيقية لحكمه.
الفينيقيون
وبنهاية القرن الرابع عشر ما قبل الميلاد، ضعفت الدولة الفرعونية مما اعطى لبنان الفرصة ليستقل عنهم في بداية القرن 12 ق.م. وبقي استقلال
الفنيقيين للعقود الثلاث التي تلت، فازدهرت المنطقة وفرضت وجودها التجاري على حوض المتوسط.
في هذه الفترة، استعمل الفنيقيون أحرفا أبجدية لتسهيل تجارتهم ومخاطبتهم للشعوب الأخرى. وهذه الأحرف اعتمدت على ترميز مخارج الأصوات بدلا من تصور للمعاني التي كانت معتمدة في الكتابة في ذلك الزمن. وعلَّم الفنيقيون الكتابة لشعوب البحر المتوسط مستعملين أحرفهم فيما عرف بالأحرف الأبجدية.
وفي هذه الفترة وسّع الفنيقيون تجارتهم لتشمل، بالاضافة للنسيج، المعادن والزجاج. كما برعوا في تشكيل المعادن وتشكيل الزجاج وفي الملاحة البحرية. كما اسسوا المستعمرات في حوض المتوسط مثل قبرص، رودوس، كريتوقرطاجنة. كما دارت سفنهم حول القارة الأفريقية الاف السنين قبل البحارة البرتغاليين. واستمر ازدهار الشعب الفنيقي حتى الغزو الاشوري.
الحكم الأشوري
استولى الأشوريون (875 – 608 ق.م) علي الساحل الشرقي للمتوسط وقضوا على ازدهار الفنيقيين. حاول سكان صور وبيبلوس الانتفاضة على حكم ألأشوريون في القرن 8 ق.م الا ان تَغْلَثُ فَلاَسَرَ اخضعهم وفرض جزية قاسية. وحاولت صور الانتفاضة ضد سرجون الثاني الا انه اخضعها في سنة 721 ق.م. وقام اسرحدون (681ق.م) بتدمير وسبي سكان صيدا وبناء مدينة جديدة على أنقاضها.
الحكم البابلي والفارسي
بنهاية القرن الثامن ق.م ضعف الأشوريون مما سمح للبابليين بالقضاء عليهم وانشاء دولة قوية في بلاد ما بين النهرين. وخلال الحكم البابلي، قاومت مدينة صور لمدة 13 عاما حصارا قويا من ِقِبل نبوخذنصرالبابلي قبل أن يفتحها ويأسر أهلها.
أنهى الفرس الأخمينيون حكم البابليين في عهد قوروش مما جعل الفينيقيين يخضعوا لهم. وساند الفنيقيون الفرس بحروبهم ضد الأغريق وخاصة باستعمال مراكبهم في المعارك البحرية. الا انهم انتفضوا على دارا الأول بسبب مأسي الجزية المفروضة عليهم.
حكم الأغريق
عند انتصارات الملك الاغريقي الاسكندر المقدوني على الفرس في عام 333 ق.م، رحب الفنيقيون به فاتحا لبلادهم. الا أن أهل صور رفضوا طلبه لتقديم ذبائح في معبد ملكارتمما دفعه لتدمير الجزيرة بعد 8 أشهر من الحصار.تأثر الفينقيون كثيرا بالثقافة الاغريقية مما اعطاهم طابعا مختلفا عن بقية شعوب المنطقة. بعد موت الاسكندر، تبع الفنيقيون الدولةالسلوقية. الا ان المنطقة تأثرت بالنزاعات بين القادة الاغريق.
نزوح بني عاملة إلى لبنان
وفي القرن الثالث ما قبل الميلاد، وقعت حادثة سيل العرم و انهيار سد مأرب و ضياعمملكة سبأ المعروفة في التاريخ. وبسبب هذه الكارثة، هاجرت قبيلة عاملة بن سبأ بن يشجب بن قحطان من اليمن إلى اطراف الشام فيما عرف بجبل عامل. وهي منطقة الهضاب في جنوب لبنان المشرفه على البحر المتوسط وفلسطين وعرف سكانها باسم اهل جبل عامل.
حكم الرومان
في سنة 64 ق.م انهى القائد بومبي حكم السلقيون وضم المدن الفينيقية لحكم الرومان. ونعمت المدن الفنيقية بالازدهار الاقتصادي والفكري والثقافي. كما مَنح الرومانيون أهل مدن صيدا وصور و بيبلوس المواطنية الرومانية. كما بنى الرومان الصروح والهياكل مثل معبد بعلبك ودار الحقوق والحمامات العامة في بيروت والهياكل في صور. وازدهرت التجارة حيث صدَّرالفينيقيين خشب شجر الأرْز والعطور والمجوهرات والنبيذ وعبَّدوا الطرق.
حكم البزنطيين
في سنة 395 ق.م تبعت منطقة لبنان الدولة البزنطية مما تابع ازدهارها لقرن كامل. وفي القرن السادس الميلادي ضرب البلاد زلالزل التي دمرت العديد من معالمها كهيكل بعلبك
ومدرسة الحقوق في بيروت وقتل 30,000 من سكانها.
الموارنة
في عهدالبزنطيين، حصل صراع بين المسيحيين حول طبيعة السيد المسيح. و كان القديس مارون من أشد المقاومين لعقيدة الطبيعة الواحدة واتفقوا مع ثوابت المجمع الخلقيدوني الذي انعقد عام 451م. ادى هذا الإختلاف إلى مجازر عنيفة انتهت بمقتل أكثر من 3300 راهب ماروني في ديرالقديس مارون وأفاميا. دفعت هذه المجازر إلى هروب أتباع القديس مارون جنوبا إلى مرتفعات جبل لبنان التي امنت لهم حماية طبيعية. ومذاك الوقت أستوطن الموارنة جبال لبنان الوعرة وبنوا الاديرة في صخوره.
المردة
في نفس فترة انتقال الموارنة إلى لبنان، تواجد في لبنان قوم سمي بالمردة. اختلف على نسبهم فمن قال أنهم من الجراجمة ومنهم من نسبهم إلى الموارنة الذين نزحوا إلى تلك الجبال. الا ان ما اتفق عليه ان المردة كانوا مقاتلين شديدوا البأس مرهوبوا الجانب عاشوا في لبنان وجعلوه حصينا.
الحكم الإسلامي (636م-1920م)
قامت الفوضي في منطقة لبنان بسبب الزلازل، الجزية القاسية والإختلافت الدينية في القرن السادس الميلادي مما أضعف الدولة البيزنطية وفتح البلاد أمام المسلمون القادمون من الجزيرة العربية. أرسل أبو بكر الصديق (ر) قواته لفتح بلاد الشام. وفي سنة 636م دحر القائد الاسلامي خالد بن الوليد القوات البيزنطية في موقعةاليرموك مما فتح له بلاد الشام ومنها لبنان.
الحكم الأموي
بعد انتصار معركة اليرموك، عُيٍّن معاوية ألأموي حاكما على سوريا والتي كانت تشمل لبنان. طلب معاوية من اهل لبنان بناء السفن من أجل مواجهة آلة الحرب البحرية البيزنطية كما أوقف غزوات المردة الأقوياء في جبال لبنان الذين ناصروا الروم بعد معاهدة صلح مع البزنطيين ودفع الجزية لهم. خلال هذة الفترة، استوطن العديد من القبائل العربية مناطق ساحل لبنان للحد من التدخل البيزنطي. أول القبائل العربية التي استقدمت إلى لبنان كانو اللمعيون الدين سكنوا كفرسلوان.
تشيُّع أهل جبل عامل
تذكر بعض المصادر الشيعية أنه في عهد الامويين، تشيع اهل جبل عامل على يد أبي ذر الغفاري الذي نفاه معاوية إلى جبل عاملو لا يزال هناك مسجدان يعرفان باسمه الاول في بلدة ميس الجبل و الثاني في بلدة الصرفند. و منذ ذلك الحين سمي أهل جبل عامل بالمتاولة أحد أهم أسماء الشيعة الإمامية وهي جمع متوالي، وهي مشتقة على القياس من توالى، أي تتابع، أو مشتقة على غير القياس من كلمة تولى اي اتخذ وليّا.
الحكم العباسي
استولى العباسيون على الحكم من ألأمويين سنة 750م وضموا لبنان لحكمهم. في بداية هذا العهد، استوطن الإرسلانيون في لبنان عام 756م. فرض العباسيون ضرائب قاسية على لبنان مما دفع اللبنانيين القيام بالعديد من الإنتفاضات. وفي القرن العاشر اعلن الامير الصوري علاقة استقلاله عن العباسيين الا أن حكمه انتهى مع استلاء الفاطميين على الحكم.
الصليبيين
خلال الحملات الصليبية (1096م – 1291م)، أبدى الصليبيين أهتماماً بمدن ساحل لبنان وسيطروا عليها تدريجياً. فبعد تأسيس ممكلة بيت المقدس في مدينة القدس توجهوا لطرابلس واستولوا عليها في عام 1109م. ثم على بيروت وصيدا في عام 1110م. وأخيراًصور عام 1124م. خلَّف الصليبيون وراءهم العديد من القِلاع في لبنان مثل قلعة طرابلسوقلعة شقيف وقلعة سان جيل.
خلال هذه الحملات، تجاوب الموارنة مع ثقافةالصليبيين وتحولوا إلى مرجعية البابا في روما بعدما كانوا يخالفونه الرإي والمعتقد.
وبما أن الفرنسيين كانو يشكلون عصب الحملات الصليبية بدأت العلاقات المارونية-الفرنسية تتوطت منذ ذلك الحين ولا سيما بعد مجيء ملك فرنسا القديس لويس التاسع إلى الشرق
المماليك
تمحور القرن الثالث عشر الميلادي بالصراعات بين الصليبيين من الشمال (أوروبا) والمغول من الشرق (أي هضاب اسيا) والمماليك من الجنوب (أي من مصر) والتي انتهت بغلبة المماليك.
المماليك كانو عبيد أحضرهم الأيوبيين من جبال القوقاز بين بحر قزوين والبحر الأسود. استولوا على الحكم من الأيوبيين وحكموا لبنان لقرنين من الزمن. ما بين القرنين ال11 وال 13 ميلادي، استوطن شيعة سورية والعراق والجزيرة العربية مناطق شمال البقاع وكسروان والجبال شمالي بيروت. انتفضوا الشيعة والدروز على المماليك عام 1291 مستغلين انشغاهم بالحروب مع الصليبيين. وفي عام 1308 استعاد المماليك السيطرة عليهم مما أجبر الشيعة ترك منطقة كسروان والنزوح إلى جنوب لبنان. وخلال العصر المملوكي أنتعشت تجارة مدينة بيروت واصبحت من أهم موانئ التجارة بين أوروبا والعالم العربي. وفي هذه الفترة، اتت القبائل العربية التالية واستوطنت مناطق مناطق وادي التيموساحل بيروت والشوف: الشهابيون، التلحوقيون، المعنيون وآل نكد.
الحكم العثماني
في عام 1516 سيطرت جيوش السلطان سليم الأول على لبنان وعلى المناطق الجبلية من سوريا وفلسطين، وعهد بإدارة هذه المناطق لفخر الدين الأول وهو أمير من الأسرة المعنية الذي قدم الولاء للباب العالي. ولقد أزعجت الأتراك محاولاته التي كانت ترمي إلى التملص من دفع الجزية. فقرروا بسط النفوذ المباشر على البلاد، ولكن ملاك الأراضي والفلاحيين اللبنانيين على السواء قاوموا ذلك، وفي عام 1544 توفي فخر الدين في بلاط باشا دمشق مسموما، وكذلك أستشهد ابنه قرقماز في عام 1585 أثناء قتاله للأتراك.
عام 1590 إعتلى فخر الدين الثاني نجل قرقماز السلطة، وكان سياسيا ماهرا حتى وصف بأنه تلميذ لميكافيلي وأنه كان يتقنع بأقنعة الدرزية والمسيحية بحسب حاجته، فقام بدفع الجزية للسلطان وتقاسم معه الغنائم الحربية، فعينه السلطان واليا على جبل لبنانوالمناطق الساحلية التابعة له، وكذلك قسم كبير من سوريا وفلسطين.
الأسرة الشهابية
ضم بشير الثاني (1795 – 1840) جبيل في الشمال ووادي البقاع إلى حكمه. وفي 1819 عين حاكم جديد في عكا هو عبد الله باشا، الذي فرض جزية كبيرة على لبنان، فثار الفلاحون ورفضوا دفع الضرائف لبشير الثاني ولم يستطع جمع المبلغ الملطلوب، ولم يستطع السيطرة على الأوضاع إلا بمساعدة الشيخ جنبلاط.
في عام 1822 هرب بشير إلى مصر وإستلم الجنبلاطيون الزمام الفعلي للأمور. ولكن بشير ما لبث أن عاد ونكل بآل جنبلاط وآل أرسلان، وفي عام ،1831 لدى وقوع لبنان في سيطرة محمد علي، كان بشير حليفا وتابعا له حتى عام 1840 حيث إضطر لمغادرة لبنان حيث قامت ثورة فلاحية ضده وضد الحكم المصري. عاد ملاك الأراضي الدروز بعد عزل بشير الثاني، فقاومهم الموارنة الذين كانوا قد حلّوا في بعض أراضي الدروز، فتدخلت القوى الأجنبية ودعم الفرنسيون الموارنة ودعم الإنجليز الدروز.
وفي اكتوبر 1841 قام الإقطاعيون الدروز بإنتفاضة ضد بشير الثالث الذي عينه الباب العالي، وحصلت مجازر متبادلة، فكانت الغلبة للدروز وسيطروا على جنوب لبنان.
أرسل الحاكم العثاني قواته إلى لبنان فعزل بشير الثالث وتحولت امارة لبنان إلى ولاية عثمانية عادية وعين عمر باشا واليا عليها. قمع عمر باشا الدروز فأرسل ثمانية من شيوخ الدروز إلى بيروت وعاد الموارنة الذين هربوا من المناطق الجنوبية بعد أحداث 1841.
تدخلت القوى الأجنبية في لبنان مرة أخرى، وأجرى الحاكم التركي إستفتاء في صيف 1842 أظهر ان الموارنة يريدون إمارة لبنان بحاكم من إسرة الشهاب وأظهر الدروز رغبتهم بالحكم التركي المباشر، ولكن ما لبثوا ان إنتفضوا في اكتوبر 1842 مطالبين بإطلاق سراح الشيوخ وإستقالة عمر باشا، فسحق عمر باشا الإنتفاضة وأحرق قصر آل جنبلاط.
حوادث 1845
كان التوزيع الطائفي للبنان غير متجانس، فكان في القسم الشمالي (كسروان) كان كل السكان تقريبا من الموارنة، وفي الوسط (المتن) كان الموارنة يشكلون الأغلبية الساحقة مع وجود بعض القرى الدرزية، وفي الشوف كان الفلاحون خليطا من الدروز والموارنة، أما الإقطاعيون في الشوف فكانوا من الدروز، وقام الحكم العثماني بتوزيع الوظائف بين قائمقامين على أساس طائفي، ووقعت كسروان تحت سلطة قائمقام ماروني، بينما إعتبرت بقية المناطق "مناطق مختلطة"، وإعتبر مسيحيو المناطق المختلطة بأنهم يجب أن يخضعوا بصورة مباشرة لقائمقام مسيحي، وأصر الإقطاعيون الدروز بأنه لا يمكن وجود سلطتين في مكان واحد، وأن موارنة الشوف يجب أن يخضعوا لقائمقام درزي، وحمي وطيس الخلاف حتى إقترح القنصل الفرنسي في سبتمبر 1844 تعيين عمدتان أو وكيلان في كل قرية مختلطة، واحد للمسيحيين وآخر للدروز، وخضع الموارنة في الشوف للقائمقام الدرزي، إلا أنه كان بإمكانهم تقديم الشكاوى ضد أعمالة إلى القائمقام المسيحي بواسطة وكيلهم، وبتعيين قائمقام درزي في الشوف، عاد شيوخ الدروز إلى إقطاعياتهم، وبدأ الفلاحون الموارنة بالإنتفاضة على الإقطاعيين الدروز بقيادة لجنة سرية في دير القمر في مايو 1845، ولكن الإنتفاضة شملت عامة الدروز ولم تنحصر في الإقطاعيين فبدأت موجة من المذابح والمذابح المعاكسة بين الطائفتين، ووقف الباب العالي العثماني إلى جانب شيوخ الدروز، وكنتيجة لذلك إمتدت الإنتفاضة إلى شمال لبنان حيث هب الفلاحون الموارنة ضد الطبقة الحاكمة (المارونية كذلك) في الشما وعمت الإنتفاضة جميع لبنان وأخليت العديد من القرى الدرزية والمارونية، ولكن الثورة قمعت قبيل خريف 1845، ووضع نظام جديد للحكم بمشاركة القناصل الأجانب، لم يلغ إزدواجية سلطة القائمقامية وإزدواج الوكلاء في القرى، بل وأضاف له مجلس لدى القائمقام له وظائف قضائية ويملك الحق في الإشراف على توزيع وجباية الضرائب، ويكون مكون من عشرة اشخاص، مارونيين ودرزيين وسنيين وإثنان من الروم الأرثوكس وإثنين من الروم الكاثوليك، مما عمق الخلافات الدينية وأعطى ذريعة لتدخل الدول الأجنبية للتدخل بشؤون لبنان بشكل دائم.
إنتفاضة الفلاحين بكسروان1858 –1860 وأحداث الستينات 1860
ثار الفلاحون اللبنانيون الموارنة بشكل خاص على الإقطاعيين اللبنانيين، وقاد الثورة طانيوس شاهين وهو بيطري حداد وشملت مناطق كسروان والمتن والفتوح وكانت خلعت السلطة الإقطاعية بالكامل وأحلت محلها نظام شعبي بقيادة طانيوس شاهين، ومرة أخرى إمتدت الإنتفاضة لتشمل الموارنة في مناطق الإقطاع الدرزية، فبدأ الإقطاعيون الدروز بتسليح فصائل المتطوعين الدروز مرة أخرى، وفي 1860 تحولت الإنتفاضة إلى مذبحة شاملة جديدة، ففي 22 مايو أطلقت مجموعة من الموارنة النار على دروز عند بوابة بيروت، فقتل درزي وجرح اثنان فبدأت موجة جديدة من الحرق والذبح المتبادل في جميع أنحاء لبنان، ودمرت في الفترة بين 29 و31 أيار/مايو فقط حوالي 60 قرية في ضواحي بيروت، وإمتدت الإضطرابات في حزيران/يونيو إلى المناطق المختلطة في الجنوب والجبل الشرقي، وحاصر الدروز أثناء الأحداث أديرة وإرساليات كاثوليكية فأحرقوها، وإمتدت الأحداث إلى دمشق حيث حصلت مذبحة ضد المسيحيين، وحتى بعلم ومساهمة من الجنود الأتراك في الفترة بين 9 و 11 تموز/يوليو، وتكبد كل من المسيحيين والدروز وبقية الطوائف الإسلامية خسائر فادحة..
الحملة الفرنسية
بروتوكول 1861 و نظام المتصرفية
النظام الأساسي
الحركة التثقيفية
اتفاقية سايكس بيكو
إقتسمت بريطانيا وفرنسا بلاد الشام والعراق، ووقع لبنان وسوريا تحت الإستعمار الفرنسي.
الأنتداب الفرنسي (1920-1946)
أثناء الحرب الإيطالية التركية، وصلت السفن الحربية الإيطالية عام 1912 إلى مقربة من بيروت وأطلقت نيرانها على السفن التركية الراسية في الميناء، مما سمح لفرنسا بالإعلان أن لها مصالح خاصة في سوريا ولبنان وأنها لن تتخلى عن مواقعهاالتقليدية فيهما ولا عن حقها بالدفاع عن مصالحها. وسنة 1918 أعلنت عصبة الامم فرض الوصاية على البلاد التي انتزعت من الدولة العثمانية فيما عرف بالانتداب. وكان هدف الانتداب مساعدة الدول على النهوض وتأسيس القوانين لانشاء دول حديثة. وبحسب تقسيم اتفاقية سايكس بيكو انتدبت فرنسا للاشراف على منطقة سورية والتي شملت لبنان.
في هذه الاثناء قام الملك فيصل باعلان المملكة العربية وعاصمتها دمشق. اندفع مسلمو الساحل اللبناني للمطالبة بالانضمام للدولة العربية.
مؤتمر فرساي
في عام 1919 م عقد مؤتمر فرساي الذي حدد توزيع المناطق العثمانية على المستعمرين الجدد وهم بريطانيا وفرنسا. ذهب البطريرك الحويك إلى المؤتمر طالبا استقلال لبنان بينما كان الامير فيصل يتفاوض في المؤتمر على تاسيس المملة العربية على جميع البلاد جنوبي تركيا بما فيها لبنان. وبطبيعة الحال، اراد مسلمو لبنان الانضمام إلى المملكة العربية.
دولة لبنان الكبير
و في أيلول/سبتمبر من عام 1920 أعلن الجنرال غورو قيام دولة لبنان الكبير معلنا بيروت كعاصمة لها. و تمثل علم الدولة في دمج علمي فرنسا ولبنان معاً. ووصفت الدولة الجديدة باسم لبنان الكبير على أساس ضمّ إليه ولاية بيروت مع أقضيتها وتوابعها (صيدا وصور ومرجعيون وطرابلس وعكار) والبقاع مع أقضيته الأربعة (بعلبك والبقاع وراشيا وحاصبيا)، فاتسعت مساحته من 3500 كلم مربع إلى 10452 كلم مربع، وازداد سكانه من 414 ألف نسمة إلى 628 ألفاً
وفي 23 مايو/أيار من عام 1926 أقر مجلس الممثلين الدستور وأعلن قيام الجمهورية اللبنانية. وفي عام 1926 انشأ الفرنسيون الجمهورية اللبنانية، والتي تعبر بداية التاريخ الحديث للبنان وانتخب شارل دباس كأول رئيس للبنان.
اللبنانيون والصراع من أجل الإستقلال
معارضة المسلمين
كان مسلمو "دولة لبنان الكبير" قد رفضوا، في أكثريتهم، الدولة والكيان الوطني اللبناني، عند نشوئه لثلاثة أسباب هي:
-
1ـ ان الدولة الجديدة جعلت منهم أقلية، وهم الذين كانوا جزءا من الأكثرية المسلمة الحاكمة في العهد العثماني.
-
2ـ لأن أمنيتهم، بعد الانسلاخ عن السلطنة العثمانية، كانت الانضمام إلى "دولة عربية"، برئاسةالأمير فيصل، تضم "سوريا الكبرى" أي سوريا الحالية ولبنان وفلسطين والأردن والعراق.
-
3ـ لأنهم كانوا رافضين للانتداب الفرنسي على اعتبار انه حكم دولة أوروبية أجنبية.
ثورة بشامون
في بداية الحرب العالمية الثانية وبعد أن بدأت فرنسا تسترسل بالطغيان والسيطرة على المراكز الحساسة مما جعل الحكومة اللبنانية سنة 1943 تتقدم إلى المفوضية الفرنسية مطالبة بتعديل الدستور بما ينسجم مع الأوضاع. وكان هذا الطلب بدعم من البريطانيين الذين حكموا فلسطين والاردن والعراق. وفي 21 أيلول من السنة نفسها فاز الشيخ بشارة الخوري واصبح رئيسا للجمهورية وألف حكومته رياض الصلح وأعلنوا الاستقلال التام وحولت مشروع تعديل الدستور إلى المجلس النيابي واعتبر هذا القرار تحديا "ساخرا" للمفوض السامي مما جعله يأمر بتعليق الدستور وأرسل ضباطا" إلى رئيس الجمهورية فاعتقلوه مع رياض الصلح و بعض الوزراءوالزعماء الوطنيين مثل عادل عسيران، كميل شمعون، عبد الحميد كرامي وسليم تقلا وحجزوهم في قلعة راشيا. عندها قام رئيس المجلس النيابي آنذاك صبري حماده وبعض النواب باجتماع مصغر في قرية صغيرة هيبشامون و ألفوا حكومة مؤقتة ورفع العلم اللبناني الذي تكون من ثلاث أقسام الأحمر، الأبيض وفي الوسط ضمن اللون الأبيض شجرة أرز خضراء. وقد أدى هذا النضال إلى استقلال لبنان بتاريخ 22 تشرين الثاني 1943 وبعد ذلك دعم نفسه لبنان بانتسابه إلىجامعة الدول العربية سنة 1947 ثم تم انتسابه إلى هيئة الأمم المتحدة في نفس السنة.
استقلال لبنان (1946 إلى الآن)
أعلن استقلال لبنان عن فرنسا في 22 نوفمبر1943 وتم الإعتراف به في 1 يناير1944. وإنسحبت القوات الفرنسية في 1946، وتميز تاريخ لبنان منذ الإستقلال بتقلبات سياسية متكررة وفترات من الإستقرار والتزعزع المتوالية.
