مقــدمــة :قال تعالى في كتابه الحكيم : "أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ"(الأنبياء:30)
إن الكون الذي نعيش فيه هو كون في توسع وازدياد مستمر، وكل شئ فيه يتحرك، ولا شئ ثابت مطلقا، نستدل على ذلك من مراقبة المجرات ومجموعات المجرات التي تنتقل بثبات وكل على حدة في الكون، هذا التوسع يحدث منذ أن تشكل الكون قبل حوالي 14 بليون سنة في حدث كثيف وحار جدا والمعروف بالانفجار العظيم.1/ نشأة الكون: نظرية نشأة الكون أو ما يسمى نظرية( الانفجار العظيم ) هي نظرية تبحث في البدايات الأولى للكون وما حدثله منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا وأول من سماها بهذا الاسم ( الانفجار العظيم ) هوالعالم الكبير عالم الكونيات الأمريكي هابل. نظرية الانفجار العظيم وبدء خلق الكون تقول النظرية أن الكون بدأ خلقه من نقطة متناهية الصغر ومتناهية الضخامة في كم المادة والطاقة، وأن هذه النقطة انفجرت فتحولت إلي سحابة من الدخان، ثم أخذت تبرد من مئات البلايين من الدرجات المطلقة إلي حوالي الثلاث درجات المطلقة وبدأت درجات الحرارة مناسبة للمرحلة التالية للخلق.
نشأة الكون وتطوره المرحلة التي تلت الانفجار العظيم استمرت لجزء من مائة ألف مليون جزء من الثانية بعد عملية الانفجار وفيه خلقت اللبنات الأولية للمادة كما خلقت أضدادها من الدخان الكوني وذلك من الكواركات وأضدادها النيوترينوات ونقائضها.
وكان الدخان الكوني كثيفا مظلما معتما، وكانت الجاذبية قوة منفصلة رابطة أجزاء هذا الدخان الكوني، بينما انفصلت القوة الشديدة عن القوة الكهربية الضعيفة، ويعتقد أن أعداد هذه الجسيمات الأولية كان يفوق أعداد نقائضها وإلا ما وجد الكون, وكانت هذه الفترة فترة تمدد ملحوظ وتوسع مذهل للكون.
وبعدها بدأت المرحلة التالية وقد استمرت إلي جزء من مليون جزء من الثانية بعد عملية الانفجار العظيم، وفيه تمايزت اللبتونات (وهي أخف اللبنات الأولية للمادة مثل الإليكترونات و النيوترينوات وأضدادها عن الكواركات، كما تمايزت البوزونات، وانفصلت القوة الضعيفة) عن اتحاد القوي المعروف باسم القوة الكهربية الضعيفة.
وجاءت بعدها مرحلة جديدة وقد استمرت إلي 225 ثانية بعد عملية الانفجار العظيم، وفيه اتحدت الكواركات مع بعضها البعض لتكون النيوكليونات وأضدادها مثل البروتونات ونقائضها، والنيوترونات ونقائضها، وكانت الطاقة علي قدر من الضعف لا يسمح بتكون النيوكليونات وأضدادها علي نطاق واسع .
وفي الفترة من 225 ثانية إلي ألف ثانية بعد عملية الانفجار العظيم بدأت فترة تكون نوى العناصر، وفيه تكونت الديوترونات الثابتة وهي تنتج عن ترابط بروتون مع نيوترون، ومع تكونها بدأت عملية الاندماج النووي في تكوين نوى ذرات الهيدروجين، وباتحادها تكونت نوى ذرات الهيليوم وبعض أنوية الذرات الأثقل.
وفي الفترة من ألف ثانية إلي عشرة تريليونات ثانية بعد الانفجار العظيم بدأت الايونات في الظهور، وفيه تكونت أيونات كل من غازي الهيدروجين و الهيليوم، واستمر الكون في الاتساع و التبرد.
وخلال الفترة من عشرة تريليونات ثانية إلي ألف تريليون ثانية بعد عملية الانفجار العظيم، بدأت الذرات في التكون، وفيه تكونت ذرات العناصر، وترابطت بقوي الجاذبية وأصبح الكون شفافا.
