بسم الله الرحمان الرحيم
…… وتسمر الجدة مع الماضي سقط المطريستجمع قواه على مهاجمة ذرات الحرارة المتبقية على البسيطة ، ويدفن الحركة تحت أقبية المدافئ ، أين السكينة تحملق بنظرتها إلى الفرائس المرتعشة ، والقلوب التي راحت تتمتم في أحاديث متباينة . كان الشتاء…وكانت القصص تُسردُ ، والعجائزُ تُلوّحُ بماض انفردبالتآخي والتضامن والطيبة .
كانت الجدة تقول : نغزل الصوف لننسج القشابية والبرانيس ، والرجال يتبارون على أيها أحسن في التفنن والإبداع ، وعلى أيها أكثر إعجابا وإقتناء ، وأنامل النسوة تتنافس في الجودة والعطاء ، لا تلبث الأسواق تزهو بالزرابي ، والأفرشة ، وعبق التراث يعطر الأجواء . ايه….أين نحن من مثل تلك الأيام وتسرح الجدة في نشاطها السردي ، ليقاطعها الأب : أتدرين أمي عمي الحاج مصطفى ايه يا ولدي لا تذكرني، تلك الأيام لن تعود كانت البركة في الوقت ، في الصحة ، في الجلسة ، والقناعة كانت تاجا على رؤوسنا صدقتِ أمي ، طغا الشر ، وطغت الشهوات والتطلع إلى مافي أيدي الآخرين ، حتى أصبح الإنسان يتهرب من لقاء أخيه خشية الإيذاء أو الوقوع معه أو بسببه في المعصية ، ضعفت الرقابة النفسية ومات الحس الإنساني وتمادى الشر في زحفه والفراغ في تشويشه على العقل فقتل في الإنسان الحكمة والتروي ورمى به إلى أحضان الإيذاء وحين يستفيق يندم ، ساعتها لا ينفع الندم . الشتاء بارد هذه السنة أمي ، نعم يا ولدي لكن له الفضل في أن جمعنا هذه الليلة ، ضحك الأب ضحكة الواعي لما تقول ثم بادرها بقوله : اشتقنا لأكلاتك الشعبية يا أمي في مثل هذه الأوقات ….المحاجب ، القرصة ، الشخشوخة الحارة . ايه…..يا بني ، كانت لما كنت !!! نظرات تأسف تُرْسلُ من الجدة ، لماذا لا نواصل السهر ؟ ،أنا لا يأتيني النوم الآن ، ذهب الأبناء ، وذهب الأب ، وبقت الجدة لوحدها رفقة نفسها يُكملان السهرة . إنها تبتسم ، والغرفة مظلمة إلا من بصيص نور قادم من الموقد مر الشتاء ، وجاء الربيع يتسارع بخضرته وأقبلت الدنيا معه زاهية ، مستبشرة ، وتماثل والدي للشفاء ، وكنت أسوق أحلامي إلى ماوراء الهدية . ذهب والدي إلى السوق ، ساعتها لم أدخل البيت ، تحججت بالبقرة ومسكتها من اللجام وأسرعنا إلى حافة الوادي وقلبي معلق برجوع والدي والهدية ، وعاد الأب وقلبي في خفقان ، تناول غداءه وارتاح قليلا ثم ناداني : تعالي إليك ما وعدتك به وسلمني إياها ، ازداد قلبي في الخفقان وارتجفت يداي وانحنيت لرؤتها فإذا هي……….مغزلُ ُ. ضحكت …ثم بكيت ، ضاعت أحلامي ، كنت أظنه فستانا جميلا وتستجمع الجدة أنفاسها ، ايه كم أنت حكيم يا أبي ، وأخذت تبكي ثم استوقفت نفسها ..لا تبكي أنت إمرأة قويت ألم تكبري على الأحلام ؟..وتكمل السمر ، كان زواجي بمجاهد ذاد عن الوطن وترك لي ثمرة من ثماره في الدنيا إنه "عمار" وتلفت العجوز :عمار ، عمار . اوه أصبحت أ ُخرّ ِفُ إنه نائم ، وتكمل حديثها ازدان فراشي ب"عمار " وفرحتنا به سترت ماضي الفقر ، كان أبوه رجلا مؤمنا ، حافظا لكتاب الله ، عشت معه بضع سنين ثم نال الشهادة في الحرب التحريرية ، وكبرت مع نفسي وعمار واعترضتني مآس شتى وعبء المسؤولية عند شبابي ، حينها تذكرت الهدية ، فأخرجتها ورحت أنسج الإنتظار على وقع المغزل المهتز بين حنايا أناملي …ويأتي القوت ، كان الإستقلال على وشك الوصول ، وتطلع الجزائريين إليه في شوق كشوقي للهدية ، واستقرت الأوضاع ، وغادر الإستعمار البلاد …وتستدرك الجدة جسدها أوه تعبت بصوت مرتفع أريد أن أنام فترتب الوسادة جيدا وتلف جسدها بالغطاء لتستسلم للنوم . كانت الساعة الواحدة ليلا ، والأمطار لم تكف عن التساقط بعد ويخرج " عمار " ألم تنامي بعد يا أمي ، سمعت تنهداتك وبعض التمتمات ، هل تشعرين بشئ ، لا يا ولدي إذهب وأكمل نومك ، كنت أتسامر مع الماضي…… |
||
بارك الله فيك اخت غاية الهدى انها حقا خاطرة مؤثرة لقد عادت بنا الى الماضي يوم كانت الاسر لايفرقها شيئ كانو يجتمعون على مائدة واحة واذا تسامروا تسامروا في مجلس واحد
وكانت القناعة من خصالهم رغم قلة الشيئ وكانت البركة في كل شيئ
فهيهات هيهات بين ذلك اليوم ويومنا الذي سموه بعصر السرعة واي سرعة هته ماذا جلبت لنا سوى القلق والتفرق في الاسر فاصبح الابن يسهر خارج البيت وابوه متعب من كد العمل لا يهمه سوى قسط من الراحة والام كثرت عليها المشاغل ومن هو لاه مع التلفاز
لا احد يعلم ماحصل للاخر ولا يهمه من امره شيئ الامن رحم ربي
من اراد ان يذق حلاوة العيش فما عليه الا لم الشمل كما كان اجدادنا فيما مضى والتحلي بالخصالهم والتاسي بهم في شهامتهم وكرمهم
ان موضوعك هذا في الحقيقة لايستهل مجرد رد بل يستهل موضوع داعما له لكن كما ذكرنا الوقت اي عصر السرعة
وتحية خالصة مني اليك استاذتنا
بارك الله فيك ، جُلْتَ عبر القصة بفكر المتأمل الذي عاش وتعايش مع ماض قد لا يزال
عند بعض الأسر لكن بصبغة اخرى هي الاجترار ولغة : كان ….يا مكان .
جزيل الشكر لاستنطاق طعم القصة …..وللمرور الكريم
أدامكم الله إخواني و أبنائي على محبة الله والعمل على إرضائه .
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
موفقة بحول الله