النكبة واتفاقية الهدنة مع إسرائيل
حرب 1948 أو ما يسميه العرب النكبة وما يسميه الإسرائيليون حرب الاستقلال هي حرب حدثت في فلسطين وأدت إلى قيام دولة إسرائيل وتهجير فلسطينيين عن أرضهم حيث هاجمت الجيوش العربية القوات الإسرائيلية في محاولة لاسترداد الاراضي العربية من القوات الاسرائلية. شارك الجيش اللبناني بالمعارك بشكل رمزي. اتى العديد من الفلسطينيين النازحين إلى لبنان والتجؤوا إلى المخيمات اللاجئين في كل المناطق اللبنانية.
انتهى القتال في 7 يناير 1949 بعد استيلاء الجيش الإسرائيلي على معظم منطقة النقب وتطويق القوات المصرية التي كانت مرابطة حول الفالوجة في النقب الشمالي. وبعد نهاية القتال بدأت مفاوضات في جزيرة رودس اليونانية بتوسيطالأمم المتحدة بين إسرائيل من جانب وكل من مصر والأردن وسوريا ولبنان من جانب آخر. تم التوقيع على اتفاقيات الهدنة الأربع بين 24 فبراير و20 يوليو 1949، وفيها تم تحديد الخط الأخضر الفاصل.
أزمة 1958
في العام 1958 نشأت أزمة لبنانية داخلية بين فريقين أحدهما مؤيد لحلف بغداد ومعارض للوحدة المصرية السورية آنذاك وهو بقيادة الرئيس اللبناني آنذاك كميل شمعون، والآخر فريق المعارضة الموالي للوحدة العربية بين سوريا ومصر، وكان للأزمة أبعاد إقليمية بالإضافة إلى الأبعاد اللبنانية الداخلية لإرتباط أطرافها بحلف بغداد في عهد رئيس وزراء العراق نوري السعيد من جهة وبالوحدة السورية المصرية المرتبطة بحركة عبد الناصر من جهة أخرى، بالإضافة للبعد الدولي المرتبط مباشرة بالبعد الإقليمي ألا وهو الصراع بين الولايات الأمريكية المتحدة والإتحاد السوفييتي.
حرب 1967
حرب 1967 أو حرب الأيام الستة هي حرب حدثت في حزيران من عام 1967 بين إسرائيل وكل من مصر و سوريا والأردن وبمساعدة لوجستية من لبنان و العراق و الجزائر و السعودية و الكويت و أنتهت بإنتصار إسرائيل واستيلائها على قطاع غزة و الضفة الغربية و سيناء و هضبة الجولان. خلفت هذه الحرب شعور عربي بالانهزام مما دفع ببعض الفلسطينيين بتأسيس فصائل مقاومة عرفت بالفدائيين. وكان للفدائيين متحمسون في المخيمات الفلسطينية في لبنان وبين المسلمين والفلسطينيين. وكان أول شهيد للمقاومة هواللبناني خليل عز الدين الجمل الذي اجج الحماس عند اللبنانيين المسلمين لمناصرة العمل الفدائي . ومن تداعيات هذه الحرب قيام حروب الاستزاف بين مصر واسرائيل التي كان لها تأثير كبير على الوضع السياسي والاقتصادي في لبنان.
أزمة 1969 واتفاقية القاهرة
في سنة 1969 نشبت أزمة بين الجيش اللبناني والقوات المسلحة الفلسطينية التي بدأت تنتشر في لبنان وتقوم بعمليات عسكرية. حاول الجيش اللبناني ظبط الوضع الا أنه تطور إلى مواجهات عسكرية مما جعل العديد من الدول تتدخل لايجاد حل وبخاصة جمال عبدالناصر. في تشرين الثاني 1969، وقع لبنان "إتفاق القاهرة" مع منظمة التحرير الفلسطينية. وفي هذا الإتفاق "يتنازل" لبنان لـ"المقاومة الفلسطينية" عن سيادته في منطقة العرقوب، ويبيح لـ"العمل الفدائي" حرية التحرك من هذه المنطقة ضد إسرائيل.
وفي عام 1970، قامت القوات الأردنية بطرد جميع القوات الفلسطينية من الأردن بعد معارك عنيفة فالتجاء الفلسطينيون إلى لبنان.
حرب 1973 واتفاقية كمب دايفيد
حرب أكتوبر أو حرب تشرين أو حرب يوم الغفران هي حرب دارت بين كل من مصر وسوريا من جانب وإسرائيل من الجانب الآخر في عام 1973م. بدأت الحرب في 6 تشرين الاول 1973 بهجوم مفاجئ من قبل جيشي مصر وسوريا على القوات الإسرائيلية التي كانت مرابطة في سيناء وهضبة الجولان.انتهت الحرب رسميا بالتوقيع على اتفاقية فك الاشتباك في 31 مايو 1974 حيث أذعنت إسرائيل بالموافقة على إعادة مدينة القنيطرة لسوريا وضفة قناة السويس الشرقية لمصر مقابل إبعاد القوات المصرية والسورية من خط الهدنة وتأسيس قوة خاصة للأمم المتحدة لمراقبة تحقيق الاتفاقية.
وبنتجة هذه الحرب، وقعت مصر معاهدة سلام مع إسرائيل عرفت بمعاهدة كامب ديفيدللسلام بين مصر وإسرائيل مع كل من الرؤساء أنور السادات و الأمريكى جيمي كارترورئيس الوزراء الإسرائيلى مناحيم بيجِن. وهذه المعاهدة جعلت لبنان الساحة الوحيدة التي استخدمها الفلسطينيين لمواجهة إسرائيل.
حرب السنتين 1975-1977
طالع المقال الكامل للحرب الأهلية لبنانية.
دارت الحرب الأهلية اللبنانية بين عامي 1975 و 1990 وبدأت كصراع بين المسيحيين من جهة والفلسطينيين والحركة الوطنية من جهة اخرى. الا ان الامور تعقدت واخذ الصراع يتغير ويصبح بين الحلفاء احيانا اخرى. الا ان اسباب الصراع الحقيقي كان تغيير الواقع الديموغرافي اذ فقد المسيحيون اكثريتهم مما جعل المسلمون يطالبون بالمشاركة الأكبر في الحكم. وانتهت الحرب باتفاقية الطائف التي اقتسمت الحكم مناصفة بين المسلمين والمسيحيين كما انتقصت من صلاحيات رئيس الجمهورية ووضعتها في مجلس الوزراء مجتمعين.
إجتياح إسرائيل للبنان 1982
في 6 حزيران 1982، قامت إسرائيل باجتاح لبنان واحتلت بيروت في محاولة لايقاف القوات الفلسطينية من مهاجمة اراضيها. تدخل العالم لايقاف العمليات مما دفع الولايات المتحدة الاميركية، فرنسا، بريطانيا و إيطاليا لارسال قوت فصل. انتهى الاجتياح بخروج القوات الفلسطينية والسورية من لبنان وتوقيع اتفاقية 17من أيار الذي لم توقع من قبل لبنان وماتت في المهد. وخلال هذه الاجتياح وقعت مذبحة صبرا وشاتيلا والعمليات الانتحارية ضد مواقع المارينز والقوات الفرنسية.
العودة السورية (1983-2005)
سحب السوريون قواتهم من لبنان صيف 1982 مع خروج القوات الفلسطينية عقب الإجتياح الإسرئيلي. ولم يعدها اليهم بعد انتخاب الرئيس الجميل اثر اغتيال شقيقه الرئيس المنتخب بشير الجميل يوم 14/9/1982، الا انتفاضة 6 شباط/فبراير، التي قادها رئيس حركة امل نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عام 1984 ضد اتفاق الـ7 من أيار بعدها اصبحت عودة القوات السورية ممكنة، خاصة اثر المعارك الدامية التي جرت بين عناصر الحلف المعمد بالدم، أي امل والاشتراكي، فعادت القوات السورية عام 1987 بعد معارك عنيفة بين الحزب والحركة طيلة اعوام 1985 – 1986 –1987، كانت بداية بالنيابة عن سوريا ممثلة بحركة امل، وعن منظمة التحرير ممثلة بالحزب الاشتراكي وقد وسعت عباءته حتى شملت كل القوى العروبية المناوئة للسوريين.
إتفاق الطائف 1989
اتفاق الطائف ، هو اتفاق تم التوصل اليه في المملكة العربية السعودية في 30 سبتمبر 1989 في مدينة الطائف. وأنهى هذا الاتفاق الحرب الأهلية اللبنانية، حضره 62 نائباً لبنانياً من أصل 73 ، 8 من الذين لم يحضروا الاجتماع لم يرتبط تغيبهم بأسباب سياسية و ارتبط اسم 3 نواب بالمقاطعة لأسباب سياسية وهم ريمون ادهوألبير مخيبر وأميل روحانا صقر.
حروب العبثية 1989-1990
في نهاية عهد الرئيس أمين الجميل، كان رئيس الحكومة سليم الحص مستقيلا. وتطبيقا لالدستور اللبناني، استلم قائد الجيش، وكان ميشال عون، رئاسة الحكومة الإنتقالية لإنتخاب رئيس جمهورية جديد. الآ أن الحص عاد عن استقالته فنشاء وضع غريب بوجود حكومتين قي لبنان. واحدة بدعم سوري قوي وأخرى تدعي استقلال القرار اللبناني وذلك بمحاربة السوريين. فأعلن ميشال عون حرب التحرير. إلا أنه اكتشف أنه لا يستطيع تحرير البلد الا اذا قضى على كل المسيحيين الذين لا يشاطرونه المواقف فأعلن حرب الإلغاء ضدهم وبخاصة القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع. الا أنه لم ينجح بالمحاولتين سوى بتدمير المناطق المسيحية وتأجيج الفوضى.
وبعد اجتياح الكويت من قبل حزب البعث العراقي، وكثمن لمشاركتهم في الحرب ضد العراق، أخذ السوريون الضوء الأخضر في السيطرة على لبنان. وفي تشرين الاول 1990، اجتاحت القوات السورية القصر الجمهوري موقع ميشال عون مما أجبره على الإلتجاء الى السفارة الفرنسية من أجل الحماية. ويعتبر هذا التاريخ نهاية الحرب الأهلية اللبنانية.
لبنان ما بعد الحرب الأهلية
الهيمنة السورية
عرفت الفترة الممتدة من 1990 وحتى 2022 بفترة الهيمنة السورية والتي اتسمت بتدخل السوريين بكل تفاصيل الحياة في لبنان وبخاصة تعيين الاشخاص في كل المناصب السياسية والادارية والامنية. كما اتسمت باعمال اعادة الاعمار الضخمة وخاصة في وسط بيروت والتي كانت باشراف الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وعادت اجواء الوحدة اللبنانية مع أن الزعماء المسيحيين كانوا في المنفى (أمين الجميل و ميشال عون) أو في السجن (سمير جعجع). وخلال هذه الفترة ارتفع الدين العام إلى 40 مليار دولار من دون ان يؤثر على الوضع العام للاقتصاد مما اعتبر باعجوبة اقتصادية.
المقاومة الإسلامية
وخلال هذه الفترة، كان حزب الله يمتن قواعده الشعبية واستراجيته العسكرية في مواجهة إسرائيل. وبدعم لا محدود من إيران وسورية، انشاء قيادة ومجموعات عسكرية التي قامت بمناوشة إسرائيل بجدية وفعالية عالية فيما دعي بالمقاومة الاسلامية. وقامة المقاومة بتوجيه ضربات موجعة للقوات الإسرائيلية في جنوب لبنان وضد القوى اللبنانية المساندة لها. توجت انتصارات المقاومة الاسلامية باتفاق نسيان 1997 حين وقعت إسرائيل على اتفاقية بتجنيب المدنيين والذي تحقق بسبب صمود المقاومة وتحرك الرئيس الحريري وفرنسا لتحقيق هذا الاتفاق.
إنسحاب إسرائيل من لبنان سنة 2000
وفي سنة 2000، اعلن ايهود باراك الانسحاب التام من لبنان وتبع انسحاب الجيش الإسرائيلي جميع القوى اللبنانية المساندة له. واظهرت المقاومة مسؤولية وانظباطية عالية بحيث عومل سكان المناطق الجنوبية باحترام وانسانية بخلاف ما كان متوقع مما اكسبها احترام اللبنانيين وبخاصة المسيحيين.
ثورة الأرز
المقال الرئيسي: ثورة الأرز
بعد معارك سياسية بين اللبنانيين الذين يطالبون بالحرية والاستقلال عن الوصاية السورية والقوى المساندة لسورية، وبدعم من اللوبي اللبناني في وشنطن، اعلنت الامم التحدة القرار 1559 الذي صدر في شباط 2022 والذي يطالب بانسحاب القوى الاجنبية منه وحل جميع المليشيات اللبنانية ونزع سلاحها. وفي 14 شباط اغتيل الرئيس رفيق الحريري فقامت المظاهرات تطالب بانسحاب القوات السورية وبقيام محكمة دولية لكشف ومعاقبة قاتلي الرئيس الشهيد. حشد مؤيدو السوريون مظاهرة ضخمة في 8 أذار موجهين التحية للجيش السوري. في المقابل، قام مطالبو الحرية والاستقلال بمظاهرة مضادة اضخم في 15 أذار تعدت المليون ونصف مما اجبر السوريين على الانسحاب. عرفت هذه الحركة بانتفاضة الأرز ومن حينها انقسم اللبنانيون إلى فريقين دُعيا بفريق 8 أذار و فريق 14 أذار.
عمليات الاغتيال
المقال الرئيسي:شهداء ثورة الارز
وشهد لبنان بعد خروج السوريين سلسلة من عمليات الاغتيال استهدفت العديد من الشخصيات السياسية والاعلامية والعسكرية اللبنانية التي عُرفت بمواقفها المناهضة للسوريين. كما استشهد العديد من المرافقين أو المارة الابرياء. وقررت الامم المتحدة اضافة هذه الاغتيالات الى ملف المحكمة الدولية.
الحرب الإسرائيلية على لبنان 2022
المقال الرئيسي: حرب لبنان 2022
في تموز 2022، قام حزب الله بخطف جنود إسرائيليون مما دفع إسرائيل برد عنيف غير مسبوق دمر معظم البنى التحتية اللبنانية ومعظم الضاحية الجنوبية لبيروت. انتهت الاعمال الحربية بفشل إسرائيل في التخلص من قيادة حزب الله مما دفع الحزب باعلان الانتصار فيما سمي بالنصر الإلاهي. وبنتيجة المعارك، توسعت مهام اليونيفل لتشمل كل الجنوب، ودخل الجيش اللبناني إلى كامل مناطق الجنوب وانسحبت المقاومة الى شمال نهر الليطاني.
معارك نهر البارد
في20 أيار 2022 كان مخيم نهر البارد، وهو مخيم للاجئين الفلسطينيين شمالي مدينةطرابلس، محور صراع عسكري عنيف بين جماعة فتح الإسلام والقوات المسلحة اللبنانية من جيش وأمن عام. ويعد هذا القتال من أسوأ معارك لبنان الداخلية منذ انتهاء الحرب الاهلية قبل 17 عاماً. استمرت المعارك أكثر من ايار/مايو إلى ايلول/سبتمبر عام 2022 واسفرت عن سقوط نحو 400 قتيل من بينهم 168 عسكريا لبنانيا. وانتهت بالقضاء على المسلحين وتدمير سبه كامل للمخيم.
احداث السابع من أيار 2022
على ضوء قرار الحكومة اللبنانية بفرض ارادتها، قامت قوات المعارضة المتمثلة بحزب الله،حركة أمل والقوميين السوريين باحتلال مناطق مواليي الحكومة وبخاصة المناطق التي توالي تيار المستقبل. ولتفادي حرب أهلية، قام موالوا تيار المستقبل بتسليم مكاتبهم للجيش اللبناني بتوجيه من زعيهم سعد الحريري. الا أن بعض أعمال العنف ضد ناشطي المستقبل خلفت أثار سلبية على العلاقة بين السنة والشيعة في لبنان. كما حاول مسلحي حزب الله احتلال مناطق الجبل الدرزية فتراجعوا عن المحاولة بعد تصدي اهل الجبل لهم ومن ثم تم تسليم الوضع للجيش اللبناني.
تعليل المعارضة لاحداث السابع من أيار 2022: عللت المعارضة أحتلال بيروت بمحاولة لمواجهة الأميركيين من فرض سياستهم في لبنان والتي تمثلت باجرات اتخذتها الحكومة اعتبرت تهديدا للمقاومة.
تعليل الموالاة لاحداث السابع من أيار 2022: أرجعت الموالاة اعمال العنف إلى محاولةإيران و سورية إلى اثبات تحكمهم بالوضع السياسي والعسكري في لبنان وبخاصة استعماله كورقة تفاوض. وهناك بعض اللبنانيين علل الاحداث كمحاولة من حزب الله التحويل لبنان إلى دولة تابعة لولاية الفقيه.
اتفاق الدوحة
المقال الرئيسي: اتفاق الدوحة
اتفاق الدوحة هو الاتفاق الذي توصلت اليه الفصائل اللبنانية يوم الأربعاء 21 مايو 2022 في الدوحة بقطر. وهو يمثل نهاية لـ 18 شهراً من الأزمة السياسية في لبنان شهدت بعض الفترات منها أحداث دامية. واهم بنود الاتفاق هو انتخاب رئيس جمهورية توافقي، تأليف حكومة فاقية من المعارضة والموالاة والاتفاق على قيام الانتخابات النيابة في أيار 2022.
المصالحات
ومع تأليف أول حكومة وحدة وطنية مع الثلث المعطل (أو الضامن)، بدأت في أيلول 2022 مصالحات بين القوى المختلفة بداء بين الحزب التقدمي الاشتراكي و حزب الله. واتخذ سعد الحريري خطوة باتجاه المصالحة في الشمال ومع حزب الله. واعتذر سمير جعجع من ما حصل في الماضي مما فتح المجال لمصالحة بين المسيحيين.
"إيران وفارس" اسمان استعملا للدلالة على قطر واحد، ولكنهما ليسا مترادفين تماماً، فلما هاجرت الأقوام الآرية من موطنها الأصلي جنوبي بحر الآرال إلى الهضبة المرتفعة الواقعة أسفل بحر قزوين، سموا الموطن الجديد "إيران" ومعناها "موطن الآريين". ويمكن تقسيم تاريخ إيران القديم إلى ثلاث مراحل:
1- حقبة ما قبل التاريخ: وتبدأ من أولى الشواهد على وجود الإنسان على شبه الهضبة الإيرانية (حوالي100.000 سنة قبل الميلاد) والتي انتهت تقريباً مع بداية الألف الأول قبل الميلاد.
2- حقبة التاريخ البدائي: وتغطي تقريباً النصف الأول من الألف الأول قبل الميلاد.
3- حقبة الأسر الحاكمة (من القرن السادس إلى القرن الرابع قبل الميلاد): عندما أصبحت إيران في بؤرة ضوء التاريخ المدون. باستثناء حضارة "عيلام" المتمركزة بعيداً عن الهضبة الإيرانية في منطقة خوزستان المنخفضة، ذلك أن التاريخ المدون بدأ هناك مبكراً كبدايته في منطقة بلاد الرافدين (حوالي 3000 سنة قبل الميلاد).
حقبة ما قبل التاريخ
العصر الحجري القديم:
وأول شواهد هذا العصر موجودة على حفريات في جبال زكروس غرب إيران، والتي تعود إلى حوالي 100.000 سنة قبل الميلاد.
العصر الحجري الحديث:
تشير الدلائل أن منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة كانت إحدى أقدم المناطق في العالم القديم التي مرت بما يسمى ثورة العصر الحجري الحديث. حيث شهدت هذه الثورة نمواً في نمط الحياة الزراعية الريفية المستقرة التي تعتمد أساساً على الزراعة والرعي. وهذه الشواهد يعود تاريخها إلى الألفية الثامنة والسابعة قبل الميلاد. وفي سنة 6000 قبل الميلاد تقريباً انتشرت هذه الأنماط من الحياة الزراعية والرعوية في أنحاء كثيرة من الأراضي الإيرانية وفي خوزستان.
الألف الخامس إلى منتصف الألف السادس قبل الميلاد:
هناك القليل من المعلومات عن حضارة تلك الحقبة. ويميل الباحثون إلى التركيز على حقبتي العصر الحجري الحديث والعصر البدائي، والأدلة المتناثرة على وجود تطورات ثقافية وفنية هامة في العصرين النحاسي والبرونزي الأول.
أواخر الألف الثالث والألف الثاني قبل الميلاد:
تتميز بداية هذه الحقبة عموماً بعزلة ملحوظة للهضبة أكثر من التي قبلها، بينما تميز النصف الأخير منها بحالات جديدة واضحة من التمزق، فريدة في التاريخ الإيراني، مهدت الطريق لتطورات في عصر التاريخ البدائي. ففي شمال ووسط غرب إيران تطورت الحضارات المحلية إلى حالة من العزلة النسبية نتيجة للأحداث الجارية في أماكن أخرى.
8000 ق م: حيث مكنت الثورة الزراعية من إقامة مستعمرات دائمة وتكوين حضارات مزدهرة. فقد أصبحت شبه الهضبة الإيرانية مهداً لواحدة من أقدم الحضارات في التاريخ.
5000 ق م: تشير بعض آثار هذه الحقبة إلى تقدم صناعة النبيذ.
3900 ق م: مدينة سيالك Sialk (بالقرب من كاشان)، وهي أول مدينة بُنيت على الهضبة الإيرانية.
1500-800 ق م: طوائف الميديين والفرس، وهم من البدو الآريين الرحل الذين سكنوا شبه الهضبة الإيرانية قادمين من آسيا الوسطى. وقد استقر الميديون في غرب إيران، وأصبحوا هم والفرس في الجنوب خاضعين، في البداية، للدولة الآشورية، ولكنهم سرعان ما استقلوا بأنفسهم ثم قهروا الدولة الآشورية.
1000 ق م: النبي الفارسي زرادشت كان أول الأنبياء الذين قالوا بوجود إلهين، واحد يمثل الخير والآخر يمثل الشر.
الدولة الأخمينية
559-530 ق م: أسس قورش (كوروش) إمبراطورية فارس عام 550 قبل الميلاد، وكانت أول إمبراطورية عالمية.
539 ق م: استسلمت بابل سلمياً لقورش ورحبت به محرراً لها بسبب سياساته اللينة. فحرر اليهود من السبي البابلي. وقد توفي قورش عام 529 ق.م.
522-486 ق م: توج حكم الملك "دارا" عام 521 ق.م ذروة إمبراطورية فارس. أسس دارا إمبراطوريته على النظام المرزباني (مشابه للحكومات القومية والمحلية). حيث أنشأ الطرق والموانئ والبنوك، كما بنى نظام ري تحت أرضي.
كذلك تميز عصر دارا بازدهار اقتصادي، حيث عرف أقدم شكل من أشكال العملة في التاريخ "الداريك"، بالإضافة إلى توحيد الموازين والمقاييس وتنظيم القوانين التجارية وتشجيع التجارة العالمية ورفع مستوى اقتصاد الإمبراطورية الفارسية إلى مستوى لم يسبق له مثيل من الرخاء.
490-479 ق م: خلال الحروب التي خاضتها مع فارس، لم تشكل الدول المدينية اليونانية أي تهديد لقلب الإمبراطورية الفارسية. فالذي لم تحققه فارس من خلال الحرب، حصلت عليه من خلال الدبلوماسية. فبعد انتهاء الحروب اليونانية الفارسية استطاع ملوك فارس تقليب شعبي أثينا وسبارطة على بعضهمها في حروب استمرت 150 عاما. وكان للدعم المالي والبحري الذي قدمته فارس إلى سبارطة عظيم الأثر في انتصارها على أثينا في الحرب الكبرى. ثم بدأت فارس في تقديم العون لأثينا. وكان النفوذ الفارسي واضحاً، لدرجة أنه طُلب من الملك الفارسي أرتاكسركسس الثاني التوسط بينهما، والتوصل في النهاية إلى اتفاقية سلام عام 387 قبل الميلاد.
550-334 ق م: أصبحت إمبراطورية فارس القوة العالمية المهيمنة لما يزيد على قرنين من الزمان. فقد كان لها السبق في التقريب المتواصل بين الشرق والغرب. وكانت أول إمبراطورية عالمية متسامحة دينياً. فقد تعدد بها الكثير من اللغات والأعراق والديانات والثقافات. وقبل سطوع نجم الإمبراطورية الرومانية، كان لفارس قصب السبق في التأكيد على سطوة القانون، وإنشاء جيش مركزي قوي، وحكومة دولة فعالة ونظامية.
حكم الاسكندر إلى دولة البارثيين
334 ق م: غزا الاسكندر الأكبر المقدوني فارس المتمثلة في الدولة الأكمينية وأسقطها. وبعد انتصاره على الجيش الفارسي أمر بإعدام كثير من الفرس وأحرق مدينة برسيبوليس انتقاماً لحرق مدينة أثينا. وكان يعتبر نفسه خليفة للملوك الأخمنيين . قلد عادات البلاط الفارسي وحاول تكوين ثقافة جديدة مزجت بين الفارسية والإغريقية (الهلينية).