وبعد حوالي 32 مليون سنة بعد عملية الانفجار العظيم إلي اليوم بدء خلق أغلب العناصر المعروفة لنا ( وهي أكثر من مائة وخمسة عناصر) بعملية الاندماج النووي في داخل النجوم حتى تكون عنصر الحديد في داخل المستعرات و المستعرات العظمي، وتكونت العناصر الأعلى وزنا ذريا من نوي ذرات الحديد باصطيادها اللبنات الأولية للمادة المنتشرة في صفحة السماء.
2/ مكونات الكون:
يتكون الكون في محتواه حاليا , كما قدره العلماء , علي 5% مادة عادية كالنجوم والكواكب والغازات والغبار الكوني ,و25% مادة مظلمة لم تكتشف بعد و70% طاقة مظلمة يفترض أن لها كتلة حسب معادلة نسبية آينشتين
(E = mc2) التي تعبر عن صلة الطاقة بالكتلة . فالكون كما يقال , يسوده قوي الطاقة المظلمة والمادة المظلمة والطاقة الضوئية الكاشفة للأجزاء المرئية بالكون . فالطاقة المظلمة قوة طاردة في كل مكان تشق الكون . وهذه القوة لا تندفع ضد قوة الجاذبية فقط بل لها رؤوس تدور سريعا دورات حلزونية .فبينما الجاذبية تربط الكواكب والنجوم والمجرات معا برفق وهوادة , نجد أن القوة المظلمة تدفع بالمجرات بعيدا عن بعضها لتتسارع سرعتها في أقصي أرجاء الفضاء . فالكون في بدايته كان حساء مظلما يتكون من الطاقة المظلمة والمادة المظلمة والمادة العادية .
و من المعلوم أن الكون مؤلف من مجرات , وحشود مجرات وأن أهم هذه المجرات مجرتنا " درب التبانة " وهي تشتمل على أكثر من 100,000مليون نجم ، من هذه النجوم شمسنا ولها عدد من الكواكب تتبعها وتدور حولها ، ولكل كوكب تابع أو أكثر يتبعه ويدور حوله ، وأهم كواكبها أرضنا ولها تابع واحد هو القمر. تشكل كل شمس مع توابعها منظومة يطلق عليها " المنظومة الشمسية ".
وتحتوي الذرات على جسيمات تسمى: (البروتونات) و(النيترونات) و(الإلكترونات( وتتكون البروتونات والنيترونات من جسيمات صغيرة يطلق عليها (الكوارات) تربطها جسيمات تسمى (القلوانات.(
وتكوِن الذرات جسيمات كبيرة تسمى الجزيئات، وهذه المركبات إما عضوية أو غير عضوية. والعضوية هي التي يوجد معظمها في الكائنات الحية (حيوانية ونباتية( وتحتوي على ذرة الكربون وتتكون من جزيئات كبيرة قد تحتوي على آلاف الذرات.
مادة الكون :
تكونت المادة العادية في الكون من ثلاثة أشياء هي الهيدروجين والهليوم وبقايا رماد النجوم الميتة بعد تفجرها بالفضاء خلال4,5 بليون سنة الماضية . وبعد الانفجار العظيم كان الهيدروجين يمثل 75% من كتلة الكون و الهيليوم 25%. وكانت العناصر الكيماوية اللازمة للحياة كالكربون والأكسجين والنيتروجين ليس لها وجود . ولما تقلصت سحب الهيدروجين و الهيليوم بتأثير جاذبيتهما الذاتية تكونت النجوم كأفران نووية اندماجية للعناصر الخفيفة كالهيدروجين و الهيليوم مولدة عناصر ثقيلة قامت بتشكيل صخور الكواكب والبحار الدافئة وأشكال ذكية من الحياة . وانطلقت هذه الكتل الثقيلة للفضاء بعيدا عن النجوم الملتهبة لتصبح جيلا ثانيا من النجوم والكواكب .
أبعاد الكون المرئي :
– يبلغ نصف قطر الكون بحساب أينشتاين 35 بليون سنة ضوئية . أما بذرة المادة الأصلية التي نشأ منها الكون المرئي في الفضاء السحيق ، فتغطي مسافة 64 مليار تريليون كيلومتر وعمرها الوسطي 15 مليار سنة . وظهرت في الوجود بعد 300 ألف سنة من الدويّ أو الانفجار العظيم الذي رافق خلق الكون.