323 ق م: وفاة الإسكندر. ورغم أنه كان عسكرياً فذاً، إلا إنه كان يفتقر إلى المهارات الإدارية. وبعد وفاته بفترة وجيزة، قسمت إمبراطوريته بين الجنرالات المتنافسين. وكان من أبرز ما ورثه بعد انتصاره على فارس هو تقديمه النموذج الإمبراطوري الفارسي للغرب وتبني الإمبراطورية الرومانية له بعد ذلك، خاصة ما يتعلق بحكم الدولة والقانون.
323-141 ق م: قيام الدولة السلوقية، نسبة إلى سلوق أحد جنرالات الإسكندر، والتي كانت تضم آسيا الصغرى وبلاد الشام والعراق وإيران، وشيد له عاصمة جديدة باسم "سلوقية" على نهر دجلة في العراق، والقسم الغربي وأسس له العاصمة "أنطاكية" على نهر العاصي. تناوب على مملكة السلوقيين ثمانية عشر ملكاً.
247 ق م-224م: دولة البارثيين، ويعرفون في التاريخ أيضاً باسم "الأرشكيين" نسبة إلى ملكهم الأول، وهي مملكة قبلية من قبائل الساكا في شمال شرق إيران، هزمت السلوقيين وبسطت سيطرتها على جميع بلاد فارس. مؤسس هذه الدولة هو "أرشك" الأول الذي أصبح بعد ذلك لقباً لجميع الملوك البارثيين كاسم قيصر الروم. وخاضوا حروباً عدة ضد الرومان. وأدى نصرهم عليهم في عام 53 قبل الميلاد إلى بروزهم كقوة عظمى آنذاك. ورغم طول حكم البارثينيين الذي ناهز الخمسة قرون، إلا إن حضارتهم لم يتبق منها شيء يُذكر، باستثناء بعض الآثار الفنية البسيطة.
الدولة الساسانية
224م: أسس أردشير الأول حكم الساسانيين. وأحيا الساسانيون الحضارة الفارسية والزرادشتية وبذلوا جهداً ملحوظاً لإعادة تقاليد الأخمينيين. وأقاموا علاقات تجارية مع عدويهم اللدودين الرومان/البيزنطيين والصينيين. وتشير الحفريات المكتشفة في الصين إلى العملات الساسانية الفضية والذهبية التي كانت مستخدمة لعدة قرون. ويحتل أردشير مكانة كبيرة لدى الإيرانيين باعتباره موحد الأمة الإيرانية وباعث الدين الزرادشتي ومؤسس الإمبراطورية البهلوية. توفي أردشير عام 240م وخلفه ابنه شابور.
260م: غزا شابور الأول للإمبراطورية الرومانية وأسر الإمبراطور الروماني فاليريان. كما أنشأ مركز "جندي شابور للتعليم العالي. وأعاد تنظيم الإمبراطورية، وأقام سد شستر، وأنشأ العديد من المدن، منها "نه شابور" (نيسابور الحالية).
274م: ظهر ماني، مؤسس مذهب (المانوية) وهي فلسفة تجمع بين المذاهب والفلسفات والأديان
301-310م: جلوس هرمز الثاني على عرش إيران، وقتل في إحدى المعارك مع العرب عام 310 م.
28 م: ظهور الداعية مزدك، في عهد حكم قباد بن فيروز، وعرض عليه نوعاً من الشيوعية في المال والنساء وقبل قباد مذهبه بهدف الحد من نفوذ النبلاء ورجال الدين. وأدت أفكار مزدك إلى حدوث صراع طبقي كبير بين الفلاحين والنبلاء. ويمكن اعتباره أول "شيوعي/اشتراكي" في العالم.
531-579م: تولى كسرى أنو شيروان حكم إيران بعد وفاة أبيه وقد استطاع في بداية حكمه القضاء على فتنة أتباع مزدك وأعاد الاستقرار إلى الأوضاع في إيران.
570م: ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم.
622م: هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، وبداية الحضارة الإسلامية.
629-632م: تناوب على عرش الإمبراطورية الساسانية أختان هما بورانداخت ابنة خسرو برويز وأختها أزارماداخت. ووقعت بورانداخت معاهدة سلام مع البيزنطيين.
من الفتح الإسلامي إلى الدولة البهلوية
642م: انتصر المسلمون على الفرس في موقعة نهاوند وانتهى حكم الأسرة الساسانية بعد مدة بلغت 416 عاماً ودخل الشعب الإيراني في الإسلام وقبل ولاية العرب المسلمين.
661م: قتل علي بن أبي طالب، آخر الخلفاء الراشدين وبداية الخلاف بين السنة والشيعة حول القيادة الإسلامية، ورغم أن فارس لم تصبح دولة شيعية إلا بعد تسعة قرون منذ ذلك الوقت، إلا إن هذا الصدام كان بالغ الأهمية في التاريخ.
661-750 م: قيام الخلافة الأموية وخضوع جميع الأراضي المفتوحة خضوعاً تاماً. واستخدام الحروف العربية في الكتابة الفارسية إلى يومنا هذا.
680م: قتل الحسين بن علي بن أبي طالب على يد الأمويين في كربلاء.
696م: اللغة العربية أصبحت اللغة الرسمية للأمة الإسلامية.
750م: ساهم الإيرانيون في إسقاط الخلافة الأموية وساعدوا في قيام الدولة العباسية. وانتقلت عاصمة الخلافة من دمشق إلى بغداد.
750-1258م: اعتماد الخلافة العباسية على الوزراء والبيروقراطية الفارسية في كثير من وظائف الدولة. وتغلغل التقاليد الفارسية في نظام الحكم العباسي. وأصبح لأسرة البرامكة الفارسية شأن كبير في النظام السياسي العباسي وتقلد كثير من أفرادها مناصب وزارية هامة في الدولة العباسية. بلغت الدولة الإسلامية ذروتها إبان الحكم العباسي.
العصر الذهبي للحضارة الفارسية
820-1220م: بدأت قبضة الحكم العربي على فارس تضعف، حيث وصلت ممالك فارسية محلية متعددة إلى سدة الحكم وأقامت دويلات مستقلة في بلادهم، مثل الطاهريين (821-873)، والصفاريين (867-903)، والسامانيين (873-999)، والزياريين (928-1007)، والبويهيين (945-1055). ثم تبعتهم الأسر التركية ذات الثقافة الفارسية مثل الغزنويين (962-1186)، والسلاجقة (1038-1153)، والدولة الخوارزمية (1153-1220). ومرة أخرى أصبحت فارس مركزاً للفن والأدب والعلوم. وكان للفرس أثر كبير في ازدهار الحضارة الإسلامية.
840-1206م: برز في هذه الحقبة نخبة من علماء المسلمين الأفذاذ مثل سيبويه، مؤسس علم النحو، والخوارزمي، في الفلك والجبر، والرازي، والفردوسي، وابن سينا، والغزالي، وعمر الخيام، وغيرهم.
عهد المغول:
1220م: قيادة تموجين أو جنكيز خان، كما لقب نفسه، لقبائل المغول عبر آسيا، واكتساحه البلاد الإيرانية من الشرق إلى الغرب والجنوب بعد أن سيطر على الصين، وقتل ملايين الإيرانيين وحرق الكثير من القرى والمدن حتى قال الإيرانيون عن المغول أنهم جاؤوا وقتلوا وحرقوا ونهبوا وذهبوا.
1227م: وفاة جنكيز خان، وتقسيم إمبراطوريته بين أبنائه.
1258-1353م: استيلاء هولاكو خان المغولي على بغداد وقتله الآلاف من الناس وحرق قصور الخلفاء ومساجدهم ومقابرهم ومكتبة بغداد الشهيرة وأعدم آخر خلفاء العباسيين. ثم تقدم المغول إلى الشام إلا إنهم هزموا على يد المصريين في موقعة عين جالوت الشهيرة فانسحبوا إلى مراغة في الشمال الغربي من إيران وأسسوا دويلتهم تحت اسم دولة الإيلخانيين.
1267م: وفاة هولاكو.
1207-1292م: ظهور بعض الشخصيات التاريخية مثل جلال الدين الرومي، الشاعر الصوفي الكبير، ونصير الدين الطوسي، عالم الفلك والفيلسوف، والسعدي، صاحب ديواني البستان والجولستان.
1295م: تولى غازان خان، حفيد هولاكو، العرش وكانت فترة حكمه العهد الذهبي للمغول في إيران حيث كان أول قائد يعتنق الإسلام وصار طابع البلاط في مدينة تبريز العاصمة إسلامياً فارسياً تماماً، وكانت الإدارة الرشيدة والرخاء أهم مميزات عهده. وساعدت إمبراطورية المغول المترامية في تسهيل تبادل الأفكار والبضائع بين الصين والهند وفارس.
1304م: توفي غازان وخلفه أخوه أولجيتو حتى توفي عام 1316م، وكان قد عُمد أثناء طفولته على أنه نصراني ولكنه اختار الإسلام بعد ذلك واتخذ لنفسه اسم محمد خدابنده وبنى مدينة السلطانية بالقرب من قزوين والتي صارت عاصمة الإيلخانيين بعد تبريز.
وفي هذه الفترة ظهرعالم البصريات الشهير كمال الدين فارسي صاحب نظرية الانكسار والانعكاس. وكذلك الشاعر الغنائي الكبير شمس الدين حافظ الشيرازي ألمع شخصية أدبية ظهرت في ذلك العصر وأشهر أعماله "الديوان".
عهد التيموريين
1405م: غزا تيمور لنك المغولي التركي إقليم فارس كله واستولى على حلب ودمشق وجعل سمرقند عاصمة له. واتسمت فتوحاته بالقسوة والتخريب والوحشية، ولكنه رغم ذلك اهتم بالفنون وجعل من سمرقند تحفة معمارية.
الدولة الصفوية
1501-1524م: تنسب إلى صفي الدين الأردبيلي الذي كان من شيوخ الصوفية التقليديين وكان شافعي المذهب. أما مؤسسها فهو إسماعيل ميرزا أو الشاه إسماعيل الأول، حيث سار إلى تبريز وهزم القبائل الموجودة فيها وجعلها عاصمته. وأعلن المذهب الشيعي الاثنى عشري مذهباً رسمياً للدولة. واستخدم كل ما أوتي من قوة لفرض مذهبه في جميع أنحاء إيران. ثم خلفه ابنه طهاسب الأول فأكمل ما بدأه أبوه ولكنه اختار أسلوب الإقناع والتأثير في نشر المذهب بدلاً من العنف والقهر. واستمرت الحروب بين الصفويين الشيعة والعثمانيين السنة مدة طويلة، ويبدو أن الضغط الخارجي سواء من جانب العثمانيين في الغرب وقبائل الأوزبك القوية في الشرق ضد الصفويين كان عاملاً مؤثراً في توحيد إيران والتفاف شعبها حول ملوك الصفويين والمذهب الشيعي.
1587-1629م: نقل الشاه عباس ملك الدولة الصفوية إلى أصفهان، حيث صارت مركزاً حضارياً متميزاً في مختلف ميادين العلم والفن والعمارة والأدب، وازدهرت في عهده علاقات إيران بأوروبا وكثر السفراء في بلاطه.
1722م: غزو محمود خان، شيخ قبيلة أفغاني لفارس والاستيلاء على أصفهان دون مقاومة فعلية وبذلك ينتهي حكم الصفويين.
1729-1747م: اعتلى نادر قلي، الملقب بنادر شاه، عرش إيران وصار مؤسساً للدولة الأفشارية. وهزم الأفغان والعثمانيين والروس والهنود ووحد دولته. ثم ما لبث أن تمزق ملكه وانهارت آلته الحربية بعد قتله بيد أحد حراسه.
1747-1779م: سيطر كريم خان زند على الأجزاء الوسطى والجنوبية لإيران ونجح في صد القاجاريين، واهتم بعاصمته شيراز.
الدولة القاجارية
1795م: كان القاجاريون إحدى القبائل السبع التي ساعدت أول ملوك الصفويين. نجح قائدهم آغا محمد خان في توحيد فروع القبيلة بالعنف والقتل، فقوي أمره واستطاع الاستيلاء على طهران وجعلها عاصمة لملكه.
1813 و 1828م: نتج عن الاستعمار الأوروبي تغلغل الإنجليز والروس في الشؤون الإيراينة. فقد سلم القاجاريون القوقاز (جورجيا وأرمينيا وأذربيجان حالياً) إلى الروس في معاهدتين منفصلتين: معاهدة جلستان عام 1813، ومعاهدة تركمان جاي عام 1828. وأرغم القاجاريون على سن قانون الامتيازات الأجنبية، والتي بموجبه أعفى جميع الرعايا الأجانب من المثول أمام القضاء الإيراني، الأمر الذي جعل الشعب الإيراني يشعر بالمذلة والإهانة. منذ ذلك الوقت وحتى مطلع القرن العشرين أصبحت إيران موزعة بين المصالح المتعارضة لروسيا وبريطانيا، فكانت روسيا تبني سياستها على أساس التوسع في آسيا وتطمع أن يكون لها ميناء في المياه الدافئة في الخليج، بينما سعت بريطانيا إلى السيطرة على الخليج وجميع الأراضي المجاورة للهند.
1834-1848م: حكم محمد شاه حفيد فتح علي شاه، ومحاولة روسيا في عهده خطب ود إيران حتى تتمكن من دعم نفوذها في ولايات القوقاز وتركستان. ظهور حركة البابية الدينية في عهده.
1847-1896م: حكم ناصر الدين شاه، ابن محمد شاه. وامتاز عهده الطويل بالعلاقات الودية مع روسيا، مما أثار بريطانيا وأعلنت الحرب على إيران وعجزت روسيا عن مساعدة إيران فاضطر ناصر الدين شاه إلى التسليم، وأبرمت معاهدة باريس عام 1858، والتي بمقتضاها اعترفت إيران باستقلال أفغانستان، ومنحت المعاهدة امتيازات وحقوقاً تجارية لبريطانيا في إيران.
1872م: حصل البارون رويتر البريطاني على امتياز من ناصر شاه يعطي بريطانيا الحق في إنشاء السكك الحديدية وطرق المواصلات، واستغلال الثروة المعدنية والبترول سبعين سنة، كما أعطتها الحق في الإشراف على الأعمال الجمركية لمدة أربع وعشرين سنة.
1882م: فتحت السفارة الأميركية في طهران، وظفرت خمس عشرة دولة أجنبية بحقوق وامتيازات لرعاياها المقيمين في طهران خلال الفترة من 1855-1900.
1896م: قتل ناصر الدين شاه وتولى مكانه ابنه مظفر الدين شاه الذي انصرف إلى ملذاته، واضطرت الحكومة إلى أن تطلب قرضاً من روسيا عام 1900.
1906م: قيام الثورة الدستورية بقيادة بعض علماء الدين والشباب الذين تأثروا بالأفكار التحررية القادمة من الغرب مؤيدين بالتجار والأشراف، وتكون أول برلمان تعهد بمعالجة كثير من المشاكل. وبرغم أن إيران لم تستعمر أبداً، إلا إنها قسمت عام 1907 إلى منطقتي نفوذ. حيث خضع القسم الشمالي للنفوذ الروسي والقسم الجنوبي الشرقي للنفوذ البريطاني، ومدت بريطانيا نفوذها إلى المنطقة الواقعة بين المنطقتين لتأمين الطريق إلى الهند. ومع نهاية الحرب العالمية الأولى انغمست إيران في حالة من الفوضى السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
[center]
الدولة البهلوية
1921م: ترقى رضا خان من ضابط بالجيش إلى وزير للحربية ثم رئيس للوزراء بعد قيامه بانقلاب. وفي عام 1925م أصبح رضا خان ملكاً على إيران كأول ملك للدولة البهلوية. وبرغم أنه كان يهدف إلى أن يصبح رئيس جمهورية، إلا إن رجال الدين أقنعوه ليصبح شاهاً (ملك)، خوفاً من تضاؤل نفوذهم في الجمهورية.
1925-1941م: كانت أولى الخطوات التي اتخذها رضا شاه بهلوي تعزيز سلطة الحكومة المركزية بإعادة بناء الجيش وتقييد حصانة زعماء القبائل، وإلغاء نظام الامتيازات الأجنبية، وكثير من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الهامة. وطالب رسمياً جميع الدول الأجنبية مخاطبة الدولة باسم إيران بدلاً من فارس. وعندما قامت الحرب العالمية الثانية رفض رضا شاه الانحياز إلى الحلفاء، فاضطر للتنازل عن العرش، وخرج من إيران تحت حراسة بريطانية إلى جزيرة موريشوس ثم إلى جنوب أفريقيا حيث توفي هناك عام 1944م وخلفه ابنه محمد رضا شاه بهلوي.
1946م: بضغط من أميركا، اضطر الروس إلى الانسحاب من الجزء الشمالي الغربي. وكانت هذه هي أول وآخر مرة يعيد فيها ستالين أرضاً محتلة في الحرب العالمية الثانية.
1951-1953م: قام محمد مصدق، بعد تعيينه رئيساً للوزراء، بتأميم البترول الإيراني من السيطرة البريطانية، مما دفع بريطانيا، خوفاً على امتيازاتها البترولية، إلى تجميد جميع الأصول الإيرانية في البنوك البريطانية ورفعت القضية إلى محكمة العدل الدولية. وحكمت المحكمة لصالح إيران. ولم ترتدع بريطانيا، فقامت بفرض حظر تجاري على إيران ونفذته بقوتها البحرية، مما أدى إلى انهيار الاقتصاد الإيراني. وخوفاً من الهيمنة الشيوعية، تكتلت الاستخبارت البريطانية والأميركية للقيام بانقلاب ضد حكومة مصدق. وسقطت الحكومة وعاد الشاه ليمسك بزمام الأمور بقوة، بعد أن غادر أثناء الانقلاب.
1962-1963م: قام الشاه بثورته البيضاء بقصد إجراء إصلاح زراعي شامل، وتعديل قانون الانتخاب، وكثير من الإصلاحات الأخرى. لكنها لم تحقق ما أراد، وهاجمها آية الله الخميني في خطبه، الأمر الذي أدى إلى نفيه.
1963-1973م: شهدت إيران نمواً اقتصادياً سريعاً وازدهاراً كبيراً تزامن مع مناخ سياسي مستقر نسبياً. وزادت قوتها العسكرية وأصبح لها مكانتها الدولية.
1973-1979م: ضاعف حظر النفط عائدات إيران بمقدار أربعة أضعاف، إذ بلغت 20 مليار دولار سنوياً. وهذه الثروة الجديدة سارعت الجدول الزمني للشاه لجعل إيران تلحق بركب الغرب. وأدى هذا التصميم من الشاه لتحديث إيران بين عشية وضحاها إلى حدوث انتكاسة ثقافية، وتضخم واختناقات اقتصادية، وتزايد الاستبداد في تناول هذه المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. فتجمع معارضو الشاه وجميع المؤسسات السياسية خلف الخميني في نهاية السبعينات وأطاحت الثورة الإسلامية بالشاه عام 1979، ومات في مصر بعد عام من نفيه. وبعد 2500 عام من الحكم الملكي تحولت إيران إلى جمهورية إيران الإسلامية.
من الشاه إلى الوقت الحاضر
16/1/1979: الإطاحة بالشاه، وسفره إلى المنفى، وتعيين شهبور بختيار رئيساً للوزراء.
1/2/1979: عودة آية الله الخميني إلى إيران بعد 15 عاما من النفي بفرنسا.
1/4/1979: الخميني يعلن إيران جمهورية إسلامية.
4/11/1979: بعد وصول الشاه المخلوع إلى أميركا للعلاج، الطلبة الإيرانيون يقتحمون السفارة الأميركية في طهران ويحتجزون 52 من الرهائن الأميركيين.
يناير/ كانون ثان 1980: انتخاب د. أبو الحسن بني صدر رئيساً للجمهورية، لكن السلطة تظل في يد الخميني، الزعيم الروحي. ثم وقع الصدام مع علماء الدين بسبب ليبراليته فعزلوه وهرب إلى فرنسا.
أبريل/ نيسان 1980: أميركا تقطع علاقاتها مع إيران لزيادة الضغط الاقتصادي على طهران.
مايو/ آيار 1980: بداية الثورة الثقافية في إيران، التي نتج عنها إغلاق كافة الجامعات والمعاهد العليا لمدة عامين.
22 سبتمبر/أيلول 1980: العراق يهاجم غرب إيران بسبب النزاعات الحدودية، ويشن أطول حرب تقليدية في القرن العشرين، والتي راح ضحيتها مليون نفس من الجانبين، ودامت ثمانية أعوام. وقامت الولايات المتحدة الأميركية بتزويد الجانبين المتحاربين بالأسلحة. كذلك كانت كوريا الشمالية والصين تزودان إيران بالسلاح، وفرنسا والاتحاد السوفياتي تزودان العراق.
20 يناير/كانون الثاني 1981: إطلاق سراح الرهائن الأميركييين -يوم تنصيب الرئيس ريغان- بعد 444 يوما في الأسر.
4 يونيو/حزيران 1989: وفاة الخميني، وانتخاب آية الله سيد على خامينئي الزعيم الروحي الجديد للجمهورية الإسلامية.
أغسطس/آب 1990: غزو العراق للكويت. وإيران تدين كل من الغزو وعملية عاصفة الصحراء.
6 مايو/آيار 1995: أميركا تحظر جميع أنواع التجارة مع إيران. وصدور قانون عام 1996 تطبق فيه أميركا عقوبات ضد أي شركة غير أميركية تقوم بالاستثمار في إيران أو ليبيا. والاتحاد الأوروبي يتحدى شرعية هذا القرار، وعدم تنفيذه.
23 مايو/آيار 1997: انتخاب محمد خاتمي رئيساً للجمهورية بنسبة 69% من مجموع الأصوات. ويعد بالعمل لحقوق الإنسان، وسيادة القانون، وإفساح مجال أكبر للديمقراطية، وإعادة العلاقات مع الغرب. رد فعل المحافظين على إصلاحاته يهيئ المسرح لصراع السلطة الحالي حول مستقبل إيران.
التاريخ القديم
كان أول ظهور للكويت في التاريخ في عهد اليونانيون في القرن الثالث قبل الميلاد ، حينما استولت قوات الإسكندر الأكبر على جزيرة فيلكا، و أسماها اليونانيون باسم إيكاروس ، و قد كانت الجزيرة سكنا لبعض اليونانيون و بعض التجار الأجانب و بعض السكان المحليين ، و قد قام تنافس بين البيزنطيين في سوريا و البتراء و ملوك مصر أدى إلى تقليل أهمية الجزيرة ، و يوجد في فيلكا معبد يوناني لخدمة الإله أبولو ، تسمية الجزيرة مختلف عليها ، فهناك من يقول بأن التسمية يونانية ، و هناك من يقول بأن التسمية برتغالية و هناك من يقول بأن التسمية عربية ، و قد كانت تسمى الجزيرة بإسم أفانا ، و قد سميت بإسم فيلكا و هي تعني في اللغة اليونانية الجزيرة البيضاء و يحتمل أن تكون اللفظة محرفة من كلمة فيلكس في اللغة اليونانية و هي تعني الجزيرة السعيدة ، في عام 1958 تم إكتشاف حجر إيكاروس الذي به تم التأكد أن الجزيرة كانت تسمى بهذا الاسم في أيام الإسكندر الأكبر ، و سميت الجزيرة باسم فيلكا أو فيلجا بلفظ السكان المحليين ، و هي كلمة مأخوذة من كلمة فلج بمعنى الماء الجاري و الأرض الطينية الصالحة للزراعة و قد سميت بهذا الاسم في العصور الإسلامية الأولى
قامت مملكة ميسان و هي مملكة عربية في جنوب العراق وامتدت حتى شمال الكويت في عام 127 قبل الميلاد ، حدثت معركتين في الكويت في جبل واره ، فكانت الأولى هي يوم واره الأول و الثانية هي يوم واره الثاني ، المعركة الأولى كانت بين المنذر ابن ماء السماء و قبيلة بكر بن وائل التي خرجت عن طاعته ، فسار إليهم حتى يعودوا إلى طاعته و لكنهم أبوا ، فقاتلهم فهزمهم و قد أقسم بأن يقتلهم في أعلى جبل واره حتى يسيل دمهم إلى الوادي ، فبدأ في قتلهم في قمة الجبل ، و لكن الدم جمد فقيل له لو صببت الماء لوصل الدم إلى الوادي ، فصبوا الماء و وصل الدم إلى الوادي ، و في المعركة الثانية أعلنت قبيلة تميم العصيان على عمرو بن هند ملك الحيرة ، فقاموا بالإغارة على إبله ، فقام بقتالهم فهزمهم ، و أسر منهم الكثير و أمر بقتلهم و حرقهم في جبل واره
في عام 12هـ قامت معركة ذات السلاسل بين المسلمين و الفرس في مرتفعات كاظمة في شمال الكويت ، و قد انتهت المعركة بانتصار المسلمين.