أبعادالكون:
في الزمن الأول كان الإنسان يتعامل مع بعد واحد في حياته هذا جاء من احتياجه للبحث عن طعامه فكان يستخدم رمحه لاصطياد فريسته وبالتالي كان يقذف رمحه في اتجاه الفريسة حيث ينطلق الرمح في خط مستقيم وحركة الرمح هنا تكون في بعد واحد وسنرمز له بالرمز x. ومن ثم احتاج الإنسان ليزرع الأرض وبالتالي احتاج إلى التعامل مع مساحة من الأرض تحدد بالطول والعرض وهذا يعد استخدام بعدين هما x و y لأنه بدونهما لاستطيع تقدير مساحة الأرض المزروعة. وعندما احتاج الإنسان للبناء أخذ يفكر ويحسب في البعد الثالث وهو الارتفاع. وهذه هي الأبعاد الثلاثة x,y,z والتي كانت الأساس في حسابات الإنسان الهندسية، وحتى مطلع القرن العشرين اعتبرها الإنسان كافية لحل كل المسائل التي تقابله على سطح الكرة الأرضية. وحتى يومنا هذا نعتمد على الأبعاد الثلاثة في تنقلاتنا وسفرنا وحساباتنا…..والبعد الرابع وهو الزمن.
فالبعد فيزيائياً: هو مصطلح يقوم بالأساس على وصف حالة ما في هذا الكون بغض النظر عن هذه الحالة أو هذا البعد ما دامت الحالة موجودة. فلا يمكن أن نحدد لجسم مختفيا أو معدم أبعاداً خاصة به لتعذر إمكانية تحديد موقعه في الفراغ أو تعيين وقت تواجده. وكلما تعددت هذه الأبعاد زادت الدقة في تعيين الحالة أياً كانت.
فنحن نعرف أننا إذا سرنا الأمام وللخلف فهذا يسمى بعدا , وإذا سرنا يمينا أو يسارا فهذا بعد ثان وإذا ارتفعنا إلى أعلى أو هبطنا إلى أسفل فهذا يمثل البعد الثالث.وبعد اكتشاف النظرية النسبية أضيف إلى هذه الأبعاد ثلاث الفراغية بعدا رابعا وهو الزمن.
ويرمز لها في علم الرياضيات (X,Y,Z)، وقد أضاف ألبرت أينشتاين في النظرية النسبية عام 1905 البعد الزماني المختص بالوقت.
فأصبحت جملة الإبعاد التي تصف حياتنا نحن بالشكل (X,Y,Z,W)، تلك هي الأربع أبعاد التي نخضع لها في حال كنا وسنكون , مادمنا أحياء نرزق.
– الأبعاد الفلكية: ·
الأبعاد الفلكية للكون :
– تبعد الشمس عن الأرض حوالي 1,5 × 910 كلم (150مليون كيلومتر) أي ما يعادل الوحدة الفلكية أو الفضائية ، وهي بالتحديد متوسط البعد بين الأرض والشمس ، ويساوي 149,5 مليون كلم تقريباً ، ويبلغ بعد بلوتو من الشمس نحو 40 وحدة فلكية أو 6 × 910 كلم .
– تمتد المجرّات إلى ما لانهاية ، ويبلغ بُعد أقربها إلينا ملياري مليار من الكيلومترات .
·لا بد من وحدة مسافات جديدة غير الوحدة الفلكية للكلام عن الترتيب الهندسي للنجوم ، هذه الوحدة :هي السنة الضوئية التي تعادل 63300 وحدة فلكية أو 0,307 فرسخ فلكي ، وتساوي المسافة التي يقطعها الضوء في الثانية وهي 3 × 810 كلم .
·وأقرب نجم للشمس القنطور أو الطلمان يبعد عنها ما يزيد على أربع سنوات ضوئية .
·يبعد نجم ذنب الإوزّة عنا حوالي 650 سنة ضوئية (تحتوي مجرّتنا درب التبانة على ما يزيد على 1110 نجمة من هذه النجوم).
– وتقرب سماكة مجرّتنا في وسطها من 410 سنة ضوئية ، بينما يبلغ طولها من جانب إلى آخر 510 سنة ضوئية.
·يبلغ طول بعض المجرًات 2 × 710 سنة ضوئية من طرف إلى آخر . وأقرب مجرًة كبيرة لمجرّتنا
تبعد عنا مسافة 2 × 610 سنة ضوئية تقريباً. لكن ماذا هناك خارج حدود علم الفلك الحالي : هل يمتد الكون إلى اللانهاية ؟ أم قد يكون مقوّسًا بطريقة غريبة فيكون قريباً من السديم الذي يبدو الأبعد عنا ؟
الكون محدود العمر ، متغير ومتطور في حالته الفيزيائية وفي شكله ، غير متجانس في توزيع المادة عبر فضاء ليس إقليدي الهندسة (فهو رباعي الأبعاد) ، وفي توسع مستمر . يقدّر قطره بحوالي مائة ألف مليار مليار كلم .
وما زال الكون يموج بالكثير من الأسرار والطلاسم ويبوح من وقت إلى آخر بعض منها ، فقد اكتشفت مؤخرا أجسام معتمة في الكون يعادل حجم بعضها حجم الكرة الأرضية ألف مرة ، وهي كتل غير مرئية ، تعتبر ضرورية لإحداث الحركة المحسوبة في الكون وتكفي لوقف تمدّد الكون في وقتٍ ما في المستقبل.
3/- القوى الأساسية التي تحكم الكون :
تكونت هذه القوى مع تكون أول جسيمات دون ذرية في أزمنة محددة بدقة بعد الانفجار العظيم مباشرة لكي تشكل كل ترتيبات الكون ونظمه وتدين الذرات، التي يتألف منها الكون المادي، بوجودها وتوزيعها المنتظم بدقة عبر الكون لتفاعل هذه القوى وهذه القوى هي: قوة جذب الكتل المعروفة باسم القوة التجاذبية ، والقوة الكهرومغناطيسية ، والقوة النووية الشديدة ، والقوة النووية الضعيفة وتتسم كل واحدة من هذه القوى بشدة مميزة ومجال مؤثر ولا تعمل القوى النووية الشديدة والضعيفة إلا عند النطاق دون الذري وتقوم القوتان المتبقيتان – القوة التجاذبية والقوة الكهرومغناطيسية- بالتحكم في تجمعات الذرات، وفي عبارة أخرى في ”المادة”
1- القوة النووية الشديدة: مرت هذه التسمية بمرحلتين حيث أطلقت في البداية على القوى الفاعلة بين مكونات ، أي البروتونات والنيترونات ، وتعمل على التغلب على قوة كولون التنافرية المؤثرة على البروتونات كونها مشحونة إيجاباً ، وبالتالي تعمل على تماسك النواة واستقرارها . وبعد أن اكتشف أن كل من البروتونات والنيترونات ليست أجساماً بسيطة إنما مركبة من جسيمات أخرى أطلق عليها " الكواركات " أشير إلى القوى النووية الشديدة على أنها القوى الفاعلة بين هذه الجسيمات.