تأسيس مدينة الكويت
وقد كانت تعرف منذ أوائل القرن السابع عشر بالقرين ، وسميت بالقرين أو الكويت تصغيراً من قرن وكوت ، والقرن يعني التل أو الأرض العالية وأما الكوت فهو القلعة أو الحصن.
سكنت الكويت في القرن السابع عشر والقرن الثامن عشر من قبل بعض القبائل الذين هاجروا من نجد في القرن السادس عشر إلى سواحل الخليج العربي في الزبارة و سمي الناس الذين هاجروا بالعتوب ، بسبب عتوبهم من نجد بعد القحط الشديد فانتقلوا إلى الزبارة.
إنتقل العتوب بعدها إلى الكويت ، واستوطنوها حيث كان لبني خالد كوتاً في ذلك الموقع ومن هذا الكوت جاءت تسمية الكويت ، و استقر العتوب حول هذا الكوت في عام 1711م ، و قد استوطنوا تحت حكم بني خالد فترة من الزمن ، وامتهن بعضهم الغوص على اللؤلؤ ، فازدهرت أعمالهم وتكاثر السكان في المدينة ، ثم أختير الشيخ صباح بن جابر كأول حاكم لهم في عام 1752م
عهد الشيخ صباح بن جابر
أختير صباح بن جابر ليصبح أول حاكم لهم و ذلك بسبب حاجتهم إلى من يأمر عليهم و يكون مرجعا لهم في حل المشكلات و الفصل في القضايا والخلافات ، و بسبب ضعف بني خالد التي كانت تحمي الكويت في السابق ، فوافقهم ، و كان حكمه يرتكز على استشارة كبار قومه في أهم الأمور ، و له السمع و الطاعة بما يقضي به من أمور وفق الشريعة الإسلامية.
عهد الشيخ عبد الله بن صباح بن جابر
بعد وفاة صباح بن جابر عام 1762 ، استلم إبنه عبد الله بن صباح الأول الحكم ، والذي حكم لفترة طويلة استمرت حتى عام 1812 ، وفي فترة حكمه تم رفع أول علم للإمارة وهو العلم "السليمي" وذلك لتمييز السفن الكويتية بعد أن أصبح للإمارة أسطول بحري ، و في فترة حكمه خاض الكويتيون أولى معاركهم عام 1783 ، وهي معركة الرقة البحرية ، و قد جرت أحداثها بالقرب من جزيرة فيلكا ، و كانت بين الكويتيين وقبيلة بني كعب التي كانت تريد الاستيلاء على الكويت ، و قد انتهت المعركة بانتصار الكويتيين ، و في نفس العام ، تم بناء أول سور حول مدينة الكويت ، و قد بلغ طوله 750 متراً ليحمي المدينة من الغزو الخارجي بعد معركة الرقة البحرية ، و يقال أن السور الأول كان عبارة عن الكوت الموجود في الكويت ، في مارس 1811 خاضت الكويت معركة رحمة مع البحرين بقيادة عبد الله بن أحمد آل خليفة و جابر بن عبد الله الصباح من الكويت ضد حاكم الدمام رحمة بن جابر الجلهمي بدعم من سعود بن عبد العزيز بن محمد حاكم نجد ، و انتهت المعركة بانتصار البحرين و الكويت .
عهد الشيخ جابر بن عبد الله بن صباح
بعد وفاة عبد الله بن صباح الأول في عام 1812 ، تسلم إبنه جابر بن عبد الله الصباح الحكم، و في عام 1815 تم بناء السور الثاني حول مدينة الكويت، و ذلك بسبب نية بندر السعدون حاكم قبائل المنتفق أن يغزو الكويت، و قد كان طول السور 2300 متراً ، و في يونيو 1831 انتشر مرض الطاعون في الكويت، و قد قضى على الآلاف من أهل الكويت و قد سميت تلك السنة بسنة الطاعون ، و قد تم عمل مسلسل تاريخي كويتي للتذكير بما حصل في تلك السنة، و قد سمي المسلسل باسم مسلسل الدروازة، و قد تم عرضه في عام 2022 .
عهد الشيخ صباح جابر الصباح
في عام 1859 توفي الشيخ جابر بن عبد الله الصباح ، و تولى إبنه صباح جابر الصباح الحكم ، و في عهده اتسعت التجارة و كثرت أموال الكويت ، و أراد أن يفرض رسوماً جمركيةً على البضائع الخارجة من الكويت فقال له تجار الكويت : لا تجعل على أموالنا ما لم يجعله أبوك و لا جدك من قبل ، ولم يستطع إقناعهم ، و لكنهم قالوا له : ستكون أموالنا وقفاً على ما تحتاج إليه الكويت ، فوافقهم على ذلك ، توفي في عام 1866م.
عهد الشيخ عبد الله بن صباح الصباح
بعد وفاة صباح جابر الصباح في عام 1866 تولى إبنه عبد الله بن صباح الصباح الحكم ، و قد اشتهر باسم عبد الله الثاني الصباح ، و في عام 1866 أصدر أول عملة كويتية ، و لكنها لم تستمر طويلا ، و قد كان إسمها البيزة في عام 1868 حدث ما يعرف باسم سنة الهيلق ، حيث عم الجوع الكويت ، و قد كان الناس يأكلون باقي الذبائح و قد استمروا على هذا الحال حتى عام 1870 ، و في عام 1871 شهدت الكويت حادثة الطبعة ، و قد كانت تسمى باسم طبعة أهل الكويت ، لاختلافها عن الطبعات التي حدثت في دول الخليج في أعوام 1910 و 1916 و 1925 ، حيث غرقت العديد من السفن الكويتية بعد إعصار مدمر حدث في الطريق بين الهند و عمان ، و في عهده رفع العلم العثماني الأحمر في سنة 1871م على السفن الكويتية بدلاً من العلم السليمي بعد مضايقة الحكومة العثمانية لهم ولأمور رآها الشيخ في صالحه وتعود عليه وعلى أهل بلدته بالخير من الإعفاء الجمركي والضرائب وعدم مصادرة ممتلكاتهم في البصرة والسيبه والفاو والزبير تعبيراً عن التبعية للخلافة العثمانية، و في عام 1871 قام بمساعدة الدولة العثمانية على السيطرة على إقليم الإحساء ، حيث تولى قيادة ثمانين سفينة بالإضافة إلى تسيير جيش بري بقيادة أخوه الشيخ مبارك الصباح .
عهد الشيخ محمد بن صباح الصباح
في 17 مايو 1892 توفي الشيخ عبد الله بن صباح، و تولى الحكم بعده أخوه الشيخ محمد بن صباح الصباح ، و لكنه لم يلبث طويلا في الحكم حتى اغتاله أخوه مبارك الصباح في عام 1896
الكويت تحت الحماية البريطانية
عهد الشيخ مبارك الصباح (1896-1915)
تولى الشيخ مبارك الصباح سدة الإمارة في الكويت في 13 مارس 1896 بعد اغتياله لأخيه الشيخ محمد بن صباح الصباح أمير الكويت.
طلب الشيخ مبارك الصباح بعدها الحماية البريطانية في سبتمبر من عام 1897 إلا أن طلبه قوبل بالرفض معللة بأن بريطانيا لا ترى ضرورة في التدخل في شؤون المنطقة إلا أنها غيرت موقفها و وافقت على إبرام الاتفاقية في 23 يناير 1899 بسبب خشيتها من امتداد النفوذ الألماني الذي كان يسعى لمد سكة حديد من برلين إلى كاظمة شمال جون الكويت.
وكان من بنودها أن لا يقبل الشيخ مبارك وكيلاً أو قائم مقام من جانب أي حكومة وأن يمتنع عن منح أو بيع أو رهن أو تأجير أي قطعة أرض من أراضي الكويت لدولة أخرى بغير أن يحصل على إجازة من بريطانيا .
في عام 1901 أغار الشيخ حمود الصباح و الشيخ جابر المبارك الصباح على قبائل ابن رشيد من شمر في الرخيمة غرب حفر الباطن كسب خلالها الجيش الكويتي غنائم عديدة
في عام 1901 قام الشيخ مبارك بحشد قوات كبيرة للخروج إلى حائل عاصمة دولة آل رشيد والتفي مع عبد العزيز بن متعب بن عبد الله الرشيد في معركة الصريف في شمالي غرب بريده انتهت بانتصار قوات عبد العزيز الرشيد ، و في عام 1903 أغارت قوات مشتركة بقيادة كل من عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود والشيخ جابر المبارك الصباح على سلطان الدويش في جولبن بالصمان بسبب ميله لبن رشيد وغنموا 5,000 رأس من الإبل ، و في عام 1910 حدثت معركة هدية بين مبارك الصباح و عبد العزيز بن سعود أمام ابن سعدون زعيم المنتفق ، و قد كان قائد جيش الكويت جابر المبارك الصباح ، و قد أغار على جيش السعدون الذي كان أكثر منهم ، فانهزموا و تركوا الكثير من الأمتعة و الأبل و الخيل للسعدون ، و قد سميت بذلك المعركة باسم معركة هدية .
أنشأت أول مدرسة نظامية في الكويت في عهده عام 1911 سميت بالمدرسة المباركية نسبة إلى اسمه. و في عام 1912 قام الشيخ مبارك الصباح برفع قيمة الضرائب على التجار في الكويت ومنع الغواصين من الغوص معللاً بحاجته للرجال للدفاع عن المدينة والظهور بمظهر القوي ، واحتج كبار التجار على هذا القرار ، و قاموا بالهجرة إلى البحرين وهم هلال فجحان المطيري و إبراهيم المضف و و شملان بن علي ، وندم مبارك على هجرة التجار فأرسل وفدا يحمل رسالة تتضمن الاعتذار لهم وحثهم للرجوع للكويت إلا أنهم رفضوا ، فأرسل إبنه سالم المبارك الصباح وقام بالاعتذار لهم فرجعوا إلى الكويت عدا هلال فجحان المطيري فقام مبارك بالذهاب إلى البحرين بمركبة البخاري مشرف وقابل شيخ البحرين عيسى بن على آل خليفة ورجع هلال معه إلى الكويت.
و في عام 1914م قرر مبارك الصباح رفع علم خاص به ، و ذلك بعد مناقشات حول العلم الذي سيخلف العلم العثماني بعد المعاهدة التي تمت مع البريطانيين في عام 1899م ، خاصة بعد نشوب الحرب العالمية الأولى التي كان الإنجليز والأتراك طرفين متناقضين فيها ، وبعد تعرض سفن أحد كبار التجار الكويتيين إلى إعتراض من الزوارق الحربية البريطانية بسبب رفعها العلم العثماني وتهديدها للسفن الكويتية بالإغراق إذا ما استمرت في رفع العلم العثماني الذي يتناقض رفعه مع وجود معاهدة مبرمة بين البلدين ، وهو علم أحمر وفي وسطه كلمة كويت ، واختار من العلم ثلاثة أشكال ، مثلثا للإمارة ، ومربعا للدوائر الحكومية ومستطيلاً للسفن ، وقد مرت على هذا العلم بعض التعديلات الطفيفة ولكنه استمر حتى عام 1961م.
عهد الشيخ جابر المبارك (1915-1917)
بعد وفاة الشيخ مبارك تولى إبنه الشيخ جابر المبارك الصباح الحكم غير إنه لم يلبث في الحكم طويلا و توفي فأسندت الإمارة إلى أخيه الشيخ سالم المبارك الصباح في يناير من سنة 1917
عهد الشيخ سالم المبارك الصباح (1917-1921)
تولى الشيخ سالم المبارك الحكم بعد وفاة أخيه الشيخ جابر المبارك الصباح شهدت خلالها الكويت بناء ثالث سور في تاريخها في عام 1920 الذي شيد بعد هزيمة الجيش الكويتي بقيادة دعيج الصباح في معركة حمض . في عهده قام الإخوان بقيادة فيصل بن سلطان الدويش بالهجوم على الجهراء في 10 أكتوبر 1920 فحدثت معركة الجهراء وفي 1921 توفي الشيخ سالم الصباح.
عهد الشيخ أحمد الجابر الصباح (1921-1950)
تولى الشيخ أحمد الجابر الصباح الحكم في الكويت بعد وفاة عمه الشيخ سالم الصباح ، و في يوم 2 ديسمبر 1922 تم توقيع بروتوكولات العقير التي ترسم الحدود بين سلطنة نجد و مملكة العراق و الكويت ، و قد أقتطع أكثر من ثلثي المساحة التي كانت تسيطر عليها الكويت و تم إعطاءها لسلطنة نجد ، في يوم 28 يناير 1928 قامت معركة في الكويت بين الكويتيون بقيادة علي الخليفة الصباح و علي السالم الصباح و الإخوان بقيادة علي بن عشوان عند آبار الرقعي ، و قد سميت المعركة باسم معركة الرقعي ، وقد شهدت الكويت في عهده نهضة سياسية تمثلت في تأسيس أول مجلس شورى في الكويت عام 1938 ، ونهضة اقتصادية تمثلت باكتشاف النفط في الكويت في عام 1937 في بئر بحر، وفي 30 يونيو 1946 تم تصدير أول شحنة نفط من الكويت ، و في عهد الشيخ أحمد الجابر الصباح تم تأسيس مدينة الأحمدي في عام 1948 ، و قد سميت بهذا الاسم نسبة إلى الشيخ أحمد الجابر الصباح و في عام 1950 توفي الشيخ أحمد الجابر الصباح.
استقلال الكويت
عهد الشيخ عبد الله السالم الصباح (1950-1965)
تولى الحكم الشيخ عبد الله السالم الصباح في 25 فبراير 1950 ، و قد سمي لاحقا بإسم "أبو الدستور" لأنه هو الذي أمر بصياغة دستور لتنظيم الحياة السياسية في الكويت ، و تم في عهده التوسع العمراني الكبير ، حيث بدأ الناس بالخروج من داخل السور ، و في عام 1957 تم هدم السور مع الإبقاء على البوابات الخمس ، وفي 19 يونيو 1961 تم إلغاء معاهدة الحماية البريطانية التي وقعت في 23 يناير 1899 ، و تم إعلان استقلال دولةالكويت ، و في 11 نوفمبر 1962 تم إصدار دستور دولة الكويت ، وفي تاريخ 7 سبتمبر 1961م صدر قانون جديد بعد الاستقلال بشأن العلم الوطني لدولة الكويت ليكون العلم الجديد رمزاً لاستقلال البلاد ، فتم استبدال العلم القديم بالجديد في صبيحة يوم 24 نوفمبر 1961م ، ويتكون من أربعة ألوان : الأحمر والأخضر والأبيض والأسود وهذه الألوان مستوحاة من بيت الشعر العربي :
بيض صنائعنا سود مواقعنا
خضر مرابعنا حمر مواضينا
و في 29 يناير 1963 تم افتتاح أول جلسة لمجلس الأمة ، و قد ترأس المجلس عبد العزيز حمد الصقر حتى استقال في عام 1965 ، و بعده ترأس المجلس سعود عبد العزيز العبد الرزاق و من أهم منجزات هذا المجلس هو تشكيل الوزارات و عدم الجمع بين العمل التجاري و الوزاري ، و في 14 مايو 1963 انضمت الكويت إلى الأمم المتحدة ، و في عام 1965 توفي الشيخ عبد الله السالم الصباح.
عهد الشيخ صباح السالم الصباح (1965-1977)
تولى الحكم الشيخ صباح السالم الصباح بعد وفاة أخيه الشيخ عبد الله السالم الصباح ، و استمر في الحكم حتى 31 ديسمبر 1977 [48] حيث توفي ، و كان أول وزيراً للخارجية بتاريخ الكويت وذلك بالوزارة الأولى من عام 1962 ، و في عهده تم عقد الانتخابات الثانية لمجلس الأمة الكويتي ، و قد بدأت جلسات مجلس الأمة الكويتي 1967 في 7 فبراير 1967 ، و قد انتهت أعماله في 30 ديسمبر 1970 ، و ترأس المجلس أحمد زيد السرحان حتى عام 1970 و من أهم منجزات هذا المجلس قانون دعم الدول العربية في حربها ضد إسرائيل و قانون إنشاء محكمة أمن الدولة ، و في 10 فبراير 1971 تم بدأ أعمال مجلس الأمة الكويتي 1971 و انتهت أعماله في 8 يناير 1975 و ترأس المجلس خالد صالح الغنيم حتى عام 1975 و من أهم منجزات هذا المجلس هو قانون إنشاء المحكمة الدستورية ، و في 11 فبراير 1975 بدأ أعمال مجلس الأمة الكويتي 1975 ، و قد انتهت أعماله في 19 يوليو 1976 بعد أن حل الأمير مجلس الأمة الكويتي ، و كان رئيس المجلس آن ذاك خالد صالح الغنيم ، و من أهم منجزات المجلس قانون الخدمة العسكرية الإلزامية و قانون تأميم النفط.
عهد الشيخ جابر الأحمد الصباح (1978-2006)
تولى الحكم الشيخ جابر الأحمد الصباح في 31 ديسمبر 1977 ، و في يوم 8 فبراير 1978 عين الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح وليا للعهد ، في يوم 9 مارس 1981 عاد مجلس الأمة الكويتي للعمل ، و الشيخ جابر هو صاحب فكرة إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية ، والذي وقع على إنشاءه في أبوظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة بتاريخ 25 مايو 1981 .
في صيف عام 1982 حدثت أزمة سوق المناخ ، حيث كانت إحدى أكبر الهزات في تاريخ الكويت الاقتصادي ، حيث عجز العديد من المتداولين في بورصة الكويت من دفع بعض الشيكات المؤجلة ، و قد كان العديد من المستثمرين يشترون و يبيعون الأسهم بالآجل ، مما أدى إلى ارتفاع قيمة الأسهم ثم انخفاضها بشكل كبير مما آل إلى حدوث أكبر أزمة اقتصادية في الكويت ، و قد حلت الحكومة المشكلة بعد شراءها اسهما بقيمة 2.5 مليار دولار أمريكي .
في 19 يناير 1985 انتهت أعمال دورة مجلس الأمة الكويتي 1981 ، و قد ترأس المجلس في هذه الدورة محمد يوسف العدساني و من أهم منجزات المجلس قانون تعديل بعض أحكام قانون الجنسية و قانون بالموافقة على تيسير التبادل التجاري بين الدول العربية ، و في 9 مارس 1985 بدأت دورة مجلس الأمة الكويتي 1985 أعماله ، و في 2 يوليو 1986 تم حل مجلس الأمة الكويتي من قبل الأمير ، و قد كان رئيس المجلس في هذه الدورة أحمد عبد العزيز السعدون ، و من أهم منجزات المجلس قانون جرائم المفرقعات.
في 25 مايو 1985 تعرض الشيخ جابر الأحمد الصباح إلى محاولة اغتيال و لكنها فشلت ، و قد توفي شخصين من الحرس المرافق في الحادثة ، و قد اعترضت سيارة موكب الأمير من قبل أحد المتشددين ، و قد تم اتهام حزب الدعوة بتنفيذ هذه العملية
في عام 1988 أختطفت طائرة تابعة للخطوط الجوية الكويتية اسمها الجابرية وقام المختطفون بقتل بعض الركاب فيها.
الاجتياح العراقي للكويت
في 2 أغسطس 1990 قامت وحدات كبيرة من الجيش العراقي بعبور الحدود الكويتية ونشيت معارك متفرقة استمرت يومين ثم أعلن بعدها في 4 أغسطس حكومة كويتية مؤقتة برئاسة العقيد في الجيش الكويتي علاء حسين استمرت الحكومة عدة أيام حتى 8 أغسطس حيث تم إعلان ضم الكويت للعراق ، واعتبارها المحافظة التاسعة عشر للعراق ، و قد تم تعيين عزيز صالح النومان محافظ للكويت
استمر الاحتلال العراقي 7 شهور ، و قد كان للكويتيون دور كبير في مقاومة الجيش العراقي ، ففي يوم 24 فبراير 1991 قام الجيش العراقي بمهاجمه بيت كان يحتوي على 19 من المقاومين ، و يعرف هذا البيت باسم بيت القرين ، و قد قتل 12 من المقاومين و قد تم تدمير البيت بشكل جزئي و هو الآن متحف لعرض ما حدث من خلال الغزو ، وحيث قامت حرب الخليج الثانية بين العراق و تحالف دولي من 32 دولية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق استخدام الاراضي السعوديه ، أسفرت عن انتصار قوات التحالف وتحرير دولة الكويت في يوم 26 فبراير 1991. وقد قامت المملكة العربية السعودية باستضافة المواطنين الكويتيين أثناء الحرب.
قبل تحرير الكويت بأيام ، قام الجيش العراقي بتدمير آبار البترول ، و دمرت ما يقارب من 1073 بئر نفطي في الكويت ، و قد قال الخبراء بأن الآبار لن تنطفي قبل ثلاثة سنوات ، و بدأ العمل في إطفاء الآبار في 3 مارس 1991 أي بعد أسبوع واحد من التحرير ، و في 6 نوفمبر من نفس العام تم إخماد آخر بئر مشتعل في الكويت .
بعد التحرير
كان الشيخ سعد العبد الله الصباح من أوائل القادمين للكويت بعد التحرير ، والذي أصبح حاكم البلاد بعد تطبيق الأحكام العرفية ، و قد رفعت في 26 يونيو 1991 بعد أربعة أشهر من تطبيقها .
في 20 أكتوبر 1992 عادت الحياة النيابية مرة أخرى في مجلس الأمة الكويتي 1992 ، و قد انتهت أعمال المجلس في 5 أكتوبر 1996 ، و قد ترأس المجلس أحمد عبد العزيز السعدون ، و في 20 أكتوبر 1996 بدأت أعمال مجلس الأمة الكويتي 1996 ، و قد انتهت أعمال المجلس في 4 مايو 1999 بعد أن حل الأمير المجلس ، و قد ترأس المجلس أحمد عبد العزيز السعدون ، و في 17 يوليو 1999 بدأت أعمال مجلس الأمة الكويتي 1999 ، و انتهت أعماله في 30 يونيو 2022 ، و قد ترأس المجلس جاسم الخرافي.
و في 15 يناير 2022 توفي الشيخ جابر الأحمد ونودي بالشيخ سعد العبد الله أميراً للكويت بحسب الدستور حيث كان ولي العهد ، و قد ثارت شكوك حول أهليته الصحية بسبب ظروفه الصحية وظروف مرضه ، ثم تم عزله بقرار من البرلمان بسبب ظروفه الصحية ، وتمت مبايعة الشيخ صباح الأحمد الصباح أميراً لدولة الكويت و قد كان في وقتها رئيس لمجلس الوزراء .
عهد الشيخ صباح الأحمد الصباح (2006-إلى الآن)
في 29 يناير 2022 تمت مبايعة الشيخ صباح الأحمد الصباح حاكما لدولة الكويت ، و قد أدى اليمين الدستورية في يوم 29 يناير 2022 ، و في يوم 21 مايو 2022 حل مجلس الأمة الكويتي 2022 ، و في 12 يوليو 2022 بدأ مجلس الأمة الكويتي 2022 أعماله ، و من أهم منجزات المجلس هو إقرار قانون إعطاء المرأة الحق في الانتخاب و الترشح ، و قد حل الأمير مجلس الأمة الكويتي في 19 مارس 2022 .
خريطه البحرين
علم البحرين
يعود تاريخ مملكة البحرين إلى أكثر من 5000 عام عندما كانت مركز حضارة دلمون، التي كانت مسيطرة على الخطوط التجارية بين الحضارة السومرية وحضارة وادي الإندوس (السند).
تايلوس وأرادوس
في القرن الميلادي الأول، كانت البحرين تسمى "تايلوس" من قبل الإغريق حينما قدم " نيرخوس " لاكتشافها تنفيذاً لأمر الإسكندر الأكبر. وكانت تايلوس مركز تجارة الؤلؤ. في حين سميت جزيرة البحرين باسم "تايلوس"، سميت جزيرة المحرق باسم "أرادوس". الجدير بالذكر أن مدينة عراد الواقعة في محافظة المحرق الآن أخذ اسمها من ذلك المسمى. في القرن الرابع الميلادي، أصبح البحرين ملحقة بإمبراطورية الساسانيين (المعروفة بعد ذلك باسم بلاد فارس). ولقد تركت المسيحية النسطورية آثارها في المحرق، فأسماء بعض القرى التي أطلقوها كالدير والسماهيج لا زالت موجودة
وصول الإسلام
عرفت قبيل ظهور الإسلام باسم " أوال " . وقد سميت بذلك نسبة إلى صنم على شكل رأس ثور، يقع في جزيرة المحرق الحالية، ويعبده أقوام من بني بكر بن وائل وتميم حسب ما تذكر المصادر الإسلامية. وقد كانت جزر "أوال " في تلك الفترة مرتبطة بالساحل الشرقي للجزيرة العربية، وشكلت الجزر في تلك الفترة مع المنطقة الممتدة من العراق شمالاً إلى قطر جنوباً إقليماً واحداً يسمى بلاد البحرين، وظلت الجزر مرتبطة سياسياً بشكل كبير بباقي بلاد البحرين منذ ذلك الوقت. فقد وقعت بلاد البحرين تحت هيمنة الفرس الساسانيين في تلك الفترة، يحكمونها عن طريق ولاة من العرب. وكان والي البحرين وقت ظهور الإسلام هو المنذر بن ساوى من بني تميم ومقره مدينة هجر (الأحساء الحالية)، وأكثر سكان الإقليم من قبائل عبدالقيس وبني بكر بن وائل من ربيعة إلى جانب بني تميم. وقد كانت وقد كانت جزر البحرين، مركزاً للنصرانية النسطورية، ثم صار إقليم البحرين من أوائل الأقاليم التي اعتنقت الإسلام، وولى سيدنا محمد ( صلي الله عليه وسلم ) عليها العلاء الحضرمي في 629 م (العام السابع للهجرة) وبعثه برسالة سلمها إلى حاكمها المنذر بن ساوى التميمي.
وفي الفتنة الثانية التي تلت موت الخليفة الأموي يزيد بن معاوية، احتلت طائفة النجدات من الخوارج بلاد البحرين ثم استعادها الأمويون زمن عبدالملك بن مروان. ومن آثار العصر الأموي في جزر البحرين بقايا مسجد الخميس، وهو من أقدم المساجد في التاريخ، وكان بناؤه في عهد الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز.
العصور الوسطى
وبعد استيلاء العباسيين على الخلافة سنة 750 م (132 هـ) جعلوا بلاد البحرين وعمان تحت ولاية اليمامة، حتى ظهرت حركة القرامطة التي استولت على شرق الجزيرة العربية سنة 899 م، وجعلت عاصمتها في الأحساء. وقد كانت جزر أوال أول الأقاليم التي انسلخت عن القرامطة، وذلك عندمااستقل بها أبو البهلول العوام من بني عبدالقيس سنة 1058 م وخطب للخليفة العباسي القائم بأمر الله في صلاة الجمعة. وحاول القرامطة استعادة الجزر سنة 1066 م فصدّهم أبو البهلول عنها في معركة بحرية، وانقضّ عرب البحرين على القرامطة في الأحساء على إثر ذلك فسقطت دولتهم سنة 1076 م على يد العيونيين مستعينين بالسلاجقة. وبسقوط القرامطة تناوب على حكم بلاد البحرين ببرّها وجزرها عدة سلالات عربية، حيث استولى ابن عيّاش على القطيف وأوال من أبي البهلول العوام، ثم بسط العيونيون حكمهم على كافة بلاد البحرين سنة 1076 م، تلاهم بعد ذلك العصفوريون سنة 1252 م، ثم الجروانيون سنة 1330 م. وتخلل ذلك احتلال أتابك فارس التركي لجزر البحرين بين 1235 و1253 م. وبعد عام 1330 م صارت بلاد البحرين تدفع الجزية لحكام هرمز، وفي هذه الفترة تظهر لأول مرة في المصادر التاريخية مدينة المنامة، عاصمة البحرين الحالية واستمرت البحرين تحت هيمنة هرمز حتى أوائل القرن الخامس عشر حين قامت قبيلة الجبور البدوية من بني عقيل على الجروانيين واستولت على كافة بلاد البحرين، وفرض زعيمهم أجود بن زامل الأتاوة على الهرمزيين.
ولا يمكن تحديد الوقت الذي انحسر فيه مسمى "البحرين" عن كافة شرق الجزيرة العربية واختصت به جزر البحرين، إلا أن الرحالة الدمشقي ابن المجاور من أهل القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي) والمغربي ابن بطوطة (القرن الرابع عشر الميلادي) كانا من أقدم من استخدم اسم "البحرين" للدلالة على الجزر دون باقي شرق الجزيرة العربية.
البرتغاليون والفرس
في عام 1521 م وصل البرتغاليون إلى البحرين وأنزلوا قواتهم بها. ونازلهم فيها زعيم الجبور مقرن بن زامل فوقع قتيلاً في المعركة وبذلك سقطت جزر البحرين تحت الحكم البرتغالي لثمانين عاماً حتى قام الفرس الصفويون باحتلال الجزيرة سنة 1602 م. وقد ظلت تحت الهيمنة الفارسية بشكل مباشر أو غير مباشر حتى سنة 1783 م، تخلل ذلك غزوات من عمان (1717 و1738 م) وفترات من الاستقلال على يد العرب الهولة. وفي عام 1753 م، استولى نصر المذكور، الحاكم العربي لمدينة بوشهر الإيرانية، على البحرين نيابة عن كريم زند حاكم إيران.
العتوب
وفي سنة 1783 م قام العتوب بقيادة أسرة آل خليفة أهل الزبارة في قطر بهجوم بحري في البحرين، فهزموا نصر المذكور واستقلوا بالبحرين.
بعد هزيمة نصر آل مذكور في معركة الزبارة عام 1782م وسقوط سيفه في يد الشيخ سلامة بن سيف آل بن علي العتبي قائد العتوب ، انتقلوا حكام الزبارة العتوب آل بن علي من مقرهم في الزبارة إلى جزيرة المحرق في البحرين واسسوا فريجهم وهو أكبر واقدم فريج في مدينة المحرق إلى هذا اليوم وهو فريج آل بن علي. ثم انتقلت بعض الاسر والقبائل وسكنت مع آل بن علي العتوب في المحرق.وكانوا العتوب آل بن علي اقوى قبيلة في البحرين في ذلك الوقت من ناحية العدد والقوة البحرية كما ذكرت عنهم الوثيقة العثمانية المؤرخة عام 1701 بما يملكونه من قوة بشرية وبحرية وما فعلوا في جيش نصر آل مذكور في الزبارة عام 1782م خير دليل على ذلك. وكانوا العتوب آل بن علي يملكون النخيل وبساتين كثيرة في جزيرة سترة والنبيه صالح ومناطق اخرى ولازالوا محتفظين بهذه الصكوك إلى يومنا هذا. فكانت هذه القبيلة مستقلة ذاتيا ولم يكن لاى أحد اى نوع من السلطة على هذه القبيلة العتوب آل بن علي, حتى في عهد الشيخ عيسى بن علي آل خليفه لم يفرض اى ضرائب على العتوب آل بن علي. وكان لديهم علم يرفع فوق سفنهم اثناء الحروب و في مواسم صيد اللؤلؤ وفي المناسبات كالزواج والاعياد وفي العرضة الحربية ويسمى هذا العلم بالعلم السليمي نسبة إلى قبيلة الام بني سليم وهو مميز باربعة خطوط حمراء متبادلة مع ثلاثة خطوط بيضاء. وقد حاولت بريطانية كسب هذه القبيلة عدة مرات لكي تحكم الجزيرة تحت طاعتهاو تحمي مصالحها لمي تتوسع نفوذها بكونها تريد ان تستعمر البحرين ولكنها لم تنجح ورفضوا العتوب آل بن علي ذلك لذا اختارت عائلة اخرى لتكون تحت نفوذها الاستعمارى وبعد ذلك قررت قصف هذه القبيلة عندما كانت في الزبارة عام 1895م لكيسر نفوذها وشكوتها.
آل خليفة
ولكن لم يستتب الأمر لآل خليفة إلا بعد التصدي لسلسلة من الغزوات العمانية بين عامي 1799 و1828 م، كما اضطروا لدفع الجزية لإمارة الدرعية ("الوهابيين") لبضع سنوات. وقد جعل آل خليفة قاعدتهم في جزيرة المحرق، بينما كانت الحاضرة الكبرى في البحرين هي المنامة.
وبعد قيام الدولة السعودية الثانية حاول حاكمها فيصل بن تركي السيطرة على البحرين واستطاع فرض الزكاة عليها مؤقتاً. واستمرت النزاعات بين الطرفين وامتد حكم آل خليفة في بعض الأوقات إلى قلعة الدمام، إلا أن تلك الفترة شهدت أيضاً دخول الإمبراطورية البريطانية إلى الخليج العربي. وقد كانت بريطانيا تعتبر الخليج بمثابة بحيرة بريطانية وحلقة اتصال مهمة في الطريق إلى ممتلكاتها في الهند. وحرصت بريطانيا على بقاء البحرين مستقلة عن الدول المحيطة كالسعوديين، فقامت بريطانيا سنة 1859 م بإبلاغ فيصل بن تركي بأنها تعتبر البحرين "إمارة مستقلة،" وأرسلت أسطولاً بحرياً لحمايتها. وبعد سلسلة من المعاهدات بين بريطانيا وحكام البحرين — أولها معاهدة السلام البحري عام 1820 — وقع آل خليفة اتفاقية الحماية البريطانية سنة 1861 م، وظلت البحرين محمية بريطانية حتى سنة 1971 م. وقد قدّر الرحالة البريطاني بالغريف عدد سكان البحرين وقت توقيع الاتفاقية بنحو 70,000 نسمة.
أدت المعاهدة بين البحرين وبريطانيا إلى تغييرات اجتماعية جذرية. تأسست أول مدرسة تعليمية عام 1919 وكانت هي مدرسة الهداية الخليفية للبنين، وكذلك تم افتتاح أول مدرسة للبنات في منطقة الخليج في البحرين عام 1928 وهي مدرسة خديجة الكبرى. اكتشاف النفط في البحرين عام 1932، وكانت البحرين أول منطقة في الخليج اكتشف النفط. تطلب إنتاج النفط آلاف العمال المتعلمين، فظهرت طبقة عاملة جديدة ساهم نتاجها إلى تطوير المجتمع البحريني على السنوات الخمسون التالية.
وفي عام 1923 م عمت الاضطرابات البحرين بعد أن تصادمت قبيلة الدواسر السنية بالبحارنة الشيعة، وقد كان الدواسر يعيشون في البحرين بشكل شبه مستقل عن آل خليفة منذ قدومهم إلى البحرين من شرق الجزيرة العربية سنة 1845 م، فقام البريطانيون بإجبار الدواسر على الجلاء عن البحرين في ذلك العام وغادر معظمهم إلى الدمام على الساحل المقابل.
الاستقلال
بعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت الخليج العرب أقل أهمية للإدارة البريطانية لدول الخليج العربية. في 1968، أعلنت الحكومة البريطانية قرارها لإنهاء علاقات المعاهدة بمشيخات دول الخليج العربية. وكانت إيران إيران بالادعاء بأحقيته بحكم البحرين منذ أول اتفاقية بين البحرين والبريطانيين في القرن التاسع عشر، وجددت الحكومة الإيرانية مطالبها حين رأت نية بريطانيا مغادرة الخليج، إلا أنها قررت التوقف عن مطالبها في البحرين مقابل تنفيذ مطالب أخرى لها في المنطقة. وأجري على إثر ذلك استفتاء في البحرين تحت إشراف الأمم المتحدة سنة 1970 م صوت فيه البحرينيون لبقاء البحرين مستقلة عن إيران.
انضمت البحرين إلى قطر والإمارات السبع (الذين يمثلون الإمارات العربية المتحدة الآن) لبحث توحيد الإمارات التسع. في منتصف 1971، لم يستطيعوا الاتفاق على ذلك وقررت البحرين بالاستقلال، واستطاعت القيام بذلك في 15 أغسطس 1971.
الحياة البرلمانية
كانت البحرين من أسبق وأوعى الدول لضرورة وجود مجلس يناقش الحكم ويحاوره ، فبدأت بالبرلمان عام 1973 ، ولكن سرعان ما تم حل هذا البرلمان بقرار من الأمير الراحل عيسى بن سلمان آل خليفة في العام 1975.
عهد الملك حمد
أصبح الملك حمد بن عيسى آل خليفة أميراً على البحرين عام 1999 خلفاً لأبيه الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة. شهدت البلاد تغييرات كبيرة منها شرع الانتخابات للبرلمان، وأعطى المرأة حقها في التصويت، وأطلق سراح المساجين السياسيين، ووصفت منظمة العفو الدولية هذا بفترة تاريخية لحقوق الإنسان في البحرين. تحولت البحرين من دولة إلى مملكة في فيراير عام 2022.
تـــــــاريخ فلسطين
تعتبر فلسطين من أقدم المجتمعات البشرية. وهنالك دليل على أن فلسطين كانت مأهولة بالسكان منذ 12 ألف عام خلت.
مع بداية العصر الحجري الوسيط (العصر الميسوليني) حوالي 12000 ق. م بدأ الإنسان في فلسطين باستئناس الحيوان والزراعة، والصناعات اليدوية وعلى سبيل المثال فإن جمجمة كلب أو صورة ثور محفورة في عظمة أو قطعة منحوتة تمثل جمجمة إنسان والتي تعود جميعها إلى تلك الحقبة وجدت في كهوف الكرمل.
حوالي 7000 ق.م أصبحت أريحا أول مكان في العالم بنى فيه الإنسان مساكن له وكذلك سورا ارتفاعه عشرة أمتار حول المدينة.
ولذلك تعتبر أريحا أقدم مدينة في العالم كانت مأهولة بالسكان دون ما انقطاع بدأت فيها الزراعة وتربية الحيوان وتميزت المنطقة بالاستقرار لأكثر من ألف سنة قبل أن تظهر الحضارة السومرية في مسوبوتاميا (العراق). بدأت صناعة الفخار في أريحا حوالي 5000 ق.م وانتشرت من هناك إلى باقي أرجاء فلسطين وسوريا.
في العديد من المدن الفلسطينية عثر على العديد من الصناعات تعود إلى العصر الحجري المعدني حوالي 4000 ق.م بما في ذلك ما تم اكتشافه في مجدو وهو من أقدم أنواع الفخار المزخزف.
كشفت الحفريات التي جرت في منطقة بيسان عام 1921، 1922 في "تل الحسن" عن وجود مجموعة هائلة من آثار مدن قديمة ترتفع إلى 18 طبقة يعود تاريخ الطبقة السفلى إلى 4000 ق.م والعليا إلى العصور الوسطى.
5000 ق.م : بدأت أولى موجات الهجرة السامية ومع نهاية الألفية الرابعة وبداية الألفية الثالثة ق.م اتجه الساميون نحو العراق. استقر الأكاديميون في الجنوب والاشوريون في الشمال ويعتبر الساميون إحدى السلالات الثلاث التي يعود إليها الجنس الأبيض في عالمنا اليوم وتعتبر شبه الجزيرة العربية الموطن الأصلي للجنس السامي.
وحيث أن فلسطين كانت عامرة بالسكان قبل بداية التاريخ فإنها تعرضت لتدفقات كبيرة من الهجرات السامية القادمة من شبه الجزيرة العربية في بداية الألفية الثالثة ق.م وهم من عرفوا بالعموريين والكنعانيين، والذين ازدادوا في حوالي 2500 ق.م .
2500 ق.م : هاجر العموريون إلى الأجزاء الجنوبية من سوريا الكبرى (ما يسمى شرق الأردن) وهاجر الكنعانيون إلى الأجزاء الجنوبية من الساحل (فلسطين) كما سمي البلد بعدهم – أرض كنعان وهو أقدم اسم أطلق على بلادنا فلسطين، وحكم الكنعانيون ما يقارب 1500 عام.
2000 ق.م : بنا اليابوسيون (إحدى القبائل الكنعانية) مدينة يابوس وهي الإسم العربي لمدينة القدس. وبنيت المدينة على المرتفعات الموجودة جنوبي غرب القدس الحالية وهي تعرف الآن بجبل النبي داوود وأثبتت حفريات جديدة جد بأن المدينة قد بنيت في فترة أقدم من ذلك حوالي 3000 ق.م وهي فترة تقدر بأكثر من 2000 عام قبل بناء الهيكل.
1805 ق.م : هاجر النبي إبراهيم (عليه السلام) والذي قد يكون عاموريا من مدينة أور في بابل (العراق) واستقر في "حوران" بسوريا ثم انتقل ليستقر في بئر السبع في بلاد كنعان. وأثناء تلك الفترة دعا إلى وحدانية الله. تزوج زوجته الثانية هاجر المصرية وفي حوالي 1794 ق.م أنجبت له إسماعيل في جنوبي شرق عصلوج. وسيدنا إسماعيل هو جد العدنانيين العرب – عدنان أحد أحفاده الذي جاء من نسله النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
1780 ق.م : بعد ميلاد سيدنا إسماعيل بـ 14 عام ــ رزق إبراهيم ابنه الثاني اسحق عليه السلام من زوجته سارة في حران، وعندما توفي سيدنا إبراهيم عليه السلام دفنه أبناؤه بجانب زوجته سارة في كهف ماكفيلا.
عاش اسحق (عليه السلام) في أقصى جنوب بلاد كنعان حيث ولد ابنه يعقوب وأعطي الإسم المشهور "إسرائيل". انتقل للعيش في حران حينما أصبح رجلا وتزوج كل من ربيكة ورحيل اللتين أنجبتا له 12 ولدا ذكورا جميعهم ولدوا في سوريا ما عدا بنيامين الذي ولد في الطريق إلى بيت لحم وهم في طريق عودتهم من حران إلى أرض كنعان. وانتقل يعقوب بعد ذلك إلى مصر حوالي عام 1656 ق.م.
1675 ق.م : غزل الهكسوس مصر وهم في الغالب ساميون يشملون الكنعانيين والعموريين وكذلك قبائل أخرى كانت تعيش في سوريا وفلسطين أدخل الهكسوس الخيول والعربات العسكرية ومعدات حربية أخرى إلى المنطقة وحكموا مصر ما يقرب من 100 عام.
1580ــ1557 ق.م : جاء أحمس وتمكن من طرد الهكسوس من مصر وطاردهم حتى فلسطين ثم لاحقهم حتى سوريا.
1510 ــ 1447 ق.م : غزا المصريون فلسطين ثانية إبان فترة حكم تحتمس الثالث واصبحت أرض كنعان إقليما مصريا لفترة تقرب من 4 قرون. أثناء تلك الفترة تعرض حكم الفراعنة لعدم الاستقرار وأجبروا على القيام بعدة حملات لتأديب المتمردين. وقاوموا كذلك الحيثيين الذين نجحوا في توحيد غالبية شمال سوريا تحت رايتهم وتمكن القائد "الخاييرو" من السيطرة على أغلبية فلسطين في تلك الفترة.
1269 ق.م : عقد المصريون والحيثيون اتفاقية (معاهدة) قضت بوضع كل المناطق شمالي قادش وبيبلوس تحت سيطرة الحيثيين وما إلى جنوب ذلك تحت سيطرة المصريين.
حوالي عام 1100 ق.م جرت عدة حروب بين ملوك الكنعانيين والمملكة المصرية التي كانت قد وصلت إلى أقصى درجات ضعفها في ذلك الحين.
1225 ق.م : بدأ الفلسطينيون الايجيون الذين جاءوا من اليونان (جزيرة كريت) بالاستقرار في سواحل سوريا ومصر. تمكن الفرعون المصري "مارنفيتا" من هزيمتهم، كما وحصل نفس الشيء لهم أيام رمسيس الثالث عام 1191 ق.م ثم نجح الايجيون في النهاية في احتلال ساحل فلسطين وسمح لهم رمسيس الثالث بالبقاء هناك بشكل دائم وامتد الاحتلال من المنطقة الواقعة شمال غزة إلى ساحل الكرمل شمالا وإلى سلاسل الجبال شرقا، قويت شوكة الفلسطينيين وأصبح لهم تأثير كبير على الكنعانيين العزل.
أسرة سيدنا يعقوب (إسرائيل عليه السلام) نمت وتكاثرت بعد هجرتهم إلى مصر.
1227 ق.م : هاجر سيدنا موسى عليه السلام وقومه عابرين البحر كما جاء في قصة التوراة. وبعد 40 سنة من الاغتراب والضياع حاول موسى عليه السلام محاولة غير ناجحة لدخول فلسطين من الجنوب واجبر على الذهاب إلى شرق الأردن. توفي موسى (عليه السلام) بعد أن رأى فلسطين من فوق مرتفعات شرق الأردن ولكنه لم يدخل فلسطين مطلقا.
1086 ق.م : أصبح يشوع زعيما للعبرانيين بعد وفاة موسى.
عبر نهر الأردن وحاصر أريحا. ثم دخل المدينة حرقها وقتل جميع سكانها.
وواصل يشوع وقومه الحاق الهزائم بالكنعانيين حتى استطاعوا السيطرة على جزء من المدن الكنعانية.
1020 ق.م : عندما توفي يشوع تولى حكماء العبرانيين الحكم من بعده وأطلق على هذه الفترة ــ فترة حكم "القضاة" والتي استمرت 150 سنة، ثم انتخب شاؤول بعد ذلك ليصبح ملكا على ما أصبح يسمى "مملكة يهودا" التي تأسست حوالي عام 1020 ق.م.
1016 ق.م : بعد وفاة شاؤول انقسم العبرانيون وقامت الحروب بين الفريقين وبعدها أصبح داود عليه السلام ملكا، وتمكن من تأسيس جيشا قويا لترسيخ دعائم حكمه. اتخذ داود في البداية من مدينة الخليل عاصمة لمملكته ولما دخل يابوس (القدس) جعلها عاصمة لمملكته وجعل مقر حكمه فوق جبل صهيون.
اتسعت مملكة داود لتشمل على معظم المنطقة الممتدة من جبل الكرمل وجبل حرمون شمالا حتى الحدود المصرية جنوبا وحتى الصحراء شرقا. أما بالنسبة للساحل الفلسطيني فظل تحت سيطرة الفلسطينيين وظل تحت حكم الفراعنة. وغالبا ما كان يصطدم اليهود مع الفلسطينيين وتنشب بينهم معارك حتى مالت كفة الميزان لصالح اليهود)إحدى هذه المعارك ما ورد في قصة داوود وجالوت).
بعد وفاة سيدنا داود استلم الحكم ابنه سليمان (عليه السلام) كثالث ملك للمملكة اليهودية وبنى الهيكل المسمى باسمه وكذلك قصرا ووسع أسوار القدس.
923 ق.م: بعد وفاة سليمان (عليه السلام) انقسمت المملكة اليهودية التي دامت 97 سنة إلى مملكتين صغيرتين (مملكة إسرائيل في الشمال 923-722 ق.م)، (ومملكة يهودا في الجنوب 923-586 ق.م) وجرت معارك طاحنة بين المملكتين واستعان كلاهما بالممالك المجاورة. كانت مساحة مملكة إسرائيل ضعف مساحة مملكة يهودا وعدد سكانها كانوا ثلاثة أضعاف سكان مملكة يهودا.
العديد منهم كانوا وثنيين وعشرة من بين ملوكهم الــ 19 قتلوا على أيدي شعبهم.
722 ق.م : تمكن الأشوريون من تدمير مملكة إسرائيل وعاصمتها سامره وهاجم كذلك الكلدانيون بقيادة نبوخذ نصر مرتين مملكة يهودا في أواخر أيامها.
586 ق.م : كانت المرة الثانية التي غزا فيها نبوخذ نصر القدس وقام بحرق الهيكل ودمر المدينة وأخذ 50.000 أسيرا إلى بابل وآلت فلسطين بعد ذلك إلى حكم الكلدانيين.
516 ق.م : بعد 70 عام احتل الفرس بابل وأمر ملكهم سيروس بعودة اليهود إلى القدس. وتمكن أولئك الذين عادوا من استرداد الهيكل وقام زعماؤهم بجمع وتفسير بعض القوانين الدينية العديد منها باللغة العبرية القديمة والتي تطبع هذه الأيام وتعرف بالتوراة.
استمر حكم الفرس في فلسطين 200 سنة تقريبا حتى عام 322 ق.م.
استفادت البلاد من تنظيم وإدارة وقوة اقتصاد المملكة الفارسية فساد الاستقرار والازدهار حتى أصاب الامبراطورية الانحلال والضعف، ومن أهم الأسباب التي أدت إلى ذلك فشلها في حروبها ضد الإغريق.
332 ق.م : فتحت القدس أبوابها أمام الأسكندر المقدوني وجيوشه ومن هناك اتجه إلى غزة وحاصرها بعد مقاومة شديدة تمكن من دخولها واضطهد أهلها. وجرح الاسكندر أثناء هذه المعركة.
ومع سقوط غزة واصل الاسكندر تقدمه وفتح بلاد سوريا الكبرى جميعها، ثم توجه إلى مصر فيما بعد وفتحها دون مقاومة تذكر.
323 ق.م : بعد وفاة الاسكندر في بابل اختلف جنرالاتها حول مصير الإمبراطورية ونشبت بينهم الحروب والصراعات. وكنتيجة لذلك شهدت فلسطين المزيد من الحروب.
323 ق.م : أعطيت فلسطين إلى لوميدون وأصبحت جزءا من الإمبراطورية البطلمية وعاصمتها الإسكندرية، وحكم البطالمة البلاد الفترة من 301-198 ق.م.
213 ق.م : غزا السلجوقيون حكام سوريا بقيادة انطونويس البطالمة وطردوهم من المناطق التي كانوا يسيطرون عليها في الأراضي السورية وفلسطين.
198 ق.م : هكذا بدأت الحرب واستمرت لما يزيد على عشرين سنة بين الإمبراطوريتين الإغريقيتين وكسب الحرب البطالمة في البداية حتى تمكن انطونيوس الثالث من هزيمتهم هزيمة نكراء وطردهم من جنوبي سوريا الكبرى.