2-القوى النووية الضعيفة : اكتشف هذا النوع من القوى لأول مرة عند ملاحظة عملية نووية تعرف " بتفكك بيتا
، وعلى الرغم من أن كافة الهادرونات (الباريونات) والليبتونات تشارك في العمليات التي تخضع لهذه القوى إلا أن هذه التأثيرات تكون محجوبة ( لا نشعر بها ) بفعل القوى الكهرطيسية الشديدة وغيرها ومدى هذه القوى قصير جداً
/ القوة الكهرومغناطيسية) القوة التيتُبقي الإلكترونات في المدار) :
لقد بشر اكتشاف هذه القوة بمقدم عصر جديد في عالم الفيزياء فقد تبين بعد ذلك أن كل جسيم يحمل”شحنة كهربائية” وفقاً لخصائصه التركيبية، وأن هناك قوة بين هذه الشحنات الكهربائية تجعل الجسيمات ذات الشحنات الكهربائية المتناقضة تنجذب نحو بعضها البعض وتجعل الجسيمات ذات الشحنات المتشابهة تتنافر عن بعضها البعض، ومن ثم يضمن ذلك أن البروتونات
القوة الكهرومغناطيسية تجعل الإلكترونات والبروتونات ضمن الذرة الواحدة تنجذب نحو بعضها البعض
الموجودة في نواة الذرة والإلكترونات التي تتحرك في المدارات حولها ستنجذب نحو بعضها البعض وبهذه الطريقة، تبقى ”النواة” و”الإلكترونات”، وهما العنصران الأساسيان في الذرة، مع بعضهما البعض إن أدنى تغيير في شدة هذه القوة من شأنه أن يؤدي إلى انطلاق الإلكترونات بعيداً عن النواة أو إلى وقوعها داخلها وفي كلتا الحالتين، سيؤدي ذلك إلى استحالة وجود الذرة، وبالتالي، استحالة وجود الكون المادي ومع ذلك، فمنذ اللحظة الأولى التي تكونت فيها هذه القوة، قامت البروتونات الموجودة داخل النواة بجذب الإلكترونات بالقوة المطلوبة بالضبط لتكوين الذرة بفضل قيمة هذه القوة..
4.القوة المسؤولة عن تماسك الكون(القوة التجاذبية):
على الرغم من أن هذه القوة هي القوة الوحيدة التي نستطيع إدراكها عادة، فإنها هي أيضا القوة التي نعرف عنها أقل قدر من المعلومات وعادة ما نطلق على هذه القوة اسم الجاذبية، في حين أنها تسمى في الواقع ”قوة جذب الكتل””mass attraction force” .
وعلى الرغم من أن هذه القوة هي أقل القوى شدة مقارنة بالقوى الأخرى، فإن الكتل الكبيرة جدا تنجذب بواسطتها نحو بعضها البعض وهذه القوة هي السبب في بقاء المجرات والنجوم الموجودة بالكون في مدارات بعضها البعض ومرة أخرى، تظل الأرض والكواكب الأخرى تدور في مدار معين حول الشمس بمساعدة هذه القوة التجاذبية كما أننا نتمكن من المشي على الأرض بسبب هذه القوة ولو حدث انخفاض في قيمة هذه القوة، لسقطت النجوم، لانتزعت الأرض من مدارها، ولتشتتنا نحن عن الأرض في الفضاء قال الله تعالى في القرآن الكريم (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)[سورة فاطر:41].
وفي حال حدوث أدنى زيادة في قيمة هذه القوة تتصادم النجوم ببعضها البعض، وتصطدم الأرض بالشمس، وننجذب نحن نحو القشرة الأرضية· وقد يبدو لك أن احتمالات حدوث تلك الأشياء بعيدة جداً الآن، ولكنها ستكون حتمية لو انحرفت هذه القوة عن قيمتها الحالية ولو حتى لفترة قصيرة جدا من الوقت ويعترف كل العلماء الذين يجرون بحوثاً حول هذا الموضوع أن القيم المحددة بدقة لهذه القوى الأساسية تعتبر من العوامل الحاسمة في وجود الكون وعندما تناول هذه النقطة عالم البيولوجيا الجزيئية الشهير مايكل دنتون Michael Denton، أشار في كتابه ”قدر الطبيعة: كيف تكشف قوانين البيولوجيا الغاية من الكون ”How the Laws of Biology Reveal Purpose in the Universe Nature’s Destiny ” إلى أنه: ”لو كانت، على سبيل المثال، القوة التجاذبية أقوى تريليون مرة، لكان الكون