141 ق.م : أثناء فترة حكم السلجوقيين قاموا بالضغط على اليهود لقبول عادات وتقاليد الإغريق مما أدى إلى التمرد بقيادة المكابيين الذين تصادموا مع السلجوقيين وأسسوا مملكة لهم، وأجبر المكابيون السكان العرب في منطقة الجليل على التهود وارتكبوا مجازر مرعبة ضدهم حتى جاء الرومان وسيطروا على فلسطين.
أدت فتوحات الإسكندر إلى انتشار الحضارة الهيلينستية (الإغريقية)، فلقد بذل الإغريق البطالمة والسلاجقة جهودا جبارة لنشر لغاتهم، أفكارهم، عاداتهم، علومهم ودياناتهم في جميع أنحاء الشرق وذلك عن طريق إنشاء المدن والمدارس. وقيل أن فلسطين امتصت الشخصية اليونانية بما في ذلك اللغة المحلية ولكن كان ذلك مقتصرا على المدن الرئيسية حيث أن سكان القرى فضلوا الحفاظ على عاداتهم واستخدموا لغاتهم الخاصة بهم.
62 ق.م : احتل الرومان البلدان التي كان يسيطر عليها خلفاء الإسكندر المقدوني حيث قاموا بغزو مقدونيا واليونان وسيطروا على قسم كبير من آسيا الصغرى أيضا. ثم تقدموا نحو سوريا وفلسطين واحكموا سيطرتهم عليها. أعاد الحاكم الروماني الأول لسوريا بناء بعض المدن التي دمرها المكابيون مثل ساماريا، بيسان وغزة وجرد "هركانيوس" ملك اليهود من لقبه ولكنه سمح لليهود كما الآخرين من ممارسة نوع من الحكم الذاتي. وبعد اغتيال يوليوس قيصر اندلعت الحرب بين جنرالات الرومان والتي أدت إلى الصراع بينهم، ونتج عن ذلك الصراع انقسام حكم الإمبراطورية بين انطونيوس واكتافيوس، وقعت سوريا تحت حكم انطونيوس بعد أن استعادها من الفرس الذين احتلوها لفترة قصيرة في أعقاب وفاة يوليوس قيصر.
27 ق.م : دخل انطونيوس مدينة القدس وأعدم آخر حكام المكابيين وعين هيرط بن اتيباس ملكا عليها.
ثم انتقل الحكم إلى اندومنير الهيرودي الذي حكم الفترة 37 ق.م حتى 100 ميلادي على خلاف سلفه هيرود الذي ساعد في تدعيم الحكم الروماني في البلاد وبنا العديد من المدن مثل قيساريا والعديد من القصور والقلاع بما في ذلك قلعة ماسادا.
اعتنق هيرود اليهودية ورمم هيكل سليمان بالقدس. وقبل وفاته عام 4 ق.م أوصى بأن تقسم تركته (أملاكه) بين مساعديه الثلاثة.
أحدهم انتيباس الذي تزوج ابنة أخت هيرود "هيروديا" والي طلبت منه ابنتها "شالومة" رأس يحيى بن زكريا (يوحنا المعمدان).
4 ق.م : ولد عيسى المسيح عليه السلام في بيت لحم، أي بعد 60 عام من دخول الرومان إلى فلسطين. عاش وترعرع في الناصرة، وعندما بلغ الثلاثين من عمره بدأ بالترحال في أرجاء فلسطين لنشر الدعوة إلى التوحيد والتراحم والحب ويدعو إلى تطهير النفس والروح ويبشر بالثواب وبحذر من العقاب.
قاوم اليهود والفلسطينيون الذين كانوا يعبدون الأصنام هذه الديانة الجديدة وكذلك الرومان الذين كان رد فعلهم اضطهاد المسيحيين.
اختار المسيح 12 سبطا كي يكونوا تلاميذا له وكان معظمهم تقريبا من الفلسطينيين. كان من بين هؤلاء التلاميذ اليهودي "يهودا اسقريوط" الذي خان عيسى المسيح في النهاية وباعه بثلاثين قطعة فضية.
باختصار تعتبر فلسطين مهد المسيحية حيث ولد فيها المسيح عليه السلام وعاش حياته على أرضها ومن القدس رفعه الله إلى السماء وفيها دعى الناس إلى الإيمان.
66 م : إبان الحكم الروماني اصطدم اليهود مع الرومانيين عدة مرات. وقام القائد الروماني "تيتوس" بمحاصرة القدس ودخلها عام 70 م. ثم حرق الهيكل الذي بناه هيرود.
98 – 117 م : في فترة حكم "تراجان" ثار اليهود عليه في الممالك الرومانية الخمسة (ميسوبوتاميا، قبرص، مصر، سيرنيكا، وفلسطين) وقام تارجان بتدمير الممالك الأربعة الأولى.
98 – 117 م : وبعد وفاته خلفه هادريان الذي اضطهد اليهود في فلسطين وقتل عددا كبيرا منهم حيث أنهم كانوا في حالة عصيان وتمرد بزعامة شمعون أو باركوكت، ثم اطلق هادريان على القدس اسم ايليا كيتلانيا وبنى تمثال المشتري (كبير آلهة الرومان) فوق اطلال هيكل هيرود.
وفي تلك الآونة انتهت علاقة اليهود بفلسطين.
62 ق.م – 395 م : استمر حكم الرومان لفلسطين تمتعت خلالها معظم البلاد بفترة من الاستقرار والسلام والأمن ورغم ذلك كان عدد الناس هاجروا إليها قليل وكان الهدف الأساسي للرومان من احتلال سورياـــ الكبرى وفلسطين هو استخدامها كنقطة انطلاق لهجماتهم ضد أعدائهم واستغلال ثرواتهم بما في ذلك جمع الضرائب كانت اللغة الرسمية هي اللغة اللاتينية بينما كانت اللغة الإغريقية هي السائدة في ميادين الأدب والتجارة. وعلى كل حال فإن اللغة الآرامية هي اللغة التي كانت تستخدم في الأسواق والبيوت بين الناس. وكان تعداد السكان في فلسطين في تلك الآونة يقدر بحوالي المليون.
267- 272 م : حكمت جيوش بلميرا بقيادة زنوبيا فلسطين ما يقرب من الخمس سنوات حتى جاء الإمبراطور الروماني اوروليوس وهزم المملكة عام 272 م. كان سكان بلميرا عربا أمثال النباتين ولكن عاصمتهم بلميرا لم تزدهر إلا بعد أن بدأت البتراء في الانحدار والتدهور.
326 م : اعتنق الإمبراطور الروماني قسطنطين المسيحية. وزارت والدته الملكة هيلانا فلسطين وبنت كنيسة القيامة في القدس وكنيسة المهد في بيت لحم.
380 م : بنى الإمبراطور قسطنطين عاصمة جديدة للإمبراطورية والتي سميت بعده باسمه القسطنطينية (استانبول حاليا).
395 م : انقسمت الإمبراطورية الرومانية إلى امبراطوريتين، الشرقية (البيزنطية) وعاصمتها القسطنطينية، والغربية وعاصمتها روما. وآلت سوريا الكبرى بما فيها فلسطين إلى حكم البيزنطيين. استمر الوضع الاقتصادي للإقليم كما كان عليه في الماضي وتمتعت الإمبراطورية بفترة طويلة من الاستقرار.
في فلسطين واصلت مدن قيساريا، عسقلان وغزة المسيرة الثقافية التي سادت فترة حكم البيزنطيين وكانت اللغة الإغريقية هي لغة التعليم في المدارس.
527 – 565 م : إبان فترة حكم قسطنطين، حدثت عدة زلازل دمرت الكثير من المدن والقرى. كان أشد تلك الزلازل الذي حدث عام 551 م .
610 م : تولى عرش الإمبراطورية هيراكوليس هاجمت جيوش الملك الفارسي كوسروس سوريا وتقدمت نحو فلسطين واحتلت قيساريا.
614 م : ومن هناك توجه إلى القدس ودخلها وحرق كنيسة المهد وقتل حوالي 90 ألف مسيحي.
627 م : عاد هيراكوليس وهاجم الفرس وهزمهم وآلت سوريا ثانية إلى حكم الإمبراطورية البيزنطية. أثناء حكم الإمبراطورية الرومانية الشرقية تأسست دولة الغساسنة. اعتنق الغساسنة وهم قبائل يمنية المسيحية في القرن الرابع الميلادي ودخلوا نطاق تأثير السياسة الرومانية واستخدمهم الرومانيون لدحر الثورات التي قامت في فلسطين عام 529 م.
570 م : ولد النبي محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) في مكة. وبدأ نزول القرآن على محمد عام 610 م معلنا بداية ديانة سماوية ثالثة ألا وهي الإسلام. وأعطى الإسلام مكانة خاصة ومتميزة للقدس التي أسرى بالنبي محمد إليها وعرج به منها إلى السموات السبع في ليلة (المعراج). وأصبح المسلمون يتجهون في صلواتهم نحو القدس قبل أن يبدأوا الاتجاه نحو مكة (الكعبة).
634 م : في فترة خلافة أبو بكر انطلقت عدة جيوش نحو الشمال. وكان الجيش الذي اتجه نحو فلسطين تحت قيادة عمرو بن العاص الذي هزم البيزنطيين في معارك عدة كان أهمها معركة اجنادين وبذلك سيطر على جنوبي البلاد. في عام 636 بعد المعركة الميمونة في اليرموك تحت قيادة خالد بن الوليد أكمل العرب سيطرتهم على فلسطين وبلاد الشام. بالنسبة للقدس وضع بطريركها سفرونيوس شرطا لتسليم المدينة وأصر على أن يحضر الخليفة شخصيا لتسلم مفاتيح المدينة حضر الخليفة عمر إلى المدينة وقطع عهدا على نفسه لأهلها بتوفير الأمن والسلامة وحرية العبادة والمقدسات فيما يسمى (بالعهدة العمرية).
أثناء فترة حكم الأمويين بنى عبد الملك بن مروان قبة الصخرة ومسجد الأقصى بجانبها. وأطلق على المسجد والصخرة والمنطقة المحيطة بها الحرم الشريف ويعتبر هذا المكان ثالث المقدسات الإسلامية بعد مكة والمدينة.
بدأ الأمويون عملية التعريب فبدأوا بإدارة المدن وابتدعوا عمله جديدة (الدينار) وفي عهدهم انتشر الإسلام واللغة العربية بسرعة.
شهدت نهاية القرن العاشر الميلادي انهيار عام للخلافة العباسية وحل محلها تدريجيا السلجوقيون والأتراك. وفي نفس القرن استولى الفاطميون على مصر وفلسطين من السلجوقيين وبعد ذلك سادت العداوة الشديدة بين الطرفين.
1090 م : دعا باب روما أوربان الثاني لإنقاذ القدس من المسلمين وبدأ الاستعدادات للحروب الصليبية. كانت الحروب الصليبية عبارة عن عدة حملات أرسلت إلى فلسطين وبلاد الشرق بهدف احتلال أكبر قدر ممكن من الأراضي.
1069 – 1099 م : سارت الجيوش برا حتى وصلت إلى المناطق المحيطة بالقدس.
وفي غضون شهر واحد استسلمت قوة صغيرة من الفاطميين واحتل الفرنجة المدينة وقاموا بتدنيس الحرم الشريف وارتكبوا المجازر ضد المدنيين العزل. ثم أقام الصليبيون المملكة اللاتينية في القدس وكذلك الإمارات الثلاث الأخرى في باقي بلاد الشام.
1144 م : قام أمير الموصل عماد الدين زنكي باستعادة إحدى إمارات الرحا الثلاث واستمر هو وابنه واحتلوا العديد من المدن بما فيها دمشق وضمها إلى دولته وحدثت الحرب الصليبية الثانية عام 1147 م – 1149 إلا أنها لم تحقق نجاحا كبيرا.
1187 م : قام والي مصر صلاح الدين الأيوبي بضم سوريا إلى ولايته وسيطر على طبريا وبدأ معركته ضد الصليبيين. وحدثت موقعة حطين ضد الملك جي ملك القدس ورينالدو شاتيلون أمير الكرك وأحرز صلاح الدين كبيرا في هذه المعركة والتي على أثرها أحكم قبضته على العديد من المدن وفي النهاية استسلمت له القدس في خريف نفس العام.
سمح صلاح الدين للمسيحيين العرب بالحفاظ على ممتلكاتهم واشترى ممتلكات الفرنجة الفارين وأجبر أيضا الفرنجة على مغادرة المدينة مجردين من السلاح وبعد دفع جزية كذلك.
1192 م : هذا الفتح لمدينة القدس أدى إلى قيام الحملة الصليبية الثالثة التي قادها الملك ريتشارد (قلب الأسد) من إنجلترا والملك فيليب أغسطس ملك فرنسا وفيروريك إمبراطور ألمانيا- احتل الصليبيون عكا ووقعت معاهدة صلح الرملة بين صلاح الدين والملك ريتشارد.
ونصت الاتفاقية على إبقاء القدس تحت حكم المسلمين مع السماح للمسيحيين بالحج إليها.
أما الشريط الساحلي بين يافا وعكا فظل تحت حكم الفرنجة وباقي الشريط الساحلي حتى عسقلان في الجنوب فظل تحت سيطرة صلاح الدين.
1197 م : غادر صلاح الدين فلسطين متوجها إلى دمشق وتوفي عام 1193 م. بعد وفاته دب الخلاف بين خلفائه مما أدى إلى نجاح حملة صليبية جديدة من إعادة السيطرة على مناطق معينة. وأعاد الإمبراطور الألماني فردريك الثاني سيطرته على القدس. وبعد مفاوضات جرت بينه وبين الكامل الأيوبي توصلوا إلى اتفاقية عام 1292 تنص على أن يأخذ فردريك السيطرة على القدس بشرط أن يظل المسلمون يتمتعون بالسيطرة على المقدسات الإسلامية ومن بين المدن التي وقعت تحت سيطرة فردريك بيت لحم والناصرة. واستعاد الملك الصالح الأيوبي السيطرة على القدس بعد 15 سنة.
1250م : تأسست الدولة المملوكية في مصر وامتد نفوذها أيضا إلى فلسطين وبلاد الشام.
1258م : احتل المغول (التتار) بغداد ودمروا مقر الخلافة العباسية. واحتلوا كذلك دمشق وحاولوا الاتجاه جنوبا إلا أنهم هزموا على يد السلطان المملوكي قطز سلطان مصر في موقعة عين جالوت بالقرب من بيسان بفلسطين عام 1259 م.
1291 م: وواصل بعد ذلك المماليك إعادة السيطرة على المناطق التي كانت تحت سيطرة فريدريك ولكن الهزيمة النهائية للصليبيين لم تتم إلا على يد السلطان الأشرف خليل ابن قلاوون عندما احتل عكا في ذلك العام.
1516 م : هزم السلطان العثماني سليم الثاني المماليك.
1517 م : واحتل بلاد الشام وكذلك مصر. وأصبحت فلسطين بعد ذلك جزءا من الإمبراطورية العثمانية للأربعمائة سنة التي تلت ذلك.
1749-1775 م : أثناء فترة حكم العثمانيين حدثت عدة تطورات هامة مثل تأسيس حكم الشيخ ظاهر العمر في شمال فلسطين الذي كان يسعى إلى حكم فلسطين، قبل أن يقبل بالقرب من عكا.
1799 م : احتل نابليون جنوبي فلسطين ودخل يافا ولكنه فشل في حصار عكا.
1831 م : ومن أهم الأحداث في تاريخ فلسطين في القرن التاسع عشر كانت حملة إبراهيم باشا على فلسطين والشام وظلت هذه المناطق تحت حكم محمد علي باشا والي مصر حتى عام 1840 حتى عاد العثمانيون واحتلوها.
في العقود الأخيرة لفترة الحكم العثماني قسمت فلسطين إلى ولايات وربطت القدس مباشرة بوزارة الداخلية العثمانية في استنبول، أما نابلس وعكا فضمتا إلى لواء بيروت وباقي البلاد آلت إلى لواءين آخرين.
1876 م : أرسلت فلسطين نوابا للبرلمان العثماني أول مرة وفي أثناء هذه الفترة دعا الكثير من العرب إلى الإصلاح الإداري والسياسي والحكم الذاتي. وطالبوا أن تعتمد اللغة العربية لغة رسمية للبلاد.
1908 م : بعد إعادة صياغة الميثاق وسياسة التتريك قام العديد من القادة العرب بمن فيهم قادة فلسطين بالسعي إلى الاستقلال.
الحلقة الأولى
بيت المقدس عين القلب من العالم الإسلامي جغرافياً ودينياً
الدعاية الصهيونية في العالم تزعم علاقة خاصة لليهود بالمدينة
دخلها العرب في الألف الرابعة قبل الميلاد وفتحها الخليفة عمر سلما فأسلمت وتعربت
قدس برس (الدكتور/ أحمد صدقي الدجاني)
هذا حديث عن الفتح العربي لمدينة القدس , وهو يأتي في وقت تشتد فيه الحملة الصهيونية الاستعمارية على القدس , لاستكمال اغتصابها وتهويدها ، وفي وقت تستكمل انتفاضة الأقصى فيه عاماً كاملاً , دفاعاً عن القدس , وسعياً لتحريرها وتحرير فلسطين .
وقد تضمنت تلك الحملة الشريرة محاولة الصهيونية تزييف تاريخ القدس , بتقديم قراءة صهيونية له , تتحدث عن ارتباط القدس باليهود دون غيرهم ، وتطرح عدداً من المقولات الصهيونية بشأنه . وقد فصلنا الحديث عن هذه الحملة في بحوثنا وفندناها . وصادفنا ونحن نكتب هذا الحديث كتاب "لمن القدس Whose Jerusalem" لتيرنس بريتي "Terrence Prittie", وبتقديم تيدي كوليك ، مثلاً آخر على الدعاية الصهيونية , التي تتحدث عن "العاصمة الأبدية", وتحاول أن تنفي عروبة القدس .
وكان الغرب قد شهد منذ مطلع القرن التاسع عشر الميلادي حركة تأليف تاريخي صهيونية استعمارية , موّلها صندوق استكشاف فلسطين ، قدمت صورة مشوهة لتاريخ فلسطين . كما تضمنت الحملة الصهيونية الاستعمارية على القدس محاولة اغتصاب الحرم القدسي خاصة , التي تولى كبرها في مفاوضات الوضع النهائي (رئيس الوزراء الصهيوني السابق) إيهود باراك و(الرئيس الأمريكي السابق) بيل كلينتون صيف 2000 ، ثم تابعها آرائيل شارون وجورج بوش في هذا العام . وهاهي الأحداث تتصاعد في القدس وفلسطين ، ثم في أمريكا والعالم بعد يوم الثلاثاء 11 أيلول (سبتمبر) 2001 , الذي شهد زلزلة الهجوم على نيويورك وواشنطن , التي استهدفت رمزي السلاح والمال فيهما "البنتاجون ومركز التجارة الدولي" .
ما نود التأكيد عليه فيما يتصل ببعد المكان , الموقع المتميز من أرض فلسطين , الذي قامت عليه مدينة القدس , الذي جعل منها "صرة الوطن المقدس, وملتقى أقطاره" , على حد قول إسحاق موسى الحسيني في كتابه عروبة بيت المقدس .
ولهذا الموقع أهمية استراتيجية بالغة بالنسبة لجميع "الحواضر" في منطقتنا عواصم الأقطار . وقد شاء الله أن يجعل أهل القدس وفلسطين , من خلال هذا الموقع , في رباط إلى يوم القيامة . وبيت المقدس في منظور الجغرافيا السياسية هو أيضاً "عين القلب من العالم الإسلامي جغرافياً ودينياً" , على حد تعبير عالم الجغرافيا السياسية جمال حمدان في كتابه "العالم الإسلامي اليوم" . فالصلة وثيقة بين القدس ودائرتها الحضارية . والخطر الذي يتهددها يتهدد هذه الدائرة بعالميها العربي والإسلامي .
نشير أيضاً إلى أن هذا الموقع جعل فلسطين حلقة اتصال بين القارات الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا ، ومركزاً لتفاعل الثقافات . وقد اتصف الوضع الجغرافي لفلسطين وبلاد الشام عامة , بتجاور السهل مع الجبل , والصحراء والغور , وتتالى الفصول الأربعة . واحتوت فلسطين على نمطي البداوة والحضارة ، مما جعلها مسرح تفاعل متواصل بين النمطين , فيه التعاون غالباً والتدافع أحياناً .
كما جاورت فلسطين منذ فجر الحضارة أقدم مركزين حضاريين عرفهما الإنسان في بلاد الرافدين شرقاً , وفي وادي النيل إلى الجنوب الغربي ، وتعرضت في الوقت نفسه لتأثيرات من جهة البحر المتوسط , حيث كريت واليونان وإيطاليا ، ومن جهة البر حيث فارس والهند شرقاً . وكانت بفعل ذلك جزءاً من طريق دولي قديم . وقد كانت القدس قبلة ومحجاً للمؤمنين منذ تأسست على هضبة ممتدة مرتفعة عن سطح البحر , بحوالي 750 متراً , وعلى بعد 50 كم منه , في مرتفع الضهور , على مقربة من عين الماء جيحون .
بقى أن نقول إننا في تناولنا لتاريخ القدس منذ الفتح العربي , وإلقاء أضواء عليه ، سوف نبدأ بتقديم حدث الفتح العظيم , ونوليه حقه من التفصيل ، ثم نعرض بإيجاز لتاريخ القدس في المراحل التالية من الحكم العربي الإسلامي فيها , ضمن دولة الخلافة , حتى وقوع الغزو الفرنجي ، ثم نقف أمام هذا الغزو وما حدث للقدس أثناءه ، لنتابع عرض المراحل التالية من تاريخها العربي الإسلامي، وصولاً إلى الوقوف أمام الصهيونية الاستعمارية لها منذ القرن التاسع الميلادي ، الثالث عشر الهجري .
بانطلاقة العرب المسلمين بدعوة الإسلام في القرن السابع الميلادي , الأول الهجري في عصر الفتوحات الإسلامية ، دخلت القدس وما حولها مرحلة جديدة من تاريخها الممتد . كان ذلك في عهد دولة الخلافة الإسلامية , التي قامت في المدينة المنورة , إثر هجرة محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها . وقد دخلت فلسطين ، كجزء من بلاد الشام ، هذه الدولة , بعد معركة اليرموك الفاصلة سنة 13 هـ ، 633م . وصولح على إيلياء (القدس) سنة 15 هـ ، 635 م في عهد الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه . وبقيت فلسطين والقدس تحت ظل الخلافة الإسلامية حتى آخر عام 1917, بغض النظر عن مركز الخلافة , أو أن يكون الخليفة أموياً أو عباسياً أو عثمانياً .
وتعرضت في عام 1099م للغزو الفرنجي لمنطقتنا , الذي تم القضاء عليه عام 1187م ، على مدى حوالي قرنين (493هـ – 583هـ) ، ثم في القرن العشرين الميلادي , حين تعرضت للغزو والاستعمار الصهيوني , في القرن الرابع عشر الهجري , ولا تزال ترزح تحت وطأته .
كان ذلك الفتح عربياً إسلامياً . وقد سبقه بقرون الوجود العربي في فلسطين والقدس , منذ أن اعتُمرت فلسطين بالكنعانيين العرب , الذين قدموا من الجزيرة العربية في الألف الرابعة قبل الميلاد , وتلاهم العموريون والأراميون في هجرات متتابعة , ومنذ أن أسست قبيلة يبوس العربية الكنعانية مدينة القدس , حوالي سنة 3000 ق.م. كما يقول عارف العارف في كتابه "المفصل في تاريخ القدس" .
وقد نهج عدد من المؤرخين الثقاة العرب والأجانب في الربط بين الهلال الخصيب وشبه جزيرة العرب , التي كانت مركز طرد سكاني . وهذا ما دعاهم إلى أن ينبهوا إلى "أن الفتح العربي الإسلامي سبقه فتح عربي من قديم العصور والأزمان" .
كان عرب الجزيرة العربية , الذين قاموا بهذا الفتح يعرفون جيداً "أدنى الأرض" , أي أقربها إلى الحجاز ، وهي فلسطين في جنوب سوريا . وكانوا قد تابعوا الحرب , التي جرت هناك بين الفرس والروم , في مطلع البعثة المحمدية , وأشار إليها مطلع سورة "الروم" في القرآن الكريم . وتعوَّد تجَّارهم القيام برحلة الصيف إلى بلاد الشام شمالاً . وكانت محطتها الكبرى في البتراء عاصمة الأنباط . ومنها كانت القوافل تتجه إلى دمشق وإلى غزة , التي توفي فيها هاشم جد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ويذكر عبد اللطيف الطيباوي في كتابه "القدس الشريف في تاريخ العرب والإسلام" أن عمرو بن العاص ، أحد تجار مكة ، عرف جنوب فلسطين حتى بيت المقدس , قبل أن يعرفها قائداً للجيش الإسلامي الذي حاصر تلك المدينة . وقد فصّل نبيه عاقل الحديث عن الوجود القبلي العربي في بلاد الشام قبل الإسلام ، والصلات التي قامت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينهم ، وذلك في بحثه القيم في الموسوعة الفلسطينية "فلسطين من الفتح العربي الإسلامي إلى أواسط القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي" . وتذكر كتب تاريخ العرب اسم فلسطين , الذي اتخذه الرومان للقسم الجنوبي من سوريا , واسم "إيلياء" عند الكلام عن الروم , أو بيت المقدس عند الكلام عن المسلمين .
قبيل هذا الفتح رفع الله شأن بيت المقدس حين أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى . و أنزل عليه في ليلة الإسراء ، كما ورد في تفسير الطبري ، آية من سورة الزخرف هي الوحيدة , التي لم تنزل في مكة أو المدينة . وهي "واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون" , وذلك بعد أن لقيهم وصلّى بهم إماماً قرب الصخرة المشرفة . وسمي محمد صلى الله عليه وسلم المسجد الأقصى واحداً من المساجد الثلاثة , التي يشد إليها الرحال ، مع المسجد الحرام ومسجده .
وقد روي عنه أنه بشَّر الصحابي معاذ بن جبل بفتح بلاد الشام وبيت المقدس ، ووصف الذين يقيمون فيها من الرجال والنساء بأنهم "مرابطون إلى يوم القيامة . فمن احتل ساحلاً من سواحل الشام وبيت المقدس ، فهو في جهاد إلى يوم القيامة" . كما بشَّر شداد بن أوس بهذا الفتح أيضا ، وقال له "وتكون أنت وولدك أئمة بها إن شاء الله" , كما يورد عارف العارف في كتابه , نقلاً عن "مثير الغرام بفضائل القدس والشام لابن سرور" . وتروي السيرة النبوية العطرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مهَّد لفتح الشام والقدس بقيامه بثلاث من الغزوات على الروم , في معركة مؤتة 629م – 8هـ , ومعركة تبوك ، ثم جهَّز في السنة الحادية عشر للهجرة 632م جيشاً أمَّر عليه أسامة بن زيد ، ولكن المنية وافته قبل أن يتحرك الجيش .
بات فتح بيت المقدس من أهم أهداف الدولة الإسلامية . وجاء في المرحلة الثالثة من مراحل فتحها بلاد الشام . فقد أكمل أبو بكر الصديق رضي الله عنه وصية النبي صلى الله عليه وسلم , وأرسل الجيش بقيادة أسامة وزوده بالنصيحة "لا تخونوا، ولا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة ، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه ، ولا تقطعوا شجرة مثمرة ، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكله. وسوف تمرون بأقوام فرّغوا أنفسهم في الصوامع , فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له" . ثم استنفر أبو بكر العرب ، وجهّز أربعة جيوش لفتح بلاد الشام , خصص واحداً منها لفلسطين بقيادة عمرو بن العاص .
ونجح عمرو بن العاص في فتح معظم أرض فلسطين , غزة وسبسطية ونابلس ، ثم اللد ويُبنى وعمواس وبيت جبرين و يافا و رفح ، ثم حاصر القدس . وحين تولى عمر بن الخطاب الخلافة بعد وفاة الصديق عام 13 هـ , أوعز إلى أبي عبيدة بن الجراح , بعد أن فتح قنسرين في شمال سورية ، أن يزحف إلى القدس ، وسيّر إلى الشام سبع فرق , بخمسة وثلاثين ألفاً من الجند , وسبعة قواد هم خالد بن الوليد و يزيد بن أبي سفيان و شرحبيل بن حسنة و المرقال بن هاشم و قيس بن المرادي و عروة بن مهلهل بن يزيد الخليل .
تضمن كتاب الفتوحات تفاصيل كثيرة عن فتح القدس والشام ، لا يتسع مجال هذا الحديث لذكرها . ونكتفي هنا بالإشارة , بشأن فتح القدس , إلى أن أبا عبيدة حين وصل إلى الأردن , بعث الرسل إلى أهل إيلياء برسالة الفاتح المسلم المتضمنة الدعوة إلى الإسلام وأخوَّته , "فإن شهدتم بذلك حرمت علينا دماؤكم وأموالكم وذراريكم ، وكنتم لنا أخواناً" ، أو الإقرار بأداء الجزية ، أو القتال . وقد وقع القتال من قبل جيش الروم المرابط في المدينة . ونشبت معركة دامية حتى اليوم العاشر . "وفي اليوم الحادي عشر أشرقت راية أبي عبيدة ، وفي رفقته عبد الرحمن بن أبي بكر ، ونفر من الأبطال المجاهدين , فاستقبله المسلمون بالتهليل والتكبير , فدب الرعب في قلوب الروم . ودام الحصار أربعة شهور .. فرأوا التسليم , وخرجوا إلى أبي عبيدة مستأمنين , يتقدمهم البطريرك صفرنيوس , حاملاً على صدره الصليب ، وعلى جانبيه القسس والرهبان , كل منهم يحمل إنجيلاً ، فطلبوا الصلح … فتلقاهم أبو عبيدة بالترحيب . واشترطوا أن لا يسلموا المدينة إلا لشخص الخليفة فوافقهم .. فسارت هدنة استمرت إلى أن جاء عمر بن الخطاب ، كما أورد عارف العارف , وهو يشير إلى كتاب "تاريخ القدس الشريف" لركيس . ويورد العارف أيضاً كتاب ابن عبيدة إلى الخليفة ، ومشاورة عمر الصحابة ، وأخذه برأي علي بن أبي طالب بالسفر ، ونزوله بالجابية من قرى حوران بالجولان , واستقباله فيها وفداً من أهل إيلياء , على رأسهم "العوام" ، وتوجهه من ثم إلى بيت المقدس ليتسلمها "صلحاً" .
يصف ميخائيل مكسي في كتابه "القدس عبر التاريخ" كيف وصل الخليفة "ممتطياً جملاً صغيراً ، ولم يكن معه سوى عبده وسلاحه ، واستقر على جبل الزيتون , ثم رحل إلى القدس ، ففتحت له المدينة أبوابها سنة 638 م ، دون أن يتم تدمير أي شيء فيها ، وتسلم مفاتيحها من البطريرك صفرنيوس في حفل كبير ، ثم زار كنيسة القيامة .
وتجمع كل المصادر التاريخية الإسلامية والمسيحية على أنه لما حان موعد الصلاة طلب منه البطريرك أن يؤديها حيث كان , فاعتذر عمر حفاظاً على المقدسات المسيحية , كي لا تكون صلاته هناك سنة لمن يجيء بعده . ولهذا اختار مكاناً آخر إلى الجنوب , وصلى هناك , وذلك نقلاً عن مار ماردش .
وقد فصّل العارف وصف دخول عمر إلى بيت المقدس , نقلاً عن المؤرخين العرب المسلمين . وأعطى عمر البطريرك صفرنيوس "العهدة العمرية" , التي جاء فيها بعد البسملة: "هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان . أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم , أنه لا تُسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينتقص منها .. ولا من شيء من أموالهم ، ولا يكرهون على دينهم ، ولا يضار أحد منهم . ولا يسكن إيلياء أحد من اليهود".
وتضمنت أيضاً أن على أهل إيلياء أن يخرجوا من المدينة الروم واللصوص، "فمن خرج منهم فهو آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم" , ومن كان فيها من أهل الأرض , فمن شاء منهم قعد ، وعليه ما على أهل إيلياء من الجزية ، ومن شاء سار مع الروم ، ومن رجع إلى أهله فإنه لا يؤخذ منهم شيء من الجزية حتى يحصدوا حصادهم" .
ويفسر الطيباوي عبارة أهل الأرض بأنهم الفلاحون , الذين التجأوا إلى المدينة قبل حصارها . وهو يلاحظ أن الوثيقة تفرق بين طائفتين من الناس: الروم وأهل البلاد . فأما الروم فهم حكام غرباء , عليهم أن يخرجوا . وأما أهل البلاد , الذين كانوا نصارى , يحكمون الآرامية من الجنس العربي , فهم باقون في بلادهم , مع ضمان الحرية الدينية , وسلامة الأرواح والأموال والكنائس . وقد وضعت هذه الوثيقة نواة الاستقلال الطائفي "الملي" , الذي قدر له أن يكون أساس السماحة الإسلامية مع أهل الكتاب , الذين صالحوا المسلمين .
قام عمر بزيارة مكان الصخرة المشرفة ، وكانت قد تجمعت عليها الأقذار ، مما طرحته الروم إغاظة لليهود . "فأخذ الخليفة ينظفها هو بنفسه ، فحذا حذوه من كان معه من الصحابة والقواد وغيرهم , حتى رفعت الأقذار" . ويتابع مصطفى مراد الدباغ في كتابه "بلادنا فلسطين" قائلاً : "ثم أمر عمر ببناء الحرم ، فبني من الخشب ما يتسع لحوالي ثلاثة آلاف من المصلين" . وهو ينقل عن ابن البطريق وصفه لما حدث ، ويذكر أن أمير المؤمنين أقام في بيت المقدس بضعة أيام , متفقداً معالمها , باحثاً شؤونها , قبل أن يغادرها راجعاً إلى المدينة المنورة . وقد خطب في الناس وصلى ، وعيَّن يزيد بن أبي سفيان عاملاً على إدارتها تحت إمرة أبي عبيدة . وعيِّن سلامة بن قيصر إماماً للصلاة ، وعلقمة بن مجزر مشرفاً على شؤونها العسكرية , كما جاء في "الأنس الجليل في تاريخ مصر والخليل" .
ويذكر عارف العارف عن هذا المصدر أن عمراً , كما أعطى أهل إيلياء عهداً ، أخذ عليهم عهداً . كما يذكر أنه زار القدس مرة أخرى عام 17هـ ، 639م في عام الرماد الشهير وطاعون عمواس . ويختم ميخائيل مكسي عرضه لهذه الصفحة من تاريخ القدس بالحديث عن سماحة الحكم الإسلامي , ويورد شهادة أرنولد في كتابه "الدعوة إلى الإسلام" , وما نقله توماس المرجا عن أحد البطاركة عن معاملة العرب الحسنة , وعن مودتهم للنصرانية . ويقول "و الخلاصة أن الحكم الإسلامي دخل إلى القدس مصحوباً بالتسامح والسلام والنظام .. وأكد كثير من الكتاب الغربيين أن فلسطين ازدهرت في بداية العصر العربي ، وصارت أهم طريق للقوافل , بسبب موقعها في وسط الدولة الإسلامية في الشام وشمال إفريقيا" .
ولم يتغير وضع السكان إلا قليلاً . فقد هاجر عدد من الإغريق , وحل محلهم العرب المسيحيون والمسلمون , وخلت المدينة المقدسة من اليهود في تلك الفترة . وعنى المؤرخون العرب المسلمون بذكر أسماء جميع الصحابة , الذين اشتركوا في فتح بيت المقدس .
إن لنا في ختام هذا الحديث عن فتح العرب المسلمين لبيت المقدس في 20ربيع الأول 15هـ الموافق 2 أيار (مايو) 632م ، أن نلاحظ أن المدينة المباركة و فلسطين و بلاد الشام والمنطقة دخلت بهذا الفتح مرحلة جديدة من تاريخها الطويل ، تأكدت فيها عروبتها ، وانتشرت وعمت فيها رسالة الإسلام ، وقامت فيها حضارته . وبقيت القدس في هذه المرحلة فلسطينية عربية كما كانت ، واستمرت مركزاً روحياً للمؤمنين ، ومطمعاً للغزاة الطغاة الباغين .
نلاحظ أيضاً أن أهل القدس و فلسطين و بلاد الشام عامة تعاطفوا مع هذا الفتح . وقد علل فيليب حتّي ذلك بقوله "وغالب الظن أن السوريين من أبناء القرن السابع , اعتبروا العرب المسلمين أقرب إليهم عنصراً ولغة ، وربما ديناً من أسيادهم الروم البيزنطيين" , وذلك في كتابه "تاريخ سوريا و لبنان و فلسطين" . وتذكر كتب الفتوحات أن اليهود عبروا بقوة عن هذا التعاطف , ليتخلصوا من اضطهاد الروم لهم , بسبب وقوفهم قبل ذلك مع الفرس . وقد أورد البلاذري أن السامرة "كانوا عيوناً وأدلاء" للعرب المسلمين ، وأن يهود حمص قاموا بحراسة أبواب المدينة , حين خرج منها جيش المسلمين للالتحاق بمعركة اليرموك , "وكذلك فعل أهل المدن , التي صولحت من النصارى واليهود" .
الحلقة الثانية
تاريخ القدس منذ الفتح وحتى الغزو الفرنجي
عاش اليهود فيها بأمان وبرز منهم كتاب وعلماء كبار في الدولة الإسلامية
تلقى فيها الخلفاء المسلمون البيعة وألزموا عمالهم بزيارتها وجاور فيها علماؤهم
غدت فلسطين بعد الفتح العربي الإسلامي إقليماً تابعاً للدولة الإسلامية في المدينة , يحمل اسم جند فلسطين . وحين نشبت الفتنة الكبرى في عهد الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان , كان معاوية بن أبي سفيان والياً على الشام ، واعتزل عمرو بن العاص الفتنة في ضيعة له بالسبع , هي عجلان , قرب قرية بربرة شمال شرق غزة . وبقيت فلسطين مع بقية بلاد الشام تحت حكم معاوية زمن خلافة علي بن أبي طالب .
حين آل أمر الخلافة إلى معاوية بعد معركة صفين ، استهل عهده بالذهاب إلى بيت المقدس, حيث أعلن خلافته منها عام 40هـ – 661 م , ومن ثم بايعه الناس . وروي أنه بعد مبايعته زار جبل الجلجلة , وصلى هناك , ثم قصد إلى الجثمانية , وهبط إلى قبر السيدة مريم وصلى هناك . وقد زار القدس في عهده الأسقف الفرنسي أركولفوس حاجاً عام 760 م , وقضى فيها تسعة شهور , وكتب وصفاً مسهباً لكنيسة القيامة والكنائس الأخرى ، وذكر أن المسلمين بنوا مسجداً مربع الأضلاع , يتسع لثلاثة آلاف من المصلين .
كان من أهم ما قام به الأمويون بناء الحرم القدسي الشريف ، في بقعة مقدسة منذ القديم , تعود إلى نشأة المدينة . ويتألف هذا الحرم من المسجد الأقصى ومسجد الصخرة وما بينهما وما حولهما من منشآت , على مساحة 140900 متراً مربعاً . وقد بناها عبد الملك بن مروان عام 66هـ – 685م ، وأوقف على نفقاتهما خراج مصر لمدة سبع سنين . واكتمل بناء بقية الصخرة سنة 70هـ – 691م . ويسهب المؤرخون القدماء والحديثون عرباً وأجانب في وصف تكوينه الرائع , الذي جاء آية في فن الهندسة على مر العصور . وقد سجل الدباغ والعارف في كتابيهما العديد من الشهادات على ذلك .
حفظ التاريخ لعبد الملك بن مروان أنه حوّل الدواوين إلى العربية ، ونقش الدراهم والدنانير بالعربية ، "الله أحد" على وجه و"الله الصمد" على الوجه الآخر . ويذكر أنه اعتنى بفتح الطرق وتعبيدها .
وهنا ازدهرت القدس في عهده وعهد ابنه الوليد . وغدت – على قول الدباغ – "واحدة من المراكز العظيمة في الدولة الأموية . ففضلاً عن إقامتهما مباني الحرم الشريف , فإنهما أعادا بناء الأسوار المحيطة بالمدينة , وبنوا القصور والأبنية الفخمة بجوار الزاوية الجنوبية لسور الحرم , التي استمرت مسكونة من قبل أمراء القدس في العهود الأموية والعباسية والفاطمية .
وحين ولي سليمان بن عبد الملك الخلافة بعد أخيه الوليد سنة 96هـ – 715م ، أتى بيت المقدس , كما يقول صاحب "الأنس الجليل" ، "و أتته الوفود بالبيعة , فلم يروا وفادة كانت أهنى من الوفادة إليه .. وقد همَّ بالإقامة في بيت المقدس , واتخاذها منزلاً , وجمع الأموال والناس بها . وحين تولى الخلافة عمر بن عبد العزيز بعد وفاة سليمان , طلب من جميع ولاته أن يزوروا القدس , ويقسموا يمين الطاعة والعدل في المعاملة بين الناس في مسجدها ، كما يذكر الدباغ نقلاً عن محمود العابدي في كتابه "قدسنا" .
في تتبعنا لأخبار القدس في عهد الدولة العباسية ، نذكر أن الخليفة المنصور زارها عام 154هـ ، وقد طلب منه أهل بيت المقدس ترميم ما أصاب الحرم الشريف من خراب , بسبب زلزال حدث عام 130هـ فقام بذلك . ووضع تقليداً أن يزور كل خليفة عباسي القدس . وقد زارها الخليفة المهدي . وزارها الخليفة المأمون سنة 216هـ وهو في طريقه إلى مصر ، وفق ما ذكره الدباغ عن صاحب "الأنس الجليل" , وهو يعدد ما جاء في الكتب من أخبارها.
وخرج عارف العارف من تتبعه للقدس في العصر العباسي بأن "تأثير العباسيين في فلسطين , ولا سيما في عهدهم الأخير كان ضئيلاً" , وعلل ذلك بسبب بعد المسافة . وعني الطيباوي بتقديم مقتبسات مختصرة من مؤلفات أربعة من الكتاب المسلمين , الذي عرفوا القدس والخليل في ذلك العصر . وهم ابن واضح اليعقوبي , الذي ألف كتاب "البلدان" ، وشمس الدين المقدسي الجغرافي الرحالة ، صاحب كتاب "أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم" ، وناصر خسرو الرحالة الفارسي , الذي وصل القدس في رمضان 438هـ – 1047م ، وأبو حامد الغزالي الذي زار القدس والخليل , وكتب "المنقذ من الضلال", الذي تحدث فيه عن اعتكافه في مسجد قبة الصخرة . وقد التفوا جميعهم على الإشادة بفضائل بيت المقدس . واستنتج الطيباوي مما كتبوه عنها "وجود أوقاف فيها وفي الخليل , كان يصرف ريعها على الحجاج وطلاب العلم والضيوف . وكذلك وجود بيوت وزوايا لإيواء القادمين للمجاورة , أو المارين في طريقهم إلى مكة , أو العائدين منها . وأيضاً وجود مستشفى واحد على الأقل في القدس , لمنفعة المقيمين والقادمين" .
أعلام مرموقون ولدوا في القدس أو زاروها أو جاوروها . وقد قام مصطفى الدباغ بذكر أربعين علماً في موسوعة "بلادنا فلسطين" . وعني أيضاً مع مؤرخين آخرين بذكر من زار القدس من الرحالة الأجانب . فبعد المطران فرنك أركولف , الذي سبق ذكره ، زارها عام 870م السائح برنارد الحكيم , وكتب عن زيارته , مشيداً بما بين المسلمين والمسيحيين من تفاهم تام ، وباستتباب الأمن ، ومتحدثاً عمن لقي من الحجاج المسيحيين , الذين كانوا ينزلون معه في نزل أسسه الملك شارلمان , الذي قامت بينه وبين هارون الرشيد صلات ودية . وقد فصل الحديث عن هذا الرحالة نقولا زيادة في كتابه "رواد الشرق العربي في العصور الوسطى" .
كانت السماحة الدينية أبرز سمات العيش في القدس وفي الدولة الإسلامية عامة ، كما سبق أن ذكرنا . وقد عني ميخائيل مكسي بالوقوف أمام ذلك في كتابه "القدس في التاريخ" ، وقال في ذلك "امتاز العباسيون بحسن معاملة المسيحيين , خصوصاً في عهد هارون الرشيد 786م , الذي سمح للإمبراطور شارلمان بترميم الكنائس , وبناء كنيسة باسم العذراء ، وعمل على حماية الحجاج المسيحيين" .
هذا بشأن المسيحيين من أهل الكتاب , الذين حكم التعامل الإسلامي معهم مبدأ "لهم ما لنا وعليهم ما علينا" . فماذا بشأن اليهود؟ .
لقد عني كاتب هذا الحديث بتناول هذا الموضوع في بحثه "الوجود اليهودي في القدس منذ أقدم العصور" ، فعرض لوجودهم قبل الغزو الفرنجي منذ الفتح ، في ظل انتمائهم لحضارة الإسلام ، قائلاً :
نستدل من العهدة العمرية على عدم وجود أحد من اليهود في إيلياء في يوم الفتح , حيث طلب أهلها الذين كانوا يدينون بالنصرانية "ألا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود" , وقد استجاب الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه لهذا الطلب , الذي تقدم به باسم أهل إيلياء البطريرك صفرنيوس , وكان هذا البطريرك قد اشترط حين اشتد حصار المسلمين للمدينة أن يسلمها للخليفة نفسه , فلبى عمر وجاء بنفسه , وأعطى عهده الشهير إلى أهل إيلياء من الأمان "لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم , ولا يكرهوا على دينهم , ولا يضار أحد منهم" , ولبّى طلبهم ألا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود , الذين كانوا كما مر بنا قد حالفوا الفرس ضد الروم وآذوا النصارى .
وبقيت القدس خالية من اليهود تنفيذاً لما جاء في هذا العهد فترة من الزمن , لم تطل , لأن الحكم الإسلامي الذي كفل حرية الاعتقاد فلا إكراه في الدين , واحترم أهل الكتاب من اليهود والنصارى , وترك لكل ملة أن تنظم شؤونها الدينية , ورحب بمشاركة جميع الأقوام والملل في الحياة العامة ، سمح لليهود بزيارة القدس , ثم بالعمل فيها وسكناها .
ويذكر إسحاق موسى الحسيني في كتابه "عروبة بيت المقدس" نقلاً عن مجير الدين الحنبلي أن عبد الله بن مروان الأموي أتاح لعشرة من اليهود أن يخدموا صناعاً في المسجد الأقصى , يعملون القناديل والأقداح والثريات وغير ذلك , "لا يؤخذ منهم جزية جارياً عليهم وعلى أولادهم" , وقد انتهت خدمتهم في عهد عمر بن عبد العزيز . ويقول عبد اللطيف الطيباوي في معرض وقوفه أمام هذا الأمر "وكذلك لا يوجد سند تاريخي يثبت نقص ما جاء في العهد العمري لنصارى إيلياء بمنع إقامة اليهود فيها . كلا ، ولا بينة تفسر سبب إهمال العمل بهذا النص , والغالب أن الشرط لم يلغ , بل قلّ الالتفات إليه تدريجياً في جو التسامح العام , وكان هناك عدد من اليهود في مدن فلسطين الأخرى ، عسقلان وقيسارية وغزة وطبرية ، وقد رأوا سماحة الحكم العربي بالإسلام , فرحبوا به , وهللوا له , وكتب عراف يهودي عن هذا الحكم فجعل ملاكاً يقول لكاهن "لا تخف يا بن يهوه فالخالق تبارك اسمه لم يضع مملكة إسماعيل إلا ليخلصكم من هذا الشر" , يقصد حكم الروم البيزنطيين , كما نقل برنارد لويس في كتابه العرب في التاريخ , وكان اليهود يطلقون على دولة العرب المسلمين اسم مملكة إسماعيل .
في ظل هذا الحكم عاش في القدس نفر من اليهود إلى جانب أهلها من النصارى والمسلمين , وقد تزايد عدد العرب المسلمين فيها , لما اتصفت به من جاذبية لهم , بحكم قدسيتها , فجذبت مهاجرين منهم إليها ، ولأن الدين الإسلامي كان ينشر تدريجياً في أوساط المسيحيين واليهود .
وتشير مصادر يهودية اعتمد عليها بن زيون دينور في بحثه المنشور في كتاب "اليهود في أرضهم" , إلى أن سبعين أسرة سكنت القدس في العصر الأموي , وذلك بعد أن عبرت سماحة العرب تجاه الجماعات الدينية عن نفسها في العهد الأموي , على حد قوله , وبوضوح أشد في العهد العباسي . وقد سجل دينور هذه الحقيقة , وحاول إلقاء ظلال من الشك عليها , بإيراد تعليلات غير موضوعية لها , جعلت حديثه حافلاً بالمتناقضات . ويستدل من حديث الرحالة المسلم ناصر خسرو , الذي زار القدس سنة 438هـ الموافق لـ 1047م أن عدد سكان المدينة كان عشرين ألفاً , وأن مثل هذا العدد من الحجاج كان يزورها سنوياً .