أصغر بكثير، ولكان تاريخ حياته أقصر بكثير ولكانت كتلة أي نجم عادي أقل تريليون مرة من الشمس ولبلغت دورة حياته نحو سنة واحدة ومن ناحية أخرى، لو كانت الجاذبية أقل قوة، لم تكن أية نجوم أو مجرات لتتكون على الإطلاق وليست العلاقات والقيم الأخرى أقل خطراً فلو كانت القوة الشديدة أضعف قليلاً، لكان الهيدروجين هو العنصر الوحيد المستقر ولما تمكنت أية ذرات أخرى من الوجود ولو كانت القوة الشديدة أقوى قليلاً مقارنة بالقوة الكهرومغناطيسية، لأصبحت النواة الذرية المكونة من بروتونين فقط سمة ثابتة في الكون – ويعني ذلك انعدام وجود الهيدروجين – وإذا نشأت أية نجوم أو مجرات، ستكون مختلفة جداً عن شكلها الحالي ومن الواضح أنه لو لم تكن لهذه القوى والثوابت المختلفة قيمها الحالية بالضبط، لما كانت هناك أية نجوم، أو نجوم متفجرة فائقة الوهج supernova، أو كواكب، أو ذرات، أو حياة " (1) وقد عبر الفيزيائي المعروف بول ديفيز Paul Davies عن إعجابه بالقيم المقدرة سلفاً لقوانين الفيزياء في الكون : " عندما يلجأ المرء لدراسة علم الكونيات، يزداد لديه الميل إلى الشك· ولكن الاكتشافات الأخيرة فيما يتعلق بالكون البدائي تضطرنا إلى القبول بأن الكون المتمدد قد بدأ في حركته بتعاون يتسم بدقة مثيرة للدهشة ”(2) ويسود الكون كله تصميم فائق وتنظيم متقن يقومان على أساس توفر هذه القوى الأساسية ومالك هذا النظام هو، دون شك، الله سبحانه وتعالى، الذي خلق كل شيء من العدم دون أية عيوب وإذا تأملنا قليلاً سنجد أن الله، رب العالمين، يبقي النجوم في مداراتها بأضعف القوى، ويبقي على توازن نواة الذرة الدقيقة بأشد القوى وتعمل كل القوى وفقاً ”للحدود” التي قدرها الله وقد أشار الله إلى النظام الموجود في خلق الكون والتوازنات ”المقدرة بمنتهى الدقة” في إحدى آياته: (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا) (الفرقان: ·2).
/ القوة الكهرومغناطيسية) القوة التيتُبقي الإلكترونات في المدار) :
لقد بشر اكتشاف هذه القوة بمقدم عصر جديد في عالم الفيزياء فقد تبين بعد ذلك أن كل جسيم يحمل”شحنة كهربائية” وفقاً لخصائصه التركيبية، وأن هناك قوة بين هذه الشحنات الكهربائية تجعل الجسيمات ذات الشحنات الكهربائية المتناقضة تنجذب نحو بعضها البعض وتجعل الجسيمات ذات الشحنات المتشابهة تتنافر عن بعضها البعض، ومن ثم يضمن ذلك أن البروتونات
القوة الكهرومغناطيسية تجعل الإلكترونات والبروتونات ضمن الذرة الواحدة تنجذب نحو بعضها البعض
الموجودة في نواة الذرة والإلكترونات التي تتحرك في المدارات حولها ستنجذب نحو بعضها البعض وبهذه الطريقة، تبقى ”النواة” و”الإلكترونات”، وهما العنصران الأساسيان في الذرة، مع بعضهما البعض إن أدنى تغيير في شدة هذه القوة من شأنه أن يؤدي إلى انطلاق الإلكترونات بعيداً عن النواة أو إلى وقوعها داخلها وفي كلتا الحالتين، سيؤدي ذلك إلى استحالة وجود الذرة، وبالتالي، استحالة وجود الكون المادي ومع ذلك، فمنذ اللحظة الأولى التي تكونت فيها هذه القوة، قامت البروتونات الموجودة داخل النواة بجذب الإلكترونات بالقوة المطلوبة بالضبط لتكوين الذرة بفضل قيمة هذه القوة..
4.القوة المسؤولة عن تماسك الكون(القوة التجاذبية):
على الرغم من أن هذه القوة هي القوة الوحيدة التي نستطيع إدراكها عادة، فإنها هي أيضا القوة التي نعرف عنها أقل قدر من المعلومات وعادة ما نطلق على هذه القوة اسم الجاذبية، في حين أنها تسمى في الواقع ”قوة جذب الكتل””mass attraction force” .
وعلى الرغم من أن هذه القوة هي أقل القوى شدة مقارنة بالقوى الأخرى، فإن الكتل الكبيرة جدا تنجذب بواسطتها نحو بعضها البعض وهذه القوة هي السبب في بقاء المجرات والنجوم الموجودة بالكون في مدارات بعضها البعض ومرة أخرى، تظل الأرض والكواكب الأخرى تدور في مدار معين حول الشمس بمساعدة هذه القوة التجاذبية كما أننا نتمكن من المشي على الأرض بسبب هذه القوة ولو حدث انخفاض في قيمة هذه القوة، لسقطت النجوم، لانتزعت الأرض من مدارها، ولتشتتنا نحن عن الأرض في الفضاء قال الله تعالى في القرآن الكريم (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)[سورة فاطر:41].
وفي حال حدوث أدنى زيادة في قيمة هذه القوة تتصادم النجوم ببعضها البعض، وتصطدم الأرض بالشمس، وننجذب نحن نحو القشرة الأرضية· وقد يبدو لك أن احتمالات حدوث تلك الأشياء بعيدة جداً الآن، ولكنها ستكون حتمية لو انحرفت هذه القوة عن قيمتها الحالية ولو حتى لفترة قصيرة جدا من الوقت ويعترف كل العلماء الذين يجرون بحوثاً حول هذا الموضوع أن القيم المحددة بدقة لهذه القوى الأساسية تعتبر من العوامل الحاسمة في وجود الكون وعندما تناول هذه النقطة عالم البيولوجيا الجزيئية الشهير مايكل دنتون Michael Denton، أشار في كتابه ”قدر الطبيعة: كيف تكشف قوانين البيولوجيا الغاية من الكون ”How the Laws of Biology Reveal Purpose in the Universe Nature’s Destiny ” إلى أنه: ”لو كانت، على سبيل المثال، القوة التجاذبية أقوى تريليون مرة، لكان الكون أصغر بكثير، ولكان تاريخ حياته أقصر بكثير ولكانت كتلة أي نجم عادي أقل تريليون مرة من الشمس ولبلغت دورة حياته نحو سنة واحدة ومن ناحية أخرى، لو كانت الجاذبية أقل قوة، لم تكن أية نجوم أو مجرات لتتكون على الإطلاق وليست العلاقات والقيم الأخرى أقل خطراً فلو كانت القوة الشديدة أضعف قليلاً، لكان الهيدروجين هو العنصر الوحيد المستقر ولما تمكنت أية ذرات أخرى من الوجود ولو كانت القوة الشديدة أقوى قليلاً مقارنة بالقوة الكهرومغناطيسية، لأصبحت النواة الذرية المكونة من بروتونين فقط سمة ثابتة في الكون – ويعني ذلك انعدام وجود الهيدروجين – وإذا نشأت أية نجوم أو مجرات، ستكون مختلفة جداً عن شكلها الحالي ومن الواضح أنه لو لم تكن لهذه القوى والثوابت المختلفة قيمها الحالية بالضبط، لما كانت هناك أية نجوم، أو نجوم متفجرة فائقة الوهج supernova، أو كواكب، أو ذرات، أو حياة " (1) وقد عبر الفيزيائي المعروف بول ديفيز Paul Davies عن إعجابه بالقيم المقدرة سلفاً لقوانين الفيزياء في الكون : " عندما يلجأ المرء لدراسة علم الكونيات، يزداد لديه الميل إلى الشك· ولكن الاكتشافات الأخيرة فيما يتعلق بالكون البدائي تضطرنا إلى القبول بأن الكون المتمدد قد بدأ في حركته بتعاون يتسم بدقة مثيرة للدهشة ”(2) ويسود الكون كله تصميم فائق وتنظيم متقن يقومان على أساس توفر هذه القوى الأساسية ومالك هذا النظام هو، دون شك، الله سبحانه وتعالى، الذي خلق كل شيء من العدم دون أية عيوب وإذا تأملنا قليلاً سنجد أن الله، رب العالمين، يبقي النجوم في مداراتها بأضعف القوى، ويبقي على توازن نواة الذرة الدقيقة بأشد القوى وتعمل كل القوى وفقاً ”للحدود” التي قدرها الله وقد أشار الله إلى النظام الموجود في خلق الكون والتوازنات ”المقدرة بمنتهى الدقة” في إحدى آياته: (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا) (الفرقان: ·2).