استمر الوجود اليهودي في القدس منذ الفتح العربي الإسلامي لها إلى أن احتلها الفرنجة عام 1099م , وفي فلسطين و المنطقة , التي أصبحت تعرف بدار الإسلام عامة ، وساهم في هذا الاستمرار هجرات أفراد من اليهود إلى فلسطين , طلباً للأمن أو العلم , أو بغرض التعبد , سواء من دار الإسلام أو من خارجها . وقد لاحظ باركس في كتابه "تاريخ فلسطين من 135 إلى الزمن الحديث" أن الحكام المسلمين لم يرفضوا في أية فترة السماح ليهود من بلاد أجنبية أن يدخلوا فلسطين , ويقيموا فيها , وبدون هذه الهجرة ما كان لوجودهم أن يستمر , وذلك لأن أعداداً منهم كانت تعتنق الإسلام بكامل رغبتها , وألحق هذا السماح , الذي يشير إليه باركس , لليهود المستأمنين , الذين يأتون مسالمين , وهو نابع من تعاليم الدين الحنيف .
عاش أهل فلسطين والقدس في ظل الحكم الإسلامي التحول العظيم , الذي حدث في القرن الأول الهجري , بفعل نشوء العمران الحضاري العربي الإسلامي , وشاركوا بمختلف مللهم في ازدهار هذا العمران الحضاري , من موقع الانتماء الحضاري إليه . وهذه ظاهرة يوقف أمامها , وقد كانت لها تجلياتها في طابع حياتهم في القدس ودار الإسلام . ومن الذين وقفوا أمام هذه الظاهرة أحد يهود الإسلام , كما يصف نفسه , إلى جانب كونه أحد يهود العرب , هو جدع جلادي , الذي كتب "إسرائيل نحو الانفجار الداخلي" , وخصص الفصل الأول من كتابه هذا لتأمل هذه الظاهرة ، واختار عنواناً للفصل "الوئام بين يهود العالم الإسلامي والأمة الإسلامية" . وقد أحسن جلادي الإحاطة بالظاهرة فيما كتب , وتتبع جذورها , فعرض بداية تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع اليهود , وحلل مضمون الصحيفة , ثم تحدث عن اليهود والفتوحات الإسلامية , وترحيبهم بها , ثم شرح نظام الملل الإسلامية , وأطلق عليه مصطلحاً حديثاً هو "الحكم الذاتي اليهودي" , ثم فصل الحديث عن اليهود في الحكم الإسلامي , وإسهامهم في ازدهار الاقتصاد , ثم وقف أمام تعرب اليهود في الإسلام لساناً وثقافة وحضارة ، وعرض أسماء من برزوا منهم في مختلف العلوم والآداب , وفصل الحديث عن التسامح الإسلامي , وختم بحديث عن يهود الغرب ويهود العراق .
وكان كاتب هذا الحديث قد وقف أمام هذه الظاهرة في بحثه "تطور حياة اليهود في فلسطين" , وفي بحثه عن "التعددية الدينية في الإسلام" , المنشور في كتابه "وحدة التنوع" . كما تناولت كتابات عربية وأجنبية الظاهرة بالدراسة . ولافت للنظر أن الكتابات الصهيونية حين وقفت أمامها حارت في كيفية التعامل معها , فحفلت بالتناقض مع نفسها ، ومثّل عليها الفصل الذي كتبه بن زيون دينور في كتاب "اليهود في أرضهم" .
إن هذه الظاهرة تفسر خلو تاريخ يهود الحضارة الإسلامية من أية ثورات على الحكم , على ما رأيناه في تاريخ اليهود , في ظل حضارتي اليونان والرومان , كما تفسر الإسهام الإيجابي لليهود في هذه الحضارة , وانعكاسها الإيجابي على حياتهم . وقد عرض فؤاد حسنين في كتابه "المجتمع (الإسرائيلي) منذ تشريده حتى اليوم" مثلاً على ذلك ظهور مذهب القرائين , الذي هو و لا شك وليد الإسلام والمجتمع الإسلامي ، وكان اليهود قبله يخضعون دينياً لنظام تلمودي شديد , يقيد حريتهم ، فإذا بالحضارة العربية الإسلامية تهزهم وتزعزع ثقتهم في التلمود , فكان أن ظهر هذا المذهب الجديد , وطور "الربانيون" منهم مذهبهم .. وهكذا برز عنان الذي أسس القرائين في العصر العباسي , وتأثر بتيارات الفكر الإسلامي . وبرز أيضاً سعيد الفيومي , الذي دافع عن اليهودية "السنية" ضد القرائين , وألف عدداً من الكتب .
والحديث عن انتماء يهود الإسلام إلى الحضارة العربية الإسلامية , وإسهامهم فيها , يغري بالاستطراد , ولكن مجال هذا الحديث يضيق عنه , ونكتفي بالإشارة إلى أعلام يهود برزوا , من أمثال موسى بن ميمون , وابن كمونة , والسمؤل بن حنفي , وغيرهم
الحلقة الثالثة
"القدس إبان الغزو الفرنجي"
الفرنجة قتلوا آلاف المسلمين وأحرقوا اليهود في الكنس وصلاح الدين أعادهم إليها
تحالف الاستعمار الغربي والحركة الصهيونية لتهويد فلسطين والانتفاضة بداية مشوار التحرير الثاني
نصل في بحثنا هذا عن تاريخ القدس منذ الفتح العربي ، إلى صفحة سوداء من تاريخها , تتصل بأطماع الغزاة الطغاة فيها .
منذ غزا الفرنجة دار الإسلام والقدس عام 1099م – 492هـ رافعين شعار "الصليبية" , وتمكنوا من احتلال المدينة المقدسة ، عاشت القدس وما حولها محنة وصفها مجير الدين الحنبلي في كتابه "الأنس الجليل في تاريخ القدس و الخليل" بقوله "لم يُر في الإسلام مصيبة أعظم من ذلك" , ونقل عن ابن الأثير قوله "لبث الإفرنج في البلدة أسبوعاً يقتلون المسلمين ، وقتلوا في المسجد ما يزيد على السبعين ألفاً , منهم جماعة كثيرة من أئمة المسلمين وعلمائهم وعبادهم و زهادهم , ممن فارقوا الأوطان , وجاوروا ذلك الموقع الشريف" . وأضاف الحنبلي : "حصروا المسلمين في الحرم الشريف , وأعطوهم ثلاثة أيام للخروج من المدينة , والمتأخرون يقتلون ، وأما من كان في المدينة من اليهود "فقد جمعهم الفرنجة في الكنيسة وأحرقوها عليهم" , كما جاء في ذيل "تاريخ دمشق" للقلانسي , وفي "النجوم الزاهرة" لابن تغري بردى . و أما أهل القدس من العرب النصارى فقد أبقاهم الفرنجة , لكن جردوهم من السيادة الدينية , بإلغاء البطريركية الأرثوذكسية , وإقامة أخرى لاتينية مكانها .
واستمرت محنة حروب الفرنجة 192 عاماً . ويدعو ما قام به الفرنجة الغزاة من فظائع خلالها , إلى الخاطر كيف تم الفتح العربي الإسلامي لبيت المقدس , من باب تداعي الأضداد ، ويصل بنا إلى المقارنة بين سلوك العرب المسلمين الفاتحين , حين انطلقوا بالإسلام , وفي ظل الحضارة العربية الإسلامية , وسلوك الفرنجة الأوروبيين الغزاة , حين انطلقوا طامعين بمغانم الشرق , رافعين شعار التعصب الأعمى , في ظل حضارتهم الغربية , كما يدعو قتل الفرنجة اليهود في القدس , وقبل ذلك في طريقهم إلى القدس , إلى الخاطر قيام أحفادهم بعد سبعة قرون بتنظيم اضطهادات لليهود في أوروبا , ثم باستغلال اليهود الأوروبيين في إقامة قاعدة استعمارية استيطانية لهم في فلسطين , واستخدامهم للتسلط على دائرة الحضارة العربية الإسلامية .
انتهت محنة القدس بعد تسعين عاماً من احتلال الفرنجة لها , حين حررها صلاح الدين الأيوبي بعد انتصاره في موقعة حطين الفاصلة , ودخل المدينة في ذكرى الإسراء والمعراج يوم 27 رجب سنة 583هـ الموافق 20 تشرين أول (أكتوبر) 1187م , وأعطى هذا الفاتح المسلم نموذجاً رائعاً في الرحمة والتسامح , "حيث عفا و رحم و أعطى الأمان لأنفس الفرنجة وأموالهم , حتى بلغوا مأمنهم في الساحل" .
وقد سجل ستانلي لين بول في تاريخه لصلاح الدين أنه إذا كان أخذ القدس هو الحقيقة الوحيدة التي نعرفها عن صلاح الدين , فإن ذلك كاف لإثبات أن صلاح الدين هو أكثر المنتصرين فروسية , وأعظمهم قلباً في زمانه , ولعله في كل زمان , و الحديث عما قام به صلاح الدين لتعمير بيت المقدس من جديد , بعد تطهيرها من رجس الاحتلال , ذو شجون .
لقد سمح صلاح الدين لليهود بالإقامة في المدينة فأقام فيها نفر منهم , تماماً كما أعاد للبطريركية الأرثوذكسية , التي ألغاها الفرنجة اعتبارها . ويفيض المؤرخون في الحديث عن سماحة صلاح الدين مع اليهود في فلسطين , وقد نقل بن زيون دينور عنهم ما كتبه يهودي من القدس إلى يهود الحريزي : "لقد رفع الله روح ملك الإسماعيليين (أي العرب المسلمين) في سنة أربعة آلاف وتسعمائة وخمسة من الخلق, لتنزل فيه روح الحكمة والشجاعة، وهكذا جاء هو وجيشه من مصر, وحاصروا أورشليم (القدس), فسلمهم الله المدينة بين أيديهم , وأمر الملك (أي صلاح الدين) أن ينادي بصوت عال في المدينة للكبار والصغار , معلماً أهل القدس أن أي واحد يرغب من أبناء أفرايم , من الذين بقوا بعد المنفى الأشوري , والذين توزعوا في أنحاء الأرض , يمكنهم العودة إلى المدينة".
وينقل علي السيد علي في كتابه "القدس في العصر المملوكي" عن بعض المراجع أن عدداً من اليهود وفد إلى بيت المقدس من البلاد العربية وأوروبا , فزادوا بضعة مئات ، وأن صموئيل بن سيمون – وهو يهودي زار فلسطين سنة 1215- ذكر أن أكثر من 300 من الربابنة من جنود إنجلترا وفرنسا ذهبوا إلى الأرض المقدسة . ويقول دينور إن الملك العادل أخا صلاح الدين أحسن استقبالهم , وسمح لهم ببناء الكنيسة والكلية . وقد برز في عهد صلاح الدين من اليهود موسى بن ميمون (1135 – 1204) , الذي أصبح طبيباً من أطبائه ، وهو عند اليهود موسى الثاني , لعلمه وفقهه , وأشهر كتبه الفقهية "دلالة الحائرين" باللغة العربية .
عاشت فلسطين في العهد المملوكي مرحلة أخرى من مراحل العمران الحضاري الإسلامي ، وقد نهج المماليك نهج الأيوبيين في العناية بمدارس العلم , وبناء المساجد والمنافع العامة ، وتركوا آثاراً كثيرة في بيت المقدس , نجد ثبتاً كاملاً بها في كتاب "الأبنية الأثرية في القدس" , لإسحاق موسى الحسيني , الذي اعتمد فيه على ما قام به الأثريون البريطانيون .
كما نهج المماليك نهج الأيوبيين في سماحتهم مع أهل الكتاب نصارى ويهوداً . وقد ذكر مسلم الفولتيري الذي زار القدس عام 1481 أنه وجد فيها 250 يهودياً ، وحين زارها الرحالة اليهودي عبودية عام 1488 ذكر أن سبعين عائلة يهودية تسكنها , وأن فيها معبداً لهم ملاصق لمسجد للمسلمين . وتؤكد رسالة بعث بها رهبان الفرنسيسكان إلى البابا مارتن الخامس أن أعداداً من المسيحيين و اليهود الأوروبيين كانوا يأتون لزيارة القدس والإقامة فيها ، وقد ذكر هؤلاء الرهبان أن خلافاً نشب بينهم وبين اليهود في القدس على تملك القبو , الذي يوجد فيه قبر النبي داود سنة 1443، وطلبوا إليه أن يحرم على المسيحيين نقل اليهود الأوروبيين على سفنهم , ففعل و أصدر منشوراً بذلك .
عاش اليهود في بيت المقدس في العصر المملوكي في حارة لهم , شأنهم في المدن العربية الأخرى . وقد نقل علي حسن الخربوطلي في كتابه "العرب واليهود" عن ابن حوقة , أنه كان على رأس يهود الدولة الإسلامية رئيس يحمل اسم رأس الجالوت ، و أن اليهود من أهل الذمة اشتهروا بأعمال التجارة وصناعة الدباغة والخياطة والأحذية وصك النقود والصيرفة , وعملوا مرشدين سياحيين أيضاً ، وذلك في ظل رعويتهم للدولة الإسلامية .
وفي عام 1516م ، ضمت الدولة العثمانية بلاد الشام , بعد انتصار السلطان سليم على قونصوه الغوري في معركة مرج دابق قرب حلب . و أصبحت القدس سنجقاً من ولاية دمشق ، وقد عرج عليها السلطان سليم , فاستقبله علماؤها ووجهاؤها , وأولموا له في ساحة الحرم الشريف . وحين تولى ابنه السلطان سليمان (1520 – 1560م) عني بالقدس , فرمم قبة الصخرة , وأعاد تبليط المسجد , وعمّر جدران الحرم الشريف وأبوابه , وأنشأ عدداً من السبل , وأصبح يعرف بخادم الحرمين في القدس والخليل , إضافة إلى لقب خادم الحرمين في مكة والمدينة ، وزارت زوجته السلطانة القدس , وأوقفت أوقافاً عليها ، وأمّن السلطان سليمان الطريق بين يافا والقدس حماية للحجيج .
واستمر الوجود اليهودي في القدس في العهد العثماني شأنه في عهود الحكم الإسلامي السابقة ، ويذكر إسحاق بن زفي في بحثه في كتاب "اليهود في أرضهم" أن عدد اليهود عام 1526 كان مائتين , حسب إحصاء رسمي ، وأنه أصبح تبعاً لأحد المصادر 324 رب أسرة و 19 عازباً سنة 1555. وترجع هذه الزيادة إلى هجرة أعداد من يهود الأندلس السفارديم إلى الدولة العثمانية , بعد نكبة المسلمين في الأندلس منذ سنة 1492م .
وينوه المؤرخون اليهود بسماح العثمانيين للاجئين اليهود بالإقامة في دار الإسلام , في الوقت الذي رفضت فيه بعض الأقطار الأوروبية استقبالهم . ويقول إسحاق بن زفي إن حارة اليهود ضمت سفارديم و أشكناز ويهود مغاربة ويهود مستعربين , وهو يعني بالمستعربين اليهود العرب , الذين عاشوا في فلسطين والأقطار العربية , وقد تحسنت أحوالهم في عهد السلطان سليمان , الذي بنى السور العظيم , وفي عام 1551 أصدر السلطان فرماناً ولّى فيه الشيخ أحمد الدجاني أمر خدمة ضريح النبي داوود , الذي كان الخلاف احتدم بشأنه بين الفرنسيسكان الرهبان واليهود في عهد سلاطين المماليك , فتولت العائلة الدجانية هذا الأمر حتى نكبة فلسطين عام 1948.
نصل في تناولنا لتاريخ القدس منذ الفتح العربي إلى ما أصاب بيت المقدس بفعل الغزوة الصهيونية الاستعمارية في القرنين الأخيرين . ونستذكر مرة أخرى أن القدس التي كانت وطناً لشعبها , ومركزاً روحياً للمؤمنين بقيت مطمعاً للغزاة المعتدين ، وأن جميع الغزوات العدائية انتهت بالاندحار .
لقد عاد الغزو الفرنجي في صورة جديدة يستهدف فلسطين والقدس والمنطقة في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي , حين قام نابليون بونابرت بقيادة الحملة الفرنسية على مصر عام 1798، ومع أن هذه الحملة كان مصيرها الاندحار والهزيمة ، و اضطر بونابرت أن يرتد عند أسوار عكا , ثم يقفل راجعاً إلى مصر , ويخرج منها مهزوماً , بعد أن واجه مقاومة قادها الأزهر ، الذي منه خرج سليمان الحلبي , ليقتل كليبر المعتدي , الذي خلف بونابرت .. مع ذلك بقي الاستعمار الأوروبي في فصائله المختلفة مستهدفا القدس وفلسطين والمنطقة ، من ذلك الحين ، و باشر مرحلة الاستعمار الاستيطاني في فلسطين والقدس , التي لا نزال نعيشها ونخوض الصراع لإنهائها .
حين نقف أمام تاريخ الاستعمار الاستيطاني الصهيوني في القدس , نستذكر بداية أن الاستيطان هو اغتصاب لأرض شعب آخر، يتخذ مفاهيم عدة .. اقتصادي و عقيدي وسياسي وديني وأمني . ونستحضر ما وصل إليه جمال حمدان في كتابه "استراتيجية الاستعمار والتحرير" , بشأن الاستعمار الاستيطاني الصهيوني , الذي يمثله الكيان الصهيوني ، ونلخصه بسمتين رئيسيتين:
– أولاهما : عنصريته الحادة , التي هي من نوع عنصرية البيض الأوروبيين , الذين أبادوا شعوباً في أمريكا و إفريقيا , وفرضوا العبودية على ملايين الأفارقة .
– والأخرى : تسلط فكرة الأمن المطلق عليه ، وقد أحسن شرحها شيوخنا الاستراتيجيون , وليس خافياً لماذا تتسلط هذه الفكرة , فنحن أمام مغتصب يسرق الأرض والماء , ويخشى من صاحب الحق .
نستذكر أيضاً أن التحالف الاستعماري الصهيوني كان وراء الاستعمار الاستيطاني في فلسطين ، ومنذ أوائل القرن التاسع عشر برزت بريطانيا قطباً رئيسياً في هذا التحالف , الذي يسعى لاستعمار فلسطين , وبرزت أيضاً الولايات المتحدة الأمريكية , التي ركزت أنظارها على القدس , وبكّرت في إقامة قنصلية فيها , كتب الكثيرون عن تحركاتها , وهناك إلى اليوم في القدس مبنى يحمل اسم "أمريكان كولوني" ، وكانت قوى يهودية وأخرى بروتستانتية في بريطانيا وأمريكا قد أثارت الأطماع في فلسطين ، ونذكر كيف كتب دزرائيلي عن القدس وأهميتها لبريطانيا , قبل أن يصبح رئيس وزراء .
لقد مرّ الغزو الاستعماري الصهيوني في فلسطين بأربعة مراحل , بعد أن تبلورت الحركة الصهيونية , بتشجيع من القوى الاستعمارية الأوروبية ، ونجحت في إرسال أول دفعة من المهاجرين إلى فلسطين من يهود شرق أوروبا عام 1882, في العام الذي احتلت فيه بريطانيا مصر ، فمن مرحلة التسلل , التي استمرت حتى عام 1917, إلى مرحلة التغلغل إبان الاستعمار البريطاني لفلسطين , حتى عام 1948, إلى مرحلة الغزو بعد إقامة "دولة إسرائيل" وحتى عام 1967, إلى مرحلة التوسع بعد حرب حزيران (يونيو) في ذلك العام . وقد وفق المرحوم جمال حمدان في اختيار أسماء هذه المراحل .
نجح الغزو الاستعماري الاستيطاني الصهيوني في احتلال جزء كبير من القدس إبان حرب عام 1948، وأكمل احتلال الجزء الشرقي منها في حرب العام 1967، وقد سمعنا إسحاق رابين رئيس الوزراء الصهيوني السابق , يصرح لإذاعة العدو الصهيوني , رداً على إشارة عربية فلسطينية لأملاك عرب فلسطينيين في القدس الغربية , بالقول "لقد أخذنا القدس في حربين" .
وكما هو الشأن في كل استعمار استيطاني عمد الكيان الصهيوني , بعد أن نجح في احتلال القدس , إلى ضمها فوراً , ثم شرع في اغتصاب أراضيها تدريجياً , بسبل مختلفة , ليصل إلى تهويدها ، و إنا مدعوون إلى أن نتأمل طويلاً في خطوات هذه العملية , التي تبدأ بالتسلل , فالتغلغل , فالاحتلال , فالضم , فالاغتصاب , فالتهويد ، ونستحضرها في أذهاننا دوماً ؛ لأن أراض عربية مجاورة لفلسطين مستهدفة اليوم صهيونياً بمخططات التسلل , أولى خطوات هذه العملية .
وقد شهدت مرحلة التوسع في الغزو الصهيوني لفلسطين منذ عام 1967 تركيزاً خاصاً على القدس , فصلت شرح مخططاته , وما تم تنفيذه منها , كتب كثيرة ، فبعد إعلان ضمها , جرت إقامة خمس عشرة مستعمرة , وبناء ثلاثين ألف وحدة سكنية ، وتم الاستيلاء على ثلاثة و ثلاثين في المائة من أراضي القدس بالمصادرة و الاستملاك ، وتفننت الحكومة الصهيونية في اتخاذ الإجراءات , التي تسلب أهل القدس العرب من حقوقهم .
وما أشد الخطر الذي يهدد القدس بفعل الاستعمار الاستيطاني الصهيوني , بعد إبرام اتفاق أوسلو- واشنطن ، فالجهود الصهيونية مركزة الآن لتهويدها ، وقد فصلنا الحديث عن أخطار هذا الاتفاق على القدس , وكيفية مواجهة هذه الأخطار , في كتاب "لا للحل العنصري في فلسطين" ، وأوضحنا كيف تعامل اتفاق إعلان المبادئ مع قضية القدس , مؤجلاً النظر فيها , ليفسح للعدو الصهيوني فرض الأمر الواقع , خلال الفترة الانتقالية . كما أوضحنا كيف عمد "مصمم" عملية التسوية الأمريكي إلى استبعاد البحث في قضية القدس , والالتفاف حول القضية ، وحصرها في نزاع حول الإشراف على مقدسات ، وعرضنا الإجراءات الصهيونية في القدس والموقف الصهيوني الحالي من القدس والموقف الأمريكي الناقض لقرارات الشرعية الدولية في حقيقته ، كما بيّنا أصول هذين الموقفين , وشرحنا المخطط الصهيوني للقدس الكبرى , وخطوات تنفيذه , وتعديه على الوقف الديني الإسلامي والمسيحي , وما نجم عنه من مشكلات لا حل لها , و ما ينبغي عمله .
يتضح مما سبق أن أخطر ما حكم مسيرة التسوية , التي حملت اسم "عملية سلام الشرق الأوسط" , هو منطق الإملاء الذي فرضه الفكر الصهيوني وفكر الهيمنة الطاغوتي ، وهو منطق يدعو القوي إلى الاغترار بقوته , فيصبح محكوماً بغطرسة القوة ، ويحثه على أن يفرض شروطه مسبقاً , بحيث يضطر الآخر إلى التخلي عن أوراقه التفاوضية .
(9/1995) في عهد حكومة حزب العمل الصهيوني برئاسة رابين , و عهد إدارة الرئيس كلينتون الأول ، ثم في اتفاق الخليل (1/1997) , و أخيراً في اتفاق "واي" في (10/1998) في عهد حكومة ليكود برئاسة بنيامين نتنياهو و عهد إدارة الرئيس كلينتون الثاني ، وهو اتفاق حول إجراءات لتنفيذ ما سبق الاتفاق عليه . ويتضمن بنوداً خمسة هي : "إعادات انتشار إضافية"، و"الأمن"، و"اللجنة الانتقالية والموضوعات الاقتصادية" ، و"مفاوضات الوضع النهائي" ، و"الأعمال أحادية الجانب" ، كما يتضمن جدولاً زمنياً . ثم تجلى هذا المنطق بشكل صارخ في المحاولة الأمريكية الصهيونية لاغتصاب الحرم القدسي , التي تولى كِبرها بيل كلينتون في صيف 2000 , وتابعها جورج دبليو بوش بعده .
واضح أن هذا الغزو الاستعماري الصهيوني لفلسطين والقدس , هو أخطر ما تعرضت له ديار العرب والإسلام منذ الغزو الفرنجي . و واضح أيضاً أن المقاومة العربية الإسلامية لهذا الغزو مستمرة , تتتالى حلقاتها . وقد دخلت مرحلة جديدة بانتفاضة الأقصى , التي أكملت شهرها الثالث عشر . وقد وضعت نصب العين مواجهة الكيان الصهيوني والدعم الأمريكي له , وصولاً بالولايات المتحدة إلى مراجعة استراتيجيتها في المنطقة , وإدراكها أن الكيان الصهيوني لن يكون ركيزة استراتيجية لها , وإنما عبئا استراتيجيا عليها , ووصولاً باليهود في هذا الكيان وخارجه إلى نبذ الصهيونية العنصرية , إذا أرادوا الأمن والسلام .
وقد وقعت زلزلة الهجوم على نيويورك وواشنطن يوم 11 أيلول (سبتمبر) 2001، فنبهت قوة الطغيان في الغرب إلى حقائق هذا الصراع ، ويبقى أن نتابع الآن المقاومة لإنهاء الاستعمار الاستيطاني الصهيوني لفلسطين والقدس وتحريرهما .